مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات عامة

القول المساوي لمقابله 2

د/مولاي ادريس غازي

 باحث بمركز دراس بن اسماعيل

وقد نقل الحطاب عن اللخمي ما يفيد تلخيص هذين القولين حيث قال: “وقد ذكر اللخمي في ذلك قولين في باب صلاة السفر فقال: إذا كان في البلد فقهاء كثير، كل يرى غير رأي صاحبه، وكلهم أهل للفتوى جاز للعامي أن يقلد أيهم أحب، وإن كان عالم واحد فترجحت عنده الأقوال جرت على قولين: أحدهما أن له أن يحمل المستفتي على أيهما أحب، والثاني أنه في ذلك كالناقل يخبره بالقائلين، وهو يقلد أيهم أحب كما لو كانوا أحياء”[1].

إلا أن هذا التخيير عند الخطاب مقيد باختلاف أحوال المستفتين، فلا يتعين إلا إذا آنس المفتي من مستفتيه معرفة وأهلية تقدرانه على الاختيار، وإلا أخبره بمعين من الأقوال المتساوية وألزمه بالعمل به.[2]

قال الهلالي مستحسنا هذا التفصيل: “وهو توفيق حسن، وتشهد له فتوى بن أبي زيد كما في البرزلي وغيره”[3]، وقال العلامة الصنهاجي “وهو الظاهر عندي”[4].

ومن خلال تتبع نقول العلماء في المسألة، نلاحظ التأكيد الواضح على ضرورة التزام المفتي أو القاضي -مجتهدا كان أو مقلدا- المعايير الهادية إلى الترجيح، وعدم الاختيار بالتشهي وتحكيم الأهواء، حتى ولو اقتضى الأمر اللجوء إلى صفات القائلين أو الناقلين من علم وورع مثلا، فيقدم الأعلم الورع على الأورع العالم، قال العلامة أبو الحسن التسولـي وهو بصدد بيان معاييـر الترجيـح في المذهب: “فإن فقـد ذلك –أي إذا تعذر على المفتي ما ذكر من مراتب الترجيح– فليفزع في الترجيح إلى صفاتهم فيعمل بقول الأكثر والأورع والأعلم، فإذا اختص واحد منهم بصفة أخرى قدم الذي هو أحرى منهما بالإصابة، فالأعلم الورع مقدم على الأورع العالم، وكذا لو وجد قولين أو وجهين لم يبلغه عن أحد بيان الأصح منهما اعتبر أوصاف ناقليهما، والترجيح بالصفة جار في المذاهب الأربعة”[5].

 

 


[1] – مواهب الجليل 1/50-51 وانظر كذلك منار أصول الفتوى للعلامة اللقاني ص286-287.

[2] – مواهب الجليل 1/51.

[3] – نور البصر ص122.

[4] – مواهب الخلاق على شرح التاودي للامية الزقاق لأبي الشتاء بن الحسن الغازي الشهير بالصنهاجي 1/186، الطبعة الثانية 1955.

[5] – البهجة في شرح التحفة1/43.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق