مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكمفاهيم

التفسير الصوفي الإشاري من خلال نموذج لطائف الإشارات للقشيري (5)

ذ. عبد الرحيم السوني.

باحث بمركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوك.        

رابعا: موقف بعض العلماء من التفسير الصوفي الإشاري للقرآن الكريم:

يمكن أن نصنف مواقف العلماء بصدد التعامل مع تفسير النص القرآني تفسيرا إشاريا صوفيا إلى موقفين:

1ـ موقف الرفض:

وأصحاب هذا الموقف يتشددون كثيرا في رفض هذا النوع من التفسير، ويبالغون في التنكير على أهله، ومن ذلك ما قاله ابن الصلاح: «وجدت عن الإمام أبي الحسن الواحدي المفسر رحمه الله تعالى أنه قال: صنف أبو عبد الرحمان السلمي حقائق التفسير، فإن كان قد اعتقد أن ذلك تفسيرا فقد كفر»[1].

وأيضا ما قاله أبو عبد العزيز إدريس في و صفه لموقف الصوفية من القرآن الكريم بأنهم: «فسروا القرآن الكريم باطنيا يختلف تماما مع التفسير الذي فسره به السلف و علماء الأمة الإسلامية عبر التاريخ، و بعيدا كل البعد عن المعاني التي تدل عليها الألفاظ عند العرب، وذلك من أجل إخضاع الآيات القرآنية لعقائدهم الفاسدة»[2]. والحقيقة أن هذا القول لا أساس له من الصحة، لأن صاحبه التبس عليه الأمر فلم يفرق بين تفسير الباطنية الذين ينكرون ظاهر القرآن وبالتالي يبطلون الشريعة الإسلامية، وبين تفسير الصوفية الذين يقرون الشريعة الإسلامية ويجعلونها المنطلق في تفاسيرهم الإشارية. يقول التفتازاني: «سميت الملاحدة باطنية لادعائهم أن النصوص ليست على ظاهرها، بل لها معان باطنية لا يعرفها إلا المعلم، وقصدهم بذلك نفي الشريعة بالكلية. قال: وأما ما يذهب إليه بعض المحققين من أن النصوص على ظواهرها ومع ذلك فيها إشارات خفية إلى دقائق تنكشف على أرباب السلوك(…)فهو من كمال الإيمان ومحض العرفان»[3]. وهذا جواب القول السابق، وأما القول الأول الذي نقله ابن الصلاح عن الإمام أبي الحسن الواحدي فقد خالفه ابن الصلاح نفسه حينما قال معقبا عليه: «وأنا أقول: الظن بمن يوثق به منهم أنه إذا قال شيئا من أمثال ذلك أنه لم يذكره تفسيرا، ولا ذهب به مذهب الشرح للكلمة المذكورة من القرآن العظيم، فإنه لو كان كذلك كانوا قد سلكوا مسلك الباطنية، وإنما ذلك منهم لنظير ما ورد به القرآن، فإن النظير يذكر بالنظير»[4].

 

 


[1] ـ الإتقان في علوم القرآن، ج4، ص: 194ـ195. التفسير والمفسرون، ج2، ص: 368.

[2] ـ مظاهر الانحرافات العقدية عند الصوفية، ج1، ص: 135.

[3] ـ الإتقان في علوم القرآن، ج4، ص: 195. التفسير والمفسرون، ج2، ص: 369.

[4] ـ الإتقان في علوم القرآن، ج4، ص: 195. التفسير والمفسرون، ج2، ص: 368.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق