مركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصةأعلام

السيرة الغراء فيمن استشهد بالطاعون من القراء -13- محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن خميس الأنصاري

الحمد لله رب الناس، مذهب البأس، والصلاة والسلام على محمد خير الناس، وعلى آله وصحبه والتابعين.

وبعد:

ونحن نعيش هذه الظروف الصعبة، التي قد يفقد فيها المرء أحدا من عائلته أو جيرانه أو أصدقائه، يبقى الصبر مؤنسا للمسلم في مصيبته، قال الله تعالى: «وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَےْءٖ مِّنَ اَ۬لْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٖ مِّنَ اَ۬لَامْوَٰلِ وَالَانفُسِ وَالثَّمَرَٰتِۖ وَبَشِّرِ اِ۬لصَّٰبِرِينَ ١٥٤ اَ۬لذِينَ إِذَآ أَصَٰبَتْهُم مُّصِيبَةٞ قَالُوٓاْ إِنَّا لِلهِ وَإِنَّآ إِلَيْهِ رَٰجِعُونَۖ ١٥٥ أُوْلَٰٓئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَٰتٞ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٞۖ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ اُ۬لْمُهْتَدُونَ»، ومما يؤنسه أيضا ما جاء في فضل من مات بالطاعون، كما جاء في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغرق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله»، وورد فيه أيضا عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الطاعون شهادة لكل مسلم»، وقد استشهد جماعة من أخيار القراء على مر التاريخ بالطاعون، وسأحاول في هذه السلسلة جمعَهم، والتعريفَ بهم من خلال هذه المقالات، وسميتها: 

«السيرة الغراء فيمن استشهد بالطاعون من القراء»

-13- محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن خميس الأنصاري(1)

محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن أبي بكر بن خميس الأنصاري

من أهل الجزيرة الخضراء.

حاله: كان فاضلا، وقورا، مشاركا، خطيبا، فقيها، مجوّدا للقرآن، قديم الطّلب، شهير البيت، معروف التّعيّن، نبيه السّلف في القضاء، والخطابة، والإقراء، مضى عمره خطيبا بمسجد بلده الجزيرة الخضراء، إلى أن تغلّب العدوّ عليها، وباشر الحصار بها عشرين شهرا، نفعه الله. ثم انتقل إلى مدينة سبتة، فاستقرّ خطيبا بها إلى حين وفاته.

مشيخته: قرأ على والده، رحمه الله، وعلى شيخه، وشيخ أبيه أبي عمر، وعباس بن الطّفيل، الشهير بابن عظيمة، وعلى الأستاذ أبي جعفر بن الزّبير، والخطيب أبي عبد الله بن رشيد بغرناطة عند قدومه عليها، والقاضي أبي المجد بن أبي الأحوص، قاضي بلده. 

وكتب له بالإجازة الوزير أبو عبد الله بن أبي عامر بن ربيع، وأجازه الخطباء الثلاثة أبو عبد الله الطّنجالي، وأبو محمد الباهلي، وأبو عثمان بن سعيد. 

وأخذ عن القاضي بسبتة أبي عبد الله الحضرمي، والإمام الصالح أبي عبد الله بن حُريث، والمحدّث أبي القاسم التّجيبي، والأستاذ أبي عبد الله بن عبد المنعم، والأخوين أبي عبد الله وأبي إبراهيم، ابني يربوع. قال: وكلّهم لقيته وسمعت منه، وأجاز لي إجازة عامة، ما عدا الإمام ابن حريث فإنه أجاز لي، ولقيته، ولم أسمع عليه شيئا، وأجاز لي غيرهم كناصر الدين المشدالي، والخطيب ابن عزمون وغيرهما، ممن تضمنه برنامجه.

تواليفه: وكان أحد بلغاء عصره، وله مصنّفات منها: «النّفحة الأرجيّة، في الغزوة المرجيّة» ، ودخل غرناطة مع مثله من مشيخة بلده في البيعات، أظن ذلك.

وفاته: توفي في الطّاعون بسبتة آخر جمادى الآخرة من عام خمسين وسبعمائة.

  1.  مصادر الترجمة: الإحاطة في أخبار غرناطة 3/140-141، الدرر الكامنة 5/89-90.

ذ.سمير بلعشية

  • باحث بمركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق