الرابطة المحمدية للعلماء

العلامة المؤرخ محمد بن أحمد الإكراري شخصيته وإشعاعه العلمي

المكونات المعرفية في كناشة العلامة المؤرخ الإكراري

نظم المجلس العلمي المحلي لتزنيت وجمعية إكرار سيدي عبد الرحمان بقرية إكرار بجماعة اكلو ندوة علمية في موضوع:” العلامة المؤرخ محمد بن أحمد الإكراري شخصيته وإشعاعه العلمي” يوم الثلاثاء 12 شعبان 1430 موافق 4 غشت 2009، وقد حضر أشغال هذه الندوة باحثون وأساتذة جامعيون وعدد كبير من المهتمين والمتتبعين من أبناء المنطقة.

 وتندرج هذه الندوة ضمن الأنشطة الثقافية الهادفة إلى بعث التراث العلمي للمنطقة والإسهام في التعريف به ونشره بين الشباب خاصة، وقد سبق أن نظمت عدة ندوات منها ندوة العلامة أحمد شاعري الزيتوني، وندوة الأستاذ المؤقت محمد بن الباز الكلوي، وندوة المدرسة العلمية العتيقة سيدي وكاك ورسالتها.

ويعد الأستاذ العلامة المؤرخ محمد بن أحمد الإكراري أحد علماء المغرب المتميزين بتآليفهم التاريخية؛ فقد ألف كتاب روضة الأفنان في تراجم الأعيان وأخبار العين وما فيها من عجيب البنيان، وقيد به تراجم طائفة كبيرة من مشاهير العلماء والرؤساء لولا ذكره إياهم لكان التاريخ غفلا منهم ومن أخبارهم.

ينتمي المؤرخ الإكراري إلى أسرة عريقة في العلم والصلاح، ولد بقرية إكرار على بعد 15 كلم غرب تزنيت ودرس بمدارس سوس وأخذ عن علماء كبار منهم على وجه الخصوص محمد بن العربي الأدوزي ومسعود المعدري ومحمد بن إبراهيم الهرواشي الباعمراني، أخذ عنهم الفقه واللغة العربية والأصول والبيان والأدب والفلك والهيأة، وبعد أن أنهى تحصيله اشتغل بالتدريس بكل من مدرسة الأخصاص وأيت رخا وتالعينت باولاد جرار، ثم انتقل إلى تلقي الشهادات فالقضاء والإفتاء حتى توفي في 11 رمضان 1358 موافق 24 أكتوبر 1939. وصفه محمد المختار السوسي بأنه كان من أكابر علماء وفقهاء عصره ببسيط السوس الأقصى.

ترك الإكراري مؤلفه القيم روضة الأفنان في تراجم الأعيان مخطوطا غميسا، حتى تصدى لتحقيقه الأستاذ المرحوم حمدي أنوش الذي نال به شهادة  الدراسات العليا من كلية الآداب بالرباط، ثم نشر في طبعة أولى سنة 1998 ضمن منشورات كلية الآداب بأكادير، وبعد نفاد تلك الطبعة أعيد طبعه بتصحيح ومراجعة الأستاذ محمد الحاتمي.
وقد تدارس الباحثون المشاركون في هذه الندوة محورين اثنين ركزا على التعريف بالعلامة الفقيه المؤرخ محمد بن أحمد الإكراري وبإنتاجه العلمي المتجلي في مقيداته وأدبياته الشعري ثم كتابه المهم روضة الأفنان في وفيات.

وقد افتتحت أعمال الندوة بتلاوة مباركة لآيات بينات من كتاب الله تعالى تلاها الفقيه المقريء أحمد بن إدريس الإكراري إمام مسجد قرية إكرار، ثم ألقيت كلمات كل من الجمعية المنظمة ألقاها الأستاذ اديوان والمجلس العلمي المحلي لتزنيت ألقاها الأستاذ محمد الصالحي ورئيس جماعة أكلو الأستاذ عبد الله وجاج والأسرة الإكرارية ألقاها الأستاذ كمال أرفاك، وتم بعد الافتتاح زيارة المعرض المقام بالمناسبة والمتضمن لمجموعة من مخطوطات تعود لعلماء الأسرة الإكرارية وأدبائها ومن أبرز ما تضمنه المخطوطة  الأصلية لكتاب روضة الأفنان ومخطوطة كناش العلامة المحتفى به ومخطوط شرح الرحلة الأدوزية، ومجموعة من ظهائر الأسرة في التعيين بالقضاء وبعض الوظائف المخزنية، وظهائر التوقير والاحترام، وبحوث جامعية ودراسات وأبحاث.
أما البحوث والدراسات فانصبت على محورين اثنين:
* محور العلامة محمد بن أحمد الإكراري والذي شمل العروض التالية:
“- قراءة في تاريخ الأسرة الإكرارية” تحدث خلاله الدكتور شفيق أرفاك حفيد المحتفى به والأستاذ بكلية الآداب بجامعة ابن زهر بأكادير عن  أصل هذه الأسرة الشريفة ورجالاتها الأعلام الذين بلغ عددهم 56 عالما منذ أولهم عبد الرحمان المسكدادي التزركيني الذي عاش في القرن العاشر الهجري، إلى العصر الحاضر محللا توجهات علماء الأسرة العلمية ومشيرا إلى مستقبلها وما هو مطلوب من أجيالها من التمسك بتراث سلفهم وفهم تراثهم والاستفادة منه.
– “شخصية العلامة محمد بن أحمد الإكراري” للأستاذ الدكتور محمد الحاتمي الذي تحدث فيه عن  تفاصيل نشأته ودراسته وشيوخه ثم أعماله في التدريس والتوثيق والتأليف العلمي والأدبي، مركزا على صفة المشاركة التي كانت تميزه إضافة إلى تمكنه العميق من الفقه المالكي واللغة العربية.
– “المكونات المعرفية في كناشة العلامة المؤرخ الإكراري” للأستاذ المهدي بن محمد السعيدي من كلية الآداب بأكادير تحدث فيه عن كناش الإكراري، وهو من الكناشات التي ألف العلماء اتخاذها لتسجيل الفوائد وتقييد ما يثير اهتمامهم من أخبار ونصوص، وقد  سار الاكراري على هديهم  فسجل  الشوارد والأخبار، وذكر أن هذا الكناش كان تجليا للاهتمامات الأدبية للعلامة الإكراري ولميوله التاريخية حيث ملأه بالأدبيات، كما سجل فيه كثيرا من الفوائد الفقهية والتاريخية تمثل انشغاله بقضايا عصره ومستجداته.
*محور كتاب روضة الأفنان في وفيات الأعيان، تضمن العروض التالية:
– ” الفوائد التاريخية في روضة الأفنان لمحمد بن أحمد الإكراري” تعرض خلاله الأستاذ أحمد بومزكو للفوائد التاريخية الموجودة في الكتاب مبرزا أهميته في تسجيل الأخبار المحلية خاصة ما تعلق منها بالتدخل الأجنبي بالمغرب وطرق الاحتلال لتثبيت سيطرته على جنوب المغرب، وعمل السكان المحليين على رد كيده والدفاع عن وطنهم ودينهم وعلاقتهم بالسلطات المركزية وتمسكهم بالشرعية.
-“العلماء في روضة الأفنان” للأستاذ الدكتور مبارك لمين الذي ركز على الأخبار والتراجم التي أوردها الإكراري في كتابه الروضة لعلماء منطقة سوس وسماتهم العلمية وطبيعة تكوينهم واهتمامهم بشؤون الناس والتواصل فيما بينهم للإفادة العلمية والأدبية، وقد توسل الباحث لأجل ذلك بمنهج إحصائي تحليلي دقيق.
– “آل أكلو في روضة الأفنان” للأستاذ جامع بنيدير مفتش التعليم الثانوي المتقاعد، الذي تحدث عن الأعلام المترجمين في كتاب روضة الأفنان والمنتمين لمنطقة أكلو سواء من العلماء والأعيان مبرزا بعض القضايا والأحداث التي تعرض لها المؤلف ومنهجه في تناولها وتقييدها.
– “أولاد جرار في روضة الأفنان” للأستاذ عبد القادر رحو، تحدث فيه عن منطقة اولاد جرار التي أقام بها المؤرخ الإكراري والتي كانت مركزا مخزنيا قديما استقطبت علماء كبار وفقهاء عظام كانوا يجتمعون إلى قائدها عياد الجراري الذي أسس مكتبة غنية وحث العلماء على التأليف فكان أن صدرت عنهم عدة كتب منها كتاب الروضة وكتاب ” تحلية الطروس في ذكر رجالات سوس”، لعلي بن الحبيب السكراتي السوسي(ت1379) ، وقد حلل الباحث علاقة المؤرخ الإكراري بالجراريين وبروز تراجمهم في كتاب الروضة وسمات هذه التراجم.

هذا، واختمت هذه الندوة بجلسة قدمت خلالها توصيات باستمرار أمثال هذه اللقاءات الإحيائية للتراث العلمي والأدبي للمنطقة، والاهتمام بالأعلام من علماء وفقهاء، كما أوصى المشاركون بطبع أعمال هذه الندوة والعمل على إخراج التراث العلمي بتحقيقه ونشره والاهتمام به في الدراسات الجامعية بكل مستوياتها.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق