مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات عامة

التحسينات المالية في المذهب المالكي و تطبيقاتها المعاصرة19

   ذ/ عبد السلام اجميلي 

 من علماء القرويين

 

– الشرط الذي لا يقتضيه عقد البيع لكن جرى به العرف :

– الشراء بشرط إيصال السلعة إلى المكان الذي يحدده المشتري:

إذا تم عقد البيع بين طرفين فالأصل أن يتسلم البائع الثمن، وأن يتسلم المشتري المبيع، وهذا من مقتضى عقد البيع، لأن البائع قد ملك الثمن بعقد البيع، والمشتري قد ملك المبيع بنفس العقد.

فإذا اشترى تاجر سلعة، وشرط على البائع حملها إلى مكانه من السوق أو أي مكان يحدده المشتري، فما صحة هذا الشرط:

اختلف الفقهاء في هذه المسألة على مذهبين:

المذهب الأول:

 ويرى أصحابه جواز العقد بهذا الشرط، لكن وضع كل منهم للجواز قيدا، فإن أهمل القيد فسد العقد، فمذهب المالكية:(إن لم يشترط الضمان على البائع)([1])، والحنابلة:(إن كان المكان معلوما)([2])، والحنفية:(إن كان المتعاقدان داخل المصر)([3]).

-المذهب الثاني:

 ويرى أصحابه فساد العقد بهذا الشرط مطلقا، وإليه ذهب الشافعية([4]) ومحمد بن السن (من الحنفية)([5]).

ثم اختلفوا في الحالات المفسدة، لكنها لا تخرج عن واحدة من ثلاث حالات:

-الحالة الأولى: أن يكون مكان أحد العاقدين داخل المصر والآخر خارجه.

-الحالة الثانية: أن يشترط ضمان السلعة على البائع.

-الحالة الثالثة: أن يكون المكان الذي يحدده المشتري مجهولا، والسبب في اختلافهم في هذه الحالات المفسدة للشرط أمران:

-الأمر الأول: مسألة ضمان المبيع، فهل يكون المبيع مضمونا على المشتري بمجرد العقد، أو أن ضمان المبيع لا ينتقل إلى المشتري إلا بعد قبضه، (ويظهر هذا الاختلاف بين المالكية والحنابلة من جهة والحنفية من جهة أخرى)، فعند المالكية والحنابلة ينتقل الضمان للمشتري بمجرد العقد إلا إذا كان فيه حق توفية، فلا ينتقل ضمانه إلا بعد توفيته وقبضه من قبل المشتري([6]).

وعند الحنفية لا يكون ضمان المبيع على المشتري إلا بعد قبضه([7]).

-الأمر الثاني: اختلافهم في الدليل الذي بنوا عليه جواز هذا الشرط (ويظهر هذا الاختلاف بين الحنابلة والحنفية)، حيث بنى الحنفية الجواز على الاستحسان بالعرف، بينما بناه الحنابلة على تجويز عقدين في عقد، فهو عقد بيع وإجارة عندهم .

 

 


[1] -البيان والتحصيل، لابن رشد الجد، 7/227.

[2] -المغني على مختصر الخرقي، لابن قدامة 4/70.

[3] -بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع 5/171.

[4] -روضة الطالبين، للإمام النووي 3/399.

[5] -شرح فتح القدير، للعاجز الفقير، لابن الهمام 5/475.

[6] -حاشية الدسوقي 3/140.

[7] -بدائع الصنائع، في ترتيب الشرائع، 5/171.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق