الرابطة المحمدية للعلماء

الدعوة إلى سن قانون يلزم المواطنين بمحو أميتهم..

دور البحث العلمي، والمجتمع المدني، والإعلام في محاربة ظاهرة الأمية..

رغم الوعي المبكر للمغفور له الملك محمد الخامس والنخبة الوطنية بخطورة الأمية وتأثيراتها السلبية الجسيمة المعيقة لمشروع انبعاث الأمة المغربية وخروجها من عهد الحجر والاستعمار إلى عهد الحرية والاستقلال، وهو الوعي الذي تجلى في تأسيس “العصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية” منذ سنة 1956، تحت الرئاسة الفعلية للملك محمد الخامس تغمده الله بواسع رحمته، حيث أعلنت رهان القضاء على الأمية في سائر ربوع المملكة الشريفة بحلول سنة 1965.

وهو الرهان الذي لم يتحقق للأسف الشديد لأسباب ذاتية وموضوعية لا يسمح المقام للخوض فيها.. المهم أن العصبة، بعد انقطاع اضطراري، عادت لعقد مؤتمرها الوطني الثامن سنة 2000، كما تمكنت من تأسيس 120 فرعا تابعا لها عبر أنحاء المغرب.في إشارة واضحة إلى تجديد إعلان الرهان التاريخي للقضاء على آفة الأمية في سياق الإصلاحات الشاملة والمندمجة التي تحاول المملكة خوضها رغم كل التحديات الإقليمية والدولية..

ومن تجليات هذا الوعي انعقاد الندوة الوطنية الأخيرة حول محاربة الأمية بعنوان:” محاربة الأمية إلى متى؟” وذلك بمقر جهة الرباط سلا زمور زعير، وبمشاركة العديد من الباحثين منهم الأستاذ لحسن مادي الكاتب العام للعصبة، والأستاذة لطيفة بناني سميرس رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس النواب، والدكتور بشير تامر أستاذ كرسي اليونسكو لمحو الأمية وتعليم الكبار، والدكتور إسماعيل الموساوي الباحث في مجال محاربة الأمية..

وقد خلص المشاركون بعد أن شخصوا واقع الأمية الذي لم يتردد الكاتب العام للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية في وصفه بالكارثي،  إلى ضرورة تقويم استراتيجيات وبرامج محو الأمية التي سبق للمغرب أن اعتمدها خاصة بعد تراجع مؤشر سلم التنمية البشرية الذي وضع المغرب في الرتبة 127 من أصل 177 دولة، مشددين على ضرورة توافق هذه الإستراتيجيات مع المفهوم الجديد للأمية انسجاما مع التطورات العلمية والتكنولوجية والحضارية المتسارعة التي باتت تحكم بنية العالم المعاصر..

وكذا على ضرورة التخلي عن المقاربة الإدارية الصرفة واعتماد مقاربة تربوية وتنموية تراهن على الكيف أكثر من رهانها على الكم. وهو ما لن يتحقق؛ حسب البشير تامر وفق ما صرح به لجريدة “المساء”، إلا من خلال البحث عن مفهوم الجودة ضمن محو الأمية والعمل على تأسيسه على البحث العلمي ، وتتبع نجاعة ومردودية البرامج وقياس أثرها في أفق تحسينها. وكذا استثمار الحافز الوطني والقيم الوطنية بعد تفعيلها ومدها بمقومات الفاعلية..

وإلى جانب اهتمام الندوة بالجانب العملي التطبيقي الميداني من خلال عرض تجربة فرع العصبة بإقليم أزيلال، فقد أصدرت مجموعة من التوصيات أهمها : تشجيع البحث العلمي في مجال محو الأمية، والتأكيد على دور المجتمع المدني كوسيط حقيقي لمساندة الدولة في كسب هذا الرهان التاريخي، إلى جانب تفعيل دور الإعلام في مجال التحسيس والتواصل والتوعية.. أكثر من ذلك فقد تمت الدعوة إلى سن تشريع يلزم المواطنين بمحو أميتهم..

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق