وحدة الإحياءدراسات محكمة

التجديد في التفسير في العصر الحديث.. منطلقاته وأهم اتجاهاته

لقد كان لفعل القرآن الكريم في نفوس المتلقين الأوائل بالغ الأثر في تكوين الانقلاب السلوكي والفكري الذي أبان عنه المجتمع الإسلامي الأول، ذلك أن أفراده أدركوا كليات هذا الدين الجديد الذي جاء لرفع الإنسان من التفاهة والضياع إلى المسؤولية والإبداع، وسما به إلى خلافة الله في تدبير شؤون هذا العالم، من خلال شريعة تنظم علاقته بالكون حتى يكون جديرا بهذه الخلافة وأهلا لمسؤوليتها، ولقد وعى الأولون هذه الحقيقة فتعاملوا مع نصوص القرآن الكريم على أساسها، حتى أحدثوا في واقعهم ثورة حقيقية على النمط العربي السائد شكلا ومضمونا، بعد أن أخرجوا نظرة القرآن للكون والحياة والإنسان في التفاصيل الحياتية التي عاشوها إلى جانب النبي، صلى الله عليه وسلم، مسترشدين بتوجيهه ومستبينين منه ما أشكل على عقولهم من معان أكبر من إدراكهم، حيث كان صلى الله عليه وسلم، ينطق بكنه ما خفي من ألفاظ القرآن الكريم وآياته ويكشف في نفس الحين عن تصور جديد اكتملت أساساته مع اكتمال الوحي، وخطت المعالم التي يمكن أن يرص عليها كل بناء معرفي مقبل، حتى تتناسق لبنات هذا المشروع وتتكامل في إنشاء الصرح الإسلامي البديع الذي لا يفقد صفته مهما تقادم الزمن وطال التاريخ.

أولا: الحاجة إلى التجديد في التفسير

والحقيقة أن خللا ما وقع في علاقة النص بالواقع، ذلك أن أثر النص الذي صنع عزة المسلمين الأوائل ضعفت قوته ولم تعد فعاليته كما كانت في أول عهدها، وأصبح سؤال المحدثين يدور حول الدواعي التي باعدت بين المسلمين ومقررات الوحي، وهذا السؤال الواسع انطلق من حق مشروع في الاستفهام وانتهى إلى اتجاهات مختلفة في تفسير ضعف هذه الفعالية، كانت نتيجتها بروز تيارات مختلفة تدعو إلى التجديد في قراءة النص القرآني، تنطلق كلها من مفاهيم متمايزة للتجديد وتبني عليها اتجاهات متباينة للتجديد في التفسير.

ثانيا: التجديد في التفسير، مقدماته الفكرية واتجاهاته النظرية

1. المنطلقات المعرفية لدعاة التجديد

لا يخرج معنى التجديد عن المعاني العامة لمفهوم التجديد لغة؛ فإرادة التجديد في التفسير تنطلق من المعنى اللغوي الذي يكون إما دالا على الاستمرارية وصلاحية الشيء أو “الأفكار” للبقاء إذا استجدت أو تم تجديدها بعد أن بلت[1] وإبراز ما لم يكن بارزا منها، وإما تدل على ما لا عهد للإنسان به، أو إنشاء ما لم يكن منشئا[2]. ومعاني التجديد هذه تصدق على المعاني التي يقصدها دعاة التجديد في العصر الحديث، وكما تختلف مدلولاتها لغة تبدو أيضا متعارضة في المقاربات الاصطلاحية لهؤلاء الدعاة وتصوراتهم لعملية التجديد، فمقصود التجديد الإحياء لدى فئة، ومقصوده الاجتهاد لدى أخرى، وهو تعبير عن أمل الاجتهاد المبدع أو التطوير لدى فئة أخرى من دعاة التجديد، وتعبير عن معنى الحداثة لدى آخرين.

2. الاتجاهات العامة للتجديد في التفسير في العصر الحديث

ويمكن أن نلخص الاتجاهات العامة للتجديد في التفسير في أربعة اتجاهات:

الاتجاه الأول؛ يرى أن سبب نكوص الأمة هو البعد عن القرآن الكريم وتوجيهه، والرجوع إليه كفيل بإخراج الأمة من حرجها، والعودة إليه لابد أن تتم على طبيعة فهم السلف لنصوصه، وهذا الاتجاه يدعو إلى التجديد بمعنى الإحياء[3].

الاتجاه الثاني؛ يفترض أن التجديد في التفسير ضرورة واقعية وسنة جارية لم تنقطع طيلة التاريخ الإسلامي، وهي تواكب مستجدات العصور ومتقلباتها، وتتحرك من قابلية النص لتعدد الأفهام، وهي بهذا المعنى تؤكد على ضرورة الاجتهاد، وتعتبر الطبري مجددا، وكذلك القرطبي والزمخشري وغيرهم [4]، ممن أضاف إلى فهم السابقين إضافة غير مردودة، ويرى هذا الاتجاه أن العصر الحديث له مستجدات لا بد أن تؤخذ بعين الاعتبار في التفسير وتضاف إلى الاجتهادات السابقة[5]، وهذا الاتجاه يظهر ميله للتجديد بشكل أنضج ممن يراه نوعا من إحياء ما طاله البلى كما أنه يظهر تحفظه عن أنواع أخرى من أنواع التجديد.

الاتجاه الثالث؛ يعتبر أن التراث التفسيري لا موضع له في التجديد المطلوب ويجب أن يلفظ تماما في قراءتنا المعاصرة للنص[6] ولو تعلق الأمر ببيان السنة[7]، وما نصوص القرآن الكريم إلا نصوصا لغوية شأنه في ذلك شأن أية نصوص أخرى في الثقافة، يستنطق النص بأدوات تحليلها[8]، ويجعل للواقع سلطة مطلقة لفهمه حيث فهم أول مرة بهذا الواقع وتنزل استجابة لظروفه[9].

الاتجاه الرابع؛ لا يرى معنى للتجديد الذي يقتصر على الإضافة إلى التراث التفسيري[10]، ويعتبر أن الواقع يقتضي أن يعاد النظر في هذا التراث جملة -دراسة وتمحيصا- على اعتبار أنه عمل بشري يتطرق إليه الخطأ والصواب، وأن يتم تجاوز النظرة الاختزالية لمضامين النصوص[11]، إذ القرآن مصدر توجيهي للإنسان في كل مناحي حياته، وليس كتاب أحكام أو لغة وعلم كلام، بل هو كتاب نهضة وكتاب مدنية وعمران وكتاب السعادتين[12]، يحتاج إلى منهج جديد لتفسيره لعدم كفاية المنهج التجزيئي على الوفاء بكل أغراضه.

ومن نافل القول أن الاختلاف بين الاتجاهات المذكورة على المستوى النظري ظاهر وجلي إلا أنه اختلاف حاد يبلغ حد التعارض والتنافر في بعض مظاهره، ومرد ذلك إلى تباين المنطلقات المعرفية لكل اتجاه وتميز الغايات المقصودة من كل دعوة، ومع ذلك فإن هناك دوافع يجتمع عليها كل دعاة التجديد يمكن إجمالها فيما يلي:

أ. انطلاقهم جميعا من الواقع المتردي للمسلمين؛

ب. اتفاقهم على وجود بعض الثغرات لا بد من معالجتها في التراث التفسيري؛

ج. اتفاقهم على وجود قابلية لتعدد الفهوم للنص القرآني.

د. نبذهم للجمود.

ثالثا: الخصائص العامة للتجديد في التفسير في العصر الحديث  

1. الوعي بثغرات التفسير الموروث مادة

إن الغالب على حركة التجديد في التفسير خلال العصر الحديث ومنذ بداية عصر النهضة الإسلامية هي تلك الدعوة التي ترى أن التفسير لم يعد يواكب التقلبات، ولم تستفد كما ينبغي من خاصية التجدد التي تتميز بها مدلولات النص القرآني، حيث كان للفهم المغلوط “لاكتمال الدين”[13] ودرء الفتن بالغ الأثر في تقزيم مفهوم الاجتهاد ومفهوم الفقه الواسعين[14]، كما أن مفهوم التفسير صار إلى معنى لا يمكن أن يعبر عن البيان بحال، حيث ارتبطت نشأته بكشف دلالات الألفاظ[15] في زمن تعاجم فيه اللسان، فنشأ التفسير لحل الإشكال اللغوي، وأما التجديد الذي كان يطرأ على التفاسير قديما فقد طبعته ميولات ذوقية وتلوينات مذهبية واجتهادات جزئية، ولذلك فقد أكدت مجمل الدعاوى على التخلص من معوقات الفهم الصحيح للنص القرآني وإحداث فهم مناسب للعصر الحديث، وفي مقدمة هذه المعوقات:

أ. مظاهر التجريد في التعامل مع النص

لقد نقلت بعض التفاسير علاقة أصحابها بالمعارف الإنسانية الدخيلة ذات الطابع العقلي كالمنطق والفلسفة وعلم الكلام، فنحت هذه التفاسير منحى تجريديا يفصل العلوم الدنيوية عن الأخروية والمنقولة عن المعقولة، مما أوقع هؤلاء المفسرين في إقحام نظريات فلسفية ومناهج تحليلية أقرب ما تكون إلى الفلسفة وأبعد ما تكون عن المنطق الإسلامي السليم، الذي لا يقحم أفهاما في الغيب إلا إذا أنبأ عنها القرآن أو صحيح السنة، وإذا تجاوز الفهم حكم الافتراض والنظر، وهذا ما أوقع التفاسير في تأويلات فلسفية شاذة أبعدت النصوص عن مقاصدها العامة[16].

ب. الإفراط والتفريط في إعمال العقل والنقل

إلى جانب مظاهر التجريد العقلي في التعامل مع النص خاضت بعض التفاسير في التأويل المذموم الذي لا يستند إلى قرائن معقولة، فعمدت إلى العدول عن الظاهر بدون موجب تارة، وبدون قرائن تارة أخرى كما فعل المعتزلة والفلاسفة والبعض من أهل الكلام، مما أبعد تلك التفاسير عن أصول التفسير المنضبط.

ومقابل الإفراط في التحليل العقلي واعتماد الإشارة تجنبت تفاسير أخرى هذا المسلك تحفظا من القول على الله بغير علم فوقعت في نقول لا تقبل، وفهوم لا تعقل، وعذرها نقلها عن السلف[17].

ج. الخرافات والخيال في الشروح والحواشي

وسبب ذلك عدم التحفظ في عرض الكثير من القصص التوراتية من باب الإباحة التي يدل عليها الحديث النبوي: “لا تصدقوهم ولا تكذبوهم”[18]، وكذلك إقحام الرؤى في تفسير الآيات.

د. التعصب المذهبي والإغراق في المباحث والأذواق

تميزت التفاسير التراثية عموما بميولات أصحابها واختصاصاتهم ومذاهبهم وأذواقهم، حتى صنفت التفاسير إلى أصناف متنوعة، منها الفقهي واللغوي والفلسفي والإشاري وما إلى ذلك من التصنيفات المختلفة.

2. إرادة التجديد في التفسير مادة ومنهجا

لقد تأسست نداءات التجديد أساسا على إعادة النظر في مادة التفسير وإعادة الاعتبار إليه بتنقيته من الشوائب وتخليصه من الزوائد من جهة، ورص قواعده من جهة أخرى، مع التركيز على الانضباط لمقتضيات الألفاظ وتحري مقاصد الشريعة والتركيز على الهدائية وغير ذلك مما يؤكد عليه دعاة التجديد في التفسير من حيث المادة. أما من حيث المنهج فإن رؤية المفسرين في العصر الحديث تميزت بالتأكيد، في غالبها، على ضرورة وضع بدائل منهجية كفيلة بإخراج التصور القرآني حتى يكون قابلا لتنزيله على واقع الناس، وقد كان الاهتمام بالغا بمنهج التفسير الموضوعي منذ دعوة محمد عبده[19]، حيث وجد هذا المنهج استحسانا لدى مجددي التفسير في العصر الحديث. وقد تطور هذا المنهج مرورا بأشكال شتى، نذكر منها التفسير بالمقالة[20] والوحدة الموضوعية للسور كل على حدة، والوحدة الموضوعية للقرآن الكريم كله من الدفة إلى الدفة، وقد بدأ يتشكل هذا المنهج في إطار علم مستقل منذ ثمانينات القرن الماضي، يهدف إلى استخراج نظريات قرآنية تجيب عن أسئلة الحاضر وإشكالاته، وتطمح إلى بناء قيمه وحضارته[21].

رابعا: أهم اتجاهات التجديد في التفسير في العصر الحديث

لقد كان تفسير “المنار” تتويجا عمليا لمقالات سابقة حملت هموم مصلحين ثائرين انتبهوا إلى البعد الحاصل بين النص وتفسيره، وعدم قدرة التفسير على الوفاء بحاجات الواقع، وفقدانه لوظيفة التوجيه التي نزل الوحي من أجلها، ونذكر من هؤلاء المصلحين، جمال الدين الأفغاني، وعبد الرحمن الكواكبي، وغيرهما ممن استنفر العقول من أجل النهضة والإصلاح، فجاء المنار مكملا علميا مؤسسا لأركان التفسير المطلوب، حيث فتح بابا واسعة المنفذ للاجتهاد المشروع ولجه جهابذة من المجددين الأكفاء، أمثال عبد الحميد بن باديس وأمين الخولي وسيد قطب ومحمود شلتوت وعائشة عبد الرحمن وغيرهم.

إلا أن أبوابا أخرى فتحت أيضا زمن محمد عبده، انطلق والجوها مما انطلق منه، وتاهوا بعد ذلك في أيديولولوجيات أبعدتهم عن الهدف وزاغت بهم عن السكة، فانقادوا إلى شذوذ ظاهر في التفسير وأعمال مردودة في قراءة النص القرآني، ومقابل هذا التيار برز تيار غيره نقيض له، جعل الاجتهاد مقتصرا على إحياء القول المأثور، فلم يتخلص منهجه من قيود التقليد وإعاقة الجمود.

المعتبر ما ذهب إليه محمد عبده وتلامذته من اجتهاد وتجديد ومن سار حذوهم إلى اليوم، وهؤلاء نهلوا، جميعهم، من معين المنار وإشارات محمد عبده فيه، إلا أنهم أبانوا عن منهج جديد في التفسير مخلص من معوقات التفاسير السابقة وغني بالمسالك القاصدة إلى كشف الوجه الحضاري للقرآن الكريم، من ذلك الاتجاهات الاجتماعية والأدبية والسنية والذوقية البلاغية وغير ذلك، مما أولاه محمد عبده اهتمامه في المنار محكوما بالاتجاه المقاصدي العام والهدائي اللذان نوجزهما وباقي سمات التفاسير ذات الطابع التجديدي مقرونة برجالاتها فيما يلي:

1. الاتجاه الهدائي

نقل محمد عبده استنكار رواد الإصلاح طرائق القدماء في التفسير، إلا أنه غدا في “المنار” يناهض علميا ما فسد من أعمالهم ومسالكهم، ويشدد على الالتزام بمقصد الهدائية التي نزل الوحي من أجلها. ولذلك فقد كان شديدا في تمييزه بين التفسير المبعد عن الله الذي يهتم بحل الألفاظ والتركيز على العبارات والإشارات وإعراب الجمل وغير ذلك، وبين “التفسير الذي يجذب الأرواح ويسوقها إلى العمل والهداية المودعة في الكلام ليتحقق فيه قوله هدى ورحمة ونحوها من الأوصاف”[22]، وهذا المنهج الذي سلكه محمد عبده سار عليه رشيد رضا في المنار عمليا[23] وزكته طروحاته في غيره نظريا [24]، كما أن هذا المنهج كان ديدن المفسرين المجددين بعد صاحبي المنار، ومن هؤلاء نذكر سيد قطب الذي كان تفسيره ملتزما بفكرة الهدائية في أدق تفاصيله، حيث حرص رحمه الله، على تجنب الإسراف في البيان، ووظف ملكاته الأدبية والذوقية في التنبيه على الإشارات الخفية للنصوص التي من خلالها يمكن استخراج المدلولات الضمنية التي تقع خلف الصورة والتركيب والسياق والمعاني، في وعي كامل أن الإيحاء والكناية والمجاز كل ذلك وما سواه من آليات البلاغة والبيان لا بد أن يخدم مقاصد هدائية وتوجيهية يسعى سيد قطب إلى كشفها[25].

على غرار مذهب سيد قطب ورواد المنار في مصر كان مذهب عبد الحميد بن باديس في الجزائر، حيث كان حريصا على التركيز في تفسيره “مجالس التذكير” على مبدأ الهدائية، وكان الواقع الجزائري المستنكر ملهمه في إبراز الحمولة الهدائية التي تثقل معاني الآيات، وكذلك الطاقات المعطلة والجهل الغالب على المجتمع في ظل المستعمر الفرنسي[26].

وعموما فإن الهدائية كانت في كل التفاسير التي أبدعها المجددون بعد محمد عبده خيطا ناظما وقلبا نابضا، تدور في فلكه كل الاتجاهات[27] رغم وجود بعض الاختلافات في التعامل مع هذا المبدأ[28].

2. الاتجاه المقاصدي

لا شك أن فكرة الهدائية لا تختلف في كثير من معانيها عن المقاصدية، ذلك أن عمل المفسر الباحث عن الهدائية يحاول أن يحقق في ذهن المخاطب بالنص مراد الشارع، وذلك بتقليب الألفاظ والانتقال من التفسير إلى التأويل ومن الحقيقة إلى المجاز، ومن إنكار فهوم يراها منكرة إلى إثبات غيرها يراها توافق مراد الله وقصده بحسب ما دل عليه الاستقراء وما ثبت عند أهل العلم، وهذا يعني أن الفهم من القرآن الكريم لا بد أن يراعي الغايات والمصالح التي وضعت الشريعة لأجلها في كل آية من الآيات المفسرة حتى تتحقق الهداية التي جاءت الرسالة لبثها في النفوس. هذا الوعي أشاعه محمد عبده أول الأمر في “المنار” حيث ربط مقاصد القرآن الكريم بالمقصد العام الذي هو تحقيق سعادة الدارين[29].

ويعتبر محمد عبده أن المعنى لا تدل عليه الألفاظ إلا أن تكون منسجمة مع السياق وقصد الشارع[30]، وهذا ما يعمد إليه الإمام في تفسيره كلما ظهر له ما يعارض هذه المقاصد فيما ذهب إليه غيره[31]، وهو توجه أثمر اقتداء محمودا لدى غالب المجدين بعده[32]، إلا أن إمام المقاصد في العصر الحديث الطاهر بن عاشور، أولى هذا الجانب اهتماما زائدا في تفسيره “التحرير والتنوير”، حيث أبدع فيه منهجا للتفسير يمكن من ضبط عملية الفهم عند المفسر عن طريق إعمال الأدوات المقاصدية، واستحضار البعد المقاصدي في عملية التفسير، وإعمال الفهم الذي لا يعزل دلالات الألفاظ في السياق الجزئي عن المقاصد الإجمالية لرسالة القرآن[33]، ولا عجب أن يكون تركيزه على استحضار المقاصد من باب الالتزام والإلزام من خلال ما شرطه على المقبل على التفسير في مقدمة تفسيره[34].

يحسب لهذا المفسر أنه جعل قواعد الفكر المقاصدي روحا تسري في التفسير، فلم تعد هذه القواعد مباحث علمية مجردة، بل وسيلة لكشف خبايا المعاني تنطق بالهداية الربانية.  

3. الاتجاه الاجتماعي

إن وعي المجددين من أهل التفسير في العصر الحديث بأهمية ربط بناء المجتمع الإسلامي بمقاصد الشريعة هو الذي دفع بهم إلى التنبيه إلى مضامين الآيات ذات الحمولة الاجتماعية، والبحث في إشاراتها ودلالاتها العامة بحيث تنسجم مع مقاصد الشريعة الإجمالية دون أن ينقاد التفسير إلى أدوات غريبة عن المنهج الرباني في معالجة آفات المجتمع[35]، ولذلك فقد كان منهج محمد عبده، في التفسير في جانبه الاجتماعي وسطا بين واقع الجمود الذي عاشه في مجتمعه، وواقع التحرر الذي تنبه إلى خطره، ولقد كان الهم الاجتماعي لرواد المنار يحمل سمة الإصلاح في توجه جديد تبنته تفاسير أخرى لاحقة، تشبثت في قراءتها للنصوص بمعالجة القضايا الاجتماعية المعروضة بما يمليه مقتضى التنزيل نذكر منها: “مجالس التذكير” الذي عكس الواقع الجزائري في معالجته للقضايا الغالبة على مجتمع ابن باديس، من خلال وقوف المفسر على بعض الآيات ذات الصلة بالمجال الاجتماعي المراد إصلاحه، ومن ذلك تركيزه على التعليم وحفظ الهوية والاهتمام باللغة وغير ذلك[36]، ولا يغيب الحس الاجتماعي في مجمل تفسير “في ظلال القرآن” أيضا، إذ لا تكاد تخلو صفحة من الظلال من ترديد لمصطلحات ذات مدلولات اجتماعية من قبيل: مجتمع وجماعة أو أمة وما شابه ذلك، وكثيرا ما يربط المفسر بين مجتمع منشود وآخر يرفل في الجاهلية، ومقارنات بين المجتمعين[37] وعموما فإن رأي سيد قطب، أن القرآن يبني الأمة لتقوم على أمانة دينه في الأرض ومنهجه في الحياة ونظامه في الناس…[38].

وإذا نظرنا في “تفسير القرآن الكريم” لمحمود شلتوت، فسنلمس نفس الاهتمام تعبر عنه العناوين الكبرى للموضوعات قبل التفاصيل المبثوثة في التفسير، ومن ذلك عنوان: تكافل الأمة ومسؤولية بعضها عن بعض، عناية القرآن الكريم بتقوية أخلاق اليتامى وإحسان تربيتهم، علاقة الوصي باليتيم، حقوق النساء، نظام الأسرة تكريم للمرأة، النظم الرأسمالية وفشلها… إلخ، وأما التفاصيل فهي تعبر عن هم حاضر لا يغيب عند المفسر[39].

4. الاتجاه السنني

ومثلما كان هم الإصلاح دافعا إلى إبداع توجه جديد في التفسير يدور في فلك الهدائية والمقاصدية فإن هذا الهم كان دافعا إلى التركيز على جانب قريب من الاتجاه الاجتماعي وهو الجانب السنني في دروس النص القرآني، حيث يمكن التعامل مع مواطن القصور في ذات الأمة بعد تحديدها ومعرفة أسبابها من خلال كشف سنن الله التي شرعها في الأنفس والآفاق، وكما بثت في نصوص القرآن الكريم، وهي بالمناسبة غاية في التحفيز والدفع نحو استخراج قوانين القوة والبناء والعمران، فدعوة التجديد حملت على السابقين تغيبهم لهذا الغنى في النص القرآني واتهمتهم بقصور فهمهم للآيات ذات التوجيه السنني”[40]، فرشيد رضا، كما شيخه يرى الآيات تنطق من حقيقة “أن أمر البشر باجتماعهم وما يعرض فيه من مصارعة الحق للباطل وما يتبع ذلك من الحرب والنزال والملك والسيادة… قد جرى على طريقة قويمة وقواعد ثابتة اقتضاها النظام العام”[41]، وعلى هذا الأساس يطالعنا المنار بعناوين بارزة من قبيل “سنن الله تعالى في التكوين والتقدير والطبائع والغرائز والاجتماع البشري”[42]، ولا يفوت فيه المفسر فرصة لإخراج التوجيه من سنن الله المبثوثة في مجموع نصوص القرآن الكريم، وهذا الاتجاه صار عرفا عند سائر المجددين في العصر الحديث، نجده متضمنا في عموم تفسير محمود شلتوت، غير مقيد بفهم السابقين مع التزام تام بخط المنار في هذا الاتجاه.  

5. الاتجاه الأدبي والبلاغي الذوقي

يحسب لتفاسير العصر الحديث التي دعت إلى التجديد أنها خلصت التفسير من جفاف العبارات وتعقيد الأساليب، وأبدلتها بنظرة جديدة للنصوص وبأسلوب أيسر، وبتخليص الصرف من افتراضات الصرفيين الأوائل وتأويلاتهم وعللهم التي كثيرا ما تجهد الباحثين وترهق عقولهم[43]، فتفسير المنار، وهو المرجع الأكبر لكل من سلك الاتجاه الأدبي، يستجمع فيه محمد عبده ورشيد رضا، كل ما تقتضيه دلالات الألفاظ في جميع مستوياتها لخدمة الإفهام، فالمفسر، أيا كان منهما، يربط في شرحه بين المستوى الإفرادي والتركيبي للآية باستحضار العلاقة بين الوظيفة الدلالية للكلمة من الناحية البلاغية ووظيفتها النحوية الإعرابية دون أن يغفل ما يقتضيه التركيب الإسنادي في الأصل وما طرأ عليه من تغيير يستلزمه الخطاب باعتباره كلاما معجزا، وهذا ما يجعل كلامه في غاية الوضوح والسلاسة، وفي منتهى التدقيق والبيان[44]، ويعتبر هذا الاتجاه أن القرآن الكريم بإعجازه اللغوي فتح آفاقا واسعة للفهم لغنى دلالات ألفاظه، ويؤكد أنه كلما اقتصر فهم كلام الله على ما يفهم من كلام الناس فإن عمق المعاني تضيع ولا تحقق الهداية في نفوس الناس وسلوكهم.

وجدير بالإشارة أن الاتجاه الأدبي حسب ما جاء في المنار يركز على جانبين مهمين، أولهما متصل بالتفسير الموضوعي الذي يدخل فيه الاهتمام بدلالات الألفاظ المشتركة في القرآن الكريم ككل، كما يدخل فيه فهم الآية انطلاقا من سياقات مثيلاتها في القرآن الكريم، والمناسبة بين الآيات والسور، وهذا واضح عند محمد عبده ورشيد رضا،[45] وواضح عند المراغي[46]. أما الجانب الثاني الذي يركز عليه الاتجاه الأدبي فهو ما شدد عليه رواد المنار بدعوتهم إلى الوقوف على المعاني البلاغية والصور الفنية في القرآن الكريم، وتنبيههم إلى ذوقيات الألفاظ والتراكيب كما عبر عن ذلك صراحة رشيد رضا[47]، وهنا لا بد من التمييز بين مدرستين مختلفتين تنتسبان إلى الاتجاه الأدبي، الأولى مدرسة الاتجاه الأدبي المهتم بالمنهج البياني في التفسير، برز فيه الأمين الخولي وعائشة عبد الرحمن[48]، وأما الثانية فتتمثل في مدرسة التذوق الأدبي ضمن التفسير البديع لسيد قطب، الذي التقط إشارات محمد عبده ورشيد رضا، المتعلقة بالتمثيل والتشخيص لمعاني القرآن الكريم، وأخرج في أبهى حلة تلك الميولات الفنية والبيانية والذوقية النفسية في تفسيره “في ظلال القرآن”، ويكفي لمن تصفح مقدمته أن يستخلص هذا التميز البلاغي الأدبي الرائق.

وقطعا لا يمكن حصر الاتجاه الأدبي في هذين النموذجين فقط، بل إن هذا الاتجاه ميزة، بل التزام اشترطه ثلة من المجددين أمثال الطاهر بن عاشور، في “التحرير والتنوير”، وهو تفسير لم ينل حقه من الدراسة في هذا الجانب الأدبي البياني والبلاغي.

6. الاتجاه العلمي والعقلاني[49]

هذا الاتجاه مثله جوهري طنطاوي، في الجواهر بشكل خاص، وبشكل عام، فإن المنار تضمن شقا من هذا الاتجاه، وقد كان هذا المنحى طبيعيا في عهد طنطاوي ومحمد عبده، كون القوة رجحت لصالح الثقافة الغالبة المحملة بمظاهر التقدم والحضارة، من خلال ما أبدته من تفوق علمي وعسكري وصناعي وثقافي، فكان اللجوء إلى التفسير محاولة ناضجة من أجل خلق نهضة علمية من الداخل لا تقل قوة وتقدما من تلك التي أحدثت في نفوس المسلمين الانكسار وفي عقولهم الانبهار، ولا شك أن كل الدوافع توفرت ليتبلور هذا الاتجاه سواء نفسيا أو واقعيا أو حتى شرعيا. فالقرآن كله منبه ومحفز إلى استخراج مكنون نصوصه من القوة والعلوم أو منبه إلى البحث عنها في الأنفس والآفاق[50].

وواقع الأمر أن طرفا من هذا الاتجاه، مع أنه كان انعكاسا طبيعيا لزمنه، وقع في ارتباك علمي جره إلى نوع من الانحراف عن غاياته، وهذا تمام ما أوخذ به جوهري طنطاوي، في تفسيره “الجواهر في تفسير القرآن الكريم [51]“، وهو نفسه الذي جر على محمد عبده، نقمة فئة واسعة من علماء عصره ومن جاء بعدهم فيما ذهب إليه في مسألة الطير الأبابيل وحقيقة الملائكة وإبليس[52] وغيرها من القضايا التي خالف فيها مذهب السلف[53]. والملاحظ أن المنهج العقلاني والعلمي بدأ شيئا فشيئا يثبت على السكة الصحيحة، بعدما تجاوز مرحلة الاندفاع إلى التثبت والتأصيل، إذ استطاعت غالب التفاسير أن تقدم فهما جديدا لنصوص القرآن الكريم، وتستخرج منها مدلولات تطابق ما وصل إليه العلم الحديث من حقائق يقينية، فقربت هذه الحقائق لعقول الناس وساهمت في تعميق مدلول النص القرآني، فازدادت معاني الآيات بيانا، وازداد الناس يقينا في كون القرآن الكريم لا تنقضي عجائبه.

7. الاتجاه العلماني

إن الاتجاهات المذكورة سلفا جعلت أكبر أهدافها تحقيق الهداية القرآنية في نفوس الأفراد والمجتمعات على اعتبار أن القرآن الكريم أنزل رحمة للعالمين، ودور المفسر يكمن في تمكين الناس من تمثل تصوره من أجل صلاح أحوالهم ومعاشهم وسعادة الدارين، إلا أن الاتجاه العلماني يسعى إلى خلاف ذلك، بمحاولات إفراغ مضمونه من كل محتوى روحي، وجعله نصا إنسانيا قابلا للنقد[54]، ودرء كل قول مأثور فيه، إذ التراث حاجب يعيق الفهم السليم سواء تعلق الأمر بأئمة المسلمين أو من سبقهم، ممن أضفى على النص مسوحا ميتافيزيقيا أو احتكر فهم النص احتكارا أرثوذوكسيا[55].

والواقع أن هذا الاتجاه لم يتحرر إلى يومنا هذا من بعض الميولات المتعصبة وبعض الأيديولوجيات الدخيلة المؤسسة على مفاهيم الحداثة والليبرالية أو غيرها من المفاهيم التي أخرجت بعض النصوص من مقاصدها، وزعزعت الكثير من المفاهيم الثابتة بصريح القرآن وصحيح السنة بسبب ضعف التكوين الشرعي لأصحابها أو غلبة نزعاتهم الأيديولوجية[56]، وما كان ذلك ليتأتى لهؤلاء لولا غياب قواعد علمية ثابتة تجمع بين فوائد العلوم والمناهج وتزيد عليها ما يفيد في إثراء معاني القرآن ويضبط عملية الاستنباط منه.

خاتمة

لا شك أن بعض الدراسات المتصلة بالتفسير تسعى اليوم إلى بناء آليات جديدة لتأصيل وتقعيد عملية التفسير، إلا أنها بقيت في إطار الحركة المواكبة للتفسير ولم تبرح مجالها النظري، وأما التفسير التطبيقي فلا يزال عرضة لخلفيات المفسرين ومشاربهم الثقافية. ومع ذلك فإن آفاق التجديد في التفسير ستبقى رحبة واسعة وستتجه، بحول الله، نحو ما يسد الفراغ ويفي بالغرض في إطار المدافعة العلمية المشروعة.

الهوامش


1. جاء في “لسان العرب” لابن منظور، ضمن مادة جدد الجدة نقيض البلى، يقال شيء جديد والجمع أجدة وجدَد وجدُدٌ…. جد الثوب والشيء يجد بالكسر صار جديدا وهو نقيض الخلق. ويقول فاروق النبهان: كلمة التجديد تعني تكوين ظروف الاستمرارية وتجديد الفكر يعني استمرارية الإيمان بصلاحية ذلك الفكر لكي يكون أداة لتوجيه الإنسان وهدايته. انظر “تجديد الفكر الإسلامي” ص49.

2. انظر “لسان العرب” لابن منظور، مادة جدد.

3. وهذا الاتجاه ينطلق من تقوية الجانب الروحي وتجديد الدين في النفوس انطلاقا من الحديث الشريف الذي رواه أبو داود في السنن والحاكم في المستدرك، والبيهقي في معرفة السنن والآثار، والطبراني في الأوسط، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: “يبعث الله على رأس كل مائة سنة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها”.

4. جل المفسرين إن لم نقل كلهم يدعون التجديد، فالقرطبي يقول في مقدمة تفسيره إنه على خلاف السابقين، ينسب الأقوال إلى قائليها ويتحرى الإشارة إلى درجة الحديث… إلخ ويتجنب الإسرائيليات. راجع “الجامع لأحكام القرآن” مقدمة المؤلف، ونفس الشيء يقال عن “السراج المنير” للخطيب الشربيني، حيث قال: إنه ليس على كل ما فعل السابقون مزيد ولكن لا بد لكل زمان من تجديد ما طال به العهد وقصر للطالبين فيه الجد والجهد تنبيها للمتوقفين وتحريضا للمثبطين. انظر مقدمة “السراج المنير”.

5. انظر: “تجديد الفكر الإسلامي” ندوة مؤسسة الملك عبد العزيز آل سعود، ص23.

6. انظر مثلا “القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني” محمد أركون، ص37.

7. انظر: نقد الخطاب الديني، نصر حامد أبو زيد، ص174- 175، وفيه حديث عن أنسنة النص القرآني، وأنه ليس هناك علم إلهي إذا تنزل وقرأه بشر.

8. نقد “الخطاب الديني” نصر حامد أبو زيد، ص189.

9. يعتقد العلمانيون أن التجرد من كل فهم يرتبط بغير القرآن هو منظور ميتافيزيقي لا يمت لخصوصية الوحي بصلة، إذ الوحي تابع للواقع، ويبررون مذهبهم هذا بكون القرآن الكريم نزل استجابة لأسباب واقعية ونسخ استجابة لأسباب واقعية كذلك، انظر: “نقد الخطاب الديني” ص176.

10. انظر مثلا “القرآن وقضايا الإنسان المعاصر” عائشة عبد الرحمن، ص300.

11. يقول سامي النشار: “لم يكن القرآن لدى الصحابة كتاب مواعظ أخلاقية فقط أو تاريخا أنزل لعبرة عن القرون الماضية إنما هو كتاب ميتافيزيقي وفيزيقي وأخلاقي وعملي… “نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام” علي سامي النشار، ص31-32.

12. “عبد الحميد بن باديس وجهوده التربوية” مصطفى حميداتو، ص69.

13. المقتبس من الآية 4 من سورة المائدة (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) والمكتمل لا يحتاج إلى تجديد، كما يرى البعض، فالتجديد، حسب محمد عمارة، هو التحقق لاكتمال الدين “إن اكتمال الدين تجديده”. راجع تفصيل قوله في “التجديد في الفكر الإسلامي أبحاث ووقائع المؤتمر الثالث عشر” ص66.

14. صار مفهوم الفقه إلى معنى ضيق لا يستوعب مقصود عبد الله بن مسعود من قوله: إنك في زمن كثير فقهاؤه قليل قراؤه.

15. انظر “البرهان في علوم القرآن” للزركشي، 2/148.

16. وهذا ما وقع لابن سينا، في رسائله عند تفسيره لقوله تعالى: (الله نور السماوات والاَرض) [النور: 35] وقوله تعالى: (عليها تسعة عشر)، انظر رسائل ابن سينا، ص468، والرازي في قوله تعالى: (يغشي اليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر) [الأعراف: 54]. وانظر: “التفسير والمفسرون” محمد حسين الذهبي، 2/469، نقلا عن رسائل ابن سينا.

17. وفي ذلك يقول الجرجاني في دلائل الإعجاز: “…فقد بلغ من الشناعة إلى حد إذا تنبه العاقل لف رأسه حياء من العقل” ص407.

18. العبارة مقتطعة من الحديث الذي رواه الزهري عن ابن أبي نملة الأنصاري عن أبيه: “بينما هو جالس عند رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعنده رجل من اليهود مر بجنازة فقال يا محمد هل تتكلم هذه الجنازة، فقال النبي الله أعلم فقال اليهودي: إنها تتكلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله ورسله فإن كان باطلا لم تصدقوه وإن كان حقا لم تكذبوه”، انظر سنن ابن أبي داود.

19. انظر “اتجاهات التفسير في القرن 14 في مصر” محمد إبراهيم شريف، ص703.

20. نفسه، ص466.

21. انظر: مقال “التفسير الموضوعي أغراضه وتطور مفهومه” مونية الطراز ص65-76. مجلة الفرقان ع. 58–1428/2007.

22. انظر: “تفسير المنار”،1/25.

23. نفسه، 1/16.

24. انظر: “مقدمة الوحي المحمدي” لرشيد رضا.

25. انظر: مثالا لما ذكر في تفسيره لسورة القيامة آية 22-23. في ظلال القرآن، 6/377.

26. كانت مجلة الشهاب التي أصدرها منصبة أساسيا إلى جانب مشروع مجالس التذكير بالمسجد على إشاعة هدى القرآن في نفوس الناس، انظر “عبد الحميد بن باديس وجهوده التربوية” مصطفى محمد حميداتو، كتاب الأمة ع. 57 س. 17 ص172.

27. انظر: تفسير المنار، 1/22.

28. يرى الخولي وعائشة عبد الرحمن، ومن تبنى مشروعهما أن الهداية القرآنية لا تتحقق بوسائل التفسير التجزيئي لأنه قادر على إخراج المفاهيم القرآنية المبثوثة في الآيات والتي تتضمن التوجيه والهداية الحقيقية وبديلهم في ذلك التفسير الموضوعي بحسب قواعدهم والى جانب ذلك فإن الهداية مقصد هام، ولكن الدراسة الأدبية سبيلها وهي ما يجب أن يقوم به الدارسون الأوفياء بحق الكتاب ولو لم يقصدوا الاهتداء به أو الانتفاع بما حوى وسجل. انظر مناهج التجديد” أمين الخولي، ص202-203 ومقدمة التفسير البياني للقران الكريم عائشة عبد الرحمن، 1/9.

29. يقول محمد عبده، “إن التفسير الذي نطلبه هو فهم الكتاب من حيث هو دين يرشد الناس إلى ما فيه سعادتهم في حياتهم الآخرة فإن هذا هو المقصد الأعلى وما وراءه تابع أو وسيلة لتحصيله، انظر المنار 1/25.

30. انظر: المنار، 1/22.

31. مثل ذلك مراعاته المصلحة في قوله تعالى: (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة) [النساء: 3] انظر تفصيل مذهب محمد عبده، في “الإسلام والمرأة في رأي الإمام محمد عبده محمد عمارة” ص131.

32. انظر ترجيح المصالح والمفاسد مثلا عند محمد شلتوت، في قوله تعالى: (ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن) “تفسير القرآن الكريم” محمود شلتوت، ص417.

33. انظر ربطه مبدأ رفع الحرج بضرورة تصويب الفهم نحو اليسر في غالب تفسيره، واهتمامه بمناسبة المعاني للمصالح التي جاءت الشريعة لرعايتها والتنبيه إلى المفاسد التي يمكن أن تخفى في الآيات إذا حجبها الاهتمام باللغة والفقه أو العقيدة بشكل زائد.

34. انظر المقدمة الرابعة لتفسير “التحرير والتنوير” 1/42.

35. من ذلك معالجته لقضية المرأة التي طالها الحيف والإقصاء وغلبها استبداد الرجل من منطلق فهم مغلوط للتفاضل بين الجنسين بحسبه، وبذلك ذهب مذهبا غير معهود في تفسير قوله تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا) [النساء/34] واعتبرها درجة رياسة، واعتبر التفضيل غير مقيد بجنس المفضل، وجعل الأفضلية للأجدر والمعيل.

36. ومن ذلك بثه للمقومات النفسية القادرة على مجابهة العدو كما جاء في تفسير قوله تعالى: (وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون) وانظر اهتمام المفسر بحفظ الهوية على اعتبار أنها مسئولة عن البناء الحضاري في “مجالس التذكير” ص430-436.

37. راجع مقدمة “في ظلال القرآن” 1/11، وانظر نموذجا لما ذكر في تفسيره لسورة الجمعة 6/3563.

38. “في ظلال القرآن” سيد قطب، 6/3552-3553.

39. انظر مصداق ذلك في شرحه (ولا توتوا السفهاء اَموالكم التي جعل الله لكم قياما) تفسير القرآن الكريم محمود شلتوت، ص182/183.

40. يتهم رشيد رضا، تفسير “الألوسي” و”البيضاوي” و”الجلالين” وغيره من التفاسير بالقصور في شرح معاني الآيات ذات الحمولة السننية، كما يستنكر على علماء الأزهر نقلهم لهذا القصور، ويمثل لذلك بمذهبهم في شرح لفظ “المتقين” ومعنى “العاقبة للمتقين” المنار، 12/243.

41. تفسير المنار، 4/140.

42. انظر الباب السادس في تفسير سورة هود 12/239.

43. “لغة القرآن الكريم دراسة لسانية للمشتقات في الربع الأول” بلقاسم الأعرج، ص14، وفيه حديث عن خلط الموضوعات الصرفية والنحوية في تفسير الزمخشري.

44. انظر: مثلا لما ذكرنا في تفسير المنار، 6/376 عند تفسير قوله تعالى: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما).

45. تفسير المنار أول تفسير يقف عند الموضوعات الكبرى للقرآن الكريم، والوحدات الموضوعية للآيات والسور، وهو أول تفسير يخرج علم المناسبة من المجال النظري إلى المجال التطبيقي. انظر بيان هذا المنهج في مقدمة تفسير المنار.

46. انظر “تفسير المراغي” 4/119.

47. المنار، 6/137.

48. وقد اشتهرا بالتفسير الأدبي البياني، ونحيا بتفسيرهما منحى أكاديميا منضبطا لمنهج مسطر.

49. الاتجاه العقلي يقصد به المسلك الذي اعتمد فيه المفسر على العقل في تفسير النصوص القرآنية سواء بشكل مشروع أو غير ذلك. وأما المنهج العلمي فله نوع من الخصوصية والتميز إذ أن العلمية لا تنحو المنحى العقلاني فقط وإنما تلجأ إلى إعمال المعطيات والأدوات العلمية التجريبية والنفسية في تفسير آي القرآن من جهة، ولإبراز إعجاز القرآن وعلميته من جهة أخرى.

50. لا يكاد يخلو تفسير من تفاسير المجددين في العصر الحديث من الخوض في هذا المجال وإن كان بعضها أكثر إقبالا على هذا الاتجاه من غيره. انظر “المنتخب في تفسير القرآن الكريم” محمد متولي الشعراوي، 2/77-78. وانظر “تفسير المراغي” 3/25-26.

51. غلب التحليل العلمي في هذا التفسير إلى حد المبالغة، وهو الذي كان يحث على التأمل في آيات القرآن التي ترشد إلى علوم الكون والعمل بما فيها، ويفضلها على غيرها في الوقت الحاضر حتى فرائض الدين. انظر “مباحث في علوم القرآن” مناع القطان، ص382.

52. انظر: تفسير المنار، 1/267-268 و7/311.

53. راجع ما قاله حسين الذهبي في “التفسير والمفسرون” حيث صنف تفسير المنار ضمن التفاسير المتطرفة. 2/625-627. ونعته فهد الرومي بالتفسير ذي المنهج المنحرف، انظر “منهج المدرسة العقلية الحديثة ” 1/255.

54. استأثرت هذه المسألة بغالب ما ذهب إليه هذا الاتجاه تحت عناوين أنسنة النص القرآني وغير ذلك مما ينفي عن النص قدسيته ويعزله عن الوحي على اعتبار أنه ليس هناك علم إلهي إذا تنزل وقرأه بشر. نقد الخطاب الديني، نصر حامد أبو زيد، ص174-175.

55. انظر: “القرآن من التفسير الموروث إلى تحليل الخطاب الديني” محمد أركون، ص72.

56. انظر: مثالا لما ذكر في شرح محمد شحرور لقوله تعالى: (وكل شيء في كتاب) “الكتاب والقرآن” ص52.

Science

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق