مركز الدراسات والبحوث في الفقه المالكيغير مصنف

العلم وسيلة والعمل هو المقصد

وقال الطيب ابن كيران: العلم والعمل وإن اشتركا في أنهما جهاد في سبيل الله، ووُعِد عليهما بالأجر العظيم، افترقا في أن العلم وسيلة، والعمل به مقصد، فمن ضيع المقصد فقد أخل بحكمة الوسيلة، كما قيل:

العلم لا يصلح إلا إذا

 

عملت فلتفهم كلام العُبَيْد

لو كان بالعلم صلاح الفتى

 

لكان إبليس نظير الجنيد

وبالعمل يرسخ العلم ويدوم، كما قيل: العلم يهتف بالعمل فإن وجده وإلا ارتحل.

وبه يحصل مع علم الأوراق علم الأذواق، وتنضم إلى العلوم الكسبية علوم وهبية لدنية، كما قال تعالى: ﴿واتقوا الله ويعلمكم الله﴾ [سورة البقرة: 282]. وقال تعالى: ﴿إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا﴾ [سورة الأنفال: 29]. أي نورا تفرقون فيه بين الحق والباطل، ﴿والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا﴾ [سورة العنكبوت: 69].

وفي الحديث: «من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم» رواه أحمد.

وقال أبو العباس القلشاني (ت863ﻫ):

من علم وعمل بعلمه؛ ورثه الله علم ما لم يعلم، وأثيب على العلم والعمل، ومن علم ولم يعمل أُثيب على العلم، واستحق عقوبة العصيان بترك العمل، ومن لم يعلم ولم يعمل عصى من الوجهين، ومن عمل بلا علم فقال أبو زيد الجزولي (ت741ﻫ): عمله غير صحيح، فهو كلا عمل.

وأما من قرأه للجمع والادخار، أو ليباهي به العلماء، أو يماري به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس إليه – وهو مع ذلك راض عن نفسه ولا خوف معه، كأنه آمن من المكر – فعلمه وبال عليه، وليس عليه رحمة إلا أن تدركه توبة.

 وعلى هذا يحمل ما ورد من نحو قوله ﷺ “أشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه” رواه ابن عدي وغيره.

ولا يفهم من هذا، نهي من فسَدت نيته عن طلب العلم، بل طلبه بتصحيح القصد في الطلب فقط.

[المصدر السابق (ص: 58-62)].

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق