مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلامأخبار

الحقاوي مناهضة العنف ضد النساء “نريدها حملة مستمرّة على مدار السنة، وليس فقط مناسبة للذكرى”

“كيف يعقل أن تبقى وتيرة العنف ضد النساء في تصاعد مستمر، رغم أن المغرب راكم أكثر مند 10 سنوات، إن لم نقل 15 سنة من الجهود المبدولة على مستوى البرامج الحكومية ومبادرات  المجتمع المدي؟”…”هناك خللا ما داخل المجتمع يجب معالجته من أجل الحدّ من هذه الظاهرة”. هذا ما صرحت به بسيمة الحقاوي، وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية في كلمتها الافتتاحية في أشغال اليوم الدراسي، التي نظمته الوزارة المذكورة بشراكة مع ONUFEMME، في موضوع: “مناهضة العنف ضد النساء: تقييم مسار واستشراف رؤية إستراتيجية جديدة”، وذلك يوم الأربعاء 19 دجنبر 2012 بمؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين بالرباط. وقد اعتبرت الحقاوي “إنّ العنف ضد المرأة مرتبط بالذهنيات المترسخة في المجتمع،” التي يجب العمل على تغييرها من خلال الحملات التحسيسة التي يجب أن تكون على مدار السنة وليس فقط موسمية، تستهدف كلا الطرفين المرأة والرجل “يجب أن نخرج من تنظيم لقاءات نمارس فيها المونولوك”.”يجب استقطاب الرجل أيضا”.  كما أكدت على ضرورة اتخاذ مجموعة من الإجراءات المتمثلة بالخصوص في تعزيز الحماية القانونية بالرغم من أنها تبقى غير كافية، وتطوير أليات الرصد مع تحديد معايير مضبوطة لمسالكها. وفي هذا الإطار، قالت “إنّ الحكومة تعكف على إخراج عدة مشاريع قوانين من أجل الحدّ من العنف ضد النساء، مع العمل على إحداث عدد من المراصد المعنية بهذه الظاهرة، منها المرصد الوطني لتحسين صورة المرأة في الإعلام بشراكة مع وزارة الاتصال، والمرصد الوطني لمناهضة العنف ضدّ النساء. وأضافت بأنّ “هناك بعض التراكمات في مجال تقييم ظاهرة العنف ضد النساء، التي وصفتها ب”الفتاكة” وذلك من خلال “تجميع جميع المعطيات المتناثرة هنا وهناك في بنك للمعلومات” مما سيساهم في وضع استراتيجية مستقبلية جديدة و خلق نفَس جديد في مجال مناهضة العنف ضد النساء، بمشاركة الجميع حكومة وبرلمانا ومجتمعا مدنيا، منوهة في الآن نفسه بالدور الطلائعي الذي لعبه هذا الأخير في مجال مكافحة العنف ضد النساء :”اليوم بعد 10 سنوات على اعتماد الخطة الاستراتيجية 2002-2012، يجب أن نسفق للمجتمع المدني وندعوه للانخراط أكثر في هذا الورش الكبير الذي يجب أن نجعل منه قضية السنة بامتياز”

من جانبه، قال وزير العدل والحريات مصطفى الرميد في كلمته، بأن العنف ضد المرأة “سلوك يحض باهتمام مجتمعاتي” مشيرا إلى أن المغرب بدل جهودا كبيرة لمناهضة العنف وتعزيز حقوق المرأة مشيدا بالمكانة التي تحتلها قضايا المرأة والأسرة في الحوار الوطني حول منظومة العدالة كما كان عليه الشأن في لقاءي فاس ومراكش. كما ذكر بجموع القوانين والتدابير والإجراءات التي اتخذتها وزار ة العدل في هذا المجال تمثلت في تهيئ فضاءات خاصة لاستقبال النساء المعنفات داخل المحاكم وإحداث خلايا مكونة من قضاة ومساعدات اجتماعيات لمعالجة قضايا العنف ضد النساء.

من جهته، قام وزير الصحة الحسين الوردي، في مداخلة له بهذه المناسبة، بعرض مختلف الإجراءات التي عملت وزارته على اتخاذها من أجل المساهمة في الحدّ من ظاهرة العنف ضد النساء. وقال الوردي بأنّ وزارته، باعتبارها المسؤولة عن السلامة الصحية، سواء النفسية أو الجسدية للمغاربة، فإنها تعمل على الاستجابة للحاجة الاستعجالية لضحايا العنف، حيث تمّ خلق وحدات مندمجة للتكفل بضحايا العنف منذ سنة 2008، وكذا مجانية استفادة الضحايا من شواهد الطب الشرعي، وضمان التكفّل الطبي والاجتماعي للضحايا، حيث وصل عدد النساء المعنفات الوافدات على الوحدات المختصة داخل مستشفيات المملكة، خلال سنة 2012 إلى أكثر من 3000 حالة تم التكفل بها. كما أكد في نهاية مداخلته على ضرورة العمل على مواصلة الجهود المبذولة التي تروم استباق الآثار ودق ناقوس الخطر، مؤكدا أن وزارة الصحة ستعمل على توفير الإمكانات الكفيلة بتقليص هذه الظاهرة التي لا تزال في تنامي مستمر في بلادنا.

وفي كلمة لوزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، اعتبر أن “الخطة الإستراتيجية للحكومية  2002-2012 أصبحت متجاوزة لسبب بسيط هو أن الواقع الغير مشرف يكشف عن مفارقة بين مجتمع نشيط )أكثر من 50 جمعية تعمل في مجال مناهضة العنف) وترسانة قانونية متراكمة في هذا المجال من جهة ، ومن جهة أخرى تنامي هذه الظاهرة” التي ترتبط حسب السيد الوزير “ببنية ثقافية مهيمنة مرتبطة بعدة أسباب من بينها الإعلام ووسائل الاتصال اللذان يتحملان مسؤولية كبيرة عن الخلل، مستدلا بالأرقام التي قدمتها الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري حول صورة المرأة المغربية في الإعلام العمومي، حيث أكد الخلفي على أن أرقام الـ (HACA) تضم “معطيات صادمة”، حيث توجد هناك برامج تهمّ المرأة، لكنّ البرامج التي تهتمّ بحقوق وصورة المرأة المغربية غائبة، كما أوضح الخلفي أن الإشهار على القنوات التلفزيونية “يروج لصورة نمطية حول المرأة”، حيث تصل نسبة الوصلات الإشهارية التي تستخدم المرأة إلى أكثر من 41 بالمائة، إضافة إلى تراجع نسبة النساء المشاركات في البرامج من 12 بالمائة إلى 7 بالمائة، بالإضافة إلى أنّ نسبة النساء الصحافيات المتخرجات من مؤسسات التكوين الصحفية غير متناسب مع المشتغلات في وسائل الإعلام، حيث لا تتجاوز النسبة 27 بالمائة فقط من مجموع 50%. كما أشار الخلفي إلى وجود حالات تعنيف تتعرض لها النساء المشتغلات في الإعلام تعكس استمرار التمييز حتى في هذا المجال.

وعن الإجراءات التي ستتخذها وزارة الاتصال من أجل تحسين صورة المرأة المغربية في وسائل الإعلام، أوضح مصطفى الخلفي بأنّ الوزارة تشتغل مع عدد من الفاعلين للارتقاء بالإعلام العمومي في هذا المجال، حيث سيتمّ اعتماد برنامج أسبوعي على القناتين الأولى والثانية، وكذلك القناة الأمازيغية، سيعنى بالنهوض بحقوق المرأة، بالإضافة إلى برنامج الوسيط الذي سيخصص مرتين في الشهر لهذا لقضايا المرأة مع الزيادة في مدة بثه التي ستصبح في حوالي ساعة.

السيدة ليلى الرحيوي، ممثلة هيئة الأمم المتحدة للنساء، مكتب شمال افريقيا، استهلت كلمتها بالرسالة التي وجهها بان كي مون يوم 25 نونبر 2012 بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة:  “في جميع أنحاء العالم، الملايين من النساء والفتيات، يتعرضون لسوء المعاملة وللضرب والاغتصاب وحتى القتل أو التشويه … سواء في ساحة المعركة، في منازلهم، في الشارع، في المدرسة، في العمل أو في مجتمعهم…بهذه المناسبة، أطلب من جميع الحكومات الالتزام بالقضاء على جميع أشكال العنف ضد النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم، وأحث الجميع على دعم تحقيق هذا الهدف الهام”.

بدورها، دعت الممثلة الأممية إلى ضرورة العمل على محاربة هذه الظاهرة داخل الأسرة بالنظر إلى أن العنف الزوجي بالمغرب يمثل أكبر نسبة مسجلة وفق الإحصائيات الأخيرة التي قدمتها المندوبية السامية للتخطيط لسنة 2012 (50% من بين 68%  من حالات العنف المسجلة تقع داخل الإطار الزوجي). 

يشار إلى أن هذا اليوم الدراسي عرف تنظيم ثلاث ورشات في الفترة الزوالية. الورشة الأولى حول تقييم الاستراتيجيات في مجال محاربة العنف، ثم الورشة الثانية حول تقييم البنيات الخدماتية والمؤسساتية الموجهة للفتيات والنساء ضحايا العنف، وأخيرا الورشة الثالثة حول تقييم سياسات الوقاية التربوية والتحسيسية. وقد تخللت هذه الورشات  مداخلات لممثلي عدد من الوزارات، بالإضافة إلى فعاليات المجتمع المدني وعدد من الإعلاميين سجل البعض منها غياب بعض القطاعات التي لها صلة بمقاربة ظاهرة العنف ضد النساء، من بينها المؤسسات الدينية، مؤكدين بأنه لا يمكن مواجهة العنف ضد المرأة من غير سماع كلمة العلماء، كما أنه يصعب تصور نجاح فعلي لبرامج مكافحة الظاهرة، من غير التوجه إلى تصحيح التأويلات الغير السليمة والمخالفة لمقاصد الإسلام وأحكامه. وفي سياق تطوير المقاربة المندمجة لمحاربة الظاهرة، طالب المتتبعون بالانفتاح على هذه المؤسسات الدينية الفاعلة في هذا المجال (الرابطة المحمدية للعلماء، المجلس العلمي الأعلى…).

وقد أسفر  هذا اللقاء على مجموعة من التوصيات والمقترحات خلصت إليها الورشات الثلاث نلخصها في النقاط التالية:

•    ضرورة تثمين المكتسبات والحسم في المفاهيم والمرجعيات

•    تحديد الفاعليين الاستراتيجيين والفاعلين الشركاء

•    تعزيز الترسانة القانونية بنص يجرم العنف ضد المرأة مع مأسسة وحدات ضحايا العنف وإحداث مراكز الإيواء

•    تعزيز التنسيق بين مختلف القطاعات حكومية والغير حكومية في أطار خلية موحدة للتواصل

•    ضرورة خلق شراكات مع قطاعات الأخرى مثل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والرابطة المحمدية للعلماء

•    ضرورة إعادة النظر في المنهجية والمقاربة المتبعة في مجال التحسيس بالظاهرة

•    استحضار مسالة الجهوية في مجال مناهضة العنف ضد النساء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق