مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات عامة

التحسينات المالية في المذهب المالكي وتطبيقاتها المعاصرة 12

ذ/ عبد السلام اجميلي 

من علماء القرويين

ثانيا: الحنفية:

قال محمد الحسن الشيباني([1]): كان أبو حنيفة (رحمه الله) يناظر أصحابه في المقاييس، فينتصفون منه ويعارضونه، حتى إذا قال: أستحسن، لم يلحقه أحد منهم، لكثرة ما يورد في الاستحسان من المسائل، فيدعون جميعا، ويسلمون له([2]).

غير أن الإمام الطحاوي([3]) نسب إليه عدم القول بالاستحسان ، وهذا إطلاق لا دليل عليه فيما كتبه الطحاوي؟ والبينة على المدعي([4]).

كما أن الإمام الطحاوي من أبناء الطبقة الثالثة من طبقات المجتهدين التي لا يسع أصحابها مخالفة إمامهم في الأصول ولا في الفروع([5]).

وقد ثبت أن الإمام أبا حنيفة كان يأخذ بالاستحسان فلا يعتد بمخالفة الطحاوي له.

ثالثا: الحنابلة:

قال القاضي يعقوب إبراهيم: القول بالاستحسان مذهب أحمد (رحمه الله)([6]).

وقال ابن مفلح: أطلق القول به-يعني الاستحسان-في مواضع([7]) استدل القاضي أبو يعلى على بطلان القول  بالاستحسان كما رواه أبو طالب([8]) عن الإمام أحمد أنه قال: أصحاب أبي حنيفة إذا قالوا شيئا خلاف القياس قالوا: نستحسن هذا وندع القياس، فيدعون ما يزعمون أنه الحق بالاستحسان، وأنا ذاهب إلى كل حديث جاء، ولا أقيس عليه”([9]).

فإطلاق القول بأن الإمام أحمد قد أخذ بالاستحسان فيه نظر، لورود هذه الرواية عنه.

الجواب:

أولا: بين أبوالخطاب تلميذ القاضي،أن إنكارالإمام أحمد متوجه إلى الاستحسان الذي لم يبن على دليل، وذلك من وجهين([10])، الوجه الأول: قول الإمام أحمد: يتركون القياس الذي يزعمون انه الحق بالاستحسان، فلو كان الاستحسان مبنيا على دليل لكان حقا، وهذا لا ينكره أحد.

الوجه الثاني: قول الإمام: وأنا أذهب إلى كل حديث جاء ولا أقيس عليه، أي أنه يترك القياس بالخبر، وهذا هو عين الاستحسان المبني على الدليل.

ثانيا: جاءت عدة روايات عن الإمام أحمد يقول فيها بالاستحسان، وأكتفي بذكر اثنتين منها([11]).

الرواية الأولى: روى ابن محمد عن الإمام أحمد أنه قال فيمن غصب أرضا فزرعها الزرع لرب الأرض، وعليه النفقة، وهذا شيء لا يوافق القياس، ولكن استحسن أن يدفع إليه نفقته.

الرواية الثانية: روى الميموني([12]) عن الإمام أحمد أنه قال: أستحسن أن يتيمم لكل صلاة، والقياس انه بمنزلة الماء يصلي به حتى يحدث أو يجد الماء، والحاصل أن إنكار الإمام احمد ليس للاستحسان المبني على دليل، بل للاستحسان المبني على الهوى، و لا يقول به أحد من أهل العلم الفضلاء، وهو محل إجماع، ولقد رأيت مسائل عدة عن الإمام أحمد يقول فيها بالاستحسان، لذلك لا يصح أن يقال: إن في حجية الاستحسان عن الإمام أحمد روايتين([13]).

يتبين لنا مما تقدم أن مالكا وأبا حنيفة وابن حنبل يحتجون بالاستحسان، وهو دليل شرعي معتبر عندهم .

 

 


[1] -الفتح المبين في طبقات الأصوليين، لمحمد بن الحسن الشيباني 1/115.

[2] -مناقب أبي حنيفة للمكي الموافق بن احمد 1/81.

[3] -سير أعلام النبلاء للذهبي 15/27.

[4] -الاستحسان حقيقته ومذاهب الأصوليين فيه للنشمي، ص 114.

[5] -التحسينات المالية لحسن عوض ص 34.

[6] – روضة الناظر وجنة المناظر، لابن قدامة، ص 85.

[7] – شرح الكوكب المنير، للفتوحي، ص 387.

[8] – طبقات الحنابلة، لمحمد أبي طالب المشاكي، 1/39.

[9] -المسودة في أصول الفقه، لابن تيمية، ص 452.

[10] -شرح مختصر الروضة، للطوفي، 2/202.

[11] -المسودة في أصول الفقه ص 451.

[12] -سير أعلام النبلاء، 13/89-90.

[13] -حاشية السعد على شرح العضد لمختصر المنتهى لابن الحاجب، 2/288.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق