مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقديةشذور

«العـقيـدة المـيمـونـيـة»

 

بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه؛
وبعد فهذه عقيدة مباركة يجب اعتقادها وحفظها على كل مكلف، وهي للشيخ العالم إمام الطريقة وشيخ الحقيقة سيدي أبي الحسن علي بن ميمون رضي الله عنه ونفعنا به وبعلومه آمين، وهي مأخوذة من رسالته المشهورة نص مقدمتها الفصل الثاني في الأصل الثاني.
وهو قوله تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ﴾ [2]
قال صلى الله عليه وسلم: «أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي: «لا إله إلا الله»[3]، وقال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله» [4]، وقال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [5]، المعنى أن الله تعالى ما أرسل رسولا إلا بتوحيده، أي ليعلم أمته توحيد ربهم، وهو معرفته، قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[6]، أي ليعرفون. فالمعرفة مقدمة على العبادة وشرط فيها؛ إذ كل عبادة بغير علم لا تنفع.
فالمعرفة إذا هي العلم، والعلم منبعه لا إله إلا الله، فلذلك هي أول ما جاء به كل رسول إلى أمته، وكل ما جاءت به الرسل من الكتب المنزلة والتشريع لأممهم هو تفسير لمعنى لا إله إلا الله، وهي الكلمة المأخوذ عليها العهد يوم يقول تعالى: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ﴾ [7]، فجميع الشرائع فيها مجملة يوم «ألست»، ثم جاءت مفصلة بنزول الوحي على أهله عند الاحتياج إلى ذلك، قال تعالى لأكرم خلقه: ﴿وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾[8]. 
فكل ما كلف الله به خلقه في كتبه المنزلـة من الأمر والنهي فمعنـاه لا إله إلا الله، وكل أفعال البر كلها وأقواله من التطوعـات وغيرها معناها لا إله إلا الله، أي لا مقصـود بها إلا الله. فمعنى لا إله إلا الله، أي لا خالق إلا الله، ولا قادر إلا الله، ولا رازق إلا الله، ولا محيي إلا الله، ولا مميت إلا الله، ولا كبير إلا الله، ولا عظيم إلا الله، ولا ضار ولا نافـع إلا الله، ولا موجـود قبل الخلق ولا موجود بعد الخلق إلا الله، ولا معبود إلا الله، ولا مقصود إلا الله، ﴿ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾[9]. ولما أن كـان هذا الإله استوجب جميع أوصاف الثناء، سمى نفسه بأحسن الأسماء، ووصف ذاته بأحسن الصفات وأوجب على الإنس والجن أن يعرفوه بأسمائه وصفاته.
فهو تعالى موجود قديم ، باق، دائم الوجود، أول وآخر، ليس لأوليته ابتداء، ولا لآخريته انقضاء، وأنه عز وجل له ذات، وصفات ذاته لا تشبه الذوات، وصفاته لا تشبه الصفات، فمن صفات ذاته العلية: العلم، والقدرة، والإرادة، والحياة، والسمع، والبصر، والكلام، ويجب على كل مكلف ذكرا كان أو أنثى، حرا أو عبدا، أن يعرف ما يجب لله وما يستحيل، وما يجوز، وما يجب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وما يستحيل وما يجوز.
فمما يجب له تعالى: الصفات المتقدمة الذكر.
ومما يستحيل في حقه: أضدادها، وكل وصف لا يليق به، كالحلول والشبه، فهو تعالى لا يحل في شيء، ولا يحل فيه شيء، ولا يشبه شيء، وهو الشيء: ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ  ﴾[10]، ﴿لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [11]، ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [12]،  ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ` اللهُ الصَّمَدُ ` لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ` وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾[13].
ومما يجوز في حقه تعالى: إيجاد الخلق بعد عدمهم، وعدمهم بعد وجودهم، وإحياؤهم بعد موتهم، وبعث الرسل إليهم.
ومما يجب في حق رسوله صلى الله عليه وسلم أنه: صادق في جميع ما أخبر به، وأتى به عن ربه، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأن الصراط حق، وأن الحساب حق، وأن الميزان حق، وأن الحوض حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأنه بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده 
ومما يستحيل في حقه: أضداد هذه الصفات، وكل وصف يستنقص به البشر، ومما يجوز في حقه عليه الصلاة والسلام الأكل، والشرب، والنوم، والنكاح، قال صلى الله عليه وسلم:«من سنتنا النكاح، فمن رغب عن سنتنا فليس منا»[14] 
فلا يجوز لمكلف أن يجهل هذا بل يجب عليه حفظ هذا باللسان والقلب، ومعنى بالقلب أي يفهم معاني هذه الألفاظ كلها، وبالله تعالى التوفيق، انتهت العقيدة المباركة.
مصدر العقيدة: مجلة الإبانة، العدد الأول2013م، تقديم وتحقيق: دة. حكيمة شامي.
إعداد الباحثة: حفصة البقالي.
الهوامش:
[1]انظر ترجمته في نافذة موسوعة الأعلام.
[2]سورة محمد، الآية :20.
[3]أخرجـه: الترمذي: 5/ 534/3585 وقـال: «هـذا حديث غريب من هذا الوجـه». وله شاهد من حديث طلحة ابن عبيد الله بن كريز أخرجه مالك: 1/ 422 – 423/ 246، وهو مرسل صحيح. انظر الصحيحة: 1503.
[4] رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة وعمرو بن عمر، وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة، ورمز إليه السيوطي بالصحة، بل بتواتره،  انظر الجامع الصغير، حديث: 1630.  
[5] سورة الأنبياء، الآية :25.
[6] سورة الذاريات، الآية: 56.
[7] سورة الأعراف، الآية :172.
[8] سورة الفرقان الآية: 33.
[9] سورة الحديد، الآية :3.
[10] سورة الأنعام، الآية:20
[11] سورة الأنعام، الآية:104.
[12] سورة الشورى، الآية: 11.
[13] سورة الإخلاص، الآية: 1-4.
[14] أخرجه أبو يعلى بلفظ: «النكاح سنتي» في مسنده من حديث ابن عباس بإسناد حسن،  انظر: المغني: كتاب آداب النكاح: 2/25، وسائره متفق عليه من حديث أنس بلفظ: «من رغب عن سنتي فليس مني».انظر: نفسه: 2/25.

بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه؛

وبعد فهذه عقيدة مباركة يجب اعتقادها وحفظها على كل مكلف، وهي للشيخ العالم إمام الطريقة وشيخ الحقيقة سيدي أبي الحسن علي بن ميمون رضي الله عنه ونفعنا به وبعلومه آمين، وهي مأخوذة من رسالته المشهورة نص مقدمتها الفصل الثاني في الأصل الثاني.

وهو قوله تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ﴾ [2]

قال صلى الله عليه وسلم: «أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي: «لا إله إلا الله»[3]، وقال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله» [4]، وقال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [5]، المعنى أن الله تعالى ما أرسل رسولا إلا بتوحيده، أي ليعلم أمته توحيد ربهم، وهو معرفته، قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[6]، أي ليعرفون. فالمعرفة مقدمة على العبادة وشرط فيها؛ إذ كل عبادة بغير علم لا تنفع.

فالمعرفة إذا هي العلم، والعلم منبعه لا إله إلا الله، فلذلك هي أول ما جاء به كل رسول إلى أمته، وكل ما جاءت به الرسل من الكتب المنزلة والتشريع لأممهم هو تفسير لمعنى لا إله إلا الله، وهي الكلمة المأخوذ عليها العهد يوم يقول تعالى: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ﴾ [7]، فجميع الشرائع فيها مجملة يوم «ألست»، ثم جاءت مفصلة بنزول الوحي على أهله عند الاحتياج إلى ذلك، قال تعالى لأكرم خلقه: ﴿وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾[8]. 

فكل ما كلف الله به خلقه في كتبه المنزلـة من الأمر والنهي فمعنـاه لا إله إلا الله، وكل أفعال البر كلها وأقواله من التطوعـات وغيرها معناها لا إله إلا الله، أي لا مقصـود بها إلا الله. فمعنى لا إله إلا الله، أي لا خالق إلا الله، ولا قادر إلا الله، ولا رازق إلا الله، ولا محيي إلا الله، ولا مميت إلا الله، ولا كبير إلا الله، ولا عظيم إلا الله، ولا ضار ولا نافـع إلا الله، ولا موجـود قبل الخلق ولا موجود بعد الخلق إلا الله، ولا معبود إلا الله، ولا مقصود إلا الله، ﴿ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾[9]. ولما أن كـان هذا الإله استوجب جميع أوصاف الثناء، سمى نفسه بأحسن الأسماء، ووصف ذاته بأحسن الصفات وأوجب على الإنس والجن أن يعرفوه بأسمائه وصفاته.

فهو تعالى موجود قديم ، باق، دائم الوجود، أول وآخر، ليس لأوليته ابتداء، ولا لآخريته انقضاء، وأنه عز وجل له ذات، وصفات ذاته لا تشبه الذوات، وصفاته لا تشبه الصفات، فمن صفات ذاته العلية: العلم، والقدرة، والإرادة، والحياة، والسمع، والبصر، والكلام، ويجب على كل مكلف ذكرا كان أو أنثى، حرا أو عبدا، أن يعرف ما يجب لله وما يستحيل، وما يجوز، وما يجب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وما يستحيل وما يجوز.

فمما يجب له تعالى: الصفات المتقدمة الذكر.

ومما يستحيل في حقه: أضدادها، وكل وصف لا يليق به، كالحلول والشبه، فهو تعالى لا يحل في شيء، ولا يحل فيه شيء، ولا يشبه شيء، وهو الشيء: ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ  ﴾[10]، ﴿لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [11]، ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [12]،  ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ` اللهُ الصَّمَدُ ` لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ` وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾[13].

ومما يجوز في حقه تعالى: إيجاد الخلق بعد عدمهم، وعدمهم بعد وجودهم، وإحياؤهم بعد موتهم، وبعث الرسل إليهم.

ومما يجب في حق رسوله صلى الله عليه وسلم أنه: صادق في جميع ما أخبر به، وأتى به عن ربه، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأن الصراط حق، وأن الحساب حق، وأن الميزان حق، وأن الحوض حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأنه بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده 

ومما يستحيل في حقه: أضداد هذه الصفات، وكل وصف يستنقص به البشر، ومما يجوز في حقه عليه الصلاة والسلام الأكل، والشرب، والنوم، والنكاح، قال صلى الله عليه وسلم:«من سنتنا النكاح، فمن رغب عن سنتنا فليس منا»[14] 

فلا يجوز لمكلف أن يجهل هذا بل يجب عليه حفظ هذا باللسان والقلب، ومعنى بالقلب أي يفهم معاني هذه الألفاظ كلها، وبالله تعالى التوفيق، انتهت العقيدة المباركة.

مصدر العقيدة: مجلة الإبانة، العدد الأول2013م، تقديم وتحقيق: دة. حكيمة شامي.

 

                                                       إعداد الباحثة: حفصة البقالي

 

الهوامش:

[1]انظر ترجمته في نافذة موسوعة الأعلام.

[2]سورة محمد، الآية :20.

[3]أخرجـه: الترمذي: 5/ 534/3585 وقـال: «هـذا حديث غريب من هذا الوجـه». وله شاهد من حديث طلحة ابن عبيد الله بن كريز أخرجه مالك: 1/ 422 – 423/ 246، وهو مرسل صحيح. انظر الصحيحة: 1503.

[4] رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة وعمرو بن عمر، وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة، ورمز إليه السيوطي بالصحة، بل بتواتره،  انظر الجامع الصغير، حديث: 1630.  

[5] سورة الأنبياء، الآية :25.

[6] سورة الذاريات، الآية: 56.

[7] سورة الأعراف، الآية :172.

[8] سورة الفرقان الآية: 33.

[9] سورة الحديد، الآية :3.

[10] سورة الأنعام، الآية:20

[11] سورة الأنعام، الآية:104.

[12] سورة الشورى، الآية: 11.

[13] سورة الإخلاص، الآية: 1-4.

[14] أخرجه أبو يعلى بلفظ: «النكاح سنتي» في مسنده من حديث ابن عباس بإسناد حسن،  انظر: المغني: كتاب آداب النكاح: 2/25، وسائره متفق عليه من حديث أنس بلفظ: «من رغب عن سنتي فليس مني».انظر: نفسه: 2/25.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق