مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات عامة

التحسينات المالية في المذهب المالكي وتطبيقاتها المعاصرة23

ذ/ عبد السلام اجميلي 

من علماء القرويين

– تطبيقات الاستحسان في خيارات عقد البيع عند المالكية :

– تعريف خيار الشرط ومشروعيته:

هو أن يكون لأحد المتعاقدين أو لكليهما الحق في إمضاء العقد أو فسخه خلال ثلاثة أيام، إذا شرط ذلك في العقد([1]):

صوره:

أن يقول المشتري للبائع: اشتريت منك هذه السلعة على أني بالخيار ثلاثة أيام، فيقبل البائع، أو أن يقول البائع للمشتري: بعتك هذه السلعة على أني بالخيار ثلاثة أيام فيقبل المشتري، أو أن يشترطاه جميعا: بأن تطبق على الصورة الأولى قبول البائع على أنه يملك ذات الخيار، وفي الصورة الثانية قبول المشتري على انه يملك نفس الخيار.

-ثانيا: مشروعيته:

من مقتضى العقد أن يكون لازما بمجرد اجتماع أركانه وشروطه، لكن خيار الشرط يخالف هذا المقتضى فيعلق اللزوم خلال المدة المشترطة للخيار([2]). وعلى الرغم من أن شرط الخيار مخالف لمقتضى العقد إلا أن الفقهاء قد اتفقوا  على جوازه، ولو ورد النص بإباحته([3]).

وقد علمنا سابقا أن المالكية والشافعية والحنفية قد استثنوا منه عموم النهي عن بيع وشرط: الشرط الذي ورد به النص.

أما الحنابلة فالأصل عندهم جواز الشرط في عقد البيع ما لم يكن مخالفا للشرع أو منافيا لمقتضى العقد، وخيار الشرط قد ورد به النص، فلا خلاف في جوازه عندهم، لكنهم يختلفون عن الجمهور في أنهم يرون أن شرط الخيار لا يناقض مقتضى العقد([4]).

اشتراط نقض الثمن في مدة معلومة:

اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين :

-ذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في أصح القولين عنه إلى أن هذا البيع باطل، وهو قول زفر من أصحاب أبي حنيفة رحمه الله تعالى، وحجتهم في ذلك: أن هذا ليس بشرط خيار، وإنما هو شرط فاسد مفسد للبيع لأن فيه تعليق البيع على الضرر، فأشبه ما لو باع بشرط أنه إن قدم زيد اليوم فلا بيع بينهما، وهذا لا يصح، فكذلك ما نحن فيه، وهذه حجة الشافعية، وأيضا أن هذا بيع شرط فيه إقالة فاسدة لتعلقها بالشرط وهو عدم النقد، واشتراط الإقالة الصحيحة في البيع مفسد للعقد، لكونه على خلاف العقد – فاشتراط فاسدها أولى أن يفسد، وهذه حجة زفر ([5]).

وذهب الحنفية ما عدا زفر وأحمد رحمهم الله تعالى إلى أن هذا العقد جائز ويلزم الشرط، وإن كانوا اختلفوا في المدة التي يجوز اشتراطها فاتفق الكل على الثلاثة ومنع أبو حنيفة وأبو يوسف الزيادة عليها بينما أجازها أحمد، ومحمد من أصحاب أبي حنيفة.

ونقل ابن قدامة عن مالك الجواز في اليومين والثلاثة ونحوها وحجتهم في هذه المسألة الاستحسان ([6]).

قال في الفتح ([7]) وكل من علم صحة اشتراط الخيار للتروي ثلاثة أيام لكل من المتبايعين تبادر إليه، أن شرعيته للتروي لدفع ضرر الغبن في المبيع والثمن، فليتبادر إليه جوازه لدفع الغبن في الثمن للمماطلة، قال ابن قدامة في المغني ([8]) فإن قال: بعتك على أن تنقدني الثمن إلى ثلاث أو مدة معلومة وإلا فلا بيع بيننا، فالبيع صحيح وحجة الحنابلة: أن هذا يروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ودعموا رأيهم أيضا بمثل المعنى الذي ذكره الحنفية في وجه الاستحسان، راجع إلى اختلافهم في الأصل وهو هل يجوز شرط الخيار أكثر من ثلاثة أيام أم لا؟ ([9]).

 


[1] -المدخل في التعريف بالفقه الإسلامي، لشلبي، ص 597.

[2] -المصدر السابق، ص 594.

[3] -بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، للكاساني، 5/174.

[4] -المغني على مختصر الخرقي، لابن قدامة، 3/415.

[5] -الهداية وشروحها، 5/114.

[6] -الهداية وشروحها 5/114.

[7] -الهداية وشروحها 5/114.

[8] -المغنى، 3/504/505.

[9] -الهداية وشروحها 5/110.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق