مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكمفاهيم

التفسير الصوفي الإشاري من خلال نموذج لطائف الإشارات للقشيري (11)

ذ. عبد الرحيم السوني.

باحث بمركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوك.      

ثانيا: ما اتصف به صاحبه من سمات وصفات ذاتية ومعنوية تحلت بها شخصية هذا العالم الجليل، مستعرضا حياته ونشأته الثقافية في المقدمة.

وخير استنتاج خلص به حين استعراضه لحياته إدراكه لمدى أهمية الكتاب الذي يقدم حيث قال: «فصاحب الكتاب رجل أوتي حظا وفيرا من العلوم العقلية والنقلية قبل أن يلج باب الصوفية، وهذه في حد ذاتها ظاهرة لها أهميتها، فالقشيري أديب ينظم الشعر ويتذوق الأسلوب العربي تذوقا يعتمد على أسس قوية … فإذا جاء بعد ذلك ليدرس الأسلوب القرآني، وليستخرج منه إشارات لطيفة فهو معد لذلك أحسن إعداد، وهو قمين بالوصول إلى نتائج باهرة، بقدر ما لديه من تهيؤ صالح مكتمل. فهو شافعي أشعري سني متحفظ، باحث متعمق منصف، لم ينصر الحقيقة على حساب الشريعة ولا العكس. فالتصوف عنده ليس ثوبا مرقعا، أو خرقة بالية تفرد صاحبها عمن سواه وتكون علما على تقواه، إنما هو صفاء النفس من كدوراتها»[1].

الفترة الزمنية التي ألف فيها الكتاب:

أشار الأستاذ عباس حسن في تقديمه للكتاب إلى هذه النقطة قائلا: «والحق أن تلك الإشارات ليست وليدة دراسة العقول وإنما هي وليدة الإلهامات بعد فتح عيون القلوب. وفيما سبق من توضيح ذلك ما يغني عن تكرار التبيان. وإلا فلِم كان الفرق كبيرا بين كتابين في التفسير مؤلفهما واحد هو الإمام القشيري؟

أولهما: تفسيره الكبير المعروف بالتيسير في التفسير الذي ألفه قبل عام 410هـ.

وثانيهما: لطائف الإشارات الذي أفيض به عليه وتم إعداده عام 434هـ.

ما ذلك إلا لأن أولهما كان نتاج الدراسة العقلية واللغوية والاعتماد على المتوارث المنقول، وثانيهما ثمرة الفيوضات الربانية و الإلهامات الإلهية»[2].

وسنتعرف على قيمة هذا الكتاب أكثر من خلال الوقوف على بعض من ملامحه المنهجية والمضمونية .

 

 


[1] ـ لطائف الإشارات، ج1، ص: 28

[2] ـ اللطائف، ص: 11.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق