مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكأعلام

القـاضي عيـاض العالم النسّابة

 

دة.أمينة مزيغة

 باحثة بمركز دراس بن إسماعيل

 

          القاضي عياض بن موسى بن عياض بن عمرون بن موسى اليحصبي الأندلسي، أبو الفضل، ولد بسبتة في شعبان سنة ست وسبعين وأربعمائة، وقد كانت هذه المدينة ملتقى العلماء نظرا لموقعها الجغرافي، حيث توارد عليها الناس من المشرق والمغرب، وأصبحت بذلك ملتقى الثقافات المتنوعة، وأنشأ بها مركز ثقافي مميز، هذا الجو أسهم في تكوين شخصية القاضي عياض من الناحية الفكرية و العلمية، فصار أعلم الناس بكلام العرب وأنسابهم وأيامهم.

          قال ولده محمد: “كان أجدادنا في القديم بالأندلس، ثم انتقلوا إلى مدينة فاس، وكان لهم استقرار بالقيروان لا أدري قبل حلولهم بالأندلس، أو بعد ذلك، وانتقل عمرون إلى سبتة بعد سكنى فاس”.

         كان رحمه الله إمام وقته في الحديث وعلومه، عالما بالتفسير وجميع علومه، فقيها أصوليا، عالما بالنحو، و اللغة، وكلام العرب، وأيامهم وأنسابهم، بصيرا بالأحكام، عاقدا للشروط، حافظا لمذهب مالك رحمه الله، شاعرا مجيدا ريّانا من الأدب، خطيبا بليغا، جميل العشرة، جوادا، سمحا كثير الصدقة، دؤوبا على العمل، صلبا في الحق، وانتهت إليه الرئاسة في الفتيا، وولي القضاء بسبتة وغرناطة،  قال في حقه الفقيه محمد السبتي: “حاز من الرئاسة في بلده ما لم يصل إليه أحد قط من أهل بلده، وما زاده ذلك إلا تواضعا وخشية لله تعالى”.

         طلب العلم بالمغرب، ورحل إلى الأندلس سنة سبع وخمسمائة، فأخذ عن أعلامها كأبي علي الصدفي، وابن رشد، وابن العربي وغيرهما، وتفقه بمحمد بن عيسى التميمي، والقاضي محمد المسيلي، وغيرهم.

           وحدث عنه العديد من العلماء، منهم الإمام عبد الله بن محمد الأشيرى، وأبو جعفر بن القصير الغرناطي، والحافظ خلف بن بشكوال، وأبو محمد بن عبيد الله الحجري، ومحمد بن الحسن الجابري، وولده القاضي محمد بن عياض قاضي دانية.

           له مؤلفات حسنة شهيرة، منها: “ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة مذهب مالك”، الذي يعد معلمة في رجال المذهب المالكي، ومن أحسن ما ألف من كتب الفهارس والتراجم والطبقات. وله كتاب “الشفا بتعريف حقوق المصطفى”، و”أخبار القرطبيين”، “الجامع في التاريخ”، و”العيون الستة في أخبار سبتة”، وكتاب “التنبيهات على المدونة”، و”مشارق الأنوار” الذي قيل في حقه:

مشـارق أنـوار تبدت بسبتة        ومن عجب كون المشارق بالغرب

           استمرت هذه المكانة العلمية، وهذا البروز الفكري للقاضي عياض فترات طويلة من الزمن، خصوصا عند أهل المغرب، فلا يزال من بعده من المؤرخين والمترجمين وغيرهم، يعتمدون على كتبه ومؤلفاته إلى حد بعيد، كما لا يزال كتابه “التنبيهات” من الكتب المالكية المعتمدة إلى الآن.

           توفي بمراكش سنة أربع وأربعين وخمسمائة عن ثمان وأربعين سنة، وقبره بها رضي الله عنه وأرضاه.

 

الفكر السامي 557 رقم 587.

ترتيب المدارك 1/5.

سير أعلام النبلاء 15/49 رقم 4936. 

الأعلام 5/99.

الديباج 2/43 رقم 349.

معجم المؤلفين 11/102.

شجرة النور الزكية 557 رقم 587.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق