مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثشذور

الدَّيْن في الأحاديث والآثار والأشعار

يقول الإمام الحافظ المحدث الفقيه الأديب أبو عمر ابن عبد البر (463هـ):

قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلّم: يارسول الله، أرأيتَ إن قُتِلْتُ في سبيل الله مقبلا غيرَ مُدْبر، أيكفّر الله عنّي خطاياي؟ قال: «نعم. إلاّ الدَّيْن، بذلك أخبرني جبريلُ».

وعنه عليه السلام أنه قال: «صاحبُ الدَّيْن محبوسٌ عن الجنة بِدَيْنه».

وقال عليه السلام بعد أن فتح الله عليه وأفاء الله على المسلمين: «من ترك مالاً فلورثته، ومن ترك دَيْناً فعليّ».

كان يقال: لا همّ إلاّ همّ الدَّيْن، ولا وَجَعَ إلاّ وجع العين. وقد روى هذا القول عن النبي صلّى الله عليه وسلم من وجه ضعيف.

قال عمر بن الخطاب: إياكم والدَّين، فإنّ أوله همٌّ، وآخره حَرْب.

قال عمرو بن العاص: من كثر صديقه، كثر دَيْنُه.

قيل لمحمد بن المُنْكَدِر: أتحجُّ وعليك الدين؟ قال: الحج أقضى للدين. يريد الدعاء فيه، والله أعلم.

كان يقال: الدَّيْن رِقّ، فلينظر أحدكم أين يضع رِقّه.

كان يقال: الأذلة أربعة: النَّمَّامُ، والكذّابُ، والفقيرُ، والمديان.

كان يقال: حُرّيّة المسلم كرامتُه، وذُلُّه دَيْنُه، وعذابه سوءُ خلقه.

كان الفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب الشاعر يعامل الناس بالعَيْنة، فإذا حَلت دراهمه ركب حماراً يقال له شارب الريح، فيقف على غرمائه فيقول:

بَنُــو عَمِّنَا أَدُّوا الدَّرَاهِــمَ إِنَّمَـا … يُفَـرِّقُ بَيْنَ النَّـاسِ حُــبُّ الدَّرَاهِــمِ

وقال آخر:

فَما شَـأْنُ دَيْنِي إذْ يَحُلُّ عَلَيْكُـــمُ … أَرَى النَّاسَ يَقْضُونَ الدُّيُونَ ولاَ يُقْضَـــى

لَقَـدْ كَانَ ذَاكَ الدَّيْنُ نَقْداً وَبَعْضُــهُ … لعَرضٍ فَمَا أدَّيْتِ نَقْـداً ولاَ عَرْضــــاَ

ولكِنَّمَـا هـَـذَا الَّذِي كَانَ مِنْكُــمُ … أَمَــانِيُّ مَـا لاَفَـتْ سَمَاء ولاَ أَرْضَــا

فَلَـوْ كُنْتِ تَنْوِينَ القَضَـاءَ لِدَيْنِنَــا … لَأَنْسَأْتِ لِي بَعْضَا وَعَجَّلْتِ لِي بَعْضَـــا

وقال آخر أنشده ابن الزبير:

أَلاَ لَيْـــتَ النَّـهَارَ يَعُــودُ لَيْـلاً … فَــإِنَّ الصُّبْـحَ يَــأْتِي بالهُـمُومِ

حَوَائِــجُ مَــا نُــطِيقُ لَهَا قَضَاءً … وَلَا دَفْــعاً وَرَوْعَــاتُ الغَرِيــمِ

كان يقال: الدَّيْن همٌّ بالليل، وذل بالنهار، وإذا أراد الله أن يذل عبده جعل في عنقه ديناً.

أنشدنا الصُّولي لسليمان بن وهب متمثلا:

مِــنَ النَّاسِ إِنْسَانَانِ دَيْني عَلَيْهِمَـا … مَلِيَّانِ لَـوْ شَـاءَا لَقَـدْ قَضَيَانِي

خَلِيليََّ أمَّـــا أمُّ عَمْـرو فَمِنْهُمَــا … وأمَّـا عَنِ الأُخْرَى فَلاَ  تَسَلاَنِي

 

  بَهجة المجالس وأنسُ المُجالس وشحذ الذاهِنُ والهَاجسُ، باب الدَّيْن (1/224)، لأبي عمر يوسف بن عبد الله النمري القرطبي المشهور بابن عبد البر(ت463هـ)، تحقيق: محمد مرسي الخولي، نشر دار الكتب العلمية- بيروت.

انتقاء: د.عبد اللطيف الجيلاني.

Science

الدكتور عبد اللطيف الجيلاني

  • رئيس مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بالرابطة المحمدية للعلماء بالرباط.
  • أستاذ التعيم العالي بكلية الآداب عين الشق بالدار البيضاء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق