مركز علم وعمران للدراسات والأبحاث وإحياء التراث الصحراويدراسات عامة

الشعر الصحراوي محاورا طبائع المرأة نظم في طبائع النساء للشيخ مربيه ربه بن الشيخ ماء العينين أنموذجا

بسم الله الرحمن الرحيم

وصل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما 

 

 

آدو الشيخ ماء العينين شيخاني باحثة بمركز علم وعمران

لا أحد ينكر مكانة المرأة في هذا الوجود،ولا بمقدور أحد الاستغناء عن وجودها في حياته، والصلة الوثيقة بينها وبين الرجل أدل دليل على ذلك؛ فهي الأم والأخت والزوجة والبنت والشقيقة.

وقد شغلت المرأة عبر التاريخ حيزا لا يقل إطلاقا عن حيز الرجل وحضوره، وشكلت في سيرورتها البشرية بؤرة للتأمل والمشاركة، والتأثير والتأثر، فهناك من يسعد بقربها ومن يشقى ويحترق بنارها، محيرة للفكر، وملهمة للشعراء والكتاب الذين أطلقوا العنان لإبداعاتهم وأشعارهم في وصف أحوالها سواء في المدح واستعراض ماحباها الله من جمال الخَلق والخُلق،أو ذما وماتتصف به من صفات قبيحة خلقا وخلقا. ولذلك تفاوت الناس بين قبول علاتها ومحاولةإصلاح مافسد من طبعها، وبين الخوفمن الإقبال عليها والغوص في اكتشاف أسرارها وفهم طبيعتها مما يفوت لذة أو شقاء القرب منها.

لا يمكن حصر ما نظم الشعراء قديما وحديثا حول موضوع المرأة عموما، بل إن تيمة واحدة كالغزل مثلا لا يمكن إحاطة البحث حولها في مقالات أو دراسات، فكيف بالحديث عن المرأة وخلالِها وأحوالها. غير أني سأكتفي في هذا المقال بالحديث حول “نظم في طبائع النساء”، للعالم والأديب الشيخ مربيه ربه، كنموذج لاهتمام شعراء الصحراء بالنظم في موضوع المرأة وأصنافها. مع التذكير أن من بين الأنظام في الصحراء والجنوب المغربي التي تناولت في أغراضها أحوال النساء وأوصافهن وطبائعهن، قصيدةٌ منسوبة لشيخنا الشيخ ماء العينين الموسومة بــ “وصف الصالحات من النساء وعكسهن “[1]. كما أن للشاعر عبد الله بن الحاج شعيب الإيلاليني أيضا أرجوزة ذكر فيها صفات النساء المحمودة[2].

ولعل ما يميز قصيدة الشاعر مربيه ربه التي جاءت بمختلف طبائع النساء وأوصافهن من حيث معاملتهن للأزواج، كونها تنحو إلى الاستناد إلى القرآن والحديث في تشكيل صورة حول طبائع المرأة، ولا أدل على ذلك من أن الشاعر قد استهلها ببيت ضمّنهالآية الكريمة: “نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ”[3]، ولأننا من أمة القرآن الكريم وسنة نبيه المصطفى فالنفس تواقة لآياته عز وجل لتنهل وتهتدي منها، فهي المنورة لتفاصيل حياتنا،والملهمة لفهمنا الصحيح لطبائع النساء التي خلقهاالله، وكأن القصيدة بهذا المنظور دعوة من الشاعر إلى تأمل كتاب الله تعالى لفهم هذه الطبائع وهذه الصفات.

خلق الله الذكر والأنثى زوجين ليسكن كل منهما إلى الآخر، وخلق الأنثى بطباع متعددة فسرها القرآن في ذكر أحد طباعها وهو إذاعة السر فقال عز وجل: “وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَٰذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ”[4]، وهن فتنة كما جاء في الحديث الشريف الذي جاء فيه–حدثناهشيم،أنبأنا سليمان التيمي،عن أبي عمان الندي،عن أسامة بن زيدٍ. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ماتركتُ بَعْدي فتنةًأضرَّ على أمتي مِنَ النساءعلى الرجال)[5]رواه الجماعةُ إلاَّ أبا دَاودَ من طريق سُليمان بن طِرخانِ التيمي: منها مُسلم، عن يحيى بن يحيى، عن هشيمُ بهِ ) [6].

يبقى السؤال قائما في التعامل مع المرأة وإصلاحهاإذا أمكن؟ أوالانفصال عنها إذا لم يستطع تقويم اعوجاجها، فهي زهرة الحياة الدنيا ومتاعها وفتنتها، فقال عز وجل “وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ “[7].

“وإذا كان القرآن ضرب لنا مثلا للنماذج الطاهرة فحدثنا عن مريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها، فإنه في الجانب المقابل قد وضع أمامنا للعبرة والعظة امرأة نوح ولوط فقال عز وجل:”كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا[8][9]، ويأتي التحذير المباشر والصريح ليقرر الواقع الملموس في قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ”[10].

والظاهر أن الشاعر الشيخ مربيه ربه اهتم في عموم شعره بالتماس طبائع المرأة، ما دفعه إلى تخصيص قصيدة بأكملها لتناول هذا الموضوع، فنجد له أشعارا أخرى مركزة على صفاتها، حيث جاء في بعضها مادحا أمنا عائشة رضي الله عنها:

وَإِنَّ ابْنَةَ الصِّدِّيقِ كَانَتْ حَقِيقَة بِتَفْضِيلِهَا فِي الدِّينِ يَا نِعْمَ دِينُهَا
رَوَتْ لِحَدِيثِ الْحَمْدِ وَالصَّبْرِ لَيْتَنِي عَرَفْتُ هُنَا أَيُّ الأَحَادِيثِ شَأْنُهَا[11]

وأما هذه القصيدة فتدخل في شعر الوَصف والحِكم؛ وهو غرض من أغراض الشعر القديمة التي يحفل بها الشعر العربي الفصيح، وهي تنتمي إلى بحر الرجز، وتتألف من أربع وأربعين بيتا، وقد قسم الشاعر القصيدة إلى ثلاث فصول قبل أن يختمها بنصيحة.

أولا: ترجمة الشاعر الأديب الشيخ مربيه ربه

هو الشاعر الأديب الأريب سيدي المصطفى بن الشيخ ماء العينين الملقب الشيخ مربيه ربه[12]. أمه ميمونة بنت أحمد بن علي، الثاني عشر من أولاد الشيخ ماء العينين.

وُلد يوم الأحد 14 من ربيع النبوي عام 1298هـ 14 فبراير 1881م. في موضع “ازْمولْ الطيْحة” ب”تيرس”، وقرأ القرآن والنحو والفقه على الفقيه الحضرمي بن الشيخ أحمد، الذي رتبه الشيخ ماء العينين مدرسا في بعض مدارسه، ثم أخذ العلم والطريقة عن والده الشيخ ماء العينين ولازمه حضرا وسفرا.[13]

كان يقيم نوادي العلم ويترأس السهرات العلمية، ويعقد في كل خميس مجلسا للعلماء للمذاكرة في مسائل العلم، وما يستجد من النوازل، ويشجع بالجوائز السنية كل من كان أكثر حفظا للقصائد الشعرية، فيعطي لمن حفظ قصيدة له أو لغيره من شعراء حضرته كسوة، سواء كان رجلا أو امرأة. وقد ضمت نواديه كبار العلماء والشعراء أمثال الشيخ سيدي محمد بن حامني الغلاوي، والشيخ سيديا بن الشيخ أحمد بن سليمان الديماني، وآبه بن عبد الإله التندغي، والطاهر الإفراني السوسي، ومحمذ ابابه بن محمد أمبارك الديماني، وماء العينين بن العتيق، وماء العينين بن الحضرمي والمحفوظ بن الحضرمي وغيرهم من العلماء والشعراء، وكان طيلة حكمه في “أكردوس” يقيم الحفلات الدينية، ويأمر الناس بالاحتفال بولائم الأعراس وغيرها من المناسبات، ولا يترك الناس يتأثرون بأوضاع الحرب التي يشنها الفرنسيون عليهم.

ويصف ابن العتيق صاحب الترجمة قائلا: “كان الشيخ مربيه ربه من المتبحرين في العلوم العقلية والنقلية، أعجوبة من أعاجيب الزمان في الذكاء والحفظ والجد في طاعة الله والإقبال عليه والإعراض عمن سواه، تقيا ورعا ناسكا،كثير الإنفاق والعطاء. . . له من صغره همة في اكتساب السؤدد ومعالي الأمور الصعبة، حتى أدرك من السيادة أجل رتبة، كتوما للأسرار ذا فراسة، متثبتا في الأمور، فائقا في صدق الرواية، ثابت الجأش جلدا راسخا، لا تزعزعه الحوادث ولا يكترث بالنوائب، بل كلما عظمت عظم صبره وكرمه، يحب أهل الفضل ويقربهم. لا تجده فارغا، بل مشتغلا في علم أو تأليف أو عبادة أو تدبير أو نحو ذلك. تلوح أنوار المهابة والوقار والسكينة على وجهه، مستجاب الدعوة، تهابه الأكابر والعظماء، وتلتجئ إليه الفقراء والضعفاء، لما له من الرحمة والعطف عليهم، وكان كثير الجلوس في مجالس شيخنا حريصا عليها، بل لا يكاد يفارقها إلا في أوقات الضرورات.

وكان شيخنا يحبه حبا شديدا، ويقربه ويشاوره في الأمور المهمة، ويعمل برأيه وينيبه في كثير من أموره العامة والخاصة، وكان لا يفارقه حضرا ولا سفرا. وكان شبيها بشيخنا في الذات والقامة والخط. . . وكان مقامه الشكر والحمد[14]“.

وبعد وفاة الشيخ ماء العينين، واستخلاف الشيخ أحمد الهيبة، أصبح الشيخ مربيه ربه الساعد الأيمن له في الجهاد وتسيير الأمور طيلة فترته، وهو الذي خلفه بإجماع من إخوته وأهل الحل والعقد من العلماء والأعيان.

أرسى دعائم العدالة طيلة فترته في “أكردوس” ونواحيه، وكانت فترة جهاد ضد الفرنسيين استمر أربع عشرة سنة.

ومما يُحكى عنه من الثبات أنه يأتيه نعي أحد أبنائه، وهو في مجلس حكم أو قضاء، فلا يقطع حديثه ولا يظهر على وجهه أي انفعال.

وكان إذا قام بجولة في المناطق التابعة لحكمه ترافقه أكثر من ثلاثة آلاف فارس، وكان أثناء السفر لا يقرأ الرسائل التي ترد إليه حتى يرجع إلى مقر إقامته.

ويضيف ابن العتيق: “ولما بويع أخوه الشيخ أحمد الهيبة على الجهاد كان واقفا معه مؤازرا له ومعضدا لأموره، وقائما عنه بأكثر المهمات. وكان الشيخ أحمد الهيبة مفوضا له في أمره ومشاورا له، ولا يقطع أمرا دونه. حتى توفي الشيخ أحمد الهيبة، فأجتمع أبناء شيخنا وقرابته وأهل الحل والعقد من القبائل السوسية والصحراوية على الشيخ مربيه ربه في أكردوس، وجعلوه مكان أخيه، فقام بالأمر أحسن قيام فيما يتعلق بالخاص والعام، وسلك جادة السنة المطهرة فيما هو به قائم، ولم تأخذه في الله لومة لائم، وظهر فيه من حسن السياسة والتدبير مع ما أعطاه الله من النفاسة والتسخير ما حارت فيه الأفكار، واستقامت به البوادي والأمصار، وانتشرت في البلاد مزاياه وعمت العباد عطاياه رحمه الله.

“ولم يشغله ما هو فيه من معاناة الأمور عن الجد في العبادات ونشر العلوم،  وكان له مجلس كل يوم يحضره من في حضرته من العلماء والصلحاء والأدباء، فيفيض عليهم أطايب الطعام، ويتذاكر معهم في جميع الفنون، ويتشاور مع أهل الرأي والعقل منهم فيما ينوبه من الحوادث. ولم يزل من الهادين المهتدين قائما بأمور الدنيا والدين إلى أن وقع الاحتلال الفرنساوي عام اثنين وخمسين وثلاثمائة وألف، فانحاز إلى مدينة الطرفاية، فتلقاه أهلها ومن والاها عربا وعجما بشيء من الإكرام والتبجيل والإكبار لا يوصف، وأسندوا إليه نظر تلك النواحي”[15].

تحدث ابن العتيق عن حج الشيخ مربيه ربه الأول وحجه الثاني الذي رافقه فيه، وقال: “فلما كان العام القابل الذي هو عام سبعة وخمسين بعد ثلاثمائة وألف سافر أيضا للحج ومعه بعض أقربائه وكنت ممن معه، حتى أتممنا حجنا لله الحمد. ورأيت فيه في هذا السفر من الفتوة والمروءة والعبادة آناء الليل وأطراف النهار ما لا يوصف، ورأيت من انجذاب القلوب له وشدة محبة الناس له، من عرفه ومن لم يعرفه، وتواضع الرؤساء له، وإقبال الخلق عليه، ما يحير العقول ولا تفي به النقول. ثم لم يزل رحمه الله في طرفاية وما والاها من البلاد  الصحراوية حتى توفي في 19 من ربيع الثاني عام 1361ه، 1942م، ودفن في “تافودارت” بوادي “الساقية الحمراء”.[16]وقد عقب ذرية ذكرهم الطالب أخيار بن مامينا في كتابه الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الإستعمار[17].

وله تآليف في فنون شتى تدل على غزارة علمه وحدة فهمه منها: “لبانة المجاهدين”، و”صولة الكار في تحريم الإقامة مع الكفار”، و”تسلية المؤمنين في عدم قبول أعمال المنافقين والكافرين”، و”خطبة في الحث على الجهاد”، و”الفرائض القرآنية في علم الفرائض”، و”صادق الفجر في صلاة الفجر”، و”ترياق الأبدان في تدبير الأسنان” و”إظهار المكنون في كشف الظنون”، و”الفيضان في بعض ما يفعل في شهر رمضان”، و”القربان فيما اختص به شعبان”، و”قرة العينين في كرامات شيخنا الشيخ ماء العينين”، وله أجوبة في “زكاة الكاغد الذي تتصارف الناس به اليوم”.[18]

ونشير إلى أن بعض كتبه ضاع أثناء مرحلة الجهاد ومنها ما استولت عليه القوات الفرنسية، وخاصة من خزانته الغنية بأكردوس إثر مغادرة  المجاهدين لها.

كما كانت له عدة مراسلات مع أعيان وقبائل سوس وأحواز مراكش والقيمين على زوايا والده الشيخ ماء العينين في مختلف مناطق المملكة وخاصة زاويتي وجدة وبني أنصار بالقرب من الناظور، وكان على إتصال وثيق وتواصل مع قادة الجهاد في أقصى الجنوب (موريتانيا حاليا) فضلا عن مختلف أمراء موريتانيا وزعماء عشائرها؛ وكانت هذه المراسلات كلها حث وتحريض على الجهاد وصد الغزو الأوربي عن المنطقة وعدم التعامل مع المعمرين وعملائهم… وامتدت مراسلاته إلى خارج الوطن كمراسلاته مع السياسي الأديب اللبناني شكيب أرسلان، وأبناء مايابي وغيرهم في كل من الحجاز والأردن ومصر. . .

ثانيا: قصيدة طبائع النساء[19]

جاءت قصيدة طبائع النساء مشتملة على أوصاف لأنواع ثلاثة من النساء؛الأولى منتحمد عشرتها، ومَنطباعها متقلبة ومزاجية يمكن إصلاحها والإستمرار معها، ومَن لاتحمد عشرتها ولا يطاق طبعها فيستحب الإنفصال عنها وعدم معاشرتها.

  • ما يحمد من عشرة النساء

جاءت الأبيات الأولى من القصيدة مركزة على أوصاف المرأة التي تحمد عشرتها،وقد وصفها الشاعربكونها جميلة، عزيزة في نفسها ذليلة، تستر عيب زوجها ولا تظهره، تفشي خيره ولا تستره، وترضيه إن غضب، ولا تفعل ما يُغضبه مع استحسان كل ما يستحسنه واستهجان كل ما يستهجنه، وعندما تتحدث إليه تحسن الحديث، وعندما يكون غائبا تتحدث عنه بكل خير، وقد قال في ذلك رضي الله عنه:

منهن من أوصافها جميلة عزيزة في نفسها ذليلة
تستر عيبك ولا تظهره تظهر خيرك ولا تستره
ترضيك إن غضبت أصلا لا ترم ما كان يغضبك إن تقم تقم
تستحسن الذي له استحسنت تستقبح الذي له استقبحت

وقد سئل أعرابي في النساء وكان ذا خبرة وعلم بهن فقال عن أفضل النساء: “أفضل النساء أصدقهن إذا قالت، التي إذا غضبت حلمت، وإذا ضحكت تبسمت، وإذا صنعت شيئا جودت، التي تطيع زوجها، وتلزم بيتها، العزيزة في قومها، الذليلة في نفسها، الودود الولود، وكل أمرها محمود”[20].

ويسترسل الشيخ في وصف خصالها الحسنة، مبرزا حفاظها على طبعها  الجميل مهما تكالب عليها كيد النساء وسوءهن، لتظل محافظة على ما آتاها الله من خَلق حسن وطبع جميل، ولا تنظر إلى غير زوجها، وفي ذلك إشارة إلى العفاف وردعِ النفسِ عن كل شهوة. وإذا لم تكن المرأة جميلة الخَلق فيكفي أن تكون جميلة الخُلق، محافظةً على المال قائمة على تدبيره تدبيرا حسنا، عفيفة لاتخالط أو تجالس الأوباش متحلية بالقناعة، وذات شخصية قوية تقطع حبل كل خائن.

في وصف هذا الصنف من النساء، يقول الشاعر والأديب الشيخ أحمد الهيبة بن الشيخ ماء العينين[21]:

لَهَا التَّحْكِيمُ فِي الأَلْبَابِ دَأْبًا تُبَاعُ لَهَا النُّفُوسُ وَلاَ تُبَاعُ
تُطَاوِعُهَا الطِّبَاعُ كَمَا أَرَادَتْ كَمَا حَسَنًا تُوَافِقُهَا الطِّبَاعُ

وفي بيت شعري حساني أفادني به الأستاذ محمد فاضل شَيْخَانِي بن الشيخ مُحَمْدِ بن الشيخ أحمد الهيبة اگِلاَلْ[22] فَلَبَّيْرْ “لَبْيَاظْ”[23]:

يَسْوَ تَمَّيْتْ اَلاَّ نْرَدْ عَنْ وَالَدْتِي مَعْلُومَ
مَعْلُومَ حَتَّ مَاهْ رَدْ وَالطَّبِيــــــــــــــــــــــــــــــــــعَهْ مَــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــعْلُوم[24]

ويذكر الشيخ محمد لِمامْ في الجأش الربيط ما تتصف به نساء الصحراء مما يتصل بهذا الباب:

“وكذلك الرجل يفتخر إن كانت زوجه تسد مسده غيبتَه، ولهم في ذلك المعنى روايات وأخبار حِسان، والأغلب في نساء القطر عدم الاحتجاب، والأغلب فيهن العفة وعزوف النفس عن الفاحشة طبعا، ويخفن غاية مما يجر لهن أو لرجالهن عارا أو منقصة. أما نساء الزوايا فكثير منهن يحتجب تدينا وصونا لأنفسهن عن الابتذال، وبعض بيوت الشرف يتوارث الاحتجاب في نسائهم، والأكثر خلاف ذلك كما قلنا غفر الله تعالى لنا ولهم”[25].

فمن كانت متصفة بمثل هذه الخِلال والأوصاف، فالزواج منها،حسب الشاعر، راحة للبال ومعها كسب الدنيا والآخرة، وهي من النساء التي يراد وصلها ويستحسن مغازلتها وقول الحسن لها، وفي حكمة لسليمان بن داوود عليه السلام قال: “المرأة العاقل تبني بيتها، والسفيهة تهدمه”[26].

  • المرأة المتقلبة المزاج التي يمكن إصلاحها

تناولت الشاعر الشيخ مربيه ربه أوصاف المرأة ذات المزاج المتقلب فهي تتقلب، وتراوغ وترائي وتكذب وتحزن، وتميل مع الهوى، وتنسى في لحظة واحدة عشرة السنين الطوال، ولابد من التناقض في طبع الأنثى، لأنها شخصية خاضعة للمؤثرات التي تتناوبها من عدة جهات.

ولقد جاء وصف النساء بالكيد في ثلاثة مواضع في القران الكريم مرتين على لسان يوسف ومرة على لسان العزيز في سورة يوسف، في قوله عز وجل: (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ  وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ)[27]. وقال عز وجل:(وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَىٰ رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ  إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ)[28]. وقال أيضا عز من قائل:(فَلَمَّا رَأَىٰ قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ)[29]، ويدخل في كيد النساء صفات كثيرة؛إذ تمدح وتذم، وتطلب وتمنع، وتظهر غير ما تضمر، وتضمر غير ما تظهر،وهي صفات تشترك كلها في معاني التدبير والمعالجة والحيلة[30].

وقد وصف الشيخ مربيه ربه تقلب المزاج في المرأة بأنه عيب يمكن تقويمه، فإنهن إذا رضين في أنفسهن رضِين على الرجل وأرَحنه، ومتى سخطن سخطن عليه، ثم إن المرأة متى رضيت كان منها كلشيء جميل يرضي الرجل من أقوال وأفعال، وإن سخطت فإن سخطها ينسي كل أفعالهاالجميلة، تشكر زوجها حينا وتشتمه حينا آخر، وتكتم سره تارة وتذيعه تارة أخرى، وتمدحه تارة وتذمه أخرى، وذلك من طبعها المزاجي السيئ.

ثم إنها تقبل النصيحة وتعمل بها، وفي أخرى لا تبالي بها ولاتسمعها، تتبدل وتتغير مع تغير الظروف والأشخاص وذلك ينم عن نفاقها وتلونها حسب الظروف والمواقف، ولا تفرق بين خيرها وشرها، وهذا النوع من النساء إذا قبل العلاج والصلاح فلابأس من الاستمرار معه، ولكن إن لم يقبل العلاج والقوام فتركه أفضل؛ لأن الخير يغلب الشر وإن طال الزمن، وفي ذلك قال:

فصل ومنهن التي إن رضيت أرضتك، أسخطتك مهما سخطت
في حالة الرضالها أفعال ترضيك جدا وكذا أقوال
لكنَّها سخطُهَا يُنسِيك ما فعلت من كل ما يرضيك
تشكر زوجها وطورا تشتمهْ تذيع سره وَطورا تكتمهْ
وربما عن ظهر غيب تمدحُ طورا وتسكت وطورا تقدَحُ
طورا تبغي النصيحة ولا تبالي طورا بها تجري بكل حالي
ذات وجوه مع كل أحد وتتطور به بكل مقصد
لم تدر بين خيرها وشرها هل كثرة لشرها أو خيرها
فهذه إن تقبل العلاجا خذها وُقِيت السوء واللجاجا
فالخير قال العلما لابد أن يرجح بالشر ولو طال الزمن

  • شر النساء

يذكر الشاعر في الثلث الأخير من القصيدة النساء ذوات الطبع المائل إلى الشر. إن شرهن – حسب القصيدة – التي لا تشكر زوجها ولا تحفظ له ودا وإن أحسن إليها بأي حال،فهذا وصف في أغلب النساءوليس عاماً لهن كلهن، بل فيهن ذوات الإيمان وذوات التقوى، وفيهن من تخاف الله وتراقبه وتعبده،وفيهن كثيرات ممن يجحدن الإحسان والمعروف،ولكن وصف إنكار المعروف في النساء أغلب، وعلى هذا جرى الحديث المذكور في صحيح البخاري: “حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ،عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِبْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُرِيتُ النَّارَ فَإِذَا أَكْثَرُ أَهْلِهَا النِّسَاءُ ،يَكْفُرْنَ» قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاللَّهِ؟ قَالَ: ” يَكْفُرْنَ العَشِيرَ[31]،وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، لَوْأَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ،ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا،قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ”[32].

وهذا يدل على أن الإنسان يجب أن يعترف لصاحب الفضل بفضله الذي امتن به عليه، فمن أحسن إليك فلا تنكره، ولا تنكر إحسانه وفضله، واحرص على أن تكافئه، فإن كان إحسانه دنيوياً فأحسن إليه بمثل ذلك ما استطعت، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ ،قَالَ: حَدَّثَنَا أُبو عَوَانَةَ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ،عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ، وَمَنْ سَأَلَكُمْ بِاللَّهِ فَأَعْطُوهُ، وَمَنِ اسْتَجَارَ بِاللَّهِ فَأَجِيرُوهُ، وَمَنْ آتَى إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَعْلَمُوا أَنْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ” [33]،هذا في الإحسان الذي هو نفع مالي أو نفع بدني أو نحو ذلك.

واعتبر الشيخ مربيه ربه أن شر النساء من أنكرَت خيرك ولم تذكره، عبوسة الوجه وبذيئة اللسان، لاتحفظ العهد لا الأموال ولا المكان، متكبرة ولا تسمع النصيحة إن نصحتها، ولا تتعلم إن علمتها، ولا تجلس في بيتها وكثيرة الزيارة لجيرانها، وأقوالهاأسوء من أفعالهاوأفعالها أسوء من أقوالها، وتتطاول على زوجها باللسان البذيء إذ ليس لديها حجة غيره، ولا حرمةَ لزوجها عندها، تذكر الرجال أمامه ولا تتجنب المعاصي، تكذب ولا تستحي منانة حنانة معجبة بنفسها، وتخون الزوج في ما أولاها من أمره، ولا يرضيها أي شيء أعطاها إياه، وإذا سمعت قول ذمٍّ في الرجل تزداد ذما له، فهذه من النساء يجب أن تطلق إذ ليس لها من دواء ولا علاج.

وقد قال محمد بن عبد السلام الخشني في شر النساء أيضا: “إياك وكل امرأة مذكرة منكرة، حديدة العرقوب، بادية الظنبوب[34]، منتفخة الورد، كلامها وعيد، وصوتها شديد، تدفن الحسنات، وتفشي السيئات، تعين الزمان على بعلها، ولاتعين بعلها على الزمان، ليس في قلبها رأفة، ولا عليها منه مخافة، وإن دخل خرجت وإن خرج دخلت، وإن ضحك بكت، وإن بكى ضحكت، وإن طلقها كانت حرفته، وإن أمسكها كانت مصيبة، سعفاء[35] رهاء[36]،كثيرة الدعاء، قليلة الإرعاء، تأكل لما، وتوسع ذما، صخوب غضوب، بذية دنية، ليس تطفأ نارها،ولا يهدأ إعصارها، ضيقة الباع، مهتوكة القناع، صبيها مهزول، وبيتها مزبول، إذا حدثت تشير بالأصابع، وتبكي في المجامع،بادية من حجمها، نباحة على بابها، تبكي وهي ظالمة، وتشهد وهي غائبة، قد دلى لسانها بالزور، وسال دمها بالفجور”[37].

يقول أحد الشعراء الحسانيين ذاما هذا الصنف:

أَلَّ شَفْتْ عْلِيكْ تْسَاويكْ لَلِّ مَنْ گوْمَكْ كَامَلْ جَاكْ
أَلَّ گدْ لْجَاكْ إِيوَاعِيكْ هَحْ أَلاَّلِ مَگَلْ وْعَاكْ
غَيْرَ امْنَادَمْ كِيفَكْ لَگدْ يَطْرَحْ كَلْ أَمْنَادَمْ فَبْلَدْ
وِيمَزْرِ زَادْ لْرَاسُ حَدْ مَاهُو فَالْعَدْ سْمَعْتِ ذَاكْ
وَامْنَادَمْ خَبْرُ مَا يَشْتَدْ گُولِي لُ بُويَ هَاهْ وْرَاكْ[38]

ويصف أعرابي امرأة من هذا الصنف بقوله: “والله إنك لمشرفة الأذنين، جاحظة العينين، ذات خلق متضائل يعجبك الباطل، إن شبعت نظرت، وإن جعت صخبت، وإن رأيت حسنا دفنته، وإن رأيت سيئا أذعته، تكرمين من حقرك، وتحقرين من أكرمك”[39].

قال الشيخ مربيه ربه واصفا هذا الصنف:

فصل ومنهن التي لا تشكر زوجا ولا لخير زوج تذكر
وإن عليها الدهر كلا أحسنا تقول ما رأيت قط حسنا
عبوسة الوجه بذية اللسان لا تحفظ الأموال لا ولا المكان
تأنف تستكبر إن وعظتها لا تتعلم ولو علمتها
وقلما تسكن في مكانها من كثرة المشي إلى جيرانها
أقوالها أسوأ من أفعالها أفعالها أسوأ من أقوالها

ويقرب الشاعر الحساني هذه الصفات في أبيات نذكر منها ما يركز عدم إشفاق المرأة على زوجها، وذم شرها الذي اشتهر في الناس:

كَلْ لَيْلَ تَعْطِينِ طَلْقَ وْلَبَيْنِ وَيَّاكْ أَشَّفْقَ
وَأَهْلْ أَلَاگَ[40]أَلِّ مُحَقَّ شَرَّكْ لِ كَامَلْ عَلْمَتْ بِيهْ
گَالُو لِ زَادْ أَهْلْ أَثَّقَّ عَنَّكْ خَيْرِ مَاعَيْنَكْ فِيهْ
يَغَيْرْ الْخَيْرُ بَعْدَ أَبْقَ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ بِيهْ  [41]

وختم الشيخ مربيه ربهالنظم بالنصيحة إلى الأزواج حيال زوجاتهم بالحسنى والخير، فإنهن ضلع أعوج لابد له من العلاج، فإذا هم الشخص بإقامته، أي تقويمه، فإنه يصلح، وإذا تركته بلا علاج فسد أي استوجب كسره، أي في التفسير كناية عن الطلاق، وذلك كله إشارة لما جاء في الحديث الشريف عَن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خيرا، فَإِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بالنِّسَاءِ خيرا”[42]

فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث وجه نقصان دين المرأة وعقلها.‏ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى ‏الله عليه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلى، فمرَّ على النساء فقال: “يا معشر النساء ‏تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار. فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: تكثرن اللعن وتكفرن العشير. ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل ‏الحازم من إحداكن.قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟  قال: أليس شهادة المرأة ‏مثل نصف شهادة الرجل.‏قلن: بلى.قال: فذلك مننقصان عقلها.‏أليس إذاحاضت لم تصل ولم تصم؟ ‏قلن: بلى. قال: فذلك من نقصان دينها”[43].‏

  

نظم في طبائع النساء للشيخ مربيه ربه بن الشيخ ماء العينين

     

 

حمدا لمن قال بوحيٍ للرسول
نساؤكم حرث لكم نعم المقول
وهو الرسول أحمد محمد له من الله صلاة تحمد
ثم عليه من سلام الله ما كان يحمد إلى التناهي
وبعد إن للنسا أطباعا وهن جنس يقتضي أنواعا
منهن من أوصافها جميله عزيزة في نفسها ذليلة
تستر عيبك ولا تظهره تظهر خيرك ولا تستره
ترضيك إن غضبت أصلا لا ترم ما كان يغضبك إن تقم تقم
تستحسن الذي له استحسنت تستقبح الذي له استقبحت
وقولها بين يديك حسن وانه عن ظهر غيب أحسن
ولو عليها اجتمع النساء لا تبغي عن الطبع الجميل بدلا
قاصرة الطرف عليك تردع عما سواك نفسها وتمنع
جميلة ما لم يكن في خلقها من الجمال كان في خلقها
حافظه للمال والفراش بمعزل عن مجلس الأوباش
صالحة ذات عفاف قانعه ولحبال الخائنين قاطعه
فهذه خذها ولا تبالي ومن سواها كن خلي البال
رزقها الله لنا دنيانا ومعها الحور لنا أخرانا
وهي التي لوصلها يلقى الرسن لا بأس بالغالي إذا قيل حسن
فصل ومنهن التي إن رضيت أرضتك أسخطتك مهما سخطت
في حالة الرضالها أفعال ترضيك جدا وكذا أقوال
لكنها سخطها ينسيك ما فعلت من كل ما يرضيك
تشكر زوجها وطورا تشتمه تذيع سره وطورا تكتمه
وربما عن ظهر غيب تمدح طورا وتسكت وطورا تقدح
طورا تبغي النصيحة ولا تبالي طورا بها تجري بكل حالي
ذات وجوه مع كل أحد وتتطور به بكل مقصد
لم تدر بين خيرها وشرها هل كثرة لشرها أو خيرها
فهذه إن تقبل العلاجا خذها وقيت السوء واللجاجا
فالخير قال العلما لابد أن يرجح بالشر ولو طال الزمن
فصل ومنهن التي لا تشكر زوجا ولا لخير زوج تذكر
وإن عليها الدهر كلا أحسنا تقول ما رأيت قط حسنا
عبوسة الوجه بذية اللسان لا تحفظ الأموال لا ولا المكان
تأنف تستكبر إن وعظتها لا تتعلم ولو علمتها
وقلما تسكن في مكانها من كثرة المشي إلى جيرانها
أقوالها أسوأ من أفعالها أفعالها أسوأ من أقوالها
وتتطاول عليك باللسان وليس عندها سواه من بيان
بين يديك تذكر الرجالا وتتعاهد ذلك المجالا
كذوبة لما افترت حنانه معجبة بنفسها منانه
تخون من أمرك ما أوليتها وتستقل كل ما أعطيتها
وفي النسا إن سمعت قول الرجال قالت كذاك في الرجال ما يقال
دع هذه ليست لها من الدوا إلا الطلاق والفراق والنوى
ومن لها وصف ترد عنه في ذكره والحال يبدو منه
وهن من ضلع خلقن ذي اعوجاج إذا فلا بد له من العلاج
فإن أقمته كسرته وإن تركته فباعوجاجه قمن
وأعوج الضلعيرى أعلاه ما جاء في الحديث ذا معناه
مصليا على جزيل العقل من قال هن ناقصات عقل
مسلما عليه والنظم انتهى لله حمد ما له من انتها

لقد أخذنا الشيخ مربيه ربه الشاعر الأديب في هذه القصيدة إلى عالم النساء في سفر ممتع في طباعهن على  اختلافها، فحدثنا عن الزوجة الصالحة الموافقة، وهي منية الروح ومن موجبات الدعاء بأن يرزق الرجل بمثلها، وعدد محاسنها لتتسنى لنا القدرة على الإختيار الصحيح فالنصيحة تنور الدرب خاصة إذا صدرت من الحكماء وأهل التجربة.

وبعد ذلك انتقل ليحذرنا من طبع الأنثى المتقلب وأن أبغض الحلال عند الله الطلاق في محاولة من الشاعر لإبراز الجهد الذي يمكن أن يبذل في إصلاحها وتقويم اعوجاج سلوكها، وعن انقطاع الرجاء من إصلاحها حيث يكون الفراق هو الحل الأمثل، ونختم بحكمة لسيدنا داوود عليه السلام حيث قال: “الجمال كاذب، والحسن مُخلف، وإنما يستحق المدح المرأة الموافقة”[44]، فإنّ الجمال والحسن لا محالة يطرأ عليهما ما يغيرهما، وهما من الأعراض الزائلة، بينما القيم تبقى مستمرة، والطبع في الإنسان لا يتغير.

الورقة 8 من نسخة موقع الشيخ ماء العينين المكتبة الرقمية.

 

 

الهوامش

[1] الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوربي الجزء الأول الطبعة الثانية مزيدة ومنقحة منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث والتنمية تأليف: الطالب أخيار بن الشيخ مامينا ص 136

[2] خلال جزولة للمختار السوسي الجزء 2 ص 206

[3] سورة البقرة الآية 223

[4] سورة التحريم الآية 3

[5]– كتاب جامع المسانيد والسنن – أبو عثمان النهدي عن أسامة ص239 – مسند أحمد 5/200 من حديث أسامة بن زيد.

[6]صحبح البخاري: كتاب النكاح: ما يتقى من شؤم المرأة: 9/137.
وصحيح مسلم: كتاب الرقاق: باب أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار النساء وبيان الفتنة بالنساء: 4/2097.
وسنن ابن ماجه: كتاب الفتن: باب فتنة النساء: 2/1325.

 سورة طه الآية 131    [7]

[8] سورة التحريم الآية 10

[9]كتاب طبائع النساء وما جاء بها من عجائب وأخبار وأسرار للفقيه احمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي صاحب العقد الفريد تحقيق محمد إبراهيم سليم   ص20

[10]سورة التغابن الآية 14.

[11]دراسات في شعر الصحراء”، الدكتور ماء العينين النعمة علي، منشور الجمعية الشيخ ماء العينين للتنمية والثقافة-7، ص87

[12]للتوسع في ترجمة للشيخ الشاعر انظر:

  • “التعريف بالشيخ مربيه ربه، محمد الظريف، جوانب وحدوية من ثقافة الصحراء المغربية، مطبعة المعارف الجديدة، الطبعة الأولى، 1997.
  • قرة العينين في كرامات شيخنا الشيخ ماء العينيين، الشيخ مربيه ربه، مكتبة الأستاذ ماء العينين علي ابن الشيخ مربيه ربه، تيزنيت.
  • دراسات في شعر الصحراء”، الدكتور ماء العينين النعمة علي، منشورات جمعية الشيخ ماء العينين للتنمية والثقافة-7.
  • من ذكريات الأواصر الوطيدة بين شمال البلاد وجنوبها”، صحيفة العلم، العدد: 15271، الأربعاء 24 ذي القعدة 1412ه/ الموافق 27 ماي 1992.

[13] الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوربي الجزء الأول ص352 .

[14]الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوربي الجزء الأول ص353 .

[15] المعسول في الاليغيين وأساتذتهم وتلامذتهم وأصدقائهم السوسيين   المختار السوسي ج 4 ص 272

[16]الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوربي الجزء الأول ص354 /355.

[17]المصدر نفسه (1/355).

[18]سحر البيان ابن العتيق،ص114/115

[19]جاءت نسبة القصيدة إلى الشيخ مربيه في بداية المخطوطة المنشورة في موقع مكتبة الشيخ ماء العينين الرقمية.

[20]كتاب طبائع النساء وما جاء بها من عجائب وأخبار وأسرار للفقيه احمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي صاحب العقد الفريد ص56.

[21]ديوان الشيخ أحمد الهيبة جمع وتحقيق الدكتور محمد الظريف الطبعة الأولى، 1998 دار المعارف الجديدة ص 169.

[22]من الألفاظ الأمازيغية، وهو حسب بعض المهتمين “اسم تقني لشكل من أشكال لبّيْر، ورأي آخر يرى أن كلمة اگلال تحيلنا على القلة، حيث لا يجوز أن يتعدى عدد تفلواتن أربعة في أگلال. انظر: معالم الأدب الحساني دراسة تحليلية لتجليات الشعر والموسيقى عند البيظان والعوامل المؤثرة فيهما. نجاح يوسف. منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث والتنمية .ص: 45.

[23] لبَّيْر هو بتّ من ابتوتة الگعدة السباعية، وموضع حكايته في المقامات الموسيقية هو مقام “لَبْيَاظْ”، وتتكون كل تافلويت منه من سبع حركات. انظر: البوح بالمكنون من ألوان الموزون الطاهر خنيبيلا، منشورات مركز الدراسات الصحراوية. ص61.

[24]المعنى التقريبي للبيت: لو ظللت أُحدث عن أخبار والدتي محاولا وصف كرمها، ما استطعت الإحاطة بشيء من فائض كرمها وكريم خصالها.

[25] الجأش الربيط في الدفاع عن مغربية شنقيط وعربية المغاربة من مركب وبسيط –الشيخ محمد الإمام- تحقيق محمد الظريف، ص116.

[26]كتاب طبائع النساء وما جاء بها من عجائب وأخبار وأسرار للفقيه احمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي صاحب العقد الفريد  ص25/26

[27]سورة يوسف الآية 33.

[28] سورة يوسف الآية 50

[29]سورة يوسف الآية 28

[30]كتاب طبائع النساء وما جاء بها من عجائب وأخبار وأسرار للفقيه احمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي صاحب العقد الفريد  ص158

[31] العشير : الزوج

[32]صحيح البخاري – كتاب الإيمان- باب كفران العشير وكفر دون كفر –

[33]– 23 كتاب الزكاة – من سال بالله عز وجل

[34] الظنبوب :هو كما جاء في القاموس حرف الساق من قُدُم أو عظمه أو حرف عظمه.

[35] سعفاء : تسعفه بنارها

[36] رهاء: حمقاء

 كتاب طبائع النساء وما جاء بها من عجائب وأخبار وأسرار للفقيه احمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي صاحب العقد الفريد  ص 161/162[37]

[38]رواية شفوية، والأبيات تشير إلى ذم أخلاق بعض النساء اللائي لا يستعففن.

[39]كتاب طبائع النساء وما جاء بها من عجائب وأخبار وأسرار للفقيه احمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي صاحب العقد الفريد  ص 168.

[40] منطقة تابعة إلى ببوتيليميت وهي من المدن الموريتانية

[41]رواية شفوية.

[42] صحيح مسلم  17- كتاب الرضع- 18- باب الوصية بالنساء ص1091.

[43]محمد بن إسماعيل البخاري، “صحيح البخاري”، دار بن كثير، دمشق- بيروت الطبعة الأولى 2002م، رقم الحديث 304، أطرافه في 1462، 1951،2658.

[44]كتاب طبائع النساء وما جاء بها من عجائب وأخبار وأسرار للفقيه احمد بن محمد بن عبد ربه الأندلسي صاحب العقد الفريد  ص26.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق