مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثقراءة في كتاب

اللمع في الفقه على مذهب الإمام مالك

يندرج كتاب «اللمع في الفقه على مذهب الإمام مالك» للفقيه العَدْل أبي إسحاق إبراهيم بن أبي زكريا يحيى بن محمد بن موسى التجيبي التلمساني (ت663هـ) ضمن كُتب المختصرات الفقهية التي جمعت أبواب الفقه على مذهب مالك بطريقة مختصرة ومركزة؛ إذ عرض فيه مؤلفه زبدة ما في الأمهات الفقهية التي تَقدَّمته.

ويلاحظ من خلال تتبع أبواب الكتاب أن مؤلفه سار في عرض مسائله على النهج الذي سلكه القاضي عبد الوهاب البغدادي في كتابه «التلقين»، وابن الصواف البصري في كتابه «الخصال الصغير» وغيرهما، وهكذا فقد استهل أبو إسحاق التلمساني  تصنيفه بالحمد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم دون ذكر منهجه أو سبب تأليفه، ثم شرع في تقسيم أغراض مؤلفه إلى كتب، وجعل تحت كلّ كتاب أبوابا وفصولاًً، متبعاً في هذا الترتيب ما هو متعارف عليه عند سلفه من الفقهاء، فابتدأه بالمسائل المتعلقة بأركان الإسلام الخمسة وما يندرج تحت كل منها، ثم تناول بعد ذلك مسائل الجهاد، فالأيمان والنذور … وهكذا إلى أن ختم كلّ ذلك بكتاب الجامع الذي ضمّنه متفرّقات تتعلّق ببعض الآداب الإسلامية.

ومن دقة منهجه ـ رحمه الله ـ الاقتصار على ما هو مشهور في المذهب غالباً، وقد يذكر الخلاف في المذهب أحياناً، مجملاً تارةً كقوله «وفي تخليل اللَّحية روايتان؛ إحداهما: الوجوب، والأخرى: أنها سُنَّة»، ومفصلاً تارةً أخرى كقوله: «واختلف أيهما أبرأ، فعند ابن القاسم: أن القصة البيضاء أبرأ … وقال ابن عبد الحكم: الجفوف أبرأ» ثم حرصه على اختصار مضامين الأبواب الفقهية وبسطها بما يتلاءم والفئة المستهدفة؛ فالكتاب موجّه في أساسه إلى الناشئة والمبتدئين الذين ليس بمقدورهم الاشتغال بالتفريعات الكثيرة، ولا من شأنهم استيعاب التفصيلات المطولة. ولذلك نجده لا يذكر الأدلة ولا يكثر من ذكر الأقوال إلاَّ عند الاقتضاء، ناسجاً ذلك كله بأسلوب ظاهر خال من التكلّف والغموض.

ومما لا شك فيه أن أبا إسحاق التلمساني رجع أثناء تأليف كتابه إلى مصادر كثيرة ومتنوعة واقتبس منها في مواضع عديدة، خصوصاً كتاب «التلقين» للقاضي عبد الوهاب البغدادي (ت 422 هـ)، وكتاب «المنتقى» للباجي (ت479هـ)، وكتاب «الخصال الصغير» لابن الصواف (ت489هـ)، وكتاب «عقد الجواهر» لابن شاس (ت 610 هـ) وغيرها من المصادر المعتمدة في المذهب.

كما حظي كتاب اللمع باهتمام كثير من العلماء من خلال الاعتماد عليه والنقل منه، كأبي عبد الله الحطاب (ت954هـ) في موهب الجليل وفي حاشيته على رسالة ابن أبي زيد القيرواني، ومحمد بن أحمد الدسوقي (ت1230هـ) في حاشيته على الشرح الكبير، وآخرين.

صدر الكتاب بتحقيق محمد شايب شريف عن دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى: 1430هـ/2009م.

الكتاب اللمع في الفقه على مذهب الإمام مالك.
المؤلف   أبو إسحاق إبراهيم بن أبي زكرياء يحيى التلمساني(ت663هـ).
مصادر ترجمته صلة التكملة لوفيات النقلة (2/518)، تاريخ الإسلام للذهبي (15/83)، المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي (1/186).
دار النشر الطبعة الأولى: 1430هـ/2009م – دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع.
الثناء على المؤلف قال الحافظ الحُسَيني عن المؤلِّف: «…تفقه على مذهب مالك… وكان صالحاً ورِعاَ فاضلاً».

إنجاز: ذ. محمد فوزار

Science

الدكتور محمد فوزار

باحث مؤهل بمركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بالرابطة المحمدية للعلماء الرباط

منسق مصلحة الطبع والنشر وتنظيم المعارض بالرابطة المحمدية للعلماء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق