مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقديةدراسات عامة

الخوارج وفرقهم

في اللغة: الخوارج في اللغة جمع خارج، وخارجي اسم مشتق من الخروج، وقد أطلق علماء اللغة كلمة الخوارج في آخر تعريفاتهم اللغوية في مادة «خرج» على هذه الطائفة من الناس؛ معللين ذلك بخروجهم عن الدين أو على الإمام علي، أو لخروجهم على الناس[1].
في الاصطلاح: اختلف العلماء في التعريف الاصطلاحي للخوارج، وحاصل ذلك:
1. منهم من عرفهم تعريفاً سياسياً عاماً، اعتبر الخروج على الإمام المتفق على إمامته الشرعية خروجاً في أي زمن كان.
قال الشهرستاني: «كل من خرج على الإمام الحق الذي اتفقت الجماعة عليه يسمى خارجياً، سواء كان الخروج في أيام الصحابة على الأئمة الراشدين أو كان بعدهم على التابعين لهم بإحسان والأئمة في كل زمان» [2].
2. ومنهم من خصهم بالطائفة الذين خرجوا على الإمام علي رضي الله عنه. قال الأشعري: «والسبب الذي سُمّوا له خوارج؛خروجهم على علي بن أبي طالب»[3].
زاد ابن حزم بأن اسم الخارجي يلحق كل من أشبه الخارجين على الإمام عليّ أو شاركهم في آرائهم في أي زمن. وهو يتفق مع تعريف الشهرستاني[4].
3- وعرفهم بعض علماء الإباضية بأنهم طوائف من الناس في زمن التابعين وتابع التابعين أولهم نافع بن الأزرق [5] ….
وهذا التعريف لأبي إسحاق أطفيش يريد منه أن لا علاقة بين المحكمة الأولى -الذين لا يعتبرهم خوارج لشرعية خروجهم كما يزعم- وبين من بعدهم إلى قيام نافع سنة 64هـ، وهذا التعريف غير مقبول حتى عند بعض علماء الإباضية، ويبقى الراجح هو التعريف الثاني؛ لكثرة من مشى عليه من علماء الفرق في تعريفهم بفرقة الخوارج، وقيام حركتهم ابتداء من خروجهم في النهروان، وهو ما يتفق أيضاً مع مفهوم الخوارج كطائفة ذات أفكار وآراء اعتقاديه أحدثت في التاريخ الإسلامي دوياً هائلاً.
للخوارج أسماء كثيرة، بعضها يقبلونه وبعضها لا يقبلونه، ومن تلك الأسماء:
1- الخوارج. 2- الحرورية. 3- الشراة.
4- المارقة. 5- المحكمة. 6- النواصب.
أما بالنسبة للاسم الأول: فهو أشهر أسمائهم، هم يقبلونه باعتبار وينفونه باعتبار آخر، يقبلونه على أساس أنه مأخوذ  من قول الله عزّ وجلّ: (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ )[6] وهذه تسمية مدح.
وينفونه إذا أريد به أنهم خارجون عن الدين أو عن الجماعة أو عن علي رضي الله عنه؛ لأنهم يزعمون أن خروجهم على عليّ رضي الله عنه كان أمراً مشروعاً بل هو الخارج عليهم في نظرهم. و الإباضيون بخصوصهم يسمونها فتنناً داخلية بين الصحابة. قال نور الدين السالمي الإباضي عن تسميتهم خوارج على سبيل المدح: «ثم لما كثر بذل نفوسهم في رضى ربهم وكانوا يخرجون للجهاد طوائف – سُمُّوا خوارج، وهو جمع خارجة وهي الطائفة التي تخرج في سبيل الله»[7]. وقال أحد شعراء الخوارج[8]:
          كفى حزناً أن الخوارج أصبحوا  ***  وقد شتت نياتهم فتصدعوا
وأما بالنسبة للتسمية الثانية: فهي نسبة إلى المكان الذي خرج فيه أسلافهم عن عليّ، وهو قرب الكوفة. قال شاعرهم مقارناً بين جحف الثريد أي أكلة وبين جحف  الحروري بالسيف أي ضربه به:
          ولا يستوي الجحفان جحف ثريدة  ***  وجحف حروري بأبيض صارم [9]ووردت هذه التسمية في قول عائشة رضي الله عنها: «أحرورية أنت» [10] قالته للمرأة التي استشكلت قضاء الحائض والصوم دون الصلاة.
وأما بالنسبة للتسمية الثالثة: فهي نسبة إلى الشراء الذي ذكره الله بقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ )[11]. وهم يفتخرون بهذه التسمية ويسمون من عداهم بذوي الجعائل: أي يقاتلون من أجل الجُعْل الذي بذل لهم. قال شاعرهم عيسى بن فاتك:
           فلما استجمعوا حملوا عليهم  ***  فظل ذوو الجعائل يقتلونا [12]وأما التسمية الرابعة: فهي من خصوم الخوارج، لتنطبق عليهم أحاديث المروق الواردة في الصحيحين في مروقهم من الدين كمروق السهم من الرمية. قال ابن قيس الرقيات من أبيات له:
           إذا نحن شتى صادفتنا عصابة  ***  حرورية أضحت من الدين مارقه [13]وأما التسمية الخامسة : فهي من أول أسمائهم التي أطلقت عليهم وقيل أن السبب في إطلاقه عليهم إما لرفضهم تحكيم الحكمين وإما لتردادهم كلمة لا حكم إلا لله وهو الراجح ، وهي كلمة حق أريد بها باطل ولا مانع أن يطلق عليهم لكل ذلك غير أن السبب الأول ينبغي فيه معرفة أن الخوارج هم الذين فرضوه أولاً وهم يفخرون بهذه التسمية كما قال شاعرهم شبيل بن عزره :
           حمدنا الله ذا النعماء أنّا  ***  نحكم ظاهرين ولا نبالى[14].
وأما تسميتهم بالنواصب فلمبالغتهم في نصب العداء لعليّ بن أبي طالب – رضي الله عنه – .

 

 

الهوامش:

1- تهذيب اللغة (50/7) وتاج العروس (30/2) وبقية كتب اللغة .
2- الملل والنِحل (114/1) .
3 – مقالات الإسلاميين (207/1)
4 – الفصل (113/2) .
5 – عمان تاريخ يتكلم ص 103 ,
6 – النساء: الآية100)
7 – الأباضية بين الفرق الإسلامية ص : 384 .
8 – شعراء الخوارج تحقيق د/ إحسان عباس ص : 134 .
9 – شعراء الخوارج ص : 232 .
10 – أخرجه أحمد في المسند جـ6 ص 97.
11 – التوبة: الآية 111.
12 – شعراء الخوارج ص : 54.
13 – الكامل لابن الأثير : 4/ 198 .
14 – شعر الخوارج : 209 .

 

المصدر: 

فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام وبيان موقف الإسلام منها

 تأليف: د. غالب بن علي عواجي.

ط: 3/1417. ص: 164.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق