مركز ابن البنا المراكشي للبحوث والدراسات في تاريخ العلوم في الحضارة الإسلاميةقراءة في كتاب

العلوم الإسلامية وقيام النهضة الأوروبية

تأليف: د. جورج صليبا
ترجمة: د.محمود حداد

يعود أصل الكتاب، إلى مجموعة من المحاضرات؛ ألقاها د. جورج صليبا في معهد العالم العربي في باريس. وقبل التطرق لما يحتويه مضمونه، لابد من الإحالة ولو باختصار إلى سيرة مؤلفه. فـ-جورج صليبا يعتبر من بين المؤرخين القلائل، اللذين ساهموا لمدة تزيد عن ثلاثين سنة من البحث والدراسة، في إعادة وإحياء التراث العلمي الإسلامي إلى الساحة المعرفية من جديد. حيث أنتج من خلال دراساته وأبحاثه مؤلفات عديدة، تمحورت جميعها نحو دراسة تاريخ العلوم العربية الإسلامية، وتأثيرها على تطوّر الحضارة الغربية وعلم الفلك الحديث.

أما الكتاب الذي بين أيدينا، فمضمونه يميل إلى دراسة الاهتمامات الأساسية التي كانت سائدة في التاريخ الفكري في الحضارة الإسلامية، مع الإبراز الواضح للعلاقة النوعية التي كانت قائمة بين العلوم والمحيط الفكري العام، والمقاييس الاجتماعية والسياسية للإنتاج العلمي، والعلاقة التي تربط بين التفاصيل العلميّة والتقنيّة في المجلات المتعددة.

يهدف الكتاب إلى إبراز فكرتين أساسيتين، أولهما: حملُه للنقاشات التي أعادت البحث في أصول النشأة للعلوم في الحضارة الإسلامية، وثانيهما: إحياءُه للمصادر الأولى التي كانت قوام هذا التراث، والتي ضربت في مجموعة من الإشاعات التي تعتبر أن نشأة التراث العلمي في الحضارة الإسلامية، جاء نتيجة الترجمات من الحضارات القديمة وبالخصوص من الحضارة اليونانية.

الفصل الأول: التراث العلمي الإسلامي: مسألة البدايات الأولى

يتناول د. جورج صليبا في هذا الفصل، بعض التفاسير المتعلقة ببدايات العلوم الإسلامية كما تداولها السرد الكلاسيكي منذ القرون الوسطى إلى الآن. مركزا في البداية على “نظرية الاحتكاك” و”نظرية الجيوب” اللتين تفسران لولادة العلوم الإسلامية كنتيجة لتأثيرات القوى الخارجية التي كانت قريبة جغرافيا من الحضارة الإسلامية الحديثة.

بعدها يكشف المؤلف مدى إخفاق كل من الحضارة البيزنطية والساسانية في تمثلها وإعادة إحيائها للنصوص العلمية والفلسفية اليونانية، وأن ما أنتج من مصادر وأعمال في ظل هاتين الحضارتين، لم يكن سوى عبارة عن نصوص متعلقة بتوقعات الطقس وتحركات النجوم، وبعض النصوص المتناولة لموضوعات طبية وصيدلانية عرفت أغلبيتها شكل وصفات علاجية منزلية.

ثم ينتقل المؤلف بعد ذلك لتوضيح ثلاث دوافع ركز عليها السرد الكلاسيكي، للتأكيد على تصوراته المفترضة، تتجلى الأولى في قدرة ومكانة العناصر الفارسية في السيطرة على الجوانب الحيوية في الدولة العباسية، والتي دفعتهم إلى إحياء إرثهم القديم وترجمته إلى اللغة العربية. ثم ثانيا: خلافة المأمون وتقويته لمدرسة علم الكلام المتمثلة في فرقة المعتزلة، مما جعله ينفتح على العلوم الفلسفية القادمة من الغرب. ثم أخيرا: المحنة التي لحقت بأصحاب خلق القرآن، وما ترتب عليها من تشجيع على دراسة وترجمة النصوص الفلسفية اليونانية الأساسية.

 الفصل الثاني: التراث العلمي الإسلامي: مسألة البدايات الثانية

يطرح د. صليبا في هذا الفصل سردا بديلا يخالف فيه ادعاءات السرد الكلاسيكي، معتمدا بذلك على أمهات المصادر التاريخية كتفسير أولي حول نشأة العلوم في الحضارة الإسلامية. في هذا المؤَلَف يعتمد المؤلِف على كتاب الفهرست لأبي يعقوب إسحاق النديم مرجعاً أساسياً للسرد البديل، الذي تضمن في المقالة السابعة رسالة عن العلوم القديمة وكيفية انتقالها إلى الحضارة الإسلامية؛ حيث يستعرض النديم في فهرسته هذه، حكايات متعددة سادت في عصره وحاولت تفسير انتقال هذه العلوم إلى البيئة الإسلامية ومنها: حكايتا المنجم الفارسي أبي سهل الفضل بن نوبخت، وأبي معشر البلخي الذي تخلى عن دراسة علم الحديث وتحول إلى دراسة علم النجوم، بالإضافة إلى روايتين: الأولى: تشير إلى انحباس العلوم الفلسفية عند البيزنطيين ومنع الناس من الكلام فيها، مما مكن الفرس القدماء من نقل كتب المنطق والطب إلى اللغة الفارسية، التي ترجمت فيما بعد إلى العربية على يد عبد الله بن المقفع وغيره. والرواية الثانية: عن دور خالد بن يزيد بن معاوية في تلقي هذه العلوم واهتمامه الشخصي بها، حيث دفعته هذه التجربة إلى إحداث أول حركة ترجمة عملت على نقل العلوم من اللغات القديمة إلى اللغة العربية، وكان لـ”ترجمة الديوان” أول عمل أرّسته الحضارة الإسلامية في تاريخها المعرفي.

  الفصل الثالث: المواجهة مع التراث العلمي اليوناني

في بداية هذا الجزء من الكتاب يستعرض الدكتور صليبا التنافس غير المسبوق بين الطبقات المختلفة في المجتمع الإسلامي أواخر العصر الأموي وبداية العصر العباسي، على احتكار وتملك النصوص اليونانية، والعمل على ترجمتها إلى اللغة العربية التي اتسمت بمكانة مرموقة لدى السلطة السياسية لأسباب اجتماعية ودينية محضة في ذلك الوقت، مما حذا بعلماء الدين والفقهاء من جهة، وبيروقراطي الدولة الجدد الذين وصلوا إلى مراكز السلطة بواسطة إتقانهم وبراعتهم في اللغة العربية من جهة ثانية، إلى التخاصم، وفي نفس الوقت إلى التحالف على ترجمة هذه العلوم، وذلك بدافع التقرب من السلطة السياسية وكسب الثقة والاهتمام من طرف الخليفة.

أما فيما يخص النصوص اليونانية التي أخذت مكانة هامة عند المسلمين، لا سيما منها العلوم الدقيقة كالرياضيات وعلم الفلك؛ فيرى المؤلف أنه بعد عملية الترجمة لهذه النصوص، عمل مجموعة من العلماء على دراستها وتحليلها ونقدها، من أجل توضيح الغموض الذي حام حولها، وتصحيح الأخطاء الواردة في متونها؛ حيث عرف التراث الفلكي اليوناني لا سيما التراث الذي مثلته النصوص المهمة (أي نصوص بطلميوس)؛ نوعا جديدا من التعديلات والتصحيحات على يد ثلة من العلماء الكبار، نذكر على سبيل المثال ما قام به الحجاج ابن مطر من تصحيح نص المجسطي حول دراسة طول الشهر القمري التي قام بها بطلميوس (في المقالة الرابعة، الفصل 2). ثم الأرصاد الجديدة التي قام العالم الشهير أبي سهل الكوهي (حوالي 988م) ليتأكد بشكل جدي من موضع أوج الشمس، ومن اختلاف مركز الشمس، ومن المعادلة القصوى للشمس. وأيضا أعمال الرصد التي قام بها نصير الدين الطوسي (المتوفى عام 1274م) والتي من خلالها صحح ما كان يصر على إثباته بطلميوس، فيما يتعلق بحجم القرص الشمسي المرئي بأنه ثابت في الواقع، وهو في الحقيقة عكس ذلك، وهو نفسه الاستنتاج الذي أكده ابن الشاطر (المتوفى 1375م) فيما بعد الطوسي بقرن تقريبا.

ويذهب المؤلف بعيدا في تحليلاته، إذ لم يَبْقَ الأمر في نظره مقرونا بطبيعة النصوص العلمية وكيفية صحتها وإمكانية تعديلها من أجل وضعها في حلة جديدة، بل تعداه بتجاوز مرحلة العلماء الأوائل التي امتازت بالترجمة والتصحيح والتعديل الموجودة في كتب الاستدراك، إلى مرحلة عرفت نوعا جديد من التعامل مع النصوص الفلكية والطبية والفلسفية اليونانية، حيث ظهر منهج جديد يعتمد الشك والنقد (ككتب الشكوك والرفض التام) على بعض النصوص العلمية والفلسفية اليونانية، وهو الأمر الذي ابتدأ مع الرازي (المتوفى عام 925م) في كتابه “الشكوك” على بعض المسائل الطبية والفلسفية، وبرز بشكل قوي مع ابن الهيثم (المتوفى عام 1040م) بشكوكه حول أعمال بطلميوس. وأعمال أخرى ذات شأن عظيم تلت بعدهما، ظهرت مع كل من عبد اللطيف البغدادي (المتوفى عام 1231م)، وابن النفيس الدمشقي (المتوفى عام 1288م)، والفخري (المتوفى عام 1550م) في نصوصهما العلمية، والتي كان لها دور كبير في تمثل الروح النقدية التي ظهرت في ذلك الوقت، بشكل أفضل وأدق.

الفصل الرابع: علم الفلك الإسلامي يكوّن شخصيته الذاتية: الإبداعات المفصليّة

أما الفصل الرابع فهو عبارة عن دراسة عن النقلات النوعية والمراحل المفصلية التي عرفها الفكر الفلكي اليوناني داخل البيئة الإسلامية. فعلم الفلك الذي انبثقت أصوله النظرية مع بطلميوس بالأساس، قد تم تفكيك ما كرسته خلال عقود بعض المصادر الأساسية في هذا الميدان (ككتاب المجسطي والاقتصاص مثلا) من أخطاء وضعت وضعا ومن دون تدقيق علمي محكم. فجاء على ضوء هذه الإخفاقات أعمال جليلة عمل على استحداثها علماء الفلك في الحضارة الإسلامية، الذين تمكنوا بواسطة أبحاثهم الخاصة ومن خلال عمليات الأرصاد الجديدة للظواهر الكسمولوجية، وبواسطة الآلات جد المتطورة والدقيقة، وأيضا مع عملية إدماج الرياضيات كلغة وصفية للظواهر الطبيعية على فروع معرفية معينة، تم التوصل إلى نتائج هامة تولدت عنها نظريات علمية ومفاهيم جديدة، دفعتهم إلى وضع لبنات علم فلكي جديد، بخصوصية إسلامية، مستقل عن سابقيه.

الفصل الخامس: العلم بين الفلسفة والدين: وضع علم الفلك

خصص المؤلف في هذا الفصل دراسة عن العلاقة الترابطية التي جمعت علم الفلك بالبعدين الفلسفي والديني، فالمبادئ التي ينبني عليها الدين والوحي، والتي حاولت وضع تصور شامل حول العالم والكون؛ دفعت علماء الفلك في الحضارة الإسلامية يعملون على إنقاد بعض التصورات غير المتناقضة في الكوسمولوجيا الأرسطوطاليسية، ويهاجمون بنقد قوي وبنَّاء تلك الأفكار النظرية التي امتزجت بتصورات تخمينية وتنجيمية، مما دفعهم في نهاية المطاف إلى التفكير في بناء علم فلكي جديد يتناسب و الرؤية الدينية بشكل مقبول.

فعلم الهيئة الذي يمثل اكتشاف إسلامي محض كما يقول المؤلف، قد ولد ضمن انتقادات المحيط الديني التي استبعدت كل من كان يسعى إلى الاسترشاد بالنجوم كما كان يفعل المنجمون، كما أن جل من ألفوا في هذا الميدان كان كلهم علماء دين، ونذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: نصير الدين الطوسي الذي كان علامة إسماعليا ومرجعا من مراجع الفكر الديني الشيعي، بالإضافة إلى تلميذه قطب الدين الشيرازي ونظام الدين النيسابوري، وفتح الله الشيرواني وشمس الدين الخفري، هؤلاء كلهم ألفوا كتبا في العقائد وحصلوا على مراتب دينية مهمة في ذلك الوقت.

الفصل السادس: العلم الإسلامي والنهضة الأوروبية: الصلة مع فلك كوبرنيك

يتجه المؤلف في هذا الفصل إلى توضيح الملامح الكبرى الجديدة التي عرفها الفكر الفلكي ضمن الحضارة الإسلامية، والتي كان لها وقع كبير على المكتسبات العلمية والمعرفية في أوروبا. فعلم الفلك الذي عرف تحولا جذريا في جوهره بواسطة أعمال الطوسي والخفري وابن الشاطر …إلخ، كان لحاقا به على حد اعتبار المؤلف أن يبقى مستمرا في الزمن الحضاري، ويعاد ترجمة ودراسة أعمال هؤلاء الفلكيين الكبار، والاعتماد عليها في أبحاثهم سواء بطرق مباشرة أو غير مباشرة من طرف علماء فلك متميزين، توصلوا إلى نتائج متميزة تقارب نتائج الرواد الأوائل في هذا العلم.

و يرى المؤلف أن علم الفلك الكوبرنيكي هذا، ما كان أن يحقق ذاته بشكل حقيقي، لو لم يكن حضور علم الفلك الإسلامي المتألق والمحفوف بالإنجازات العظيمة بجانبه؛ لأن عملية الاحتكاك التي حدثت ما بين العالمين الإسلامي والأوربي، كان لها وقع كبير على هذا الأخير، الذي عرف من خلالها، عملية  نقل غير مسبوقة في التاريخ  لنصوص علمية يعود أصلها لعلماء فلك بارزين من الحضارة الإسلامية. وقد أكد المستشرق الكبير أتو نويغبور في هذا الصدد من خلال أبحاثه حول دراسة علم الفلك الرياضي الكوبرنيكي التي اقتربت إلى نتائج مضبوطة، أن هيئة كوبرنيك لكوكب القمر هي نفسها الهيئة الموجودة في أعمال ابن الشاطر الكسمولوجية.

الفصل السابع: عصر الانحطاط: ازدهار أفكار علم الفلك

يتناول الكاتب في بداية هذا الفصل الأخير بعض المزاعم المقصودة، التي جسّدت جوهر السرد الكلاسيكي حول طبيعة انحدار الحضارة الإسلامية. لقد اعتقد أصحاب هذا الزعم أن بوادر الانحطاط العلمي والثقافي والاجتماعي لهذه الحضارة ابتدأ بالفعل مع القرن الحادي عشر الهجري، ويرجعون ذلك بحسب اعتقادهم  إلى عاملين اثنين عرفهما هذا القرن. الأول بدأ مع صعود فكر أبو حامد الغزالي (المتوفى عام 1111م) لمّا وجه ضربته القاضية إلى الفلسفة والفلاسفة. منذ ذلك الحين بدأ الفكر الديني في نظرهم يعرف انتعاشا حقيقيا على حساب الفكر العلمي والفلسفي. والعامل الثاني وبحسب زعمهم أيضا، فقد جاء مع النكبات السياسية والمعارك الحربية، والتي عرفت فيها مدينة بغداد دمارا كاملا وإتلافا لما كانت تحتويه مكتباتها من كتب ومخطوطات علمية ذات أهمية بالغة، على يد الحاكم المغولي هولاغو خان، وبالتالي كان لهذا الأخير اليد الطولى التي حملت وزر انحطاط العلوم في هذه الحضارة.

بعد ذلك يبين المؤلف أن كل الإدعاءات التي أتت بها رواية أصحاب السرد الكلاسيكي لا تعكس بشكل واقعي وصحيح حقيقة تلك المرحلة التي اعتبروها بداية انحطاط العلوم الإسلامية، لأن الحقائق التاريخية تظهر أن تلك المرحلة الموسومة بالانحطاط كان لها رسم علمي هام في السياق المعرفي بشكل عام، ويرجع ذلك إلى الاكتشافات النظرية غير المسبوقة، وما تم تأليفه من نصوص هامة فاقت في نوعيتها نصوص السابقين عنها. فعندما نقارن أعمال عزّ الدين الجزري مثلا (حوالي العام 1206م) بأعمال بني موسى في الفلك ، نلاحظ أن أعمال الأول في تلك المرحلة امتازت بنضج كبير عن أعمال بني موسى السابقة عليه. وهو نفس الشئ، حصل بِنَفَسٍ علمي مبدع، عند كل من كمال الدين الفارسي (المتوفى عام 1320م) ومؤيد الدين العرضي (المتوفى عام 1266م) ونظام الدين النيسابوري (المتوفى عام 1311م) وابن الشاطر (المتوفى عام 1375م) وشمس الدين الخفري (المتوفى عام 1550م) في العلوم الفلكية، ومع أبحاث ابن النفيس (المتوفى عام 1288م) في العلوم الطبية.

خاتمة:

نستنتج من خلال هذا الكتاب، أن كل المناهج والدراسات التي نسجتها أدبيات السرد الكلاسيكي حول الأصول الطبيعية للحضارة الإسلامية، لم تكن في الواقع مبنية على الدقة والتحليل الموضوعيين.

فالمسلمين حقيقة، لم ينحصر فضلهم في مجرد المحافظة على بعض تراث الإغريق العلمي والفلسفي والإبقاء عليه في نسخته الأصلية. بل منذ البداية دفعهم الحس الديني نحو تملك المعرفة الانسانية، فرأوا أن هذا التراث الذي تعرفوا عليه، لا يمكن أن يرتقي في مجرد ترجمته والحفاظ عليه كما هو في نسخته الأصلية بل من الواجب دراسته، وتصحيح الأخطاء الواردة في نصوصه، والعمل على نقد النظريات العلمية الواردة فيه. وهو بالضبط المنهج الذي قاموا باتباعه؛ وتمكنوا بواسطته، إلى الوصول إلى ابتكارات جديدة في مجالات شتى شملت العلوم الرياضية والفيزيائية والفلكية وعلوم الحياة والطب والفلسفة، والتي كان لها الفضل الكبير والمساهمة في بناء مقومات النهضة الأوروبية الحديثة.

Science

ذ. زيدان عبد الغني

باحث مركز ابن البنا المراكشي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق