مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةقراءة في كتاب

التعريف بجزء فضائل رمضان لتقي الدين أبي محمد عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي(ت600هـ)

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحابته أجمعين.

وبعد؛

فقد اعتنى علماء المسلمين بالتأليف في شهر رمضان المعظم، وفضائله، عناية فائقة، لما له من مكانة ومنزلة عظمى في نفوس المسلمين؛ حيث ألفوا  كتبا، ورسائل، وأجزاء، وتقاييد كثيرة خاصة بهذا الشهر المبارك، وبينوا ما جاء  فيه من فضل، وثواب، ورحمة لمن قام بصيامه وقيامه بنية وإخلاص. ومن العلماء الذين ألفوا في فضائل رمضان العلامة عبد الغني المقدسي، وهو كتاب حسن غاية،  ولهذا اخترت أن أكتب مقالا عنه.

أولا: التعريف بالمؤلف[1]:

هو: تقي الدين أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور الجماعيلي  المقدسي الدمشقي الصالحي .

ولد بقرية جماعيل بنابلس سنة: (541هـ) على الصحيح.

ومن أشهر شيوخه:

أبو الحسن عبد الحق بن عبد  الخالق اليوسفي البغدادي(557هـ)

أبو الفتح محمد  بن عبد الباقي البغدادي المعروف بابن البطي (ت564هـ)

أبو بكر عبد الله بن محمد بن النقور البغدادي (565هـ)

أبو طاهر السلفي (ت576هـ)

أبو موسى محمد بن أبي بكر المديني  الأصبهاني(ت581هـ)

ومن أشهر تلامذته:

أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي (ت612هـ)

أبو الوفاء فضائل بن علي المصري (634هـ).

أبو الحجاج يوسف بن خليل الدمشقي (648هـ)

أبو بكر أحمد بن عبد الدائم المقدسي(ت668هـ)

والعلامة المقدسي كان إماما محدثا حافظا، قال الإمام الذهبي: ” وإليه انتهى حفظ الحديث متنا وإسنادا ومعرفة بفنونه، مع الورع والعبادة، والتمسك بالأثر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” [2].

قال ابن ناصر الدين “كان حافظا، محدث الإسلام، وأحد الأئمة المبرزين الأعلام، ذا ورع وعبادة وتمسك بالآثار، وأَمرٍ بالمعروف ونَهي عن المنكر “[3].

وله مؤلفات كثيرة تزيد على 56 تأليفا[4]، منها:  الكمال في أسماء الرجال في جمع رجال الكتب الستة، وعمدة الأحكام من كلام خير الأنام ، والاقتصاد في الاعتقاد،  ومختصر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه العشرة،  والترغيب في الدعاء والحث عليه، والمصباح في عيون الصحاح مستخرج على الصحيحن.

توفي رحمه  سنة (600هـ).

ثانيا: التعريف بفضائل شهر رمضان.

هو جزء جمع فيه العلامة المقدسي مجموعة من الأحاديث الواردة في فضل شهر رمضان بسندها المتصل بالسماع، معرفا ببعض رجال السند، مخرجا بعض الأحاديث.  

وقد جاء في أول  هذا الجزء  ما نصه: “قرأت على الشيخة الصالحة المعمرة أمة العزيز ابنة إسماعيل بن إبراهيم بن الخباز، قلت: أخبرك الشيخ الإمام العالم زين الدين أبو العباس أحمد بن عبد الدائم، قال: حدثنا الشيخ الإمام العالم الحافظ أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي رحمه الله”[5].

كما أورد فصلا  في فضل السحور وتأخيره، وفصلا في ليلة القدر وفضلها، والأحاديث المذكورة في هذا الجزء فيها الصحيح، والحسن، والضعيف.

وهذه أحاديث مختارة في فضل رمضان، وبركة السحور وتأخيره، وليلة القدر وفضلها من كتاب عبد الغني المقدسي المعرَّف به، وهي وقف الآتي:

*أحاديث مختارة  في  فضل رمضان:

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من آمن بالله ورسوله، وأقام الصلاة، وصام رمضان، فإن حقا على الله أن يدخله الجنة، هاجر في سبيل الله، أو جلس في أرضه التي ولد فيها”. قالوا: يا رسول الله، أفلا ننبئ الناس بذلك؟ قال: “إن في الجنة مائة درجة، أعدها الله جل ثناؤه للمجاهد في سبيله، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله تعالى فسلوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وفوقه عرش الرحمن عز وجل، ومنه تفجر أنهار الجنة”.صحيح رواه البخاري”[6].

وحديث آخر عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “نعم الشهر شهر رمضان، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، وتصفد فيه الشياطين، ويغفر فيه، إلا لمن أبى” . قالوا: من يأبى يا رسول الله؟ قال: “الذي لا يستغفر”[7].

وأيضا عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وثابت، عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر”[8].

وعن يزيد بن عبد الله بن الشخير، قال: لقيني رجل بذات عِرق فحدثني عن أبي هريرة ، قال: “أوْضَعُ ما يصيب صاحب شهر رمضان إذا أحسن صيامه وقيامه أن يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه”[9].

* أحاديث مختارة في السحور:

 ومن الأحاديث التي  أوردها  العلامة المقدسي في كتابه المذكور في بركة السحور وأهميته للصائم ما يلي:

عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تسحروا؛ فإن في السحور بركة”[10].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله جعل البركة في السحور والكيل”[11].

وأيضا عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن جزءا من سبعين جزءا من النبوة: تأخير السحور، وتبكير الإفطار وإشارة الرجل بأصبعه في الصلاة”[12].

*أحاديث مختارة في  ليلة القدر وفضلها:

ومن الأحاديث التي أوردها العلامة المقدسي في كتابه المذكور في ليلة القدر وفضلها ما يلي:

عن الزهري، عن سالم عن أبيه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم، قال: رأى رجل ليلة القدر في العشر الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أرى رؤياكم قد تواطأت على هذا، فاطلبوها في العشر الأواخر”[13].

وعن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من يقم ليلة القدر إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه”[14].

وعن قتادة، عن أنس بن مالك، قال: لما دخل رمضان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن هذا الشهر قد دخل عليكم، وهو شهر الله المبارك، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرمها فقد حرم الخير كلَّه، ولا يحرم خيرها إلا كل محروم”[15].

والحاصل أن جزء فضائل رمضان لعبد الغني المقدسي صغير الحجم كثير الفائدة، جمع  فيه أحاديث كثيرة في فضل رمضان،  وبركة السحور وتأخيره   وليلة القدر وفضلها.

*طبعات الجزء:

طبع بتحقيق أبي عبد الله عمار بن سعيد تمالت الجزائري ، دار ابن حزم؛ الطبعة الأولى، عام 1420 هـ ـ 1999 م، في: 101 صفحة، وهي معتمدي في التعريف به .

  كما طبع  بتحقيق أبي معاذ محمد إمام منصور، دار البشيرـ القاهرة، 1994.

****************

هوامش المقال:

[1]  من مصادر ترجمته: العبر في خبر من غبر(3 /129)، سير أعلام النبلاء (21 /444)،  التبيان لبديعة البيان( 3/ 1331)، شذرات الذهب في أخبار من ذهب (3/ 562)، مقدمة تحقيق عمار بن سعيد تمالت الجزائري لرسالة المؤلف لفضائل رمضان ( من ص: 9 إلى ص: 13 )، مقدمة تحقيق عقيدة الحافظ تقي الدين عبد الغني المقدسي ( ص: 7ـ8 )، مع لائحة وافية بمصادر الترجمة. 

[2] العبر في خبر من غبر(3 /129).

[3]التبيان لبديعة البيان (3/ 1332).

[4]  انظر مقدمة تحقيق عقيدة الحافظ تقي الدين عبد الغني المقدسي (ص: 18ـ22).

[5] فضائل رمضان (ص: 37).

[6] فضائل رمضان (ص: 38).

[7] فضائل رمضان (ص: 42).

[8] فضائل رمضان (ص: 42 ـ 43).

[9] فضائل رمضان (ص:  44).

[10] فضائل رمضان (ص:  77).

[11] فضائل رمضان (ص:  78).

[12] فضائل رمضان (ص:  77).

[13] فضائل رمضان (ص:  81).

[14] فضائل رمضان (ص:  83).

[15] فضائل رمضان (ص:  84).

*****************

جريدة المصادر والمراجع:

التبيان لبديعة البيان يتضمن تراجم مشاهير أعلام الحفاظ المحدثين، لابن ناصر الدين الدمشقي، تحقيق: عبد السلام الشيخلي، وسعيد البوتاني، وعبد الخالق المزوري، وإسماعيل الكوراني، دار النوادر، ط1، سنة: 1429هـ-2008م.

سير أعلام النبلاء،  لمحمد بن أحمد بن عثمان الذهبى تحقيق: شعيب الأرناؤوط ، وبشار معروف و آخرون، مؤسسة الرسالة، ط2، سنة:  1405 هـ ـ 1985م.

شذرات الذهب في أخبار من ذهب، لشهاب الدين أبي الفلاح  عبد الحي بن أحمد بن محمد العكري الحنبلي ابن العماد، تحقيق:  عبد القادر الأرنؤوط، محمود الأرناؤوط، دار بن كثير، سنة: 1406هـ.

العبر في خبر من غبر،لأبي  عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي، تحقيق: أبو هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول، دار الكتب العلمية ـ بيروت، ط1: 1405 /1985 (طبعة مصورة).

فضائل رمضان لتقي الدين أبي محمد عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي، تحقيق: أبو عبد الله عمار بن سعيد تمالت الجزائري دار ابن حزم؛ ط1 عام 1420 هـ ـ 1999 م.

راجع المقال الباحث: يوسف أزهار

Science

عبد الفتاح مغفور

  • أستاذ باحث مؤهل بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة النبوية العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق