مركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصةدراسات عامة

الصوفي أبو محمد عبد الله الغزواني وطريقته من خلال كتابه النقطة الأزلية

الدور الاجتماعي[1]

تتعاقب على الإنسان حالات يشعر فيها بالخوف من البشر (سلطة اللصوص) أو الطبيعة (كوارث، مرض أو المجاعة) أو يعجز عن تحقيق رغباته  (انجاب، عثور عن مفقود) فيكون اللجوء إلى الولي هو السبيل الوحيد للتخلص من الخوف ومقاومته أو تحقيق الرغبة. ويصبح الأمر أكثر أهمية عندما تصير هذه الحالات تهم مجتمعا بكامله.

ويكون الاعتماد على الولي مبنيا على اعتقاد راسخ في قدرته الخارقة على الإغاثة والإنقاذ بواسطة الكرامة. لهذا حرص المجتمع على أن يكثر أولياءه، منهم من يحمي البلاد أو مدنا بعينها أو إحياء ودروبا ومداشر.

وأهم الأدوار التي نهض بها الغزواني:

-الاطعام: لم يكن خاصا بالطلبة والمريدين وإنما يشمل عامة الناس خاصة في وقت المجاعات والأوبئة، فمنذ 922 هـ ظهر ضعف في الانتاج بسبب الجفاف الذي استمر سنة 923 هـ وتسبب 926-927 هـ فيما سماه صاحب “الاستقصا” بالغلاء الكبير[2] حتى كادت المدينة تفرغ من السكان سنة 929 هـ وتعاقبت عليها الأوبئة ما بين 927 و930 هـ فكان الغزواني لا يحتفظ بشيء  يذكر من أسباب الدنيا بل كل ما تيسر له دفعه لذوي الحاجات[3]

مؤلفات الغزواني.

يضم  كتاب (النقطة الأزلية في سر الذات الالهية) آثار الغزواني كلها. لهذا اعتقد بو نويا في حديثه عنه أنه عبارة عن كتابين[4] ففي الكتاب:

-مجموع شعر الغزواني ما يناهز 2400 بيت.

-مراسلات مع بعض مشايخ العصر كاللقاني، وللهبطي حول موضوعات صوفية وأجوبة على تساؤلات بعض مريديه في حلقات الذكر والدرس.

-دعواته واوراده.

-كلامه عن الطريقة والمقامات والتربية والمشيخة.

-سيرته الذاتية وعلاقته بشيخه التباع وشيوخ عصره.

توجد منه نسخ بالخزانة العامة بالرباط والخزانة الحسنية وخزانة ابن يوسف إلا أنها غير تامة، وتوجد نسخة تامة عند حفدة الشيخ.

شعره: يطرح هذا الشعر عدة اشكالات:

  • لا يستقيم وزنه دائما غالبا ما يفلت زمام العروض من يد الغزواني فيستمر في شطحاته الصوفية ومناجاته الالهية غير مكترث بعلم الخليل مع العلم أنه كان يسمي هذا الانتاج شعرا، في قوله: وهذه قصيدة من قصائدي وقلت قصيدة
  • تكثر في الضرورات الشعرية التي تدفع بالشاعر إلى التضحية باللغة، وخاصة بالقافية.
  • المزج بين الكلام العربي الفصيح والدارج في بعض النصوص، وخاصة معها الأراجيز.
  • كثافة المصطلح الصوفي وغموضه: فقد جاءت النصوص غنية من حيث مضمونها وعميقة من حيث دلالتها، تكثر فيها المصطلحات، مما طبعها بطابع الغموض أحيانا، ولعل هذا ما جعل القدماء يقولون (بأن كلام الغزواني غامض لا يفهمه إلا من فتح الله عليه) وهو السبب الذي دفع الغزواني إلى شرح بعض قصائده بنفسه.
  • طول بعض النصوص وتنوع موضوعاتها (أرجوزة في 490 بيتا وأخرى في 776 بيتا) وقصر أخرى إذ لا يتعدى سبعة أو تسعة أبيات، فهل يرجع سبب ذلك إلى أن الغزواني كان رجل فكر وتصوف ولم يكن شاعرا وإنما اقتحم ميدان الشعر لا سباب ذكر بعضها في مقدمة قصيدة (مسائل الانوار وتحفة مناقب الأخيار) عندما قال بأنه نظمها للمريدين والذاكرين (لكي تتعالى أصواتهم وتلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله [5] أم أن ظروف الابداع وشروطه هي التي حتمت عليه ذلك؟.   

الهوامش:

[1] مقتطف من بحوث في التصوف المغربي: حسن جلاب، ص 205-208.       

[2] الاستقصا، 4/ 147.

[3] السعادة الأبدية، 2/ 72.

[4] أضواء على التصوف المغربي من خلال آثار الشيخ عبد الله الغزواني، دراسات عربية واسلامية مهداة إلى إحسان عباس بمناسبة بلوغه الستين من عمره بيروت 1981.

[5] النقطة الأزلية، ص 89.

Science

د. طارق العلمي

  • أستاذ باحث في الرابطة المحمدية للعلماء، متخصص في المجال الصوفي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق