مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات عامة

التحسينات المالية في المذهب المالكي وتطبيقاتها المعاصرة29

        ذ/ عبد السلام اجميلي 

 من علماء القرويين

– صفة العمل الذي تنعقد عليه المساقاة:

قال ابن رشد: فإن العلماء بالجملة أجمعوا على أن الذي يجب على العامل هو السقي والإبار، واختلفوا في الجذاذ على من هو؟ وفي سد الحظار وتنقية العين والسانية؟ وأما مالك فقال في الموطأ السنة في المساقاة التي يجوز لرب الحائط أن يشترطها سد الحظار وخم العين وشرب الشراب وإبار النخل وقطع الجريد وجذ الثمر، هذا وأشباهه هو على العامل، وهذا الكلام يحتمل أن يفهم منه دخول هذه في المساقاة بالشرط، ويمكن أن يفهم منه دخولها فيها بنفس العقد. وقال الشافعي: ليس عليه سد الحظار لأنه ليس من جنس ما يؤثر في زيادة الثمرة مثل الإبار والسقي، وقال محمد بن الحسن ليس عليه تنقية السواني والأنهار، وأما الجذاذ فقال مالك والشافعي هو على العامل إلا أن مالكا قال: إن اشترطه العامل على رب المال جاز، وقال الشافعي: لا يجوز شرطه وتنفسخ المساقاة إن وقع، وقال محمد بن الحسن الجذاذ بينهما نصفان، وقال المحصلون من أصحاب مالك: إن العمل في الحائط على وجهين عمل ليس له تأثير في إصلاح الثمرة، وعمل له تأثير في إصلاحها. والذي له تأثير في إصلاحها منه ما يتأبد ويبقى بعد الثمر، ومنه ما لا يبقى بعد الثمرة، فأما الذي ليس له تأثير في إصلاح الثمر فلا يدخل في المساقاة لا بنفس العقد ولا بالشرط إلا الشيء اليسير منه، وأما ما له تأثير في إصلاح الثمر ويبقى بعد الثمر فيدخل عنده بالشرط في المساقاة لا بنفس العقد، مثل إنشاء حفر بئر أو إنشاء ضفيرة للماء. أو إنشاء غرس أو إنشاء بيت يجنى فيه الثمر. وأما ما له تأثير في إصلاح الثمر ولا يتأبد فهو لازم بنفس العقد وذلك مثل الحفر والسقي وزبر الكرم وتقليم الشجر والتذكير والجذاذ وما أشبه ذلك. وأجمعوا على أن ما كان في الحائط من الدواب والعبيد أنه ليس من حق العامل.

واختلفوا في شرط العامل ذلك على المساقي فقال مالك يجوز ذلك فيما كان منها في الحائط قبل المساقاة وأما إن اشترط فيها ما لم يكن في الحائط فلا يجوز، وقال الشافعي لا بأس بذلك وإن لم يكن في الحائط، وبه قال بن نافع من أصحاب مالك وقال محمد بن الحسن لا يجوز أن يشترطه العامل على رب المال ولو اشترطه رب المال على العامل جاز ذلك، ووجه كراهية ذلك ما يلحق في ذلك من الجهل بنصيب رب المال، ومن أجازه رأى أن ذلك تافه ويسير ولتردد الحكم بين هذين الأصلين استحسن مالك ذلك في الرقيق الذي يكون في الحائط في وقت المساقاة ومنعه في غيرهم لأن اشتراط المنفعة في ذلك أظهر ([1]).

 

 


[1] -بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ج2، ص : 245.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق