مركز ابن البنا المراكشي للبحوث والدراسات في تاريخ العلوم في الحضارة الإسلاميةقراءة في كتاب

العلوم عند المسلمين: مقدمة مصورة

 

عبد العزيز النقر

مركز ابن البنا المراكشي

  • العنوان الأصلي: Science in Medieval Islam
  • تأليف: هوارد تيرنرHoward R. Turner
  • الناشر:المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، المشروع القومي للترجمة، ط1، 2004. 305 صفحة.
  • ترجمة: فتح الله الشيخ
  • مراجعة: أحمد عبد الله السماحي

 

سنقدم في ما يلي من سطور تلخيصا للأفكار الأساسية التي انطوى عليها هذا الكتاب الذي يُعد بمثابة مدخل عام لتاريخ العلوم العربية. ونود أن نشير بداية إلى مسألتين: أ- غالبا ما يذهب ظن القراء إلى أن الكتب التي تحتوي على عناوين فرعية من قبيل “مقدمة مصورة An IllustratedIntroducion” لا تعدو كونها مداخل عامة موجهة للأطفال أو الشباب، ولا نعتزم مناقشة عدم دقة وعدم صواب هذا الرأي، ونكتفي بالإشارة إلى أن مسألة إرفاق بعض الكتب بالصور أمر بالغ الأهمية، خصوصا بالنسبة لكتب تتناول مواضيع كتاريخ العلوم. فعندما يتحدث المؤلف مثلا عن أسطرلاب معين أو عن بعض الآلات مقدما وصفا لها، فإن القارئ مهما كان خصب الخيال فلن يستطيع تصور ذلك الشكل كما هو، في حين تكفي صورة واحدة لدرء كل هذه الصعوبات. ب- رغم أن علمي “التنجيم” والخيمياء” (السيمياء حسب المترجم) كانا يعتبران علمين في العصور الوسطى ويدرسان حاليا ضمن تاريخ العلوم باعتبارهما كذلك، إلا أننا ارتأينا عدم التطرق لهما ضمن هذا الملخص مركزين على مباحث أخرى أهم.

يشير المؤلف في التقديم إلى أن هذا الكتاب يستند بالأساس إلى الأبحاث التي أجراها الكاتب نفسه في سياق إعداده لمعرض خاص بتاريخ العلوم والفنون في العالم الإسلامي باعتباره مسؤولا آنذاك عن المعارض العلمية. وقد استعان في ذلك بمساعدة بعض مؤرخي العلوم العربية البارزين على الصعيد العالمي، ويخص المؤلف بالذِكر منهم خمسة: عبد الحميد صبره وسامي حمارنة ودفيد كينج وجميل رجب وجورج صليبا. كما أشار في تقديمه هذا إلى أن الكتاب موجه للعموم وليس للمتخصصين بالدرجة الأولى، مشيرا أيضا إلى أنه رغم أن مؤلف الكتاب ينتمي لثقافة غربية،إلا أنه أخذ بعين الاعتبار الجانب الديني والتنوع العرقي الذي أنجزت في إطاره هذه العلوم في البلدان الإسلامية في الفترة الكلاسيكية.

يذهب الكاتب إلى أن منجزات الحضارة العربية الإسلامية أسهمت في بروز عصر النهضة الأوربية وفي العديد من تحولات المجتمعات الغربية. ولئن كانت العديد من هذه الإنتاجات الفنية والأدبية معروفة منذ مدة لدى الغربيين، فإن هناك إنتاجات أخرى متعددة لم تنل قسطا من الاهتمام الكافي، وهي اهتمامات تتعلق أساسا بما قدمه فلاسفة وعلماء اشتغلوا في ظل الحضارة الإسلامية. علماء كانوا ينتمون لأعراق وديانات مختلفة ومتنوعة، لدرجة يمكن القول معها أن هذه كانت “أول مجموعة متعددة الأعراق والأجناس في تاريخ العالم“.[1] وقد وجد هؤلاء العلماء والفلاسفة في متناول أيديهم تراثا تاريخيا غنيا ومتعدد المشارب، تراث إغريقي وهندي وفارسي … فما كان منهم إلا أن عملوا على نقله إلى اللغة العربية مسهمين من جهتهم في تجديده ونقده، وكذا تطويره. وقد توزت جهودهم على العديد من المباحث العلمية، كالرياضيات والفلك والبصريات والطب… وبذلك فقد أسهموا في “تشييد صرح متجانس وغير مسبوق من المعرفة، أصبح في الحقيقة أول علم عالمي في التاريخ“.[2]

عمل المؤلف في الفصل المعنون بـ”الإسلام الإمبراطورية” على رصد المسار التاريخي والسياسي، وكذا الامتداد الجغرافي الذي ميز الحضارة العربية الإسلامية، كما أشار إلى أهمية وانعكاس هذه العوامل على الانتاجات العلمية والفنية والفكرية التي قدمها فلاسفة وعلماء ومفكرو الإسلام عموما. تطرق الفصل الموالي إلى بعض خصائص العقيدة الإسلامية مع الإشارة إلى اشتراك الدين الإسلامي في بعض العناصر مع الديانتين التوحيديتين الأخريين، اليهودية والمسيحية، واختلافه عنهما في أمور أخرى.كما أشار أيضا لبعض خصائص القانون الإسلامي معتبرا أنه “كان يشجع على إقامة النظام والعدالة في إدارة علاقات الحياة اليومية للمدينة والقرية[…] ومنذ البداية جاء القانون الإسلامي – مثله مثل العقيدة – ليزود كل مسلم بالمعرفة الكافية عن واجباته وحقوقه ليحافظ بذلك على الطريق القويم في الدينا ويتزود لحياته الأخرى“.[3]

يذهب المؤلف إلى أن العامل الديني شكل عاملا مهما في اللحمة القوية بين عموم المسلمين على امتداد أربعة عشر قرنا من الزمن، أما العامل الثاني في هذه اللحمة فقد كان هو اللغة العربية التي يعلق عليها الكاتب بقوله أنه “من النادر أن نجد عقيدة أو فكرا أو تعبيرا عن المشاعر قد حظي بأداة أكثر تفردا أو مواءمة وغنى عن اللغة العربية ودورها في الدين الإسلامي“.[4]  كما اعتبر اللغة العربية لغة سلسة ومرنة تسمح بأداء كل “أنواع الكتابة والخطابة سواء كانت دينية أو فلسفية أو تكنولوجية“. وكان من مميزات هذه اللغة أنها أضحت لغة التواصل بين أجناس وأعراق مختلفة ينتمون كلهم إلى حضارة واحدة، كما لعبت هذه اللغة دورا مهما في عملية التواصل بين العلماء المنتمين للمراكز الثقافية المختلفة داخل الحضارة الإسلامية، وهو ما أسهم – إضافة إلى عوامل أخرى – في تقدم وتطور المستوى الثقافي في كل تجلياته. ولا تزال اللغة العربية حتى يومنا هذا توفر “الاحتياجات الثقافية في العالم الإسلامي وتوحد شعوبه روحيا ووجدانيا“.[5]

أسهمت مجموعة من العوامل في إقبال المسلمين على العلم والمعرفة، يأتي في مقدمتها حث الدين الإسلامي على تعلم العلم وتأكيده على أهميته وفضله في الدار الدنيا والآخرة. كما سمح انفتاح الحضارة الإسلامية – على المستوى التجاري- على باقي المناطق التي تضم شعوبا وأجناسا وتقاليد وعادات مختلفة ومتباينة “على تنشيط التقدم في التعليم وتقوية حس المغامرة الذهنية“.[6] ستؤدي هذه العوامل، وغيرها، إلى إقبال علماء الإسلام على المعرفة مما أدى، بعد فترة معينة، إلى ظهور إنتاجات ثقافية بالغة الأهمية على مستوى العلوم والفنون.ويرى المؤلف أن أفضل منطلق لعرض الإسهامات العلمية في عمومها هو البدء من “الخلفية الثقافية التي عاش وأنتج فيها العلماء المسلمون أعمالهم“. إن اختيار الكاتب لهذا المنطلق صائب إلى أبعد الحدود، ففي نهاية المطاف لا يمكن عزل الإنتاجات العلمية والفلسفية، وحتى الأدبية، عن السياق الاجتماعي والثقافي العام الذي نشأت وتطورت في أحضانه، فمهما بلغ العلم من التجريد إلا أنه لا يمكنه أن ينفصل بشكل مطلق عن محيطه، على الأقل في بدايته ونشأته، سواء من حيث القضايا والإشكالات التي أسهمت في بروزه أو في الكيفيات والطرائق والمفاهيم التي يعتمدها كعدة لمقاربة تلك المسائل أو حل تلك الإشكالات.

   يرى المؤلف أن المسلمين لم يكونوا يتوفرون في البدايات الأولى على ما يسميه الغرب “فلسفة”. وقد كانت اجتهاداتهم النظرية الأولى تتركز على النظر في بعض الآيات القرآنية لمناقشة بعض الأمور في إطار ما سُمي بعلم الكلام. لكن الأمر سيتغير مع الانتشار السريع للإسلام وتوسع الدولة الإسلامية في العديد من المناطق التي تضم شعوبا غير مسلمين يتوفرون على تراث ثقافي غني في مجالي الفلسفة والعلوم، تراث كان في أغلبه يونانيا وهنديا وفارسيا.حيث سيرى بعضهم أنه من المهم الاستفادة من هذه الكنوز الثقافية واستثمارها في خدمة الفكر والمجتمع الإسلاميين. لذا، فإنه “بمرور الوقت وبعد أن استقرت الإمبراطورية الإسلامية، أدى هذا التراث إلى مزيج عبقري غير عادي للمفاهيم والحجج الفلسفية“.[7] يُعتبر الكندي أول فيلسوف عربي، وقد كان من الأوائل الذين دعوا إلى ترجمة الأعمال الفلسفية لأرسطو، ولم يقتصر إسهامه على مجال الفلسفة فقط، بل كان أيضا متميزا في البصريات والفيزياء والرياضيات… أما الشخصية الثانية البارزة في المجال الفلسفي فقد كان هو أبو نصر الفارابي الذي لقب بـ’المعلم الثاني” (نظرا لأن أرسطو كان يُلقب بالمعلم الأول). ويرجع لهتين الشخصيتين فضل ومجهود “إرساء قواعد الفلسفة الإسلامية”. سيشهد القرن الحادي عشر بروز “عبقري الفلسفة والطب” ابن سينا الذي يعد من أبرز الفلاسفة المشائين، كما تعدى تأثيره حدود العالم الإسلامي آنذاك، حيث نجد صدى لآرائه لدى السكولائية في العصر الوسيط. سيظهر أيضا في نفس هذا القرن أبو حامد الغزالي الذي لعب دورا مهما في “تنشيط الفكر الإسلامي” إبان هذا القرن.أما الشخصية الأبرز التي شهدتها الأندلس فهو ابن رشد الذي “ترك بصمات على كل من الفكر المسيحي واليهودي“.[8]

   وصل إلى الحضارة الإسلامية ميراث تقافي، علمي وفكري، متنوع جدا وغني. ميراث أسهمت فيه حضارات عريقة على امتداد قرون طويلة من الزمن، كالحضارة البابلية والمصرية واليونانية والهندية …وقد تمازجت آثار كل هذه الإسهامات داخل الحضارة الإسلامية، حتى غدت مدن كقرطبة والقاهرة وبغداد ودمشق مراكز ثقافية مزدهرة حضاريا وفكريا، هذا في حين “ظل المفكرون الغربيون ولفترة طويلة يعلمون تلاميذهم تاريخ العصور الوسطى متمحورا حول أوروبا على الرغم من حقيقة أن الإسلام كان قوة ثقافية وتجارية حيوية متفردة طوال ستة قرون على الأقل“.[9]تميزت الحضارة العربية الإسلامية باحتواء ديانات وشعوب مختلفة، منهم المسيحيون واليهود والصابئة والهنود والفرس … وقد أسهم جل هؤلاء بحظ وافر في الإنتاجات العلمية والمعرفية للحضارة الإسلامية، لذلك فوصف هذا العلم بالعربي لا يعدو كونه الإشارة إلى الإنتاج العلمي المكتوب بهذه اللغة. كما أسهم العديد من هؤلاء في نقل المتون الفلسفية والعلمية إلى اللغة العربية،وكان من ثمار عملية الترجمة هذه أن توفر للمسلمين أهم النصوص الفلسفة والعلمية اليونانية، كأعمال أرسطو وأفلاطون وبطلميوس وأرخميدس وأبقراط … توفرت نصوص هؤلاء في ترجماته العربية في جل المناطق الإسلامية “من فارس وحتى إسبانيا”. كما أبدت اللغة العربية في عملية الترجمة هذه قدرة ومرونة كبيريتين في استيعاب القضايا الدقيقة والمفاهيم العلمية والفلسفية المجردة. ولا ينفي هذا من طبيعة الحال بعض الصعوبات التي واجهها العلماء المترجمون، لكنها صعوبات تم تذليلها فيما بعد من خلال مراجعة وتجويد وتدقيق بعض الترجمات السابقة.ونظرا لبعض الحاجيات الخاصة بمتطلبات المجتمع الإسلامي من الناحية الدينية والعملية، فقد حظيت علوم كالطب والرياضيات وعلم الفلك “بأولوية في الأعمال المختارة للترجمة“. ولن يحل القرن الحادي عشر إلا وقد تكفلت السلطة السياسية بإنشاء مؤسسات مخصصة لحفظ هذه الإنتاجات العلمية القيمة واستثمارها في خدمة المجتمع الإسلامي. كما شهدت الحضارة الإسلامية ظهورا وانتشارا كبيرا للمكتبات العامة والخاصة ولمؤسسات التعليم والبحث العلمي، وإن كانت أهم هذه المؤسسات والمكتبات قد تواجدت في المراكز الثقافية الكبرى التي كانت في نفس الوقت مركزا للسلطة السياسية آنذاك، كمدينة بغداد والقاهرة وقرطبة …

   شهدت الحضارات القديمة تصورات كوسمولوجية مختلفة، كما هو الحال لدى المصريين والبالبليين واليونانيين والصينيين، وقد كان معظم هذه التصورات متداخلا مع تصورات دينية وأسطورية وفلسفية وعلمية.سيشهد علم الفلك في الفترة اليونانية، خصوصا في الفترة الهلينيستية، استخداما مهما للأشكال الرياضية في التعبير عن بعض التصورات الفلكية. يمثل كتاب المجسطي لبطلميوس أهم النصوص الفلكية التي ستهيمن على مجمل الدراسات الفلكية في العصر الوسيط بما في ذلك الحضارة العربية الإسلامية. لا ينفي هذا وجود تصورات كوسمولوجية أخرى مخالفة لتصورات علماء الفلك العرب والمسلمين، كالتصور الكوسمولوجي لابن عربي المرسي الذي يمتح من أرضية صوفية.يمكن القول إجمالا أن جهود الفلكيين المسلمين (أي الذين اشتغلوا في إطار الحضارة الإسلامية بما فيهم غير المسلمين) تركزت على إصلاح بعض تناقضات المجسطي من خلال محاولة “التوفيق بين نموذج بطليموس عن الكون والمكافئ الرياضي الذي يصف هذا الكون ويتمشى مع ما صاروا يعتقدونه بالنسبة للواقع وحركات الأجرام السماوية الواقعية“.[10]

شكل مجال الرياضيات أبرز مجال تجلت فيه بوضوح أهمية وقيمة “الإنجازات التاريخية الإسلامية” بخصوص الحفاظ على تراث الأوائل وتطويره علميا واستثماره عمليا. تشكل هذا التراث الذي وصل للمسلمين من مصادر متعددة يرجع الإسهام فيها إلى أربعة آلاف سنة خلت،أي منذ المصريين القدامى مرورا بالبابليين، ووصولا إلى اليونانيين في المرحلة الهلينيةوالهلينيستية، حيث سيضع في هذه الفترةأقليدس، الذي عاش بالإسكندرية، أهم كتاب رياضي في العصر القديم والوسيط، وهو كتاب الأصول في الهندسة. سيصل هذ العمل البديع الدقيق، وغيره من الأعمال الرياضية اليونانية،إلى الحضارة العربية الإسلامية في وقت مبكر ليتم ترجمتها في مدن كجنديسابور وبغداد. كما سيتعرف المسلمون على بعض الإسهامات الهندية الرياضية “عن طريق الروابط التجارية مع الهند.وبذلك التقت طريقتان مختلفتان جذريا في الدراسات الرياضية خلال القرون الأول للثقافة الإسلامية: الاتجاه الإغريقي الذي يميل لرؤية المفاهيم هندسيا، والاتجاه البابلي الذي يكرس الحساب الستيني مع القيم المكانية للأعداد واستخدام القيم المكانية العشرية القادمة من الهند“.[11] لم يمض وقت طويل على تعرف المسلمين على هذا الإرث الرياضي حتى شرعوا في “نقد الأفكار والصياغات والتفاصيل التي وجدوا أنها إما غير دقيقة وإما غير مستقرة على حال أو بالأخرى غير صحيحة“.[12]ورث العلماء المسلمون عن الحضارات السابقة ثلاث أنظمة للحساب، يعتمد النظام الأول على استعمال أصابع اليد حيث تعبر أوضاع معينة لهذه الأصابع عن العمليات الحسابية، وبعد الحصول على النتيجة تكتب هذه الأخيرة بواسطة الكلمات. أما النظام الثاني فيرجع للبابليين الذين عبروا عن الأعداد بواسطة حروف أبجدية، في حين اعتمد النظام الثالث، الذي يرجع في أصله إلى الهند، في التعبير عن الأعداد على تسعة أرقام إضافة إلى الصفر الذي كان “يشير إلى مكان خال”.هذا دون أن ننسى الإشارة إلى أن النظام الذي كان معتمدا قبل ذلك هو النظام الستيني الذي سيحل محله النظام العشري المفيد أكثر في تسهيل وتيسير العمليات الحسابية.

اعتمد المسلمون شكلين في كتابة الأعداد، انتشر أحدهما في المشرق الإسلامي، بينما سينتشر الآخر في غربه، وقد ورث العالم الغربي هذا الشكل المستعمل في الغرب الإسلامي وأطلقوا عليه عبارة “الأعداد العربية”.أما مجال الهندسة فيرجع فضل التعرف عليه أساسا إلى كتاب الأصول لأقليدس، حيث سيدرس علماء الإسلام خصائص الأشكال الهندسية وبعض المسائل المرتبطة بها دراسة رياضية وفلسفية. يمكن القول عموما أن المسلمين استطاعوا استثمار الأداة الرياضية بشكل جيد في حل العديد من المشاكل المرتبطة بالحياة اليومية أو بالمسائل المتعلقة ببعض الأمور الشرعية.كمااستطاع المسلمون أن يضيفوا مباحث رياضية جديدة، أبرزها علم الجبر وعلم المثلثات. فعلم “الجبر مدين لعلماء الرياضيات المسلمين بالكثير جدا – فهو منهج في معظمه من إبداعهم. […] وحساب المثلثات هو الآخر إبداع إسلامي في أساسه، وخاصة فيما يتعلق بدراسة المثلثات المستوية والكروية. وقد حظي حساب المثلثات بقوة دافعة عظيمة كمنهج لمتطلبات الفلكيين المعنيين برسم خرائط المواقع في القبة السماوية“.[13]

إن ما قيل عن الرياضيات سابقا يمكن قوله إجمالا عن علم الفلك، فهذا العلم بدوره عرف مساهمات شعوب مختلفة على امتداد التاريخ. شكل علم الفلك الإغريقي وبعض الإسهامات الفلكية الهندية أساس ما ورثه المسلمون من هذا العلم الذي تم اعتباره آنذاك من العلوم الرياضية، هذه العلوم التي تضم إضافة إلى علم الفلك كلا من علمي الحساب والهندسة والموسيقى. لم يكن من اليسير التمييز بين الكوسومولوجيا وعلم الفلك في القرون الأولى لدى الإغريق، فقد اعتبر هؤلاء أن الكون منقسم لقسمين: قسم ما فوق كرة القمر وقسم ما تحت كرة القمر. سيرث العلماء المسلمون أهم التصورات الفلكية والكسمولوجية الأساسية عن الإغريق، كمركزية الأرض ودوران باقي الكواكب حولها. كما سيشكل كتاب المجسطي لبطلميوس أهم وأبرز عمل فلكي في العصور القديمة المتأخرة وفي العصر الوسيط حتى القرن السادس عشر الميلادي. سعى علماء الفلك المسلمون، رغم تأثرهم الشديد بالمجسطي، إلى البحث لإيجاد نماذج رياضية تكون أكثر توافقا مع ما يتم ملاحظته ورصده من حركات الكواكب، وأكثر تعبيرا عنها.

   لم يكتف المسلمون بالبحث والتمحيص في علم الفلك على المستوى النظري فحسب، بل إنهم عمدوا منذ البداية إلى استثمار هذه المعارف والآلات الفلكية والحسابات الرياضية في خدمة بعض المسائل الدينية المتعلقة – مثلا – بتحديد زمن وأوقات بعض العبادات كوقت الصيام وأوقات الصلاة، وكذا تحديد اتجاه القبلة. هذا ما أدى إلى بروز فرع علمي مرتبط بهذا الجانب هو “علم الميقات” الذي يعتمد أساسا على عمليات الرصد والملاحظة واستخدام الحسابات الرياضية الدقيقة. لئن كان البحث النظري في علم الفلك قديما وموجودا قبل قرون من مجيئ الإسلام، فإنه من الناحية العملية “ليس هناك مثيل لمثل هذا التطبيق [أي توظيف مناهج الفلك والرياضيات في الأمور الدينية] في علوم الإغريق القديمة أو في أوروبا العصور الوسطى. كان كل ذلك مجهودا رفيع المستوى لا يُضارَع كسجل هائل من المشاهدات والنتائج التي تشهد بذلك“.[14]لم يكن لهذه المشاهدات أن تتم دون توفر البلاد الإسلامية على عدة مراصد فلكية، وهذا لا ينفي بطبيعة الحال وجود عمليات رصد للكواكب وحركاتها قام بهابعض علماء الفلك بشكل فردي.يمثل كل من مرصد مراغة في فارس ومرصد سمرقند أهم مرصدين في تاريخ الحضارة الإسلامية. كما يرجع فضل الزيادة في دقة الأرصاد والحسابات الفلكية إلى تطور جودة ودقة العمل بالآلات الفلكية لدى المسلمين، ويمثل الأسطرلاب أهم هذه الآلات الرصدية دون منازع، ليس فقط في العالم الإسلامي، بل حتى خلال “عصر النهضة المبكر”.

شكلت مسألة المواءمة بين النماذج الرياضية ودوران الكواكب في القبة السماوية محور علم الفلك النظري، ويتجلى أبرز إشكال واجه علماء الفلك القدامى والمسلمين في ما لاحظوه من حركة بعض الكواكب التي تتخذ مسارا معينا ثم تبدو وكأنها توقفت، وترجع للخلف لتعاود مسارها العادي. وهذا الأمر يخالف تماما ما سطره بطلميوس – اقتداء بأرسطو – بخصوص انتظام حركات الكواكب. سيقدم بطلميوس “حلا” من خلال نموذج رياضي معين، لكن هذا النموذج نفسه يخالف بعض المسلمات التي ينطلق منها بطلميوس نفسه، لذا فإنه رغم “التزام الفلكيين المسلمين بالكون البطليموسي، إلا أنهم في النهاية اعترضوا بصفة خاصة على طريقته حول حركة أفلاك الدوران والتي تتعارض مع مبدأ انتظام الحركة“.[15]

   كما شكل بطلميوس مرجعا أساسيا في علم الفلك لدى المسلمون، فإنه سيمثل أيضا في علم الجغرافيا أهم مصدر بخصوص رسم الخرائط لدى علماء الإسلام، دون أن ينفي هذا حضور بعض التصورات الموروثة عن الفرس والهنود، خصوصا فيما يتعلق بـ”تقسيم العالم إلى سبع أو تسع مناطق”.سيستفيد علم الجغرافيا كثيرا من المذكرات التي كان يكتبها في العادة التجار المسافرون أوتلك التي يدونهاالمسافرون إلى “مراكز التعليم البعيدة” أو لأداء فريضة الحج، أو مما كتبه “موظفو الخلفاء في الأماكن النائية” من سجلات.من بين هؤلاء الرحالة والجغرافيين نشير إلى المسعودي الذي عاش في القرن العاشر وابن بطوطة الذي عاش في القرن الرابع عشر، ولم يكن يكتفي هذان وغيرهما بوصف الأراضي فقط، بل كانوا يهتمون أيضا بالشعوب وعاداتها وتقاليدها ودياناتها وعلومها. رغم ما قدمه علماء الإسلام من إسهامات مهمة في علم الجغرافيا ورسم الخرائط، إلا أن أهم خريطة تم إنجازها آنذاك تبقى دون ريب هي خريطة العالم التي أنجزها الإدريسي بطلب ودعم من الحاكم روجر الثاني بصقلية.

   ورث المسلمون في المجال الطبي تراثا غنيا يرجع لشعوب مختلفة كالإغريق والرومان والفرس والهنود، كما شكلت مدينة جنيدسابور أهم مركز علمي تعرف من خلاله المسلمون على التراث الطبي السابق.استفادت هذه المدينة قبل مجيء الإسلام من هجرة العديد من العلماء إليها هربا من المضايقات التي عانوها بالإمبراطورية الرومانية الشرقية بعد إغلاق المدارس العلمية اليونانية كـ”أكاديمية أثينا التي أسسها أفلاطون قبل ثمانية قرون“.[16]بعد فتح المسلمين لهذه المدينة (جنيدسابور)، وبعد تأسيس مراكز ثقافية إسلامية بمدن كدمشق وبغداد سيفد العديد من الأطباء إلى هذه المدن حيث سينالون دعما وحظوة لدى بعض الخلفاء العباسيين كالمأمون. توفرت بفضل هؤلاء الأطباء المترجمين أهم المتون اليونانية الخاصة بالطب وعلم النبات، خصوصا أعمال رائدي الطب القديم أبقراط وجالينوس وعالم النبات والأدوية ديسقوريدوس.يمكن القول إجمالا أنه “في مرحلة مبكرة من تطور الدولة الإسلامية، توفرت كل العناصر اللازمة لإحداث تقدم ليس له مثيل في كل فنون الطب: فالمكتبات قد انتشرت، ومراكز الترجمة قد قامت ببذر الحكمة التي جمعتها من الماضي، والمستشفيات قد تطورت بطريقة ثورية، حيث قامت فيما بعد بصياغة منهج علوم الصحة والعناية الصحية حتى وصلت إلى المستوى الحديث“.[17]

تميزت المستشفيات في العالم الإسلامي آنذاك بجودة الخدمات التي تقدمها للمرضى، كما تميزت أيضا من حيث تنظيمها على مستوى العمل والتسيير. لم يقتصر الحال لدى أطباء هذه الحضارة على الاهتمام بالأمور العملية أو العلمية المحضة فقط، بل إنهم كتبوا في مواضيع تتعدى هذا النطاق، إذ تحدثوا مثلا عن الأخلاق الواجب توفرها في الطبيب والكيفية اللازمة لمعاملة مرضاه. ويعد كتاب إسحق الرهاوي المعنون بـ”أدب الطبيب” من أوائل الكتب المخصصة لهذا الجانب الأخلاقي-المعرفي.أما بخصوص المعارف الطبية عموما فقد شهدت الحضارة الإسلامية بروز أسماء أطباء كثر جدا، أطباء كتبوا ودرسوا جل المناحي المتعلقة بالصحة والوقاية والعلاج والأدوية. لكن، يبرز من بين هؤلاء اسمان يعدان من أهم أطباء العصور الوسطى بإطلاق، هما الرازي وابن سينا. يعد كتاب “الحاوي” أهم كتاب طبي للرازي، بينما يعتبر كتاب “القانون في الطب” أبرز متن طبي لابن سينا، وهو كتاب لم تنحصر أهميته وفائدته داخل الحضارة الإسلامية فحسب، بل “استخدم الأوروبيون هذا الكتاب الفريد ذا التبويب المنهجي – القانون لابن سينا – مع أعمال الرازي كمرجع أساسي في مدارسهم الطبية حتى بداية العصور الحديثة تقريبا. ويمكن القول بأن ‘القانون’ كان أكثر المراجع الطبية استخداما في العصور الوسطى“.[18] أما في مجال الصيدلة وعلم النبات، فرغم أن المسلمين اعتمدوا بالأساس على أحد كتب العالم اليوناني ديسقوريدوس، إلا أنهم لم يقفوا عند هذا الحد، بل إنهم أضافوا إلى هذا المجال أمورا كثيرة على المستويين النظري والعملي. تجلى هذا المستوى الأخير (أي العملي) في أمور عديدة منها مثلا أن المسلمين كانوا هم من “وضعوا أساس أولى محلات الصيدلة“، وجعلوا من الصيدلة مهنة مستقلة باعتبارها فنا يختص بتحضير الأدوية. أما بخصوص الجانب النظري العلمي فيكفي الإشارة إلى العمل العلمي المميز الذي أنجزه ابن البيطارفي كتابه المعنون بـ”الجامع لمفردات الأدوية والأغذية”، حيث أنه لم يكتف في هذا الكتاب “بوصف أكثر من ألف نبات مختلف، لكنه قارن كذلك بينها وبين تلك التي سجلها من قبل أكثر من مائة عالم في عهود سابقة، وفي أماكن مختلفة تمتد ما بين اليونان وآسيا الصغرى وحتى الصين“.[19] لذا، فأمام هذا المجهود الجبار والعمل الفريد والمميز الذي أنجزه ابن البيطار لا يجب أن نستغرب إن نعت المؤلف هذا المتن العلمي بأنه “من أعظم المراجع الفريدة التي تناولت النباتات الطبية وكان يفوق كتاب ديوسكوريديس[أي ديسقوريدوس]، وظل يستخدم حتى عصر النهضة في أوروبا“.[20]

   استطاع العلماء المسلمون نتيجة للامتداد البلاد الإسلامية شرقا وغربا أن يجمعوا “حصيلة هائلة” من المعطيات والمعلومات الثمينة المتعلقة ببعض المعارف الخاصة بالتربة والصخور … وذلك على امتداد مساحة جغرافية تمتد من إسبانيا حتى الهند. لم يقتصر اهتمامهم على هذا الجانب فقط، بل إنهم أولوا عناية بالدارسة والتحليل كل مظاهر الحياة وتجلياتها، فقد درسوا الإنسان والحيوان والصخور والأتربة والنباتات والأشجار … لنقل باختصار شديد، إنهم “لم يغادروا شيئا –حيوانيا أو نباتيا – إلا لاحظوه وأخضعوه للتحليل والتقسيم“.[21] كما لم تنحصر مجهوداتهم في مثل هذه المجالات على الجوانب النظرية فحسب، بل إنهم استثمروا معارفهم النظرية العميقة في مجموعة من المسائل العملية المشخصة، منها مثلا “استزراع أنواع عديدة من النباتات الغذائية، مكنت الزراعة من الازدهار، وخاصة في المناطق الغربية مثل إسبانيا، التي كانت متقدمة على سائر أوروبا في هذا المضمار وغيره من الأمور المتعلقة بالعلوم“.[22]لا يخفى أن إنشاء حدائق وبساتين من مثل هذا النوع يحتاج بلا ريب إلى عامل حاسم هو عامل المياه، لذلك فقد عمل المهندسون المسلمون على إدخال العديد من التجديدات على بعض الآلات الخاصة بالمياه كالقنوات والسواقي مستثمرين – بخصوص هذه الأخيرة- العدة النظرية التي وجدوه لدى بعض العلماء الإغريق الذين كتبوا في مجال “الهيدروليكا” كأرخميدس.

إضافة إلى تلبية الحاجيات الأساسية للمجتمع الإسلامي، فقد عمل المهندسون على توفير بعض أسباب الرفاهية ورغد العيش، حيث صمموا وأنشأوا العديد من الآلات الخاصة لهذا الغرض. يمكن التمثيل على ذلك بأعمال كل من بني موسى بن شاكر في كتابهم المعنون بـ”كتاب الحيل” وكتاب بديع الزمان الجزري المسمى “الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل”. على أنه لا يجب أن نفهم من هذا الكلام أن أعمالا كهذه كانت محصورة في تصميم آلات خاصة بالتسلية والترفيه فقط، بل إنها ضمت تصميمات لآلات (كالمضخات مثلا) كانت موجهة بالأساس إلى تيسير وتسهيل الحياة اليومية العملية للمجتمع الإسلامي آنذاك.

يعد علم البصريات من بين العلوم الأساسية التي اهتم بها علماء الإسلام وقدموا فيها إنجازات وإضافات مهمة جدا. فقد كتب في هذا المجال كل من الكندي والرازي وابن سينا، إلا أن أهم إسهام في هذا المجال يعود بالأساس إلى العالم الرياضي الحسن بن الهيثم، خصوصا في كتابه “المناظر” الذي تميز عما سواه من المتون العلمية الخاصة بالبصريات “في العصور الوسطى من ناحية مناقشاته التجريبية والرياضية، وكذلك في سرده لنظرية جديدة وأصيلة. وعمليا، قام ابن الهيثم بدراسة كل سمات الضوء والإبصار عند الإنسان، فدرس الطريقة التي ينعكس بها الضوء أو ينثني (ينكسر) بواسطة الماء والهواء أو المرايا […]كما أنه أوضح كيف أن انكسار الضوء في الغلاف الجوي يتسبب في استمرارية رؤية قرص الشمس حتى بعد أن تكون في الواقع قد غربت خلف الأفق“.[23] من بين أهم إنجازات ابن الهيثم من الناحية المنهجية إخضاع علم البصريات للرياضيات، وكأن هناك في عمله هذا نوعا من “التكامل بين بصريات إقليدس ومنظور الأشكال الموجود في الفيزياء الأرسطية[…][24]. كما أبرزت طرق اشتغال ابن الهيثم، ومن بعده كمال الدين الفارسي الذي سيعمل على شرح كتاب المناظر، الأهمية البالغة للجمع بين المستويين النظري والعملي من خلال “طرق التجارب” التي كانا ينتهجانها، ولا يخفى ما تمثله هذه الخطوات الأولية من أهمية بالغة في الممارسة العلمية.

سيذهب العديد من المؤرخين الغربيين في بداية القرن العشرين إلى أن “الحياة الثقافية” داخل الحضارة الإسلامية ستشهد خلال القرن الحادي عشر الميلادي “البداية المؤكدة” لتراجعها و”انحدارها”. لكن، مع العمل المهم والجاد الذي سينجزه العديد من مؤرخي العلوم بعد الحرب العالمية الثانية حول الحياة الثقافية والعلمية داخل الحضارة الإسلامية– معتمدين في ذلك على مخطوطات لم تكن مكشتفة أو معروفة من قبل-  سيتضح بجلاء أن هذه الحضارة ستشهد حتى بعد القرن الحادي عشر ظهور اكتشافات وإسهامات علمية بالغة الأهمية. وهي إنجازات علمية لا تقتصر على مبحث أو مجال بعينه، ويمكن الإشارة هنا إلى إسهامات كل من نصير الدين الطوسي وابن الشاطر في علم الفلك، وابن النفيس في الطب والفارسي في علم البصريات …

   ابتداء من القرن الثاني عشر، سيشرع بعض المترجمين الأوربيين في نقل الأعمال العلمية المكتوبة باللغة العربية إلى بعض اللغات الأوربية بما فيها اللغة اللاتينية، حيث ستلعب إسبانيا دورا بالغ الأهمية في هذه المسألة نظرا لأنها كانت بمثابة قنطرة بين العالم الإسلامي وأوروبا.يعد كل من جيراردالكريموني وميخائيل سكوت وقسطنطين الإفريقي أهم هؤلاء المترجمين.كما شملت عملية الترجمة أهم المباحث العلمية آنذاك كالطب وعلم الفلك والرياضيات … حيث ستتم ترجمة أعمال أقليدس وبطلميوس وأبقراط …وكانت جل هذه الأعمال – وغيرها بطبيعة الحال – قد تمت “مراجعتها وشرحها” من لدن علماء الإسلام البارزين، وبذلك “فإن الغالبية العظمى من المراجع القديمة أصبحت متاحة للقراء الأوربيين باللغة اللاتينية مع حلول القرن الرابع عشر. وسرعان ما جعلت وسائل النشر هذه الثروة متاحة على نطاق غير مسبوق“،[25] وذلك بفضل اختراع آلة الطباعة سنة 1445 على يد الألماني يوهان جوتنبرغ.هكذا توفر لأوروبا وانتشرت فيها أهم المتون العلمية الكلاسيكية (اليونانية) مصحوبة مع الشروحات والتصويبات والتجديدات العلمية المهمة التي أضافها علماء الحضارة العربية الإسلامية. بالتالي، فإنه “لولا التراث الإسلامي، لم يكن للتطور الذي نعرفه في العالم الحديث أن يتخذ شكله الحالي، وعلى الأقل كان سيستغرق زمنا أطول بكثير، وكنا سنعيش اليوم في زمن سابق بمقياس التقدم، وكانت العلوم الحديثة ستتخلف على الأقل خمسمائة سنة في نهاية القرن العشرين“.[26]

[1]– ص. 30.

[2]– ص. 30.

[3]– ص. 42.

[4]– ص. 44.

[5]– ص. 46.

[6]– ص. 46.

[7]– ص. 49.

[8]– ص. 52.

[9]– ص. 59.

[10]– ص. 70-71.

[11]– ص. 76.

[12]– ص. 77.

[13]– ص. 80.

[14]– ص. 95-96.

[15]– ص. 101.

[16]– ص. 166.

[17]– ص. 167.

[18]– ص. 171.

[19]– ص. 174.

[20]– ص. 174.

[21]– ص. 198.

[22]– ص. 199.

[23]– ص. 232.

[24]– ص. 233.

[25]– ص. 247.

[26]– ص. 243.

Science

ذ. عبد العزيز النقر

حاصل على شهادة الماستر في الفلسفة

باحث بمركز ابن البنا المراكشي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق