الرابطة المحمدية للعلماء

الدورة الثانية للمنتدى العالمي حول الحضارات والتنوع الثقافي بفاس

دعوة لإقامة آليات حوار هادئ وجدي بين الثقافات والحضارات

أكد المشاركون في الدورة الثانية للمنتدى العالمي حول الحضارات والتنوع الثقافي، بفاس، أول أمس الأحد على ضرورة إحداث آليات حوار هادئ وجدي بين الحضارات والثقافات لإعادة بناء الثقة، التي بدونها لا يتأتى تحقيق الأمن والرفاهية في العالم.

وعرف اليوم الثاني من هذا الملتقى الذي يلتئم تحت شعار “تحالف الحضارات والثقافات: من الاستراتيجة نحو الفعل”، تنظيم خمس ورشات، تمحورت حول تدارس قضايا تنامي الجهالات والكراهية بين الأمم والشعوب والتعدد الثقافي والدلالات المشتركة للثقافات ودور الثقافة والحضارات في العلاقات الدولية والتنوع الثقافي.

وأشار الباحث اللبناني السيد خليفة كاظم، في مداخلة له في إطار هذه الورشات، أن هذا الملتقى يخول للمشاركين فرصة التعرف على حقيقة الآخرين لأن كل واحد يعتقد أنه ينفرد بامتلاك الحقيقة في مجال الثقافة. ولهذا تبرز أهمية إقامة حوار دائم لتوضيح سوء الفهم وتصحيح الأخطاء.

وأوضحت السيدة كاثرين ستول سيمون (كندا)، من جانبها، أن الجاليات المسلمة واليهودية المقيمة في الكيبيك كانت الضحية الأولى للاضطرابات التي طبعت الحياة السياسية والاجتماعية في هذا الإقليم الكندي خلال السنوات الأخيرة.
وأضافت أن المسلمين لا زالوا يؤدون فاتورة أحداث 11 شتنبر، معتبرة أن الكيبيك لم يتوصل للتكيف مع التنوع الثقافي والديني لمهاجريه رغم حاجته لهم في تنميته.

من جهة أخرى، ذكر السيد دافيد بنسوسان أنه يوجد العديد من المغاربة يدينون بالإسلام واليهودية ضمن هؤلاء المهاجرين، وتجمعهم علاقات جيدة.
وأشار السيد بنسوسان، بعد إعطاء لمحة تاريخية حول وضعية اليهود بالمغرب منذ بداية القرن العشرين، إلى أن تجربة اليهود المغاربة تدل على أنه إن وجد مكان يمكن أن ينجح فيه الحوار بين الثقافات والحضارات فهو المغرب.  
وضمن أشغال ورشة أخرى، أكد الفنان الفيلسوف السيد هيرفي فيشر أن العالم لم يتطور كثيرا منذ الحقبة الاستعمارية بسبب استمرار تزايد الحروب والإبادات والعنف، وذلك باسم النيوليبرالية الاقتصادية الجديدة والعولمة، التي ليست في حقيقة الأمر سوى تعبيرات معاصرة للنزعات التوسعية الغربية القديمة.

واعتبر السيد فيشر فإن عالم اليوم، عالم غير متجانس، وربما بشكل أكبر من أي وقت مضى، فبالرغم من أن هناك حالات تجميع وتعايشات إلا أن هناك في المقابل صراعات وحالات لاتفاهم تكاد لا تنتهي.
وأثار السيد ليوناردو فيتا، من جهته، تجربة إيطاليا في مجال الحوار مع مهاجريها، مشيرا إلى أن مشاعر الخوف من الآخر والحذر منه قد عمت فئات واسعة من الشعب، نتيجة على الخصوص لعدم فهم الآخر.

كما تساءل السيد لوران بلوش حول دور الأنترنت، مؤكدا أن الأمر يتعلق بنظام تقني رائع يخول التواصل بين البشر وأنه لا ينبغي إخفاء الصعوبات التي قد تبرز مستقبلا.
وأوضح أيضا أن هذا النظام التقني، الذي أحدث في نهاية ستينات القرن الماضي لتسهيل التبادلات بين بضع مئات الباحثين المرتبطين بعشرات الحواسيب، قد تطور كثيرا ليضم اليوم حوالي 100 مليون موزع سيصل عدد متصفحيها عن قريب إلى ملياري من مستعملي الأنترنت.

ويعرف النموذج الاقتصادي للأنترنيت، حسب السيد بلوش، اليوم ضبابية لأن نظام تسييره يهدد بانحرافات فوضوية وتملك مفرط بشكل يجعل بلقنته أمرا غير مستبعد.
ويأتي انعقاد هذه الدورة للمنتدى العالمي حول الحضارات والتنوع الثقافي، المنظم بمبادرة من طرف “المركز المغربي متعدد التخصصات للدراسات الإستراتيجية والدولية” وجمعية “1200 سنة على تأسيس مدينة فاس” ومؤسسة “روح فاس”، على إثر تنظيم دورة أولى في سنة 2007.

ويعرف المركز المغربي متعدد التخصصات للدراسات الاستراتيجية والدولية، الذي أحدث في مارس 2007، نفسه كملتقى للتفكير والدراسة والبحث والخبرة المتعددة التخصصات. وتمكن المركز، الذي يضم مئات الأعضاء المنحدرين من أزيد من 36 جنسية، بفضل علاقاته العديدة التي أقامها مع جامعات ومعاهد ومراكز تفكير من تكوين شبكة تضم متخصصين في مختلف أرجاء العالم مما خول له توسيع مجالات نشاطه.
(و.م.ع)

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق