مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةأعلام

العَلامة المحدث شيخ الإسلام أبو شُعيب الدُّكالي الصّديقي (1356هـ)- وجهوده في الحديث

بسم الله الرحمن الرحيم

 

د. محمد علي اليولو الجزولي

مدخل:

      لا تزال أرض دُكّالة المعْطاءَة تنجب العلماء الأفْذَاذ، والسَّادة الأعلام، ومشاهير القُوَّاد، ورجال التربية والإصلاح على مر تاريخها المجيد، الذين وقفوا سدًّا منيعا أمام حملات المحتل الغاشم البرتغالي والفرنسي، الذي سعى لسلخ المغاربة عن دينهم القويم، وانتمائهم الراسخ لهذا الوطن العزيز، حيث أُسِّست على طول الساحل الأطلسي من دُكالة إلى حدود حَاحة زوايا للتعليم، ورِباطاتٍ لجهاد المحتل، فلا يغيب عن مسامعنا جهود السَّادة الأشراف الأمْغَاريُون بعين فِطْر، وتلميذهم المربي الكبير محمد بن سليمان الجَزُولي الحسني (870هـ) ، وقبل هؤلاء السادة الأشراف، نجد ثلّة من أعلام دكالة رحلوا إلى المشرق واستقروا فيه، منهم: المحدث أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الحليم بن عِمران المقرئ، ويلقب بسحنون الأنصاري الأوسي الدّكالي المتوفى بالإسكندرية عام (695هـ)، أخذ عنه شمس الدين الذهبي، وشيخه المِزي، والبِرْزالي، وابن سيّد الناس، وابن شَامة[1] ، رحم الله الجميع.

      ومن طينة أمثال هؤلاء العلماء الأماجد العلامة المحدث المقرئ القاضي المفتي شيخ الإسلام  المجدد أبي شعيب بن عبد الرحمن الدكالي الصديقي المكي (1356هـ)، سليل أسرة مَاجدةٍ ، حاز شرف الذب عن حِياض الشريعة ، الخطيب المُفَوَّه ، والقاضي العادل، والمحدِّث الحافظ، العالم بعلل الأسانيد ، يقصده طلاب الحديث فيكشف لهم مبهم الروايات، ويَنقُدها  سندًا ومتْنا ، الداعية الأثري الذي أحيا الله به القلوب، وأنار به العقول مشرقًا ومغربا، رحل قديما إلى مصر والحجاز، ولقي الأكابر، وأمَّ الناس في الحرم المكي ، ثم عاد إلى موطنه المغرب تُعظمه الملوك ، وقام بالدعوة إلى العمل بالحديث، وإحياء المذهب المالكي ونبذ الجمود ، ودعا إلى التمسك بالسنة والكتاب، وإصلاح العقيدة، فأقبل عليه الناس، وتتلمذ عليه الكثير ، وترك خلفه عددًا كبيرًا من العلماء لا يكادون يُحصون كثرة، وعدّه الكثير مُجددًا لرسوم الدين بالمغرب الأقصى.

         وقد صدق فيه قول الشاعر الحاج أحمد بن شقْرُون حين قال[2]:   

وأبُـو شُـعَـيْـبٍ فَـخْـرُ كُـل مُـفَـاخـِـــر

 

بِالـعِـلْـمِ مَـشْـغُـوفٌ بِـعَـقْـلٍ مـسـود

دُكَّــالــةُ شَــرُفَــتْ بِــهِ بَـلْ كُــلُّـنَــا

 

أَعْـظِـمْ بِـهِ مِــنْ وَاحـِــدٍ مُــتَــعَــدِّد

اسمه، ولقبه، وكنيته[3]:

     هو أبو شعيب بن عبد الرحمن الدُّكالي أصلاً، الصّديقي مولدًا، المكي جِوَارًا، ويكنى بأبي زيد، وبأبي مَدْين[4].

نسبه، وأسرته:

 

      ينحدر العلامة أبو شعيب الدكالي من أصول استوطنت قرية أولاد عَمْرو، بدوار الصّديقَات، وينطق باللسان المحلي ” الصديكَات” قرب مدينة الغربية بدكالة[5] ، وهي إحدى القبائل العربية العريقة.

      قال الإمام أبو زيد عبد الرحمن الفاسي في كتاب: الأقنُوم في مبادئ العلوم[6]:

فــصــلٌ: وفــي دُكــالـة بــنُــو هـِـلالْ

 

أولادُ عِــمــران، وعــبْــدةَ يُــقــالْ

أولادُ بُـــوعــزيـــز الــشَّــرقـــيــة

 

أولادُ ســبــطَة، كـذا الـغَــربــيــة

      وبيتهم بيت علم، وفضل، وصلاح، ينتحلون الطريقة الدّرقاوية، ويقومون بها[7]؛ جُلُّ صِغارهم، فضلاً عن كِبارهم، يحفظون الحِكم العَطائية، لا يدَّعُون نسبًا، وربما ضربوا أطفالهم على ادعائه[8]، وكان شعارهم في ذلك قول ابن عطاء الله الإسكندري: “ادفن وجودك في أرض الخُمول، فما نبت مما لم يدفن لا يتم نتاجه”[9].

 مولده، ونشأته، وطلبه للعلم، ورحلاته:

      نشأ الشاب النجيب في بيت علم وفضل وصلاح، اشتهر بالعلماء والصلحاء، فجده الشيخ عبد العزيز، وعماه: أبو شعيب ومحمد ابنا عبد العزيز، كلهم كانوا من العلماء النبهاء، وفي هذا البيت المتأصل في العلم والشرف ولد الشيخ أبو شعيب يوم الخميس 25 من ذي القعدة عام (1295هـ/1878م)، في عهد السلطان مولاي الحسن الأول، فتعهده أبوه بالرعاية والعناية، ولما وصل إلى سن التعلم اختار له فقيها خاصا به، وهو الشيخ محمد بن الـمْعَاشي، فحفظ على يديه القرآن بالقراءات السبع، ولما توفي أبوه سنة(1300هـ)، كفله عمه الشيخ محمد بن عبد العزيز الصَّديقي، الذي كان له الفضل في تعليمه وتلقينه، كما أخذ عن ولد عمه محمد بن عَزُّوز، وولد عمه الشيخ الطاهر قاضي مراكش، وكلهم كانوا من أهل العلم والخير والمروءة، ثم رحل إلى مراكش وهو لم يتجاوز الثالث عشرة من عمره بعد، حيث امتحنه المولى الحسن في القراءات، والنحو فأجاد فيهما، فأكرمه بمنحة لدراسة “مختصر خليل” على يد الفقيه عبد السلام بن المعطي السّرغيني بمقتضى ظهير حسني مؤرخ عام 1308هـ ، [10] إلى جانب حضوره مجالس العالم الجهبذ محمد بن إبراهيم السّبَاعي الإدريسي في مسجد ابن يوسف[11] ، ثم بعد مدة من هذا التكريم رحل أبو شعيب الدكالي إلى مدينة فاس بغية الاغتراف من حياض جامعة القرويين العتيدة، لكن ظروفه لم تساعده في المكوث بها طويلا[12]، فتوجه إلى الريف المغربي، وبقي  هناك مدة سنتين، يزاول دروس القراءات، والحديث، والفقه[13]، ثم تاقت نفسه إلى الرحلة خارج المغرب فسافر سنة (1314هـ) إلى مصر فمكث فيها طالبا بالأزهر الشريف مدة ست سنوات[14]كانت من أخصب سنين حياته الدراسية، أخذ خلالها عن عدد من جلة علماء الأزهر ،  ثم رحل إلى أرض الحجاز بأمر من شيخه سليم البشري (1385هـ) الذي رشحه لتولي مهمة الإمامة، والخطابة، والإفتاء، والتدريس في بلاد الحرمين الشريفين، ومكث هناك طويلا، حيث حظي عند أمير مكة عون الرفيق باشا بالمنزلة الحسنة، فأكرمه وبالغ في احترامه وتعظيمه، وقدَّمه في مجالس العلماء، وخطب له ابنة أحد وزرائه لتكون زوجة له، وهي السيدة جميلة بنت محمد بدي وزير المالية في حكومة الأمير عون، وهناك في مكة المكرمة أنجب عددًا من أولاده، وفي طليعتهم العلامة الراحل الشيخ عبد الرحمان الدكالي[15]، وخلال هذه المجاورة للبيت العتيق أجازه عدد من علماء المسلمين الوافدين على بيت الله الحرام، من اليمن، والشام، والعراق، والهند، فتم له بذلك ما لم يجتمع لغيره، وغدا بحق وجدارة أوحد عصره، وأعجوبة زمانه، وفي سنة(1328هـ/1910م) انقلب الشيخ راجعا إلى المغرب بدعوة ملحة من السلطان المولى عبد الحفيظ، وقد انتشر صيته واشتهر أمره، فحظي بالإجلال والاحترام لدى سلاطين الدولة العلوية، فولاه السلطان المولى عبد الحفيظ رئاسة الدروس الحديثية العليا التي كانت تُلقى بحضرته بفاس، وولاه منصب القضاء بمدينة مراكش[16].

    ومكَّنته هذه الرحلة الطويلة من التبحر في العلوم، إلى جانب ما كان يتمتع به من ذكاء متقد، وحفظ تام، حتى غدا آية في حفظ الأحاديث والآثار، واستحضار معانيها، والاطلاع على أقوال العلماء فيها، فقد حاز الإمامة في علوم الحديث والسنة، وفقه معاني الآثار، والخلاف العالي والنازل، ومعرفة أنظار أئمة المذاهب، ووجوه أقوالها، مع حفظ المتون، والجمع بين الروايات، ومعرفة المخرجين، والمتابعين، وأنساب الرواة، وتراجمهم، وهو كذلك متبحر في علوم القرآن وقراءاته، وإعرابه، وناسخه ومنسوخه، وأحكامه ومعانيه، ووجوه بلاغته، وأنواع تفسيره، ومتقن لعلم القراءات، عارف بوجوهها، ومتمكن في العلوم العربية بأنواعها، حاذق بفنونها.

شيوخه:

          تلقى العلامة الدكالي العلم من عدة شيوخ أكابر ، وفي أقطار مختلفة، وسأذكر أبرزهم وأشهرهم، ففي المغرب: درس على أفراد أسرته وعمومته علومًا جمَّة على رأسها القراءات السبع، وعلوم الآلة وغيرها، منهم: عمه الفقيه محمد بن عبد العزيز الصديقي[17]  ، وابن عم أبيه عبد الرحمن بن الفقيه الصديقي[18]، وابن عمه محمد بن عزوز بن محمد الصديقي[19]، وابن عمه الطاهر بن حمو الصديقي قاضي الجماعة بمراكش، وأجازه العالم الجهبذ محمد بن إبراهيم السباعي الإدريسي[20] ، وفي مصر : درس على الشيخ المحدث سليم البشري (1385هـ) [21] ، والأصولي محمد بخِيت المطِيعي، وعلي البُولاقي، والمحدث أحمد الرِّفَاعي، ومحمد الطيمُومِي، والنسابة اللغوي الأديب الشهير محمد محمود الشَّنقيطي، ودرس على أعلام الشام مثل: العلامة المحدث الأديب والمؤرخ عبد الرزاق البَيْطَار الدمشقي، ومحمد بدر الدين الدمشقي[22] ، وفي الحجاز  على الشيخ أحمد بن عيسى النَّجْدي[23] ، وحصل في الحجاز على إجازات من شيوخ عدة قال في ذلك:”وأجازني الكثير لمَّا جَاورت بمكة من وفُود الله من أهل اليمن، وأهل الشام، وأهل العراق، وأهل الهند”[24]

تلاميذه:

     طار صيت الشيخ أبي شعيب رحمه الله في كل الأقطار، وسُمع بفضله في كل الأمصار، فتوافد عليه الجمُّ الغفير من طلبة العلم، من أهل المغرب، ومصر، والشام، وأهل العراق، واليمن، والحجاز، وبلاد الحرمين، والهند، وجَاوة، وبُخَارى، وقَازان، والتُّرك، وإنْدونيسيَا، وغيرهم، بحيث يصعب حصرهم وعدّهم، فأحببت هنا أن أذكر أشهرهم، ومنهم: الشيخ هِدايَةُ الله الفارسي الهندي (1335هـ) ، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي نزيل الزبير بالبصرة (1351هـ)، والمحدث الحافظ أبو حامد البطَاوْرِي الرباطي(1355هـ)، والعلامة القاضي الأديب أحمد سكيرج الفاسي (1363هـ)، والشيخ العلامة الحاج سيدي مسعود بن أحمد الوَفْقَاوِي السُّوسي (1366هـ): لازم دروس شيخه الدكالي مدة سنة كاملة في الحرم المكي، والمدني، وأخذ عنه “الشمائل”، و”ألفية بن مالك”، وأجازه[25]، والشيخ المحدث عمر بن حمْدان المحْرسي التونسي نزيل الحرم (1368هـ)، والمؤرخ محمد بن عبد السلام السَّائح الرباطي (ت1368هـ)، والشيخ محمد الحجُّوجي الفاسي الحسني الدّمْنَاتي (1370هـ)، والوزير محمد بن الحسن الحَجْوي الفاسي (1376هـ)، وأجازه في مروياته، والقاضي المحدث الفقيه الأديب الشريف محمد الـمَدَني بن الغازي ابن الـحُسْنِي العَلَمي (1378هـ)، والمؤرخ وزير المعارف والأوقاف رضا الله محمد المختار السوسي (1383هـ)، والعلامة المشارك القاضي عبد الحفيظ بن الطاهر الفاسي الفهري (ت1383هـ)، والعلامة الشريف محمد بن العربي العلوي (1384هـ) ، والشاعر الأديب محمد الجزولي (1393هـ) ، والعلامة المناضل علال الفاسي (1394هـ)، والعلامة محمد العابد الفاسي (1395هـ)، والعلامة المؤرخ عبد السلام بن عبد القادر ابن سودة المري (1400هـ)، والعلامة الأديب عبد الله الـجراري(1402هـ)،  والعلامة المؤرخ محمد بن داود التطواني (1404هـ) ، والشيخ المحدث الرَّحّالي الفَارُوقي السّرغِيني (1405هـ)، والعلامة الأديب عبد الله كَنون (1409هـ)، والأستاذ البحاثة إبراهيم بن محمد الكتاني (1411هـ)، والعلامة المفسر محمد المكي الناصري (1414هـ)[26].

وظائفه:

      تقلَّد الشيخ رحمه الله عدة مناصب مرموقة منها: خِطة القضاء بمراكش (1329هـ) في عهد السلطان عبد الحفيظ، ثم وزارة العَدلية والمعارف (1330هـ) [27]، ورئاسة مجلس الاستئناف الشرعي (1332هـ) في عهد السلطان المولى يوسف[28] ،  ثم قدم استقالته بطلب منه من الوظائف الرسمية عام (1342هـ) ليتفرغ للتدريس، والدعوة إلى الإصلاح في المغرب وخارجه، إلى أن لقي ربه الغفور عام (1360هـ).

ثناء العلماء عليه:

     شهد بفضل العلامة أبي شعيب القاصي والداني، حيث حلاَّه الفقيه الوزير محمد بن الحسن الـحَجْوي (1376هـ) في “مختصر العُرْوة الوُثقى” بقوله:”نادرة النوابغ حفظا، وذكاء، وفهما، وأخلاقا، وليت أرض المغرب؛ بل أراضي الإسلام تكثر من إنبات أمثاله”[29]، وقال الشيخ عبد الحفيظ الفاسي (1383هـ) في “معجم شيوخه“:”أوْحد علماء عصره، وأشهر علماء الغرب في وقته، من أهل التَّفنن في العلوم، والاستبحار فيها، والجمع لها، إمام في علوم الحديث والسنة، وفقه معاني الآثار، والخلاف العالي والنازل…” [30]، وقال في حقه المؤرخ عبد السلام ابن سودة  (1400هـ)، في “إتحاف المطالع“:”آخر حفاظ المغرب ومحدثيه، الشيخ الإمام، علامة الأعلام، المحدث المفسر، آخر من رأينا على طريق الحفاظ المتقدمين الذين بَلَغَنا وَصْفُهم”[31]، وقال العلامة الأديب عبدالله الجراري (1402هـ) في كتابه: ” من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين الرباط وسلا “: “كان نادرة المغرب وأحد علمائه، إمامًا في علوم الحديث والسنة، وفقه معاني الآثار، والخلاف العالي والنازل، ومعرفة أنظار أئمة المذاهب ووجوه أقوالها، والامتياز والاستنتاج، مع حفظ المتون، والجمع بين الروايات، ومعرفة المخرجين والمتابعين، وأنساب الرواة وتراجمهم، داعيةً إلى السُّنة، شديدَ القمع لأهل الأهواء والمبتدعين والمشعوذين، كان آيةً في علوم القرآن وقراءاته، وإعرابه، وناسخه ومنسوخه، وأحكامه ومعانيه، ووجوه بلاغته، وأنواع تفسيره، متقن لعلم القراءات عارف بوجوهها، متمكن في العلوم العربية بأنواعها، ملازم لنشر العلم والدءوب على تدريسه”[32].

آثاره، ومؤلفاته:

      لم أقف للعلامة الدكالي رحمه الله على كتب أو مؤلفات ، وإن كان في مقدوره ذلك، بيد أنه صرف همته إلى التعليم المباشر، ولم يشغلها بتأليف الكتبم، وما أُثِر عنه إنما هي خطب ومحاضرات، وملخصات، وتقاريظ كتب، وأقضية في مسائل حَكَم فيها،وإجازات أجاز بها تلاميذه ومن طلبها من الشيوخ، وبعض الرسائل المتبادلة بينه وبين علماء عصره[33] ، ويرجع سبب ذلك حسب الدكتور عباس الجراري في كتابه:” مع المعاصرين” يقول:” اتخذ التدريس وسيلةً لأنه لم يكن كاتبًا، وحتى لو أنه أراد أن يكتب لأَعْوَزَتْهُ وسائل النشر في هذه المرحلة، وهو واعٍ بالواقع لجأ إلى التدريس باعتباره وسيلة للتبليغ “[34]، فيما يرى تلميذه الآخر العلامة عبد الله كنون أن مكانة العالم ليست بالتأليف؛ وإنما بالآثار التي يخلفها لدى أتباعه، يقول في كتابه :” التّعاشيب“:” أما الكتب فليس بلازم أن يكون للعالم كتب، وأن  يخلف آثارا، قام بمهمة التأليف والبلاغ …وكذلك ألسنا كلنا كتبا وآثارا لفقيدنا العظيم؟؟ ـ يقصد الشيخ شعيبا ـ”[35].

    وذكر المؤرخ ابن سودة في “سل النصال” للدكالي بعض التآليف من خلال فهرسة أحد تلاميذه،  بيد أنه لم يقف لها على آثرة من علم بعد البحث قال:”وفي فهرسة أحد تلامذته وهو الشيخ محمد الحجوجي ذكر فيه أن الشيخ شعيبا هذا له تآليف في” القراءات”؛ و”شرح على المقامات الحريرية”؛ و”شرح على المختصر”، وصل فيه إلى اللقطة بألفاظ الحديث؛ وتأليف على قوله:” خير الأمور أوسطها”؛ وكل هذه التآليف التي ذكر له لم أقف عليها بعد البحث”[36].

صفته، وأخلاقه:

      كان رحمه الله ذا شخصية جذّابة، جمعت بين جَمال الصُّورة، وحُسن السَّمت، ونقاءِ المَخْبر، حيث كان رجلاً طويلا، يميل  إلى السُّمرة، ذا ذكاء حاد، وحفظ خارق، مع روعة الإلقاء في لهجة بدوية، ذات نبرة مشرقية أخَّاذة، تأْلَفُه القلوب، ويُحبه كل  من جَالسه وعَرَفه، دَمِث الأخلاق، نَقِي السريرة، حافظًا للسانه حتى مع خصومه ومخالفيه، وكان ذا نكتة ودعابة يُجِمُّ بها نفوس جالسيه ومُؤانِسيه، وصفه تلميذه العلامة محمد المختار السوسي بقوله:” إن الشيخ شعيبا حي الضمير، ورِيفُ الظّل، عذب الموْرد، سهل الكَنف، قريب الجَنى، يرتبط بالقلوب بسرعة، فيَألف ويُؤلف، ويكاد صدر كل من رآه ولو مرة يتفتح عن صورته الوضَّاءَة التي هي رمزٌ لكل كَمال، فكأن طِينته جمعت من كل القلوب فتمثل بها بشرًا سويّا، فهكذا نعرف الشيخ، وبذلك استولى على أَرْسِنتنا في حياته، وعلى أقلامنا الآن بعد وفاته، وسيعرفه الغد أكثر مما يعرفه اليوم، يوم يُنصب الميزان، وتُوزن الرجال بأعمالها فحينئذ يظهر الرَّاجِح من المرْجُوح”[37].

جهوده في الحديث:

  اعتنى شيخ الإسلام أبو شعيب الدكالي بعلم الحديث رواية ودراية، فقد رحل من أجله، وسمِع وأَسْمَع، وروَى وأَسْنَد، واسْتُجِيز وأجاز، ودَبَّجَ، ودرَّس المصنفات الحديثية العالية، بتراجم رواياتها، وتعدد أخبارها، وتفاصيل أبوابها، وبيان نُكتها، والكشف عن مقاصدها وعللها، واعتني رحمه الله بتدريس الأصول الحديثية، وإفادة الطلبة في فقه الحديث، واشتهرت مجالسه الحديثية، وداع صيتها في البلاد.

        ومن هنا تظهر لنا منهجية الحافظ الدكالي وجهوده في عنايته بالحديث من خلال أربعة محاور أساسية وهي:

 أولا: تدريس أمهات الكتب الحديثية.

ثانيا: رواية هذه الأصول بالأسانيد المتصلة.

ثالثا: منح الإجازة في هذه العلوم لطلبته.

رابعا: حفظه لمتون الحديث.

أولا: تدريسه لأمهات الكتب الحديثية:

     حيث رحل رحمه الله لتلقي علم الحديث إلى الأقطار الإسلامية: مصر والحجاز، وأحيا حين رجوعه علم الحديث في مدن ومساجد ومعاهد المغرب، بعدما كان علما يُتبرك بتلاوة متونه، دون الغوص في معانيه، واستنباط فقهه ومقاصده، فشرع الدكالي رحمه الله يُدرِّس أمهات الكتب الحديثية ويختمها، كالصحيحين، وسنن أبي داود، والترمذي، وابن ماجه، والنسائي، ومسند أحمد بن حنبل، وكتاب الشفا للقاضي عياض[38]، وذلك بمساجد الرباط وزواياه، خاصة الزاوية النَّاصرية ، وجامع القرويين بفاس، وجامع علي بن يوسف ، وجامع المواسِين بمراكش، وآسفي، والجديدة، والدار البيضاء، وتارودانت، والزاوية الشَّرقاوية بأبي الجَعْد، وتطوان، وطنجة، لكن حظيت الرباط بنصيب الأسد من هذه الدروس؛ نظرا لاستقرار الشيخ بها، وكذلك فاس ومراكش بحكم العمل الرسمي.

      وكان أول درس ألقاه الشيخ أبو شعيب إثر  رجوعه من المشرق عام 1321هـ، هو: “شرح موطأ الإمام مالك” في مسجد الشرفاء بالمواسين بمراكش، حضره جمهور غفير من الناس من سائر الطبقات، ومختلف الأعمار والأقدار[39]، وأول دروسه بفاس كان عام 1323هـ، في ” صحيح الإمام البخاري” بجامع القرويين [40] ، ولقيت دروسه إقبالاً مُنقطع النظير من طلبة نبهاء أصبحوا فيما بعد من أعلام الحديث بالمغرب منهم: محمد المدني بن الحُسني، والفقيه محمد الرُّندة، ومن جهوده رئاسته للمجالس العلمية الحديثية السلطانية في عهد ملوك الدولة العلوية الشريفة [41]، وممن كان يحضر له هذه المجالس من الأعلام: محمد المدني بن الحُسني الرباطي، وعبد الله كنون الحسني الطنجيّ، ومحمد بن عبد السلام السائح الرباطي، ومحمد بن إبراهيم الكتاني الفاسي الرباطي، وعبد الله الجراري الرباطي، وعبد الحفيظ الفاسي الرباطي، ومحمد بن اليمني الناصري الرباطي، وأخوه محمد المكي الناصري الرباطي، والشاعر عبد الرحمن حجي السلاوي، والشاعر محمد الجزولي، ومحمد بن العباس الرفاعي الرباطي، ومحمد مصطفى بُوجنْدَار الرباطي، وأبو بكر بن الطاهر زْنَيْبر السَّلاوي، وأحمد بن محمد الزبدي الرباطي، ومحمد بن العباس الجِراري الرباطي، والعربي التَّمْسَمَاني الطنجي، ومحمد بن عبد الواحد بْنُّونَة الرباطي، ومحمد إبراهيم الكتاني، والحاج أحمد مَعْنِينُو السَّلاوي[42].

ثانيا: روايته الأصول الحديثية بالأسانيد المتصلة.

     لقد اعتنى الحافظ أبو شعيب الدكالي رحمه الله بالأصول الحديثية، وروايتها بالأسانيد المتصلة إلى مؤلفيها، فيكون بذلك في طليعة العلماء المغاربة الذين حافظوا على اتصال سلسلة السند المباركة في المغرب الأقصى، ومن المصنفات الحديثية التي يرويها بالإسناد إلى ثبت الأمير الكبير الآتي:

1 ـ أسانيده إلى “الموطأ”:

      ويروي الدكالي موطأ الإمام مالك بن أنس من رواية تلميذه يحيى الليثي: عن شيخه السَّقاط، عن شارحه محمد الزُّرْقَاني، عن والده عبد الباقي، عن علي الأَجْهُورِي، عن محمد بن أحمد الرّمْلي، عن زكريا الأنصاري، عن الحافظ ابن حجر ….”، بأسانيده المتصلة إلى مالك رحمه الله.

      ورواية مُطرف بن عبد الله: فيرويها من طريق شيخه:” السقاط، عن محمد بنَّانِي، عن محمد بن عبد القادر، عن عم والده أبي المكارم محمد بن أحمد بن يوسف، عن القَصَّار، عن التّسُولِي، عن السَّرّاج ….”، ثم يذكر  باقي الإسناد إلى مالك رحمه الله.

     أما رواية محمد بن الحسن الشيباني: فيرويها الدكالي من:” طريق الصَّعيدي، عن محمد بن عقِيلة المكي….”، ثم يذكر  باقي الإسناد إلى مالك رحمه الله[43].

2 ـ أسانيده إلى “البخاري”:

      له عدة أسانيد متصلة إلى البخاري رحمه الله لا يسع المقال ذكرها كلها ، وإنما أذكر له بعضا من طرقه إلى الجامع الصحيح، قال رحمه الله:” حضرته مرة كاملة على شيخنا الصعيدي حال قراءته بالأزهر قراءة دراية، وتحقيق، وتدقيق، كما هو عادته، ثم ابتدأه لنا مرة ثانية فمات في أثنائها رحمه الله رحمة واسعة، وهو يرويه عن مشايخ كثيرة منهم: الشيخ محمد بن عقيلة المكي، قال: أرويه بأعلى سند يوجد في الدنيا، عن الشيخ حسن بن علي العجِيمي، عن الشيخ أحمد بن محمد بن العجل اليمني….. “، ثم ساق الدكالي سندا طويلا يتصل به إلى البخاري رحمه الله “[44].

3 ـ أسانيده إلى “صحيح مسلم”:

    يرويه كذلك من طرق عدة ، أكتفي بواحدة منها وهو قوله رحمه الله:”سمعت جملة كبيرة من أوله عن شيخنا السقاط، وأجازني في سائره، كما أجازني غيره من مشايخي الذين مر ذكرهم به وبغيره، ويروي شيخنا السقاط صحيح مسلم عن الشيخ نور الدين علي العراقي، عن الحافظ السيوطي، عن البُلقيني….”، ثم ساق الدكالي سندا طويلا يتصل به إلى مسلم رحمه الله[45].

4 ـ أسانيده إلى :”سنن أبي داود”:

      يرويه من طرق عدة ، منها قوله :” أرويها عن البدر الحفني إجازة، عن العلامة البديرِي، عن إبراهيم الكُردي، عن صفي الدين القَشَّاش… “، ثم يسوق الدكالي سندا طويلا يتصل به إلى ابن ماجه رحمه الله[46].

5 ـ أسانيده إلى :”الجامع لأبي عيسى الترمذي”:

      يرويه من طرق  إحداها قوله رحمه الله:” وأما الجامع للحافظ أبي عيسى الترمذي: فأرويه مسلسلا بالصوفية عن شيخنا الشيخ علي الصَّعيدي الصوفي، عن شيخه عقيلة المكي الصوفي، عن حسن العجيمِي الصوفي….” ثم يسوق الدكالي سنده المتصل إلى الترمذي رحمه الله [47].

6 ـ أسانيده إلى: “السنن الصغرى للنسائي”:

      يرويه الدكالي من طرق عدة منها على سبيل المثال قوله:” أرويه عن شيخنا الصعيدي، عن الشيخ محمد عقيلة، عن الشيخ حسن، عن محمد بن أحمد بن العجل، عن يحيى بن عبد العزيز بن فهد …….”، ثم يسوق الدكالي سندا طويلا يتصل به إلى النسائي رحمه الله[48].

7 ـ أسانيده إلى :” سنن ابن ماجه”:

      يرويه الدكالي من طرق منها قوله:” فأرويه أيضا عن شيخنا الصعيدي، عن شيخه عقيلة، عن الشيخ حسن، عن الشيخ أحمد، عن الإمام يحيى، عن جده، عن عز الدين المراغِي ….”، ثم يسوق الدكالي سندا طويلا يتصل به إلى ابن ماجه رحمه الله[49].

8 ـ أسانيده إلى:”مسند الإمام أبو حنيفة”:

      يرويه من طريق شيخه :”الصعيدي عن الشيخ عقيلة بالسند السابق مسلسلا بالحنفية…” [50].

9 ـ أسانيده إلى :” مسند الشافعي”:

      فيرويه الدكالي من طريق شيخه:” الصعيدي، عن شيخه عقيلة، عن الشيخ حسن العجيمي….”، ثم ساق باقي الإسناد إلى الإمام الشافعي رحمه الله[51].

10 ـ أسانيده إلى: ” مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني”:

      فيرويه الدكالي من رواية ابنه عبد الله بن أحمد بن حنبل قال :” أرويه بهذا السند إلى الفخر بن البخاري، قال أخبرنا أبو علي بن عبد الله بن المُفرج….”، ثم ساق باقي السند إلى الإمام أحمد رحمه الله”[52].

     كما لأبي شعيب الدكالي أسانيد متصلة لمصنفات حديثية أخرى يرويها عن شيوخه إلى مصنفيها منها: “الأربعون النووية” ، و”شرح معاني الآثار” للطحاوي، و”مسند الهداية” للبرهان المرغِينَانِي، و”مسند الدرامي”، و”الملخص” للحافظ أبي الحسن علي بن محمد بن خلف المعافري المعروف بابن القاسمي، و”مسند الطيالسي” ، و”الأدب المفرد” للإمام البخاري، و”المعجم الكبير، و”الأوسط”، و”الصغير”، و” مكارم الأخلاق” لأبي القاسم الطبراني، و”مسند أبي يعلى الموصلي”، و”السنن” لأبي بكر بن أبي عاصم الشيباني ، و”صحيح” ابن حبان، و”مسند الدارقطني”، و”مستدرك الحاكم”، و”عمل اليوم والليلة” لابن السني، و”سنن البزار”[53].  

11 ـ الأحاديث المسلسلة:

      ومن الأحاديث المسلسلة التي يرويها الدكالي : “المسلسل بقراءة سورة الصف”، و”المسلسل بالسّماع في يوم العيد”، و”المسلسل بالسّماع في يوم عاشوراء”، و”المسلسل بقول كل راو:” إني أحبك فقل: أعني على شكرك وذكرك”، و”المسلسل بالأمر بوضع اليد على الرأس عند آخر سورة الحشر”[54].

ثالثا: منحه الإجازة في هذه العلوم لطلبته.

     كما أجاز  الدكالي رحمه الله عددا من تلاميذه وطلبته منهم: العلامة الحاج مسعود الوَفْقَّاوي من مشاهير علماء سوس[55]، والعلامة المحدث محمد المدني بن الحُسني الرباطي[56] ، والأستاذ عبد الله الجراري الرباطي[57]، والعلامة مولاي أحمد الشبِيهي أجازه في “الكتب الست”، و”الشمائل المحمدية”، و”ختم عليه ستة أجزاء من القسطلاني” ، وعلال الفاسي، ومولاي أحمد النمِيشي ،  والعلامة إدريس بن خضْراء ، ومحمد بن الحسن ابن سودة الفاسي ، وخليل الوَرْزَازي ،والرحالي الفاروقي ، ومحمد بن داود التطواني ، وأحمد بلخياط ، والشيخ محمد العربي النَّاصري، والشيخ يوسف القناعي من الكويت، والشيخ محمد الشنقيطي من علماء موريتانيا، والشيخ عبد الله بن حميد مفتي الحنابلة بمكة المكرمة، والشيخ محمد سلطان المعْصُومي من علماء ما وراء النهر[58].

رابعا: حفظه لمتون الحديث.

     وكان رحمه الله بشهادة تلاميذه وملازميه من الرَّاسخين في علم الحديث رواية ودراية، واستحضارا لأسماء الرواة، وولاداتهم ووفياتهم، وحالهم جرحًا وتعديلا، كما كان يستحضر متون الروايات، مع ملكة الاستنباط، ومعرفة بالخلاف العالي، كما كان يورد الشواهد اللغوية، والشعرية، والفقهية، والقواعد الأصولية  في شرح الأحاديث النبوية فكان رحمه الله موسوعة علمية، يورده في صعيد واحد عند الحاجة إليها، وكان يختم دروسه، خاصة الحديثية منها، باستنباط الأحكام الفقهية منها، ثم يعادل بينها وبين مختصر خليل، ويحْكي الخلاف العالي، وكان في كثير من الأحيان يقوم بدور مناظرة مفروضة بين المالكية وغيرهم، يحتج فيها لكل فريق، وتنتهي غالبا بانتصار المالكية[59].

     وقد شهد له العلماء بالحفظ ، والإمامة فيه منهم: الشيخ محمد بن عبد السلام السائح الذي وصفه بالفحولة فيه قال:” أما حفظ السنة فهو ذلك الفحل الذي لا يجدع أنفه، يملي الحديث الواحد الكثير الطيب مما له ارتباط فني، ويجمع أطرافه المتفرقة، ثم يأخذ في استنباط الأحكام الفقهية منه”[60]، ووصفه الشيخ الحجوي بالنبوغ  في الحفظ بقوله:”نادرة النوابغ حفظا، وذكاء، وفهما، وأخلاقا “[61]، وحلاه بالإمامة في حفظ الحديث الشيخ عبد الحفيظ الفاسي بقوله “:” إمام في علوم الحديث والسنة، وفقه معاني الآثار، والخلاف العالي والنازل…” [62]، وهذا النبوغ الحديثي للدكالي رحمه الله حمل الشيخ عبد السلام ابن سودة على  أن يقرر في حقه أنه:”آخر حفاظ المغرب ومحدثيه، الشيخ الإمام، علامة الأعلام، المحدث المفسر، آخر من رأينا على طريق الحفاظ المتقدمين الذين بَلَغَنا وَصْفُهم”[63].

     ومن الكتب الحديثية التي يحفظها كتاب: ” الموطأ للإمام مالك بن أنس”، حسبما ذكره ابنه العلامة عبد الرحمن الدكالي أن والده حفظه في الريف[64]، وبذلك يكون الموطأ أول كتاب حديثي يحفظه الشيخ[65]، كما صرف همته وعكف على حفظ صحيح الإمام البخاري وغيره من كتب الحديث لما كان طالبا بالأزهر ، وأثناء لزوم حلقة “البخاري” عند شيخه المحدث سليم البشري، “حتى استطاع أن يستحضر بعد عشرة أعوام مائة ألف حديث من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم”[66].

وفاته:

     التحق شيخ الإسلام أبو شعيب الدكالي رحمه الله بالرفيق الأعلى بعد عمر مليء بالعطاء والتعليم يوم الجمعة السابع من جمادى الأولى عام(1356هـ) الموافق لـ 16/7/1937م، واختاره الله جل في علاه إلى جواره بعد مرض عانى منه، وشيعت جنازته في حفل مهيب حضره الأشراف، والعلماء، والوزراء، وسائر طبقات الناس، ودُفن يوم السبت بضريح مولاي المكي بن محمد بالرباط بوصية منه[67]، وأُلقيت في موته القصائد والمراثي رحمه الله تعالى وبرد مضجعه.  

الخاتمة:

      أحمد الله عزو وجل الذي وفقني لإتمام هذا المقال الذي حاولت من خلاله أن أسلط الضوء على زاوية من الزوايا التي نبغ فيها العلامة الأجل أبي شعيب الدكالي رحمه الله، وهو علم الحديث، رواية ودراية، وهو بحق ابن بَجْدَتِها، والقَمِينُ بها، ومهما حاولت فلنْ يوف حرفي الموضوع حقه، إذا هو عملاق من عمالقة الفكر في الأعصر المتأخرة، وخاتمة حفاظه، بل هو مدرسة رائدة في الحديث، والفقه، والتفسير، والقراءات، واللغة، والعلل، وفقه الحديث، وهو يحتاج لوحده لدراسة معمقة في هذه الجوانب العلمية كلها، مما يسترعي لفت الانتباه لدى الناشئة المغربية للعناية بأعلامهم، ومفكريهم والوقوف عند نَتَاجِهم، وآثارهم، لنشرها والإفادة منها.

فأسأل الله عز وجل أن يرحم أبا شعيب الدكالي، وينور مضجعه، ويرفع قدره، وأن يتقبل مني هذا العمل بمنه وجوده وكرمه آمين.

 *************

جريدة المراجع:

 

1.إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع: لعبد السلام بن عبد القادر ابن سودة، ت: محمد حجي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، 1997م.

2. آسفي و ما إليه قديما و حديثا: لأبي عبد الله محمد بن أحمد العبدي الكانوني، ط1، د.تا.

3. أعلام المغرب العربي: لعبد الوهاب بن منصور،  المطبعة الملكية بالرباط، 1399هـ/1979م.

4. الأعلام قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين: لخير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، ط15، 2002م.

5. ترجمة شيخنا العلامة المحدث أبي شعيب الدكالي: لتلميذه جعفر بن خالد الناصري ت: بن عزوز ، المركز التراث الثقافي ، الدار البيضاء، و دار ابن حزم، لبنان، ط1، ، 2005م.

6.التعاشيب: لعبد الله كنون، دار الكتاب اللبناني، بيروت,  1979م.

7. الحركة السلفية الإسلامية بالمغرب ونزول الشيخ أبي شعيب الدكالي بالرباط: لمحمد بن عبد السلام السائح، مجلة دعوة الحق السنة 12 العدد 2 .

8.الحكم العطائية: لابن عطاء الله الإسكندري، شرح: ابن عباد النفزي الرندي، ت: محمد عبد المقصود هيكل، مراجعة: د. عبد الصبور شاهين، مركز الأهرام، القاهرة، ط1، 1408هـ/1988م.

9.سل النصال للنضال بالأشياخ وأهل الكمال: لعبد السلام بن عبد القادر ابن سودة المري، ت: محمد حجي، دار الغرب الإسلامي، ط1 ، 1997م.

10. الشيخ أبو شعيب الدكالي: أكاديمية علمية تسير على رجليها، وتغير معها مجرى التاريخ: لعبد الحكيم بركاش، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط ط1، 1989م.

11.الشيخ المبدع محمد بن عبد السلام السائح: عبد الله الجراري، ضمن شخصيات مغربية 4، مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء، ط1، 1399هـ/1979م.

12. شيخ الإسلام أبو شعيب الدكالي الصديقي وجهوده في العلم والإصلاح والوطنية، مع ذكر ثلة من تلاميذه وآثاره: د. محمد رياض، ط1، 1426هـ/2005م.

13.قبيلة زعير قديما وحديثا: لمحمد بن عمر ابن سودة  التاودي ، مطبعة دار النشر المغربية 1986م.

14.قدم الرسوخ فيما لمؤلفه من الشيوخ: لأحمد سكيرج الفاسي، دار الأمان، الرباط، ط1، 2011م.

15.المجالس العلمية السلطانية على عهد الدولة العلوية الشريفة: ذ. آسية البلغيثي، وزراة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، 1416هـ/1996م.

16.المحدث الحافظ أبو شعيب الدكالي: لعبد الله الجراري، ضمن سلسلة شخصيات مغربية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء 1396هـ /1976م. 

17. مختصر العروة الوثقى في مشيخة أهل العلم والتقى: لمحمد بن الحسن الحجوي الثعالبي الفاسي، ت: د. محمد بن عزوز، دار ابن حزم، ط1، 1324هـ/2003م.

18.مع المعاصرين: أسماء وآثار في الذاكرة والقلب: د. عباس الجراري، من منشورات النادي الجراري، مطبعة الأمنية ،الرباط، ط1، 1431 ﻫ/ 2009م.

19. معجم الشيوخ المسمى: رياض الجنة، أو المدهش المطرب: لعبد الحفيظ بن محمد الطاهر بن عبد الكبير الفاسي، ت: عبد المجيد خيالي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1424هـ/2003م.

20.معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار: لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي، ت : بشار عواد معروف، وشعيب الأرناؤوط، وصالح مهدي عباس، مؤسسة الرسالة، بيروت ط1 ، 1404هـ.

21.معلمة المغرب: من إنتاج الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، مطابع سلا، 1410هـ/1989م.

22.من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين الرباط وسلا: لعبد الله الجراري 1969م.

23.من أعلام المغرب العربي في القرن الرابع عشر: لعبد الرحمن بن محمد الباقر الكتاني، دار البيارق، ط1، 2001م.

24.نظم الدرر واللآلي في ترجمة أبي شعيب الدكالي: مقال لمحمد عز الدين المعيار الإدريسي، منشور في مجلة دعوة الحق،  العدد 294 جمادى 1-جمادى 2/ نونبر-دجنبر 1992م.

25.النعيم المقيم: في ذكرى مدارس العلم، ومجالس التعليم: لمحمد بن محمد المُرير التطواني ، منشورات جمعية تطاون أسمير، سلسلة تراث 9، ت: ذ. أحمد بن محمد المرير، مراجعة: د. جعفر ابن الحاج السُّلمي، 1430هـ/2009م.

هوامش المقال:

************

 

[1] – معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار: للذهبي (2 /694).

[2] – شيخ الإسلام أبو شعيب الدكالي: د. محمد رياض (ص: 676) بتصرف، وكتاب الأقنوم مخطوط غير منشور.

[3] ـ مصادر الترجمة: قدم الرسوخ: لسكيرج (ص464)، ومختصر العروة الوثقى: للحجوي (ص106) ، ومعجم الشيوخ: لعبد الحفيظ الفاسي(ص: 240)، والنعيم المقيم: لمحمد المُرير التطواني (7 /87)، وسل النصال(ص82)، وإتحاف المطالع(2 /477): لابن سودة، ومقال: الحركة السلفية الإسلامية بالمغرب: لمحمد السائح (ص: 39)، وقبيلة زعير قديما وحديثا: لمحمد ابن سودة (2 /221)، ومن أعلام الفكر المعاصر: لعبد الله الجراري(2 /269)، والمحدث أبو شعيب الدكالي: أيضا  لعبد الله الجراري، وأعلام المغرب العربي: لعبد الوهاب بن منصور (2 /198) ، ومعلمة المغرب (4063)، والأعلام: للزركلي(3 /167)، وترجمة شيخنا العلامة المحدث أبي شعيب الدكالي: لجعفر الناصري، وشيخ الإسلام أبو شعيب الدكالي: د. محمد رياض، ومقال: “نظم الدرر واللآلي في ترجمة أبي شعيب الدكالي”: لمحمد عز الدين المعيار الإدريسي، والشيخ أبو شعيب الدكالي: لعبد الحكيم بركاش، ومع المعاصرين: لعباس الجراري (ص: 166).

[4]  ـ  شيخ الإسلام أبو شعيب الدكالي: د. محمد رياض (ص: 97) بتصرف.

[5]  ـ  انظر أصل الشيخ في: المصدر السابق(ص:92).

[6]  ـ  آسفي وما إليه: للعلامة الكانوني العبدي (ص:31).

[7]-  معجم الشيوخ: لعبد الحفيظ الفاسي(ص: 240).

[8]-  المحدث الحافظ أبو شعيب الدكالي: لعبد الله الجراري (ص: 17).

[9] – الحكم العطائية” الحكمة الحادية عشرة” (ص: 48).

[10] – شيخ الإسلام أبو شعيب الدكالي: د. محمد رياض (ص: 108) بتصرف.

[11] – المصدر السابق(ص: 110) بتصرف.

[12]  ـ  قبيلة زعير قديما وحديثا: لمحمد بن عمر ابن سودة التاودي (2 /223).

[13]  ـ  المحدث الحافظ أبو شعيب الدكالي: لعبد الله الجراري (ص: 18).

[14]  ـ  الأعلام لخير الدين الزركلي (3 /167)، وأعلام المغرب العربي: لعبد الوهاب بن منصور(2/ 198).

[15] – انظر تفاصيل ذلك في : قبيلة زعير (2 /224)، والمحدث الحافظ أبو شعيب الدكالي: لعبد الله الجراري (ص:18).

[16] – انظر توليته القضاء في: شيخ الإسلام أبو شعيب الدكالي: د. محمد رياض(ص: 239).

[17] – المصدر السابق (ص: 100) بتصرف.

[18] – المصدر السابق (ص: 106).

[19] – المصدر السابق (ص: 107).

[20] – انظر نص هذه الإجازة في: المصدر السابق (ص: 113).

[21] – المصدر السابق (ص: 141). من طريقه روى الدكالي أسانيد الكتب الحديثية، وهو الذي رشحه لمنصب الإفتاء والإمامة بالحجاز.

[22] – شيخ الإسلام أبو شعيب الدكالي: د. محمد رياض (ص: 156).

[23] – المصدر السابق (ص: 165).

[24] – المصدر السابق (ص: 100).

[25] – المصدر السابق (ص: 182-183)، والمعسول (3 /60).

[26] – انظر تلاميذه في: المصدر السابق  (الصفحات: 7- 97- 107-  187- 201- 226- 388-391- 401)، و(من ص: 733، إلى: ص:775).

[27] – المصدر السابق (ص: 247).

[28] – المصدر السابق ( ص: 256).

[29] – مختصر العروة الوثقى: للحجوي(ص: 122).

[30] – معجم الشيوخ: لعبد الحفيظ الفاسي(ص: 240 – 241).

[31] – إتحاف المطالع (2/477).

[32] – من أعلام الفكر المعاصر بالعدوتين الرباط وسلا: للجراري (2 /269).

[33] – انظر بعضا منها في: شيخ الإسلام أبي شعيب الدكالي: د. محمد رياض (من الصفحة: 461، إلى الصفحة: 640).

[34] – مع المعاصرين: للجراري (ص: 166).

[35] – التعاشيب: لكنون (ص: 91).

[36] – سل النصال (2/477).

[37] – شيخ الإسلام أبو شعيب الدكالي: د. محمد رياض (ص: 449).

[38] – المحدث الحافظ أبو شعيب الدكالي: لعبد الله الجراري (ص: 85-91).

[39] – شيخ الإسلام أبو شعيب الدكالي: د. محمد رياض(ص: 43).

[40] – المصدر السابق (ص: 54).

[41] – المجالس العلمية السلطانية على عهد الدولة العلوية الشريفة: ذ. آسية البلغيثي (2 /87 -109-120).

[42] – انظر مجالسه الحديثية، ومن يحضره من طلبته وتلاميذه في: شيخ الإسلام أبو شعيب الدكالي: د. محمد رياض (ص:399 – 579) .

[43] – انظر أسانيده إلى الموطأ في : شيخ الإسلام أبو شعيب: د. محمد رياض (ص: 547).

[44] – انظر أسانيده إلى البخاري في: المصدر السابق  (ص: 548- 549 -550).

[45] – انظر أسانيده إلى مسلم في: المصدر السابق  (ص: 550-551).

[46] – انظر أسانيده إلى أبي داود في: المصدر السابق  (ص: 551-552).

[47] – انظر أسانيده إلى جامع الترمذي في: المصدر السابق  (ص: 552-553-554)

[48] – انظر أسانيده إلى السنن الصغرى للنسائي في: المصدر السابق  (ص: 554- 555)

[49] – انظر أسانيده إلى سنن ابن ماجه في: المصدر السابق  (ص: 555).

[50] – انظر أسانيده إلى مسند أبي حنيفة في: المصدر السابق (ص: 555).

[51] – انظر أسانيده إلى مسند الشافعي في: المصدر السابق (ص: 556).

[52] – انظر أسانيده إلى مسند أحمد في: المصدر السابق (ص: 556).

[53] – انظر أسانيده إلى هذه الكتب الحديثية في : المصدر السابق (ص: 559_ 564).

[54] – انظر أسانيده إلى هذه المسلسلات في: المصدر السابق  (ص: 565_ 570).

[55] – شيخ الإسلام أبو شعيب الدكالي: د. محمد رياض (ص182-183)، والمعسول (3/60).

[56] – انظر نص إجازته في: شيخ الإسلام أبو شعيب الدكالي: د. محمد رياض (ص: 572-571).

[57] – انظر: نص إجازته في: من أعلام الفكر المعاصر (2/72)، وشيخ الإسلام أبو شعيب الدكالي: د. رياض (ص:399).

[58] – وتجد نصوص وإجازاتهم في : شيخ الإسلام أبو شعيب الدكالي: د. محمد رياض  (ص: من 399 إلى 579).

[59] – انظرها في: المصدر السابق(ص: 38).

[60] – الشيخ المبدع محمد بن عبد السلام السائح: عبد الله الجراري (ص: 97).

[61] – مختصر العروة الوثقى: للحجوي(ص: 122).

[62] – معجم الشيوخ: لعبد الحفيظ الفاسي(ص: 240 – 241).

[63] – إتحاف المطالع (2 /477).

[64] – شيخ الإسلام أبو شعيب الدكالي: د. محمد رياض (ص125).

[65] – وقد أكد ذلك الدكتور محمد رياض في كتابه: شيخ الإسلام أبو شعيب الدكالي (ص176).

[66] – المصدر السابق.

[67] – شيخ الإسلام أبو شعيب الدكالي: د. محمد رياض (ص: 454) بتصرف.

* راجع المقال الباحث: يوسف أزهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق