وحدة الإحياءدراسات محكمة

الديانات السماوية وحقوق الإنسان

يزداد الحديث اليوم عن حقوق الإنسان حتى كاد الدفاع عن الحقوق الإنسانية والحريات الأساسية يصبح ثابتا من ثوابت. وأصبحت الأحزاب والمؤسسات، بل والدساتير الوطنية أيضا تعمل على إبراز هذه الحقوق وتأكيدها. فلقد صار مبدأ احترام حقوق الإنسان أحد المعايير المهمة في تحديد العلاقات الدولية، وكذلك في قياس التطور السياسي لأي مجتمع، وقد يتخذ مقياس النمو أو تلبية الحاجات الأساسية التي تستخدم في تحديد مستوى تطور الدول اقتصاديا وماديا.

وقد عالج البيان الختامي الصادر عن اجتماع قمة مجلس الأمن الدولي المنعقد في 31/1/1992م، موضوع حقوق الإنسان بوصفه جزءا من السلم والأمن الدوليين، الأمر الذي يجيز للمجلس ممارسة صلاحياته بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. بمعنى أن أي انتهاكات لحقوق الإنسان تناقش على أنها من باب تعريض السلم والأمن الدوليين للخطر والتهديد..

هذا فضلا عن تحميل الأفراد المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان المسؤولية الشخصية إضافة إلى المسؤولية الدولية، مما يعد مؤشرًا مهماً للوضع الدولي الجديد وأبعاده الرامية إلى توظيف مبادئ وشعارات حقوق الإنسان لتدعيم غاياته وأهدافه[1]. وبهذا اكتسب مفهوم حقوق الإنسان عالمية جديدة ذات فعالية أكبر بعد أن كان مجرد شعار تتضمنه مواثيق الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية[2].

الأمر الذي يدعو للتأكيد، أن هذا المسار العالمي آخذ في الصعود، بدليل أن ما طرح في العقود الأخيرة لم يكن مألوفا من قبل؛ فالمسيرة الإنسانية حول حقوق الإنسان استقطبت دولا وحكومات، وباتت متقدمة في طروحاتها وفاعليتها، وبتنا نشهد قيام هيئات ولجان وجمعيات، دولية وإقليمية ووطنية محلية، معنية بحقوق الإنسان ومدافعة عنها على أكثر من صعيد[3].

لكن على الرغم من كل التشريعات والمواثيق والمنظمات الدولية الإقليمية التي تدعي نصرة حقوق الإنسان وما تصدره من تقارير، فإن حقوق الإنسان لم تواكب هذا التطور.

والحاصل، أن أزمة حقوق الإنسان، اليوم، تتمثل، من ضمن ما تتمثل، في عدم إعادة الاعتبار للقيم الدينية ودورها في معالجة الخلل وتحرير الإنسان واسترداد كرامته. وتشتد الحاجة أكثر فأكثر، حيث الانتهاكات الفاضحة لحقوق الإنسان والفلسفات المنحازة لصالح الهيمنة والتسلط، إلى بيان دور الأديان في التحرير وتحقيق مبدأ المساواة الذي يعد أساس حقوق الإنسان، واستشعار المسؤولية تجاه الإنسان حيثما كان. فما هي مواقف الرسالات السماوية من جوهر حقوق الإنسان؟

من هنا كان الحديث عن حقوق الإنسان في الأديان. أما الحديث عن الشق الآخر، وهو إشكالية الخصوصية والعالمية في قضية حقوق الإنسان، فيأتي نتيجة ما أثارته فكرة العالمية في مجال حقوق الإنسان من انتقادات وردود، وصلت في بعض الأحيان إلى الرفض تشبثا بالخصوصيات الثقافية.

أولا: دور الأديان في ترشيد منظومة حقوق الإنسان المعاصرة  

لا شك أن من أهم إنجازات الفكر الإنساني المعاصر، المراجع المقررة في حقوق الإنسان؛ والهادفة إلى حماية الإنسان من كل أشكال القهر والتسلط والعدوان التي يمكن أن يمارسها إنسان على آخر، أفرادا أو جماعات، وتتمثل تلك المراجع في كل الإعلانات العالمية والمواثيق الدولية أو المحلية المهتمة بحقوق الإنسان.

بيد أن الناظر إلى مرجعيات هذه الإعلانات والفلسفات النظرية المؤطرة لكثير من الحقوق المندرجة تحتها، وإلى أشكال التطبيق والتنفيذ المعاصرة داخل القطر الواحد، أو بين  الأقطار والشعوب المختلفة، يلحظ أن ثمة مشكلات بنيوية تسهم في جعل تلك الإعلانات غير متحققة بمقاصدها وغاياتها.

إن “الانتكاسة” التي تعرفها حقوق الإنسان في عالمنا المعاصر، ترجع في جانب مهم منها إلى عدم النظر إلى الحقوق من الجهة الأولى، إلا باعتبار المصلحة الذاتية والمردودية والإنتاجية والأداء الكمي الذي بشر به العصر الصناعي على حد تعبير إريك فروم. ونجد تفسير هذا  في مذهب المنفعة الذي يمثل الأساس النظري للديمقراطية الليبرالية الذي ينص على أنه “مبرر أخلاقيا أن يتصرف الفرد في ضوء مصالحه، وأنه كلما فعل الفرد هذا أكثر عاش حياة أفضل[4].”

وعليه؛ وبناء على ما سبق لا يمكن إلزام الإنسان باحترام حقوق غيره إذا لم يكن يرى في ذلك منفعة أو مصلحة ذاتية. ليصح إطلاق المذهب الأناني الذي روج له ” توماس هوبز” على مذهب المنفعة. ولقد كان الإنسان في كينونته الإنسانية هو المتضرر الأول من هذا التوجه الفلسفي في إقرار هذه الحقوق؛ إذ انتقل من مركز الاستخلاف والسيادة في الكون من خلال القيم و الأخلاق الفطرية فيه؛ إلى مركز التبعية والذوبان في منظومات قيمية وأخلاقية “اصطناعية” بديلة، الفعل فيها لا يعتبر صحيحا أو غير صحيح بذاته بل بناء على نتائجه.

ثم لم ينظر كذلك إلى تلك الحقوق من الجهة الثانية؛ بطريقة معيارية عادلة… فتكون الحقوق  بذلك غير خادمة للإنسان إلا من حيث كونه إنسانا بغض النظر عن كل التصنيفات والتقسيمات…

لقد كان لاستبعاد الدين والفلسفات الدينية عن هذا المجال، أثره البالغ في إفقار تلك الإعلانات من مضامينها الإنسانية العميقة. وأنه مهما يكن اجتهاد الإنسان في البحث عن سعادته فإن جهده هذا يبقى قاصرا بحكم نسبتيه ومحدودية معرفته في إدراك غايات ومقاصد الخلق التي لا سبيل إليها إلا من خلال الأديان، الأديان بما هي وضع إلهي يرشد إلى الحق في الاعتقادات وإلى الخير في السلوك والمعاملات.

ونحن إذ نؤكد على أهمية ودور الأديان في تفعيل وترشيد وتصويب منظومة الحقوق؛ نؤكد كذلك على المشترك بين الأديان في هذا الاتجاه، تغليبا له على دائرة الاختلاف التاريخي التي تحكمت في تفسير النصوص وتأويلها بين مختلف الفرق والمذاهب. فالأصل في الأديان أنها لسعادة ومصالح العباد في المعاش والمعاد.

كما نؤكد كذلك على أن دائرة المشترك بين الأديان وبين إعلانات حقوق الإنسان الدولية واسعة. وأن البناء المرجعي  لفلسفات الحقوق على أسس دينية مشتركة يكسبها أبعاد تفعيلية إضافية، كما يحول دون كثير من أشكال الإجحاف والظلم والتمييز الموجودة في المرجعيات المادية المتمركزة. ونعتقد أن تفعيل البعد الديني بإمكانه أن يسهم في تنقيح الحقوق نفسها، وتصحيح مسار المشكلات النفسية والاجتماعية المدمرة للإنسان، والتي هي إحدى إفرازات التطور الفلسفي المادي المحض.

ليس المراد أخيرا من هذا التوجه العودة إلى فلسفات ونزعات دينية مغلقة تقيّد أكثر مما تحرر، وتضر أكثر مما تنفع. بل المراد رد الاعتبار إلى الحالة الوسط السواء والمتوازنة التي ينبغي أن يكون عليها الفرد والمجتمع، والتي تسهم في صوغها الأديان توجيها وإرشادا إلى الأصلح وفقا لغايات ومقاصد الوجود الإنساني، وتسهم فيها كذلك العلوم والمعارف المكتسبة في كل عصر بما يحقق التطور والتنمية والتحديث لصالح الإنسان كل إنسان، من غير تحيزات أو تمركزات خفية أو معلنة[5].

وغرضنا في هذا البحث بيان  أهمية ودور الأديان في تفعيل وترشيد وتصويب منظومة الحقوق المعاصرة؛ من خلال التأكيد على أن الديانات السماوية تأتي على رأس المصادر التي عنيت بالإنسان… ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا، في هذا الخصوص إن ما تم التنصيص عليه، مثلا، في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948م، وفي العديد من الإعلانات والمواثيق  التالية ذات الصلة بحقوق الإنسان، بشأن عدم جواز التمييز في المعاملة بين الأفراد لأسباب متعلقة بالجنس أو الأصل الوطني، أو العرقي أو الانتماء السياسي، ما هو إلا أمر كاشف عما نصت عليه، قبلا، هذه الأديان السماوية. إذ تلتقي الرسالات التوحيدية الثلاث: اليهودية، المسيحية والإسلام حول احترام الإنسان عامة، والدعوة إلى تحقيق الكرامة الإنسانية، والمساواة التي تعد أساس الحقوق جميعا.

 ونأتي بهذا البيان بعرضنا لبعض النصوص التوراتية والإنجيلية المؤكدة لبعض الحقوق الإنسانية مع تسجيل بعض ملاحظاتنا بخصوص الفلسفة الحقوقية  لكل من الديانتين اليهودية  والمسيحية. وبالحديث عن الفلسفة الحقوقية في الإسلام باعتباره الدين الخاتم المصدق المهيمن الحافظ لتراث من سبقه واستمرارا له.

1. حقوق الإنسان في اليهودية

انطلقت التشريعات اليهودية من صحف موسى، عليه السلام، التي سماها القرآن بهذا الاسم في قوله تعالى: ﴿إن هذا لفي الصحف الأولى. صحف إبراهيم وموسى﴾ (الأعلى: 18-19)، ومن الألواح التي جاء ذكرها في سفر التثنية: “هذه هي الوصايا التي كلم الله بها وكتبها على لوحي الجبل وسلمها إلي”[6]، وقد تحدث عنها القرآن في عدد من السور والآيات،  ومنها ما جاء في سورة الأعراف: ﴿وكتبنا له في الاَلواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء﴾ (الأعراف: 145). وفي الأعراف، أيضا، قوله تعالى: ﴿ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون﴾ (الأعراف: 154).

والوصايا المشار إليها هي الوصايا العشر التي كلم الله بها موسى، وهي تتضمن احترام بعض حقوق الإنسان كحقه في الحياة الذي جاء في صيغة النهي عن القتل: “لا تقتل”، وحق صون الملكية الذي جاء في صيغة النهي عن المس به: “لا تسرق”، وفي صيغة “لا تشته بيت أحد ولا حقله ولا عبده ولا أمته ولا ثوره ولا حماره ولا شيئا مما لسواك”، وفي النهي عن الكذب الذي قد يرتكب لإنكار حق الغير وإضاعته أو الإسناد ظلم”[7]. وقد تضمن سفر التثنية العديد من الحقوق الإنسانية الأخرى من ذلك:

أ. الحقوق الدينية

الحق في البراءة الأصلية وعدم تحمل أوزار الغير “لا يقتل الآباء عن الأولاد، ولا يقتل الأولاد عن الآباء، كل إنسان بخطيئته يقتل”[8].

ب. الحقوق الأسرية

حق الوالدين في الإحسان إليهما وإكرامهما؛ “أكرم أباك وأمك كما أوصاك الرب إلهك لكي تطول أيامك[9]“.

ج. الحقوق الاجتماعية

حق الفقراء والمحتاجين في المساعدة والمواساة: “وإن كان فيك فقير، أحد من إخوتك… فلا تقس قلبك ولا تقبض يدك عن أخيك الفقير، بل افتح يدك واقرضه مقدار ما يحتاج إليه”[10].

د. الحقوق الاقتصادية

حفظ الإنسان في حقوقه المالية وذلك بالنهي عن:

 الربا: “لا تقرض أخاك بربا، ربا فضة أو ربا طعام”[11].

الغش: “لا يكن لك في كيسك أوزان مختلفة كبيرة وصغيرة… وزن صحيح وحق يكون لك… كل من عمل غشا مكروه لدى الرب إلهك”[12].

الرشوة: “ولا تأخذ رشوة فإن الرشوة تعمي أعين الحكماء”[13].

ﻫ. الحقوق السياسية والمدنية

ـ الحق في التنقل والهجرة: “تحولوا وارتحلوا”[14].

ـ الحق في المحاكمة العادلة: “وأمرت قضاتكم في ذلك الوقت قائلا: اسمعوا بين أخويكم واقضوا بالحق بين الإنسان وأخيه ونزيله”[15].

ـ الحق في المساواة: “للصغير كالكبير تسمعون، لا تهابوا وجه إنسان”[16].

ـ الحق في الحرية: “أنا هو الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر من بيت العبودية”[17].

ـ الحق في التعليم: “وتحرص أن تعمل حسب كل ما يعلمونك”[18].

ـ الحق في القصاص: “لا تشفق عينك، نفس بنفس، عين بعين، سن بسن، يد بيد، رجل برجل..”[19].

ـ الحق في العمل: “ستة أيام تشتغل وتعمل جميع أعمالك”[20].

ـ الحق في العطلة والراحة: “وأما اليوم السابع فسبت للرب إلهك، لا تعمل فيه عملا ما، أنت وابنك وابنتك وعبدك وأمتك وثورك وحمارك وكل بهائمك، ونزيلك الذي في أبوابك لكي يستريح عبدك وأمتك مثلك”[21].

بناء على ما سبق نؤكد أن اليهودية قد أسهمت بشكل كبير في ترسيخ قيم حقوق الإنسان من منطلق ما أوصت به من حقوق، وما دعت إليه من وجوب حمايتها من كل اعتداء.

غير أنه وفي اللحظة هاته يتوجب علينا الإجابة عن سؤالين مهمين حتى يتسنى لنا فهم منطق اليهودية في الدفاع عن حقوق الإنسان.

أولهما؛ هل شريعة موسى احتفظت بخاصية الرحمة والموعظة التي وصفها القرآن بها، أم اكتسبت صفات أخرى مناقضة لذلك؟

ثانيهما؛ هل الحقوق التي أقرتها التوراة مطلقة تشمل كل الناس، أم أنها خاصة ببني إسرائيل؟

الجواب عن السؤال الأول: بالسلب قطعا؛ إذ بقراءتنا لسفرين من أسفار العهد القديم، وهما سفر التثنية وسفر العدد. يتبين أن شريعة موسى تحولت من شريعة الرحمة كما وصفها القرآن إلى شريعة الإصر والأغلال والحرج والمشقة والأخذ بقوة والتشديد على الناس… وفي هذا اعتداء على حقوق الإنسان وحط من كرامته[22].

أما بخصوص السؤال الثاني: فإن ما أقرته اليهودية من حقوق للإنسان هي خاصة ببني إسرائيل من اليهود دون غيرهم، وليست شاملة لكل الناس، إذ تضمنت التوراة نصوصا، أخلت بإطلاقها وجعلت النص الأول منحبسا في قيود أفرغته من محتواه.

2. حقوق الإنسان في المسيحية

على النقيض من هذا نجد المسيحية قد التزمت الوصايا العشر، وأضافت إليها مبادئ مسيحية جديدة، تدعو في عمومها، إلى تكريم الإنسان وحفظ حقوقه، وتحث على إقامة المحبة، ونشر العدل والتراحم بين الأفراد والجماعات وتشجع على المساواة والتآخي بين الناس، استنادا إلى المعتقد المسيحي القاضي بأن البشر إخوة انطلاقا من أبوتهم الواحدة وعن ذلك نقرأ في إنجيل متى: “إنهم جميعا إخوة، ولا تدعوا أحدا أبا لكم في الأرض لأن لكم أبا واحدا هو الأب السماوي”[23].

انطلاقا من هذا الاعتبار نجد المسيحية قد تكررت دعواتها بضرورة تمتيع الإنسان بحقوقه كاملة غير منقوصة، وللتدليل نورد النصوص التالية:

أ. الحقوق الدينية

حرية الاعتقاد: “أنا النور الذي جاء إلى العالم، فكل من آمن بي لا يقعد في الظلام، من يسمع كلامي ولا يعمل به، فأنا لا أحكم عليه، لأني جئت، لا لأحكم على العالم، بل لأنقذ العالم، من يرفضني ولا يقبل كلامي، له من يحكم عليه، رسالتي التي أنادي بها ستحكم عليه في اليوم الآخر”[24].

ب. الحقوق الأسرية

حق الزوج على زوجته: “كذلك أيها الزوجات اخضعن لأزواجكن حتى وإن كان الزوج غير مؤمن بالكلمة. تجذبه زوجته إلى الإيمان بتصرفها اللائق دون كلام، وذلك حين يلاحظ سلوكها الطاهر ووقارها[25]“، فسارة، مثلا، كانت تطيع زوجها، وتدعوه سيدي، والمؤمنات التي يقتدين بها يتبين أنهن بنات لها”[26].

حق الزوجة على الزوج: “وأنتم أيها الأزواج إذ تساكنون زوجاتكم عالمين لأنهن أضعف منكم، أكرموهن باعتبارهن شريكات لكم في وراثة نعمة الحياة لكي لا يعوق صلواتكم شيء”[27].

حق الوالدين على الأبناء إكرامهما والإحسان إليهما “أكرم أباك وأمك”[28]، “قال الله أكرم أباك وأمك، ومن لعن أباه أو أمه فموتا يموت”[29].

3. الحقوق السياسية والمدنية

الحق في الحياة: عن طريق النهي عن القتل “لا تقتل”[30].

قال “يسوع للكتبة أسألكم سؤالا: أيحل في السبت فعل الخير أم فعل الشر؟ تخليص النفس أم إهلاكها”[31]، “سمعتم أنه قبل لآبائكم: لا تقتل فمن يقتل يستوجب حكم القاضي، أما أنا فأقول لكم، من غضب على أخيه استوجب حكم القاضي”[32].

ـ الحق في العدل: “قال عيسى عملت عملا واحدا في يوم السبت فانزعجتم كلكم، موسى أمركم بالختان ولذلك فأنتم تمارسون الختان حتى في يوم السبت لئلا تخالفوا شريعة موسى… فهل تغضبون علي لأني شفيت إنسانا بكامله في يوم السبت لا تحكموا بحسب الظاهر بل احكموا بالعدل”[33].

ـ الحق في المساواة: “فلا فرق بين اليهودي واليوناني لأن للجميع ربا واحدا”[34].

ـ الحق في الحرية: “تصرفوا كأحرار حقا لا كالذي يتخذون من الحرية ستارا لارتكاب الشر”[35].

ـ الحق في التعليم: فمثلا في إنجيل مرقس وحده وردت كلمة يعلم (15 مرة)، ودعي المسيح معلما (12 مرة)، ليس فقط من تلاميذه، وجموع الشعب، وإنما حتى من أعدائه والمقاومين له. من هذه النصوص، “تم خرج أيضا إلى البحر وأتى إليه كل الجمع فعلمهم”[36].

ـ الحق في التعبير: “وكان كل سبت يناقش الحاضرين في المجمع لإقناع اليهود واليونانيين”[37].

ـ الحق في العمل: “ولما جاء المساء قال صاحب الكرم لوكيله ادع العمال كلهم وادفع لهم أجورهم”[38] “إن العامل يستحق طعامه”[39].

ـ الحق في الإرث: “ما دمنا أولادا فنحن أيضا وارثون”[40].

بالإضافة إلى هذه الحقوق فقد طبع تعاليم المسيحية عموما التسامح حيث نقرأ: “أحبوا أعداءكم وأحسنوا إلى مبغضكم، وباركوا لاعنيكم وصلوا واستغفروا للمسيئين إليكم. ومن ضربك على خدك فحول له الآخر”[41].

“والمحبة صنو المسيحية في مدلولاتها الاجتماعية والإنسانية، بدءا من حياة الطفل وتكوين الأسرة، لذلك ثمة تأكيدات على الكرامة الإنسانية، والحرية والمساواة بين البشر، ولا فرق بين الرجل والمرأة لأسباب جنسية، فكلاهما مدعو لتغيير وجه الأرض، وكلاهما كائن عاقل وحر”[42].

إجمالا، فالمسيحية كانت أكثر من اليهودية دعوة إلى احترام حقوق الإنسان، وحرصا على حفظ كرامته، إلا أنه وقبل إنهاء الحديث عن حقوق الإنسان في المسيحية ينبغي التأكيد هاهنا على ملاحظتين:

أولهما؛ أن الفلسفة الحقوقية في المسيحية عصية الفهم صعبة الضبط، فهي، وبالنظر إلى ما ذكر، قد تبدو مكرمة للإنسان محافظة على حقوقه في عقيدته واجتماعه، وفكره،  ومعاملاته المادية والأخلاقية والأسرية. لكن بقراءة الأناجيل تصادفنا نصوصا عديدة تنقض نقضا صريحا تلك الحقوق وتلغيها.

ولاشك أن هذا التناقض بين نصوص الأناجيل بل الإنجيل الواحد مرده إلى التحريف والهوى الذي سيطر على قلوب أولئك الذين كتبوا تلك الأناجيل.

ثانيهما؛ أن الكنيسة، وخصوصا في العصور الوسطى[43]، كانت تمارس باسم الدين الوصاية على الدين نفسه وعلى الدولة، فاتسمت ممارستها بالظلم والقهر والتعسف والتطرف في كل شيء:

ـ التطرف في الوصاية على الدين: باحتكار فهمه وتفسيره وزعم الاستمداد المباشر من الله أو من المسيح (صكوك الغفران، تكفير الخطايا، حجز مقاعد في الجنة…).

ـ التطرف في السياسة: بامتلاك حق تعيين الملوك أنفسهم أو تنحيتهم وإقرار النظم والتشريعات التي تخدم مصالح الكنيسة أولا.

ـ التطرف في الإقطاع: بامتلاك الأراضي الشاسعة والقصور الفخمة وآلاف الرقيق، وفرض الضرائب والمكوس والإتاوات.

ـ التطرف في الانحلال الخلقي وشيوع مظاهر الإدمان والشذوذ إلى درجة وصلت معه الأوساط الفكرية إلى القول بأن رجل الجيش أرقى خلقا من رجل الدين.

ولحماية هذه الأشكال من التطرف عمدت الكنيسة إلى رصد مؤسساتها الضخمة المعروفة بمحاكم  التفتيش المجهزة بكل أنواع التصفية والتعذيب لمتابعة وملاحقة المخالفين من رجال العلم والفكر والدين… بوحشية وهمجية شديدة ضاعت معها حقوق الإنسان.

أمام بشاعة جرائم الكنيسة وفظاعتها، وتعدد فضائحها كانت هناك ثورة عارمة وعلى كل الأصعدة، فجاء الرد بالتطرف ضد الدين وفي كل التيارات المادية والإلحادية التي ظهرت بحجم الاستبداد والطغيان والتسلط، وباختصار بحجم التطرف الكنسي ذاته مما قاد أوروبا لاحقا إلى ثورات متتالية تناولت بآثارها كافة مناحي الحياة، وأسست لعصر النهضة ولنشوء التيارات الإصلاحية ثم العلمانية”[44].

4. حقوق الإنسان في الإسلام

“يمكن القول دون جدال إن أبرز ما يشخص حقوق الإنسان في الإسلام، وما يتميز به الإسلام عما عداه في مجال إقرار الحقوق، وهو ما أقره الله للإنسان، منذ أن بدأ خلقه، من حقوق التكريم لجنسه وتفضيله على من سواه، وتسخير ما في الأرض والسماوات والفضاءات لخدمته، واستخلافه في الأرض نيابة عنه لإصلاحها واستثمارها.

لقد ضمن الله لجنس البشر حق تكريمهم، أو بتعبير العصر ضمن لهم حق الكرامة، عند ما قال سبحانه في كتابه الكريم: ﴿ولقد كرمنا بني ءادم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا﴾ (الإسراء: 70).

ونلاحظ أن مفهوم التكريم الذي أشارت إليه الآية الكريمة لم يحدد فئة معينة لهذا التكريم كأن يكونوا من عنصر أو جنس أو لون معين، بل لم تشر الآية إلى عقيدة الإنسان، وإنما أشارت إلى كونه إنسان مكرم لذاته الإنسانية. كما أن الرؤية الإسلامية لحقوق الإنسان تنطلق من كونه إنسانا مستخلفا من الله، سبحانه وتعالى، لعمارة الأرض، لقوله تعالى: ﴿وهو الذي جعاكم خلائف الاَرض﴾ (الأنعام: 165)، ﴿وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الاَرض خليفة﴾ (البقرة: 29).

ولاشك أن من استخلفه الله، سبحانه وتعالى، وأكرمه يستحق من الحقوق ما يمكنه من أداء هذه المهمة، وهي عبادته سبحانه وعمارة الأرض، بتنميتها وتطويرها واستثمارها، بما يحقق الرفاه ويوفر حاجات الإنسان كل إنسان “حتى من كفر وضل عن السبيل، فالجنس البشري كيفما كانت عقيدته وتصرفه فوق الأرض، مكرم مفضل (مستخلف) مسخرة له السماوات والأرض وملكوت الله كله”[45].

“وقد طبقت السنة تعاليم الله بتكريم البشر، فلم تدع إلى عنصرية مقيتة، وجاءت لتنهي  عهد التمييز العنصري والإقصاء، إن الإسلام لم يصنف البشر فصائل وأنواعا، فلا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود، ولا تفاخر بالأنساب، فالعمل الفاضل هو الأزكى والأطهر: ﴿إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾، وخلاف ذلك عودة إلى الجاهلية التي أتى الإسلام ليهدم أسسها، ويهد أركانها، وليقيم على أنقاضها ثورة تحررية قوامها تحرير الإنسان من الخضوع والذل أمام سلطة الأرض، وربطه بسلطة السماء. أليس شعار الإسلام الخالد هو الله أكبر؟ ونعمة تحرير الإنسان على هذا الشكل أعظم حقوق الإنسان.

إن القوانين الدولية أو المواثيق التي أعلنت حقوق الإنسان في الغرب، إنما كانت تستهدف ترسيخ تمتعه بحق الكرامة الذي يسمى في الإسلام بحق التكريم إذ يمكن إرجاع كل حق من الحقوق التي تتحدث عنها هذه الوثائق إلى هذا الحق الأسمى. أليس حق الإنسان في تمتعه بالحريات العامة، ورد الاعتبار إلى شخصيته، وحمايته من الظلم التي جاءت بها الدساتير، والمواثيق، وإعلان الحقوق سواء حديثة العهد أو المعاصرة، وركز عليها النظام الديمقراطي الغربي، أليس كل ذلك إلا جزءا من حق التكريم أو الكرامة؟

وقد اهتم الإسلام بتخويل حق تكريم الإنسان للمؤمنين، ولأهل الكتاب والمعاهدين وأهل الذمة، ولمن عاش في دار الإسلام على أي دين ومن أي جنس، والتزم النبي به في دستور الصحيفة، وسهر على تطبيقه نصا وروحا، وسار على هديه الخلفاء في عهود الإسلام المشرقة التي لم تهضم لا كرامة المؤمنين، ولا كرامة الجاحدين، وتعامل بمفهومها المسلمون مع غيرهم في الحرب والسلم وفي عهود الانتصار وعهود الانحسار”.

إلى جانب انطلاق فكرة حقوق الإنسان في الإسلام من مبدئي الكرامة والاستخلاف،  تنطلق من مبدأ المساواة المقرر في قوله عز وجل: ﴿يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾ (الحجرات: 13).

يقول صاحب الرسالة، صلى الله عليه وسلم، وهو يخطب الناس في حجة الوداع: “أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أبيض ولا لأبيض على أحمر فضل إلا بالتقوى، ألا هل بلغت  اللهم فاشهد، ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب”[46].

إنها أهم دعامة في حقوق الإنسان؛ إنها المساواة، فالناس كافة متساوون في القيمة الإنسانية المشتركة وهي الجوهر، وإذا كان هناك اختلاف في المظهر كالجنس واللون والمعتقد والأصل والقبيلة، فهذا الاختلاف مدعاة للتعارف والتآلف لا للجفاء والتناكف، بحسب منطوق الآية 13 من سورة الحجرات وبحسب الحديث أعلاه.

وانطلاقا من هذه المساواة المطلقة بين الناس كافة في القيمة الإنسانية المشتركة، يجعل الإسلام المساواة بين الناس في جميع الحقوق الأخرى؛ كالحقوق العامة والحقوق المدنية والحقوق الاجتماعية  والاقتصادية أمرا مفروضا مفروغا منه. فلا يجوز التمييز بين الناس لفروق مفتعلة فالناس، في الإسلام كأسنان المشط، فلا عنصرية ولا تمييز[47].

لكن تبقى الإشكالية اليوم، حتى في المجال الإسلامي، وهنا مكمن الخطر، هو الاكتفاء بالجدال والمناقشة والحوار حول حقوق الإنسان والحديث عن عظمة ما جاء به الإسلام، بدل وضع البرامج والأطر وإقامة مراكز التدريب التي تعود وتؤهل لممارستها.. فالمؤسف، حقا، أن معظم المجتمعات الإسلامية اكتفت بالحديث عن دور القيم الإسلامية في تأسيس وتأصيل حقوق الإنسان، دون وضع الخطط والبرامج لممارستها عمليا في حياتنا، وحياة الناس، فأصبحت دعواها بلا دليل.

ثانيا: إشكالية الخصوصية والعالمية في قضية حقوق الإنسان

مع المتغيرات العالمية الجديدة زاد التركيز على عالمية حقوق الإنسان، وأصبحت حقوق الإنسان جزءا من القانون الدولي بوجود أكثر من 100 معاهدة واتفاقية وعهد دولي وافقت وصادقت عليها معظم دول العالم. وأصبحت هذه الاتفاقيات مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هي المرجعية الدولية لحقوق الإنسان. وعندما نتكلم عن عالمية حقوق الإنسان، فالمقصود هو هذه المنظومة من العهود والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

وفكرة العالمية في مجال حقوق الإنسان هي الأساس في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي على أساسها انتقلت حقوق الإنسان من مجرد شأن من الشؤون الداخلية لتصبح جزءا من القانون الدولي. وتاريخ حقوق الإنسان، وتجربة الأمم المتحدة وممارسات الأمم المتحدة ومن قبلها عصبة الأمم تؤكد عالمية الحقوق، كما أن جميع الدول أعضاء الأمم المتحدة بمجرد انضمامها إلى المنظمة الدولية ألزمت نفسها بمبدأ عالمية الحقوق الواردة في ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ومن هنا اتخذت العالمية في مجال حقوق الإنسان أهمية خاصة[48].

الفرق بين العالمية والعولمة في مجال حقوق الإنسان:

هنا ينبغي التفريق بين العولمة والعالمية في مجال حقوق الإنسان؛ فإذا كانت العولمة تثير مخاوف هيمنة الدول الأقوى، وبخاصة في مجال الثقافة، فإن العالمية تختلف عن ذلك، لأنها تقدم مفاهيم شاركنا وشارك المجتمع الدولي في صياغتها، وتهدف إلى تحقيق اتفاق بين المنتمين إلى الحضارات المعاصرة المختلفة حول عدد من الحقوق والحريات، ويوفر لها عالميا مزيدا من الضمانات وآليات الحماية ويحقق انسجاما وتعايشا بين الثقافات المختلفة بإيجاد أساس أخلاقي وقانوني مشترك يمكن أن يتسع معه وبسببه التعاون والاعتماد المتبادل بين أبناء تلك الحضارات[49].

ينتصر لهذا الرأي محمد عابد الجابري؛ حيث يذهب إلى أن العولمة إرادة للهيمنة وبالتالي قمع وإقصاء للخصوصية. أما العالمية، فهي طموح إلى الارتفاع بالخصوصية إلى مستوى عالمي. العولمة احتواء للعالم، والعالمية تفتح على ما هو عالمي وكوني… العالمية طموح مشروع ورغبة في الأخذ والعطاء في التعارف والحوار والتلاقح… أما العولمة، فهي طموح بل إرادة لاختراق “الآخر” وسلبه خصوصيته، وبالتالي نفيه من “العالم”، العالمية إغناء للهوية الثقافية، أما العولمة فهي اختراق لها وتمييع… العولمة نظام يعمل على إفراغ الهوية الجماعية من كل محتوى ويدفع للتفتيت والتشتيت ليربط الناس بعالم اللاوطن واللاأمة واللادولة، أو يغرقهم في أتون الحروب الأهلية[50].

والواقع أن التفرقة التي جاءت بها هذه الأطروحة بين ما هو عالمي وعولمي هي ما ينطبق على واقع التعاطي مع حقوق الإنسان منذ مطلع التسعينات من القرن المنصرم الذي يشهد تسارع الانتقال من المحور الأول المتعلق بالعالمية؛ (أي عالمية حقوق الإنسان)، إلى المحور الثاني المتعلق بالعولمة، التي تحاول من خلاله بعض الأوساط الدولية طرح فهمها لصيغة التفاعل مع حقوق الإنسان، وحث المجتمع الدولي على تبنيه باعتباره المفهوم الأصلح والأقدر على البناء، ولعل ذلك مما نلحظ بوادره فعلا[51] من خلال:

ـ تراجع دور الجدل التقليدي المتمحور حول العالمية بالنسبة إلى حقوق الإنسان.

ـ اتجاه الأوساط الغربية نحو محاولة تعميم “الفهم الغربي لحقوق الإنسان” مستخدمة في ذلك شتى الوسائل[52].

بعد هذا الاستطراد الضروري، نعود فنقول: إنه ورغم الأهمية الخاصة التي اتخذتها فكرة العالمية في مجال حقوق الإنسان، إلا أن ذلك لم يكن حائلا دون توالي العديد من الانتقادات الموجهة إلى هذه الفكرة من كافة التيارات الفكرية، مما سمح بوجود قراءات متناقضة لحقوق الإنسان: القراءة الغربية (الرأسمالية والاشتراكية)، والقراءة الإسلامية.

وتعدد القراءات الناقدة لفكرة عالمية حقوق الإنسان؛ مؤشر على  إشكال الخصوصية في هذا المجال، والذي مرده إلى التنازع في التصور الفكري لحقوق الإنسان، وخاصة بين العالمين الغربي والإسلامي. إذ الاختلاف بين العالمين في قضية حقوق الإنسان واضح من قراءة ديباجة وثائق حقوق الإنسان الإسلامية وديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

فحقوق الإنسان في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تقوم على إرادة الجمعية العامة للأمم المتحدة، والهدف منها خلق شروط حياة اجتماعية على المستوى العالمي. فحماية حقوق الإنسان أمر أساسي “إذا أريد للبشر ألا يضطروا آخر الأمر إلى اللياذ بالتمرد على الطغيان والاضطهاد”. هذا ما تقوله ديباجة الإعلان العالمي مضيفة أن من بين الأهداف المقصود تحقيقها:

ـ الابتعاد عن أعمال أثارت بربريتها الضمير الإنساني”.

ـ تحقيق أسمى ما ترنو إليه نفوس البشر متمثلة “ببزوغ عالم يتمتعون فيه بحرية القول والعقيدة وبالتحرر من الخوف والفاقة”.

ـ “تنمية علاقات ودية بين الأمم”.

هذه إذا دوافع وظيفية يضاف إليها الأهداف المثالية التي تضمنتها المادة الأولى التي تقول: “يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء”. وتبين هذه المادة أن أساس فكرة حقوق الإنسان هو “إنسانية الإنسان” وليس “انتماءه الديني”.

وأعطى البيان العالمي عن حقوق الإنسان في الإسلام لعام 1981م، في ديباجته، أسس حقوق الإنسان: “نحن معشر المسلمين.. من إيماننا بأن الله ولي الأمر كله في الدنيا والآخرة..وأنه وحده يملك هداية الإنسان إلى ما فيه خيره وصلاحه.. تسليمنا بعجز العقل البشري عن وضع المنهاج الأقوم للحياة مستقلا عن هداية الله ووحيه.. نعلن هذا البيان باسم الإسلام، عن حقوق الإنسان، مستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.. إنها حقوق شرعها الخالق سبحانه فليس من حق بشر كائنا ما كان أن يعطلها أو يعتدي عليها..”.

 وهذه الأسس التي يذكرها البيان العالمي عن حقوق الإنسان في الإسلام لعام 1981م مذكورة، وإن كانت بتعابير أخرى، في الإعلان الإسلامي لعام1979م. وهكذا أصبح واضحا الاختلاف بين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والإعلان الإسلامي[53].

يترتب على ما سبق نتيجة مؤداها أنه مع التسليم بحقيقة أن حقوق الإنسان قد أضحت الآن ذات طابع عالمي، إلا أن القبول بذلك، لا يعني بالضرورة نفي الخصوصيات الحضارية والثقافية للشعوب. وبعبارة أخرى، فإذا كان صحيحا أن ثمة قاسما مشتركا على مستوى بعض المفاهيم، فيما بين النظم والثقافات القانونية والسياسية المختلفة، فيما يتصل بقضايا حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، فإن ذلك لا ينفي وجود خصوصيات لا ينبغي، بل وليس من الضروري أو من المصلحة، إغفالها أو التغاضي عنها. وهذه الخصوصيات، قد يكون مصدرها القيم الدينية السائدة مثلا: رفض فكرة المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة في الشريعة الإسلامية، أو في النظام العام والآداب مثلا: الحرية الجنسية أو حقوق الشواذ.

غاية القول، إذن، أن الاعتراف بالخصوصيات الثقافية والحضارية، فيما يتصل بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، لا ينبغي النظر إليه، بأي حال من الأحوال، باعتباره مناقضا لمبدأ العالمية الذي يجب أن ينصرف فحواه، في رأينا، إلى ذلك القدر المشترك المتمثل في وجود مصلحة إنسانية للجميع في الارتقاء بالحقوق والحريات العامة، وإنما يجب النظر إليه بوصفه يمثل إضافة مهمة في هذا الشأن. فالتوكيد على مثل هذه الخصوصيات وعدم استبعادها من شأنه، ولاشك، أن يفسح الطريق للوصول بحقوق الإنسان والحريات الأساسية فكرا وممارسة إلى درجة أبعد مما يمكن أن يتفق عليه أعضاء الجماعة الدولية عموما.

ولاشك في أن ما تقدم إنما يصدق بدرجة أكبر بالنسبة إلى حالة الشريعة الإسلامية التي وضعت نظاما متكاملا لحماية حقوق الإنسان لا يدانيه أي نظام قانوني وضعي مهما علا في إنسانيته[54].

خاتمة

أولا؛ نسجل أن الرسالات السماوية تبنت بأصالة وشمولية، إقرار حقوق الإنسان وحمايتها كقضية أساسية وجوهرية في سياق هديها لإخراج الناس من الظلمات إلى النور. ونعتقد أن التعريف بما جاء عن حقوق الإنسان في الإسلام والديانات السماوية الأخرى خير ما يخدم رسالة إشاعة ثقافة حقوق الإنسان التي ما تزال في حاجة إلى المزيد من الجهود الفكرية، قصد جعلها منظومة عالمية لا جدال فيها. وما من شك في أن إشاعتها عبر العالم ستعزز بتسليط الأضواء على مرجعيتها الدينية.

ثانيا؛ إن البناء المرجعي لفلسفات الحقوق على أسس دينية مشتركة يكسبها أبعادا تفعيلية إضافية ويسهم في تنقيح الحقوق نفسها وتصحيح مسار المشكلات النفسية والاجتماعية المدمرة للإنسان، والتي هي إحدى إفرازات الأنظمة الوضعية.

ثالثا؛ الخصوصية ليست مناقضة للعالمية، ولكنها في الأصل إضافة؛ بمعنى فتح الطريق للوصول في مجال حقوق الإنسان إلى أبعد ما يمكن أن يتفق عليه المجتمع الدولي، إذا كانت خصوصيتنا تسمح لنا بالانطلاق في هذا الاتجاه. وفي حالة الأمة العربية والإسلامية فإن المجال مفتوح بكل تأكيد باعتبار أن الإسلام جاء في مجال حقوق الإنسان بما يعمق الأبعاد العالمية لهذه الحقوق.

الهوامش

[1]. ثامر كامل محمد، إشكاليتا الشرعية والمشاركة وحقوق الإنسان في الوطن العربي، ضمن كتاب، حقوق الإنسان: الرؤى العالمية والإسلامية والعربية، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، 2005م، ص286-287.

[2]. حيدر إبراهيم علي، التيارات الإسلامية وقضية الديمقراطية، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، 1996م، ص13.

[3]. عدنان السيد حسين، الديمقراطية وحقوق الإنسان بين الشرائع والقوانين، ضمن كتاب، حقوق الإنسان في الوطن العربي، دمشق: دار الفكر، ط1، (1433ﻫ/2002م)، ص150.

[4]. بيتر إدواردز، مستقبل الأخلاق، ضمن كتاب، مستقبل الفلسفة في القرن الواحد والعشرين، تحرير، أوليفر ليمان، ترجمة، مصطفى محمود محمد، الكويت: عالم المعرفة، ع 301، ط1، 2004م، ص100.

[5]. عن الورقة التأطيرية لندوة: حقوق الإنسان في الأديان، تنظيم: كلية الآداب بني ملال والمجلس العلمي المحلي ببني ملال، بتعاون مع مركز دراسات المعرفة والحضارة، ومختبر مقاصد الوحي والتواصل الديني والحضاري، المغرب. مع تصرف يسير.

[6]. العهد القديم، سفر الخروج، الإصحاح20، الفقرات1-17. وكما ورد ذكرها في السفر الخامس المدعو “سفر تثنية الاشتراع”، الإصحاح5، الفقرات5-21.

[7]. العهد القديم، سفر التثنية، الإصحاح 24، الفقرة 16.

[8]. المرجع نفسه، الإصحاح 15، الفقرة 7-8-9.

[9]. المرجع نفسه، الإصحاح3، الفقرة 19.

[10]. المرجع نفسه، الإصحاح3، الفقرة 13-16.

[11]. المرجع نفسه، الإصحاح 25، الفقرة، 13-16.

[12]. المرجع نفسه، الإصحاح16، الفقرة 19.

[13]. المرجع نفسه، الإصحاح01، الفقرة 07.

[14]. المرجع نفسه، الإصحاح 01، الفقرة 16.

[15]. المرجع نفسه، الإصحاح1، الفقرة 17.

[16]. المرجع نفسه، الإصحاح5، الفقرة 6.

[17]. المرجع نفسه، الإصحاح17، الفقرة 10.

[18]. المرجع نفسه، الإصحاح19، الفقرة 21.

[19]. المرجع نفسه، الإصحاح5، الفقرة 13.

[20]. المرجع نفسه، الإصحاح 5، الفقرة 14.

[21]. المرجع نفسه، الإصحاح25، الفقرة11.

[22]. وللتدليل على قولنا نورد، هاهنا، نصوصا نوضح من خلالها نزوع اليهودية نحو الغلو والتشديد والمشقة… من خلال تأكيدها على الإفراط في العقوبة حيث نقرأ في سفر التثنية:

ـ الحكم بقطع يد المرأة التي تدافع عن زوجها في خصومة، “إذا تخاصم رجلان بعضها بعضا رجل وأخوه، وتقدمت امرأة أحدهما لكي تخلص رجلها من يد ضاربه ومدت يدها وأمسكت بعورته فأقطع يدها، ولا تشفقك عينك” (العهد القديم، سفر التثنية، الإصحاح 24، الفقرة 7).

ـ الطرد من جماعة الرب لابن الزنا حتى الجيل العاشر: “لا يدخل ابن زنى في جماعة الرب، حتى الجيل العاشر، لا يدخل منه أحد في جماعة الرب” (العهد القديم، سفر التثنية، الإصحاح 21، الفقرات: 18-21).

ـ الرجم لعاق والديه “إذا كان الرجل ابن عاق ومارد لا يسمع لقول أبيه ولا لقول أمه… يرجمه جميع رجال مدينته بحجارة حتى يموت” (العهد القديم، سفر العدد، الإصحاح 15، الفقرات: 32-36).

ونقرأ في سفر العدد عقوبة:

ـ القتل لمن يكسر العمل في السبت: “ولما كان بنو إسرائيل في البرية وجدوا رجلا يحتطب حطبا يوم السبت: “فقال الرب لموسى: قتلا يقتل الرجل يرجمه بحجارة كل الجماعة” (العهد القديم، سفر العدد، الإصحاح 5، الفقرات: 1-3).

ـ الحكم بالنجاسة والنفي على الإنسان لمجرد حضوره موت إنسان آخر أو لمرضه بالبرص، “أوص بني إسرائيل أن ينفوا من المحلة كل أبرص، وكل ذي سيل، وكل متجنس لميت “الذكر والأنثى تنفون إلى خارج المحلة تنفونهم لكيلا ينجسوا محلاتهم حيث أنا ساكن في وسطهم” (العهد القديم، سفر العدد، الإصحاح 1، الفقرة 51).

كثيرة هي النصوص التي من هذا القبيل، والتي تشدد العقوبة على أفعال صغيرة، مما يفسر هشاشة منظومة حقوق الإنسان في اليهودية فبالقدر الذي تدعو فيه الشريعة الموسوية إلى احترام حقوق الإنسان وحمايتها بقدر حطها من كرامة الإنسان والاعتداء على حقوقه.

[23]. إنجيل متى، الإصحاح23، الفقرات: 8-9.

[24]. المرجع نفسه، الإصحاح 12، الفقرات: 46-48.

[25]. رسالة بطرسI، الإصحاح 3، الفقرات: 1-2.

[26]. المرجع نفسه، الإصحاح 3، الفقرة 6.

[27]. المرجع نفسه، الإصحاح 3، الفقرة 7.

[28]. إنجيل متى، الإصحاح 15، الفقرة4.

[29]. إنجيل لوقا، الإصحاح 18، الفقرة 20.

[30]. المرجع نفسه، الإصحاح 18، الفقرة 20.

[31]. المرجع نفسه، الإصحاح 6، الفقرة 8.

[32]. إنجيل متى، الإصحاح5، الفقرات: 21-22.

[33]. إنجيل يوحنا، الإصحاح 7، الفقرات: 21-24.

[34]. رسالة روما، الإصحاح 10، الفقرات: 12-13.

[35]. بطرس I، الإصحاح 2، الفقرة 16.

[36]. إنجيل مرقس، الإصحاح 2، الفقرة 13.

[37]. أعمال الرسل، الإصحاح 18، الفقرة4.

[38]. إنجيل متى، الإصحاح 20، الفقرة 8.

[39]. المرجع نفسه، الإصحاح 10، الفقرة 10.

[40]. رسالة روما، الإصحاح8، الفقرة 17.

[41]. إنجيل متى، الإصحاح5، الفقرة 38 وما بعدها.

[42]. عدنان السيد حسين، الديمقراطية وحقوق الإنسان بين الشرائع والقوانين، ضمن كتاب، حقوق الإنسان في الوطن العربي، دمشق: دار الفكر، ط1، (1433ﻫ/2002م)، ص153.

[43]. في القرن العشرين عملت الكنيسة بجميع طوائفها، كاثوليكية وبروتستانتية وأرثوذوكسية شرقية، على إغناء ثقافة حقوق الإنسان بما صدر عن قياداتها الدينية من تنظير لهذه الحقوق، وما بذلته من جهد للبحث لها عن مرجعية دينية في تعاليم المسيح والكتب المقدسة، ولاسيما مساهمة البابا إسحاق يوحنا  الثاني، الذي نختم حديثنا عن المسيحية بما قاله في موعظته المعنونة “مخلص الإنسان”، وهو يتحدث عما يهدد إنسان اليوم من أخطار مبعثها ما يلاحظه الجميع، من كون عمل إنسان اليوم يعود عليه أحيانا بمصائب ومضار تصل به إلى حد تخريب الذات. يقول: “إن نشاط الإنسان اليوم يهدد محيطه الطبيعي لأننا نسير في خط تنمية التقنيات التي لا نتحكم فيها، ونفتقد التنمية النسبية التي يجب أن تسود حياتنا الخلقية، وعلينا أن نتساءل هل حقيقة أن هذا التقدم الذي يصنعه الإنسان، ويدافع عنه بكل قواه، يجعل الحياة البشرية على الأرض أكثر إنسانية بجميع المقاييس؟” ويجيب: “ليس هذا عاما بكل أسف في جميع مظاهر الحياة”، ثم يقول: “إن على المسيحيين أن يضعوا هذا السؤال على أنفسهم، لأن يسوع المسيح في جميع تعليمه حسّس العالم بمشكلة الإنسان ودعا الجميع إلى التحسس بكل ما يضر أو يمس بقيمة الإنسان، وحث على تجنبه والابتعاد عنه، وأكد على حرمة قيمة الإنسان وعظما ورفع مكانتها، ومن منطلق إيمان المسيحيين بدعوة المسيح، يلزم عليهم أن يسائلوا أنفسهم وغيرهم عن مشكلة التنمية، وعن مستقبل الملايير من البشر الذين يوجدون اليوم في وضع سيئ، وإن الكنيسة لتعتبر نفسها مسؤولة عن العناية بالإنسان، مسؤولة عن إنسانيته ومستقبله على الأرض، مسؤولة عن تنميته وتطوره وعن حقه في الحياة. وهذه المسؤولية ألقتها عليها تعاليم المسيح المسطرة في الكتب المقدسة، التي تشهد بذلك”.

[44]. عدنان السيد حسين، الديمقراطية وحقوق الإنسان بين الشرائع والقوانين، م، س، ص154.

[45]. سعيد حارب المهيري، حقوق الإنسان في العلاقات الدولية، مجلة الاجتهاد، ع52-53، السنة الثالثة عشر، خريف وشتاء 2001م-2002م، ص134-135.

[46]. المسند أحمد، حديث رجل من أصحاب النبي، رقم الحديث 22978.

[47]. بقي أن نشير إلى أن من مظاهر تقديس الإسلام لحقوق الإنسان عدها من الضرورات الأساسية اللازمة لإنسانيته، ولهذا رفعها إلى مرتبة الواجبات… فالمأكل والملبس والمسكن… والأمن.. والحرية في الفكر والاعتقاد والتعبير… والعلم والتعليم… والمشاركة في صياغة النظام العام للمجتمع والمراقبة والمحاسبة لأولياء الأمور… كل هذه الأمور هي في نظر الإسلام ليست فقط حقوقا للإنسان من حقه أن يطلبها ويسعى في سبيلها، ويتمسك بالحصول عليها ويحرم صده عن طلبها… وإنما هي ضرورات واجبة لهذا الإنسان… بل إنها واجبات عليه أيضا” محمد عمارة، الإسلام وحقوق الإنسان ضرورات لا حقوق، دار السلام، ط1، 2004-2005، ص15-16. كما أن الإسلام لم يجعل تلك الحقوق، وهي تحقيق إنسانية الإنسان، وصايا أخلاقية ومبادئ مثالية، متروكا للأفراد أمر تجسيدها في الواقع، بحيث يمكن انتهاكها وتجاوزها خفية، وإنما ربى الناس عليها، وأقام الوازع الداخلي لمراقبتها، ورتب الثواب الأخروي على التزامها، والعقاب على انتهاكها، وعضد ذلك بالتشريعات القانونية الملزمة، فعالج الموضوع من داخل النفس، بتوفير القناعة والإيمان بها والمسؤولية الأخروية عنها، كما ضبط المخالفات له من خارج النفس بوضع التشريعات الخاصة بها، والمعاقبة على انتهاكها، وقدم لذلك نماذج للاقتداء.

وليس ذلك فقط، وإنما جعل حقوق الإنسان وحفظ كرامته وحماية إنسانيته محور مقاصد للشريعة، والغاية من النبوة، فقال تعالى: ﴿وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين﴾ (الأنبياء: 107). عمر عبيد حسنة، مقدمة كتاب حقوق الإنسان في ضوء الحديث النبوي، ليسري محمد أرشد، كتاب الأمة، العدد114، رجب 1427ﻫ، السنة السادسة والعشرون، ص29-30.

[48]. محمد فائق، حقوق الإنسان بين الخصوصية والعالمية، ضمن كتاب، حقوق الإنسان: الرؤى العالمية والإسلامية والعربية، م، س، ص68-69.

[49] . المرجع نفسه، ص69.

[50]. محمد عابد الجابري، العولمة والهوية الثقافية، مجلة فكر ونقد، ع، السادس، السنة الأولى، 1998م، ص5 وما بعدها. وللمزيد من التمييز بين العالمية بمعناها الإيجابي والعولمة بمعناها السلبي، انظر:

ـ مارسيل بوزار، إنسانية الإسلام، ترجمة، عفيف دمشقية، بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط1، 1986م، وهذا الكتاب يعالج قضية الانتشار الإسلامي من خلال ما أسماه بالخلق الدولي، وهو في هذا المقام يعبر عن تميز مفهوم عالمية الإسلام عن ادعاءات معاني العالمية لدى توجهات أخرى تاريخية؛ كما يمكن أن تمتد إلى مناقشة قضية العولمة في عصرنا الحاضر، انظر، ص7 وما بعدها.

ـ انظر أيضا، سعيد أصيل: عولمة حقوق الإنسان: المنطلقات والتجليات، البيضاء: مطبعة سوماكرام، ط1، 2010م.

ـ انظر أيضا، عبد اللطيف العبد، )محرر(: الإسلام في عصر العولمة، كتاب المؤتمر الدولي الرابع للفلسفة الإسلامية، جامعة القاهرة: دار العلوم، قسم الفلسفة الإسلامية، ط1، 1999م.

  انظر في الكتاب بصفة خاصة:

ـ عبد الفتاح أحمد، العولمة وموقف الإسلام منها، ص145 وما بعدها.

ـ عبد المقصود عبد الغني، عالمية الإسلام والعولمة، ص279 وما بعدها.

ـ عبد اللطيف العبد، دور الدعوة الإسلامية في عصر العولمة، ص355 وما بعدها.

[51]. محمد فهيم يوسف، حقوق الإنسان في ضوء التجليات السياسية للعولمة، ضمن كتاب حقوق الإنسان: الرؤى العالمية والإسلامية والعربية، م، س، ص64-65.

[52]. المرجع نفسه، ص58.

[53]. سامي عوض الذيب أبو ساحلية، حقوق الإنسان المتنازع عليها بين الغرب والإسلام، ضمن كتاب حقوق الإنسان: الرؤى العالمية والإسلامية والعربية، م، س، ص174.

[54]. أحمد الرشيدي، حقوق الإنسان بين الشريعة الإسلامية والشريعة الوضعية، ضمن كتاب، حقوق الإنسان في الوطن العربي، م، س، ص29.

الوسوم

د. محمد الناصري

باحث في الفكر الإسلامي وحوار الأديان والحضارات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق