الحمد الله رب العالين والصلاة والسلام على الهادي الأمين وعلى آله وصحابته الكرام البررة، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد؛

فالعلماء رضي الله عنهم ألفوا كتبا كثيرة تتعلق بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، تنوعت بين مطول ومختصر، عرضوا فيها الأحداث والوقائع التي تزامنت مع ولادته الشريفة عليه الصلاة والسلام، والمعجزات الباهرة التي ظهرت مقرونة بها.

 ومن الكتب المختصرة التي ألفت في مولد النبي صلى عليه وسلم: “ التعريف بسعادة الأمة بمولد عين الرحمة لأبي عبد الله محمد بن قاسم القادري“. ولأهميته ارتأيت التعريف بهذا الكتاب  وبصاحبه باختصار،  فأقول وبالله التوفيق:

أولا: التعريف بالمؤلف^[1]:

هو: أبو عبد الله محمد ـ فتحا ـ بن قاسم بن محمد بن عبد الحفيظ بن هاشم الحسني القادري، ولد ـ رحمه الله ـ عام: تسعة وخمسين ومائتين وألف،  أخذ العلامة محمد بن قاسم القادري عن جمهرة من علماء عصره منهم:أبو العباس أحمد بن محمد فتحا المرنيسي،  والده قاسم القادري الحسني، وأبو عبد الله محمد المدعو مسواك التازي، وأبو عبد الله محمد بن محمد المقري التلمساني المعروف بالزمخشري، وأبو حفص عمر بن الطالب ابن سودة، والمهدي بن محمد بن أبي الفيض حمدون  السلمي المرداسي المعروف بابن  الحاج، وأبو عبد الله محمد بن المدني جنون، وأحمد بن أحمد بناني المعروف بكلاَّ،  وعبد الملك الضرير بن محمد العلوي الحسني.

و أخذ عنه مجموعة من العلماء منهم:محمد بن أحمد بن محمد بن عبد القادر الكردودي الكلالي بكاف معقودة، ومَحمد ـ فتحاـ بن مُحمد ـ ضماـ بن أحمد النميشي، والمهدي بن محمد بن محمد بن الخضر بن قاسم بن موسى الحسني العمراني أصلاً الشهير بالوزاني، وأحمد بن محمد بن عمر بن عبد الهادي بن العربي بن العربي مَحمد -فتحاً- بن الخياط الزكاري الحسني، ومحمد بن مَحمد ـ فتحا ـ بن عبد القادر السليماني الحسني المعروف بابن الأعرج الأغريسي الفارسي، ومحمد بن قاسم البادسي، وأبو بكر بن محمد بن أحمد بن العربي الزعري المباركي، ومحمد بن جعفر بن إدريس بن محمد الزمزمي بن محمد الفضيل الكتاني الحسني، ومحمد بن محمد الشادلي المعسكري الهاشمي الحسني،  والطاهر بن الحسن بن عمر بن الطائع بن إدريس بن محمد الزمزمي الكتاني الحسني، وعبد العزيز بن محمد بن أحمد بن الصالح بناني وغيرهم.

وحلاه تلميذه الحجوي بقوله: “الإمام النحرير النقاد، والعلم الذي تتضاءل له الأطواد الفقيه الأصولي المعقولي المشارك في العلوم، وقد تسنم منها الذري التي تقصر عنها الفهوم إذا أظلم ليل عويصه واحتلك، كان فكره شمسا تمحو ذلك الحلك، وهبه الله ذهنا متوقدا، وفكرا متيقظا مهما خطا لا يعرف الخطأ”([2]).

وألف مؤلفات كثيرة منها:  تأليف في الجمع ليلة المطر، وتأليف في السيادة في الآذان والإقامة، وتعليق على “هيئة الناسك في أن القبض في الصلاة هو مذهب الإمام مالك”، وتقييد في أيمان القسامة،  وجواب في حكم استعمال “مكانة ” الذهب أو الفضة، وجواب في دلائل حفظة النبي ﷺ، وحاشية على شرح الشيخ جسوس على الشمائل، وحاشية على شرح الهلالي على خطبة المختصر لم تكمل، وحاشية على شرح بنيس على الهمزية لم تكمل، وختم على الشمائل المحمدية، وختمات عدة  على صحيح البخاري، وختمة  على همزية البوصيري، وختمة على البردة للبصيري، ورفع العتاب والملام عمن قال: العمل بالحديث الضعيف حرام.

توفي العلامة محمد بن قاسم القادري فجأة بعد أن أدى فريضة العصر من يوم الأربعاء الثالث عشر من رجب  الفرد الحرام سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة وألف(تـ: 1331هـ)، وصلي عليه بعد صلاة المغرب بجامع القرويين، وتولى الصلاة عليه تلميذه العلامة عبد العزيز بناني، ودفن بزاوية الشرفاء الصقليين داخل باب عجيسة.

ثانيا: التعريف بسعادة الأمة بمولد عين الرحمة.

هو كتاب يندرج ضمن تآليف المولديات المختصرة  رام فيه تقريب الولادة الشريفة للنبي صلى الله عليه وسلم، وما صاحبها من وقائع وأحداث،  وذكر فيه مجموعة من المؤلفات في ولادته صلى الله عليه وسلم، ووسمه:  بـ:”سعادة الأمة بمولد عين الرحمة” ، واتبع فيه منهجا في غاية من الدقة والإتقان، وحصره في فصول عشرة.

قال رحمه الله في مقدمة كتابه بعد التصلية والحمدلة:  ” فهذا مولد سميته: سعادة الأمة بمولد عين الرحمة، مشتمل على آيات قرآنية وأحاديث نبوية اختصرت غالبه  من مولدي المذكور  في حاشيتي على شرح البردة الزكية  وحصرته في فصول عشرة على عدد المبشرين بالجنة المرضية:

الأول: في من ألف في المولد النبوي من العلماء المحبين في خير البرية.

الثاني: في وصف آباء النبي بكونهم  مطهرين  من الكفر والزنا وغيرهما من الأوصاف الدينية.

الثالث:  في أن أول ما خلق الله النور المحمدي ومنه خلق العرش وغيره من الأشياء النورانية.

الرابع: في ما أظهر الله تعالى من العجائب عند حمله وعند ولادته السنية.

الخامس: في حسن وجهه ورشاقة قده وغيرهما من الأوصاف الخلقية.

السادس:  في زهده وشجاعته وكرمه وغيرها من أوصافه الخلقية.

السابع:  في بعض معجزاته   الدالة  على صدقه  في دعوى الرسالة  وفي كل الأمور الخبرية.

الثامن :  في بعض خصائصه التي ميزه بها عن إخوانه  الرسل مولانا سبحانه العالم في السر والعلانية.

التاسع: في بعض أحواله من صغره إلى كبره ليقتدى به من سبقت له العناية الأزلية.

العاشر:  في وصيته عند قرب أجله بأمور مهمة سنية”^[3].

إن هذا المختصر على صغر حجمه كثير الفائدة،  حاول فيه صاحبه  العلامة محمد بن قاسم القادري رحمه الله تقديم مجموعة من الفوائد والمقاصد المتعلقة بولادة سيد البشرية عليه الصلاة والسلام

وقد طبع على الحجر بفاس 1331هـ في 24صفحة^[4] ، وطبع بدار الكتب العلمية،سنة: 2016م، بتحقيق: محمد بوخنيفي.

***************

هوامش المقال

[1]     فهرس محمد بن قاسم القادري المسماة إتحاف أهل الدراية بما لي من الأسانيد والرواية، نيل المراد (1 /14)، شجرة النور(1 /617ـ 618)، الفكر السامي(2/ 378)،  الأعلام (7 /9)، إتحاف المطالع(2 /404).

([2])   الفكر السامي(2 /378).

([3])   سعادة الأمة بمولد عين الرحمة(ص: 25 ـ 26)

([4])   معجم المطبوعات المغربية(ص:285).

*************

جريدة المصادر والمراجع:

إتحاف المطالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع، لعبد السلام بن عبد القادر بن محمد بن عبد القادر بن الطالب بن محمد ـ فتحاـ بن سودة، تحقيق: محمد حجي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط1، سنة: 1417 هـ ـ 1997م.

الأعلام، لخير الدين الزركلي،  دار العلم للملايين. ط15، 2002 م.

سعادة الأمة بمولد عين الرحمة لأبي عبد الله محمد بن قاسم القادري، طبعة حجرية، فاس، 1331.

سعادة الأمة بمولد عين الرحمة لأبي عبد الله محمد بن قاسم القادري، تحقيق: محمد بوخنيفي، دار الكتب العلمية، بيروت، 2016.

شجرة النور الزكية في طبقات المالكية لمحمد بن محمد مخلوف، تعليق: عبد المجيد خيالي، دار الكتب العلمية، لبنان، ط1: 1424 /2003.

الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي لمحمد بن الحسن الحجوي الثعالبي  ط/ دار الكتب العلمية -بيروت-لبنان، ط1، سنة: 1416هـ- 1995م.

نيل المراد في معرفة رجال الإسناد (الفهرسة الكبرى) لمحمد بن محمد الحجوجي، مخطوط مؤسسة علال الفاسي رقم: 85ع.

*راجع المقال الباحث: يوسف أزهار