مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقديةمفاهيم

“الكسب عند الأشاعرة”

   يقول أبو الحسن الأشعري (تـ324هـ): «….معنى الكسب: أن يكون الفعل بقدرة محدثة[1] فكل من وقع منه الفعل بقدرة قديمة، فهو فاعل خالق، ومن وقع منه بقدرة محدثة، فهو مكتسب، وهذا قول أهل الحق».[مقالات الإسلاميين واختلاف المصليين، للإمام أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري، تحقيق أحمد جاد/ دار الحديث القاهرة، (ص: 304/305)].
   وقال أيضا: «واختلف الناس في معنى مكتسب؟ …..والحق عندي أن معنى الاكتساب: هو أن يقع الشيء بقدرة محدثة، فيكون كسبا لمن وقع بقدرته».[2].[مقالات الإسلاميين، ص: 306، وانظر: باب الكلام في الاستطاعة، من كتاب اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع، لأبي الحسن الأشعري، تصحيح وتقديم حموده غرابة، مطبعة مصر،1955 م، (ص:93/114)].
   ويجلي شيخ المتكلمين ابن فورك(تـ406هـ) هذا المعنى بقوله: «……فأما إبانة مذهبه[أي مذهب أبي الحسن الأشعري] في معنى العمل والفعل، ومن يصح أن يوصف بذلك، فإنه كان يذهب على أن الفاعل على الحقيقة هو الله عز وجل، ومعناه معنى المحدث، وهو المخرج من العدم إلى الوجود، وكان يسوي في الحقيقة بين قول القائل، خلق، وفعل، وأحدث، وأبدع، وأنشأ، واخترع، وذرأ، وبرأ، وقطر، ويخص الله تعالى بهذه الأوصاف على الحقيقة، ويقال: إنها إذا أجريت على المحدث فتوسع، والحقيقة من ذلك يرجع على معنى الاكتساب، وكان يصف المحدث على الحقيقة أنه مكتسب، ويحيل وصف الله تعالى بذلك.
   ويضيف: إن كسب العبد فعل الله تعالى، ومفعوله، وخلقه، ومخلوقه، وإحداثه، ومحدثه، وكسب العبد ومكتسبه، وإن ذلك وصفان يرجعان إلى عين واحدة يوصف بأحدهما القديم، والآخر المحدث، فما للمحدَث من ذلك لا يصلح للقديم، وما للقديم من ذلك لا يصلح للمحدَث، وكان يجري ذلك مجرى خلقه للحركة، في أنه عين الحركة فيتصف الله تعالى منها بوصف الخلق، ويتصف المحدث منها بوصف التحرك، فتكون حركة للمحدث خلقا لله تعالى، ولا يصلح أن تكون حركة لله تعالى وخلقا للمحدث.
   وكان يذهب في تحقيق معنى الكسب والعبارة عنه إلى أنه: ما وقع بقدرة محدثة، وكان لا يعدل عن هذه العبارة في كتبه، ولا يختار غيرها من العبارات عن ذلك، وكان يقول: إن عين الكسب وقع على الحقيقة بقدرة محدثة، ووقع على الحقيقة بقدرة قديمة، فيختلف معنى الوقوع، فيكون وقوعه من الله عز وجل بقدرته القديمة إحداثا، ووقوعه من المحدث بقدرته المحدثة اكتسابا».[مقالات الشيخ أبي الحسن الأشعري إمام أهل السنة، لمحمد بن الحسن بن فورك، تحقيق وضبط: أ / د: أحمد عبد الرحيم السايح/مكتبة الثقافة الدينية الطبعة الثانية، 1427هـ/2006م، (ص:93)].
   ويقول القاضي أبو بكر الباقلاني(تـ403هـ) في مسألة كسب العبد: «….ويجب أن يُعلم: أن العبد له كسب، وليس مجبوراً، بل مكتسب لأفعاله من طاعة ومعصية، لأنه تعالى قال: ﴿لها ما كسبت﴾[سورة البقرة آية 285]، يعني من ثواب طاعة ﴿وعليها ما اكتسبت﴾[سورة البقرة آية 285]، يعني من عقاب معصية، وقوله: ﴿بما كسبت أيدي الناس﴾[سورة الروم آية 40]، وقوله: ﴿وما أصابكم من مصيبة بما كسبت أيديكم﴾[سورة الشورى آية 28]، وقوله: ﴿ولو يؤاخذ اللّه الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة، ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى، فإذا جاء أجلهم، فإن اللّه كان بعباده بصيراً﴾[سورة فاطر آية 46].
   ويدل على صحة هذا أيضاً: أن العاقل منها يفرق بين تحرك يده جبراً وسائر بدنه عند وقوع الحمى به، أو الارتعاش، وبين أن يحرك هو عضواً من أعضائه قاصداً إلى ذلك باختياره، فأفعال العباد هي كسب لهم، وهي خلق الله تعالى، فما يتصف به الحق لا يتصف به الخلق، وما يتصف به الخلق لا يتصف به الحق، وكما لا يقال لله تعالى إنه مكتسب، كذلك لا يقال للعبد إنه خالق».[الإنصاف للباقلاني/المكتبة الأزهرية للتراث، ط2000م(ص: 43)].
   ويحكي مذهب أهل السنة والجماعة بقوله: «مسألة:اعلم أن مذهب أهل السنة والجماعة أن الله تعالى هو الخالق وحده، لا يجوز أن يكون خالق سواه، فإن جميع الموجودات من أشخاص العباد، وأفعالهم، وحركات الحيوانات، قليلها وكثيرها، حسنها وقبيحها، خلق له تعالى لا خالق لها غيره؛ فهي منه خلق، وللعباد كسب».[الإنصاف للباقلاني/المكتبة الأزهرية للتراث، ط2000م (ص: 137)].
   ويعرف الكسب بأنه: «تصرف في الفعل بقدرة تقارنه في محله، فتجعله بخلاف صورة الضرورة، من حركة الفالج وغيرها، وكل ذي حس سليم يفرق بين حركة يده على طريق الاختيار، وبين حركة الارتعاش…».[تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل/مؤسسة الكتاب الثقافية بيروت، (ص:347)].
   أما عبد القاهر البغدادي(تـ429هـ)، فقد حكى المذاهب في الركن السادس من كتابه “الفرق”، وهو “الكلام في عدل الإله سبحانه وحكمته”، وقال:«…إن الله سبحانه خالق الأجسام والأعراض خيرها وشرها، وأنه خالق أكساب العباد، ولا خالق غير الله، خلاف قول من زعم من القدرية أن الله تعالى لم يخلق شيئا من أكساب العباد، وخلاف قول الجهمية أن العباد غير مكتسبين، ولا قادرين على أكسابهم، فمن زعم أن العباد خالقون لأكسابهم، فهو قدري مشرك بربه، لدعواه أن العباد يخلقون مثل خلق الله من الأعراض التي هي الحركات والسكون في العلوم والإرادات، والأقوال والأصوات، وقد قال الله عز و جل في ذم أصحاب هذا القول: ﴿ أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شىء وهو الواحد القهار ﴾[سورة الرعد آية18]، ومن زعم أن العبد لا استطاعة له على الكسب، وليس هو معامل ولا مكتسب، فهو جبرى، والعدل خارج عن الجبر والقدر، ومن قال إن العبد مكتسب لعمله والله سبحانه خالق لكسبه، فهو سني عدلى منزه عن الجبر والقدر».[الفرق بين الفرق، لعبد القاهر البغدادي/مكتبة دار التراث (ص: 343)، وانظر القاعدة الحادية عشر في الإرادة، من كتاب نهاية الأقدام في علم الكلام، لعبد الكريم الشهرستاني، (ص:227 وما بعدها)].
   أما عبد الملك الجويني(تـ478هـ) فيقول في كتابه “الإرشاد” عن الاستطاعة وحكمها: «العبد قادر على كسبه، وقدرته ثابتة عليه…..والدليل على إثبات القدرة، أن العبد إذا ارتعدت يده، ثم إنه حركها قصدا، فإنه يفرق بين حالته، في الحركة الضرورية وبين الحالة التي اختارها واكتسبها، والتفرقة بين حالتي الاضطرار والاختيار معلومة على الضرورة…». [الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد، لإمام الحرمين الجويني/مكتبة الثقافة الدينية،(ص: 178)].
   ويقول أيضا: «إذا ثبت استحالة بقاء القدرة الحادثة، فإنها تفارق حدوث المقدور بها ولا تتقدم عليه……. الحادث في حال حدوثه مقدور بالقدرة القديمة، وإن كان متعلقا للقدرة الحادثة، فهو مقدور بها».[الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الإعتقاد، (ص: 181)].
   ويقول في العقيدة النظامية:«… ومن زعم أن لا أثر للقدرة الحادثة في مقدورها، كما لا أثر للعلم في معلومه، فوجه مطالبة العبد بأفعاله عنده كوجه مطالبته أن يثبت في نفسه ألوانا وإدراكات، وهذا خروج عن حد الاعتدال إلى التزام الباطل والمحال، وفيه إبطال الشرع، ورد ما جاء به النبيون عليهم السلام، فإذ به لزم المصير إلى أن القدرة الحادثة تؤثر في مقدورها، واستحال إطلاق القول بأن العبد خالق أعماله، فإن فيه الخروج عما درج عليه سلف الأمة، واقتحام ورطات الضلال، ولا سبيل إلى المصير إلى وقوع فعل العبد بقدرته الحادثة، والقدرة القديمة، فإن الفعل الواحد يستحيل حدوثه بقادرين، إذ الواحد لا ينقسم، فإذا وقع بقدرة الله وحدها استقل بها….وسقط أثر القدرة الحادثة، ويستحيل أن يقع بعضه بقدرة الله جل وعز، فإن الفعل الواحد لا بعض له، وهذه مهواة لا يسلم من غوائلها إلا مرشد موفق، إذ المرء بين أن يدعي الاستبداد بالخلق، وبين أن يخرج نفسه عن كونه مطالبا بالشرائع، وفيه إبطال دعوة الأنبياء عليهم السلام، وبين أن يثبت نفسه شريكا لله تبارك وتعالى في إيجاد الفعل الواحد، وهذه الأقسام بجملتها باطلة، ولا ينجي من هذا البحر الملتطم ذكر اسم مختص، ولقب مجرد من غير تحصيل معنى.
 …..فإن قيل: ما ذكرتموه إبطال منكم لأقسام الكلام وتتبع للمذاهب، ولم توضحوا ما هو الحق بعد، قلنا: ليس بمدرك الحق خفاء لمن وفق له، وها نحن نبديه بالحرية من غير تعريض وتعريج على تقليد، فنقول: قدرة العبد مخلوقة لله تبارك وتعالى باتفاق العالمين بالصانع، والفعل المقدور بالقدرة الحادثة واقع بها قطعا، ولكنه مضاف إلى الله تبارك وتعالى تقديرا وخلقا، فإن وقع بفعل الله تبارك وتعالى وهو القدرة، وليست القدرة فعلا للعبد، وإنما هي صفته، وهي ملك الله تبارك وتعالى وخلق له، وإذا كان موقع الفعل خلقا لله، فالواقع به مضاف خلقه الرب خلقا تبارك وتعالى تقديرا.
   وقد ملك الله العبد اختياراً يصرف به القدرة، فإذا أوقع بالقدرة شيئاً آل الواقع إلى حكم الله، من حيث إنه وقع بفعل الله تعالى، ولو اهتدت لهذا الفرقة الضالة لما كان بيننا وبينهم خلاف، ولكنهم ادعوا استبداداً بالاختراع، وانفراداً بالخلق والابتداع، فضلوا وأضلوا، ونبين تميزنا عنهم بتفريع المذهبين، فإنا لما أضفنا فعل العبد إلى تقدير الإله، قلنا: أحدث الله تبارك وتعالى القدرة في العبد على أقدار أحاط بها علمه، وهيأ أسباب الفعل وسلب العبد العلم بالتفاصيل، وأراد من العبد أن يفعل، فأحدث فيه دواع مستحثةً وخيرةً، وإرادةً، وعلم أن الأفعال ستقع على قدرٍ معلوم، فوقعت بالقدرة التي اخترعها للعبد على ما علم وأراد، فاختيارهم واتصافهم بالاقتدار والقدرة خلق الله تعالى ابتداءً، ومقدورها مضاف إليه مشيئةً وعلمـاً وقضاءً وخلفاً وفعلاً،  من حيث إنه نتيجة ما انفرد بخلقه، وهو القدرة، ولو لم يرد وقوع مقدوره لما أقدره عليه، ولما هيأ أسباب وقوعه، ومن هدي لهذا استمر له الحق المبين، فالعبد فاعل، مختار، مطالب، مأمور، منهي، وفعله تقدير لله تعالى، مراد له، وخلق مقضي. ونحن نضرب في ذلك مثلاً شرعياً يستروح إليه الناظر في ذلك، فنقول: العبد لا يملك أن يتصرف في مال سيده، ولو استبد بالتصرف فيه لم ينفذ تصرفه، فإذا أذن له في بيع ما له فباعه نفذ، والبيع في التحقيق معزو إلى السيد، من حيث إن سببه إذنه، ولولا إذنه لم ينفذ التصرف، ولكن العبد يؤمر بالتصرف، وينهى، ويوبخ على المخالفة، ويعاقب، فهذا والله الحق الذي لا غطاء دونه، ولا مراء فيه لمن وعاه حق وعيه، ولا يكابر فيه».[العقيدة النظامية، تحقيق زاهد الكوثري المكتبة الأزهرية1992م ص:44/48 بتصرف].
   أما أبو حامد الغزالي(تـ505هـ)، فقال في الموضوع: «ولما كان اسم الخالق والمخترع مطلقاً على من أوجد الشيء بقدرته، وكانت القدرة والمقدور جميعاً بقدرة الله تعالى، سمي خالقاً ومخترعاً، ولم يكن المقدور مخترعاً بقدرة العبد، وإن كان معه فلم يسم خالقاً ولا مخترعاً، ووجب أن يطلب، لهذا النمط من النسبة اسم آخر مخالف، فطلب له اسم الكسب تيمناً بكتاب الله تعالى، فإنه وجد إطلاق ذلك على أعمال العباد في القرآن، وأما اسم الفعل فتردد في إطلاقه، ولا مشاحة في الأسامي بعد فهم المعاني». [الاقتصاد في الاعتقاد، لأبي حامد الغزالي/ دار الكتب العلمية/ط 2004م  (ص:56/57)].
   ويقول في كتاب قواعد العقائد من “إحياء علوم الدين”، في الأصل الأول من الركن الثالث، وهو العلم بأفعال الله تعالى: « الأصل الأول: العلم بأن كل حادث في العالم، فهو فعله، وخلقه، واختراعه لا خالق له سواه، ولا محدث له إلا إياه، خلق الخلق وصنعهم، وأوجد قدرتهم وحركتهم، فجميع أفعال عباده مخلوقة له، ومتعلقة بقدرته، تصديقا له في قوله تعالى: ﴿الله خالق كل شيء﴾[سورة الرعد آية 18]، وفي قوله تعالى: ﴿والله خلقكم وما تعملون﴾[سورة الصافات آية 96]، وفي قوله تعالى: ﴿وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير﴾[سورة الملك آية 12]، أمر العباد بالتحرز في أقوالهم وأفعالهم، وإسرارهم وإضمارهم، لعلمه بموارد أفعالهم، واستدل على العلم بالخلق، وكيف لا يكون خالقا لفعل العبد وقدرته تامة لا قصور فيها، وهي متعلقة بحركة أبدان العباد، والحركات متماثلة، وتعلق القدرة بها لذاتها، فما الذي يقصر تعلقها عن بعض الحركات دون البعض مع تماثلها، أو كيف يكون الحيوان مستبدا بالاختراع، ويصدر من العنكبوت والنحل وسائر الحيوانات من لطائف الصناعات ما يتحير فيه عقول ذوي الألباب، فكيف انفردت هي باختراعها دون رب الأرباب، وهي غير عالمة بتفصيل ما يصدر منها من الاكتساب، هيهات هيهات ذلت المخلوقات، وتفرد بالملك والملكوت جبار الأرض والسموات.
 الأصل الثاني: أن انفراد الله سبحانه باختراع حركات العباد لا يخرجها عن كونها مقدورة للعباد على سبيل الاكتساب، بل الله تعالى خلق القدرة والمقدور جميعا، وخلق الاختيار والمختار جميعا، فأما القدرة فوصف للعبد وخلق للرب سبحانه، وليست بكسب له، وأما الحركة فخلق للرب تعالى ووصف للعبد وكسب له، فإنها خلقت مقدورة بقدرة هي وصفه، وكانت للحركة نسبة إلى صفة أخرى تسمى قدرة، فتسمى باعتبار تلك النسبة كسبا، وكيف تكون جبرا محضا، وهو بالضرورة يدرك التفرقة بين الحركة المقدورة والرعدة الضرورية، أو كيف يكون خلقا للعبد، وهو لا يحيط علما بتفاصيل أجزاء الحركات المكتسبة،وأعدادها، وإذا بطل الطرفان، لم يبق إلا الاقتصاد في الاعتقاد، وهو أنها مقدورة بقدرة الله تعالى اختراعا وبقدرة العبد على وجه آخر من التعليق يعبر عنه بالاكتساب، وليس من ضرورة تعلق القدرة بالمقدور أن يكون بالاختراع فقط، إذ قدرة الله تعالى في الأزل قد كانت متعلقة بالعالم، ولم يكن الاختراع حاصلا بها، وهي عند الاختراع متعلقة به نوعا آخر من التعلق فيه يظهر أن تعلق القدرة ليس مخصوصا بحصول المقدور بها».[ من كتاب إحياء علوم الدين، لأبي حامد الغزالي/ دار الحديث القاهرة/ط 2004م/(ج:1،ص:148/149)].
   ويقول أبو عبد الله فخر الدين الرازي (تـ 606هـ): في مفاتيح الغيب عند قوله تعالى:﴿ تلك أمة  قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون ﴾ [سورة البقرة آية 140]، في المسألة الخامسة: «الآية دالة على أن العبد مكتسب، وقد اختلف أهل السنة والمعتزلة في تفسير الكسب، أما أهل السنة فقد اتفقوا على أنه ليس معنى كون العبد مكتسباً دخول شيء من الأعراض بقدرته من العدم إلى الوجود، ثم بعد اتفاقهم على هذا الأصل ذكروا لهذا الكسب ثلاث تفسيرات، أحدها: وهو قول الأشعري رضي الله عنه، أن القدرة صفة متعلقة بالمقدور من غير تأثير القدرة في المقدور، بل القدرة والمقدور حصلا بخلق الله تعالى، كما أن العلم والمعلوم حصلا بخلق الله تعالى، لكن الشيء الذي حصل بخلق الله تعالى وهو متعلق القدرة الحادثة هو الكسب، وثانيها: أن ذات الفعل توجد بقدرة الله تعالى، ثم يحصل لذلك الفعل وصف كونه طاعة أو معصية، وهذه الصفة حاصلة بالقدرة الحادثة، وهو قول أبي بكر الباقلاني، وثالثها: أن القدرة الحادثة والقدرة القديمة إذا تعلقتا بمقدور واحد وقع المقدور بهما، وكأنه فعل العبد وقع بإعانة الله، فهذا هو الكسب، وهذا يعزى إلى أبي إسحاق الأسفرايني، لأنه يروى عنه أنه قال الكسب هوالفعل الواقع بالمعين.
   أما القائلون بأن القدرة الحادثة مؤثرة، فهم فريقان، الأول: الذين يقولون بأن القدرة مع الداعي توجب الفعل، فالله تعالى هو الخالق للكل، بمعنى أنه سبحانه وتعالى هو الذي وضع الأسباب المؤدية إلى دخول هذه الأفعال في الوجود، والعبد هو المكتسب، بمعنى أن المؤثر في وقوع فعله هو القدرة والداعية القائمتان به، وهذا مذهب إمام الحرمين رحمه الله تعالى اختاره في الكتاب الذي سماه بالنظامية، ويقرب قول أبي الحسين البصري منه وإن كان لا يصرح به.
الفريق الثاني: من المعتزلة وهم الذين يقولون القدرة مع الداعي لا توجب الفعل، بل العبد قادر على الفعل والترك، متمكن منهما، إن شاء فعل، وإن شاء ترك، وهذا الفعل هوالكسب».[مفاتيح الغيب/لفخر الدين الرازي/دار الكتب العلمية-بيروت- 1421هـ – 2000 م الطبعة: الأولى (4/ 71- 72)].
     ويقول سيف الدين الآمدي (تـ631هـ): «وعند هذا فيجب أن نختم الكلام بذكر الكسب والخلق تمييزا لكل واحد منهما عن الآخر، أما الكسب فأحسن ما قيل فيه إنه المقدور بالقدرة الحادثة وقيل هو المقدور القائم بمحل القدرة، وأما الخلق، فإنه، وإن أطلق باعتبارات مختلفة كالتقدير والهم بالشيء والعزم عليه والإخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه فالمراد بالخلق المضاف إلى القدرة القديمة، إنما هو عبارة عن المقدور بالقدرة القديمة، وإن شئت قلت هو المقدور القائم بغير محل القدرة عليه، وما أشرنا إليه فكاف لمن لديه أدنى حظ من التفطن والله المستعان».[غاية المرام في علم الكلام، لسيف الدين الآمدي /دار الكتب العلمية (ص: 223)].
   ويحكي مذاهب أئمة الأشاعرة في الكسب قائلا: «وقد نقل عن القاضى رحمه الله أنه لم يثبت للقدرة الحادثة أثر في الفعل، بل أثبت لها أثرا في صفة زائدة على الفعل …، ثم اختلف قوله في الأثر الزائد، فقال تارة إنه لا أثر للقدرة القديمة فيه أصلا، وقال تارة بالتأثير، وأثبت مخلوقا بين خالقين.
   وقد نقل عن الاسفرايينى أنه قال في نفس الفعل ما قاله القاضى في القول الثاني في الأثر الزائد.
   وذهب إمام الحرمين في بعض تصانيفه إلى تأثير القدرة الحادثة في إيجاد الفعل، ولم يجعل للقدرة القديمة فيه تأثيرا إلا بواسطة إيجاد القدرة الحادثة عليه.
   وذهب من عدا هؤلاء من أهل الحق إلى أن أفعال العباد مضافة إليهم بالاكتساب، وإلى الله تعالى بالخلق والاختراع، وأنه لا أثر للقدرة الحادثة فيها أصلا».[غاية المرام في علم الكلام، لسيف الدين الآمدي، دار الكتب العلمية، (ص: 181)].
   ويحرر سعد الدين مسعود بن عمر بن عبد الله التفتازاني(تـ712هـ) الكلام  في معنى الكسب على ما هو في “المواقف” بقوله:«إن فعل العبد واقع عندنا بقدرة الله وحدها، وعند المعتزلة بقدرة العبد وحدها، وعند الأستاذ بمجموع القدرتين على أن يتعلقا جميعا بأصل الفعل، وعند القاضي على أن تتعلق قدرة الله تعالى بأصل الفعل وقدرة العبد بكونه طاعة ومعصية، وعند الحكماء بقدرة يخلقها الله تعالى في العبد……فاكتفى بعض أهل السنة بأنا نعلم بالبرهان أن لا خالق سوى الله تعالى ولا تأثير إلا للقدرة القديمة ونعلم بالضرورة أن القدرة الحادثة للعبد تتعلق ببعض أفعاله كالصعود دون البعض كالسقوط فيسمى أثر تعلق القدرة الحادثة كسبا، وإن لم يعرف حقيقته».[شرح المقاصد، مسعود بن عمر التفتازاني/تحقيق عبد الرحمن عميرة، عالم الكتب (4/222-223) وما بعدها].
   وننتقل إلى أشاعرة الغرب الإسلامي فنجد ابن خميرالسبتي(تـ614هـ)، يعقد في كتابه “مقدمات المراشد إلى علم العقائد” فصلا في إثبات الكسب وحقيقته لغة، وعقلا، ونقلا، ورد اعتراض القدرية والجبرية في إثباته ونفيه حيث قال: «وهذه مسألة عظيمة الموقع في الدين، ورأس مال المتدينين، وهي شرح قوله تعلى:﴿إياك نعبد وإياك نستعين﴾[سورة الفاتحة آية 4]،…فلتعلم أولا أن العرب سمت تصرفنا فيما نتناوله ونحاوله”كسبا”، و”كدحا”، و”اقترافا”، و”اجتراحا”،…إلى غير ذلك. وسمع منها أن الله تعالى”خالق”، و”فاطر”، و”بارئ”، و”بديع”، وماسمع منها أن الله “كاسب”، “كادح”، “مقترف”.فهذه تفرقة لغوية تدل على أن العرب  فرقت بين أفعال الخالق وأفعال المخلوق، فلو كانوا يعتقدون التسوية في الأفعال، لم يراعو التفرقة في التسميات، فهذا فرق لغوي.
   وأما الفرق العقلي، فهو تقسيم مستنده الضروريات، وذلك أن العاقل يفرق بين حالتيه في حركة ينتقل بها إلى جهة ما، وحركة ينتقل بها إلى تلك الجهة بعينها، وكذلك حركة إشالته في التصرف والتناول، وحركاتها بالفالج والحمى، وكذلك حركات أسنانه بالخضم والقضم، وحركاتها عند قرقعة البرد والحمى…إلى غير ذلك في سائر المكتسبات الضروريات كالعلم، والإرادة، والحب، والبغض،…إلى غير ذلك.، فلا تخلو تلك الحال التي يعلمها العاقل من نفسه من الأربعة أسباب: إما أن ترجع إلى جواهره، أو إلى أعراضه، أو لحال تطرأ من غير علة، أو حال تطرأ عن علة.
   وباطل أن ترجع الحال إلى جواهره، لأنه كان يؤدي إلى أن تدوم تلك الحال كدوام تحيزها، وهي لا تدوم، وكان يجب أيضا أن تكون تلك الحال ثابتة لجواهر العالم لتساوي الجواهر في جميع صفات الأنفس، حتى يكون الجماد مكتسبا. ولا يجوز أيضا أن تحدث من غير علة، لاستحالة استقلال الحال بالطرو-كما قدمنا-، ولو كانت الحال تطرأ في وقت وتعدم في وقت لكانت ذاتا، ولو كانت ذاتا لافتقرت إلى حال تتميز به، إذ ذات على غير صفة لا تعقل، وهي معقولة، فكان يؤدي إلى تحول الحال، وتسلسل الأحوال، وهو محال، وبهذا بعينه نرد على القدرية في ادعاء طريان حالة الوجود على الأشياء الأزلية بالقادر-إن شاء الله-.
   فلم تبق إلا أن ترجع التفرقة المعلومة إلى حال تطرأ عن علة طارئة، ثم نسبر الأعراض فنجد كل عرض منها قائما بالمحل مع الحركتين والتفرقة ثابتة، فلم تبق علة لتلك الحال إلا القدرة، فهذا سبيل إثبات القدرة الحادثة.
   وبهذا التقسيم نرد على الجبرية حيث نفوها، وزعموا أن لا قدرة للعبد، وأنه يحرك كما يحرك الجماد، وفي هذا القول جحد الضرورة في العلم لصحة التفرقة.
   وأما الرد عليهم من جهة الشرع، فهو أن نلزمهم إبطال متعلقات أوامر الله تعالى ونواهيه، ورد خبره».[مقدمات المراشد إلى علم العقائد، لابن خمير السبتي، تحقيق الدكتور جمال علال البختي/ط1،2004م، مطبعة الخليج العربي (232/233)]
أما أبو الحسن علي بن عبد الرحمن اليفرني الطنجي (تـ734هـ)، فيقول في شرحه على العقيدة البرهانية المسمى “المباحث العقلية في شرح معاني العقيدة البرهانية”: «وأما الكسب فالكلام في مدلوله لغة واصطلاحا، أما مدلوله لغة:، فهو مـا جري به فاعله نفعا، يقال: منه كسب يكسب كسبا، واسم الفاعل كاسب، ويقال: رجل كسوب وكساب، وهو من أبنية المبالغة، وأما في الاصطلاح، فقال سيف الدين: أولى مـا قيل فيه عبارتان، الأولى: أن الكسب عبارة عن وجود المقدور بالقدرة الحادثة، وفي مقابلته الخلق، وهو وجود المقدور بالقدرة القديمة، والعبارة الثانية: أن الكسب هو الفعل القائم بمحل القدرة عليه، وفي مقابلته الخلق، وهو الفعل الخارج عن محل القدرة عليه، وإذا تقرر أن الكسب عبارة عن تعلق القدرة الحادثة، فيجب أن تعلم أن الفعل المخلوق في العبد متى خلقت له قدرة عليه وإرادة، صار له تصرف فيه من أجل مـا خلق له وعليه واستحق من أجل ذلك الذم، أو المدح والثواب عليه، أو العقاب، بحكم وعد الله ووعيده على ذلك، وإذا تقرر الخلاف في مسألة خلق الأعمـال فلابد من الإشارة إلى إبطال قول من قال إن القدرة الحادثة تؤثر في حدوث مقدورها، ثم بعد ذلك في إبطال مذهب إمام الحرمين، والقاضي، فلنبدأ أولا ببطلان مذهب الجبرية المنكرين للقدرة الحادثة.
    قال علمـاؤنا: الذي يدل على إثبات الأعراض هو بعينه يدل على إثبات القدرة الحادثة للعبد، فإن القدرة عرض من الأعراض ثم بالضرورة يفرق العاقل بين حالتيه قادرا وعاجزا، ومن أنكر ذلك، فهو مباهت وإذا بطل مذهب الجبرية فلنعرض أدلتنا في المسألة فنقول: الدليل على ذلك المعقول والمنقول، أما المعقول: فمن وجوه، الأول: أن أفعال العباد ممكنة، وكل ممكن مقدور للباري تعالى، فأفعال العباد مقدورة للباري تعالى. بيان المقدمة الأولى أنها لو لم تكن ممكنة لكانت إما واجبة، أو مستحيلة، والقدرة لا تتعلق بالواجب والمستحيل، فتعين أن تكون ممكنة. وبيان الثانية: أنه لو لم يكن كل ممكن مقدورا للباري تعالى، للزم أن تكون قدرته تعالى متعلقة ببعض الممكنات، ويلزم من ذلك قصر قدرته وتناهي مقدوراته، وقد تقدم بطلان ذلك.  والثاني: أنه لو كان العبد موجدا لأفعال نفسه لكان عالمـا بتفاصيل أحوال نفسه، لكنه غير عالم بتفاصيل أحوال نفسه، فوجب أن لا يكون موجدا لها. بيان المقدمة الأولى أن القادر لابد أن يصح منه وقوع ذلك الفعل بذلك المقدار، أو أزيد منه، أو أنقص، فوقوع العشرة مثلا دون الخمسة والعشرين لا يكون إلا على قصد، والقصد مشروط بالعلم، لأن القصد إلى إيجاد العشرة فوق الخمسة ودون العشرين لا يتأتى إلا مع العلم بأنها عشرة، فثبت أنه لو كان موجدا لأفعال نفسه لكان عالمـا بتفاصيل أفعال نفسه، وأما المقدمة الثانية: وهي كون العبد غير عالم بتفاصيل أفعال نفسه فالدليل عليها أن النائم إذا تحرك من أحد جنبيه إلى الآخر ليس له علم بعدد تلك الأفعال ولا بكيفية تلك الحركات، وإذا كان غافلا عن إيجاده استحال منه القصد إلى إيجاده، والثالث أنه لو حصل مراد العبد ولم يحصل مراد الله تعالى على مـاقالته المعتزلة، لكان الله تعالى مقهورا والعبد قاهرا، وذلك محال لمـا ثبت من كونه قادرا، والرابع لو جاز أن يخلق الله تعالى خلقا على مـا قالته المعتزلة، يفعل في ملكه مـا لا يريد، فجاز أن يخلق الله شريكا لنفسه وهذه غاية الجهالة.  وأما المنقول فالكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب فآيات  إحداها، قوله تعالى: ﴿والله خلقكم ومـا تعملون﴾[سورة الصافات آية 96]، يريد وعملكم،  وثانيها قوله تعالى: ﴿ومـا رميت إذا رميت ولكن الله رمى﴾[سورة الأنفال آية 17]، ووجه الاستدلال منها أن من المحال توارد النفي والإثبات على شيء واحد من جهة واحدة، فلم يبق إلا أن يكون المراد من الآية، ومـا رميت اختراعا إذ رميت اكتسابا، ولكن الله رمى اختراعا، وإذا تعددت الجهات انتفي التناقض. ومن آيات الهدى والضلال والختم والطبع، وهي نصوص في إبطال مذاهب المخالفين مـا لا يحصى كثيرة …. وأما السنة فأحاديث، أحدها: قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى خلق الخير وخلق له أهلا، وخلق الشر وخلق أهلا) وثانيها (مـا شاء الله كان ومـا لم يشأ لم يكن) وثالثها: قوله صلى الله عليه وسلم (قلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن إن شاء أقامه وإن شاء أزاغه)، وأما الاجمـاع: فهو أن الأمة قاطبة متفقون قبل ظهور البدع والأهواء على أن الله تعالى رب كل مخلوق وإله كل محدث، وأنهم كانوا يرغبون إلى الله تعالى في أن يرزقهم الإيمان، ويجنبهم الكفر والطغيان…»[المباحث العقلية في شرح معاني العقيدة البرهانية، لأبي الحسن علي بن عبد الرحمن اليفرني الطنجي، مخطوط رقم 11741 الخزانة الحسنية بالرباط، وبالخزانة العامة بالرباط تحت رقم: 2192 د، وبالمكتبة الوطنية بتونس، منه نسختان رقمهما: 14934a_ssm/03212 a_ssm].
   ونختم بخاتمة المحققين أبي عبد الله محمد بن يوسف السنوسي (895 هـ )، موردين كلامه في صفتي القدرة والإرادة، ثم في الكسب، أما صفة القدرة فقد حدها بقوله:”هي صفة أزلية يتأتي بها إيجاد كل ممكن، وإعدامه على وفق الإرادة”[3]، [المنهج السديد في شرح كفاية المريد، لأبي عبد الله السنوسي/تحقيق مصطفى مرزوقي/دار الهدى عين مليلة الجزائر (ص: 243)]، أما الإرادة فعرفها بأنها،”صفة يترجح بها وقوع أحد طرفي الممكن على مقابله”. وقد ساق هذا الحد في معرض الرد على المعتزلة، حيث قرر نفوذ إرادته تعالى في كل ما تعلقت به، طاعة كانت أو معصية، صلاحا كان للعبد أو فسادا، لأن الكائنات كلها هو المنفرد تعالى بايجادها بلا واسطة، فوجب أن يكون وجودها على وفق إرادته.
  …و بكون المختار منا [أي الانسان] يوقع أفعالا في زمن مخصوص وعلى صفة مخصوصة. بَيَّن معنى الكسب والاضطرار بقوله: “وفي هذه الحالة التي يختار سبحانه أن يخلق قدرة تقارنه في محله، يسمى العبد في الاصطلاح مختار ومكتسبا، وفاعلا….أما إذا خلق سبحانه الفعل في المحل غير مقارن لِتَيَسُّرٍٍٍٍٍٍٍٍٍ، ولا لقدرة حادثة كحركة الارتعاش، فإن العبد يسمى حينئذ مجبورا، ومضطرا”. [المنهج السديد، ص: 235/237].
   ويقول في عقيدته الكبرى: «وإذا عرفت هذا عرفت أن الصواب ماقاله أهل السنة، ودل عليه الكتاب والحديث، وأجمع عليه السلف الصالح قبل ظهور البدع، من أن الله تعالى هو الخالق بالاختيار لكل ممكن يبرز إلى الوجود، ذاتا كان أو قولا لها أو فعلا، لا يشاركه تعالى في ملكه جميع الممكنات شيء، أي شيء كان، وأن التأثير وإيجاد الممكنات خاصية من خواصه تعالى، يستحيل ثبوتها لغيره، قال تعالى: ﴿ إنا كل شئ خلقناه بقدر﴾ [سورة القمر آية 49]، وقال:﴿والله خلقكم وما تعملون﴾[سورة الصافات آية 96]».[شرح السنوسية الكبرى المسمى عمدة أهل التوفيق والتسديد للإمام أبي عبد الله السنوسي/تحقيق عبد الفتاح عبد الله بركة/دار القلم ط 1 /1986م (ص:280)].

الهوامش:

1- القدرة الحادثة التي عنها الكسب:”عرض مقارن للفعل، يخلقه الله سبحانه وتعالى عند قصد الاكتساب، بعد سلامة الآلات و الأسباب” انظر:[هداية المريد لجوهرة التوحيد لبرهان الدين إبراهيم اللقاني، تحقيق وضبط الحواشي مروان حسين عبد الصالحين البجاوي دار البصائر القاهرة الطبعة الأولى 1430هـ/2009م، (ج: 1، ص:583)].
2- يستعمل الإمام أبو الحسن الأشعري مصطلح الكسب والاكتساب باعتبار القدرة المحدثة بمعنى واحد، على خلاف ما يوجد بينهما من الفروق في اللغة، انظر في ذلك [(الفروق اللغوية، لأبي هلال العسكري/دار الكتب العلمية، ط 2010م (ص: 155/156))].
3- وعرفها في حقائقه بقوله: “حقيقة الإرادة: هي صفة يتأتى بها تخصيص الممكن ببعض ما يجوز عليه، والذي يجوز على الممكن سمة تقابلها سمة الوجود والأزمنة والأمكنة والمقادير والجهات والصفات”. [الحقائق في تَعريفات مصطلحات عــلماء الكَلام، اعتنى بها أبو عبد الرحمن المالكي المازري عن نسخة من مقتنيات الحرم المدني (ص: 7)]

مصادر ومراجع تناولت موضوع الكسب:

1 –  مؤلفات أبي الحسن الأشعري، ومؤلفات أئمة المذهب، (مباحث القدرة، والإرادة، وخلق أفعال العباد).
2 –  الاستبصار في التحدث عن الجبر والاختيار، للإمام الكوثري.
3 –  تحفة الأخيار فيما يتعلق بالجبر والاختيار، عبد القادر بن عبد الله المجاوي.
4 –  نظرية الكسب عند الأشاعرة (جدلية الضرورة والحرية في الفكر الاسلامي)، الدكتور مرزوق العمري.
5 – نظرية الكسب عند الأشاعرة، الأستاذ محمد كرماط، ضمن مجلة المذهب المالكي العدد الحادي عشر شتاء 1432هـ/2001م.
6 – الإرادة عند المعتزلة والأشاعرة دراسة فلسفية إسلامية، عبد الباري محمد داود، دار المعرفة الجامعية 1996م.
7 – أفعال الإنسان بين الجبر والاختيار، عبد الله ناصح علوان.
8 – الجبر والاختيار بين المتكلمين الصوفية، مصطفي عبد العزيز مصطفي.
9 – الجبر والاختيار فى الفكر الإسلامى، صالح زين العابدين الشيبى.
10 – مشيئة الله ومشيئة العباد، عبد الكريم الخطيب.
11 – موقف البشر تحت سلطان القدر، مصطفى صبري.
12 – أفعال العباد في القرآن الكريم، عبد العزيز المجدوب.
13 –  أفعال العباد بين الجبر والاختيار في القرآن الكريم، أ.د. عبد الملك عبد الرحمن السعدي العراقي.
رابط المقال: http://www.alomah-alwasat.com/materialMore.php?id=6
14 – تأصيل نظرية الكسب دون سبب في التراث العربي الاسلامي، عدنان نجم عبود البدراني.
15 –  الله ومسألة الأسباب بين الفكر الإسلامي وفلسفة مالبرانش، قاسم الكاكائي.

   
   

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. مقالة جيدة في رصد وتتبع أقوال كبار أئمة الأشاعرة حول مفهوم الكسب عندهم، هذه النظرية التي توسطت قول أهل الجبر وأهل الاعتزال ، ولم تكن في ذاتها بدعة، وإنما تجل كلامي لما تشربه السلف الصالح من عقيدة سمحة، دونما تكلف، إلا أنها تحتاج إلى فهم دقيق من جهة لارتباطها بمسائل عقدية متشعبة، و من جهة أخرى فهم السياق والحيثيات التي نشأت في كنفها هذه النظرية، أقول هذا لأني أرى كثيرا من الباحثين المتعجلين، إذا ما انغلق عليه فهمها، وطال حبله، اختار أقصر السبل، فوصفها بجبرية مقنعة. للتنبيه فقط، فمخطوط المباحث العقلية في شرح معاني العقيدة البرهانية لا توجد منه نسخة في خزانة القرويين كما ورد في متن المقال، بل منه نسخة في المكتبة الحسنية ونسخة أخرى بالمكتبة الوطنية بالرباط.

  2. السلام عليكم أخ وسام، نشكركم على تواصلكم مع الموقع، ونحيي فيكم اهتمامكم بمباحث العقيدة، وبخصوص ملاحظاتكم حول مخطوط المباحث العقلية في شرح معاني العقيدة البرهانية لأبي الحسن علي بن عبد الرحمن اليفريني المكناسي الطنجي (ت.734ﻫ) الذي سيعمل مركزنا على طبعه في القريب –بحول الله-. فالحق ما قلتم، إذ توجد نسخة منه بالخزانة الحسنية تحت رقم: 11741، وبالخزانة العامة بالرباط تحت رقم: 2192 د. وبالمكتبة الوطنية بتونس، منه نسختان رقمهما: 14934a_ssm / 03212 a_ssm فشكرا على التنبيه على هذه الهفوة الناتجة عن خلط مع مخطوطة أخرى توجد بالقرويين.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق