الرابطة المحمدية للعلماء

القراءة والبناء الحضاري

الأستاذة نعيمة لبداوي: النص القرآني مفتوح عبر الزمان والمكان يمد كل من استمد منه

كان موضوع الحوار الحي الذي أجراه موقع الرابطة المحمدية مساء الخميس الماضي 18 دجنبر 2008 مع الأستاذة نعيمة لبداوي، باحثة في الدراسات القرآنية، حول مفهوم القراءة في القرآن الكريم ودورها في البناء الحضاري.

وقالت “لبداوي”، وهي تعمل أيضا مساعدة للأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، إن “مجالات القراءة التي يجب على أجيالنا الاهتمام بها يمكن إجمالها في ثلاثة مستويات كبرى شاملة لجميع مناحي الحياة هي: مجال الوحي، ومجال الإنسان، ومجال الكون”، مضيفة أنه انطلاقا من هذه المجالات يمكن استمداد القيم والمبادئ الإنسانية المشتركة التي تساهم في بناء الحضارة الإسلامية وتأسيس قيم التعايش والتسامح بين مختلف الشعوب والأمم في كل الأزمنة والأمكنة.

ما هو البناء الحضاري الذي يتوجب على المسلمين القيام به؟ تؤكد الأستاذة الباحثة أنه ذلك “البناء الذي يستمد من الوحي ويسترشد به”، ويستفيد في الوقت نفسه من نموذج عصر النبوة وما بعده من عصور الصحابة رضي الله عنهم والتابعين وعصر الأئمة الفقهاء؛ لأنها تجارب “تشكل المرآة الحقيقية لكيفية عمل الوحي في المجتمع والأمة والحضارة وانعكاس ذلك على الإنسانية كافة”، وما علينا ـ تضيف الباحثة ـ إلا استئناف هذا البناء الفريد والتسلح بمختلف الوسائل التي تساعد على ذلك.

وأثارت بعض أسئلة القراء مسألة المعوقات التي تشوش على عملية قراءة الوحي، فأكدت الأستاذة “لبداوي”، التي سبق لها أن نشرت بحثا في “مفهوم القراءة في القرآن الكريم”، أن هناك معوقات كثيرة تحول دون استمرار قراءة الوحي والاستمداد منه، موضحة أن قراءتنا له لا تعني بأي حال من الأحوال تجاوز تراث الأسلاف، لأن المعارف والإنتاجات البشرية يبنى بعضها على بعض ويكمل اللاحق السابق، والنص القرآني مفتوح عبر الزمان والمكان يمد كل من استمد منه.

وعن سؤال حول المظاهر التي تسببت في تراجع وانحسار المد الحضاري في واقع حياة العرب والمسلمين اليوم، أجابت الباحثة أن أهم تلك العلل “الجمود والتقليد، وشيوع كثير من المقولات المحبطة للهمم من مثيل: ليس بالإمكان أبدع مما كان، وما ترك السلف للخلف شيئا وغيرها، فتوقف الإنتاج وأركست الأمة إلى الخمود”.

لكن القراءة التي نقوم بها، يسأل أحد القراء، هل يمكن أن تستوعب مضامين الوحي؟ تجيب ضيفة الحوار الحي أن تلك القراءة بالفعل لا يمكن أن تحيط بالوحي مطلقا، لسبب بسيط هو أن الذي يقوم بالقراءة إنسان محدود الطاقات نسبي القدرات، فلا يمكن للنسبي أن يحيط بالمطلق، وبالرغم من ذلك، تقول الأستاذة “نعيمة لبداوي”: إنه “لا ينبغي أن يكون ذلك سببا في التقاعس عن قراءة الوحي واستكشاف مضامينه ومكنوناته، فالوحي كتاب كريم يعطي كل بحسب طلبه، فكلما أجاد الإنسان في الطلب وأحسن صياغة السؤال كلما استمد أكثر”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق