مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةقراءة في كتاب

البعد التربوي لألفية ابن مالك الطائي الجياني (الحلقة التاسعة عشرة)

 

18- الأخذُ بالأَيْسَرِ:
قال الناظم – رحمه الله تعالى -:
وَالْفَتْحَ قَبْلَ كَسْرِ رَاءٍ فِي طَرَفْ
  أَمِلْ كَـ«لِلْأَيْسَرِ مِلْ تُكْفَ الْكُلَفْ»
*   *   *
ورد البيتُ في باب «الإمَالةِ»، في مواضع إمالة الفتحة، قال ابن عقيل – رحمه الله – في معناه:«أَيْ تُمالُ الفَتحةُ قَبلَ الرَّاء المكسورَةِ وَصْلًا وَوَقْفًا نَحو بشَرَرٍ وَللأيْسَرِ مِلْ»، أي: كقوله تعالى:(إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ)[المرسلات:32]، وكمثال الشيخ الناظم – رحمه الله-، ومعناه – كما قال الإمام الشاطبيُّ – رحمه الله -:«مِلْ للأمْرِ الأَيْسرِ الَّذِي لا تَكبُر مَؤونتُهُ تَرتفعْ عنكَ المشقَّةُ والتَّعبُ فيهِ، وهيَ حكمةٌ جاريةٌ في كلِّ أمرٍ مِنْ أُمورِ الدُّنيَا وَالآخِرَةِ(1)».

 

18- الأخذُ بالأَيْسَرِ:

قال الناظم – رحمه الله تعالى -:

وَالْفَتْحَ قَبْلَ كَسْرِ رَاءٍ فِي طَرَفْ /// أَمِلْ كَـ«لِلْأَيْسَرِ مِلْ تُكْفَ الْكُلَفْ»

*   *   *

ورد البيتُ في باب «الإمَالةِ»، في مواضع إمالة الفتحة، قال ابن عقيل – رحمه الله – في معناه:«أَيْ تُمالُ الفَتحةُ قَبلَ الرَّاء المكسورَةِ وَصْلًا وَوَقْفًا نَحو بشَرَرٍ وَللأيْسَرِ مِلْ»، أي: كقوله تعالى:(إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ)[المرسلات:32]، وكمثال الشيخ الناظم – رحمه الله-، ومعناه – كما قال الإمام الشاطبيُّ – رحمه الله -:«مِلْ للأمْرِ الأَيْسرِ الَّذِي لا تَكبُر مَؤونتُهُ تَرتفعْ عنكَ المشقَّةُ والتَّعبُ فيهِ، وهيَ حكمةٌ جاريةٌ في كلِّ أمرٍ مِنْ أُمورِ الدُّنيَا وَالآخِرَةِ(1)».

ويحضُّ الشيخ الناظم – رحمه الله – في مثاله على أصل من أصول الدين، وهو الأخذ بالأيسر، وتركُ إعناتِ النفس، واطّراحُ التكلف، فهو من ملامح الحنفية السمحة التي بعث بها النبي – صلى الله عليه وسلم -.

وقد دلَّ على الأخذ بالأيسر الكتابُ والسنةُ، وتواترت النُّصوص عليه، ومنها قوله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) [البقرة:185]، وقوله:(مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) [المائدة: 6]، وقالت عائشة – رضي الله عنها -:«مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم- بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلاَّ أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ» [متفق عليه]، قال الإمام أبو زكرياء النوويُّ – رحمه الله -: «فيه استِحْبَابُ الأَخْذِ بالأَيسرِ والأَرْفَقِ ما لمْ يَكنْ حَرَامًا أَوْ مَكْرُوهًا(2)»، وقال ابن عبد البرّ – رحمه الله -: «في هذا الحديثِ دليلٌ على أن المرء ينبغي لهُ تركُ مَا عَسُر عليه من أمور الدنيا والآخرة وتركُ الإلحاح فيهِ إذا لم يُضْطرَّ إليهِ والميلُ إلَى اليُسر أبدًا؛ فإنَّ اليُسرَ في الأُمور كُلِّهَا أحبُّ إلى الله وإلى رسولهِ، قال تعالى (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)[البقرة:185]، وفي مَعنى هذَا الأخذُ برُخصِ الله تَعالى وَرُخصِ رسولهِ – صلى الله عليه وسلم – والأخذُ برُخص العلماءِ ما لمْ يكن القولُ خطأً بيِّنًا(3)».

 ويستفاد من الحديثِ المذكورِ ومن مثال الشيخ الناظم أيضًا الزّجرُ عن الغلوّ؛ لأنَّ «الغُلوَّ فى الدين مذمومٌ والتَّشديدَ فيه غيرُ محمودٍ، لقوله – صلى الله عليه وسلم – :«إيَّاكُمْ وَالغلوَّ فى الدِّينِ فإنّما هلكَ من قبلكم بالغلُوِّ في الدّين». فإذا أوجب الإنسان على نفسه شيئًا شاقًّا عليه من العبادة فادحًا له ثمَّ لمْ يقدِرْ على التَّمادي فيه كان ذلك إثمًا، ولذلك نهى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم – أصحابَه عن الترهّب(4)».

وفي هذهِ النصوص دليل على أن الدين يسرٌ، وفيها حثّ على الاقتصاد والأخذ بالأسهل، والتحذيرُ من التّعمُّق في العبادة والغلوّ فيها ومن التّشديد على النفس، مع المقاربةِ والتَّسديد،  فإِنَّ المنبَتَّ لا أَرضاً قَطعَ وَلا ظهراً أبْقَى!

ــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش

(1)  المقاصد الشافية (8/212)

(2)  شرح النووي على مسلم (15/ 83)

(3)  التمهيد (8/ 146)

(4)  شرح صحيح البخاري لابن بطال (8/ 405)

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق