وحدة المملكة المغربية علم وعمرانمعالم

السياحة الثقافية، بجهة الدار البيضاء الكبرى

 

 

إنجاز الباحث: مصطفى مختار

كلية الآداب والعلوم الإنسانيةابن امسيك

 

         اتسمت جهة الدار البيضاء الكبرى، خلال فترات تاريخية عديدة، بالانبعاث الدائم والتجدد المستمر بالرغم من تعرضها لأنواع كثيرة من التدمير الطبيعي والبشري والحضاري. حيث تعرضت إمارة برغواطة التي كان مجالها يضم هذه الجهة، إلى هجومات عنيفة ومتتالية من قبل كثير من دول المغرب (الأدارسة وبنو زيري والمرابطون والموحدون) والأندلس (الدولة العامرية). (1)   

       وإلى جانب ذلك كانت مدينة آنفا هدفا لتخريب متنوع من استباحة بشرية وتدمير ثقافي خلال اكتساح يوسف بن تاشفين المدينة سنة 455 ه موافق 1063 م، ومصادرة أموال الأعيان من قبل منصور مولى أبي يفلوسن المريني بأمر منه، ونهب السكان من قبل القبائل المجاورة خلال الفترة المرينية. (2)

      وبعد بناء مدينة الدار البيضاء تعرضت جهتها الكبرى إلى عرقلة كثير من عناصر تنميتها الجهوية. حيث صادر مولاي يزيد قبيلة مديونة (خمسمائة من الخيل وسبعة عشر ألف مثقال وألف من البقر) ومارس عليها ضغوطا، ونهبها وقبيلة زناتة المولى سليمان، وصادر القائد إبراهيم لوراوي بأمر من السلطان الأخير كل ما وجده بدار الشيخ البصير بن الطاهر المزابي بالبيضاء يوم الاثنين سابع وعشرين من رجب سنة 1226 ه. وقطعت رأس المصادر بعد ذلك بدار القائد عبد الله الرحماني التي بني مكانها مقر نقابة العمال بشارع الجيش الملكي. وكان خليفة المولى سليمان على الدار البيضاء والشاوية: مولاي عبد الملك ابن إدريس يقاسم مستفاد مرسى المدينة بينه وبين أعيان الشاوية. (3)      

       وقد تأثرت جهة الدار البيضاء الكبرى بأحداث المغرب خلال حكم المولى سليمان. حيث ساهمت أسباب كثيرة في انعدام الاستقرار وعرقلة التنمية الجهوية، من مثل توالي السلاطين على الجهة. إذ بويع المولى مسلمة بن سيدي محمد بن عبد الله سلطانا بالدار البيضاء في ثاني شهور عام 1208، مدة شهرين ثم فر إلى أزمور لما سمع بقدوم المولى سليمان الذي عين مولاي عبد الملك بن إدريس خليفة فبايعته قبائل الجهة. ولما سمع بقدوم السلطان أخلى المدينة. ومن مثل توالي خلفاء السلطان وعماله على الدار البيضاء والشاوية. حيث ولى المولى سليمان مولاي عبد الملك بن إدريس الذي استبد بالأمر، ثم ولى السلطان أخاه مولاي الطيب سنة 1209 ه الذي أناب عنه عبد الخالق بن المحجوب أحد أعيان أولاد حريز، وبعد القبض عليه عين السلطان الغازي بن المدني المزمزي خليفة سنة 1210 ه موافق 1795 م. ومن مثل ممارسات بعض رجال الخدمة.  حيث قبض مولاي الطيب على رؤساء الشاوية الذين بايعوا المولى مسلمة، وأرسلهم إلى سجن الصويرة، وقطع أطراف بعض أبطال أولاد زيان، وأرسل بعض أعيان الشاوية إلى فاس. وإثر ذلك هرب كثير من أهل مديونة إلى دكالة. ومن مثل القبض على عمال الدار البيضاء والشاوية ومصادراتهم. ومن مثل التنكيل بهم وإعادتهم إلى مناصبهم أكثر من مرة. (4)

       ولعل مشاركة قبائل الجهة في أحداث “السيبة” عامل آخر من عوامل عرقلة التنمية الجهوية. حيث هاجمت قبيلة مديونة الدار البيضاء، بعد وفاة بانيها سيدي محمد بن عبد الله العلوي، سنة 1204 هـ موافق 1789 م رغبة منها في احتجاز عيال السلطان المتوفى، وتاجر الحبوب الإسباني الدومينكو. وتأثر اقتصاد الجهة بحروب القبائل. إذ انكسر سوق الخميس بمديونة خلال شهر جمادى الثانية من عام 1226 هـ. ووقعت حرب بين مديونة وأولاد احريز في المنطقة الواقعة بين الطوالع وابن سليمان ووادي بوسكورة، يوم السبت الحادي عشر من شعبان سنة 1226 هـ. وشاركت قبائل الشهاونة (مديونة- زناتة- أولاد زيان- الزيايدة) في حروب القبائل. حيث توسط شرفاء وزان في الصلح بين الشهاونة وأولاد بوعطية بمدينة الدار البيضاء في 26 شعبان عام 1226 هـ. وهاجمت أولاد احريز والمزامزة قبيلة أولاد زيان فنهبوا مالهم وخيلهم وحلي نساءهم، في التاسع والعشرين من شعبان سنة 1226 هـ. وحاربت الشهاونة قبائل أولاد بوعطية بنواحي الدار البيضاء دفاعا عن الباشا إبراهيم لوراوي يوم الجمعة حادي عشر رمضان 1226 هـ. (5)

       وساهمت عوامل خارجية في عرقلة التنمية الجهوية. حيث أرسل ملك البرتغال “الفونصو الخامس” أسطولا إلى آنفا بقيادة أخيه “دون فراند” سنة 873 هـ موافق 1468 م، وبعد أن وجدها مهجورة أمر قائد الأسطول  بهدم أسوارها وأبنيتها الجميلة وتخريبها فنهبها الجنود وأضرموا النار فيها وحولوها إلى أكوام من الحجر. وبعد مرور مدة من الزمن رجعوا إليها سنة 921 هـ موافق 1515 م. وهاجمت القوات الفرنسية مدينة الدار البيضاء يوم الاثنين 25 جمادى الثانية سنة 1325 هـ موافق سابع غشت سنة 1907 م. فدمروا كثيرا من مكونات تنميتها الجهوية. (6)

 

 

 

      وبالرغم من توالي أنواع كثيرة من تخريب مظاهر التنمية الجهوية (الطبيعية والبشرية والحضارية) تمكنت هذه الجهة من الانبعاث والتجدد عبر مرحلتين. مرحلة أولى علوية، ومرحلة ثانية استعمارية. فبعد مرور ثلاثة قرون ونيف على تدمير مدينة آنفا الكلي (7) أمر سيدي محمد بن عبد الله العلوي ببناء الدار البيضاء يوم السبت 16 ربيع الثاني عام 1199 هـ موافق 1784 م. وشيد بالمدينة بيت مال تحصينا لأموال الدولة، وفتح باب الهجرة للمدينة، فقصدها طوائف من بوادي المغرب وحواضره. وجعل للراغبين في الحصول على مساكن سجلا سمي بكناش الزرائب، بسبب من أنهم كانوا يحيطون محلاتهم بنبات شوكي: الزرب الذي يحيط به أهل البادية مآوي الغنم (الزرائب). (8).

 

       وقد شيد بعض من هذه المدينة على أنقاض آنفا. حيث يعتقد بعض المسنين أن أحد دروب مدينة الدار البيضاء المخزنية: درب حمام سبع ابرم بني على أنقاض أثر من آثار مدينة آنفا: حمام سبع ابرم.(9). ولعل تسمية شارع وحي بيضاويين باسم المدينة المندثرة ما يؤكد هذه الفرضية. وشيد البعض الآخر من مدينة الدار البيضاء المخزنية على مقربة من آنفا. إذ يمكننا افتراض أن التسمية الحالية نابعة من كون صفة البيضاء يطلق على البناء الملوكي الجديد المجاور لمدينة قديمة (المدينة البيضاء أوفاس الجديد أو فاس المرينية بجانب فاس البالي أو فاس الإدريسية، والدار البيضاء من مكناس بجانب المدينة الإسماعيلية).   

        وخلال المرحلة الثانية أعاد الاستعمار الفرنسي تهيئة مجال الدار البيضاء وفق استراتيجية ثقافية جامعة بين الأصالة والمعاصرة. إذ غير معالم المدينة المخزنية في تعامله مع أربعة مجالات بيضاوية، أولها وادي بوسكورة وثانيها ضريح سيدي بليوط وثالثها المقابر ورابعها المرسى. حيث غير مسيل وادي بوسكورة الذي كان يمر على مقربة من سور المدينة العلوية، والذي ارتبط بأوجه تنمية محلية أشار إليها الحسن بن محمد الوزان في حديثه عن بساتين آنفا قبل تخريبها (10)، وبمظاهر فلاحة مدينية (عرصة الزرقطوني- نخلة سيدي أبي الليوث- اعتماد سكان المدينة المخزنية على رعي الأبقار- تجهيز الدور بالآبار والمطافي) أشار إليها هاشم المعروفي خلال كتابه عبير الزهور في تاريخ الدار البيضاء وما أضيف إليها من أخبار آنفا والشاوية عبر العصور.

 

        وقد تغيرت ملامح الدار البيضاء وفق ذلك. حيت تحولت من مدينة- قرية إلى مدينة جديدة. فبعد ما كان ضريح سيدي أبي الليوث جنب سور المدينة المخزنية على مقربة باب المريسة عند بناء سيدي محمد بن عبد الله  المدينة المخزنية على مقربة من أنفا، أصبح الضريح  خارج خطط المدينة القديمة، قريبا من السكة الحديدية والميناء الجديد حينما بدأ الاستعمار الفرنسي بناء المدينة الحديثة. وتغيرت ملامحه حيث تساقط الجذع الأعلى من نخلته الشهيرة. فلم يعد لها من أثر ابتداء من سنة 1928 م (11 )، بالرغم من تأكيد حفيظته خلال ستين سنة على تساقط هذا الجذع إثر دخول الأمريكان إلى الدار البيضاء سنة 1943 م تعبيرا عن غضب ورفض. وأصبح ضريح سيدي أبي الليوث بدون نخلته الشهيرة مرتبطا بالمدينة الحديثة “وليا حفيظا لها”، وولي المدينة الأول (مول الأرض والبلاد) بعدما كان قليل الإشعاع إلى حدود أواخر القرن التاسع عشر محل ضريح سيدي علال القيرواني الذي كان ولي المدينة الأول بدون منازع.

 

 

     ومثلما غير الاستعمار الفرنسي من معالم ضريح سيدي أبي الليوث أعاد ترتيب مجاله. حيث نقل رفات الموتى من مقبرة المسلمين (المقبرة العامة للأهالي) بالجانب الآخر من الضريح قريبا من فندق المنصور حاليا إلى مقابر أخرى، ومن بينها رفات سيدي علي بن امحمد المعروفي الملياني الإدريسي الشهير بسيدي معروف، الذي نقل إلى حي للا الياقوت لسكنة المكفوفين بسيدي معروف الأول أحد أحياء عمالة درب السلطان – الفداء، بحسب ما رواه هاشم المعروفي (12)، وبحسب ما أخبرتنا به “مي خدوج الصحراوية” القاطنة بدرب القريعة بالمنزل الذي كانت محله مزارة لا زهرة القريعة، والتي أرجعت سبب نقل رفات سيدي معروف إلى حلم رأته بناته طالبا منهن ذلك، وبخلاف ما أخبرنا به أحد حملة القرآن الكريم المتواجدين بمقبرة الشهداء بحي التيسير الذي أشار إلى قيام الاستعمار الفرنسي بتهيئة حي المعاريف الجديد وملحقاته فنقلت رفات المقبورين من مقبرة المعاريف القديمة قريبا من مطار آنفا الصغير إلى مقابر جديدة. ومن بينها رفات سيدي معروف إلى  ضريحه الحالي، ورفات قريبه سيدي أحمد المعروفي إلى مقبرة الشهداء. وهي العملية نفسها التي تعامل بها الاستعمار الفرنسي مع رفات الأجانب التي كانت مقبورة قرب ضريح سيدي أبي الليوث. فتم نقلها إلى مقابر أخرى مثل مقبرة الإنجليز المتواجدة حاليا قرب سينما أوبرا، وذلك عندما أعاد ترتيب مجال مرسى الدار البيضاء القديم الذي تحول إلى ميناء مغيرا بذلك ملامح الدار البيضاء وناقلا إياها من مدينة- قرية إلى مدينة- متروبول.

 

 

       وخلال ذلك، زاوج الاستعمار الفرنسي بين الأصالة والمعاصرة في المحافظة على المدينة المخزنية وبناء مدينة حديثة إلى جانبها، وفي بناء حي للأعيان هو حي الأحباس، وحيين للفقراء هما حي عين الشق (درب الياقوت) وحي كريكوان. بالاستفادة من الدراسات الاجتماعية والأنتربولوجية التي قام بها بعض الأجانب الذين زاروا مدينة الدار البيضاء خلال القرن التاسع عشر (تقسيم المغرب اجتماعيا إلى فئتين: فئة الأعيان وفئة الفقراء، ودينيا إلى مسلمين ويهود، ولغويا إلى عرب وأمازيغ).

 

      وبالرغم من الاختلاف الظاهر بين مرحلتي الانبعاث والتجدد اللتين عرفتهما هذه المدينة، فإنهما جعلتاها بنية منغلقة ومغلقة. حيث كانت في المرحلة الأولى بنية مغلقة حربية ضد الهجومات الأوروبية وأعمال السيبة. ولعل مدفع الصقالة القريب من ضريح سيدي علال القيرواني يؤكد هذه البنية المغلقة المنغلقة التي تأكدت مع المرحلة الثانية (مدينة قديمة مغلقة على الأهالي، ومدينة حديثة مغلقة على الأجانب).              

 

      ومع ذلك فإن بإمكاننا استثمار قدرة مدينة الدار البيضاء على الانبعاث والتجدد لتحويل جهتها من بنية مغلقة ومنغلقة إلى مجال مفتوح قادر على تدبير مظاهر التعدد والتنوع الثقافي (تعدد الذهنيات- تعدد الثقافة الشعبية والعالمة- أشكال اللباس والأطعمة- تعدد الحضارات- تعدد الأجناس- تعدد المذاهب الدينية- تعدد المعمار).

          حيث تتسم جهة الدار البيضاء الكبرى بتعدد الذهنيات وتنوعها الثقافي. حيث ساهم في بنائها وتعميرها طوائف كثيرة من قبائل المغرب ومدنه. إذ كلف السلطان سيدي محمد بن عبد الله العلوي، عن طريق عامله على الشاوية: عبد الله الرحماني، رؤساء قبائلها ببناء أسوارها. فبنت قبيلة أولاد احريز السور المفتوح فيه باب مراكش (وجود دار فيه تسمى أروى ابن رشيد)، وتكفلت قبيلة مزاب ببناء السور المفتوح فيه باب المرسى من جهة جامع ولد الحمراء (وجود دار به كانت مستعملة نزلا لقائد مزاب). وجلب السلطان طرفا من قبيلة حاحا تعزيزا لحراسة أبراج المدينة السبعة، ونقل ألفا من العبيد البخاريين إلى المدينة من أجل حمايتها. (13)

       وفتح باب الهجرة إليها فقصدتها طوائف من قبائل الشاوية (مديونة- أولاد حدو- الهراويين- الرواجع- المعارف- أولاد المجاطية- الرغاغية- أولاد مومن…)، ودكالة؛ وكثير من العائلات الفاسية (عائلة بنجلون التويميين- عائلة بنكيران- عائلة بن أحود- عائلة بنيس- عائلة برادة- عائلة أبوزكري- عائلة بن زاكور- الشرفاء العلميون- الشرفاء اليعقوبيون- الشرفاء الطاهريون)، والرباطية (عائلة المستاري- عائلة ولد الضاكة- عائلة الزيادي- عائلة أمبيركو)، والسلوية (عائلة بوشنتوف- عائلة كلزيم)، والتطوانية (عائلة اللبادي- عائلة ابن المفتي- عائلة افتيح- عائلة عكور- عائلة ابريشة)، وعائلات أخرى مثل عائلة الصنهاجي وعائلة ابن امسيك وعائلة ابن حمان وعائلة الأخيري وعائلة ابن العيساوي. وحين انتقلت العائلات الحاحية إلى الدار البيضاء من أجل حراسة أبراجها قطنوا بحي خاص بها يسمى درب الشلوح (جامع الشلوح). ومازالت بعض العائلات المتفرعة عن الطرف الحاحي بها (أبو الزرع- اجضاهم- أبلاط- الكابوس- أناكوف- ابن الجنداوي- أبو الضربات- براد- الصنهاجي) (14).

 

      ويتمثل تعدد الذهنيات في جهة الدار البيضاء الكبرى وتنوعها الثقافي في كثير من المظاهر. من بينها تسمية بعض الأماكن باسم جهات مغربية (حمام دراوة نسبة إلى درعة- سينما الشاوية- قيسارية الشاوية)، أو باسم مدن مغربية كبرى وصغرى أو باسم أهلها ((باب مراكش- طريق مراكش- طريق مديونة- طريق سطات- طريق الكارة- طريق ابن سليمان- طريق المحمدية- طريق الرباط القديمة- طريق السبيت- طريق بوسكورة- طريق تيط مليل – طريق زناتة- زنقة آسفي- زنقة طريق أكادير- زنقة موكادور- مقبرة أهل فاس- مقهى أهل فاس- حمام أهل فاس- درب التازي…)، أو بأسماء طوائف قبلية أو قبائل مغربية (المعارف- ساحة السراغنة- جامع الشلوح- حي الشلوح- درب الحداوية- طريق مديونة- طريق أولاد حريز- طريق أولاد زيان- دورة المذاكرة-…)، أو بأسماء عائلات تنتمي إلى جهات مختلفة. (حي ابن امسيك- درب ابن جدية- درب بوشنتوف-  …). ومن بينها تعدد طرائق الزوايا وتنوعها (الدرقاوية- الحراقية- القادرية- الكتانية- الناصرية- التيجانية- الحمدوشية- العيسوية- الكناوية)، بحسب ما سنرى لاحقا. ومن بينها مشاهدة عروض فرجة (الحلقة- البساط- بوهو- بقشيش- هرمة أو السبع بولبطاين) تنتمي إلى جهات مغربية مختلفة.

 

ومن بينها الاستماع إلى عيوط وبراويل شعبية متنوعة (مرساوي- حصباوي- حوزي- ملحون- عيوط الشاوية- الموكي- عيطة زعير…). ومن بينها ظاهرة ناس الغيوان المتعددة الأصول (الطرقية- العيوط الشعبية- أهاجيز الجنوب المغربي…). ومن بينها تناول أطعمة وارتداء ألبسة تنتمي إلى جهات مغربية متعددة. ومن بينها تنسيب دروب كثيرة من المدينة إلى أعلام تاريخية تنتمي إلى جهات مغربية متعددة وترمز إلى ذهنيات مختلفة. مثل درب الكرواوي نسبة إلى الحاج الكرواوي السعيدي أحد الأغنياء المحميين بالدار البيضاء، ودرب اللبادي نسبة إلى الحاج محمد (فتحا) بن محمد اللبادي التطواني، ودرب الميلودي نسبة إلى الميلودي بن محمد قائد مديونة وزناتة وفضالة في عهد المولى الحسن الأول، ودرب الكباص نسبة إلى محمد الكباص قائد الدار البيضاء بعد احتلالها سنة 1907 م، ودرب بنسعيد نسبة إلى قاطن به من أهل فاس (15) داخل المدينة المخزنية؛ وخارجها مثل درب عمر نسبة إلى الثري ابن عمرو الشهير، ودرب التازي، ودرب الكبير نسبة إلى السيد الكبير بن محمد الحريزي الذي بنى جامع السيد الكبير قرب ضريح سيدي فاتح، ودرب ولد هرس، وقطع ولد عايشة نسبة إلى الحاج التهامي ولد عائشة أحد محبي العلم والعلماء، ودورة التوزاني، ودرب غلف، وكريان الخليفة، وكريان ابن امسيك…

        ومن مظاهر تعدد الذهنيات بهذه الجهة وتنوعها الثقافي انتساب كثير من الأعلام الذين حلوا بمدينة الدار البيضاء وفادة أو إقرارا أو إقبارا، خلال نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، إلى كثير من جهات المغرب، بحسب ما تدل عليه أسماؤهم. من ذلك أسماء العلماء الوافدين عليها(علي ابن منصور الدكالي- محمد بن عمر دنيا الرباطي- محمد بن عبد القادر الحريزي- سيدي محمد الزويتن الفاسي- عبد الرحمن بن محمد النتيفي- مولاي أحمد العلمي-محمد بن العربي الدلائي الحراقي)(16)؛ وأسماء المشهورين من مسيري الكتاتيب القرآنية، بها (سيدي أحمد الحداوي قرب جامع السوق- السيد الهواري الدكالي بالزاوية الناصرية- السيد عبد العزيز الدكالي بالزاوية الحمدوشية- السيد حميد الشيظمي بجامع الشلوح- السيد محمد المكناسي بجامع أولاد مومن- السيد محمد اغربي التطواني) (17)؛ وأسماء العلماء الذين كانوا ينظمون حلقات الدروس في مساجدها (السيد محمد أزويتن الفاسي بجامع الشلوح- السيد علي بن منصور بالزاوية القادرية- السيد محمد بن عمر دينيا الرباطي بالجامع العتيق- السيد محمد بن ملوك الحداوي البيضاوي- مولاي أحمد بن المامون البلغيثي- السيد عبد الرحمن بن محمد النتيفي- السيد محمد بن عبد القادر الحريزي- مولاي أحمد العلمي- السيد محمد بن علي البيضاوي بمسجد جامع ولد الحمراء- سيدي زين العابدين بن سيدي محمد بن عبود بجامع ولد الحمراء- السيد العربي بن أمبارك السلاوي- السيد القائد اسما ابن بوشعيب الهراوي البيضاوي بجامع الشلوح وجامع ولد الحمراء- السيد المفضل الحريزي الغماري- السيد الحسن بن محمد فتحا العبدي المسناوي بالجامع العتيق- السيد أبو بكر حركات السلاوي البيضاوي بجامع السوق)(18)؛ وأسماء طلبة العلم الكبار والصغار الذين كانوا ينظمون حلقات علمية دورية في منازلهم. فمن الكبار: السيد محمد بومهدي الحداوي- السيد محمد بن ملوك الحداوي- السيد أحمد القصري الرباطي- السيد أحمد المعروفي- السيد الرداد الدكالي. ومن الصغار تلامذة الفقيه محمد زويتن الفاسي: السيد هاشم المعروفي- السيد المختار المعروفي- السيد محمد بن عبد السلام الزياني- السيد عبد السلام بن أحمد بن قانية- السيد بوشعيب بن ملوك- السيد المختار السكوري- السيد إدريس بن الحاج قاسم الدكالي- السيد ابن ريان الحريزي- السيد بوشعيب الدكالي. ويلتحق بهم بعض محبي العلم مثل الحاج التهامي ولد عائشة المنسوب إليه الدرب الشهير بقطع ولد عايشة، والتاجر الحاج علي الدمناتي، والسيد بوشعيب بن الفاطمي. ويمكن أن نضيف إليهم بعض الطلبة الآخرين مثل: أحمد بن الحاج إدريس المسفيوي. (19)

        وبالإضافة إلى أسماء رجال العلم وطلبته الدالة على تعدد الذهنيات وتنوعها الثقافي، تدل أسماء الأعلام الأخرى، خلال الفترة المذكورة، على التعدد والتنوع نفسيهما. من ذلك أسماء قضاتها المشهورين (العربي الرحماني- أبو عبد الله البريبري- أبو العباس مولين- محمد بن الطيب بن علي الكناوي الرباطي- أبو عبد الله محمد أفرج الرباطي- عبد الرحمان لوباريس الرباطي)(20)؛ وأسماء خلفاء الملوك العلويين على الدار البيضاء والشاوية (مولاي عبد الملك ابن إدريس خليفة المولى سليمان)؛ وأسماء عمالهم بها (عبد الله الرحماني- محمد ابن إدريس الجراري لودي- القائد الحطاب الحريزي- – الغازي بن المدني المزمزي- عبد الخالق بن المحجوب الحريزي- إبراهيم ابن محمد لوراوي- محمد (فتحا) بن عبد الرحمن بركاش الرباطي- محمد بن مشيش- الحاج عبد الله بن قاسم حصار السلاوي- الحاج العربي بريشة- محمد بن العربي الطريس- خليفة العامل محمد بن عبد الرحمن ابريشة- بوبكر بوزيد السلاوي- أحمد بن العربي المديوني) (21)؛ وأسماء أهل التصرف أو خدمة المخزن (الحاج محمد (فتحا) بن محمد اللبادي التطواني أمين بمرسى الدار البيضاء- إدريس بن محمد الفيلالي ناظر الأحباس- الطيب المقري باشا الدار البيضاء وقت قراءة اللطيف- أحمد المديوني خديم الأعتاب الشريفة- العربي بن العطوانية رئيس حامية حاحا- محمد برادة ومحمد حصار والحاج محمد الطريس وعبد السلام بناني أمناء المرسى- بوعزة بن محمد الدكالي والطاهر ابن محمد الركراكي أمينا المستفاد (ما يجب دفعه للحكومة من الرسوم على المبيعات)- الحاج عبد الكريم بنكيران ومحمد (فتحا) بن الحاج إدريس الشرقاوي محتسبا الدار البيضاء) (22)؛ وأسماء أعيان جهة الدار البيضاء الكبرى (سيدي محمد بن العربي الدلائي الحراقي- الحاج محمد بن جدية صاحب الدرب الشهير- أحمد بن عبد السلام التليدي البيضاوي- أحمد بن الجيلالي براد من أعيان طائفة حاحا- الحاج المعطي بن الكبير بن المدني المزمزي باني الزاوية القادرية- الكبير بن محمد الحريزي باني جامع الكبير وصاحب الدرب المعروف- الغندور بن الحبيب المديوني كاتب قنصل الإسبان…). (23)

       وبإمكاننا الانتقال في البحث عن دلالة أسماء الأعلام الدالة على تعدد الذهنيات والتنوع الثقافي بجهة الدار البيضاء الكبرى، بين الوثيقة والمعلمة. حيث وجدنا قبورا، بفناء ضريح سيدي أبي الليوث، تشير شواهدها إلى هذا التعدد والتنوع ، من ذلك اسم المرحوم هاشم بن محمد بن المفضل التويمي بن جلون توفي بالدار البيضاء سنة 1916م، واسم السيدة خدوج بنت الفقيه السيد أحمد بن عبد السلام التليدي زوجة المرحوم الفقيه الأمين السيد الحاج محمد بومهدي توفيت في شهر ذي القعدة سنة 1346هـ الموافق شهر أبريل سنة 1928م، واسم المرحوم السيد الحاج محمد الفيلالي الفاسي منشئا البيضاوي دارا متم شهر ربيع الثاني عام أربعة وأربعين وثلاثمائة وألف، واسم الشريف الجليل الأصيل مولانا إبراهيم بن مولانا الغر الطاهر الحسني الجوطي المولود سنة 1250 هـ توفي إلى رحمة الله  ليلة السبت فاتح رجب 1344، واسم المرحوم المجذوب بن ح زروق توفي يوم الجمعة رحمه الله في  26  محرم عام 1341، واسم السيد محمد ابن العلام المعروفي توفي عام   1342 هـ. ونضيف أسماء أعلام آخرين دفنوا بضريح سيدي أبي الليوث ، مثل محمد بن علي بن الطيب ابن الجناوي قاضي الدار البيضاء نيابة عن قاضي الرباط قبيل البريبري، ثم عن قاضيها إبراهيم بن محمد بلكناوي. دفن به عند هجوم الفرنسيين عليها عام1325هـ موافق لـ 1907م. ومثل الفقيه علي بن منصور الدكالي، (24). ومثل اسمين آخرين، بحسب ما ذكره الفقيه الشيظمي المعالج الذي وجدناه وسط الضريح. هما : شخص من عائلة ابن امسيك ، نظن أنه هو المرحومة شامة بنت امسيك بحسب خبر آخر؛ و المرحوم ابن جدية صاحب الدرب المعروف بمدينة الدار البيضاء، والمدفون أسفل الكوة القريبة من نخلة سيدي أبي الليوث المائلة إلى الحائط.

        وإلى جانب مساهمة مجموعات ثقافية قبلية ومدينية دالة على تعدد الذهنيات، في تكوين مجال جهة الدار البيضاء الكبرى. ساهمت أقليات ثقافية أخرى في ترتيب هذا المجال وإغنائه. حيث كانت الجالية الأوروبية بالمدينة أكبر جالية في المغرب ابتداء من أواخر القرن التاسع عشر (400 إسباني- 30 فرنسي- 30 إنكليزي وألماني- 20 من جنسيات مختلفة) . وتدوولت بها عملات أجنبية أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين: الدورو- البسيطة- اللويز- الفرنك إلى جانب النقود المغربية (الريال- الدرهم- القرش) (25).

 

        وقد ساهمت هذه الجالية الأوروبية في ترتيب مجال الجهة الثقافي. حيث عرفت الأهالي على مستحدثات كثيرة، من بينها: استعمال الدراجة الهوائية أو ما تعورف عليه باسم “عود الريح”، واستعمال آلات التصوير التي ساعدت على تكوين رصيد فوتوغرافي غني استفاد منه الاستعمار الفرنسي من أجل ترتيب مجال جهة الدار البيضاء الكبرى. بل من الضروري الاستفادة منه حاليا، بشكل لازم، من أجل تكوين أرشيف وإنشاء متحف مهتم بصورة هذه الجهة في وعي الأوربيين الذهني، ومهتم بالتأريخ لانتقال الدار البيضاء من قرية إلى مدينة، وموثق بالنص والفوتوغرافيا لأحداث الجهة (متحف أحداث 1907- متحف خاص بكتابات الأجانب وصورهم عن الجهة) (26)، ومساعد على تحقيق سياحة ثقافية متعددة خاصة بهذه الجهة،  بفضل تعدد أجناسي ثقافي.  

          ومن مظاهر هذا التعدد الأجناسي الثقافي تسمية بعض الأماكن تسمية أجنبية دالة على الأجناس (درب السبليون- درب الإنجليز- درب الطليان- عرصة السليغان (سيراليوني)- درب اكناوة (غانة أو غينيا)- فرق اكناوة- مقبرة الإنجليز- الكنيسة الإسبانية بشارع طنجة بنتها الجالية الإسبانية بعدما أنعم المولى الحسن الأول على ملك إسبانيا بقطعة أرضية…)، أو دالة على الأعلام (شارع الكمندان بروفو- شارع الأميرال فليبس- درب بوسبير- كاريان أو درب الكرلوطي…). ومنها تعدد الغناء والطرب (أصول عربية- أصول أندلسية- أصول يهودية- أصول إفريقية ما بعد صحراوية).

 

       ثم إن هذا التنوع الثقافي النابع من تعدد الذهنيات والأجناس مرتبط بتنوع ثقافي ديني متمثل في تسمية أماكن باسم مذاهب دينية (مقبرة المسلمين- مقبرة اليهود- مقبرة النصارى- درب اليهودي- الكنيسة الإسبانية…)، أو بأسماء ذات إحالة دينية (درب مويسى- الميعرة- لارميطاج…)؛ ومهتم بأقليات الجهة الدينية (ظهائر سلطانية متعلقة بيهود الدار البيضاء- ظهائر سلطانية مهتمة بجالية الجهة المسيحية) (27)؛ ومرتبط بتعدد معماري أوروبي قوطي (قديم) وحديث متمثلين في عمارة المدينة الحديثة ( العمارة الإدارية- العمارة المدنية)   وبمعمار مزاوج بين الإداري والحربي (حالة محكمة حي الأحباس)، وبين المغربي- الأندلسي (الأقواس- الرياض- النوافذ الداخلية- الساباط- الشرفات…) والأوروبي (القوطي- الإسمنت المسلح) في مجموع حالة حي الأحباس، وفي بعض من حي عين الشق (درب الياقوت) وحي كريكوان.

 

        وقد ارتبط هذا التنوع الثقافي النابع من تعدد الذهنيات والأجناس والمذاهب الدينية والمعمار، والمرتب لمجال جهة الدار البيضاء الكبرى، والمساعد على تدبيره وتنميته مستقبلا. ارتبط بتعدد حضاري متنوع عرفته هذه الجهة منذ ما قبل التاريخ إلى الآن. حيث كانت مجالا آهلا بالسكان منذ القديم. إذ تم العثور على لقى بشرية في كثير من مناطق الجهة (منجم شنيدر- حي الوازيس- حي لارميطاج- طريق الرباط- المحمدية- عين الشق- سيدي عبد الرحمن- مقطع مارتان) (28). وتم اكتشاف لقى أثرية مختلفة (شيلية- أشولية- موستورية- قفصية) دالة على حضارة عصور ما قبل التاريخ (منحوتات حجرية- أصداف- آثار طبخ- مصنوعات الخزف والفخار- منحوتات خشبية- أدوات يدوية مصقولة…) في كثير من مناطق الجهة (29). وبالإمكان استقدام هذه اللقى البشرية والأثرية الدالة على ما قبل التاريخ من متحف الرباط إلى متحف خاص بجهة الدار البيضاء الكبرى عملا بمفهوم اللامركزية واللاتمركز.

 

        وانتقالا من عصور ما قبل التاريخ إلى عصور التاريخ عرفت جهة الدار البيضاء الكبرى عدة حضارات تاريخية. حيث اختلف كثير من الباحثين والمؤرخين حول مؤسسي مدينة آنفا: أهم الأمازيغ أم الفينيقيون أم القرطاجنيون أم الرومان؟ (30). ويؤكد اختلاف الباحثين والمؤرخين حول أصول مدينة آنفا تنوع جهة الدار البيضاء الكبرى الثقافي، وتعددها الحضاري. ومن المرجح أن القرطاجنيين هم من شيدوا المدينة لكونهم استقروا بعد الفينيقيين بمعظم سواحل المغرب الأطلسية. وإذا ثبتت أصول آنفا القرطاجنية المرتبطة بالحضارة الفينيقية تعين علينا توجيه البحث الأثري هذه الوجهة. بل من الممكن ترميم العمارة القرطاجنية بمدينة آنفا وفق عمائر القرطاجنيين التي تم العثور على كثير من آثارها في المغرب وخارجه.

        وإلى جانب هذه الحضارات القديمة والتاريخية عرفت جهة الدار البيضاء الكبرى عدة حضارات إسلامية: خارجية وسنية. حيث تأسست دولة برغواطة الخارجية بتامسنا، وعرفت نظاما سياسيا (صاحب صلاة أو صولة، علائق مع بلاد طنجة وسبتة والأندلس) وأمنيا (صاحب شرطة) وحربيا قويا (مقاومة كثير من الدول)، وتنوعا ثقافيا (خليط من القبائل- بعض أصول المذهب الخارجي- بعض أصول المذهب الشيعي) ومعرفيا ( علوم النجوم والسيمياء)، ورخاء اقتصاديا، وشبكة ري قوية (قنوات، وآبار) (31).

        وشمل حكم المرابطين والموحدين والمرينيين جهة الدار البيضاء الكبرى (آنفا ونواحيها). حيث عرفت نشاطا علميا وتعليميا كثيفا خلال هذه العصور (دار المرابطين بقرية أنقال بضواحي آنفا- مدرسة أبي الحسن المريني بآنفا- الجامع الكبير بها- عدة مدارس مرينية غاصة بالطلبة ). وقد ساهم بها كثير من العلماء والشيوخ والقضاة متأصلين وزوار ونزلاء في العمل الدعوي (العلماء الذين بعثهم يوسف بن تاشفين إلى تامسنا)؛ والنشاط العلمي- التدريسي (أبو موسى عمران بن موسى بن ميمون الهواري السلوي- علي بن أبي الحسين بن مومن الحضرمي الإشبيلي الشهير بابن عصفور-  القاضي أبو عبد الله محمد بن إسحاق الفزازي- القاضي أبو زكرياء يحيى بن حيون-  الفقيه والأديب أبو إسحاق إبراهيم بن مناد البرغواطي- ابن الرقاص المالقي- القاضي عثمان بن صالح المراكشي المسراتي- العدل أبو العباس أحمد بن علي البسري- العدل أبو العباس أحمد بن أبي بكر بن موسى البرغواطي- المحدث سليمان بن عبد الرحمن بن أبي بكر البرغواطي- القاضي أبو علي عمر بن محمد الزياني جماعة الدفاتر- أولاد المذكور سابقا- الخطيب أبو الحسن علي بن أبي حدو- أبو الخير علي بن إبراهيم بن علي الأنصاري المالقي- لسان الدين ابن الخطيب- ابن زمرك- أبو القاسم عبد الله بن يوسف بن رضوان النجاري- ابن الحاج النميري)؛ والنشاط الصوفي (يحيى بن إبراهيم بن يحيى البرغواطي من بني الترجمان) (32).

       ويمكننا حاليا العمل على إحياء هذا النشاط العلمي والتعليمي الذي عرفته مدينة آنفا، وترميم مؤسساته القديمة، من مثل ترميم مدرسة أبي الحسن المريني بآنفا وفق عمائر مدارسه التي تحدث ابن مرزوق، في كتاب” المسند الصحيح الحسن في مآثر مولانا الحسن، عن عمارتها وأحباسها (33). وبناء بعض من الآثار المرابطية والموحدية والمرينية في جهة الدار البيضاء الكبرى وفق العمائر والآثار التي خلفتها الدول المذكورة في المدن المغربية.                            

       وانتقالا من مدينة آنفا إلى مدينة الدار البيضاء عرفت الجهة ترتيبا مجاليا مخالفا. إذ خططت المدينة المخزنية تخطيطا حديثا. حيث تتخلل الشوارع الرئيسة (شارع الكمندان بروفو-  شارع دار المخزن- شارع قنصلية إسبانيا- شارع قنصلية الإنجليز…) ساحات فسيحة (فسحة سوق الزرع- فسحة الأميرال فليبس…) تؤدي إلى شوارع أخرى(34).

 

       وعرفت المدينة نظاما تنظيفيا مهما. يشارك فيه السكان (وضع أوعية خاصة أمام المنازل)، والعمال (توزيع على الأحياء- حمل القمامات على الحمير أو البغال)، ومنظفو قنوات الكنوف (طائفة من اليهود) تحت إمرة المحتسب. ورصفت الأزقة والدروب بأحجار صماء (مسن) مانعة للتلوث بالطين(35).

        وبالرغم من حداثة التخطيط زاوج بناء المدينة بين القديم والحديث. حيث تم تشييد السجن البرتغالي قرب ضريح سيدي أبي الليوث وفق هندسة مدينة الصويرة الهولندية، وبناء أبراج السقالة وفق هندسة المدينة المغربية، وتعميرها بالمدافع وفق العمارة الحربية الأوروبية. وجمع تدبير المياه بالمدينة بين التجهيز القديم والحديث. حيث جهزت الدور بالبير (غسل الدار والأواني)، وخزان للماء أو المطفية (غسل الثياب وشرب الشاي). وجلب الماء الشروب من عين السبع وسانية أولاد حدو (36). وتكفلت شركة أجنبية بصيانة هذا الماء الشروب. وحافظ مجال الجهة على أوجه دالة على تعدد الذهنيات (موسم سيدي أبي الليوث قبل الأربعينيات- موسم سيدي عبد الرحمن- موسم سيدي أحمد بن الحسن- اعتماد السكان على رعي الأبقار- عرصة الزرقطوني- عرصة ابن امسيك- عرصة السنيغال- عرصة التوزاني) (37).

 

        وأكد تقسيم المدينة المخزنية تعدد الذهنيات والأجناس. حيث قسمت ثلاثة أقسام:

– قسم للأغنياء والتجار والأجانب ومحل القناصل والمصرف، بناحية الباب الكبير. ويمتد من ساحة محمد الخامس إلى ضريح للا تاجة عبر ضريح سيدي بوسمارة وباب المرسى.

– قسم للمتوسطين، بناحية باب مراكش ووسط المدينة.

– قسم أغلبه سكان أهل البوادي المغربية، وهو حي التناكر الذي مر بناؤه من إقامة النوالات إلى استعمال الأحجار (38).

       ويمكن إرجاع هذا التنوع الثقافي والحضاري (تعدد الذهنيات- تعدد الأجناس- تعدد المذاهب الدينية- تعدد المعمار) الذي اتسمت به جهة الدار البيضاء الكبرى إلى قدرتها على الانبعاث والتجدد الدائمين والمساهمين في نقلها من بنية مغلقة ومنغلقة إلى مجال مفتوح على الثقافات (الشعبية والعالمة) وعلى المذاهب الدينية (إسلامية وغير إسلامية) وعلى الحضارات (ما قبل التاريخ والتاريخ) وعلى الدول (المغربية وغير المغربية) وعلى الجاليات (المغربية وغير المغربية) وعلى المؤسسات (القديمة والحديثة) وعلى مكونات المجتمع برمته وعلى المجال البري والبحري. وذلك من خلق مجال تنموي ثقافي عن طريق الرهان على سياحة ثقافية قائمة على ترتيب الحضارة العلوية والأوروبية وتدبيرهما، واستنبات مظاهر حضارية عرفتها هذه الجهة ما قبل تاريخية (متحف للقى البشرية والأثرية)، وتاريخية (فينيقية أو قرطاجنية باستلهام الآثار داخل المغرب وخارجه)، وإسلامية خارجية (استلهام آثار المذاهب الخارجية داخل المغرب وخارجه) وإسلامية سنية (مرابطون- موحدون- مرينيون)، وأجنبية (الحصون البرتغالية داخل المغرب وخارجه- ثقافات الجاليات خلال القرن التاسع عشر والعشرين- متحف فوتوغرافي مكون من صور الجهة الملتقطة خلال أواخر القرن التاسع عشر وبداية العشرين).        

       كما يمكن إرجاع هذا التنوع الثقافي والحضاري إلى قدرة جهة الدار البيضاء الكبرى على الانفتاح والاستقبال اقتصاديا (نشاط مرسى آنفا- نشاط مرسى الدار البيضاء العلوية- نشاط الجهة البري)، ومعرفيا (علاقات الجهة بالأندلس)، وسياسيا (علائق سياسية بين إمارة برغواطة وإمارة سكوت بطنجة وإمارة الأمويين ببلاد الأندلس). حيث عرف ارتباطها، في عهد الموحدين، بالخارج نشاطا كبيرا بواسطة مرسيين:

– مرسى فضالة: تحمل منه مراكب بلاد الأندلس أوساق حبوب وأنعام.

– مرسى آنفا: تحمل منه المراكب أوساق حبوب (39).

       و قد تكاثف اتصال آنفا بالخارج عبر مرساها خلال العصر المريني. حيث كان لسكانها علاقات تجارية مستمرة مع كثير من تجار أوروبا، مثل البرتغاليين والإسبانيين والإنجليز والفلورنسيين والإيطاليين والإشبيليين والكطالونيين وأهل ماجوركا، وكثير من مدن البحر الأبيض المتوسط. ويظهر هذا الاتصال المكثف من خلال تنوع صادرات مرسى آنفا (حبوب وجلود وشمع وصوف وفواكه يابسة وبواكر وغيرها)، وقيمة ضريبة المرينيين على آنفا (40000 مثقال ذهبي، في عهد السلطان أبي سعيد عثمان بن يعقوب بن عبد الحق المريني)، وضريبة المدينة المفروضة على التجار الأجانب الراغبين في التعامل بالتقسيط مع المدن المغربية (ضريبة الانطلاقة)، وضريبة الصوف (دينار وربع للقنطار الواحد).

       وقد توفر لأهل آنفا أسطول قوي ساهم في فك حصار الإسبان على الجزيرة الخضراء سنة 678 ه موافق 1279 م. وهاجموا به بلاد البرتغال الشيء الذي جعلهم يبادرون إلى الهجوم على آنفا وتخريبها سنة 873 ه موافق 1468 م (40) .

       وبعد بناء مدينة الدار البيضاء، وضع لمرساها نظام ديوانة، وتوالى عليها أمناء كثير (الحاج محمد (فتحا) بن محمد اللبادي التطواني- محمد برادة- محمد حصار- الحاج محمد الطريس- عبد السلام بناني…). وأصبح ثغرها مركز اتصال كبير بالخارج. حيث تأسس القنصليات، وانعقدت الاتفاقيات، وكثرت الشركات الأجنبية والمبادلات التجارية، ووضعت الحمايات الفردية (41). وبدأ التفكير في ترتيب مجال الدار البيضاء، وتحويلها من قرية ذات مرسى صيد وتجارة إلى مدينة ذات ميناء استعدادا لاحتلالها سنة 1907 م، واستعمارها بعد ذلك سنة 1912 م. ومع مجيء الاستعمار الفرنسي بدأت الاستعدادات قوية لتوسيع مرسى المدينة القديم، وتحويله إلى ميناء كبير (42) عن طريق إعادة ترتيب مجاله (تغيير معالم ضريح سيدي أبي الليوث- تنقيل القبور من المقبرة العامة للأهالي ومقابر الأجانب إلى مقابر جديدة- تغيير مجرى وادي بوسكورة)، وفتحه اقتصاديا على العالم. 

       ويمكن استثمار قدرة جهة الدار البيضاء الكبرى على الانفتاح والاتصال بخارج الجهة أو البلاد بتدبير علاقاتها التاريخية (مرسى آنفا- مرسى الدار البيضاء- باب المريسة- العيطة المرساوية أو المرساوي- مرسى فضالة- علاقات علمية وسياسية بين أهل الجهة والخارج- حروب مع البرتغال) والاقتصادية (مرسيا الدار البيضاء وفضالة الذين تحولا إلى ميناءين) بهذا الخارج من أجل خلق مجال تنموي سياحي يعيد ترتيب الجهة عن طريق الجمع بين أبعادها الأنتربولوجية (علاقة أولياء الجهة بالبحر، مثل سيدي أبي الليوث، وسيدي المخفي، وسيدي عبد الرحمن، وسيدي علال القيرواني، ومولاي الطاهر) وأبعادها الطبيعية (دور وادي بوسكورة في إنتاج مجال طبيعي يعيد ربط السكان بالفلاحة المدينية). ومن أجل فتح هذه الجهة على الثقافة البحرية (استلهام تجربة مدينة الصويرة السياحية عن طريق الاهتمام بالصقالة والأبراج والأبواب والمطاعم البحرية الشعبية) وعلى المحيط الأطلسي الذي مازلنا، في تعاملنا معه، نستعيد أسطورة بحر الظلمات التي أطلقها الفينيقيون.  

       وساهمت قدرة جهة الدار البيضاء الكبرى على الاستقبال في التنوع الثقافي والحضاري. حيث أشار لسان الدين بن الخطيب إلى كرم أهل آنفا وكثرة الواردين عليها للعيش والعمل(43). وأشار هاشم المعروفي إلى كرم أهل الدار البيضاء تجاه العدول المنتصبين لتلقي الشهادات وتحرير الرسوم، والعلماء الوافدين بقصد الإقراء والتدريس ( إكرام أهل الدار البيضاء للفقيه علي بن منصور الدكالي المدفون بضريح سيدي أبي الليوث، وللفقيه محمد بن عمر دينيا الرباطي، وللفقيه عبد الرحمن محمد النتيفي؛ وإكرام الحاج محمد بن جدية للفقيه محمد بن عبد القادر الحريزي؛ وإكرام كل من أحمد بن عبد السلام التليدي البيضاوي وأحمد بن الجيلالي براد الحاحي للفقيه سيدي محمد زويتن الفاسي) (44).   

      وقد ساهمت هذه القدرة على الاستقبال والضيافة في ترتيب مجال هذه الجهة الثقافي (تعدد الذهنيات- النشاط العلمي والتعليمي- تنوع الحرف- تنوع الثقافة الشعبية- تنوع الطرب). وتمثل ذلك في تقبل الغريب والأجنبي. وظهر جليا في كون أولياء هذه الجهة الذين أثثوا مجالها أجانب عنها (سيدي أحمد المعروفي- سيدي معروف- سيدي البرنوصي- سيدي المخفي- سيدي الخدير- سيدي عبد النبي الصحراوي- سيدي عبد الرحمن- سيدي مسعود- سيدي علال القيرواني- سيدي بوسمارة). حيث ينسب معظمهم إلى رجراجة (سيدي محمد مول عين السبع- سيدي التاغي- سيدي أحمد بن يشو- سيدي عثمان- سيدي محمد مول راس العين – سيدي أبي الليوث- سيدي محمد الركراكي بحي عادل- سيدي امبارك الركراكي- سيدي محمد الركراكي بزنقة الشلوح- سيدي أحمد زرياب- سيدي التاغي) .   

      ويمكن تدبير هذه القدرة على الانفتاح والاستقبال والضيافة والتقبل عن طريق المراهنة على مساهمة الاستثمارات الأجنبية (غرباء عن الجهة- أجانب عن البلاد- أفراد جالية الجهة والمغرب المقيمين بالخارج- جاليات يهود الجهة والمغرب المقيمة بالخارج) في ترتيب مجال الجهة التنموي وتدبيره عبر تنمية مستدامة وجامعة بين الثقافة والطبيعة. والمراهنة على سياحة ثقافية جامعة بين تحقيق الذاتية (الزيارة الذاتية) واستهداف الموضوعية (الزيارة الميدانية). متحققة بالمعرفة بوصفها انتقالا بين الوثيقة والطقس، وبين الوثيقة والمعلمة، وبين الوثيقة والمؤسسة.   

        ففي الجانب الأول: جانب الانتقال بين الوثيقة والطقس (أبعاد الأضرحة والمزارات الأنتربولوجية)، تم استحضار أضرحة هذه الجهة ومزاراتها في ترتيب مجالها سواء في المرحلة العلوية أو في المرحلة الاستعمارية.

 

       ويتمثل هذا الاستحضار في أوجه مختلفة. من ذلك استحضار هذه الأضرحة في بناء معالم من المدينة المخزنية (بناء سور المدينة المخزنية متصلا بضريح سيدي أبي الليوث- بناء جامع السيد الكبير قرب ضريح سيدي فاتح- بناء برج الوداية قرب ضريح سيدي بليوط- بناء البرج اليزيدي قرب فسحة سيدي علال القيرواني وقرب الزاوية الدرقاوية- بناء باب الرخا قرب ضريح سيدي أبي الليوث. حيث تسلم أبقار المدينة للراعي، فيسوقها إلى المرعى- بناء السجن البرتغالي قرب ضريح سيدي أبي الليوث…) (45). أو استحضارها في تقسيم المدينة المخزنية. حيث جعل قسم للأغنياء والتجار والأجانب ومحل القناصل والمصرف، بناحية الباب الكبير. ويمتد من ساحة محمد الخامس إلى ضريح للا تاجة عبر ضريح سيدي بوسمارة وباب المرسى (46). ومن ذلك تسمية بعض الأماكن داخل الجهة بأسماء أضرحة ومزارات جهوية (حي سيدي علال القيرواني- حي سيدي فاتح- حي سيدي بوسمارة- حي سيدي الخدير- حي سيدي عثمان- كاريان سيدي عثمان- بلوك سيدي عثمان- درب سيدي عبد الله بن الحاج- أحياء سيدي معروف (َ1- 6)- ساحة سيدي علال القيرواني- ساحة للا تاجة- درب القريعة نسبة إلى مزارة للا زهرة القريعة- سوق القريعة- حي عين البرجا نسبة إلى مزارة عين بورجا- درب عين الشفا نسبة إلى مزارة عين الشفا- شاطئ سيدي عبد الرحمن- طريق سيدي عبد الرحمن…)، أو بأسماء ذات إحالة ضريحية (عرصة الزرقطوني نسبة إلى أحد أولياء رجراجة- طريق سيدي رحال…). ومن ذلك تسمية بعض التجمعات القروية باسم أضرحة جهوية (دوار سيدي علي بن عزوز قرب ضريح سيدي أحمد بن يشو- دوار سيدي أحمد بن الحسن  قرب حي السالمية2- دوار سيدي عبد الرحمن…). ومن ذلك ارتباط مسيري الكتاتيب القرآنية بأضرحة الدار البيضاء (السيد علال بضريح الولي الصالح سيدي علال القيرواني- السيد محمد الطويل بضريح سيدي فاتح- السيد امحمد الأعرج بشارع سيدي فاتح) أو بالزوايا والطرقية (السيد الهواري الدكالي بالزاوية الناصرية- السيد عبد العزيز الدكالي بالزاوية الحمدوشية) (47)، أو تواجد بعض من الكتاتيب القرآنية داخل أضرحة (ضريح سيدي محمد الركراكي أو سيدي الركراكي- ضريح سيدي بولكباش- ضريح سيدي فاتح- ضريح سيدي علال القيرواني). ومن ذلك ارتباط بعض المدارس الوطنية بالأضرحة الجهوية (بناء محمد الضرباني المدرسة السنية أو المدرسة الضربانية فوق مقبرة سيدي امبارك- بناء مدرسة السلام أومدرسة عمر بن عبد العزيز أو مدرسة للا تاجة نسبة إلى الضريح القريب منها) (48). ومن ذلك تسمية بعض المؤسسات والشركات والمحلات باسم أضرحة أو مزارات جهوية (مدرسة مرشيش قرب المزارة المشهورة- عمالة سيدي عثمان- نيابة سيدي عثمان- مستشفى سيدي عثمان- مدرسة سيدي عثمان- جماعة سيدي عثمان- مستوصف سيدي عثمان- صيدلية سيدي عثمان- مقهى سيدي عثمان- دار الشباب سيدي عثمان- مسجد سيدي عثمان-جماعة سيدي الخدير- جماعة سيدي بليوط …). ومن ذلك رغبة الكثير من أهل الجهة دفن موتاهم على مقربة من أضرحة أوليائها، في صيغة قبر فردي أو في صيغة مقبرة عائلية- عشيرية (حالة قبور عائلات المعروفي قرب ضريح سيدي أحمد المعروفي بمقبرة الشهداء). ومن ذلك استحضار طقس العيون وتقديسها حين تسمية بعض أماكن الجهة ومؤسساتها (حي عين الشق- حي عين السبع- حي عين الذياب- حي عين البرجا- درب عين الشفا- عمالة عين السبع…- جماعة عين السبع- نيابة عين السبع…- طريق عين السبع- طريق عين الذياب-عمالة عين الشق…- جماعة عين الشق- نيابة عين الشق…- جماعة عين الذياب… ). ومن ذلك استحضار طقس الكهوف والآبار حين القيام بالعملية نفسها (بير القمارة قرب معمل شنوف السابق ومحطة سكة المدينة الجديدة- غار موكة قرب سوق الجملة حاليا …). ومن ذلك ارتباط الأضرحة بالمساجد (ضريح سيدي أبي الليوث- ضريح سيدي فاتح- ضريح سيدي محمد مول راس العين- ضريح سيدي عثمان)، والزوايا (ضريح للا الدرقاوية- ضريح للا القادرية- ضريح سيدي فاتح).  

      ويبين استحضار الأضرحة والمزارات في ترتيب مجال هذه الجهة كسمبولوتيتها أو نسقيتها في التعامل مع الإنسان والطبيعة (النبات والحيوان والعيون والكهوف والبحر). حيث تكون أضرحة هذه الجهة ومزاراتها خزانات أنتربولوجية، ومجالا نسائيا بامتياز. وبإمكاننا تحويلها من مجالات أسطورية إلى متاحف ومعارض تكون مجالا لنشاط تنموي نسائي بالاستفادة من مشاريع صغرى تساهم فيها مؤسسات المجتمع المدني وأوقاف العمارة الدينية (حالة الأضرحة والمزارات).

 

      ويمكن أن تصبح أضرحة هذه الجهة مجالا سياحيا ثقافيا عن طريق الانتقال بين الوثيقة والمعلمة (أبعاد الأضرحة والمزارات الأركيولوجية). ولتحقيق ذلك يجدر الانتباه إلى أهمية توصيف هذه الأضرحة والمزارات ميدانيا وتوثيقيا، ومساهمة ذلك في تقويم مشروع السياحة الثقافية بجهة الدار البيضاء الكبرى وإعطائه قيمة. حيث نشير إلى ذلك فيما يأتي:

        – ضريح سيدي أحمد المعروفي. وسط مقبرة الشهداء بحي التيسير. قبة تضم غرفتين. أولاهما متسعة تضم قبره، وثانيتهما صغيرة فارغة. وبجانب القبة بيت أصغر منها يضم بعض لوازم البخور. وبين القبة والبيت فناء مفتوح يضم قبرين. يحمل أحدهما اسم  العشيرة التي ينتمي إليها سيدي أحمد المعروفي.

 

        – ضريح سيدي محمد مول عين السبع. قرب حديقة الحيوانات بعين السبع.  يضم الضريح فناء وبيتا مسقفا بالقصدير. يوجد بالفناء بعض أشجار. ويضم البيت قبرين يفصل بينهما جذع شجرة ملطخ  بالحناء. أولهما، على يمين الداخل إلى البيت قبر فارغ، بحسب “با المعاشي” الفقيه الذي وجدناه بعين المكان، وإحدى الزائرات. وثانيهما، على يسار الداخل، قبر الولي الصالح سيدي محمد مول عين السبع.

 

      – ضريح سيدي البرنوصي، بحي البرنوصي على الطريق المؤدية إلى عين حرودة. ضريحه بناء مكعب واسع تعلوه قبة وسط مقبرة قديمة مسورة بسياج. يضم غرفتين. أولاهما مجلس تقابل فيه حفيظة الضريح زواره الذين يقتنون منها مستلزمات الزيارة، وثانيتهما غرفة أقبر فيها الولي الصالح. حيث وضع على قبره تابوت أو دربوز من خشب مغطى برداء أخضر مزركش. جعل فوقه صندوقان مخصصان لفتوحات الولي الصالح. أحدهما صغير توضع فيه النقود، والآخر أكبر منه توضع فيه أصابع الشمع. وإلى جانب الضريح خلوة الولي.

 

      – ضريح سيدي بوزيان.  قريب من دوار سيدي أحمد بلحسن، وهي منطقة تبعد عن بلدية السالمية  ب 400 م، بعد الطريق السيار. ضريحه مبنى مكعب بدون سقف. يوجد داخله قبر مغطى بثوب أخضر ممزق، وإلى جانبه دفنت ابنته، بحسب ما يذكر بعض أهالي المنطقة. تحيط  بهما عدة قبور. وقد تعرض الضريح، بحسب حكايات أهل دوار سيدي أحمد بن لحسن، إلى عمليتين لاستخراج الكنوز. حيث قام بعض الفقهاء السوسيين باستخراج كنز من مبنى الضريح، تدل على ذلك الحفرة التي أحدثوها.     

 

      – ضريح سيدي المخفي، بالطريق الرابطة بين الحي المحمدي و طريق الرباط. حوش صغير يشعل فيه الزوار أصابع الشمع.

 

     – ضريح سيدي زغلول، بطريق مراكش، كلم 7.

    – ضريح سيدي الخدير، بحي سيدي الخدير قرب الحي الحسني. وسط مقبرة مهجورة بدون مدخل يحيط بها سور توجد به فتحة كبيرة تطل على مزبلة. ضريحه مبنى مربع بقبة مهملة.

 

       – ضريح سيدي التاغي. حاليا على ساحل عين الذياب الذي كان في الأصل بغابة سيدي عبد الرحمان قبل إنشاء طريق الكورنيش البيضاوي. ضريحه بناء مكعب بقبة صغيرة ترفرف فوقها أعلام صغيرة بيضاء وخضراء و حمراء. وبجانبها خلوة يستقبل فيها  حفيظ الضريح المرابط زواره بحفاوة بالغة. ويتواجد داخل القبة قبر الولي الصالح مستور بغطاء مزركش

وعلى حيطان القبة علقت هدايا بعض الزوار.

 

       – ضريح سيدي أحمد بن يشو، بضواحي عين حرودة ”  كلم    17″. بدوار علي بن عزوز. ضريحه بناء ضخم بحوش يضم خلوة للنساء على يمين القبة، وخلوة أخرى للرجال على يسار القبة.

 

       – ضريح سيدي أحمد بن الحسن، بمديونة. ضريحه بناء ضخم بحوش يوصل إلى غرفة أخرى دفن بها سيدي أحمد بلحسن.

 

       – ضريح سيدي علي الهجام. على الطريق المؤدية إلى سيدي مسعود. ضريحه حوش به قبة.

 

       – ضريح سيدي عثمان، بحي سيدي عثمان ، وسط مقبرة قديمة. ضريحه. حوش به بناء مكعب تعلوه قبة.

 

      – ضريح سيدي عبد النبي الصحراوي، بحي ميلان. قرب ضريح سيدي محمد مول رأس العين. تفصل بينهما ساحة فيها آثار قبور قديمة. بيت في وسطه قبر حجري أخضر اللون.

 

      – ضريح سيدي عبد الله بن الحاج، بدرب سيدي عبد الله بن الحاج، في الطريق الرابطة بين عين السبع و زناتة. يضم ضريحه مدخلا مكتوب فوقه باللون الأحمر عبارة ” الولي الصالح سيدي عبد الله بن الحاج ” بابه من خشب شبه مهترئ أزرق اللون، و فناء واسعا. يجد الداخل إليه على يمينه محلا للسكن مخصصا لحفيظة الضريح, وتليه مزارة للا عيشة البحراوية، ويليها بيت مخصص لكراء الزوار، ثم تليه قبة الولي الصالح. وهي بيت متسع مزلجة حيطانه، مدخله مقوس مقرمط بالجبص مكتوب على جانبيه باللون الأخضر وفوقه باللون الأحمر عبارة ” الله أكبر ” مرتين، وبابه من خشب أخضر اللون. وقبالة الباب مباشرة تابوت أو دربوز عال فوق قبر الولي الصالح، مكون من طبقتين وضعت بينهما بعض فتوحات الضريح ( قنينات ماء الزهر وأصابع الشمع )، والكل مغطى بقماش رمادي مزوق؛ وأسفل التابوت وضع صندوق الفتوح؛ وفي الجدار الأيمن من التابوت كوة صغيرة، وفي الجدار الآخر خلف التابوت كوة أكبر من الأولى مخصصتان كلتاهما لوضع أصابع الشمع المشتعلة. وأما في الجدار الثالث على يسار الداخل إلى القبة فعلقت ساعة حائط كبيرة.  وفي أعلى القبة أدليت ثريا صغيرة الحجم.

 

– ضريح سيدي حجاج، بجماعة أولاد  بوعزيز على بعد حوالي 24 كلم من مديونة. ضريحه بناء مكعب بقبة وسط مقبرة مهجورة. يتميز موقعه بإشرافه على الجماعة بأكملها لأ نه دفن فوق ربوة عالية.                    

      – ضريح سيدي بولكباش. بقعة مسطحة طولها حوالي   140 سنتم وعرضها 40 سنتم داخل كتاب قراني لتعليم  الصغار بزنقة أسفي الرقم3.

 

        – ضريح سيدي معروف، بحي سيدي معروف وسط حي سكني. ضريحه حوش صغير به بناء مكعب تعلوه قبة، ووسط البناء يوجد القبر محاطا بسياج من حديد وبقربه صندوقان: الأول للنقود والثاني للشمع.

 

       – ضريح سيدي محمد مول راس العين، بحي عمر بن الخطاب درب ميلان، ضريحه بناء مكعب تعلوه قبة صغيرة وسط مقبرة مهملة.

 

      – ضريح سيدي محمد مول المرس أو سيدي محمد مول مرس السلطان. قرب مستشفى ابن رشد بحي المستشفيات.

 

      – ضريح سيدي محمد مول الصبيان، بحي الوازيس. يوجد ضريحه وسط مقبرة مهجورة مغطاة بنبات الدوم والصابرة. حيث قام بعض المحسنين ببناء قبة جميلة على قبر سيدي محمد مول الصبيان يتم الدخول إليها عبر فناء صغير يوجد فيه بئر. وداخل قبة الضريح يوجد قبر الولي الصالح فوقه تابوت أو دربوز  من خشب مغطى برداء صوف ثمين يغير كل سنة. وعلى مقربة من مكان رجليه وضعت سلسلة حديدية طويلة، وحجرة تيمم ملساء.

 

     – ضريح سيدي محمد الركراكي الشهير بعزري ركراكة، بحي عادل قرب مقبرة الشهداء. ضريحه بيت مكعب مسقف بالقصدير. وقبرالولي على يسار الداخل، وبجانبه على يمين الداخل قبر للا زهرة.

 

     – ضريح سيدي عبد الرحمن، بضواحي مدينة الدار البيضاء الجنوبية. ضمن النقطة الكلومترية 2.5 ، وسط جزيرة شبه معزولة وسط البحر فوق كتلة صخرية. يقطعها البحر عن اليابسة عند المد. يضم ضريحه قبة كبيرة  يوجد داخلها  قبر الولي محاط بحائط ومسيج بسياج من حديد.  وفي الركن المقابل يوجد قبر للا زهرة بجانبه. وعلى جدران القبة علقت لوحات فيها بعض من آيات القرآن الكريم، وشموع خضراء وحمراء وزرقاء. وخلف الضريح تقع خلوة سيدي عبد الرحمان عند منحدر صخري حيث كان يتعبد الولي، وبجانبها توجد خلوة أخرى تقدم فيها القرابين.

 

      – ضريح سيد ي إبراهيم مديونة، بطريق سيدي حجاج على بعد 6 كلم من مديونة. ضريحه بناء ضخم يتوفر على حوش به غرف مهجورة إحداها دفن بها الولي وسط مقبرة غير محاطة بسور.

 

       – ضريح سيدي معروف أولاد حدو، بحي سيدي معروف قرب التجزئة الجماعية على الطريق المؤدية إلى سيدي مسعود.

 

       – ضريح للا الدرقاوية. يوجد قبرها داخل الزاوية الدرقاوية المواجهة لضريح سيدي علال القيرواني، والتي تحمل اسم زاوية مولاي العربي الدرقاوي بساحة سيدي علال القيرواني حاليا.

 

      – ضريح سيدي أحمد زرياب. وسط الهجاجمة بحي بركون. ضريحه حوش بسيط مكون من حجارة تحيط بقبر مطلي بالجير دفن فيه الولي الصالح. و على مقربة منه داخل الحوش امتدت شجرة أوكالبتيس

مظللة بأغصانها الوارفة هذا المكان الهادئ.

 

      – ضريح سيدي علال القيرواني. من بناء المولى عبد الله. بساحة سيدي علال القيرواني، قرب زاوية مولاي العربي الدرقاوي أو الزاوية الدرقاوية. ضريحه قبة كبيرة. ويوجد فيه قبران، قبر أكبر لسيدي علال القيرواني وقبر ثان أصغر للا زهرة بنت سيدي علال.

 

      – ضريح سيدي فاتح، بدرب سيدي فاتح. مسجد صغير بدون صومعة يجتمع فيه الناس للصلاة، ويقيم فيه فقراء الطريقة البوتشيشية جلسات الذكر أيام الآحاد. ويدل على وجود الولي في هذا المكان قطعة من الثوب الأخضر التي علقت فوق  باب المسجد. و فيه يجلس فقيه يقصده الناس لكتابة التمائم والحروز. وبحسب ذ. أخميس، فإن ضريح سيدي فاتح بيت مظلم يضم قبرا من تراب وحجارة.

 

      – ضريح سيدي بوسمارة،بحي سيدي بوسمارة. يتوسط بقايا مقبرة عتيقة لا زالت تحافظ أحجارها على بعض  معالمها. حيث تظل شجرة كبيرة الضريح و القبور المنبثة حوله. و يتخذ الضريح شكل  بناء مكعب تعلوه قبة  صغيرة  رباعية الجوانب ، تحيط به أشجار مختلفة، وهو بناء مقفل مهجور مند بضع سنين.

 

       – ضريح سيدي محمد الركراكي أو سيدي الركراكي، بزنقة الشلوح. ضريحه، بحسب د. أخميس غرفة مظلمة يتوسطها بناء مكعب لا تعلوه قبة. يقع داخل منزل عدد زواره قليل. و للدخول إلى قبر الولي يتعين على الزائر الانحناء لولوج باب صغير. وعند الزيارة تجد القبر مغطى برداء أخضر، وحواليه ثلاثة أماكن يشعل فيها الزوار أصابع الشمع. وفي زاوية من الغرفة جذع شجرة، وعلى حائط الغرفة علق إطار مكتوب فيه اسم الله. وإلى جانب قبر الولي دفنت إحدى بنات المولى الحسن الأول، بحسب د. أخميس.

 

       – ضريح سيدي مبارك. يوجد داخل المدينة العتيقة قرب باب مراكش تحيط به مقبرة للأهالي القديمة، بحسب ما ذكره هاشم المعروفي (49). وقد اعتقد د. أخميس أنه يوجد بزنقة الشلوح، غير أن الفهرست سجل عليه اسم سيدي محمد الركراكي.

      – ضريح للا القادرية. دفنت في الزاوية  القادرية التي تحولت في السنين الأخيرة إلى مسجد للصلاة تابع لوزارة الأوقاف و الشؤون والإسلامية. قبرها غير ظاهر لأن القبور كلها سويت بالأرض وغطيت بالزرابي، مثلما غطيت الحيطان بالحصر.

 

      – ضريح للا تاجة، بساحة للا تاجة، قرب مدرسة السلام أومدرسة عمر بن عبد العزيز، بحسب ما ذكره ذ. أحمد زياد. في حين يشير هاشم المعروفي إلى وجوده داخل المدينة قرب جامع ولد الحمراء و باب المريسة (50). ضريحها بناء مكعب بباب أخضر مقفل حاليا كتب فوقه للا تاجة.

 

      – ضريح سيدي أحمد أبي الليوث. قرب محطة القطار الميناء. ضريحه بناء متسع يستقبل الداخل إليه فناء مفتوح يفضي إلى فناء آخر على يسار الداخل من الباب الأول، ثم على يمين الداخل إلى الفناء الثاني قوس يفضي إلى قبور ما زالت بعض شواهدها مصونة. وعلى اليسار قبة الولي يفضي بابها إلى مسجد تقام فيه الصلاة. وعلى يمين الداخل الجذع الأسفل من نخلة الولي الشهيرة، وعلى مقربة منها تابوته المسيج بالحديد. وبينهما قبر للا زهرة مسوى بالأرض.

 

      – ضريح سيدي مومن بولحنيش، بزناتة:

 

      – ضريح سيدي بوشايب، بقرب مدينة فضالة:

 

      –     – ضريح سيدي موسى المجذوب، بضواحي المحمدية:

 

 

      – ضريح سيدي مسعود، بأولاد حدو على الطريق السيار المؤدية إلى مدينة سطات. ضريحه بناء ضخم به حوش واسع مزخرف بالزليج تعلوه قبة ضخمة. وإلى جانبها توجد الخلوة أو” بيوت العفو” التي يجلس فيها المرضى.

 

      وإلى جوار سيدي مسعود تتواجد أضرحة وقبب أقل إشعاعا  منه وتتمثل في قبة سيدي محمد بن مسعود وهو ابن سيدي مسعود. وأما الثانية فهي لسيدي اعمر بن لحسن . وأما سيدي لحسن فلم يبق من أثاره إلا بعض الأحجار والمطامير.

 

       – ضريح سيدي امحمد الحارثي البعمري، خلف ضريح سيدي مسعود:

                                                                                                                                                                                                                              .      وتتوفر منطقة سيدي مسعود على عدة أضرحة ومزارات منها ما زال موجودا ومنها ما اندثر. أهمها:        

      – ضريح سيدي عبد الجليل. حوش تحج إليه النساء بأطفالهن المرضى لعلاج الجعرة ويقع حاليا بحي السعادة .

      – ضريح مولاي لشهب، بالمركب النسيم السكني.  كان ضريحه حوشا وسط مقبرة قديمة.

      – ضريح ماليات الناغر. قريب من ضريح سيدي مسعود. حوش يضم أربع قبور نسائية.

 

وإلى جانب هذه الأضرحة تضم منطقة سيدي مسعود مزارات لم يبق منها أثر. منها:

      – كرمة الحداويات. شجرة كروم ضخمة. لم يبق لها أثر بسبب الزحف العمراني.

      – بئر جوينيد، بحي السعادة. بئر لم تنضب مياهه خلال فترات الجفاف.

      – ضاية سيدي علي. قرب ضريح سيدي معروف. تمت إزالتها حين تهيئة تجزئة سيدي معروف الجماعية.

       ومن مزارات جهة الدار البيضاء الكبرى:

      – مزارة للا عيشة مولات المرجة. قرب ضريح سيدي محمد مول عين السبع، بجانب الحديقة. عين ماء وشجرة  يتم فيهما رمي التمر والحناء. وهي محل جنية الماء” عيشة قنديشة ” المسماة ب ” عايشة مولاة المرجة “.

 

      – للا دومة، بمنطقة الهراويين، بجوار دور صفيح قرب شارع مقداد الحريزي. نبات دوم بحجم كبير.

 

      – للا دويمة، بحي العهد الجديد- جماعة ابن امسيك. ارتبطت بمقبرة منسية تسمى “مقبرة

بوقال”. تم اجثتاتها حين نقلت رفات الموتى إلى وجهة أخرى، وبني مكانها مرأب جماعي ومنازل عشوائية. 

      – سيدي أحمد الكور أو سيدي أحمد مول الكور، بقصر البحر- جماعة ابن امسيك. حوش مدور وسط مقبرة منسية. تمت إزالته ونقلت رفات الموتى إلى مقبرة أخرى، وشيد محلهما مركز بريدي.

      – للا نخلة، بشارع بانوراميك. نخلة مقدسة تمت إزالتها بسبب المد العمراني.   

      – للا نخلة، بدرب الجران، بالمدينة القديمة.

      – للا زهرة القريعة، بدرب القريعة- عمالة درب السلطان الفداء. شجرة داخل حفرة كبيرة. تم اجثتاتها وتحويل الحفرة إلى محل تحت أرضي فوقه منزلان بالزنقة 30 من درب القريعة.

      – للا شطيبة، بدرب شطيبة قرب مدخل الطريق السيار- سيدي عثمان.

      – مزارة لال الخالقة، بشرق مدينة الدار البيضاء في منطقة الهراويين، دوار لال الخالقة، أرض أولاد عبد الله. عين ماء نضبت بفعل الجفاف. وبقربها مقبرة داخلها حوش يضم قبورا، علقت على مدخله شراميط خضراء.

 

      – مزارة مرشيش، بدوار مرشيش على بعد 4 كلم من مديونة. ركيزة صخرية كلسية بارزة بها نتوءات ناتجة عن التعرية الكارستية. وتنسب هذه المزارة إلى سيدي علي بن مرشيش. وتنقسم بدورها إلى ثماني مزارات تتم زيارتها بشكل تتابعي:

– مزارة للا مليكة. حوش حجارة تعلوه خيمة صغيرة الحجم لونها أخضر. ترتبط هذه المزارة بللا مليكة بنت الملوك الجنية.

 

– مزارة سيدي ميمون. كهف متوسط. لون بابه الحديدي أسود يفضي إلى بهو حيطانه سوداء.

 

– مزارة للا عيشة. نخلة متوسطة الحجم متكئة على مزارة المجمع ومقابلة لمزارة أولاد خليفة.

 

– مزارة أولاد خليفة. شجرة أوكالبتوس هرمة علقت عليها شراميط. يوجد أسفلها زجاج مكسر بكميات كبيرة جدا، وآثار سيلان الشمع.

 

– مزارة المجمع : محكمة الجن الشهيرة. حوش كبير محاط بالحجارة والدوم، وتوجد داخله متكئة على نتوء حجري شجرة هرمة تعلق عليها الشراميط.

 

– مزارة الخيمة الزرقا. كهف غير متطور. بابه أخضر يفضي إلى بهو مصبوغ باللون الأزرق. فرشت فيه حصيرة  يتم النزول إليه عبر درجتين، وبداخله وضع صندوق الفتوح. وبأقصى الكهف ثقبان غائران في جزء من الركيزة الصخرية، يصل بينهما ممر ضيق.

 

– مزارة الباشا حمو. كهف غير متطور. بابه أحمر يفضي عبر درج إلى بهو حيطانه حمراء يجلس فيه الزوار.

 

– مزارة للا ميرة. قرب مزارة الباشا حمو. كهف غير متطور. بابه أصفر يفضي إلى بهو حيطانه صفراء.

 

      وإذا ساهم توصيف العمارة الدينية في تقويم السياحة الثقافية وتقييمها بجهة الدار البيضاء الكبرى، فإن بإمكاننا استثمار هذا المفهوم الإجرائي عن طريق الانتقال من المعلمة إلى الوثيقة تأكيدا منا على التكامل بين الميدان والتوثيق، والانتقال من توصيف أضرحة الجهة ومزاراتها إلى توصيف معلمات هذه الجهة افتراضا منا التكامل بين العمارة الدينية والعمارة الحضارية داخل هذه الجهة. حيث أن توصيف هذه المعلمات، انطلاقا من التوثيق، مساعد جوهري على تكوين مشروع السياحة الثقافية داخل مجال الجهة، بوصف هذه السياحة يؤطرها مفهوم أكبر هو مفهوم الجغرافية الثقافية المنطلقة من فرضية أهمية المجال في بلورة الثقافة، وأهمية الثقافة في تشكيل المجال.          

       ومن المعلمات الحضارية داخل مجال الجهة: العمارة الحربية البحرية والبرية، والعمارة

السجنية، والعمارة المدنية. حيث ضمت مدينة الدار البيضاء المخزنية أبراجا وأبوابا وقصبات وسجنا برتغاليا وسقايات عمومية وحمامات مرتبطة بالمساجد والجوامع.

       ومن أبراج المدينة التي شيدها  سيدي محمد بن عبد الله العلوي على أسوارها ، وجلب لها مدافع من جزيرة مالطة تحصينا لها من الهجومات البحرية والبرية، سبعة أبراج:

– برج الوداية: بقرب ضريح سيدي بليوط.

– برج السبع: قرب باب مراكش.

– برج الملاح: بملاح اليهود قرب جامع السوق.

– برج بوخويمة: داخل درب بوخويمة.

– برج العرائش: بالتناكر قرب عرصة الزرقطوني.

– البرج الصغير: قرب باب المرسى.

– البرج اليزيدي: بفسحة سيدي علال القيرواني قرب الزاوية الدرقاوية(51).

       وبإمكاننا توظيف أبراج المدينة عن طريق الاهتمام بسياحة الثغور والمراسي، وتوظيف أخبار الأولياء والملوك في الاهتمام بها دفاعا وتحريرا ومرابطة، والاعتناء بصقالة المدينة وجعلها مجالا سياحيا وظيفيا استفادة من تجربة مدينة الصويرة السياحية. وتحويل مجال المدينة من بنية مغلقة دفاعية إلى مجال تعرف على الخارج وحضارته ومعرفة بالبحر وثقافته. ونقل ثقافة الجهة من جعل المجال العالمي دارين: دار سلم ودار حرب إلى ثقافة انفتاح وحوار من غير دونية أو تعال.

 

       وترتبط أبراج المدينة بأبوابها. حيث تضم أبوابا كثيرة. من بينها:

– باب مراكش: قربه برج السبع وضريح سيدي امبارك الركراكي.

– باب المرسى أو باب المريسة:  قربه البرج الصغير وضريح سيدي أبي الليوث قبل فصله عن سور المدينة.

– باب الرخا: قربه ضريح سيدي أبي الليوث. كانت تسلم فيه أبقار المدينة للراعي، فيسوقها إلى المرعى.

– الباب الكبير: قرب المجانة الكبيرة .

– باب مراكش: 

– الباب الجديد:

– الباب القديم: 

 

         ثم إن اهتمام السياحة الثقافية داخل الجهة بأبواب المدينة المخزنية نقل لها من بنية إغلاقية وانغلاقية إلى مجال مفتوح على الغريب والأجنبي والداخل والخارج، ومن بنية أسطورية تنتج الخوف من الليل والأشباح والمجهول وغير المعتاد إلى مجال انفتاح واستقبال وتقبل.

       وتنفتح الأبواب على المدن والقصبات والقبائل عبر الطرق والسبل (باب مراكش- طريق مديونة- طريق أولاد حريز- طريق أولاد زيان- طريق سطات- طريق الكارة- دورة المذاكرة- طريق ابن سليمان- طريق المحمدية- طريق الرباط القديمة- طريق السبيت- طريق بوسكورة- طريق تيط مليل- زنقة آسفي- زنقة أكادير- زنقة موكادور- زنقة طنجة- زنقة الشمال …)،  ومحطات السفر ووسائله (الستيام بمقره القديم قرب شارع الجيش الملكي حاليا- حافلات أو “كيران” الغزاوي ذات الوقود الفحمي- كراج علال- إبل آيت أمزال التي تحولت إلى حافلات- حافلات أو “كيران” الطاهر العبدي- كراج الجيلالي- العربات أو “الكوتشيات” الرابطة بين المدينة المخزنية وبوزنيقة- القامرة حيث كانت عربات السلطة الاستعمارية الشهيرة ب”مدام شرويط” تحمل أصحاب الأسمال من المغاربة إلى مراكز الفحص والحجر الطبيين…).       

        وبواسطة الطرق والسبل اتصلت المدينة المخزنية بالقصبات التي ساهم أصحابها ومن تحت سلطتهم في ترتيب مجال الجهة الثقافي. حيث ساعد خلفاء السلطان على الدار البيضاء والشاوية وقيادها وعمالها (قائد ثغر الدار البيضاء- قائد أولاد احريز- قائد امزاب- قائد سطات- قائد مديونة وزناتة…) بوصفهم ارتبطوا بقصبات أو دور تاريخية (قصبة ابن رشيد- قصبة ابن أحمد- قصبة علي بن الحسن بمديونة التي يسميها العامة قصبة السلطان الأكحل- قصر ابن ادريس بحي مولاي عبد الله، عمالة عين الشق الحي الحسني- قصبة الرحماني بطريق عين السبع). ساعدوا على بلورة ثقافة مجالية مهتمة بالعيوط والبراويل الشعبية، والتي أتثت مجال الجهة ورتبته، وأنتجت عيطة المرساوي (الشيخة الرويضة- الشيخة العرجونية- مينة الغرباوية- فاطمة الزحافة- خدوج السطاتية- عيشة بنت البشير- الصاحب بلمعطي- بوشعيب البيضاوي- المارشال محمد قيبو- الحاجة الحمداوية- بوشعيب ولد زنيكة- خدوج بنت الوكيت- زهرة تشيكيطو- بنت الكحيلة…) بمساهمة أعيان الجهة والمحميين (محمد بن جدية- العربي بن امسيك…).                                                                                                                      

          وبخصوص قصبة الرحماني، فقد أمر سيدي محمد بن عبد الله العلوي صهره عبد الله بن محمد الرحماني، بعد توليته على الشاوية، أن يبني داره بالدار البيضاء، فبناها سنة 1784 م بالقرب منها، بطريق الرباط القديمة على مقربة من عين مازي، بإزاء نقابة العمال في شارع الجيش الملكي حاليا. وقد كان أهل المدينة يسمونها قصبة الرحماني، وبقيت آثارها حتى بداية الاحتلال الفرنسي (52). فهل بمقدورنا ترميم هذه القصبة وفق عمارة القصبات المخزنية؟. لاشك أن اهتمام السياحة الثقافية داخل هذه الجهة بالقصبات (قصبة علي بن الحسن- قصبة الرحماني) إغناء للتعدد الحضاري- المعماري والتنوع الثقافي.  

          وارتباطا بالعمارة المخزنية والعمارة الحربية، ظل الحضور البرتغالي راسخا في وعي الجهة الجمعي. حيث تفاعلت هذه الجهة مع البرتغال دفاعا وهجوما طيلة فترات طويلة. وفي هذا الصدد نشير إلى عمارة سجنية مخزنية، سميت بالسجن البرتغالي الذي كان قرب ضريح سيدي بليوط. واستعمل محلا لصنع الحصر خلال أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. وقد نقشت أسطر بالخط البرتغالي، بحيطانه وأقواسه الحجرية و رؤوس سواريه، تتضمن أسماء ستين من الأسرى اختطفهم قرصان سَلوي، في دولة السلطان سيدي محمد بن عبد الله  العلوي، من ميناء لشبونة بالبرتغال ، وأودعهم هذا السجن المؤبد. ثم نقلت أعمدته، في عهد الاستعمار الفرنسي، إلى الثكنة العسكرية إلتي كان مقرها بحديقة الجامعة العربية حاليا (53).

 

      ولعل صور هذه المعلمة الحضارية وثيقة مساعدة على ترميمها استفادة من الهندسة المعمارية العلوية في عهد سيدي محمد بن عبد الله وفق معلمات مدينة الصويرة الحضارية. حيث أن عمارة هذه المعلمة شبيهة هندسيا بعمارة مدينة الصويرة القديمة. لاشك أن حديثنا المتكرر عن ضرورة الاستفادة من تجربة هذه المدينة السياحية مرتبط باستحضار معالم من تراث الزاوية الرجراجية الذي أثث مجال جهة الدار البيضاء الكبرى ورتبه. حيث أكد وعي أهل الجهة الجمعي انتساب معظم أضرحة الجهة إلى رجراجة. ومن الجدير بالذكر التأكيد على ضرورة إعادة ترتيب مجال الجهة الثقافي وتدبيره وتنميته تنمية مستدامة عن طريق التكامل بين أبعاد الجهة الأنتربولوجية (أبعاد أضرحة الجهة برا وبحرا، وأدوار صلحاء الجهة برباطات ثغر آنفا والدار البيضاء، وارتباط الجهة بالغريب والأجنبي) وأبعادها الطبيعية (دور مجال وادي بوسكورة وعيون الجهة العديدة في ربط السكان بالبيئة والفلاحة المدينية). 

       ولاشك أن اهتمام السياحة الثقافية بأهمية الماء في مجال الجهة مساهم في تنمية مستدامة (النمو الاقتصادي- التنمية الاجتماعية- الاهتمام بالبيئة). حيث يشكل وعي الجهة الجمعي طقس العيون(تسمية كثير من الأماكن باسم عيون الجهة)، وطقس الآبار( بير القمارة- بئر جوينيد- بئر قرب مستشفى عين الشق لا قرار له)، وطقس الوديان (كريان قاوقاو- طريق بوسكورة- غابة بوسكورة). وفي هذا الصدد تهتم السياحة الثقافية بالسقايات العمومية بديعة الشكل.

 

وبحمامات الجهة التي ساهمت في تشكيل مجال ثقافي غني (النميمة- الانتخابات- المخابرات- الفرجة- طقوس الصلوات والأعياد- مراسيم الزواج- طقوس الحناء- الجنسية المثلية- البغاء…)، بوصف هذه الحمامات مرتبطة بالماء وأهميته في المجال الثقافي والطبيعي. ومن بين حمامات الجهة التاريخية:

– حمام سبع ابرم: من آثار مدينة آنفا. وقد بني على أنقاضه أحد دروب مدينة الدار البيضاء المخزنية (درب حمام سبع ابرم) (54).

       ويستفاد مما ذكر أن مدينة الدار البيضاء بنيت على أنقاض مدينة آنفا. مما يساعد على تحقيق ترميم آثار المدينة الأخيرة، وتوطين بعض آثار الدول التي شمل حكمها هذه المدينة.

– حمام قريب من جامع السوق: بنى القائد محمد بن إدريس الجراري لودي، بأمر من السلطان سيدي محمد بن عبد الرحمان، جامع السوق والحمام الذي بقربه، أولهما بإنفاق من غلة الحبس، وثانيهما بإنفاق من مستفاد مرسى المدينة. وقد كلف القائد المعلم محمد أبو الزرع الحاحي ببناء الحمام (55).                        

– حمام  حي الأحباس. شدي حين بناء الحي سنة 1922م. 

 

– حمام عين الشق بدرب الياقوت. شيد بعد بناء الحي (1944م) سنة 1946م.

 

      وهذان الحمامان الأخيران يمثلان العمارة الاستعمارية الفرنسية، بوصفهما حالتين من بين حالات التعدد الحضاري- المعماري والتنوع الثقافي الذين يسمان جهة الدار البيضاء الكبرى، ويساعدان على انبعاثها وتجددها بشكل مستديم.

      ومن الجدير بالذكر أن حمامات الجهة ظلت مرتبطة بالمؤسسة الدينية خلال تاريخ آنفا وتاريخ الدار البيضاء. حيث بنى سيدي محمد بن عبد الله العلوي المساجد والحمامات بالدار البيضاء. والتمس القائد محمد بن إدريس الجراري لوديي من السلطان سيدي محمد بن عبد الرحمن العلوي بنا ء مسجد آخر غير المسجد العتيق، وحمام لأن الدار البيضاء لا حمام بها فأجابه بزيادة بناء مسجد من غلة الحبس وبناء حمام من مستفاد المرسى، فكلف المعلم محمد أجضاهيم الحاحي ببناء مسجد السوق، والمعلم محمد أبو الزرع الحاحي ببناء الحمام، بحسب ما ذكر هاشم المعروفي (56).

       وبانتقالنا من الحديث عن حمامات جهة الدار البيضاء الكبرى التاريخية إلى الحديث عن مساجدها وجوامعها ننتقل، في صدد التأكيد على أهمية السياحة الثقافية بوصفها معرفة، من التكامل بين الوثيقة والمعلمة إلى التكامل بين الوثيقة والمؤسسة. حيث تضم هذه الجهة مؤسسات متنوعة ساهمت في بلورة المجال الثقافي الجهوي بشكل متكامل.

       ومن بين هذه المؤسسات الثقافية مؤسسة المسجد أو الجامع التي ارتبطت، خلال تاريخ آنفا وتاريخ الدار البيضاء، بالعلم والتعليم. حيث نشير إلى اهتمام المرينيين بالمساجد والجوامع والمدارس. إذ تحدث الحسن بن محمد الوزان عن وفرة مساجد آنفا خلال العصر المريني، وكان القاضي أبو عبد الله محمد بن إسحاق الفزازي، وابن الرقاص المالقي يدرسان بالجامع الكبير بآنفا، وابن الرقاص المالقي، والقاضي عثمان بن صالح المراكشي المسراتي يدرسان بمدرسة أبي الحسن المريني بآنفا (57). ونجد إشارات كثيرة، في التراث المغربي، عن عدة مدارس مرينية  عامرة بالطلبة.

        وخلال بناء مدينة الدار البيضاء المخزنية وتعميرها، تم الاهتمام بالمساجد والجوامع. حيث ساهمت، بدورها، في تأثيث المجال الثقافي وترتيبه. وكلف ناظر الأحباس بترتيب مجالها، وتدبير ماليتها، وصيانة عمارتها، وحفظ أملاكها. ومن بين هذه المساجد والجوامع:

– المسجد العتيق: مجاور لدار المخزن (المقاطعة الأولى حاليا). أسس في عهد سيدي محمد بن عبد الله سنة 1201 ه، وتوسعت رحابه في عهد مولاي عبد العزيز، بحسب رسالة مؤرخة سنة 1320 ه، وعهد سيدي محمد الخامس أواخر شعبان الأبرك سنة 1379 ه (58).

– جامع السوق: أسس في عهد سيدي محمد بن مولاي عبد الرحمن بطلب من سيدي محمد بن العربي الدلائي الحراقي، ومكاتبة من قائد الدار البيضاء آنذاك السيد محمد بن إدريس الجراري لوديي، وسهر المعلم محمد أجضاهيم الحاحي على بنائه، وإنفاق على ذلك من غلة الحبس. وزيد في رحابه بتبرع من المحسن الحاج عبد السلام بن أحمد بومهدي الحداوي البيضاوي أمين الصائر في عهد سيدي محمد بن يوسف (59).

– جامع ولد الحمراء: تكامل بناؤه على فترات من سنة 1204 ه إلى سنة 1310 ه، بحسب ما أرخ به بابه وصومعته. وينسب إلى ولد الحمراء المحمدي المزابي أحد أفراد فرقة أولاد محمد (فتحا) من قبيلة لعشاش إحدى قبائل مزاب (60).

– جامع الشلوح: سكنت الأسر التي استقدمها سيدي محمد بن عبد الله العلوي إلى المدينة حيا خاصا يسمى درب الشلوح، وبنوا به ، بإنفاق من السيد محمد الصنهاجي، مسجدا للصلاة يسمى جامع الكرمة نسبة إلى شجرة كروم نبتت قربه حين كان كتابا، أو جامع الشلوح نسبة إلى فرقة الحراسة الليلية المستقدمة من قبيلة حاحا. وقد زادت في رحابه وزارة الأحباس والأوقاف بسهر من ناظرها سيدي إدريس الفيلالي. وإلى جانب ذلك بنت هذه الطائفة جامعا سمي بجامع الصومعة المكرجة بسبب منع قائد سطات ونواحيها الحاج المعطي بن الكبير بن المدني المزمزي لإتمامها بعلة إشرافها على عياله القاطنين بداره المجاورة للدرب، وبعد موته أتموا بناءها. (61).

– جامع السيد الكبير: قرب ضريح سيدي فاتح. من بناء السيد الكبير بن محمد الحريزي المنسوب إليه الدرب الشهير(62).

 

       وارتبطت المساجد والجوامع، خلال المرحلة العلوية، داخل الجهة بالعلم والتعليم. واشتهر كثير من العلماء القاطنين والوافدين بالتدريس داخلها مما ساهم بدوره في ترتيب المجال الثقافي (السيد محمد أزويتن الفاسي بجامع الشلوح- السيد علي بن منصور بالزاوية القادرية- السيد محمد بن عمر دينيا الرباطي بالجامع العتيق- السيد محمد بن علي البيضاوي بمسجد جامع ولد الحمراء- سيدي زين العابدين بن سيدي محمد بن عبود بجامع ولد الحمراء- السيد القائد اسما ابن بوشعيب الهراوي البيضاوي بجامع الشلوح وجامع ولد الحمراء- السيد الحسن ابن محمد فتحا العبدي المسناوي بالجامع العتيق- السيد أبو بكر حركات السلاوي البيضاوي بجامع السوق- الحاج محمد (فتحا) المعروفي بجامع السوق(63)- الفقيه محمد الكانوني العبدي بالمسجد اليوسقي). وهي أسماء دالة على تعدد الذهنيات داخل مجال الجهة وتنوعها الثقافي.

       وواصلت كثير من المساجد والجوامع، خلال المرحلة الاستعمارية وما بعد ذلك بكثير، الاهتمام بالعلم والتعليم، كمثل:

– المسجد البوسفي:

 

– الجامع المحمدي:

 

– جامع الحسن الثاني:

 

      وبالإضافة إلى المساجد والجوامع، ساهمت الزوايا والرباطات في بلورة المجال الثقافي، وترتيبه وتأثيثه ( ثقافة دفاعية- ملحون- أشعار صوفية…). حيث تواجدت دار المرابطين بقرية أنقال أو أنكال بضواحي آنفا، في العصر المرابطي، شبيهة برباط أكلو الذي أسسه واجاج (واكاك) بن زلو بسوس لطلبة العلم وقراء القرآن. وأشار ابن الزيات التادلي إلى رابطة تامنغاطت على مقربة من ساحل آنفا، وتحدث محمد المنوني عن زيارة ابن زمرك ولسان الدين ابن الخطيب لزاوية يحيى بن إبراهيم البرغواطي الصوفي بآنفا. وقدم سيدي محمد بن العربي الدلائي الحراقي من الرباط إلى الدار البيضاء، وشيد بها زاويته في ولاية السلطان سيدي محمد ابن عبد الرحمان. وتولى قائد سطات ونواحيها السيد الحاج المعطي بن الكبير بن المدني المزمزي بناء الزاوية القادرية وتحويلها إلى جامع، وأوقف عليها أملاكا مجاورة تصرف غلتها في الاحتفال بعيد المولد النبوي. وفيها يختتن أولاد المدينة المستضعفين من فتوحات ضريح سيدي أبي الليوث. وكان قارئ حزب الشاذلي يتقاضي مشاهرة راتبا، في عهد المولى الحسن الأول، يناهز 80 ريالا حسنيا من مستفاد المرسى يعادل به راتب ثمانية من متعلمي البحرية، ويفوق به راتب مِؤذن مسجد فضالة (15 ريالا). وظل ناظر الحبس (الأحباس) مكلفا بالنظر في شؤون الزوايا، وأمور ماليتها (قبض الأكرية والغلل بمساعدة قباض- أداء أجور القيمين والعدول والقباض)، ومطالب صيانتها، وضبط أحباسها، بمساعدة عدلين، في الحوالة الحبسية، وحفظ أملاكها والدفاع عنها (64).

       واستلزمت الرباطات والزوايا داخل مجال الجهة، خلال تاريخ مدينة آنفا ومدينة الدار البيضاء، نشاطا صوفيا روحيا وعلميا مكثفا. حيث كان يحيى بن إبراهيم البرغواطي الصوفي صاحب زاوية بآنفا، وتعبد أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الصنهاجي بفضالة، وولع سكان الدار البيضاء، خلال القرن التاسع عشر، بقصص كرامات الأولياء والصالحين، وكانت زوايا المدينة المخزنية مجالا للتدريس (الهواري الدكالي بالزاوية الناصرية- عبد العزيز الدكالي بالزاوية الحمدوشية- علي بن منصور بالزاوية القادرية- محمد بن العربي الدلائي وابنه عبد السلام من بعده بالزاوية الحراقية). وتعددت طرائق الزوايا وتنوعت (الدرقاوية- الحراقية- القادرية- الكتانية- الناصرية- التيجانية- الحمدوشية- العيسوية- الكناوية) (65).   

       – الزاوية الحراقية. من تأسيس محمد بن العربي الدلائي:

 

      – الزاوية التيجانية، بدرب غلف:

 

      وارتبطت مؤسسة الزاوية ومؤسسة الضريح ومؤسسة الجامع والمسجد فيما بينها وتفاعلت، داخل جهة الدار البيضاء الكبرى. حيث تكلف ناظر الحبس (الأحباس) بالنظر في شؤون الجوامع والمساجد والزوايا وأضرحة الأولياء، وصيانتها، وحفظ أملاكها المحبسة. وتدبير ماليتها. وارتبط الضريج بالجامع والمسجد (ضريح سيدي محمد مول راس العين/ مسجد قربه- ضريح/ جامع سيدي عثمان- ضريح ومسجد سيدي فاتح) أو بالكتاب الذي يتلى فيه كتاب الله (كتاب ضريح سيدي علال القيرواني- كتاب ضريح سيدي فاتح- كتاب ضريح سيدي بولكباش- كتاب ضريح سيدي محمد الركراكي أو سيدي الركراكي)، وأقيمت الصلاة في جانب من الضريح (ضريح سيدي فاتح- ضريح سيدي أبي الليوث).

 

وتواجد ضريح سيدي علال القيرواني قرب الزاوية الدرقاوية (66). وضمت بعض الزوايا أضرحة وقبور صلحاء، وجعلت بعض الأضرحة زوايا (ضريح سيدي فاتح بوصفه زاوية بوتشيشية- ضريح للا القادرية بالزاوية القادرية- ضريح للا الدرقاوية بالزاوية الدرقاوية- ضريح سيدي أبي الليوث بوصفه محلا لبعض أنشطة الزاوية البوتشيشية). وظهر، من خلال وثائق عزيزية، ارتباط الزاوية القادرية بضريح سيدي أبي الليوث، بوصفهما يؤديان وظيفة اجتماعية متشابهة هي وظيفة الاهتمام بالمستضعفين من سكان الدار البيضاء المخزنية. فقد أشارت ثلاثة ظهائر عزيزية، بخصوص ضريح سيدي أبي الليوث، إلى ضرورة:

– أداء أجرة معذري أولاد المستضعفين بالزاوية القادرية، وكساء الأطفال وقت الاختتان.

– إيواء المرضى والأفاقيين، وتجهيز من مات منهم. (67).

        وروى الفقيه الشيظمي المعالج داخل الضريح عن اجتماع الفقراء والمساكين أمام مدخل الضريح أيام السنة المعروفة بـ “عام البون” يتلقون كسر الخبز من زوار الضريح، وأكد أنه كان من بائعي  الخبز هناك، و حكى بمرارة عن مشاهد أولئك المستضعفين الحزينة. وأرجع ذلك إلى حالة المغرب السياسية آنذاك إثر تواجد الاستعمار الفرنسي بين أظهرنا.

        وفي هذا الصدد نفترض قيام مؤسسة الضريح داخل جهة الدار البيضاء الكبرى (ضريح سيدي أبي الليوث- ضريح سيدي امبارك بوكدرة- ضريح سيدي أحمد بن يشو- ضريح سيدي مسعود- ضريح سيدي عبد الرحمن) بوظيفة مشابهة لوظيفة المارستان المغربي (سيدي افرج بفاس- سيدي افرج بمراكش- سيدي أحمد ابن عاشر…)، بحسب مفهوم إبستمي نسقي (إجراءات العلاج عن طريق التقييد بالسلاسل والحجز في أماكن مظلمة والموسيقى والأعشاب والماء- إيواء المرضى والأفاقيين…)

                    خلوة سيدي أحمد بن يشو                            مريضتان بضريح سيدي عبد الرحمن

       وقد أكد الفقيه  الشيظمي نفسه خبر وجود بيوت خلف ضريح سيدي أبي الليوث بها سلاسل من حديد كان يقيد فيها أصحاب الأمراض الذهانية من الخطرين، و قد أرانا تلك الأماكن من بعيد نظرا لتواجد السكان المانع من دخولها . وأما أصحاب الأمراض العصابية من غير الخطرين فكانوا يتجولون داخل الضريح دون قيد أو شرط، باعتبارهم من المجاذيب.

 

        وأما سيدي امبارك بوكدرة، فعلى إيقاع “الكدرة” أو “البربط”. حيث سمي ببوكدرة أو مول

العود. كان ينظم جلسات العلاج بالموسيقى للمرضى الذهانيين كل جمعة في الغرف الصغيرة ” البنيقات” بالداخل حيث كانوا يعالجون. وإثر ذلك ذاع صيته ووفد عليه كثير من الناس من مختلف جهات المغرب مستصحبين المرضى من ذويهم أملا في الشفاء. وفي أواخر أيامه انصب اهتمامه كلية على علاج المرضى الذهانيين بالاستماع إليهم وتهيئة “وجبات” طبية لهم، ومرافقة المتماثلين منهم للشفاء خارج المجال الحضري. وحرص على تعليم هذه الطرق العلاجية للبعض من تلاميذه. وبذلك تمت المحافظة على بعض تعاليمه الطبية بعد وفاته (68).

       وارتبطت مؤسسة الضريح بالأحباس. حيث تكلف ناظرها بشؤون أضرحة الأولياء، وصيانتها، وتحصيل أكريتها وغللها، بمساعدة قباض؛ وضبط أحباسها في حوالة حبسية، بمساعدة عدلين؛ وحفظ أملاكها والدفاع عنها، وأداء أجور المكلفين والمساعدين. وأشارت البعثة العلمية بالمغرب إلى تحبيس اثنتي عشرة عمارة على ضريح سيدي علال القيرواني، وتحبيس ثلاثا وخمسين عمارة على ضريح سيدي أبي الليوث، خلال بداية القرن العشرين. بعد أن كان غير معروف تقريبا خلال منتصف القرن التاسع عشر، داخل منزل صغير يحرسه مقدمه ابن المكناسي. وابتداء من سنة 1881 م، تم تجميع مبلغ كبير من المال، فشيدت فوقه قبة (69).           

        وأكيد أن المراهنة على دور مؤسسة الضريح داخل مجال جهة الدار البيضاء الكبرى في الأعمال الاجتماعية، أو ما يسمى حاليا بأعمال المجتمع المدني، مرتبط بتفعيل المؤسسات القديمة الجهوية (مؤسسة الحسبة- مؤسسة الوقف- مؤسسة العدالة- مؤسسة النظارة- مؤسسة الزاوية- مؤسسة بيت المال). حيث بإمكاننا تنمية مجال الجهة باعتماد تحيين مؤسسات تراثية، وتطوير طرق أدائها وتسهيل مساطرها. إذ باستطاعة مؤسسة الضريح من خلال صندوق الفتوح وأوقاف العمارة الدينية (70) المساهمة الفعالة في تمويل مشاريع صغرى، وتحويل مجال أضرحة الجهة ومزاراتها من مجال أسطوري وخرافي وخزان أنتربولوجي إلى مجال نشاط تنموي اقتصادي (معارض)، وبيئي (ربط السكان بالأعشاب الطبية والمطبخية، وبالفلاحة المدينية)، واجتماعي (فتح مجال للعمل المياوم)، وعلمي تعليمي (تفعيل أدوار الجوامع والمساجد والأضرحة والزوايا العلمية).

      صناديق الفتوح ببعض أضرحة جهة الدار البيضاء الكبرى:

 

بضريح سيدي أبي الليوث  بضريح سيدي بوسمارة  بضريح سيدي البرنوصي  بضريح سيدي أحمد المعروفي

 

 

بضريح سيدي عبد بن الحاج  بضريح سيدي معروف      بضريح سيدي ابراهيم  بضريح سيدي مسعود

     ولن يتم ذلك دون المراهنة على التكامل بين المجال الثقافي (تعدد الذهنيات- تعدد الأجناس- تعدد الأديان- تعدد المعمار- تعدد الثقافة الشعبية والعالمة- تعدد الحضارات- تعدد الطقوس- تعدد المعلمات- تعدد المؤسسات) والمجال الطبيعي. حيث نؤكد على أهمية ربط سكان الجهة بنشاط فلاحي مديني بالاستفادة من تراث الجهة النباتي (عراصي آنفا، بحسب أخبار الحسن الوزان- عرصة الزرقطوني- عرصة ابن امسيك- رياضات ابن جدية- عرصة السليغان- دار التوزاني- دار ولد هرس- سانية أولاد حدو- درب السوينية- درب الدالية- غابة بوسكورة- غابة سيدي عبد الرحمن- غابة لارميطاج- غابة عين السبع- الغويبة- جنانات أولاد حدو- مزرعات المعمرين- نخلة سيدي أبي الليوث- للا دومة- للا دويمة- للا نخلة – درب الكريمات- كرمة النص- كرمة الحداويات- أشجار مزارات الجهة- مجال الأضرحة والمزارات النباتي …)؛ وتراثها المائي (بير القمارة- بير عين الشق الذي لا قرار له- بئر جوينيد- ضاية عوا- ضاية سيدي علي- ضاية سيدي مسعود- سانية أولاد حدو- درب السوينية- عين حرودة- عين الحلوف- عين الذياب- عين السبع- عين البرجا- عين الشق- عين الدفلة- عين مازي- عين الشفا- راس العين- العوينة الحارة ببركون- عوينة المعارف- عين القريعة بساحة السراغنة- عين للا عايشة-   تيط مليل بمعنى عين- مزارات الماء مثل لال الخالقة وللا عيشة مولات المرجة وللا عيشة البحراوية- واد بوسكورة- واد قاوقاو- واد المالح- واد مرزك- واد الحصار- سانية أولاد حدو- السوينية- شلال عين حرودة- كرامات صلحاء الجهة المتعلقة بحكايات الماء …)؛ من أجل خلق اهتمام بالبيئة واحترامها، وفتح فرص للشغل، ووسائل للعيش الكريم، إذ يمكن لفئات كثيرة من سكان الجهة توفير وجبات منزلية وترويج منتوجات فلاحية مدينية (فواكه- بواكر- ورود- أعشاب طبية- أعشاب مطبخية) مساعدة على تحقيق جزء كبير من آدميتهم. وتجدر الإشارة هنا إلى ضرورة إنشاء حدائق تضم التراث النباتي الذي عرفته الجهة منذ القدم.

 

ضريح سيدي أبي الليوث  ضريح سيدي عثمان   ضريح سيدي بوزيان  ضريح سيدي عبد النبي الصحراوي      

       ويرتبط تراث الجهة النباتي بتراثها الحيواني (أكباش الصردي- مخلفات الأضاحي- طقس هرمة أو السبع بولبطاين- ضريح سيدي بولكباش- ذئاب العين- عين السبع- ضاية عوا- سوق الكلب- العايدي بولكلاب- كرامات صلحاء الجهة المتعلقة بتأنيس الحيوان…) من أجل خلق توازن طبيعي بين المكونين، ومن أجل خلق توازن بين الإنسان والطبيعة استفادة من أخبار صلحاء الجهة التي تعلقت بتحقيق توازنات مختلفة بين إنسان الجهة ووحيشها (سيدي عبد الرحمن- سيدي أبي الليوث- سيدي مومن بولحنيش- مولاي التهامي- سيدي زغلول- سيدي بولكباش)، واستفادة من مخلفات عيد الأضحى (قرون الكبش- الرماد- بقايا الفحم الخشبي- دماء الأضاحي) للمساهمة في إنتاج فلاحي مديني محترم للمواثيق الدولية البيئية.  

       وقد دلت آثار قديمة ووثائق تاريخية على تواجد فصائل كثيرة من الوحيش. حيث عثر على لقى أثرية ما قبل تاريخية قرب إنسان سيدي عبد الرحمن ( الإنسان الرحماني) دالة على تواجد وحيش ضخم الجثة (الفيل- وحيد القرن) بالجهة. وأكدت لقى بشرية، بمقلع الحجارة المسمى “مقلع توما” تواجد الضباع بالجهة، ودلت أسماء مغارات الجهة على وحيش متنوع (مغارة الدببة، مغارة وحيد القرن، مغارة الفيل ، مغارة أبناء آوى…) (71). وشكل موقع سيدي عبد الرحمن الواقع جنوب مدينة الدار البيضاء مجالا أثريا حيويا. ابتدأت الحفريات به منذ سنة 1941. إذ أدت أعمال استغلال مقلع للحجارة إلى اكتشاف مجموعة من المغارات (المغارات المذكورة سابقا، رأس شاتوليي). هذا الموقع يكتسي شهرة كبيرة وذلك نظرا لبقايا الإنسان التي تم اكتشافها به سنة 1955 والتي تعود إلى حوالي 200.000 سنة . ولقد تم اكتشاف مجموعة من الأدوات الحجرية وبقايا مجموعة من الحيوانات التي تنتمي إلى فصائل متنوعة. وهنا لا بد من الإشارة إلى ضرورة الحفاظ على هذا الموقع التاريخي، وجعله موقعا وطنيا محميا؛ وضرورة المطالبة بخلق متحف أثري خاص بلقى الجهة الأثرية والبشرية والحيونية استفادة من علم المستحثات البشرية والحيونية وعلم الأدوات الحجرية. وإلى المطالبة بإنشاء محميات مصغرة جهوية للوحيش الذي عرفته الجهة خلال فترات ما قبل تاريخية، وتاريخية عديدة، وتم القضاء عليه بسبب الحروب والنزاعات والتدمير البشري.

       وبصدد الحديث عن وحيش الجهة القريب زمنه من حاضرنا، أشار هاشم المعروفي نقلا عن د. فايسيجيربر الفرنسي إلى الوحيش الذي كان بجهة الدار البيضاء الكبرى (الأرانب- دجاج قرطاجة- القطا- الحجل- دجاج الأرض- البط البري- الخنزير البري- الثعلب- ابن آوى- الدلدل أو القنفد الكبير)،وهو يتحدث عن حفلات الصيد التي كان تقيمها الجالية الأوروبية بالدار البيضاء أواخر القرن التاسع عشر (72).

          ومن أجل تحقيق توازن طبيعي (نباتي وحيواني) وإنساني هادف إلى تحقيق تنمية مستدامة ينبغي تحقيق كثير من الأهداف المتعلقة بمشروع إنشاء سياحة ثقافية جهوية. ومن بين هذه الأهداف:        

– تدبير الموارد الطبيعية والبشرية الجهوية.

– إشراك الفاعلين في الجهة (السلطات المحلية – الهيئة المنتخبة – الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين – المندوبيات العمومية – جمعيات رجال الأعمال – جمعيات أرباب الحرف – جمعيات المجتمع المدني…)

– إنتاج برامج تحسيسية وثقافية وتعليمية.

– إصدار أدلة ثقافية وملصقات مساعدة.  

– إنشاء متحف تاريخي خاص باللقى الأثرية التي عثر عليها في جهة الدار البيضاء الكبرى.

– إنشاء متحف وثائقي خاص بالجهة (أحداث سنة 1907م).

– إعادة إعمار منتزهات الجهة (الغابات- العرصات- العيون- الوديان)، وتحويلها إلى مجال سياحي حيوي.

– تحويل الأضرحة والمزارات من خزانات أنثربولوجية إلى متاحف ومعارض.

– توظيف أوقاف العمارة الدينية في تمويل مشاريع صغرى.  

– إنشاء حديقة جهوية تضم المجال النباتي الذي عرفته الجهة منذ القدم.

– إنشاء محمية وحديقة حيوان جامعتين للفصائل الحيوانية التي عرفتها الجهة.

– إنشاء ساحة جهوية ذات صيت وطني وعالمي، تعرض فيها المظاهر الثقافية الشعبية التي عرفتها الجهة (الطرقية – الفرق الغنائية – الطقوس القديمة ).

– تحويل بعض المقاهي والمنازل وقاعات العرض إلى متاحف.

– ترميم أشكال المعمار القديم والحديث (مدرسة أبي الحسن بآنفا- السجن البرتغالي- المدارس الوطنية ).

– انفتاح المؤسسة الدينية على التعدد المذهبي والثقافي.

– تمكين مكونات الجهة من التنافس الثقافي المتكامل.

– انفتاح الجهة على الثقافة البحرية.

 

 __________

الهــــــــــــــــــــوامش

 

1- المعروفي، هاشم، عبير الزهور في تاريخ الدار البيضاء و ما أضيف إليها من أخبار أنفا  والشاوية عبر العصور. ج.1، ط 1987، مطبعة النجاح الدار البيضاء، ص 45، وما بعدها بتصرف.

2- نفسه، ص48، وص60، وص80

3- نفسه، ص163، وص165-166، وص178، وص180، وص192، وص206؛ والناصري، أحمد، كتاب الاستقصا- مج3/ج8، ص98، وص99.      

4-  المعروفي، ص172، وما بعدها، وص178 وما بعدها، وص184 وما بعدها، وص191 وما بعدها، وص204 وما بعدها.

5- نفسه، ص158، وص161، وص163-164، وص171، وص181، وص191 وما بعدها، وص202، وص204 وما بعدها، وص210.

6- نفسه، ص90 وما بعدها، وص336 بتصرف.

7- الوزان، الحسن المعروف بليون الإفريقي، وصف إفريقيا. ج1، ترجمة عن الفرنسية: د. محمد حجي و د.محمد اخضر، دار الغرب الإسلامي- بيروت، ط2/ 1983،. ص197- 198  ،، وصف /ج1، ؛ والمعروفي، ص90 وما بعدها.

8- المعروفي، ص99، وص104-105.

9- نفسه، ص111.

10- الوزان/ج1، ص197- 198 بتصرف.

11- flandrin, casablanca rétro, casablanca de 1889 à nos jours (1928),

Documents réunis par le photographe flandrin, editions serar, p57.

12- المعروفي، ص87.

13- نفسه، ص100، وص101، وص112.

14- نفسه، ص101، وص112.

15- نفسه، ص109 وما بعدها بتصرف.

16- نفسه، ص113- 114، وص125.

17- نفسه، ص115.

18- نفسه، ص123 وما بعدها بتصرف.

19- نفسه، ص122، وص127- 128.

20- نفسه، ص145، وص 146.

21- نفسه، ص99، وص107، وص165، وص178، وص183-184، وص185، وص190، وص224، وص232، وص245، وص279، وص282، وص292.

22- نفسه، ص110، وص131، وص137، وص220، وص248 وما بعدها، وص261، وص306، وص324؛ وابن زيدان، مولاي عبد الرحمان، إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس، ج1،مطابع ايديال – الدارالبيضاء، ط.2،  1410 ه/  1990 م، ص

23- نفسه، ص107، وص114، وص135، وص287.

24- بنعبد الله، عبد العزيز، الدار البيضاء عاصمة المغرب الاقتصادية منذ ألف عام” أنفا عبر العصور”، دار نشر المعرفة ، ط1، 1420/2000، ص34 و ص44؛ والمعروفي، ص113.

25- المعروفي، ص141 وما بعدها، وص138 وما بعدها.

26- قابيل، أحمد، من أجل تأسيس متحف خاص بحادث الدار البيضاء وانتفاضة الشاوية، في الشاوية : التاريخ والمجال، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، 1997. 

27- المعروفي، ص138، وص 258.

28- نفسه، ص11 وما بعدها.

29- نفسه، ص11 وما بعدها.

30- نفسه، ص16 وما بعدها.

31- نفسه، ص36 وما بعدها بتصرف؛ ولسان الدين ابن الخطيب، أعمال الأعلام فيمن بويع قبل الاحتلام من ملوك الإسلام وما يتعلق بذلك من الكلام. ج.2، تح. سيد كسروي حسن، دار الكتب العلمية- بيروت، ط.1، 1424 ه/ 2003 م، ص369 وما بعدها بتصرف؛ وابن القاضي عياض، محمد، التعريف بالقاضي عياض، تق. وتح. د. محمد ابن شريفة، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ط.2، 1402 ه/ 1982 م، ص56- 57 بتصرف؛ وابن حوقل النصيبي، أبو القاسم، كتاب صورة الأرض، القسم الأول، دار صادر- بيروت/ مطبعة بريل- ليدن، ط. الثانية، 1938م، 83؛

32- المنوني، محمد، آنفا في عهد المرينيين، المدينة في تاريخ المغرب العربي، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية2 ابن امسيك- الدار البيضاء، ص251 وما بعدها بتصرف؛ المعروفي، ص48 وما بعدها، وص58، وص65 وما بعدها، وص90 بتصرف؛ وصاحب مفاخر البربر، دراسة وتحقيق عبد القادر بوباية، دار أبي رقراق، ط. 1، ص162- 163، وص169، وص170؛ و

33- المنوني، ص253.

34- المعروفي، ص107-108.

35- نفسه، ص108، وص109 بتصرف.

36- نفسه، ص 108.

37- نفسه، ص108.

38- نفسه، ص105.

39- نفسه، ص55؛ والإدريسي، محمد، كتاب نزهة المشتاق في اختراق الآفاق- مج. 1، عالم الكتب، ط. 1، 1409 ه- 1989 م، ص239- 240؛ والمعروفي، ص55- 56.

40- المعروفي، ص59 وما بعدها، وص68، وص83-84، وص89 وما بعدها بتصرف، وص91- 92.

41- بنعبد الله، ص13 وما بعدها بتصرف؛ والمعروفي، ص99، وص138 وما بعدها، وص 224 وما بعدها، وص247 وما بعدها، وص276 وما بعدها، وص282 وما بعدها، وص296  وص301، وص307- 308، وص314، وص320 وما بعدها.

42- DIRECTION DES TRAVAUX PUBLICS, NOTICE SUR LE PORT DE CASABLANCA, PROTECTORAT DE LA REPUBLIQUE FRANÇAISE AU MAROC GOUVERNEMENT CHERIFIEN, 1954, p5- 6.                                       

43- المعروفي، ص59 وص60.

44- نفسه، ص113- 114.

45- نفسه، ص100، وص101، ص108، وص135.

46- نفسه، ص105، وص132،

47- نفسه، ص115.

48- زياد، أحمد، دفتر أيام في الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، ط.1990، ص16، وص18، وص42 وما بعدها بتصرف؛ والمعروفي، ص86.

49- المعروفي، ص86.

50- زياد، أحمد، دفتر أيام في الدار البيضاء، مطبعة النجاح الجديدة، ط. 1990، ص16 وص42 وما بعدها بتصرف؛ والمعروفي، ص87.

51- المعروفي، ص100-101.

52- نفسه، ص99- 100.

53- المعروفي، ص96- 97؛ ومحمد حجي، الزاوية الدلائية ودورها الديني والعلمي

والسياسي، مطبعة النجاح الجديدة- الدار البيضاء، ط.2، 1409/1988، هامش ص222.

54- المعروفي، ص111.

55- نفسه، ص107، وص131- 132، وص246.

56- نفسه، ص101، وص132.

57- نفسه، ص58، وص65- 66، وص72، وص90؛ والمنوني، ص252، وص253؛  والوزان/ج1، ص197؛ وصاحب مفاخر البربر، ص162- 163 بتصرف؛

58- المعروفي، ص131.

Mission scientifique du Maroc, villes et tributs du Maroc: Casablanca et sa région, t.1, Chaouia,éditions Ernest Leroux- paris, éditions frontispice- Casablanca, 1915- 1916, p.60- 61.

59- نفسه، ص131- 132، وص246.

Mission scientifique du Maroc, p.61.

60- نفسه، ص134، وص173، وص176، وص185.

Mission scientifique du Maroc, p.61.

61- نفسه، ص101، وص134.

Mission scientifique du Maroc, p.61.

62- نفسه، ص135.

63- نفسه، ص123 وما بعدها بتصرف، وص292.

64- نفسه ص107، وص135، وص137، وص295، وص 308- 309، وص315 وما بعدها، وص323، وص324 بتصرف؛ والإدريسي/ ج.1، ص237- 238؛ ؛ وصاحب مفاخر البربر، ص165 بتصرف؛ وابن الزيات، يوسف، التشوف إلى رجال التصوف وأخبار أبي العباس السبتي، تحقيق أحمد التوفيق، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، ط.2 ، 1997، ص89، وص166؛ وابن زيدان/ج.1، ص436، وص437؛ والمنوني، ص255؛ والحميري، محمد بن عبد المنعم، كتاب الروض المعطار في خبر الأقطار، تح. د. إحسان عباس، دار القلم- مكتبة لبنان، ط. 1975م، ص35- 36؛  

65- المعروفي، ص68، وص86، وص107، وص115، وص124، وص132، وص135 بتصرف؛ والمنوني، ص254-255؛ وحجي، ص292؛ وابن الخطيب، لسان الدين، الإحاطة في أخبار غرناطة، مج.4، شرحه وضبطه وقدم له الأستاذ د. يوسف علي طويل، دار الكتب العلمية- بيروت، ط.1، 1424 ه/ 2003 م، ص368؛ والمقري، أحمد، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، مج.8، حققه ووضع فهارسه ذ. يوسف الشيخ محمد البقاعي بإشراف ومراجعة الناشر، دار الفكر/بيروت- دار الرشاد الحديثة/ الدار البيضاء، ط.1، 1406 ه/ 1986 م، ص337 وما بعدهاّ؛ وابن الزيات، ص311؛ والسملالي، العباس بن إبراهيم، الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام. ج.1، المطبعة الملكية- الرباط، ط.2، 1413 ه/ 1993 م، ص152- ترجمة رقم8. 

66- المعروفي، ص101، وص308- 309.

67- نفسه، ص135، وص137، وص323- 324؛ وابن زيدان، ص436-437.

68- D. akhmisse mustapha, rites et secrets des marabouts a casablanca 1984 editions s.e.d.i.m, casablanca, p.135.

 69- المعروفي، ص308- 309.

 Mission scientifique du Maroc, villes et tributs du Maroc:                Casablanca et sa région, t.1, Chaouia,éditions Ernest Leroux- paris,      éditions frontispice- Casablanca, 1915- 1916, p.62 et p.64- 65.                  

70- المعروفي، ص131، وص135، وص137، وص296، وص306- 307، وص308- 309، وص319- 320، وص323- 324؛ وابن زيدان/ج1، ص…؛ والرجراجي، محمد السعيدي، ملحق ضمن كتاب السيف المسلول فيمن أنكر على الرجراجيين صحبة الرسول لعبد الله بن محمد بن البشير الرجراجي السعيدي، تق. ولده محمد، مطبوعات المعهد الشعبي بالصويرة، ص335.

71- المعروفي، ص12.

72-Martinet, guy, naissance de casablanca et son évolution commerciale, Actes du colloque de casablanca, publication de la faculté des lettres et des sciences humaines de casablanca 1, 1982, p.3.                                   

73- المعروفي،ص144.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق