مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةقراءة في كتاب

التعريف الموجز بكتاب شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح لأبي عبد الله جمال الدين محمد بن عبد الله، ابن مالك الطائي الجياني(ت672هـ)

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحابته أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد؛

إن العلماء قديما وحديثا بذلوا في خدمة  صحيح  الإمام البخاري الجهود العظيمة، وصرفوا الأوقات الثمينة،  فكل واحد منهم تناوله من جانب معين، فقد  حذفوا أسانيده، وعرفوا برجاله، وشرحوا غريبه، وبينوا مشكله، وصنفوا في شرح تراجم أبوابه،  وأوضحوا إعرابه، وغير ذلك،  ومن هؤلاء الأعلام: العلامة اللغوي، النحوي الكبير، أبو عبد الله محمد بن عبد الله، ابن مالك الذي ألف كتابا قيما سماه: “شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح”،  ولنفاسة هذا الكتاب، ولما احتوى عليه من فوائد معينة على فهم الجامع الصحيح، ارتأيت التعريف به وبصاحبه.

أولا: التعريف بالمؤلف[1]

هو: أبو عبد الله جمال الدين محمد بن عبد الله، ابن مالك الطائي الجياني، أحد الأئمة الكبار في علوم العربية.

ولد في  مدينة جيان بالأندلس سنة ستمائة، أو إحدى وستمائة،  ثم قام بعدة رحلات،  ثم استقر في دمشق إلى أن توفي فيها.

من شيوخه:  ثابت بن محمد بن يوسف بن حيان الكلاعي اللبلي، وأبي صادق الحسن بن صباح المخزومي،  وأبي الفضل بن أبي الصقر  مكرم نجم الدين بن محمد بن حمزة القرشي الدمشقي، وأبي الحسن علي علم الدين بن محمد السخاوي المصري.

 وأخذ عنه محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن  السلمي الدمشقي الحنفي ابن الفويرة،  ومحمد بن عبد القوي بن بدران المرادوي، ومحمد بن عبد الرحمن بن يوسف  بن محمد البعلبكي الحنبلي وغيرهم.  

وألف مؤلفات كثيرة منها: الألفية في النحو الصرف، وتسهيل الفوائد، وشرح تسهيل الفوائد، والضرب في معرفة لسان العرب،  والكافية الشافية،  وسبك المنظوم وفك المختوم، و لامية الأفعال، وعدة الحافظ وعمدة اللافظ، وشرحها، وإيجاز التعريف، وشواهد التوضيح، وإكمال الإعلام بمثلث الكلام، وتحفة المودود في المقصور والممدود،  والاعتضاد في الفرق بين الظاء والضاد، وغير ذلك.

قال الإمام الذهبي: “وكان إماما في القراءات وعللها؛ صنف فيها قصيدة دالية مرموزة في مقدار ” الشاطبية “، وأما اللغة فكان إليه المنتهى في الإكثار من نقل غريبها والاطلاع على وحشيها، وأما النحو والتصريف فكان فيه بحرا لا يجارى، وحبرا لا يبارى، وأما أشعار العرب التي يستشهد بها على اللغة والنحو فكانت الأئمة الأعلام يتحيرون فيه ويتعجبون من أين يأتي بها، وكان نظم الشعر سهلا عليه، رجزه وطويله وبسيطه وغير ذلك، هذا مع ما هو عليه من الدين المتين، وصدق اللهجة، وكثرة النوافل، وحسن السمت، ورقة القلب، وكمال العقل، والوقار، والتؤدة”[2]

توفي في ثانى عشر شعبان سنة اثنتين وسبعين وستمائة (672 هـ).

ثانيا: التعريف بكتاب التوضيح

كتاب شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح لابن مالك  حل فيه مجموعة من مشكلات ألفاظ حديث الجامع الصحيح للإمام البخاري  اللغوية والنحوية، والاستدلال على فصاحتها وموافقتها لكلام العرب، وتوجيه إعرابها. وهو معتمد عند شراح الجامع الصحيح الذين أتوا بعده في حل المشكلات المتعلقة بالنحو واللغة.

وسبب  تأليفه له رحمه الله  أنه لما هاجر ابن مالك من الأندلس  واستقر بدمشق اشتهر بنبوغه وتمكنه من الدراسات اللغوية والنحوية، فطلب إليه فضلاء المحدثين أن يوضح ويصحح لهم مشكلات ألفاظ روايات وردت في كتاب الجامع الصحيح  لأبي عبد الله البخاري المتوفى سنة 256هـ  فأجابهم عن ذلك  في أحد وسبعين مجلسا.

وفي ذلك يقول ابن مالك : وكان السماع بحضرة جماعة من الفضلاء  ناظرين في نسخ معتمد عليها، فكلما مر بهم لفظ ذو إشكال بينتُ فيه الصواب، وضبطته على ما اقتضاه علمي بالعربية، وما افتقر إلى بسط عبارة وإقامة دلالة  أخَّرت أمره إلى جزء أستوفي فيه الكلام مما يحتاج إليه من نظير وشاهد؛ ليكون الانتفاع به عامًّا، والبيان تامًّا، إن شاء الله تعالى”[3].

وابن مالك رحمه الله لم يبين منهجه في مقدمة كتابه هذا، فقد اكتفى بعبارة : هذا كتاب سميته شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح ، من غير أن يضع له مقدمة يبين فيها منهجه وطريقته ودوافع تأليفه.

والكتاب يخلو من التبويب ومن تقسيم الموضوعات إلى الفصول أو ما شابهها.

يتبين مما تقدم أن كتاب شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح لأبي عبد الله جمال الدين محمد بن عبد الله، ابن مالك الطائي الجياني  عظيم النفع جمع فيه قواعد  نحوية وفوائد ودرر  لغوية مهمة في حل مجموعة من مشكلات الجامع الصحيح.

طبعات كتاب شواهد الاعتبار:

طبع بتحقيق: الدكتور طه محسن،  مكتبة ابن تيمية،  ط1، 1405هـ. وطبع بتحقيق:  محمد فؤاد عبد الباقي، مكتبة دار العروبة ـ القاهرة.

***************

هوامش المقال:

[1]  من مصادر ترجمته: تاريخ الإسلام(15 /249)، طبقات الشافعية الكبرى(8 /67)،  طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة(2/ 149)، شذرات الذهب(5 /339)، بغية الوعاة(1/ 130)،  الأعلام(6 /233).

[2]  تاريخ الإسلام(15 /249).

[3]  مقدمة محقق كتاب التوضيح (ص: 11)، ينظر إرشاد الساري(1 /41).

****************

جريدة المصادر والمراجع

إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري لأحمد بن محمد بن أبى بكر بن عبد الملك القسطلاني القتيبي المصري، أبي العباس، شهاب الدين (ت 923هـ)، المطبعة الكبرى الأميرية، مصر، ط7، 1323 هـ.

الأعلام، لخير الدين الزركلي،  دار العلم للملايين. ط15، 2002 م.

بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم،  المكتبة العصرية ـ صيدا.

تاريخ ووفيات المشاهير وَالأعلام، لشمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي، تحقيق: بشار عوّاد معروف، دار الغرب الإسلامي، ط1، 2003 م.

شذرات الذهب في أخبار من ذهب، لعبد الحي بن أحمد بن محمد العكري الحنبلي، تحقيق: عبد القادر الأرنؤوط، ومحمود الأرناؤوط، دار بن كثير، دمشق، 1406هـ.

شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح،  تحقيق: الدكتور طه محسن،  مكتبة ابن تيمية،  ط1، 1405هـ.

طبقات الشافعية ـ لابن قاضى شهبة، لأبي بكر بن أحمد بن محمد بن عمر بن قاضي شهبة، تحقيق، د. الحافظ عبد العليم خان، عالم الكتب – بيروت، 1407 هـ، ط1.

طبقات الشافعية الكبرى، لتاج الدين بن علي بن عبد الكافي السبكي، تحقيق: محمود محمد الطناحي، وعبد الفتاح محمد الحلو،  دار هجر للطباعة والنشر، 1413هـ.

*راجعت المقال الباحثة: خديجة ابوري

Science

عبد الفتاح مغفور

  • أستاذ باحث مؤهل بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة النبوية العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق