وحدة الإحياءأعلام

الشيخ محمد المكي الناصري مفسرا

د. عبد الرزاق بن إسماعيل هرماس
(العدد 13)

 إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

أما بعد،

هذه دراسة تتوخى إبراز مختلف معالم منهج الشيخ محمد المكي الناصري تـ1414ﻫ، في تفسير القرآن الكريم، وتوقفها عند معالم المنهج، يعني بالضرورة أنها لا تسعى إلى تتبع مختلف الجزئيات التي ربما لا تتناسب مع طبيعة ما ينشر في الدوريات العلمية، إذا أضفنا إلى ذلك حجم التراث التفسيري الذي خلفه الشيخ: كتابا أو مقالة أو محاضرة، وطول ملازمته لهذا العلم، ثم أخيرا طبع تفسيره المرسوم “بالتيسير في أحاديث التفسير” في ست مجلدات…، إذا نظرنا إلى ذلك كله تبين لنا أن موضوع “الشيخ الناصري مفسرا”، سيخرج في بضع مئات من الصفحات وهو ما لن تسعه صفحات الدوريات والمجلات المهتمة بالدراسات والبحوث الإسلامية.

هذا وقد قسمت هذه الدراسة إلى ثمانية مباحث رئيسية:

المبحث الأول: خصص لحياة الشيخ وعصره.

والثاني: اهتم بوصف منهجه في التفسير إجمالا.

والثالث: عرضت فيه للشيخ الناصري مفسرا أثريا.

والرابع: تكلمت فيه عن منهجه في تفسير آيات الأحكام (التفسير الفقهي عنده).

والخامس: استعرضت فيه التفسير اللغوي والبياني للقرآن.

والسادس: كان موضوعه هو التفسير العلمي من خلال “التيسير”.

والسابع: عرض لآرائه وموقفه من التفسير الإذاعي للقرآن الكريم.

والمبحث الثامن والأخير: أفرد للكلام عن مكانة إسهاماته في التفسير بين التفاسير المعاصرة ولمميزات تفسيره.

ونظرا لطول هذه المباحث وتشعبها فسيتم تقسيمها إلى ثلاثة أقسام: الأول منها يشمل المبحثين الأولين، وهو الحلقة الأولى من هذه الدراسة التي ستكون كالتالي:

المبحث الأول: الشيخ محمد المكي الناصري حياته وعصره.

أولا: موجز حياته.

ثانيا: تراثه الفكري وآثاره.

ثالثا: نشاطه السياسي حتى تعيينه أمينا عاما لرابطة علماء المغرب.

رابعا: اهتماماته بتفسير القرآن الكريم.

المبحث الثاني: وصف إجمالي لمنهجه في التفسير. 

أولا: مصادره في التفسير وجمعه بين المأثور والرأي.

ثانيا: موارد الشيخ من خلال “التيسير”.

ثالثا: أسلوب التفسير عنده.

رابعا: تصوره لتفسير القرآن ومنهجه اليوم على أن تشمل الحلقة الثانية المباحث: الثالث والرابع والخامس، وتشمل الحلقة الأخيرة بقية المباحث السالفة، وتحال كل حلقة على النشر بمفردها.

يسر الله إتمام الحلقات الثلاث ونشرها تباعا، ووفقنا الله تعالى لإنجاز دراسة علمية موضوعية متكاملة عن “الشيخ الناصري مفسرا” ونفع بذلك كله.

المبحث الأول: الشيخ محمد المكي الناصري حياته وعصره  

إن الدارس لحياة الشيخ الناصري لا بد أن يلاحظ ذلك التنوع الذي طبع شخصيته، بل حياته كلها، فمن ناحية تكوينه جمع بين التعليم الأصيل والدراسة الجامعية العصرية، ومن ناحية انشغالاته واهتماماته السياسية، فقد طغى النضال السياسي المعتمد على الصحافة على فترة من حياته، ثم فضل الانزواء عن ساحة العمل السياسي في فترة ثانية، وفي دراسته الجامعية نفسها نجده اتجه إلى مدرسة دار العلوم، فلما تعذر عليه ذلك انخرط في سلك طلبة الأزهر، ثم ما لبث أن التحق بالجامعة المصرية، نواة جامعة القاهرة الآن، ثم كلية الحقوق بسويسرا… وفي هذه الترجمة الموجزة لحياة الشيخ وعصره سنهتم بإبراز أهم أحداث حياته مع حصر المتداول من كتاباته التي من ضمنها تفسيره هذا دون إهمال تأثير الأحداث السياسية المختلفة على آرائه وتوجهاته وحياته الوظيفية بشكل عام.

المطلب الأول: الشيخ الناصري: موجز حياته

ولد الشيخ محمد المكي الناصري بن محمد اليمني بن سعيد الناصري بمدينة الرباط بتاريخ 24 شوال 1324ﻫ موافق 11 دجنبر 1906م، وبحكم الوسط الأسري الذي ولد فيه، وجه محمد المكي إلى الدراسة والتحصيل، فأنهى دراسته الابتدائية عام 1918م، وانتقل إلى المعاهد الدينية لإتمام تعليمه[1]. وبعد أن أنهى تعليمه الثانوي 1926م فكر في السفر إلى خارج المغرب لإتمام دراسته وتطلع إلى مصر التي كانت آنذاك تتزعم العالم العربي فكرا وثقافة، وكان سفره إلى القاهرة في شهر صفر من عام 1346م[2]، فسعى للالتحاق بمدرسة دار العلوم أو مدرسة القضاء الشرعي، لكن قوانين مدارس الحكومة المصرية لم تكن تسمح بقبوله في سلك التلاميذ المصريين، فانصرف عنها إلى الأزهر[3].

وذكر الشيخ الناصري للأستاذ إدريس كرم في لقاء معه خلال شهر دجنبر 1990م، أن الدراسة بالأزهر لم ترق له باستثناء أستاذين، واحد في الأصول والآخر في التفسير (بدأت أتردد عليهما)… فأشار علي الشباب هناك بالالتحاق بالجامعة فاستقبلني طه حسين… وسجلت بالكلية في قسم الفلسفة وعلم الاجتماع، وأخذت أختار من الدروس ما أنا بحاجة له لأني ذهبت (عالما) من المغرب…[4] ولما أحس الشيخ الناصري بسعي فرنسا لطرده من مصر رحل منها إلى سويسرا، وفيها درس الحقوق، لتنتهي رحلته الدراسية هذه برجوعه إلى مدينة تطوان أواخر 1933م ليصل إلى الرباط أوائل 1934م[5].

أما الأساتذة الذين درس عليهم أو تأثر بهم فأشهرهم:

ـ أبو شعيب الدكالي.

ـ المدني بن الحسني.

ـ محمد السائح، وهؤلاء أشهر أساتذته من المغاربة[6].

ـ ثم هناك محب الدين الخطيب.

والشيخ الخصر الحسين وقد اتصل بهما في القاهرة.

وتردد في الجامعة المصرية التي أصبحت جامعة الملك فؤاد ثم جامعة القاهرة حاليا على:

ـ طه حسين.

ـ أحمد أمين.

ـ زكي مبارك.

ـ عبد الحميد العبادي.

ـ حسن إبراهيم حسن ومصطفى عبد الرازق.

ـ وفي سويسرا اتصل بالأمير شكيب أرسلان[7].

ـ ومن المستشرقين الذين درس عليهم أندري لالاند الفرنسي

ـ ومن المستشرقين الإيطاليين نيلينو وجويدي.

ـ والألمانيين لتمان وبراجستراسر[8].

أما بالنسبة للوظائف والمهام التي شغلها، فقد زاول مهنة التدريس والتعليم في المعهد الحر، ومعهد مولاي الحسن، ومعهد مولاي المهدي بتطوان، كما انتدب للمشاركة في الكثير من المؤتمرات بالعالم الإسلامي خاصة، وبعد استقلال المغرب عين سفيرا في ليبيا، ثم عاملا على إقليم أكادير لشهور من سنة 1963م، ثم صار وزيرا للأوقاف والشؤون الإسلامية في السبعينات، وعين رئيسا للمجلس العلمي للرباط وسلا، وأخيرا تم تعيينه أمينا لرابطة علماء المغرب عقب وفاة الأستاذ عبد الله كنون رحمه الله سنة 1409ﻫ، كما كان عضوا بأكاديمية المملكة[9].

المطلب الثاني: آثار الشيخ الناصري وتراثه الفكري

حين نرجع إلى مختلف ما نشره الشيخ من كتب ورسائل ودراسات، نجد أن بعض ما نشر له علاقة بتصوره لقضية الإصلاح الاجتماعي، وبعضه له علاقة بموضوع الحماية المفروضة على المغرب، وقسما ثالثا جمعه لما كان يدرس بالتعليم العالي خاصة كلية الحقوق بالرباط ودار الحديث الحسنية، وقسما رابعا من منشوراته له ارتباط بمختلف الملتقيات التي كان يدعى إليها، كما له أعمال مترجمة عن الفرنسية. وهذه قائمة أولية بكتاباته لا تشمل مقالاته الصحفية، فقد نشر في فترة الحماية:

ـ إظهار الحقيقة، وهو رسالة ضد الخرافات والبدع، طبعت بتونس 1925م.

ـ مراكش أمام حرب صليبية جديدة طبعت بالقدس 1931م.

ـ حياة سقراط طبع بالقاهرة 1930م.

ـ فرنسا وسياستها البربرية في المغرب الأقصى، طبع القاهرة 1932م.

ـ وصايا دينية من ملوك الدولة العلوية، طبع الرباط 1934م.

ـ الأحباس الإسلامية في المملكة المغربية، طبع تطوان 1935م، أعيد طبعه 1412ﻫ.

ـ موقف الأمة المغربية من الحماية الفرنسية… طبع تطوان 1946م.

كما قام بتعريب:

ـ سياسة الحماية الفرنسية في المغرب… طبع القاهرة 1938م.

ـ كيف تمت مؤامرة الظهير البربري، (محاضر جلسات اللجنة السرية المكلفة بوضع مشروع هذا الظهير)، طبع بتطوان 1941م.

أما مؤلفاته وأبحاثه المنشورة بعد الاستقلال:

ـ مبادئ القانون الإداري في الإسلام.

ـ مبادئ القانون الدولي في الإسلام.

ـ نظام الحقوق في الإسلام.

ـ مكانة الاجتهاد في الإسلام.

ـ منهاج الحكم في الإسلام.

ـ كيف نجدد رسالة الإسلام.

ـ الشريعة أخت الطبيعة.

ـ النظرية العامة للشريعة.

ـ تاريخ التشريع الإسلامي.

ـ الدعوة الإسلامية: فلسفتها السديدة وسياستها الرشيدة.

ـ الحضارة الإسلامية.

ـ الحضارة المغربية.

ـ إعجاز القرآن على ضوء العلم الحديث.

ـ حكمة الإسلام.

ـ سماحة الإسلام.

ـ كيف انتشر الإسلام في العالم.

ـ نظرة إلى التخطيط العائلي على ضوء التشريع الإسلامي.

ـ دراسات تاريخية عن سبتة والجديدة والصويرة.

وطبعت له أكاديمية المملكة:

ـ فلسفة التشريع الإسلامي.

ـ الأقليات الدينية وحق تقرير المصير.

وفي مجلة الأكاديمية أيضا:

رسالة القرآن في عصر العلم، وطبع ثانية في رسالة مستقلة عن داتا بريس.

علم الكلام فلسفة إسلامية مبكرة.

هذا إضافة لما نشر له ضمن: “ندوة الإمام مالك وندوة الشريعة والفقه”، والدراسات التي خص بها مجلة “دعوة الحق”[10]..

ومن آخر ما كتب دراسته عن موضوع “كيف تسربت ثقافة الإسلام إلى الغرب  المسيحي في العصر الوسيط”، التي قدمها في الندوة الداخلية للأكاديمية بمكناس دجنبر 1991[11]. ويهمنا في هذه الدراسة أشهر وأكبر مؤلفاته: “التيسير في أحاديث التفسير” الذي جمعه من خلال أحاديثه التفسيرية الإذاعية، وقد نشر هذا الكتاب في ست مجلدات صدرت ببيروت عام 1985م عن دار الغرب الإسلامي.

كما صدر له ضمن منشورات الرابطة: “مع الشباب” الطبعة الأولى 1412ﻫ. ودستور الدعوة الإسلامية” و “تحت راية العرش”..

المطلب الثالث: الشيخ الناصري والنشاط السياسي

يكاد الشيخ الناصري يكون شخصية فريدة بين مختلف أعضاء رابطة علماء المغرب بالنظر إلى اهتماماته ومسؤولياته قبل استقلال المغرب وبعد الاستقلال بصفة خاصة، فإذا كان علماء المغرب باعتبارهم يشكلون صفوة الأمة قد شاركوا من مستويات مختلفة في العمل الوطني خلال فترة الحماية، وكانت وطنية أعلام علماء المغرب محكومة بميزان الشرع، فإن عامة العلماء اختاروا في حقبة الاستقلال التفرغ للمهمة السامية التي هي إرشاد الناس وتعليمهم، فكانت وظائف أغلب من انخرط في الحياة الإدارية منهم مرتبطة بقطاع التعليم، وكان النشاط المتصل بالدعوة والتبليغ والإرشاد وظيفتهم الأساسية حتى حين يحالون على التقاعد في القطاع السالف الذكر.

لكن شخصية الشيخ الناصري تكاد تكون متميزة عن الطابع الغالب على العلماء، خاصة وقد أظهر أثر المناصب والمسؤوليات التي أسندت إليه – بعد الاستقلال- على مختلف توجهاته وآرائه في المجالين الاجتماعي والسياسي.

وللإنصاف فإنه يجب علينا حين ندرس نشاط الشيخ السياسي أن نميز ونفصل بين مرحلتين من حياته، مرحلة قبل استقلال المغرب، ثم مرحلة حصوله على الاستقلال.

ففي المرحلة الأولى كان له نشاط مكثف ملحوظ، ابتداء بالكتابة الصحفية ثم تطور إلى إصدار صحف على مسؤوليته وتحت إشرافه، ليصل الشيخ إلى تأسيس “حزب الوحدة المغربية”، بعد توقف كتلة العمل الوطني عام 1937[12].

وحين نرجع إلى كتاباته الصحفية التي شكلت أجلى مظاهر نشاطه السياسي خلال هذه المرحلة، نجد أن الشيخ استغل الصحافة المكتوبة في هذا الوقت المبكر من أجل الدعوة إلى آرائه الإصلاحية في الميدان الاجتماعي والميدان السياسي.

ففي المجال الاجتماعي ظهر أثر رحلاته إلى الشرق واتصاله بالشيخ محب الدين الخطيب، فكان للشيخ الناصري موقف شهامة من البدع وأهلها، خاصة حين أصبح التمسك بالمبتدعات يشغل الناس في المغرب عن الضروري من أمور الدين.

ومن نماذج كتاباته الصحفية بهذا الخصوص ما نشره عام 1936م في مجلة “المغرب الجديد” التي كان يرأس تحريرها تحت عنوان “إنها لمؤامرة”، حيث عرض لإحياء ذكرى المولد النبوي وما ابتدع في ذلك، ومما قاله: “لا أستطيع أن أتصور أمة (تؤمن) برسولها وهي (تجهله)، فالإيمان الحق ثمرة للمعرفة الكاملة، واليقين الراسخ ظل للدليل الواضح… لقد شغلوها عنه بالخوارق المفتعلة، والمخارق المنتحلة، وحالوا بينها وبينه بسدود فولاذية، ووضعوا في طريقها إليه أشواكا مؤذية، واصطنعوا منها مخلوقا جديدا لا هو بالإنسان في معناه الكامل، ولا هو بالحيوان في معناه الناقص، ولكنه مخلوق ممسوخ مشوه أبتر بين الإنسانية العليا والحيوانية السفلى، طابعه البله وخاصيته الصماء، وقانونه الفوضى… قل لي بربك هل يعرف المواطنون المسلمون من حياة رسولهم عشر ما يعرفونه عن (مناقب) أشياخهم وخرافاتهم وشطحاتهم؟ وهل يقيمون من الحفلات (الملية) العامة بقدر ما يقيمونه من حفلات (طائفية) خاصة؟ وهل يتناولون بالقراءة والدراسة والمطالعة دواوين السيرة والسنة كما يتناولون كتب (المناقب) و(الرقائق) و (الحكايات) و (الموضوعات) و(الإسرائيليات)؟[13].

أما في ما يتعلق بتصورات الشيخ الناصري بخصوص موضوع الحماية الفرنسية، فيظهر أنه كان متأثرا فيها بالحركة الوطنية عامة وأفكار شكيب أرسلان بصورة خاصة حين لازمه بسويسرا[14]، ومن أمثلة مقالاته الصحفية ذات البعد السياسي ما حرره عام1934. في مجلة “السلام” عن موضوع “اندجين أخبث كلمة في قاموس الاستعمار”[15]، ومن الأمثلة أيضا ما نشره عام 1940م في جريدة “الوحدة المغربية”، التي كان رئيس تحريرها تحت عنوان: “قبح الله الحماية! فهي جناية ما فوقها جناية…”[16].

هذا بإجمال ما تعلق بنشاطه السياسي خلال فترة الحماية، أما بعد الاستقلال فقد كان لانخراط الشيخ الناصري في الحياة الإدارية أثر على مختلف مواقفه وآرائه السياسية، ويعزو الأستاذ إدريس كرم في دراسته عن “علاقات السياسي بالثقافي عند محمد المكي الناصري…[17]” التحول الذي طرأ على آراء الشيخ إلى تقدمه في السن، وانخراطه في المجال الإداري… قال: “…لقد قيل هذا بعد استقلال المغرب بحوالي ثمان سنوات، أي بعد صدور (المغرب الجديد) بثلاثين سنة، وبلوغ كتابها الستين، وانخراطهم في المجال الإداري باعتبار تقلدهم للمناصب التي تركها الاستعمار فارغة، وتحولهم من مناهضة السلطة إلى تثبيت دعائمها مع اعتبار الفارق”[18].

المطلب الرابع: اهتمام الشيخ الناصري بالتفسير

يرجع اهتمام الشيخ الناصري بالتفسير إلى فترة شبابه، فقد كتب بقلمه عن علاقته وصحبته لهذا العلم منذ الثلاثينات وحتى عقد الستينات عندما أسندت إليه الإذاعة حصة التفسير الصباحية، فكانت بداية إعطائه دروس هذا العلم في المساجد بالمدن التي استقر بها، ثم صارت هذه الدروس محاضرات في التفسير الموضوعي للقرآن الكريم، ليلتزم الشيخ في الأخير بإعطاء مجالس منتظمة استفادت منها الإذاعة ضمن برامجها، وكانت طبيعة هذه المجالس تقتضي تتبع التفسير تبعا للترتيب التوقيفي لكتاب الله، وقد يسر الله للشيخ الناصري إتمام هذا العمل، ليطبع هذا التفسير الإذاعي في مجلدات ويذاع على أمواج الأثير في نفس الوقت من الإذاعة الوطنية بالرباط، وعلى أمواج إذاعة القرآن الكريم بالسعودية…

فكانت بداية دروس الشيخ في التفسير خلال الثلاثينات كما ذكر في مقدمة “التيسير”: “قمت بإلقاء دروس ومحاضرات في تفسير بعض السور وبعض الآيات بمساجد الرباط ومساجد تطوان”[19]، وفي الأربعينات كرس وقته للإقبال على هذا العلم بمدينة الدار البيضاء “.. داومت الإقبال على تفسير القرآن الكريم كل يوم بين العشاءين خلال سنتين متواليتين بالمسجد المحمدي والمسجد العتيق بالدار البيضاء”[20]، وبعد استقلال المغرب أواسط الخمسينات ذكر الشيخ: “…واصلت العمل على نشر رسالة القرآن، فألقيت عدة أحاديث ومحاضرات في موضوعات مختلفة من الدراسات القرآنية… كما قمت خلال نفس الفترة بتفسير عدة سور مفردة في مناسبات متعددة لكن دون التزام بعقد مجالس عامة للتفسير بصورة منتظمة[21].

أما عن بداية إعداده للتفسير الإذاعي الذي تبثه إذاعة الرباط منذ سنوات فقال: “وذات يوم من أسعد أيام الستينات تلقيت دعوة ملحة من الإذاعة الوطنية بالمغرب للقيام بإلقاء أحاديث يومية في تفسير القرآن لفائدة المواطنين والمواطنات وكافة المؤمنين والمؤمنات، وذلك برواية ورش عن نافع التي هي القراءة المتبعة عند المغاربة منذ عدة قرون، فوجدت هذه الدعوة النبيلة هوى في النفس وحنينا في القلب واستجابة روحية كاملة، لكني أحسست في نفس الوقت بثقل المسؤولية وصعوبة التكليف”.

وبعد إتمام تفسير القرآن للإذاعة اتجه الشيخ الناصري كما فعل غيره ممن تصدروا للتفسير الإذاعي بالمشرق كالشيخ محمود شلتوت والشيخ عبد الرحمن بن سعدي إلى جمع ما قدمه لحصص الإذاعة لأجل طباعته في كتابه فكان من نتيجة ما دونه الشيخ الناصري ظهور تفسيره “التيسير في أحاديث التفسير” في أواسط الثمانينات كما سلف الإلماح إليه.

المبحث الثاني: دعامات منهج الشيخ الناصري في التفسير

“التيسير في أحاديث التفسير” كتاب في التفسير الإذاعي للقرآن، وهو كما أراد مؤلفه، رحمه الله، “أحاديث” أو مجالس غايتها الأولى توعية الناس وتقريب معاني القرآن من أفهامهم حتى يكون إدراكها واستيعابها ميسرا لهم، هذا وقد ألمح الشيخ الناصري في مقدمته للكتاب إلى بعض معالم المنهج الذي اختاره وسار عليه متوخيا في إشاراته الاختصار والإيجاز، لكننا نصادف في ثنايا هذا التفسير استطرادا وتوسعا في هذه المعالم، وكأني بالشيخ الناصري أختار، خلافا للكثير من المفسرين المعاصرين، أن يلزم الدارس لمنهجه بالاطلاع على كتابه كله.

المطلب الأول: مصادره في التفسير وجمعه بين المأثور والرأي

زاوج الشيخ الناصري في تفسيره “بين المصادر النقلية للتفسير والمصادر العقلية وإن كانت الأولى هي الغالبة، وفي تعامله مع الآثار كان لا يلقي بالا إلا للصحيح الثابت منها، لكن إذا تعلق الأمر بأثر واه مشتهر بين الناس فإن الشيخ يتوقف لنقده، وكان عمدته في نقد الآثار الواهية تفسير الحافظ ابن كثير الذي كان يرجع إليه كثيرا كما سيأتي.

أما في تعامله مع المصادر العقلية فإن القارئ للتيسير لن يخفى عليه اهتمام الشيخ الناصري بمختلف النكات التي تضمنها أسلوب القرآن الكريم، ورغم أن الكتاب جمع أصلا لغير ذوي الثقافة الشرعية[22]. إلا أنه تضمن وقفات مع غريب القرآن والأشباه والنظائر فيه، هذا فضلا عن اهتمام الشيخ بإبراز مختلف وجوه إعجاز القرآن البياني.

أولا: المصادر النقلية للتفسير عند الشيخ الناصري

على تعدد هذه المصادر اعتمد الشيخ بالدرجة الأولى على مرويات الصحابة في التفسير، أي؛ الأحاديث المرفوعة، فقد كانت طبيعة الحصة الإذاعية المخصصة للتفسير ثم اختلاف مدارك الناس المخاطبين يستوجبان التوقف عند مجمل ما تدل عليه الآيات، والاقتصاد في الاستدلال بالمنقول، لذلك كان الشيخ يكثر الرجوع إلى أمهات التفاسير المشهورة لتحرير المعنى في أوجز عبارة عوض تتبع الآثار المختلفة، وبهذا الخصوص أقول بأن البحث في موارد الشيخ الناصري يمدنا بمادة أوفر من البحث في مصادر تفسيره، على أن المصادر التي رجع إليها لا تكاد تختلف عما اشتهر في تفاسير المعاصرين من أقرانه.

أ. تفسير القرآن بالقرآن عند الشيخ

تفسير كتاب الله بكتاب الله أهم مصادر فهم القرآن إطلاقا[23]، وقد ظهر اعتماد الشيخ الناصري على هذا المصدر من خلال:

ـ رجوعه إلى القراءات القرآنية[24]، واعتماد الصحيح منها لترجيح معنى معين مع إعطاء الأولوية لقراءة نافع المدني تـ169ﻫ.

ففي تفسير قوله تعالى: ﴿إلا عباد الله المخلصين﴾ [الصافات: 74]. قال الشيخ: “ومعنى (المخلصين) بفتح اللام على قراءة نافع المدني وبراوية ورش المتبعة في المغرب: “الذين أخلصهم الله لطاعته واستخلصهم لولايته”، وقرئ بكسر اللام أيضا أخذا من “الإخلاص” بمعنى إفراد الله وحده بالعبادة، وتصفية عبادته من كل الشوائب…”[25].

ـ ومن تفسير القرآن بالقرآن عند الشيخ حمل مجمله على مفصله، ومطلقه على مقيده، وعامه على خاصه، وشرح غريبه ومبهمه بما تضمنته آيات القرآن نفسه، تبعا لما يقتضيه الأسلوب الموضوعي في تفسير القرآن.

ففي تفسير قوله تعالى: ﴿ذلك يوم مجموع له الناس﴾ [هود: 103]، قال الشيخ: “يماثله في المعنى قوله تعالى في آية ثانية: ﴿وهو على جمعهم إذا يشاء قدير﴾ [الشورى: 29]، وهذا المعنى الذي تضمنته كلتا الآيتين تؤكده عدة آيات أخرى في كتاب الله، كقوله تعالى: ﴿يوم يجمعكم ليوم الجمع﴾ [التغابن: 9]. وقوله تعالى: ﴿ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه﴾ [آل عمران: 9]، وقوله تعالى: ﴿هذا يوم الفصل جمعناكم والاَولين﴾ [المرسلات: 38]، وقوله تعالى: ﴿ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا﴾ [الكهف: 99][26].

ب. تفسير القرآن بصحيح السنة النبوية المسندة 

وتفسير القرآن بالأحاديث المسندة غالبا ما يأتي في معرض تفسير الشيخ الناصري لآيات الأحكام، وبحكم طبيعة التفسير الإذاعي فإن الأحاديث النبوية يحتج بها دون تخريج، في الغالب، لأن عامة الناس الذين يستمعون لحلقات التفسير لن يفيدهم إلا مضمن متن الحديث، هذا فضلا عن محدودية ثقافتهم الشرعية. ومن نماذج استشهاد الشيخ بالسنة المشرفة ما أورده عند كلامه عن آية السحر في سورة البقرة: ﴿…إنما نحن فتنة فلا تكفر﴾ [البقرة: 102]. قال: “وفي الصحيح أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: “من أتى عرافا أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد”[27].[28].

وفي كلامه عن المحرمات من النساء [النساء: 22-23]. قال الشيخ: “…يحرم عليه من الرضاع مثل ما حرم عليه من النسب، حيث إن المرضعة تنزل منزلة الأم، فتحرم على من أرضعته هي وكل من يحرم على الابن من قبل أم النسب، وإنما اكتفت الآية بالإشارة إلى صورتين من هذا الصنف وهما: الأم من الرضاعة والأخت من الرضاعة، لأن ذكر الأم التي هي أصل والأخت التي هي فرع تنبيه على الباقي… قال، صلى الله عليه وسلم: “يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب”[29]. وقال، عليه الصلاة والسلام: “لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها[30]. وكلاهما من أحاديث الصحاح…”[31].

احتجاج الشيخ الناصري بالمرويات عن الصحابة في التفسير

وغالب ما استشهد به في التيسير “يتصل بأسباب النزول، أي؛ الأحاديث المرفوعة، من ذلك ما أورده في تفسير قوله تعالى ﴿وامرأة مومنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها﴾ [الأحزاب: 50]، قال الشيخ: “وقد روي عن ابن عباس ومجاهد أنهما قالا: “لم يكن عند النبي، صلى الله عليه وسلم، امرأة موهوبة[32][33].

وفي تفسير قوله تعالى: ﴿إلا المودة في القربى﴾ [الشورى: 23]، ذكر ما أخرجه البخاري عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أنه سئل عن الآية: فقال سعيد بن جبير: قربى آل محمد، فقال ابن عباس: “عجلت، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يكن بطن من بطون قريش إلا كان له فيهم قرابة، فقال: إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة[34][35]“.

وقد يقع أن تكون مرويات الصحابي، عند الشيخ الناصري، من قبيل الموقوف، ففي تفسير ﴿لم يدخلوها وهم يطمعون﴾ [الأعراف: 46]. قال: “وقال ابن عباس: “هم يطمعون أن يدخلوها، وهم داخلوها إن شاء الله”[36][37].

وقد تكون الرواية عن الصحابي متصلة بفضائل القرآن، من ذلك ما أورده الشيخ في ختام تفسير سورة النساء: “… والآن ونحن على أبواب الانتهاء من سورة النساء، نرى من المناسب أن نلفت النظر إلى ما نقله المفسرون عن عبد الله بن مسعود وعن عبد الله بن عباس من تنويه خاص ببعض الآيات الواردة في هذه السورة، وهي آيات قال عنها الأول (ما يسرني أن لي بها الدنيا وما فيها)، وقال عنها الثاني: (هي خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت)”[38].

د. مرويات التابعين في تفسير الشيخ الناصري

أكثر هذه المرويات مما اقتبسه الشيخ عن أمهات التفاسير التي رجع إليها، وقد دفعه الاختصار إلى إيراد هذه المرويات منسوبة لأصحابها دون ذكر مصادرها اعتبارا لما يتطلبه التفسير الإذاعي. ففي قوله تعالى: ﴿هذا نذير من النذر الأولى﴾ [النجم: 56]، قال الشيخ: “إشارة إلى ما سلف من الأخبار عن الأقوام التي هلكت في سالف الزمان كما فسره أبو مالك الغفاري، وقال قتادة ومحمد بن كعب وأبو جعفر: إنه إشارة إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم…”[39].

وفي تفسير ﴿ثلة من الأولين وقليل من الآخرين﴾ [الواقعة: 13- 14]، قال الشيخ الناصري: “والمراد في هذه الآية (بالأولين) الأمم الماضية و (بالآخرين) الأمة الإسلامية فيما روي عن مجاهد والحسن البصري…[40].

ﻫ. مرويات أهل العلم من أهل السنة عند الشيخ الناصري في “التيسير”

الرواية عن أعلام العلماء كثيرة في كتب التفسير، فلا زال كل خلف من الأئمة والعلماء يأخذ عن سلفه إلى يومنا الراهن، وأكثر أقوال أهل العلم عند المفسرين تتعلق ببيان المشكل من آيات الأحكام، كما نص على ذلك جهابذة أهل التفسير[41]. وحين نرجع إلى “التيسير” نجد الشيخ الناصري يورد الكثير من أقوال متقدميه، سواء كانوا من طبقة الأئمة المجتهدين أو من عامة العلماء الملتزمين بمذاهبهم، وأكثر ما يورد هذه الأقوال في معرض تفسيره لآيات الأحكام.

فعند تفسير ﴿فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه﴾ [المائدة: 4]، قال الشيخ: “ويلحق بالكلب المعلم الفهود وجوارح الطير، فقد روى أشهب وغيره عن الإمام مالك: أن الباز والصقر والعقاب وما أشبه ذلك من الطير إذا كان معلما يفقه ما يفقه الكلب فإنه يجوز صيده، وبه قال عامة العلماء”[42].

وفي قوله تعالى: ﴿فتولى عنهم وقال يا قوم لقد ابلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم…﴾ [الأعراف: 93]، بسط الشيخ الناصري الكلام في النصيحة متكلما عن آداب النصح مستظهرا في ذلك بأقوال الإمام الشافعي وأبي حامد الغزالي[43].

هذا وتبقى الإشارة إلى أنه كانت للشيخ، رحمه الله، وقفات مع مختلف بدع التفسير بالمنقول من إسرائليات وموضوعات، وقد كان لاعتماده على تفسيري ابن العربي المعافري (ت543هـ)، وابن كثير الدمشقي (ت774ﻫ) أثر على منهجه في نقد الواهي من آثار التفسير، وسيتم التعرض لهذا الموضوع في الحلقة الثانية من هذه الدراسة، إن شاء الله، ضمن الكلام عن “الشيخ الناصري مفسرا أثريا.

ثانيا: المصادر العقلية للتفسير عند الشيخ محمد المكي الناصري

وهذه المصادر تشمل علوم اللسان من غريب ونحو وتصريف واشتقاق، كما تشمل علوم البلاغة من معاني وبيان وبديع، يضاف إلى ما سبق بعض العلوم المساعدة الأخرى كعلم العمران البشري الذي يمكن أن ندخل فيه التاريخ والجغرافية والاجتماع، مما يمكن أن يفيدنا في إدراك سنن الله في الخلق والتدبير… وعليه فإن المصادر العقلية للتفسير عند الشيخ الناصري يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام، الأول: ما تعلق بعلوم اللسان؛ أي الأخذ بمطلق اللغة، الثاني: ما اتصل بعلوم البلاغة، ويعني ترجيح مقتضى معنى الكلام، والقسم الثالث: ما تعلق بالعلوم الحادثة المهتمة بتطور العمران والمجتمعات البشرية.

أ. الأخذ بمطلق اللغة من خلال “التيسير”

وبحكم طبيعة هذا التفسير والغاية منه فقد حرص مؤلفه على عدم التوغل في دراسة لغة القرآن حتى لا يرتفع عن مدارك عامة الناس، ومن ثم جاء كلامه عن غريب القرآن ونحوه وصرفه مبسطا جدا.

ومن نماذج كلامه عن مفردات غريب القرآن ما أورده في تفسير: ﴿وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو﴾ [الأنعام: 59]، حيث قال: “والغيب ما خفي أمره على العقول ولم ينكشف كنهه للحواس، وحجبه الله عن البصائر والإبصار، وكما أن للبصر حدا لا يتجاوزه، فكذلك للبصيرة حد لا تتعداه”[44].

وفي قوله تعالى: ﴿ومن نعمره ننكسه في الخلق﴾ [يس: 68]، قال الشيخ الناصري: “أي رددناه بعد القوة إلى الضعف، وبعد النشاط إلى العجز، وبعد الشباب إلى الهرم، وهذه الحالة يصدق عليها معنى النكس والانتكاس، يقال: نكست الشيء فانتكس إذا قلبته على رأسه، ووصف كتاب الله في سورتين سابقتين هذه الحالة “بأرذل العمر” لما يعتريها من التراجع والتناقض في القوى والملكات”[45].

وفي قوله تعالى: ﴿الله ولي الذين ءامنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور…﴾ [البقرة: 257]، قال الشيخ الناصري: فها هنا كلمتان هما محور الآية الذي يدور عليه موضوعها من أولها إلى آخرها: الكلمة الأولى كلمة (الظلمات) التي وردت بصيغة الجمع، والكلمة الثانية كلمة (نور) التي جاءت بصيغة الإفراد، فالنور الواحد الذي لا يتجزأ ولا يتعدد هو المصباح الإلهي المنير، الذي يضيء به قلوب أوليائه… و(الظلمات) المتعددة التي لا تنحصر أنواعها ولا أصنافها، من ظلمة الكفر والشرك، إلى ظلمة المعصية والفسق، ومن ظلمة الظلم والعدوان إلى ظلمة الزور والبهتان، وهكذا إلى ما لا نهاية له، هي السحب السوداء، والغيوم الكثيفة التي تغشى أبصار الكافرين والمنافقين وبصائرهم…”[46].

ب. التفسير بالمقتضى من معنى الكلام من خلال “التيسير

غالبا ما كان التفسير بالمقتضى من باب إظهار بلاغة القرآن وإعجاز نظمه، ومن التفاتات الشيخ الناصري إلى هذا الجانب، ما أورده عند قوله تعالى: ﴿ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى…﴾ [لقمان: 22]، قال الشيخ: “والعروة الوثقى من باب التمثيل، فكما أن من أراد التدلي من شاهق، مثلا، مع ضمان النجاة من السقوط لا يسعه إلا أن يستمسك بأوثق عروة في أمتن جبل، كذلك من أراد النجاة لنفسه في الدنيا والآخرة لا يجد عروة يستمسك بها أوثق من الإسلام…[47].

وفي قوله سبحانه:﴿وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتى اكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل﴾ [سبأ: 16]، قال الشيخ الناصري: “وإنما قال تعالى: ﴿وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي اكل خمط وأثل﴾ لأجل المشاكلة بين النوعين، على غرار قوله تعالى: ﴿وجزاء سيئة سيئة مثلها﴾، إذ مثل هذا النبات الوحشي لا يسمى في الحقيقة (جنة) ولا بستانا…”[48].

ج. استفادة الشيخ الناصري من علوم العمران والاجتماع في تفسيره

يظهر ذلك من خلال استعمال الشيخ مصطلحات مثل “الجنس البشري” و”النوع الإنساني…” وهي مصطلحات دخلت مجال التفسير مع المدرسة العقلية الاجتماعية المعاصرة، كما هو واضح في إسهامات محمد عبده ومحمد رشيد رضا وغيرهما التفسيرية، ونجد الشيخ يحرص على استغلال هذه العلوم لأجل تقرير عقيدة الإسلام أو لأجل بيان بعض المبهمات التي تضمنها القرآن ومجال هذه العلوم واسع…

ففي تفسير: ﴿أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما…﴾ [الأنبياء: 30]، قال الشيخ الناصري: “ويرى المومنون بكتاب الله من الباحثين المعاصرين في العلم الحديث، إن هذه الآية الكريمة هي إحدى الآيات البينات التي تثبت لكل منكر أن القرآن العظيم كتاب منزل من عند الله، وأنه لا مجال للشك في وجود الله…[49].

وفي تفسير قوله تعالى: ﴿وعادا وثمودا وأصحاب الرس…﴾ [الفرقان: 38]، رجح الشيخ أن أصحاب  الرس كانوا موجودين في منطقة “القصيم” من المملكة العربية السعودية، فقال مستدلا على ترجيحه: “…وأكدت بعض الأبحاث الحديثة أن القصيم  توجد فيها عدة مدن، من بينها (مدينة الرس) التي فيها معالم تاريخية مشهورة قائمة حتى الآن، على رأسها (وادي عاقل) الذي كانت تقطن فيه قبيلة بني أسد… وتوجد بجوار (مدينة الرس) عدة قصور ومزارع، وبذلك يصبح المكان الذي ينسب إليه (أصحاب الرس) معروفا من الناحية الجغرافية، وأنه واقع في الجزيرة العربية المترامية الأطراف”[50].

المطلب الثاني: موارد الشيخ الناصري في تفسيره

تنوعت موارد الشيخ الناصري بتنوع ثقافته، فقد استمد مادة تفسيره الإذاعي من طائفة من الكتب القديمة والحديثة، منها ما يتعلق بعلم التفسير ومنها ما يتصل بالسنة وبقية علوم الإسلام، ومن موارده أيضا بعض كتب التاريخ والمعاجم وكتب التصوف، وأخيرا بعض المؤلفات المعاصرة عربية وفرنسية.

أولا: موارده من كتب التفسير القديمة والمتأخرة

أهم كتب التفسير التي اعتمد عليها الشيخ الناصري: “أحكام القرآن” لابن العربي المعافري، “تفسير القرآن العظيم” لابن كثير، ثم “كشاف” محمود الزمخشري.

ومن خلال الاستقراء نلاحظ أن موارد الشيخ من كتب التفسير وما تعلق به لا تخرج في الغالب عن المؤلفات التالية مرتبة حسب الأهمية:

1. أحكام القرآن، لابن العربي المعافري تـ543ﻫ[51].

2. تفسير القرآن العظيم، لابن كثير تـ774ﻫ[52].

3. الكشاف، لمحمود الزمخشري تـ538ﻫ[53].

4. الجامع لأحكام القرآن، للأبي عبد الله القرطبي تـ671[54].

5. جامع البيان، لأبي جعفر الطبري تـ310ﻫ[55].

6. تنزيه القرآن عن المطاعن، لعبد الجبار الهمداني تـ415ﻫ[56].

7. البحر المحيط، لأبي حيان الأندلسي تـ754ﻫ[57].

8. مفاتيح الغيب، للرازي تـ606ﻫ[58].

9. التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي الكلبي تـ741ﻫ[59].

10. المحور الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، لابن عطية الأندلسي تـ546ﻫ[60].

11. تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول والصحابة والتابعين، لابن أبي حاتم الرازي تـ327ﻫ[61].

12. لباب التأويل في معاني التنزيل، لعبد الله بن محمد الخازن تـ741ﻫ[62].

13. معاني القرآن، لأبي زكريا الفراء تـ207ﻫ[63].

14. معاني القرآن وإعرابه، لأبي إسحاق الزجاج تـ311ﻫ[64].

15. تفسير النكت، للماوردي تـ450ﻫ[65].

16. مدارك التنزيل، لأبي البركات النسفي تـ701ﻫ[66].

كما عزا الشيخ الناصري الآثار التي احتج بها إلى بعض التفاسير المتقدمة كتفسير مقاتل بن سليمان البلخي تـ150ﻫ[67]، وتفسير عبد الملك بن جريح تـ149ﻫ[68]، وتفسير علي بن أبي طلحة تـ143ﻫ[69].

أما التفاسير المعاصرة التي رجع إليها فهي:

ـ في ظلال القرآن، لسيد قطب تـ1386ﻫ[70].

ـ التحرير والتنوير، لمحمد الطاهر بن عاشور تـ1393ﻫ[71].

ومن مؤلفات المستشرقين باللغة الأجنبية رجع الشيخ إلى كتابات الفرنسي ريجيس بلاشير تـ1973م[72].

هذا وقد يقع أن لا ينسب الشيخ الناصري التفسير لأحد بعينه خاصة في حال إجماع أو اتفاق أهل العلم على شيء، فيقول: “ذهب أكثر المفسرين إلى أن المراد…”[73]، فإذا لم يكن التفسير موضع اتفاق استعمل الشيخ عبارة “وحمل بعض المفسرين…”[74]، وإذا كانت الرواية غير قطعية الثبوت استعمل الشيخ عبارة “وورد في عدة تفاسير…”[75].

ثانيا موارد الشيخ الناصري من كتب السنة المشرفة

وتشمل هذه الكتب جامع الإمام البخاري وجامع الإمام مسلم[76]، وكتب السنن الأربعة[77]، وموطأ مالك[78]، ومسند أحمد[79]، كما يذكر الشيخ الناصري بقية مصادر السنة كمستدرك الحاكم، وسنن البيهقي، وصحيح ابن حبان، وسنن الدارقطني[80]. ومن شروح السنة التي استفاد منها الشيخ “فتح الباري” لابن حجر العسقلاني تـ856ﻫ[81]. والتمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد “لابن عبد البر النمري تـ463ﻫ[82].

وأكثر هذه المصنفات ورودا في “التيسير” الجامع الصحيح للبخاري والموطأ للإمام مالك، فقد استفاد الشيخ الناصري من تراجم الإمام البخاري لأبواب الجامع، كما اقتبس الكثير من المسائل مما تضمنه الموطأ من فقه السلف الصالح[83].

ثالثا: رجوع الشيخ الناصري إلى كتب الفقه وأصوله 

فمن كتب الأصول التي استمد منها: كتاب “الموافقات في أصول الأحكام” لأبي إسحاق الشاطبي تـ790ﻫ، بتعليق محمد الخضر حسين[84]. وقد لا ينسب الشيخ الكلام إلى أحد فيستعمل عبارة “استنبط المحققون من علماء الأصول…”[85]، وهذا مما يناسب عامة المخاطبين من مستمعي الإذاعة.

ومن كتب الفروع التي رجع إليها الشيخ الناصري في “التيسير” كتاب إحياء علوم الدين” لأبي حامد الغزالي تـ505ﻫ[86]، و”بداية المجتهد” لابن رشد تـ520ﻫ[87]، و “تهذيب الأسماء” للإمام النووي تـ676ﻫ[88]، على أنه يجب التنبيه هنا إلى أن أكثر مسائل الفقه كان يأخذها محررة من “أحكام القرآن” لابن العربي.

رابعا: رجوع الشيخ الناصري إلى كتب أصول الدين

وذلك للاستدلال على مسائل الاعتقاد، لكن بحكم أن “التيسير” لم يوضع أصلا للمتضلعين في العلم الشرعي، فقد كان حرص المؤلف على تبسيط المسائل حتى تناسب مدارك العامة، بصرفه عما حوته كتب الأصول وعلم الكلام، ولانكاد نجده يذكر في تفسيره إلا كتاب “أصول الدين” للبغدادي تـ429ﻫ[89]، ثم الكشف عن مناهج الأدلة” لابن رشد تـ595ﻫ[90].

وعوض الاهتمام بمسائل الأصول التي تضمنتها المصنفات القديمة، اختار الشيخ بدلا عن ذلك بسط قضايا الاعتقاد والاستدلال عليها في ضوء معطيات العلم المعاصر الذي هو أقرب إلى مدارك المخاطبين من تلك المباحث المتشعبة التي جمعتها مصنفات أصول الدين، وسيأتي تفصيل الكلام عن هذا الجانب من “التيسير” حين نعرض لموقف الشيخ من التفسير العلمي للقرآن في حلقة لاحقة إن شاء الله.

خامسا: استفادة الشيخ من كتب السيرة والتاريخ

فبالنسبة لدواوين السيرة كان منهج الشيخ الناصري في الاستفادة منها يقوم على جمع القصة أو الحادثة وإجماع وقائعها بأسلوب يقرب ذلك من المستمع دون شغله بتتبع مصادرها.

فهو يذكر، على سبيل المثال، في تقديمه لتفسير سورة الحشر: “والسبب المباشر لحصار (بني النضير) فيما يذكره أصحاب المغازي والسير هو أنهم تواعدوا مع رسول الله…”[91]، ولا يحدد المصادر من كتب السيرة لأن الراوية تواترت في ذلك ولانعدام الفائدة من ذكرها بالنسبة لعامة المستمعين.

وفي تفسير ﴿كما أخرجك ربك من بيتك بالحق…﴾ [الأنفال: 5]، قال: “وقد نقلت دواوين السيرة وكتب الحديث أن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما بلغه خروج قريش…”[92]، وقد يسمي الشيخ كتاب السيرة الذي استقى منه بعض النكات[93]، كما نجده يأخذ أحداثها من كتب التفسير كأحكام ابن العربي وتفسير ابن كثير[94].

وبالنسبة لتفسير آيات القصص وأخبار الأقوام السابقين مع أنبيائهم فقد كان الشيخ الناصري يستقي معلوماته من مصادر متنوعة ككتب التاريخ القديم[95]، ومحفوظات ووثائق المتاحف[96]، وهذين المصدرين استفاد منهما في كلامه عن أسر الفراعنة التي تكلم عنها القرآن في قصة موسى عليه السلام، وقد يرجع الشيخ إلى كتب “قصص الأنبياء” لمعرفة بعض ما أجمله القرآن، وفي هذه الحالة يسوق القصة مقرونة بقوله: “…فيما يرويه المؤرخون”[97].

سادسا: استفادة الشيخ من كتب المعاجم 

وهذه الاستفادة محدودة لما سبقت الإشارة إليه من كون التفسير جمع بالأساس ليذاع ويستفيد منه عامة الناس الذين لا تسمح لهم حصيلتهم المعرفية بالتعامل مع أمهات مصادر العلم…

وقد نص الشيخ محمد المكي على مصدرين اثنين من المعاجم التي رجع إليها الأول: “لسان العرب” لابن منظور تـ711ﻫ أخذ منه معنى السكر “الوارد في قوله تعالى: ﴿تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا﴾ [النحل: 67][98]. المعجم الثاني الذي رجع إليه الشيخ “معجم البلدان” لياقوت الحموي تـ626ﻫ[99].

سابعا: رجوع الشيخ الناصري إلى كلام بعض المتصوفة وكتبهم

فقد أحال الشيخ في الأجزاء الثلاثة الأخيرة على بعض كلام المتصوفة في تفسيره للآيات، ففي قوله تعالى: ﴿أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين﴾ [النمل: 22]، قال الشيخ الناصري: “… على أن مثل هذا السؤال قد سبق إلى وضعه أحد علماء التصوف الكبار، وهو محمد بن علي الترمذي الحكيم، ضمن الأسئلة التي وضعها لتمحيص المدعين في طريق القوم من غيرهم واختبارهم – ومجموعها مائة وخمسة وخمسون سؤالا – تصدى للجواب عنها جميعا ابن العربي الحاتمي في فتوحاته المكية…[100].

إضافة إلى ذلك كان الشيخ الناصري يقتبس طائفة من “لطائف التفسير” عن كتاب أبي القاسم عبد الكريم بن هوزان القشيري الموسوم بـ “لطائف الإشارات”[101].

ثامنا: استفادة الشيخ من المؤلفات المعاصرة  

فضلا عن تفسيري سيد قطب وابن عاشور من المعاصرين، كان الشيخ الناصري يرجع إلى بعض مؤلفات معاصريه في المسائل المتعلقة، غالبا، بالثقافة العامة، ومما أحال عليه منها: كتاب “حقائق الإسلام وأباطيل خصومه” لعباس محمود العقاد[102]. وكتاب “أصول النظام الاجتماعي في الإسلام” لمحمد الطاهر ابن عاشور[103]، وكتاب “مع الله في السماء” لأحمد زكي[104]، و “دائرة معارف القرن العشرين” لمحمد فريد وجدي[105]، كما كان يحيل على كلام بعض المصلحين المتأخرين مثل: جمال الدين الأفغاني وأحمد بن خالد الناصري المغربي[106].

المطلب الثالث: طريقة الشيخ الناصري في “التيسير”

وضع الشيخ مقدمة طبعت مع تفسيره أجمل فيها الكلام عن الطريقة التي سلكها لتفسير كتاب الله، وقد أراد بهذه المقدمة المختصرة في سبع صفحات تعريف القراء بهذا التفسير الذي يقدمه لهم.

قال: هذه كلمات مختصرة وضعتها بين أيدي هذه الأحاديث، قصد تعريف القراء الأعزاء بالظروف التي أوحت بها، والغاية المتوخاة منها، والطريقة المتبعة في إملائها، حتى يكونوا على بينة من أمرها…[107].

ولو أردنا البحث في الطريقة التي سلكها الشيخ في تفسيره لوجدناها تقوم على الخطوات التالية:

أولا؛ تقسيم التفسير إلى حلقات كل واحدة منها تشمل ربع حزب من القرآن، فتكون عدد حلقات “التيسير في أحاديث التفسير” مائتان وأربعون حلقة[108].

ثانيا؛ وضع تمهيد لكل حلقة، يناسب المستمع للإذاعة ويفيده، في هذا التمهيد يتطرق الشيخ الناصري لمضمون الربع أو موضوعه العام، ثم يعرض للسياق الذي ورد فيه وارتباطه بما قبله من القرآن، مبرزا أوجه التناسب بين الآي، فإذا تعلق الأمر ببداية السورة تكلم أيضا عن تسميتها…

قال الشيخ: “وتسهيلا للوصول من أقصر الطرق وأيسرها إلى الغاية المتوخاة من “أحاديث التفسير اليومية” ارتأيت أن أقدم بين يدي الآيات التي أنا مقبل على تفسيرها، والتي يكون المستمع مقبلا على سماعها وتدبرها، مدخلا تمهيديا لتلك الآيات، ونظرة عامة عليها، حتى يستعد في يسر وأناة وتدرج لفهمها واستيعابها، ويتبين له المحور الذي تدور عليه من أولها إلى آخرها.

وفي هذا المدخل التمهيدي أدرج مسبقا – بطريقة أو بأخرى- ما يصلح أن يكون شرحا لبعض المفردات المستعملة في تلك الآيات، إعانة له على فهمها، مما لا يجده اليوم مستعملا بكثرة، أو لا يجده مستعملا بالمرة، حتى ما إذا ما واجه آيات الحصة واجهها بمنتهى الوعي وكامل الإدراك، وحصل منها على الفائدة المرجوة”[109].

ثالثا؛ الاحتراز من المصطلحات العلمية والفقهية إذا كان شأنها أن تجعل فهم واستيعاب المستمع عسيرا؛ إذ أن “التيسير” موجه بالدرجة الأولى إلى محدودي الثقافة الإسلامية من المستمعين والقراء[110]. وفي هذا قال الشيخ الناصري أيضا: “وحتى لا يتشعب القول في هذه الأحاديث، ولا يخرج عن الغرض الذي من أجله وقع التفكير في إملائها، لم أجعل منها معرضا للمصطلحات العلمية، ولا مرجعا للخلافات المذهبية، ولا معتركا للجدل والفضول وكثرة القيل والقال، والتوسع الزائد عن الحاجة المؤدي إلى الإملال، ولم أشحنها بذكر (القواعد العلمية) التي تضبط كل فرع من فروع الثقافة الإسلامية، ولم أشر إليها إلا لماما وعند الضرورة، إذ الغاية الأولى والأخيرة من هذه الأحاديث هي المساهمة العلمية واليومية في التثقيف الشعبي والديني الذي هو حق كل مسلم ومسلمة…”[111].

رابعا؛ تجنب الآثار الواهية والأخبار الموضوعة التي حشيت بها كثير من كتب التفسير فأفسدت على العامة فهمهم لكتاب ربهم، وشوشت عليهم عقيدتهم وتصوراتهم، من ثم كان لزاما على المفسر التحري في صحة الروايات والالتزام في تفسير القرآن بالثابت الصحيح من المنقول…

قال الشيخ: “فلتدر إذن” أحاديث التفسير اليومية في فلك هذه الآيات البينات… ولتقدم للجمهور المسلم معاني القرآن، خالصة من جميع الشوائب التي تتنافى مع روح القرآن، ولتبرئ ساحة القرآن من كل مالا يمت بسبب ولا نسب إلى القرآن، أو السنة الصحيحة التي هي بيان القرآن…”[112].

خامسا؛ اختيار أسلوب مبسط لكتابة هذا التفسير حتى لا يعلو على المدارك، مع الحرص على استعمال لغة قريبة مما يتكلم به الناس في العصر الراهن مهما كان مستواهم التعليمي..

قال الشيخ الناصري: “أما الأسلوب الذي اخترته لإملاء هذه الأحاديث فهو أسلوب مبسط وسط يفهمه الأمي ويرتاح إليه المتعلم، بحيث لا ينزل حتى يبتذل عند الخاصة، ولا يعلو حتى يصعب على العامة، بل هو بين بين، يتجافى عن استعمال الوحشي والدخيل والغريب، ويتفادى كل ما فيه تعقيد أو غموض، من بعيد أو قريب، ويتحدث إلى أهل العصر بلغة العصر..”[113].

سادسا؛ إذا لم يتيسر تفسير الربع المحدد للحلقة الواحدة ركز الشيخ الناصري على بعضه وترك الباقي لحصة لاحقة، وهذا الإجراء فرضته على الشيخ طبيعة البرامج الإذاعية التي حرر لأجلها تفسيره، فلما أراد طبعه تركه على حاله منبها القارئ إليه في المقدمة.

قال: “وعندما يضيع الوقت المخصص في الإذاعة لحصة التفسير عن استيعاب القول في جميع الآيات الداخلة في نطاق الحصة أكون مضطرا إلى التركيز على قسم من تلك الآيات، وأؤجل القول في بعضها الباقي إلى أن يأتي ما يماثلها في حصة أخرى… حتى إذا حلت المناسبة المرتقبة جمعت الآيات المتعلقة بنفس الموضوع في صعيد واحد، وتناولت السابق منها واللاحق بالتفسير الكافي والشرح الوافي بقدر الاستطاعة، وبذلك تكون أحاديث التفسير قد تناولت في مجموعها الجميع”[114].

المطلب الرابع: منهج التفسير اليوم كما يتصوره الشيخ الناصري

يقوم تصور الشيخ لمنهج تفسير القرآن اليوم على خمسة أسس:

أولا؛ اعتبار القرآن كتاب هداية، أي هداية الخلق إلى الله تعالى ثم هدايتهم إلى السلوك الأقوم في الدنيا وإلى جنات النعيم في الآخرة.

قال الشيخ: “فقوله تعالى: ﴿تلك ءايات القرءان وكتاب مبين هدى وبشرى للمومنين﴾ [النمل: 1- 2] ينص على أن كتاب الله يتضمن أمرين:

الأمر الأول: هداية الخلق إلى كل ما هو حق، حتى يتفادوا كل ما هو باطل قولا وفعلا واعتقادا.

الأمر الثاني: تعريف المهتدين الذين اهتدوا به، بما يلقونه من البشائر في الحياة الدنيا وفي الآخرة، فلا يعتري حياتهم خلل ولا اضطراب، ويكونون بمنجاة من أليم العذاب”[115].

ثانيا؛ الاعتقاد بأن القرآن كتاب أحكام وسلوك عملي كما هو كتاب عقيدة وتصور لقضايا الوجود والحياة، جاءت أحكامه متكاملة لتنظيم الحياة البشرية وفق شريعة الله التي فطر عليها الناس منذ أن اقتضت حكمته الأزلية خلقهم واختيارهم للأرض…

قال الشيخ الناصري: “… ذلك أن آيات القرآن الكريم ليست قصة من قصص الماضي السحيق يكتفي بحكايتها والتبرك بها في فترات الراحة والاسترخاء، ولا خبرا من أخبار الغابرين يقتصر على التلهي بها في مجالس التسلية والسمر، وإنما هي رسالة الحياة المتجددة في كل عصر وجيل، وقصة اليوم والغد والحاضر والمستقبل، وهي مرآة المسلم الصافية التي يجب أن ينظر وجهه فيها كل مطلع شمس، ويعير سلوكه بمعيارها، ويكيف حياته بها في كل حين ﴿إن هذا القرءان يهدي للتي هي أقوم﴾”[116].

ثالثا؛ الحرص على تدبر آيات القرآن ومعانيه، ويعني التدبر الوقوف على ألفاظه مفردة، وجمله مجتمعة، والبحث في دلالتها على المباني بعد أن ينزه المتدبر نفسه عن كل ما يبعده عن فهم القرآن وفقه معانيه، إذ المعاصي والبدع والأهواء كلها تصد عن التدبر وتغلق على صاحبها باب الفهم في كتاب الله.

قال الشيخ في تفسير قوله عز وجل: ﴿طه ما أنزلنا عليك القرءان لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى﴾ [طه: 1- 3]: “وبمناسبة الحديث عن رسالة القرآن وأثرها العظيم في الحياة، لفت كتاب الله نظر رسوله إلى ما ينبغي أن يكون عليه من التأني والتثبت عند تلقي القرآن واستذكار مبانيه، وما ينبغي التطلع إليه من مزيد العلم والفهم لاستيعاب معانيه…”[117].

والنبي، صلى الله عليه وسلم، جعله أسوة للأمة من بعده، فإن كان جل وعلا قد أمره بتدبر القرآن، فمن تصدى لتفسير القرآن أولى بذلك منه ولا شك… وهذه الأسس الثلاثة هي في جوهرها آداب موضوعية وذاتية يجب أن يحرص عليها المفسر لكتاب الله كما هو معروف في كتب أصول تفسير القرآن الكريم.

رابعا؛ تفسير القرآن في إطار الظروف التي نزل فيها، فليس للمفسر أن يحكم فيه ظروف بيئته، ولا أن يسقط عليه معطياتها، لأن القرآن هو الحكم ولا حكم عليه، وقد عرض الشيخ الناصري لهذه القاعدة بإسهاب عند تفسير قوله تعالى: ﴿وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوّروا المحراب﴾ [ص: 21]، حيث قال: “… وفهم القرآن على هذا النحو وشبهه من الإيحاء والتوجيه والإرشاد، وتحليل آياته في إطار الجو الذي نزلت فيه هو ما يدعو إليه كتاب الله نفسه في هذا السياق…”[118].

خامسا؛ تفسير القرآن في ضوء اللسان الذي نزل به وهو أصل من الأصول المعتبرة في العلم، حتى كان المتقدمون من السلف والخلف من بعدهم يرون المتكلم في التفسير ممن يجهل اللسان مستحقا لتشديد العقوبة، ذلك أن الله عز وجل نزل كتابه بلسان عربي مبين على أفصحهم وندبهم إلى تدبره واستنباط معانيه وأحكامه وهديه وذلك لن يتم إلا بالرجوع إلى اللسان الذي أنزل به.

وقد اعتبر الشيخ الناصري نزول القرآن بالعربية إمعانا في تكريم الرسول العربي، صلى الله عليه وسلم، ورسالته، كما هو تكريم لأهل اللسان، إذ أن فهم كتاب الله لا يكون إلا باللغة التي نزل بها… وفي سياق بيان الشيخ لأهمية هذه اللغة ودورها في فهم الدين، استطرد عند تفسير قوله تعالى ﴿وإنه لذكر لك ولقومك، وسوف تسألون﴾ [الزخرف: 44]، قائلا: “… أي سوف تسألون عن هذا القرآن: هل قمتم بحقه، وشكرتم الله على أن خصكم به؟ ومن هنا فهم اللسان العربي المبين أكبر عون على فهم الدين، والتمسك به عن بينة ويقين…”[119].

الهوامش


1. من مصادر ترجمته: الأدب العربي في المغرب الأقصى، لمحمد بن العباس القباج، ج 2، صدرت طبعته الأولى في (1347ﻫ/1929م). الفكر والثقافة المعاصرة في شمال إفريقيا، لأنور الجندي، طبعة الدار القومية، القاهرة، 1385ﻫ/1965م. سيرة الشيخ محمد المكي الناصري، لمجموعة من الكتاب، طبعة دار المعارف، الرباط، 1991ﻫ.

2. أنور الجندي، الفكر والثقافة… ص186.

3. القباج، الأدب العربي في المغرب الأقصى، ج 2، ص85 وما بعدها.

4. إدريس كرم، علاقة السياسي بالثقافي، عند الشيخ محمد المكي الناصري ضمن دورية الإحياء، رقم 13، ص216.

5. وكان الشيخ الناصري قد التحق بالجامعة المصرية عام 1927م. وانظر المصدر السابق، ص217.

6. وممن تأثر بهم أيضا من المغاربة الأديب أمحمد بنونة والمؤرخ محمد داود اللذين احتك بهما خلال إقامته بتطوان. انظر سيرة الشيخ محمد المكي الناصري، ص194.

7. إدريس كرم، ضمن مجلة الإحياء، ص216-217.

8. سيرة الشيخ محمد المكي الناصري، ص93.

9. انظر ذلك بتفصيل في المصدر السابق، ص189… وقد توفي الشيخ الناصري يوم الثلاثاء 9 ماي 1994م بالرباط، عن سن تناهز 88 سنة.

10. انظر سيرة الشيخ محمد المكي الناصري، ص197- 198 وكذلك ص460.

11. نشرها في الإحياء، الرقم المتسلسل 14، ص185-198.

12. سيرة الشيخ المكي الناصري، ص455.

13. الناصري، إنها لمؤامرة، المغرب الجديد، العدد 12، السنة 2، بتاريخ 15- 6- 1936م، ص23، نقلا عن: إدريس كرم، الإحياء، رقم 13، ص219. وذكر الأستاذ كرم أن المقال كانت له آثار حتى على أفراد هيئة التحرير الذين وجد من بينهم أنصار الطرقيين وأرباب الزوايا…

14. ذكر الشيخ الناصري: “أنه كان يساعد الأمير شكيب أرسلان في كتاباته، خلال إقامته بسويسرا، لأنه كان قد أصبح متعب العين، فكان مدرسة هامة بالنسبة لي، اطلعت خلالها على حالة العالم الإسلامي”. إدريس كرم، م، س، ص217.

15. مجلة السلام، السنة الأولى، العدد 6، مارس 1934م، نقلا عن الأستاذ كرم، مرجع سابق، ص229. ولفظه اندجين للفرنسية Indegene س تعني في المعجم الفرنسي: “من ينتمي إلى مجموعة عرقية كانت موجودة في بلد – فيما وراء البحار- قبل استعماره”. انظر: Micro Robert P557 édition 1980, Paris ، وكانت فرنسا عقب فرض الحماية على المغرب، تصطلح على المغاربة بـ Indigenes في وثائق التعريف، ولا تعتبرهم مواطنين مغاربة ولا أصحاب وطن أو أرض، عكس من طلب الجنسية الفرنسية، ومن ثم أحدثت في نظام إدارتها للمغرب ما اصطلح عليه بالفرنسية Service Des Indigenes، وكان يصطلح عليه بالعربية “بإدارة شؤون الأهالي…” وكانت هذه الإدارة تتكلف بالعلاقة بين سلطة الحماية والمواطنين الذين أصبحوا مجرد “أهالي”، فهي التي تسلم وثائق التعريف الشخصية وغيرها… فكان هذا المصطلح بالفعل أخبث كلمة…

16. نشر المقال في جريدة الوحدة المغربية، العدد 144، السنة 4، ص1، 21 جمادى الأولى، 1359ﻫ موافق 28 يونيو 1940م، وقد أعيد نشر المقال في منبر الرابطة، ضمن مختارات هيئة التحرير، العددين 28 و 20 يناير 1993م.

17. الإحياء، رقم 13 من 213- 237، والدراسة المنشورة في أصلها محاضرة ألقاها، ذ. كرم بالمقر العام للرابطة ضمن أنشطتها، وذلك بتاريخ 19 رمضان 1411ﻫ موافق 5 أبريل 1991م.

18. انظر المرجع السابق، الإحياء، رقم 13، ص230.

19. الناصري، التيسير في أحاديث التفسير، بيروت: دار الغرب الإسلامي، ط1، 1405ﻫ، ج 1، ص5 و6.

20. المرجع نفسه.

21. المرجع نفسه.

22. انظر التيسر، ج 1، ص11.

23. انظر هرماس، المصادر النقلية لتفسير القرآن الكريم، دعوة الحق، العدد 331، جمادى الأولى 1418ﻫ، ص45.

24. انظر دراستنا في موضوع نظرات في قواعد تفسير القرآن الكريم، ضمن الإحياء، العدد المتسلسل 21، ص28 وما بعدها.

25. الناصري، التيسير، ج 5، ص293.

26.  الناصري، التيسير، ج 3، ص149.

27. الحديث أخرجه الإمام أحمد عن أبي هريرة بلفظ: “من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل الله على محمد، صلى الله عليه وسلم، المسند، ج 9، ص240، حديث رقم 9502، الطبعة الأولى، 1416ﻫ، دار الحديث، القاهرة باعتناء حمزة الزين.

28. الناصري، التيسير، ج 1، ص66.

29. طرف من حديث أخرجه البخاري في جامعه، كتاب الشهادات، باب الشهادة على الأنساب، حديث رقم 2645، وهو عند أبي داود في السنن، كتاب النكاح، باب يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب، حديث رقم 2055.

30. الحديث أخرجه أبو داود في سننه، كتاب النكاح، باب يكره أن يجمع بينهن من النساء، حديث رقم 2066، وهو عند البخاري في الجامع، كتاب النكاح، باب لا تنكح المرأة على عمتها. حديث رقم 5109.

31. الناصري، التيسير، ج 1، ص236-237.

32. أخرجه الطبري في جامع البيان، دار المعرفة، بيروت، مصورة عن طبعة بولاق، ج22، ص17.

[33]. الناصري، التيسير، ج 5، ص146.

34. البخاري، الجامع الصحيح، كتاب التفسير، سورة الشورى، باب: إلا المودة في القربى، حديث رقم 4818.

[35]. الناصري، التيسير، ج 5، ص445-446.

36. أخرجه الطبري في جامع البيان، ج 8، ص140.

[37]. الناصري، التيسير، ج 2، ص220.

38. المرجع السابق، ج 2، ص18-19.

39. الناصري، التيسير، ج 6، ص120.

40. انظر الناصري التيسير، ج6، ص146.

41. يراجع في ذلك ما ذكره ابن جرير الطبري عن أقسام التفسير ضمن جامع البيان، ج 1، ص26.

42. الناصري، التيسير، ج 2، ص31.

43. الناصري، التيسير، ج 2، ص247.

44. الناصري، التيسير، ج 2، ص128.

45. الناصري، التيسير، ج 5، ص276.

46. الناصري، التيسير، ج 1، ص170- 171.

47. الناصري، التيسير، ج 5، ص70.

48. الناصري، التيسير، ج 5، ص184.

49. الناصري، التيسير، ج 4، ص121.

50. الناصري، التيسير، ج 4، ص320- 321.

51. انظر: الناصري، التيسير، ج 1، ص114، 120، 132، 142… ج 2، ص27، 28، 31، 41… ج 3، ص120، 190، 271، 309… ج 4، ص64، 65، 100، 424، 429… ج 5، ص10، 128، 173، 176، 179. ج 6، ص10…

52. انظر: التيسير، ج 1، ص190، 377، 383، 386… ج 2، ص32، 176، 187، 221… ج 3، ص39، 120، 121، 185، 221، 261… ج 4، ص38، 260، 400، 515، 516… ج 5، ص143، 232، 255، 330، 331، 351… ج 6، ص44، 62، 76، 114، 118…

53. انظر: التيسير، ج 2، ص189. ج 3، ص271. ج 4، ص84، 157، 185، 236، 259، 260… ج 5، ص32، 99، 127، 128، 145، 150، 179…

54. انظر: التيسير، ج 1، ص94. ج 3، ص446. ج 4، ص9، 66، 47، 153، 196، 278 … ج 5، ص41، 150، 204، 275، 309…

55. انظر: التيسير، ج 1، ص141، 377. ج 2، ص133، 176، 299، 323، 358. ج 3، ص398، 446. ج 4، ص31، 320، 517. ج 6، ص70، 75- 149…

56. انظر: التيسير، ج 2، ص200، 220، 225، 233، 300… ج 3، ص374. ج 4، ص100، 196…

57. انظر: التيسير، ج 3، ص 298. ج 4، ص 131، 144، 146، 157،425، 472. ج 5، ص159. ج 6، ص302…

58. انظر: التيسير، ج 1، ص 93. ج 4، ص233، 472. ج 5، ص 176، 236، 247، 310…

59. التيسير، ج 3، ص96، 225، 249، 259، 270، 295…

60. التيسير، ج 4، ص121، 193. ج 5، ص214، 379…

61. انظر: التيسير، ج 2، ص258، 359. والظاهر أن الشيخ الناصري يأخذ عن هذا التفسير بواسطة تفسير ابن كثير، لأن المعروف أن كتاب ابن أبي حاتم – فضلا عن ندوة مخطوطاته – لم يكتب له أن تطبع أجزاؤه الأولى إلا عام 1408ﻫ.

62. انظر: التيسير، ج 4، ص88، 185، 516…

63. انظر: التيسير، ج 3، ص249…

64. انظر التيسير، ج 3، ص410. ج 4، ص73. ويظهر أن الشيخ استفاد من هذا التفسير بواسطة كشاف الزمخشري.

65. انظر: التيسير، ج 3، ص185. ج4، ص143. وتفسير الماوردي الموسوم بـ “النكت والعيون” لم يطبع إلا في السنوات الأخيرة بالكويت.

66. انظر: التيسير، ج 3، ص423.

67. انظر: التيسير، ج 4، ص264.

68. انظر: التيسير، ج 2، ص176.

69. انظر: التيسير، ج 2، ص133. وهذه التفاسير الثلاثة المتقدمة إنما أخذ الشيخ عنها بواسطة “جامع البيان”، فالأول منها نشره د. عبد الله شحاتة عام1969م، وليس هناك ما يدل أن الشيخ اطلع عليه عند تحرير تفسيره، بل إن كتاب مقاتل “التفسير الكبير” من الكتب النادرة، أما تفسير ابن جريح فهو من التراث الضائع، والله أعلم، وقد عمد علي حسن عبد الغني إلى جمعه من مختلف التفاسير في رسالة قدمها للماجستير صدرت طبعتها الأولى عام 1413. أما تفسير على ابن أبي طلحة الهاشمي فقد اهتم به ردحا من الزمن الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي والدكتور محمد كامل حسين، رحمهما الله، وأهم ما وصلوا إليه نشر في “معجم غريب القرآن…”

70. الناصري، التيسير، ج 3، ص377.

71. الناصري، التيسير، ج 4، ص100.

72. المرجع السابق، ج 2، ص382 وما بعدها.

73. المرجع السابق، ج 2، ص335. ج 5، ص128.

74. المرجع السابق، ج 4، ص170. ج 5، ص268، 415.

75. المرجع السابق، ج 2، ص258.

76. التيسير، ج 1، ص66، 93، 120، 122، 123… ج 2، ص291، 315، 321، 332… ج 3، ص30، 191، 211، 228، 297… ج 4، ص52، 106، 166، 193، 211… ج 5، ص162، 232، 253.277، 308… ج 6، ص43، 51، 73، 118، 129…

77. انظر التيسير، ج 1، ص123… ج 2، ص96، 247، 232… ج 3، ص66، 96، 191، 212… ج 4، ص52، 144، 263… ج 5، ص18، 399… ص43، 73…

78. التيسير، ج 1، ص128، 373… ج 2، ص28…. ج 3، ص446…. ج4، ص 46، 52، 248…

[79]. التيسير، ج 2، ص332، 347، 374. ج 3، ص211، 212، 213، 356… ج 4، ص52، 144، 349، 512…

80. بالنسبة لهذه المصادر يمكن أن يكون الشيخ قد استفاد من مروياتها التي تضمنها تفسير ابن كثير والله أعلم.

81. الناصري، التيسير، ج 2، ص247…

82. المرجع السابق، ج 4، ص51…

83. انظر على سبيل المثال: التيسير، ج 6، ص69، 70…

84. انظر على سبيل المثال أيضا: التيسير، ج 4، ص11، ج 6، ص322.

85. انظر: التيسير، ج 4، ص303…

86. التيسير، ج 2، ص247. ج 3، ص213.

87. المرجع السابق، ج 2، ص247.

88. المرجع السابق، ج 2، ص235.

89. التيسير، ج 4، ص62.

90. المرجع السابق، ج 4، ص107، 109، 110.

91. المرجع السابق، ج 6، ص198.

92. التيسير، ج 2، ص311 وانظر ج 5، ص482.

93. زاد المعاد لابن القيم، التيسير، ج 5، ص462، وسيرة ابن إسحاق، التيسير، ج 4، ص185.

94. انظر على سبيل المثال: التيسير، ج 2، ص41.

95. انظر: التيسير، ج 2، ص270.

96. انظر: المرجع السابق، ج 3، ص80.

97. التيسير، ج 6، ص91..

98. التيسير، ج 3، ص336.

99. التيسير، ج 4، ص322.

100. التيسير، ج 4، ص431- 432.

101. انظر: التيسير، ج 3، ص377. ج 4، ص205، 249، 417، 424. ج 5، ص244، 248، 281، 475، 499. فضلا عن كتب التصوف نجد الشيخ رجع إلى بعض كتب الزهد “كمدارج السالكين” لابن القيم، التيسير، ج 3، ص190.

102. التيسير، ج 1، ص328..

103. المرجع السابق، ج 2، ص281.

104. المرجع السابق، ج 4، ص119.

105. المرجع السابق، ج 4، ص472.

106. التيسير، ج 2، ص324.

107. التيسير، ج 1، ص10.

108. التيسير، ج 1، ص14.

109. التيسير، ج 1، ص8.

110. قال الشيخ الناصري في التيسير، ج 1، ص11: “…أما حملة “علم القرآن” في مختلف البلدان، فإنني أرجو منهم قبول المعذرة عما قد يكون في هذا العمل من خلل أو نقصان، وعما قد أكون تعرضت له من خطإ أو نسيان أو سبق لسان…”.

111. التيسير، ج 1، ص9.

112. التيسير، ج 1، ص8.

113. التيسير، ج 1، ص9- 10.

114. التيسير، ج 1، ص9. وانظر على سبيل المثال قوله عند تفسير الربع الثاني من الحزب السابع والثلاثين. التيسير، ج 4، ص328. “… ونظرا للحاجة الملحة إلى شيء من التوسع في تفسير آياته، والإلمام ما أمكن بكافة موضوعاته، سنقتصر في حديث اليوم على تقديم القسم الأول من تفسير هذا الربع، وهو خاص بتفسير ست آيات منه لا غير…” واعتبارا لما سبق كانت حلقات التفسير مائتان وسبعة وأربعون بزيادة سبع حلقات على ما أراده المؤلف وأشار إليه في المقدمة.

115. التيسير، ج 4، ص411.

116. التيسير، ج 1، ص7.

117. التيسير، ج 4، ص95.

118. التيسير، ج 5، ص330.

119. التيسير، ج 5، ص477.

Science

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق