الرابطة المحمدية للعلماء

الترجمة وحوار الثقافات

ترجمة العرب لثقافتهم من شأنها أن تمحي الصورة المشوهة عنهم

اختتمت أشغال المؤتمر الدولي السنوي لاتحاد الأدباء والكتاب العرب؛ والذي انعقد بالمقر التاريخي للاتحاد بقلعة صلاح الدين، بالقاهرة، تحت عنوان “الترجمة وحوار الثقافات”، بحضور عدد كبير من المبدعين العرب والأجانب من روسيا وإيطاليا والصين.

وحسب شبكة محيط الإخبارية فقد دارت محاور المؤتمر حول: الترجمة من اللغة العربية إلى اللغات الأوروبية والترجمة من اللغة العربية إلى اللغات الشرقية، والترجمة في أدب الأطفال، والترجمة ومشاكل النشر ومائدة مستديرة حول تجارب الترجمة وحوار الثقافات.

وقد عقدت الجلسة الأولى تحت عنوان “الترجمة من اللغة العربية إلى اللغات الأوروبية” وأكد د.جمال التلاوي مدير الجلسة أن الترجمة هي جسر التواصل بين الشعوب، وأثار إشكالية من يترجم؟ متحدث اللغة الأصلية أم متحدث اللغة التي يتم الترجمة إليها؟.

وتحدث المترجم د.حامد أبو أحمد عن ترجمة الكتب العربية إلى الإسبانية مؤكدا أنها شهدت ازدهارا خلال القرن العشرين وسوف يكون هناك انتشارا أوسع الفترات القادمة. مضيفا: العالم كله يهتم بتراثنا الذي يحمل بطياته عناصر حضارة زاهرة سادت العالم كله، ولكن الثقافة الحديثة بحاجة إلى من يترجمها أيضا ويلتفت إليها.

ونحن بحاجة ماسة إلى مؤسسة تعتني وتنسق شئون الترجمة؛ لأننا نجد كتبا مترجمة أكثر من مرة في حين أن كتب أخرى قيمة تكون مهملة ولا يلتفت إليها.

وأوضح د.عبد الغفار مكاوي أستاذ الفلسفة الغربية بجامعة القاهرة أن تجربته مع الترجمة تمتد إلى نصف قرن خاصة في ترجمة الشعر إلى اللغة الألمانية، ومن خبرته الطويلة اقترح أن يرصد اتحاد الكتاب جائزة عالمية لأفضل كتاب مترجم من العربية من خلال إعلان أو نداء للمستعربين الأجانب أن يرسلوا أعمالهم المترجمة ويتم تحكيمها من المتخصصين.

وأضاف: نحن لا نملك حتى الآن اتحادا عربيا للمترجمين العرب، أتمنى أن تقوم جمعية عربية ننسق من خلالها عملية الترجمة لأن الكتاب الواحد يترجم أحيانا عدة مرات، قائلا: نحن في أشد الحاجة إلى مؤسسة عربية تكون تابعة للجامعة العربية لتنظم أعمال الترجمة من العربية إلى اللغات الأخرى.

عن واقع الترجمة من العربية إلى اليونانية تحدث د. محمد حمدي إبراهيم قائلا: حين ذهبت إلى أثينا في أواخر الستينيات من القرن الماضي لم أجد إلا النذر اليسير من الكتب العربية المترجمة إليها.

ولكن بدأت حركة الترجمة من العربية إلى اليونانية تزدهر حيث قمت بعد عودتي وبجهد جماعي بترجمة معاني القرآن الكريم إلى اليونانية، وتم ترجمة أعمال نجيب محفوظ بعد حصوله على جائزة نوبل، وقام المستشار الثقافي اليوناني بالقاهرة بترجمة مختارات من الشعر الحديث. وأوضح أننا لا نملك للترجمة إلى اليونانية حتى الآن، لأن اللغة اليونانية صعبة وعسيرة لأنها لغة تملك تاريخ وإجادتها تتطلب خبرة طويلة.

وتحدثت د.مكارم الغمري أستاذ الأدب المقارن وعميدة كلية الألسن سابقا عن الترجمة من العربية إلى الروسية قائلة: ساهمت دار التقدم الروسية في ترجمة الأدب الروسي للعربية واعتمدوا على المترجمين العرب الذين درسوا في روسيا.

وكانت البدايات الأولى للترجمة من العربية للروسية هي ” ألف ليلة وليلة ” في القرن الـ18 ولاقت نجاحا منقطع النظير حتى أعيد طبعها 20 مرة وصدرت الترجمة في 8 أجزاء. ولم تكن هذه هي الترجمات الوحيدة، لكن ترجم أيضا القرآن الكريم، الشعر، كتب التراث مثل “طوق الحمامة، البخلاء، الأغاني، كليلة ودمنة، مقامات الحريري” ونفس هذه المجموعة أعيد ترجمتها في القرن الـ20. كما ترجمت مختارات من الأدب الحديث أيضا مثل توفيق الحكيم، طه حسين، ونجيب محفوظ.

وقد عرف المؤتمر تكريم المبدعين الحاصلين على جوائز عالمية وكان أولهم الروائي الكبير بهاء طاهر الذي حازت روايته “الحب في المنفى” على جائزة الرواية الأولى في إيطاليا وقال طاهر عن تكريمه: أنا مهتم جدا بالترجمة حيث نشأت في شبابي على مشروع الألف كتاب الذي تبناه طه حسين.

وأود أن أنبه فقط أننا لا يجب علينا النظر إلى الكم المترجم بل نعتني بالكيف لأن هناك أعمال مترجمة تشوه الأصول التي تترجم عنها. والمكرم الثاني جمال الغيطاني الذي جسد قيم الشعب الدينية عن روايته “التجليات” وحاز عدة جوائز عالية منها جائزة فرنسية عام 2005، وجائزة اخرى إيطالية عن روايته المذكورة.

ثم كُرم د. علاء الأسواني والحائز مؤخرا أيضا على جائزة إيطالية عام 2007 عن روايته “عمارة يعقوبيان” وجائزة نمساوية عام 2008، وقال تعليقا على تكريم اتحاد الكتاب له: حصلت على جوائز عديدة في الخارج ولكن لا شئ يساوي تكريم بلادي لي.

كما تم تكريم الشاعر الكبير محمد عفيفي مطر الذي حصل مؤخرا على جائزة الكتاب العربي الأول المترجم من جامعة في أمريكا عن ديوانه “رباعية الفرح” الذي قال: تكريمي في مصر والمؤسسة التي أنتمي إليها له مذاق خاص.

وأود التأكيد على أن مسألة الترجمة هي حوار حضاري وثقافي لا يمكن المرور عليه مرورا سهلا، معظم الترجمة التي يختارها الأجانب إنما هو خطاب ثقافي يريد أن يرسخ في الذهن الأوروبي الصورة المعروفة عن ثقافاتنا فنحن عندهم شعوب ألف ليلة وليلة واستعباد النساء وليالي شهر زاد، نحن طرفة فلكلورية لديهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق