مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةأعلام

العلامة أبو عبد الله محمد بن عمرو الرباطي (1243هـ) وعنايته بالسيرة النبوية

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين

تقديم:

عرفت الدولة العلوية المجيدة عبر تاريخها بروز علماء أعلام، كان لهم الدور الرائد في بناء النهضة العلمية ببلادنا؛ ومن بين هؤلاء الأعلام العلامة الأديب المسند أبو عبد الله محمد بن عمرو الرباطي المتوفى (1243هـ) ([1]) رحمه الله، في هذا المقال سأعرف بهذا العلم أولا، ثم أتحدث عن عنايته بالسيرة النبوية ثانيا، وهذا أوان الشروع في الموضوع فأقول وبالله التوفيق والسداد:

أولا: التعريف الموجز بالعلامة محمد بن عمرو الرباطي

       هو العلامة الأديب محمد بن محمد التهامي بن محمد بن عمرو الرباطي الأنصاري، يكنى بأبي عبد الله، قال العلامة بوجندار (ت 1345هـ): “ينتهي نسبه من قبل والده إلى الأنصار، أصحاب المشاهد والمواقف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن قبل والدته إلى القاضي الشريف أبي مهدي سيدي عيسى الغبريني التونسي رفيق الإمام ابن عرفة وشيخه، فهو الأوسي أبا الأندلسي نجارا، الحسني أما، الرباطي دارا”([2])

ولد بمدينة الرباط وبها نشأ، هذا ولم تشر المصادر التي ترجمت له إلى تاريخ ولادته بالضبط، إلا أن المؤكد أنه ولد في زمن وعصر المولى محمد بن عبد الله العلوي.

لم يختلف المترجمون له على حسن خلقه الذي كان يتصف به، ولهذا ليس من الغريب أن نجد كل من ترجم له من العلماء الأعلام يثني عليه ثناءا يليق بمكانته ، وممن أثنى عليه العلامة محمد بن مصطفى بوجندار الرباطي (ت 1345هـ) قال: “أديب الرباط الكبير، بل أديب عصره ونادرة مصره، وأعجوبة دهره، علما وعملا، وفضلا وأدبا، ورواية وسندا، ومحتدا ونسبا” ([3])، وقال أيضا: “وكان رحمه الله طلق الوجه، بشاشا، حسن الخلق، ضاحكا سائر دهره، كثير الخير للفقراء والمساكن واليتامى والأرامل، وتأنيس الغريب، وتسلية المحزون، وتنفيس كربة المهموم، وتفقد ذوي الحقوق، وبذل الميسور من الطعام والدراهم وغير ذلك”([4])، وقال العلامة محمد بن عبد السلام ابن السايح (1367هـ): “نبغ في فنون الأدب وصناعتي النظم والنثر حتى أصبح نسيج وحده”([5])، وقال العلامة عبد السلام بن عبد القادر ابن سودة (ت 1400هـ): “كان علامة مشاركا، أديبا ناظما ناثرا”([6])

توفي رحمه الله بمكة المكرمة سنة ثلاث وأربعين ومائتين وألف، وقيل: سنة أربع وأربعين ومائتين وألف، بعد أن خرج من الرباط للحج ، فرحم الله عالمنا برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جناته.

ثانيا:  عنايته بالسيرة النبوية

   كان المترجم رحمه الله شديد العناية بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، تجلى ذلك بوضوح من خلال قصائده في مدح خير البرية صلى الله عليه وسلم، آناء الليل وأطراف النهار ، حتى إنه نافس ابن الونان في القصيدة العمرية، وهي القصيدة التي عارض بها الشمقمقية لابن الونان؛  حيث جعل معظم أبياتها في مدح سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، ومدح الصحابة الكرام ،حتى حاز السبق المبين بمدح خير العالمين صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم كما قال العلامة بوجندار في الاغتباط([7])، وقال العلامة محمد الأخضر في وصف قصائده التي مدح بها  المصطفى صلى الله عليه وسلم: “كان ممتازا في القصائد الخاصة بمدح الرسول صلى الله عليه وسلم”([8])، وتعد قصائده في المديح من أكثر القصائد عند العلامة محمد ابن عمرو الرباطي، ولعل سبب ازدهار قصائد المدحة النبوية في العصر العلوي المجيد، احتفال ملوك الدولة العلوية بالمولد النبوي الشريف، وتشجيعهم للشعراء على إحياء هذه الليلة.

وقصائد العلامة محمد ابن عمرو الررباطي هذه يوجد بعضها في ديوانه([9])، وبعضها الآخر  في كتب بعض من ترجم له من العلماء الأعلام.

      هذه إطلالة سريعة عن ترجمة العلامة محمد بن عمرو الرباطي رحمه الله تعالى، وعن بعض جوانب عنايته بسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، التي ركزت فيها الحديث على محبته للسيرة النبوية واعتناؤه بالمديح النبوي باختصار. فرحم الله هذا العالم الفذ،  بواسع رحمته، ونفعنا به، وبعلمه، آمين.

  ********************

هوامش المقال: 

([1])  من المصادر التي رجعت إليها أذكر الآتي:  الاغتباط بتراجم أعلام الرباط لمحمد بن مصطفى بوجندار (ص: 342 فما بعدها)،المنتخبات العبقرية لطلاب المدارس الثانوية (ص: 95 فما بعدها)، فهرس الفهارس لعبد الحي الكتاني (1 /279-281)، الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام للسملالي (6/ 219-227)، دليل مؤرخ المغرب لابن سودة (ص: 219) ، إتحاف المطالع له أيضا (1/144)، معجم المؤلفين لرضا كحالة (3/ 633)، الحياة الأدبية لمحمد الأخضر (ص: 384 فما بعدها)

([2]) الاغتباط بتراجم أعلام الرباط لمحمد بن مصطفى بوجندار (ص: 342).

([3])  الاغتباط بتراجم أعلام الرباط (ص: 342).

([4])  الاغتباط بتراجم أعلام الرباط (ص: 345).

([5])  المنتخبات العبقرية (ص: 96).

([6])  إتحاف المطالع (1 /144).

([7])  الاغتباط بتراجم أعلام الرباط (ص: 350).

([8])  الحياة الأدبية (ص: 384)

([9])  له نسخة مخطوطة في الخزانة الحسنية تحت رقم: (6489). كشاف الكتب المخطوطة بالخزانة الحسنية (ص: 181).

*******************

لائحة المصادر والمراجع المعتمدة:

إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع. لعبد السلام بن عبد القادر ابن سودة. تنسيق وتحقيق: محمد حجي. دار الغرب الإسلامي بيروت. ط1/ 1417هـ – 1997م.

الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام. للعباس بن إبراهيم السملالي، راجعه: عبد الوهاب بن منصور، ط2/ 1413هـ- 1993مـ، المطبعة الملكية الرباط.

الاغتباط بتراجم أعلام الرباط. لمحمد بن مصطفى بوجندار الرباطي . تحقيق: د أحمد بن عبد الكريم نجيب مركز نجبويه. ط2/ 1435هـ – 2014م.

الحياة الأدبية في المغرب على عهد الدولة العلوية. لمحمد الأخضر. دار الرشاد الحديثة الدار البيضاء. ط1/ 1977م.

دليل مؤرخ المغرب الأقصى. لعبد السلام بن عبد القادر ابن سودة المري. دار الفكر بيروت. ط1/ 1418هـ – 1997م.

فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات. لعبد الحي بن عبد الكبير الكتاني.  اعتناء د. إحسان عباس. دار الغرب الإسلامي بيروت لبنان. ط2/ 1402هـ- 1982م.

كشاف الكتب المخطوطة بالخزانة الحسنية. عمر عمور. تقديم أحمد شوقي بنبين . منشورات الخزانة الحسنية بالرباط.

معجم المؤلفين (تراجم مصنفي الكتب العربية). لعمر رضا كحالة. مؤسسة الرسالة بيروت. ط1/ 1414هـ -1993م

المنتخبات العبقرية لطلاب المدارس الثانوية. لمحمد بن عبد السلام ابن السايح. طبع في إدارة المطبعة الرسمية برباط الفتح سنة 1920م.

*راجع المقال الباحث: يوسف أزهار

Science

دة. خديجة أبوري

  • أستاذة باحثة مؤهلة بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق