مركز الدراسات والبحوث في الفقه المالكيغير مصنف

العقد المنظم للحكام فيما يجري بين أيديهم من العقود والأحكام

 وقع خلط كبير في هذا الكتاب هل هو لأبي القاسم سلمون بن علي بن عبد الله بن سلمون الكناني (ت767هـ)، أم لأبي محمد ﻋﺒد ﺍﻟﻠﻪ بنﻋﺒد ﺍﻟﻠﻪ بن ﺳﻠﻤﻮﻥ ﺍﻟﻜﻨﺎﻧﻲ (ت741ﻫـ)، وبعد اطلاعي على كتب التراجم والفهارس وما قيل عنه ونسخه المخطوطة -أما كتب الفقه والقضاء فإنها تذكر ابن سلمون ولا تشف الغليل في الكشف عنه وتعيينه-، ترجح لدي أنه لأبي القاسم سلمون بن علي بن عبد الله بن سلمون الكناني، وأضع هنا جميع الأدلة التي جمعت في هذا الباب، والتي تبين نسبة هذا الكتاب لأبي القاسم وهي على النحو التالي:

 

أولا: نسبة العقد المنظم للحكام فيما يجري بين أيديهم من العقود والأحكام لأبي القاسم سلمون بن عليي بن عبد الله بن سلمون الكناني (ت767هـ)

– قال ابن الخطيب (ت776هـ) -وهو معاصر لأبي القاسم سلمون في الأندلس-:” من أهل غرناطة، يكنى أبا القاسم، ويدعى باسم جده سلمون،… من أهل العلم…قديم العدالة، متعدّد الولاية، مضطلع بالأحكام، عارف بالشروط، صدر وقته في ذلك، … ناب عن القضاة بالحضرة، فحمد نفاذه، وحسنت سيرته، تواليفه: ألّف في الوثائق المرتبطة بالأحكام كتابا مفيدا، نسبه بعض معاصريه إلى أنّه قيّده عن شيخه أبي جعفر بن فركون، ودوّن مشيخته”. [الإحاطة في أخبار غرناطة 4/272].

– قال المالقي (ت792هـ) وهو معاصر أيضا لأبي القاسم سلمون: ” من الرواة القضاة، الشيخ الفقيه المحدث الفاضل أبو القاسم سلمون بن علي بن عبد الله بن علي بن سلمون الكناني الأصل، الغرناطي المولد والنشأة…وكان صاحبنا أبو القاسم هذا المذكور أولا رحمه الله! فقيها جليلا، فاضلا، أصيلا، بصيرا بعقد الشروط والأحكام. وله فيها تقييد مفيد”. [تاريخ قضاة الأندلس 1/167]

– قال ابن فرحون (ت 799هـ) وهو أيضا ممن عاصره ولكنه نقل ترجمته من ابن الخطيب : “من أهل غرناطة يكنى أبا القاسم كان رجلاً فاضلاً عالماً بالأحكام عارفاً بالشروط صدر وقته في ذلك وسابق حلبته إلى الرواية والمشاركة قل في الأندلس مكان شذ عن ولايته… ألف في الوثائق المرتبطة بالأحكام كتاباً مفيداً ودون مشيخته وبرنامج روايته ذكره بن الخطيب في كتاب: الإحاطة في تاريخ غرناطة قال: وهو باق إلى الآن نفع الله به”. [الديباج المذهب ص: 206 (252)]

– قال مخلوف في شجرة النور الزكية هو: ” أبو القاسم سلمون بن علي الإمام العلامة شخ الإسلام وحد دهره في معرفة الشروط والأحكام،…ألف في الوثائق كتابا مفيدا عليه اعتماد القضاة والمفتين ودون مشيخته  وبرنامج روايته توفي بغرناطة سنة 767″ [شجرة النور الزكية ص:214 (750)].

– قال عبد الحي الكتاني:” هو أبو القاسم سلمون بن عليّ بن عبد الله بن سلمون الكناني الغرناطي، كان صدر وقته في معرفة الشروط إلى الرواية والمشاركة، له الوثائق المرتبطة بالأحكام، وله برنامج روايته وصفه ابن الخطيب في ترجمته بقوله: نبيه” [فهرس الفهارس 2/1039].

– قال الزركلي هو: ” سلمون بن علي بن سلمون، أبو القاسم الكناني البياسي الغرناطي: قاضي غرناطة. مالكي، عالم بالعقود والوثائق. صنف (العقد المنظم للحكام، فيما يجري على أيديهم من العقود والأحكام – ط) وفي مخطوطات الرباط (الرقم 1633)”. [الأعلام: 3/114]

– قال عمر بن رضا كحالة هو: ” أبو القاسم بن سلمون بن علي بن عبد الله الكناني، البياسي الغرناطي، فقيه مالكي من آثاره: وثائق” 

– مخطوطة العقد المنظم للحكام فيما يجري بين أيديهم من العقود والأحكام، بمركز الأبحاث الإسباني، جاء في مقدمة المخطوطة ” قال الشيخ الفقيه العالم الأوحد أبو القاسم سلمون بن علي بن سلمون الكناني رحمه الله ورضي الله عنه” [تاريخ النسخ 1261 هـ].

– مخطوطة العقد المنظم للحكام فيما يجري بين أيديهم من العقود والأحكام، بمركز المخطوطات لجامعة الملك سعود عدد: 5224، جاء في بيانات المخطوطة أن المؤلف الكناني سلمون بن علي (ت767هـ).

– مخطوطة العقد المنظم للحكام فيما يجري بين أيديهم من العقود والأحكام، بمركز المخطوطات لجامعة الملك سعود عدد: 5285، جاء في حرد المتن ” تم بحمد الله كتاب العقد المنظم للحكام فيما يجري بين أيديهم من العقود والأحكام تأليف قاضي الجماعة بغرناطة بالأندلس أبو القاسم سلمون بن عليّ بن عبد الله بن سلمون الكناني الغرناطي رحمه الله وأرضاه وجعل الجنة منزلته ومأواه…وكان الفراغ منه ظهر يوم الجمعة سابع عشر من شهر الله صفر عام ثمانية وثمانين ومائة وألف والحمد لله رب العالمين”.

– وفي فهرس آل البيت: ” العَقْد المنَظَّم للحكّام، فيما يجري بين أيديهم من العُقود والأَحكام (قضاء)…سلمون بن علي بن سلمون الكِنَاني (أبو القاسم) 767هـ/ 1365م نسخة كتبها أحمد بن محمد بن محمد سنة 880هـ/ 1475م…خزانة القرويين/ فاس 1177 (185و)” [فهرس آل البيت1/164]

ثانيا: نسبة العقد المنظم للحكام فيما يجري بين أيديهم من العقود والأحكام لأبي محمد ﻋﺒد ﺍﻟﻠﻪ بنﻋﺒد ﺍﻟﻠﻪ بن ﺳﻠﻤﻮﻥ ﺍﻟﻜﻨﺎﻧﻲ (ت741ﻫـ)

– لم ينسب أحد  ممن اطلعت على ترجمته لأبي محمد عبد الله بن عبد الله بن عبد الله بن سلمون الكناني (ت741هـ)، هذا الكتاب له، قال ابن الخطيب هو: ” عبد الله بن علي بن عبد الله بن علي بن سلمون الكناني من أهل غرناطة، يكنى أبا محمد، ويعرف بابن سلمون، كان رحمه الله، نسيج وحده، دينا وفضلا، وتخلّقا… كتب الشروط مدة، مأثور العدالة… ويتقدّم السّباق في معرفة القراءات، منقطع القرين في ذلك… تصانيفه: الكتاب المسمى ب «الشافي في تجربة ما وقع من الخلاف بين التّيسير والتّبصرة والكافي» لا نظير له، وفاته: فقد في الوقيعة العظمى بطريف يوم الاثنين السابع لجمادى الأولى من عام أحد وأربعين وسبعمائة. حدّث بعض الجند أنه رآه يتحامل، وجرح بصدره يثغب دما، وهو رابط الجأش، فكان آخر العهد به، تقبّل الله شهادته”[ الإحاطة في أخبار غرناطة 3/308].

– وقال عنه مخلوف: ” أبو محمد عبد الله بن علي بن عبد الله ثلاثا ابن سلمون الكناني الغرناطي، هذا الشيخ وحيد عصره وفريد دهره علما وفضلا وخلقا إمام في كثير من الفنون…ألف الشافي فيما وقع من الخلاف بين التبصرة والكافي…توفي شهدا ف واقعة طريف سنة 741هـ” [ شجرة النور الزكية ص:214 (749)]. ومن هنا يتبين أن ابن خطيب وابن فرحون الذي لم يذكره ومخلوف لم ينسبوا له كتاب في الوثائق ولا ذكروا أنه زاول القضاء.

– أما من نسب الكتاب له ففي فهرس كشاف الكتب المخطوطة بالخزانة الحسنية: ” العقد المنظم للحكام فيما يجري بين أيديهم من العقود والأحكام لأبي محمد عبد الله بن علي بن عبد الله بن علي ابن سلمون الكناني، في 49 نسخة” [انظر الكشاف ص:311].

– وفي فهرس المخطوطات لخزانة المسجد الأعظم بوزان: ” العقد المنظم للحكام فيما يجري بين أيديهم من الوثائق والأحكام لأبي محمد عبد الله بن علي بن عبد الله بن علي ابن سلمون الكناني (ت741هـ)” [فهرس خزانة المسجد الأعظم 2/298].

– وبالمكتبة الأحمدية عدد: 3127 -3128 – 3129، بعنوان: ابن سلمون في الأحكام والوثائق.

– وفي معجم المطبوعات قال سركيس:  “العقد المنظم للحكام فيما يجري بين أيديهم من العقود والأحكام لأبي محمد عبد الله بن عبد الله بن علي بن سلمون الكتاني (فقه مالك) بهامش تبصرة الحكام لابن فرحون العمري (مصر) 1301 و 1302” [معجم المطبوعات العربية والمعربة 1/122].

– طبع قديما على هامش التبصرة لابن فرحون سنة: 1301هـ.

– ثم طبع العقد المنظم للحكام فيما يجري بين أيديهم من العقود والأحكام. لعبد الله بن سلمون الكناني. ط1 – 1301 هـ – دار الكتب العلمية – بيروت (على هامش: تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام لابن فرحون).

– وطبع مستقلا ط تجارية المكتبة الأزهرية للتراث، سنة 2011، منسوبا لأبي محمد عبد الله بن عبد الله بن سلمون الكناني.

خلاصة القول:

   يلاحظ مما سبق أن الذين نسبوا العقد المنظم للحكام فيما يجري بين أيديهم من العقود والأحكام لأبي محمد ﻋﺒد ﺍﻟﻠﻪ بنﻋﺒد ﺍﻟﻠﻪ بن ﺳﻠﻤﻮﻥ ﺍﻟﻜﻨﺎﻧﻲ (ت741ﻫـ)، فربما وقع لهم اللبس والخلط بسبب تحريف بعض النساخ والمفهرسين دون الرجوع إلى المصادر التي ترجمت للأخوين للتأكد من نسبة الكتاب، ثم المطبعة القديمة التي طبعت الكتاب مما أدى بدور النشر إلى متابعة الغلط الذي استمر إلى الآن.

   أما المترجمون الفقهاء وأصحاب الفهارس فقد نسبوا العقد المنظم للحكام فيما يجري بين أيديهم من العقود والأحكام لصاحبه الحقيقي سلمون بن علي بن عبد الله بن سلمون الكناني (ت767هـ)، وأقوى قرينة على هذه النسبة هي أن أبا القاسم ابن سلمون هو الذي عمر في خطة القضاء طويلا وتولاها مرارا ورسخ فيها وأصبح عمدة في مسائلها وحجة في قواعدها وأمورها والكتاب يرشح بقوة على طول باعه في الوثائق والأحكام.

   أما أخوه فهو وإن كان فقيها وتولى العدالة برهة من الزمن فإنه برز في الحديث والقراءات وله فيها مؤلف. أما أن يكون له كتاب بهذا الشأو والرفعة من العلم والنضج والاعتماد فهو بعيد، وإنما الأليق أن يكون لأخيه القاضي أبي القاسم.

                                  بقلم الباحث: محمد الخادير

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق