مركز الإمام الجنيد للدراسات والبحوث الصوفية المتخصصةدراسات عامة

الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض كمتن مُرسِخ لثقافة التوسط والاعتدال في التدين المغربي

      إن الناظر في الواقع الديني والثقافي الذي تشهده مجتمعاتنا العربية الإسلامية المعاصرة في ظل التحولات الآنية سيلحظ مدى تنامي ظاهرة التطرف بشتى أشكاله وألونه، وارتباط التطرف الديني والعنف المنظم بأجندات دولية وسياقات محلية وإقليمية تتميز في مجملها بفرض منطق التطرف والغلو على حسب خاصية الوسطية والاعتدال، ومنطق الصراع والتعصب على حساب خاصية التسامح والتساكن، ومنطق التسيس والفوضى على حساب خاصية التأنيس والاستقرار، كل هذه الآفات والتمظهرات أفرزت مشهدا دينيا وعقديا متسم بالفوضى والتشتت في الأنماط الدينية الغير متحكم فيها، فأصبح المسلم المعاصر أمام نزعتين: نزعة حرفية جامدة على النص جمودا ظاهرا، ترفض التأويل وتقصي العقل مطلقا سواء بالاستنباط أو الاستدلال، «وأنى يستتب الرشاد لمن يقنع بتقليد الأثر والخبر، وينكر مناهج البحث والنظر؟! أو لا يعلم أنه لا مستند للشرع إلا قول سيد البشر وبرهان العقل الذي عُرف صدقه فيما أخبر»[1]. وفي النقيض منها هناك نزعة متطرف غارقة في آفة التنقيص -وخاصة التنقيص من حق صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعض أزواجه رضي الله عنهم أجمعين-، وتعمل من جهة أخرى على توظيف الاعتزال كمدرسة عقلانية في أطروحتها داعية إلى تحكيم العقل المجرد في التنظير العقدي على حساب النقل؛ فالنقل عندهم تابع للعقل المجرد، « وكيف يهتدي للصواب من اقتفى محض العقل واقتصر وما استضاء بنور الشرع ولا استبصر»[2].

      أمام هذا الواقع المرير يحضر كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض اليحصبي -رحمة الله عليه- كمتن مغربي ذي نزعة سنة تجديدية  معتدلة والذي يتميز بخصائص أساسية نجملها فيما الأتي:

خاصية التبسيط والتقريب.

خاصية التنقية والتقويم.

– خاصية التكامل والوحدة.

      سنحاول من خلال هذا المقال الموجز تسليط الضوء على كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى ومكانة صاحبه القاضي عياض اليحصبي –رحمة الله عليه- ساعين إلى إبراز الآثار الإيجابية التي خلفها هذا الكتاب على الحياة الدينية والعلمية عند المغاربة.  

أولا: قيمة كتاب الشفا وصاحبه عند المغاربة

      لقد منَّ الله على هذا الكتاب فرُزق قبولا قل نظيره لدى الخواص والعوام، وحضي بعناية خاصة لم يحض بها أي تأليف مغربي آخر،  فطار صيته وانتشرت نسخه بين الناس شرقا وغربا، وعكف علماء الأمة- منذ تأليفه إلى يوم الناس هذا- على دراسة قضاياه وشرح أسراره والتعليق عليه، كما أجمعوا على علو مكانة مؤلفه الشيخ الإمام الفاضل عياض بن موسى اليحصبي (تـ544هـ) أحد رجالات مراكش السبعة.

      ولله درُّ الشاعر أبي القاسم عبد الله بن يوسف النجاري المالقي(تـ784هـ) لما أنشد أبيات جميلة في حق القاضي عياض وكتابه الشفا مطلعها:

سل بالعُلى وسنى المعارف يَبهر     رهل زانها إلا الأئمة معشر

وهل للمفاخر غير ما شهد به     آي الكتاب وخارتها الأعصر

هم ما هم شرفا ونيل مراتب     يوم القيامة إذا يهول المحشر

ورثوا الهدى عن خير مبعوث به     فخرا هديهم للنعم الأكبر

وعياض الأعلى قداحا في العلى     منهم وحوله الفخار الأظهر

بشفائه تشفى الصدور وإنه     لرشاد نار بها به الشِّهاب النَيِّر

هو للتوليف روح صورتها وقل     هو تاج مفرقها البهي الأنور

أفنت محاسنه المدائح مثل ما     لمعيده بعد الثناء الأعطر

وله اليد البيضاء في تأليفه     عند الجميع ففضلها لا ينكر

هو مورد الِهيم العِطاش هفت     بهم أشواقهم فاعتاض منه المصدر

فبه ننال من الرضى ما نبتغي     وبكونه فينا نغاث ونمطر [3]

ثانيا : مكانة كتاب الشفا عند العلماء 

      اكتسى كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى مكانة بارزة بين كتب  القاضي عياض اليحصبي رحمه الله ، وقد أثنى عليه العديد من العلماء نذكر من بينهم أحمد بن محمد المقري التلمساني (تـ1041هـ) في كتابه : ” أزهار الرياض في أخبار عياض ” حيث يقول : «ولا يمتري من سمع كلامه العذب السهل المنور في النبي -صلى الله عليه وسلم- أو وصف إعجاز القرآن، أن تلك نفحات ربانية ومنحة صمدانية خص الله بها هذا الإمام وحلاه بدرها النظيم ﴿ ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم﴾[4]»[5].

      وفي حق هذا الكتاب وصاحبه يقول ابن فرحون المالكي(تـ799هـ): «أبدع فيه كل الإبداع، وسلم له أكفاؤه مزية كفاءته فيه، ولم ينازعه أحد في الإنفراد به، ولا أنكروا مزية السبق إليه، بل تشرفوا للوقوف عليه، وأنصفوا في الاستفادة منه، وحمله الناس، وطارت نسخه شرقا وغربا»[6].

      وقال عنه العلامة عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني في كتابه فهرس الفهارس: «وجدت في طرة بخط قديم بهامش “النجم الثاقب فيما لأولياء الله من المفاخر والمناقب” لابن صعد التلمساني قال بعض الشيوخ: كانت الشمس تطلع على الناس من المشرق وتغرب في المغرب، وجاءنا نحن أهل المشرق شمس أخرى من المغرب الأقصى وهي كتاب الشفا لعياض»[7]

      وقد تحدث عنه العلامة المرحوم الأستاذ محمد المنوني في مقال له بعنوان : “كتاب الشفا للقاضي عياض من خلاله رواياته ورواته”[8]، مثلما فعل في بحث آخر عن صحيح البخاري في الدراسات المغربية.

      كما أفرد له الأستاذ التهامي الراجي مقالا بعنوان: “التعريف بكتاب الشفا للقاضي عياض”[9]، وذكره الأستاذ محمد يسف ضمن دراسته حول المصنفات المغربية في السيرة النبوية، كما خص له الأستاذ أحمد فكير مقالا بعنوان: “الشروح والمؤلفات على كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض”[10]، وأفرد له الأستاذ طارق الطاطمي مقالا بعنوان: “الشروح والمؤلفات الموضوعة على كتاب الشفا للقاضي عياض اليحصبي-بحث بيبليوغرافي-“[11]، وغيرها من الدراسات والبحوث التي أنجزت حول الشفا وصاحبه والتي يصعب سردها كلها في هذا المقام.

ثالثا: عناية المغاربة بالشفا تدريسا وتأليفا ورواية:

      لقد منَّ الله –عز وجل- على أهل المغرب فأشربوا في قلوبهم محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانغرس في نفوسهم تعظيم عترته الشريفة وصحابته الكرام، فتفانوا في خدمة السيرة العطرة بإقامة مجالسها في المساجد والمدارس والزوايا، والتحلُّق حول علمائها الذين لم يقنعوا بسرد أحداثها والتبرك بها فقط، بل ضربوا المثل في التخلق بأخلاقه -صلى الله عليه وسلم-  في سلوكهم وتصرفاتهم.

      فكان لكتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى وصاحبه القاضي عياض اليحصبي النصيب الأوفر من هذه العناية والاهتمام؛ وأبرز مظهر من مظاهر هذه العناية إلزام قاضي مراكش أبو إسحاق بن الصباغ الفقهاء بالتردد على قبر عياض -الذي اكتشف سنة 712هـ- لتلاوة القرآن والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما حضي ضريح القاضي عياض –رحمه الله- بعناية خاصة من سلاطين المغرب إلى يوم الناس هذا؛ فقد زاره السلطان أبو الحسن المريني كما في المسند لابن مرزوق، وحبس أبو عنان أحباسا على قراءة الشفا بمساجد فاس، واستمرت العناية بالشفا طوال العهد المريني وعهد بني وطاس وعهد السعديين، وفي بداية دولة العلويين الأشراف أمر المولى الرشيد ببناء قبة على ضريح القاضي عياض، كما حضي هذا الكتاب وضريح صاحبه بعناية كريمة ومتواصلة من أمير المؤمنين الملك محمد السادس –أعزه الله- .

      ومن مظاهر عناية المغاربة بهذا الكتاب ما تذكره أغلب المصادر التي أرخت لجامع القرويين من حيازة كتاب الشفا  لنصيب الأسد من الحصص وفي مناهج تدريس السيرة النبوية بهذا الجامع ، كما تشير هذه المصادر كذلك إلى أن كرسي الشفا كان يقام خلف ظهر صومعة القرويين ويحضره العامة والخاصة.

      ولم يكتف علماء السيرة المغاربة بسرد هذا الكتاب على الناس فحسب، بل عملوا على دراسات بعض القضايا العقائدية التي يطرحها، والمتمثلة أساسا في حقوق الرسول صلى الله عليه وسلم على الناس، وما يجوز من الأمور البشرية في حقه وما يستحيل، وكذا التعريف بحكم من سب أو نقص من حق آل بيته أو أزواجه أو أصحابه. كما نبهوا إلى  أسراره مع إضافة بعض من ملح حكايات الصالحين وأخبارهم.

      وغني عن البيان ما أولاه رجال التربية التصوف المغاربة لكتاب الشفا -منذ تأليفه إلى يوم الناس هذا- من عناية واهتمام، والحرص على ختمه ومدارسته في أوقات متفرقة من السنة وخاصة في مناسبة المولد النبوي الشريف، بل منهم من يختمه في كل شهرة مرة، قاصدين بذلك كله ربط العباد بسيرة وشمائل المصطفى صلى الله عليه وسلم . 

      كما تعددت شروح المغاربة على هذا الكتاب فتجاوزت العشرات، ويمكن اعتبار شرح أبو الحسن التجيبي (تـ638هـ) أول شرح على الشفا، والذي يرجع تاريخ تأليفه إلى القرن السابع الهجري، رغم أن عبد الرحمن بن أحمد الأزدي المعروف ابن القصير (تـ576هـ) -وهو تلميذ عياض- سبق أن وضع تعليقات على الشفا إلا أنها لا تسمو إلى أن تكون شرحا، وبعدها تتالت بقية  الشروح والمختصرات ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

• “شرح الشفا”، لأبي الحسن الحرَّالي التجيبي الأندلسي المراكشي (تـ637هـ)

• “أغراض الشفا”، لعلي بن عتيق الهاشمي الغرناطي (تـ 744هـ).

• “لباب الشفا”، لمحمد بن الحسن المالقي (تـ 771هـ)

• “برح الخفا في شرح الشفا”، لأبي عبد الله بن مرزق التلمساني (تـ 781هـ)، وهو شرح نفيس، رغم أنه غير تام.

• “شرح الشفا”، لأبي عبد الله محمد ابن السكاك المكناسي (تـ818هـ).

• “شرح الشفا”، لأبي عبد الله محمد بن الحسن بن مخلوف التلمساني المعروف بأبركان (تـ868هـ) له ثلاثة شروح على الشفا.

• “إيضاح اللبس والخفا في كشف عن غوامض الشفا لعياض”، لعبد الله بن أحمد بن سعيد الزموري (تـ911هـ).

• “شرح الشفا”، لمحمد بن عبد الرحمن الدلائي (تـ1022هـ).

• ” شرح الشفا ” لمحمد العربي الفاسي (تـ1052هـ).

• “حاشية على الشفا”، لأبي عمرو بن محمد بن أبي بكر الدلائي (تـ1069هـ).

• “شرح الشفا” للشرقي الدلائي (تـ1079هـ) .

• “قصيدة في قرض كتاب نسيم الرياض شرح الشفا لعياض”، لأبي سالم عبد الله بن محمد بن أبي بكر العياشي (تـ1090هـ).

• “مفتاح الشفا في تخريج أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم” أو “مفتاح الشفا في محاذاة الشفا”، لأبي زيد عبد الرحمن بن عبد القادر الفاسي (ت1096هـ).

• ” الفتح الفياض”،  لأبي الحسن علي الحريشي (تـ1143هـ).

• “المنهل الأخص بالتعليق على الشفا”، لمحمد التهامي بن المدني حنون الفاسي (1231هـ) .

• ” لقط ندى الحياض من أزهار نسيم الرياض”، لمحمد بناني الفاسي (تـ1163هـ)

• ” شرح الشفا “، لأبي عبد الله محمد بن أحمد الحضيكي (ت1089هـ).

• “اختصار الشفا”، لأبي عبد الله محمد بن محمد بناني (تـ1131هـ).

• “شرح الشفا” لأبي عبد الله محمد بن أحمد المسناوي الدلائي (تـ1136هـ).

• “مناهج الصفا في التقاط درر الشفا”، أو “سبل العفا في التقاط أواقيت الشفا”، لأبي عمران موسى بن محمد الراحل الدغمي العبدلاوي السلاوي (تـ1140هـ).

• “شرح الشفا”، لأبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الدلائي (تـ1142هـ) وله كذلك: “زهر الحدائق في سيرة سيد الخلائق”.

• “الفتح الفياض في شرح الشفا للقاضي عياض”، لأبي الحسن علي بن أحمد بن محمد الحريشي الفاسي (تـ1143هـ).

• “تعليق على الشفا”، لأبي العلاء إدريس بن محمد بن إدريس الحسني العراقي الفاسي (تـ1183هـ)، وله أيضا: “مورد أهل السداد والوفا في تكميل مناهل الصفا”.

• “شرح الشفا”، لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن أحمد الجزولي الحضيكي السوسي (تـ1189هـ).

• “شرح الشفا” لأبي محمد عبد الله بن محمد الجشتيمي التملي (تـ1198هـ)، وله كذلك “مختصر نسيم الرياض”.

• “نزهة الراوي وبغية الحاوي”، للمختار ابن أحمد بن أبي بكر الكنتي (تـ1226هـ).

• “مختصر نسيم الرياض في بيان ما أشكل من كلام عياض” لعبد الرحمن الهوزالي التغرغرتي (تـ1278هـ).3

• “شرح الشفا”، لأبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد القادر التادلي الرباطي (تـ1311هـ).

• “ختم الشفا”، لمحمد بن محمد بن عبد السلام كنون الفاسي، (تـ1328هـ).

• “المنهل الأصفى بالتعليق على الشفا للقاضي عياض”، لأبي عبد الله محمد التهامي بن المدني كنون الفاسي (تـ1331هـ).

• “مناهل الصفا في حل ألفاظ الشفا”، لمحمد التهامي بن المدني بن علي كنون (تـ1333هـ).

• “ختمة على شفا القاضي عياض”، لأبي عبد الله محمد بن عبد السلام الطاهري المكناسي (تـ1344هـ).

• “خلاصة الوفا في مقدمة الشفا”، أو “تحفة أهل الاصطفا في مقدمة فتح الشفا”، لأبي الفضل فتح الله بن أبي بكر محمد بناني الشاذلي الرباطي (تـ1353هـ).

• “شرح الشفا بتعريف حقوق المصطفى”، لبدر الدين محمد بن يوسف بن عبد الرحمن المركشي (تـ 1354هـ).

• “موارد الصفا في محاذاة الشفا”، لأبي العباس سكيرج السلوي (تـ1363هـ).

• “الاكتفا بتخريج أحاديث الشفا لعياض”، لأحمد بن محمد بن الصديق الغماري (تـ1380هـ).

• “حاشية على الدلجي على شفا القاضي عياض”، لأبي القاسم بن عبد الرحمن الماسي .

      ومما يمكن تسجيله أيضا هو الحضور القوي لهذا لكتاب في فهارس العلماء وتداول أسانده في إجازاتهم ومروياتهم، كما اعتُمِد أيضا عند أصحاب النوازل؛ ومن ذلك ما ذكره الأستاذ الحسن العبادي في كتابه: “فقه النوازل في سوس قضايا وأعلام من القرن التاسع إلى نهاية القرن الرابع عشر الهجري”[12]، أن عبد الرحمن التمنارتي (تـ1060هـ) صاحب كتاب “الفوائد الجمة ” ورد عليه سؤال من الأمير أبو حسون السملالي عن حكم الاحتفال بالمولد النبوي فأفتاه اعتمادا على كتاب الشفا.

من خلال ما سبق يمكن أن نستخلص ما يلي:

• خلف كتاب الشفا آثارا واضحة في الحياة الدينية والعلمية بالمغرب، وانعكس ذلك بجلاء في مناهج تدريس المغاربة للسيرة النبوية والتأليف فيها وكذا في اعتقادهم في الصحابة وآل البيت رضي الله عنه أجمعين.

•  كما مكن علماء الأمة من تعريف الناس بحقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم عليهم، وما يجوز من الأمور البشرية في حقه وما يستحيل، وكذا تبين حكم من سب أو نقص من حقه أو حق آل بيته أو أزواجه أو أصحابه.

• حث رجال التربية الصوفية المريدين على ختم ومدارسة كتاب الشفا فيه إشارة إلى استنهاض الهمم للتخلق بأخلاق سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم .

   ومسك ختام هذا المقال دعاء وارد في آخر كتاب الشفا نسرده بين يدي القارئ الكريم تبركا بهذا الكتاب وبصاحبه: «…وإلى الله تعالى جزيل الضراعة في المنة بقبول ما منه لوجهه، و العفو عما تخلله من تزين وتصنع لغيره، وأن يهب لنا ذلك بجميل كرمه وعفوه لما أودعناه من شرف مصطفاه وأمين وحيه، وأسهرنا به جفوننا لتتبع فضائله، وأعملنا فيه خواطرنا من إبراز خصائصه ووسائله، ويحمي أعراضنا عن ناره الموقدة لحمايتنا كريم عرضه، ويجعلنا ممن لا يذاد إذا ذيد المبدّل عن حوضه، ويجعله لنا ولمن تهمم باكتتابه واكتسابه سبباً يصلنا بأسبابه، وذخيرة نجدها يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً نحوز بها رضاه، وجزيل ثوابه، ويخصنا بخصيصي زمرة نبينا وجماعته، و يحشرنا في الرعيل الأول وأهل الباب الأيمن من أهل شفاعته، ونحمده تعالى على ما هدى إليه من جمعه وألهم، وفتح البصيرة لدرك حقائق ما أودعناه وأفهم، ونستعيذه جل اسمه من دعاء لا يسمع، وعلم لا ينفع، وعمل لا يرفع، فهو الجواد الذي لا يخيب من أمّله، ولا ينتصر من خذله، ولا يرد دعوة القاصدين، ولا يصلح عمل المفسدين، وهو حسبنا و نعم الوكيل، وصلاته على سيدنا ونبينا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين، وسلم تسليماً كثيراً.[13]

 الهوامش:

[1]  الاقتصاد في الاعتقاد للأمام أبي حامد الغزالي، عني به أنس محمد عدنان الشرقاوي، دار المنهاج الطبعة الأولى 1429هـ 2008م ص 66.

[2]  النشر الطيب على شرح الطيب للشريف إدريس بن أحمد الوزاني، المطبعة المصرية بالأزهر، الطبعة الأولى 1348هـ، ج1 ص 194-195.

[3]  الإحاطة في أخبار غرناطة، لأبي عبد الله محمد بن عبد الله المعروف بذي الوزارتين لسان الدين بن الخطيب، تحقيق يوسف علي الطويل، دار الكتب العلمية –بيروت الطبعة الأولى، 2003م، (3/342)0.

[4]  الحديد الآية :21.

[5]  أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض، شهاب الدين أحمد بن محمدالمقري، طبع تحت إشراف اللجنة المشتركة لنشر التراث الإسلامي بينة حكومة المملكة المغربية وحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة ج 2 ص 85.

[6]  الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، لابن فرحون اليعمري المالكي، دار الكتب العلمية- بيروت، ص 170.

[7]  فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات، عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني، اعتنى به إحسان عباس، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الثانية، 1982م، (2/800).

[8]  مقال صادر بمجلة مناهل  عدد 22، سنة 1982م.

[9]  مقال صادر بمجلة الإيمان عدد 72-73 1978م .

[10]  مقال صادر بمجلة الإحياء عدد 21، 2003م.

[11]  مقال صادر بمجلة مرآة التراث العدد 2، 2012م.

[12]  فقه النوازل في سوس قضايا وأعلام من القرن التاسع إلى نهاية القرن الرابع عشر الهجري، الحسن العبادي، منشورات جامعة القرويين كلية الشريعة بأكادير، الطبعة الأولى 1999م، ص 145.

[13]  الشفا بتعريف حقوق المصطفى، القاضي عياض اليحصبي، تحقيق عبده علي كوشك، من منشورات جائزة دبي الدولية للقرآن، الكريم، وحدة البحوث والدراسات، الطبعة الأولى 2013م، ص 882-883.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق