مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكمفاهيم

التفسير الصوفي الإشاري من خلال نموذج لطائف الإشارات للقشيري (13)

 

ذ. عبد الرحيم السوني.

باحث بمركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوك.      

ثانيا: إعلان القشيري عن المنهج الذي سيتبعه من خلال المقدمة:

قام القشيري كغيره من المؤلفين القدامى بصياغة مقدمة، افتتح بها تفسيره، أوضح من خلالها، الطريقة التي سيعتمدها في تفسيره.

وبالرجوع إلى هذه المقدمة، يتأكد لنا اختياره كصوفي، لطبيعة التفسير الذي يريد أن يحرره، والمنهج المتبع فيه، فقد صرح مباشرة أن تفسيره يندرج في إطار التفاسير الصوفية التي تتجاوز حدود التفسير الظاهري كما هو واضح من خلال المقتطف الذي أوردناه سابقا، والذي يتضح من خلاله أن القشيري سيعتمد التفسيرى الإشاري الصوفي فقط، دون أن يزاوج بينه وبين التفسير الظاهري.

وهذا الكلام لن نفهمه حقيقة إلا إذا قمنا بدراسة وافية لبعض ما جاء في “اللطائف”، ومن ذلك القضايا الكبرى التي تطرق إليها القشيري في هذا التفسير، كتفسير البسملة، والحروف المقطعة، والأحكام الفقهية، والعبادات، والقصص، والمظاهر الكونية وغير ذلك.

ثالثا: الشكل الذي صاغ به القشيري تفسيره، واعتماده على بعض أدوات التفسير العامة:

رغم أن القشيري لا يهتم كثيرا بالمعاني الظاهرة للقرآن، إلا أننا نجده في كثير من المرات، يعمد إلى وسائل التفسير الظاهري وأدواته، كتفسير القرآن بالقرآن، وتفسيره بالحديث، وأسباب النزول، والنسخ، واللغة وغير ذلك، وهي كلها أمور يعتمد عليها علماء الظاهر في تفاسيرهم.

وهو ــ رحمة الله عليه ــ حتى في الشكل الذي يعتمده في لطائفه، لا يخرج كثيرا عما نجده في باقي كتب التفسير.

1 ــ الناحية الشكلية في اللطائف:

إن أول ما يلفت الناظر في تفسير القشيري، هو أنه يورد عادة آية كاملة أو أكثر من آية، ثم يتبعها بتفسيرها. وطريقته رحمه الله أن يقول: “قوله جل ذكره” ثم يجئ بالآية مشفوعة بتفسيرها، دون أية عبارة تمهيدية، و إذا كان هناك أكثر من تفسير للآية قدم كلا منها بكلمة “ويقال” أو “وقيل” من غير أن يعزو كل تفسير إلى قائله، وقد يقول: “جاء في التفسير” بيد أنه لا يسمي التفسير[1]. وقد يورد ويستشهد بروايات وأخبار، من غير أن يعقب عليها.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


[1] ـ انظر مثلا: ج5، ص: 251، وقد يستعمل أحيانا عبارات أخرى مثل قوله: “ويقال في التفسير…” ج4، ص: 56، وعبارة: “وفي بعض الكتب” من غير أن يعين هذه الكتب، ج4، ص 210. ويبدو أن هذه الطريقة لم تكن بالقادحة في كتب القدامى، لأننا نجدها في كثير من مؤلفاتهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق