الرابطة المحمدية للعلماء

“الحوار الحي” يرتحل في آفاق السمات البلاغية للأسلوب القرآني

عبد العزيز الخطيب: التواضع لسان حال الدرس البلاغي للنص القرآني في المناهج التعليمية

كان الترحال العلمي مع موضوع السمات البلاغية للأسلوب القرآني، محور “الحوار الحي”، الذي يبثه موقع الرابطة المحمدية للعلماء، على شبكة الإنترنت، وذلك زوال يوم الخميس 6 ماي 2010، من خلال استضافة الدكتور عبد العزيز الخطيب، أستاذ النحو والبلاغة بمؤسسة دار الحديث الحسنية بالرباط.

وبداية، كان ضروريا التوقف عند تحديد المفاهيم، من باب تنوير المشاركين في “الحوار الحي”، والمتصفحين للموقع، حيث اعتبر الدكتور عبد العزيز الخطيب، أن المقصود بـ”مفهوم السمات البلاغية”، تلك المقومات الجمالية والفنية التي يتم بموجبها إيصال الرسالة إيصالا جماليا وفنيا يحقق الوظيفة التأثيرية في المتلقي، مضيفا أن علاقة هذا الشطر من العنوان بالشطر الذي يليه (يقصد “السمات البلاغية وفقه المعنى القرآني”) هو علاقة دال بمدلول؛ لأن البلاغة آلة من آليات الفهم، مستشهدا بقوله تعالى: “فاصدع بما تومر”، فالصدع بمعنى الشق، وهو في الأصل يستعمل لفلز الأرض ولكنه وظف هنا ليدل أيضا على التأثير والمبالغة.

بالنسبة لأبرز العلماء الذين اهتموا بدراسة السمات البلاغية للنص القرآني، فذكر منهم المتدخل الكريم، عبد القادر الجرجاني، معتبرا أن من يقرأ كتابيه “أسرار البلاغة ودلائل الإعجاز”، يُصاب بالذهول، لأن الرجل استفاد من المصادر القديمة استفادة جلى؛ من قبيل استفادته في مبحث “التقديم والتأخير” من سبويه عندما يقول هذا الأخير :”كأنهم  ـ أي العرب ـ يقدمون الذي هم ببيانه أعنى وإن كان جميعا يهمانهم ويعنيانيهم”؛ وأيضا استفادته من ابن جني في كتابه “الخصائص” وفي مبحث “النظم” طور إشارات الخطابي “في بيان إعجاز القرآن” والرماني في “النكت في إعجاز القرآن”.

ومن باب التدقيق في المقصود من فقه المعاني، أضاف الدكتور عبد العزيز الخطيب، أنه يندرج ضمن سياق أعم، وهو تفقّه دلالات آيات القرآن الكريم واستنباط المعاني المقصودة، انطلاقا من الحرف الصوتي داخل الكلمة، والكلمة داخل الجملة، والجملة داخل النص، عبر دراسة صوتية وصرفية ومعجمية ودلالية.

وعما إن كان فهم القرآن وتدبره مقتصر على العلماء، أكد المتدخل على ضرورة توفر الشروط الأساسية من أجل اقتحام ميدان التفسير من بينها فهم “المناسبات”، “أسباب النزول”، “آيات الأحكام”، “المتشابه”، “الغريب”، ثم المادة الشعرية المستشهد بها، أي الشعر الجاهلي وصدر الإسلام ثم علوم اللغة.

من الأسئلة الملحة في الظرفية الزمنية الراهنة، سؤال يرتبط بواقع ومآلات الدراسات التي تشتغل على موضوع

 بلاغة القرآن الكريم، بحكم قلة الدراسات اليوم، وبحكم هجوم قراءات حداثية، تتعامل مع النص القرآني تعاملا مغايرا بالمرة مع ما تعودنا عليه عبر التاريخ، حيث اعتبر الدكتور عبد العزيز الخطيب أنه رغم استسلامنا إلى كل ما أنجزه العقل العربي المسلم في التفسير، فإن الدراسات اليوم لا تعدم الاستفادة من التراث الأصيل لقيمته ولقرب المفسرين من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وإتباعهم الشروط الصحيحة في التفسير. لكن من جهة أخرى قد تستفيد دراسات اليوم من المناهج الحديثة؛ داعيا إلى أهمية الاحتراز التام من إسقاط هذه المناهج على الدراسات القرآنية دونما فهم للتراث من جهة وفهم لهذه المناهج من جهة ثانية وفهم للتوظيف من جهة ثالثة، من قبيل الاعتماد على آليات التشغيل المذكورة في هذه القراءات، وربطها حتما بمصادر التراث شعره ونثره، ثم بإبراز المعاني السامية التي يهدف إليها القرآن الكريم وشموليتها، والتركيز أيضا على الإعجاز العلمي في القرآنالكريم، فهذا الأخير يصلح خطابا للآخر /الغرب، والذي قبله يصلح خطابا للذات/العرب.

وبخصوص واقع حضور الدرس البلاغي المرتبط بالنص القرآني في المناهج التعليمية، ومدى استفادة الدرس القرآني بالجامعات المغربية من الدرس البلاغي، أكد المتدخل أيضا أن هذا الحضور يبقى خافتا، وربما كان السبب عدم الانفلات من سلطة الشاهد في المصادر التعليمية، وإبدالها بنصوص قرآنية وحديثية ونصوص فصيحة شعرية ونثرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق