وحدة الإحياءدراسات عامة

الاستنباط من النص شروطه وضوابطه

الحمد لله الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، القائل في محكم تنزيله: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون) (النحل: 44) وصلى الله على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وبعد: لما كان القرآن الكريم هو الدستور الخالد الجامع بين خيري الدنيا والآخرة والسراج المنير الذي يُهتدى بنوره في ظلمات الجهل والغواية، قال تعالى: (إن هذا القرءان يهدي للتي هي أقوم…) (الإسراء: 9) لما كان القرآن بهذه الأهمية وجه العلماء قديما وحديثا اهتمامهم إلى دراسة ألفاظه دلاليا وبلاغيا، وغاصوا في بحر معانيه سبرا وتقسيما، معتمدين على السنة في فهم معاني القرآن استنباطا واستدلالا، لهذا كله رأيت أن تكون مشاركتي في ندوة مناهج الاستمداد من الوحي بموضوع: (الاستنباط من النص شروطه وضوابطه) وهو موضوع يندرج تحت المجال الثالث من مجالات الندوة.

وقد بنيت هذا الموضوع على مقدّمة، وتمهيد، ومبحثين.

سيتناول التمهيد مفهوم الاستنباط، الذي يعني باختصار: استخراج المعاني من النصوص بفرط الذهن وقوة القريحة.

المبحث الأول: شروط الاستنباط من النص، وتعتبر هي نفس شروط الاجتهاد؛ لأن الاستنباط يستلزم الاجتهاد وعلى رأس شروط الاجتهاد: الإيمان بالله، ثم الملكة الفطرية والمكتسبة، ومعرفة آيات الأحكام وأحاديث الأحكام، ومعرفة أقوال العلماء في الفقه، والعلم بأصول الفقه، واللغة العربية…

المبحث الثاني: ضوابط الاستنباط من النص:

ـ ألا يؤدي إلى إبطال نص قطعية الدلالة أو إلغائه.

ـ مراعاة الأولويات.

ـ عدم مخالفته لمقصد من مقاصد الشريعة.

ـ أن لا يكون بالهوى أو لتحقيق غرض شخصي.

ـ أن تكون العلة المستنبطة مؤثرة، أي: يدور الحكم معها وجودا وعدما، وأن تشهد الأصول للحكم المستنبط، هذا إذا كان الاستنباط من قبيل القياس والاستدلال.

تمهيد: مفهوم الاستنباط

الاستنباط في اللغة: من النبط، وهو الماء الذي يخرج من البئر أول ما تحفر، وقد نبط ماؤها ينبِط وينبُط نبطا زنبوطا، أي: نبع، وكل ما أظهر فقد أنبط. ويقال: تستنبطه واستنبط منه علما وخبرا ومالا، إذا استخرجه، والاستنباط: الاستخراج .

يقال: استنبط الفقه، إذا استخرج الفقه الباطن باجتهاده وفهمه، ومنه قوله تعالى: (لعلمه الذين يستنبطونه منهم) (النساء: 82)؛ أي يستخرجونه.

ويقال: فلان لا يدرك له نبط، أي: لا يعلم قدر علمه وغايته. وفلان لا ينال له نبط، إذا كان داهية لا يدرك له غور. وفي الحديث: “من غدا من بيته ينبط علما فرشت له الملائكة أجنحتها”؛ أي يظهره ويفشيه في الناس.

الاستنباط اصطلاحا: فقد عرفه العلماء بتعريفات متعددة، متقاربة المعاني، نذكر منها ما يلي:

الاستنباط هو:

ـ استخراج المعاني من النصوص بفرط الذهن وقوة القريحة .

ـ استخراج المعنى المودع من النص حتى يبرز ويظهر .

ـ استخراج الحكم بالاجتهاد .

ـ والاستنباط هو القياس .

ـ قياس واستدلال، والاستدلال يكون بأمارة أو علة، ويكون بشهادة الأصول .

ـ استخراج الدليل على المدلول بالنظر فيما يفيده من العموم أو الخصوص أو الإطلاق أو التقييد أو الإجمال أو

التبيين في نفس النصوص أو نحو ذلك مما يكون طريقا إلى استخراج الدليل منه .

ـ استخراج الأحكام الخفية من الأدلة البعيدة .

ـ وقيل: هو تصفح الأدلة لاستخراج الأحكام .

يمكن أن نستخلص مما تقدم أن الاستنباط هو: استخراج المعاني والأحكام والحكم الخفية من النصوص بدقّة النظر وقوّة العقل.

والاستنباط على صحة العلة يكون من وجهين:

أحدهما: التأثير، وهو أن يوجد الحكم بوجود معنى يغلب على الظن أنه لأجله ثبت الحكم، ويعرف ذلك من طريقين:

أ. السلب والوجود، وهو أن يوجد الحكم بوجوده ويزول بزواله، مثل الإسكار في الخمر.

ب. السبر والتقسيم، وهو أن يبطل كل معنى في الأصل إلا واحدا فيعلم أنه هو العلة، وذلك مثل أن يقول في الخبز أنه يحرم فيه الربا فلا يخلو إما أن يكون للكيل أو للطعم أو للوزن ثم يبطل أن يكون للكيل والوزن فيعلم أنه للطعم.

الآخر: شهادة الأصول، وهي تختص بقياس الدلالة، وهو أن يدل على صحة العلة شهادة الأصول، مثل رد الجمهور على الحنفية في القول بإبطال الوضوء بالقهقهة في الصلاة، أن ما لا ينقض الطهر خارج الصلاة لم ينقضه داخل الصلاة كالكلام، فيدل عليها بأن الأصول تشهد بالتسوية بين داخل الصلاة وخارجها ألا ترى أن ما ينقض الوضوء داخل الصلاة ينقض خارجها كالأحداث كلها وما لا ينقض خارج الصلاة لا ينقض داخلها فيجب أن تكون القهقهة مثلها.

ومن أمثلتها أيضا: أن يقول الشافعي في القيء إنه لا يبطل الوضوء لأن ما لا ينقض قليله الوضوء لم ينقض كثيره الوضوء كالدمع والعرق، فيقال له: ما الدليل على صحة هذه العلة؟ فيقول: شهادة الأصول، وذلك أن الأصول متفقة على التسوية بين القليل والكثير فيما ينقض وفيما لا ينقض، ألا ترى أن البول والغائط والنوم لما نقض استوى قليله وكثيره، وما لا ينقض كالدمع والعرق والكلام يستوي فيه القليل والكثير، فدل على ما قلناه.

إن طريق الاستنباط هو أفضل درجات العلم للعباد، وعلى هذا لا ينبغي في الاستنباط من القرآن الاقتصار عليه دون النظر في شرحه وبيانه وهو السنة . وهذا يدل على أن الاستنباط من الواجبات الدينية؛ لأنّ الله تعالى ندب إليه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إمام المستنبطين، وأقرّ صحابته على الاستنباط. قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: (وقد قال الله تعالى: (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الاَمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) (النساء: 82)، فالاعتناء بالاستنباط من آكد الواجبات المطلوبة لأن النصوص الصريحة لا تفي إلا بيسير من المسائل الحادثة فإذا أهمل الاستنباط فات القضاء في معظم الأحكام النازلة أو في بعضها والله أعلم) . فإذا علمنا أنّ النصوص لا تفي إلا بيسير من المسائل الحادثة، علمنا أن المقصود من قوله تعالى: (ما فرّطنا في الكتاب من شيء) (الأنعام: 39)، أي: إما بالنص عليه، وإما ببيان حكمه بغير طريق النص، وهو القياس.

قال ابن حجر: ويؤيد ذلك قوله تعالى: (لعلمه الذين يستنبطونه منهم) (النساء: 82)؛ لأن الاستنباط هو الاستخراج، وهو بالقياس، لأن النص ظاهر) . وقال أيضا: (ويستفاد من الترجمة قول البخاري: باب الأحكام التي تعرف بالدلائل، بيان الرأي المحمود وهو ما يؤخذ مما ثبت عن النبي، صلى الله عليه وسلم، من أقواله وأفعاله بطريق التنصيص وبطريق الإشارة، فيندرج في ذلك الاستنباط، ويخرج الجمود على الظاهر المحض) .

قوله تعالى: (لعلمه الذين يستنبطونه منهم) (النساء: 82)، قال الجصاص: (والاستنباط في الشرع نظير الاستدلال والاستعلام، وفي هذه الآية دلالة على وجوب القول بالقياس واجتهاد الرأي في أحكام الحوادث وذلك لأنه أمر برد الحوادث إلى الرسول، صلى الله عليه وسلم، في حياته إذا كانوا بحضرته وإلى العلماء بعد وفاته والغيبة عن حضرته، صلى الله عليه وسلم، وهذا لا محالة فيما لا نص فيه؛ لأن المنصوص عليه لا يحتاج إلى استنباطه فثبت بذلك أن أحكام الله منها ما هو منصوص عليه ومنها ما هو مودع في النص قد كلفنا الوصول إلى الاستدلال عليه واستنباطه، فقد حوت هذه الآية معاني منها:

1. أن في أحكام الحوادث ما ليس بمنصوص عليه بل مدلول عليه.
2. ومنها أن على العلماء استنباطه والتوصل إلى معرفته برده إلى نظائره من المنصوص.
3. ومنها أن العامي عليه رحمة العلماء في أحكام الحوادث.
4. ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان مكلّفا باستنباط الأحكام والاستدلال عليها بدلائلها؛ لأنه تعالى أمر بالرد إلى الرسول وإلى أولي الأمر، ثم قال لعلمه الذين يستنبطونه منهم، ولم يخصّ أولي الأمر بذلك دون الرسول وفي ذلك دليل على أن للجميع الاستنباط والتوصل إلى معرفة الحكم بالاستدلال) .

ومن بديع الاستنباط ما ورد من قضاء علي رضي الله عنه في مسألة الزُّبْية، وذلك أنّه لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن حدث أن حفر قوم زُبْية للأسد فوقع فيها الأسد، وازدحم الناس على الزُّبْية فوقع فيها رجل وتعلق بآخر وتعلق الآخر بآخر حتى صاروا أربعة فقتلهم الأسد، فحمل القوم السلاح وكاد يقوم بينهم قتال، فأتاهم علي رضي الله عنه واستأذنهم في القضاء بينهم على أنهم إن لم يرضوا بقضائه فعليهم أن يتقاضوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقضى علي بينهم على أن للأول ربع الدية، وللثاني ثلث الدية، وللثالث نصف الدية، وللرابع الدية كاملة، وجعل الديات على من حفر الزُّبْية (و) على قبائل الأربعة، فقبل بعضهم قضاءه ورفضه بعضهم، فرفعوا القضية إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأقرّهم على قضاء علي رضي الله عنه. نقل القرطبي في تفسيره عن ابن العربي قوله: (فأما قضية علي فلا يدركها الشادي، ولا يلحقها بعد التمرن في الأحكام إلا العاكف المتمادي، وتحقيقها أن هؤلاء الأربعة المقتولين خطأ بالتدافع على الحفرة من الحاضرين عليها فلهم الديات على من حضر على وجه الخطأ، بيد أن الأول مقتول بالمدافعة قتل ثلاثة بالمجاذبة فله ربع الدية بما قُتل وعليه ثلاثة أرباع الدية بالثلاثة الذين قتلهم، وأما الثاني فله ثلث الدية وعليه الثلثان بالاثنين اللذين قتلهما بالمجاذبة، وأما الثالث فله نصف الدية وعليه النصف لأنه قتل واحدا بالمجاذبة فوقعت المحاصرة وغرمت العواقل، هذا التقدير بعد القصاص الجاري فيه وهذا من بديع الاستنباط) .

المبحث الأول: شروط الاستنباط من النص

إن قصدي بشروط الاستنباط هنا هو شروط الاجتهاد؛ لأنه لا استنباط بدون اجتهاد، والعلماء لم يتفقوا في تحديد شروط الاجتهاد في عدد معيّن، غير أن كلامهم جميعا ينصب في مصب واحد، ولذا رأينا أن نحصر هذه الشروط في خمسة عشر شرطا، ثم نذيلها بأقوال بعض العلماء، وهذه الشروط هي:

الشرط الأول: الإيمان بالله تعالى، ويستلزم العدالة، والبعد عن الأهواء والتعصب، وإخلاص النية لله تعالى، وذلك أنّ من لم يؤمن بالله تعالى فكيف يؤخذ بقوله في أحكام الله تعالى.

الشرط الثاني: التكليف، وهو أن يكون المستنبط بالغا عاقلا، احترازا من قول الصبي، والمجنون؛ لأن القلم مرفوع عنهما حتى في الواجبات العينية، بله الواجبات الكفائية.

الشرط الثالث: الملكة الفطرية والمكتسبة للحفظ والفهم، وهي أن يكون عنده صفاء ذهن ونفاذ بصيرة، وحدة ذكاء، وقدرة فطرية على النظر والاستدلال. وفي هذا يقول ابن بدران: (وعندي أنه يشترط في المجتهد أن توجد فيه ملكة الاستنباط وأن يكون ذكي الفؤاد متوقد الذهن، لأنه كم ممن قرأ فنون العربية والعلوم التي تهيئ للاجتهاد ثم تراه جامدا خامل الفكر لا يعلم إلا ما يلقى إليه فإذا خاطبته وجدت ذهنه متحجرا، تكلمه شرقا فيكلمك غربا، فمثل هذا لا يعول عليه ولا يركن إليه) .

الشرط الرابع: العلم من اللغة العربية ما يحسن به الفهم. وفي هذا يقول ابن بدران: (وأن يعرف من النحو واللغة ما يكفيه في معرفة ما يتعلق بالكتاب والسنة من نص ظاهر ومجمل، وحقيقة ومجاز، وعام وخاص، ومطلق ومقيد، ودليل خطاب ونحوه) .

الشرط الخامس: العلم بأصول الفقه. كمعرفة الأحكام والتمييز بينها، مثل التمييز بين الواجب والمندوب، وبين المحرم والمكروه، وبين المندوب والمباح، ومعرفة الشروط والأسباب والموانع والرخص من الأحكام الوضعية، ومعرفة الأدلة المتفق عليها والمختلف فيها، وطرق الاستدلال بها، ومعرفة أحوال المستدلين ومناهج استدلالهم.

الشرط السادس: العلم بالفقه ومذاهب العلماء في الأحكام الشرعية، حتى لا يجزم في مسألة خلافية، ولا يجتهد في موضع الإجماع.

الشرط السابع: العلم بأصول التفسير. كالعلم بأسباب النزول، ومناهج المفسرين… الخ.

الشرط الثامن: حفظ جميع آيات الأحكام، ومعرفة الحقيقة والمجاز، والأمر والنهي، العام والخاص، والمجمل والمبيّن، والمنطوق والمفهوم، والمطلق والمقيد، والناسخ والمنسوخ من القرآن.

الشرط التاسع: العلم بأصول الحديث، من متواتر وآحاد، وصحيح وضعيف..الخ.

الشرط العاشر: حفظ أغلب أحاديث الأحكام، ومعرفة أحكام الأفعال والأقوال، ومواضع الاحتمال، وطرق الترجيح عند التعارض، ومعرفة موارد الخطاب ومصادره، والحقيقة والمجاز، والأمر والنهي، والعام والخاص، والمجمل والمفصل، والمنطوق والمفهوم، والمطلق والمقيد، والناسخ والمنسوخ من السنة.

الشرط الحادي عشر: العلم بمواقع الإجماع، (وما ينعقد به الإجماع وما لا ينعقد به الإجماع وما يعتد به في الإجماع، ومن لا يعتد به في الإجماع، ليتبع الإجماع ويجتهد في الاختلاف) . (مثل أن يعلم أن الإجماع حجة، وأن المعتبر فيه اتفاق المجتهدين، وأنه لا يختص باتفاق بلد دون بلد ونحو ذلك، ويكفيه أن يعلم أن هذه المسألة مما أجمع عليه أو مما اختلف فيه، هذا إذا كان قائلا بالإجماع ويجب عليه أن يتثبّت في هذا النوع لأنه كم من مسألة يرى القول بالإجماع فيها ويكون مراد القائل إجماع أهل مذهبه أو إجماع الأئمة الأربعة أو إجماع أهل المدينة فليتنبه لذلك) .

الشرط الثاني عشر: العلم بالنظائر وطرق الإلحاق، (والأصول التي يجوز تعليلها وما لا يجوز تعليلها، والأوصاف التي يجوز أن يعلل بها وما لا يجوز أن يعلل بها، وترتيب الأدلة بعضها على بعض، ومعرفة الأولى فيها فيقدم الأولى ويؤخر ما لا يكون أولى، ويعرف وجوه الترجيح ليقدم الراجح على المرجوح) .

الشرط الثالث عشر: العلم بالاصطلاحات والحدود عند أهل كل فن مما يحتاج إليه في الاستنباط.

الشرط الرابع عشر: العلم بمقاصد الشريعة من حيث الجملة والتفصيل. وفي هذا يقول السبكي: (الثالث؛ أي مما يتوقف عليه كمال الاجتهاد- أن يكون له ملكة الممارسة والتبع لمقاصد الشريعة ما يكسبه قوة يفهم منها مراد الشرع من ذلك، وما يناسب أن يكون حكما له في ذلك المحل وإن لم يصرح به، كما أن من عاشر ملكا ومارس أحواله وخبر أموره إذا سئل عن رأيه في القضية الفلانية يغلب على ظنه ما يقوله فيها وإن لم يصرح له به، لكن بمعرفته بأخلاقه وما يناسبها من تلك القضية، فإذا وصل الشخص إلى هذه الرتبة وحصل على الأشياء الثلاثة فقد حاز رتبة الكاملين في الاجتهاد) .

الشرط الخامس عشر: العلم بالقواعد الشرعية الكلية، مثل: (الضرر يزال)، و(الأمور بمقاصدها)، و(المشقة تجلب التيسير)، و(اليقين لا يزول بالشك)، و(العادة محكّمة)، و(الحدود تدرأ بالشبهات)، وغيرها. وفي هذا يقول السبكي: (الثاني؛ أي مما يتوقف عليه كمال الاجتهاد- الإحاطة بمعظم قواعد الشريعة حتى يعرف أن الدليل الذي ينظر فيه مخالف لها أو موافق) .

أقوال بعض العلماء في شروط الاجتهاد

فقد حصر ابن قدامة هذه الشروط في ستة أشياء:

الكتاب، والسنة، والإجماع، والاختلاف، والقياس، ولسان العرب.

قال: (فيحتاج أن يعرف من الكتاب عشرة أشياء: الخاص والعام، والمطلق والمقيد، والمحكم والمتشابه، والمجمل والمفسر، والناسخ والمنسوخ في الآيات المتعلقة بالأحكام، ولا يلزمه معرفة سائر القرآن. فأما السنة فيحتاج إلى معرفة ما يتعلق منها بالأحكام دون سائر الأخبار من ذكر الجنة والنار والرقائق، ويحتاج أن يعرف منها ما يعرف من الكتاب، ويزيد معرفة التواتر والآحاد، والمرسل والمتصل، والمسند والمنقطع، والصحيح والضعيف، ويحتاج إلى معرفة ما أجمع عليه وما اختلف فيه ومعرفة القياس وشروطه وأنواعه وكيفية استنباطه الأحكام، ومعرفة لسان العرب فيما يتعلق بما ذكرنا ليتعرف به استنباط الأحكام من أصناف علوم الكتاب والسنة) .

أما أبو المظفر السمعاني، فقد حصر شروط النظر فيما يلي، فقال: (للنظر شروط، أحدها: أن يكون الناظر كامل الآلة على ما نذكره في باب المعنى، الثاني: أن يكون نظره في دليل لا في شبهة، والثالث: أن يستوفي شروط الدليل وترتيبه على حقيقته، بتقديم ما يجب تقديمه، وتأخير ما يجب تأخيره، ويجب أن يكون المطلوب هو علم الاكتساب لا علم الضرورة) . وقال أيضا في بيان شروط الاجتهاد: (فنقول: صحة الاجتهاد تكون بمعرفة الأصول الشرعية، ومعرفتها بستة شروط:

أحدها: أن يكون عارفا بلسان العرب من لغة وإعراب وموضوع خطأهم في الحقيقة والمجاز ومعاني كلامهم في الأوامر والنواهي والعموم والخصوص…

وأما الشرط الثاني: فهو أن يكون مشرفا على ما تضمنه الكتاب من الأحكام الشرعية من عموم وخصوص ومبين ومجمل وناسخ ومنسوخ بنص أو فحوى أو ظاهر أو مجمل، ليستعمل النص فيما ورد (فيه)، والفحوى فيما يفيده، والظاهر فيما يقتضيه، والمجمل يطلب المراد منه…

وأما الشرط الثالث: فهو معرفة ما تضمنته السنة من الأحكام، وعليه فيها خمسة شروط: أحدها: معرفة طرقها من تواتر وآحاد ليكون المتواتر معلومة والآحاد مظنونة، والثاني: معرفة صحة طرق الآحاد ومعرفة رواتها ليعمل بالصحيح منه ويعدل عن ما لا يصح منه، والثالث: أن يعرف أحكام الأفعال والأقوال ليعلم بما يوجبه كل واحد

منهما، والرابع: أن يحفظ معاني ما انتفى الاحتمال عنه ويحفظ ألفاظ ما دخله الاحتمال ولا يلزمه حفظ الأسانيد وأسماء الرواة إذا عرف عدالتهم، والخامس: ترجيح ما يعارض من الأخبار ليأخذ ما يلزم العمل به، وقال بعض أصحابنا: إذا عرف من اللغة ما يعلم به مراد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم من الكتاب والسنة والخطاب الوارد فيهما وعرف موارد الخطاب ومصادره من الكتاب والسنة والحقيقة والمجاز والأمر والنهي والعام والخاص والمجمل والمفصل والمنطوق والمفهوم والمطلق والمقيد وعرف الناسخ والمنسوخ وعرف أحكام النسخ فهذا القدر كاف وهذا هو الأولى في الشرائط التي سبق ذكرها.

وأما الشرط الرابع: فهو معرفة الإجماع والاختلاف وما ينعقد به الإجماع وما لا ينعقد به الإجماع وما يعتد به في الإجماع ومن لا يعتد به في الإجماع ليتبع الإجماع ويجتهد في الاختلاف.

وأما الشرط الخامس: فهو معرفة القياس والاجتهاد والأصول التي يجوز تعليلها وما لا يجوز تعليلها، والأوصاف التي يجوز أن يعلل بها وما لا يجوز أن يعلل بها، وترتيب الأدلة بعضها على بعض، ومعرفة الأولى فيها فيقدم الأولى ويؤخر ما لا يكون أولى، ويعرف وجوه الترجيح ليقدم الراجح على المرجوح.

 وأما الشرط السادس: فهو أن يكون ثقة غير متساهل في أمر الدين. فإذا تكاملت هذه الشروط في المجتهد صح اجتهاده في جميع الأحكام وإن لم يوجد واحد من هذه الشروط خرج من أهلية الاجتهاد) .

المبحث الثاني: ضوابط الاستنباط من النص

للاستنباط من النص ضوابط لابد من توفرها لصحة الاستنباط، وقد حصرناها في الضوابط التالية:

ـ ألا يؤدي إلى إبطال النص القطعية الدلالة أو إلغائه.

ـ مراعاة الأولويات.

ـ عدم مخالفته لمقصد من مقاصد الشريعة.

ـ أن لا يكون بالهوى أو لتحقيق غرض شخصي.

ـ أن تكون العلة المستنبطة مؤثرة، أي: يدور الحكم معها وجودا وعدما، وأن تشهد الأصول للحكم المستنبط، هذا إذا كان الاستنباط من قبيل القياس والاستدلال.

وبعد هذا الإجمال نرجع إلى التفصيل، فنقول:

الضابط الأول: ألا يؤدي إلى إبطال نص قطعية الدلالة أو إلغائه

إذا ثبت أن الاستنباط هو استخراج المعنى الخفي من النص، فيجب أن يتفق هذا المعنى المستنبط مع النصوص القطعية الأخرى، ولا يعارض معناها ودلالتها ومقاصدها؛ لأن النص القطعي لا يقبل الاجتهاد في معناه، وإنما يدخل الاجتهاد في تطبيق هذا النص في الواقع، وذلك لا يسمى استنباطا، وعليه، فإذا ثبتت قطعية النص فلا يجوز الاجتهاد في إثبات معنى آخر له بدعوى المصلحة، لأن إثبات الحكم بالمصلحة ظني، فلا يمكن تغليب الظني على القطعي بأي حال من الأحوال. قال محمد سعيد رمضان البوطي: (فإذا اتضحت قطعية دلالته اتضح سقوط احتمال المصلحة المظنونة في مقابله حتى ولو كان لها شاهد من أصل تقاس عليه) .

ومن أمثلة النص القطعية الدلالة:

1. قوله تعالى: (وأحل الله البيع وحرم الربا) (البقرة : 274). فهذه الآية قطعية في الدلالة على الفرق بين البيع والربا في الحل والحرمة، فمطلق البيع حلال بهذا النص، فليس لأحد أن يقول بتحريم مطلق البيع بالاجتهاد، نعم إذا اختل شرط من شروط البيع، وجب تحريمه إما بالنص أو بالاجتهاد، كالبيع الذي اشتمل على غرر فاحش، أو على الجهالة، أو على الربا. وكذلك الربا محرم بهذا النص، فلا يجوز لأحد أن يبيح الربا بدعوى الاجتهاد والمصلحة، وإنما محل الاجتهاد يكون في تحديد ما هو الربا مما ليس بربا.

2. قوله تعالى: (والذين يرمون المحصنات ثم لم ياتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة) (النور: 4) وهذه الآية قطعية في الدلالة على وجوب جلد القاذف ثمانين جلدة من غير زيادة ولا نقصان، إذا لم يأت بأربعة شهداء، فليس لمدعي الاجتهاد أن يقول بالنقص في عدد الشهداء أو في عدد الجلد، لمصلحة القاذف مثلا لكونه ضعيفا أو شريفا..إلخ.

3. قوله تعالى: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) (النساء: 3) وهذه الآية قطعية في الدلالة على جواز الجمع بين أربع نسوة بالزواج، فليس لمدعي الاستنباط أن يقول بجواز الزيادة على الأربع بتأويلات لا تحتملها الآية، فالآية صريحة في بيان أنه يجوز للرجال أن يتزوجوا اثنتين اثنتين، ويجوز لهم أن يتزوجوا ثلاثا ثلاثا، ويجوز لهم أن يتزوجوا أربعا أربعا، أي: يجوز لكل واحد من الرجال أن يتزوج اثنتين أو يزيد إلى ثلاث أو يزيد إلى أربع.

4. قوله تعالى:(يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الاُنثيين) (النساء: 11). وهذه الآية قطعية في الدلالة على أن الابن يأخذ من الميراث ضعف نصيب البنت، فليس لمدعي الاجتهاد والمصلحة أن يقول بالتسوية بين الذكر والأنثى، فإن همة الذكر أعلى من همة الأنثى؛ وقد يرجع نصف نصيب الذكر إلى الأنثى إما عاجلا أو آجلا، والله تعالى هو خالق الذكر والأنثى، وهو أعلم بما يناسب كلا منهما. قال البوطي بعد ما أورد هذه الآيات: (فلا أثر لما قد يقدح في ذهن بعض الباحثين من مصلحة تخالف دلالة مثل هذه النصوص؛ لأنّ دلالة المصلحة على الحكم دلالة ظنية مهما قويت وترجحت، ودلالة النص قطعية) .

الضابط الثاني: مراعاة الأولويات

إن الاستنباط يجب أن يراعى فيه الأولويات في كل جوانب الحياة؛ في الأوامر والنواهي، ففي الأوامر مثلا، لا يجوز تقديم فرض كفاية على فرض عين بدعوى الاجتهاد والمصلحة، ولهذا لما جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن عمرو يستأذنه في الجهاد “فقال أحي والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد” . قال القرضاوي: (وما ذلك إلا لأن الجهاد كان فرض كفاية، وبر الوالدين فرض عين، فلا ينبغي أن نضحي بفرض العين من أجل فرض كفاية. بخلاف ما إذا دهم العدو بلدا، ففرض عين على أهله أن يقاوموه ويجاهدوا لطرده وإخراجه، بكل ما استطاعوا، ولو منع أحدهم أبوه أو أمه لم يطعهما؛ لأن برهما فرض عين، والجهاد، هنا، فرض عين، وفرض العين المتعلق بحق الجماعة والأمة، مقدّم على فرض العين المتعلق بحق الأفراد) . كما يجب تقديم الفرائض على النوافل، وقد قال عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه عزّ وجلّ: “وما تقرّب إلي عبد بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه…” . وفي النواهي كذلك يجب مراعاة الأولويات، فليست الصغائر على نفس المستوى مع الكبائر، وإن كان النهي واردا عليها جميعا. فقد رتّب ابن القيم المحرمات في سياق الآية الآتية على أربع مراتب، قال تعالى: (قل اِنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاِثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزّل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) (الأعراف: 31). قال ابن القيم: (فرتّب المحرمات أربع مراتب، وبدأ بأسهلها وهو الفواحش، ثم ثنّى بما هو أشدّ تحريما منه وهو الإثم والظلم، ثمّ ثلّث بما هو أعظم تحريما منهما وهو الشرك به سبحانه، ثمّ ربّع بما هو أشدّ تحريما من ذلك كله وهو القول عليه بلا علم، وهذا يعم القول عليه سبحانه بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله وفي دينه وشرعه) .

ويجب تقديم الأحكام القطعية على الظنية عند الموازنة، وقد أشرنا إلى ذلك فيما مضى.

وفيما يتعلق بالمصالح يجب تقديم المصالح الضرورية على الحاجية، والحاجية على التحسينية، ولما كانت هذه الرتب الثلاثة تتعلق بالضروريات الخمس، التي هي الدين والنفس والعقل والنسل والمال، فيجب تقديم حفظ الدين على حفظ النفس، وفريضة الجهاد أدل دليل على تقديم حفظ الدين على حفظ النفس، ويأتي حفظ النفس بعد الدين في الدرجة، فيحافظ عليها بأكل الطيبات من الرزق، والمحافظة على صحتها، وعدم الاعتداء عليها بالإرهاب والتخويف والقتل. ويأتي حفظ العقل بعد النفس، ويكون حفظ العقل بالتعليم والتثقيف بالعلم النافع، وحمايته من الأباطيل والأفكار الهدامة، وعن المسكرات والمخدرات وكل ما يؤدي إلى تعطيل العقل عن الإنتاج الصحيح. ويأتي حفظ النسل بعد العقل، ويكون حفظه بالزواج الشرعي، ورعاية الأولاد رعاية جسمية وعقلية. ويأتي حفظ المال بعد النسل، والمال هو عصب الحياة وقوام العيش، كما قال تعالى: (ولا توتوا السفهاء اَموالكم التي جعل الله لكم قِيَما) (النساء: 5). ويكون حفظه بكسبه بالطرق الحلال، وتوزيعه بالعدل، واستهلاكه في الطرق المشروعة، ولهذا نظم الإسلام إنتاج المال واستهلاكه وتوزيعه، ففي الإنتاج يجب تقديم ما هو من ضروريات الحياة، أي: ما يتعلق بالأقوات، فلا ننتقل إلى الكماليات قبل الحصول على الاكتفاء الذاتي أو القريب منه في القوت. ويجب منع إنتاج المحرمات أيا كانت.

الضابط الثالث: عدم مخالفته لمقصد من مقاصد الشريعة

إن الاستنباط يجب أن يكون من أجل تحقيق مقصد من مقاصد الشريعة و إلا كان جهدا ضائعا، وقصدا باطلا، من أجل ذلك جعلنا من ضوابطه ألا يخالف مقصدا من مقاصد الشريعة، ومقاصد الشارع في خلقه هو حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال، (فكل ما يتضمن حفظ هذه الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوّت هذه الأصول فهو مفسدة، ودفعها مصلحة) . فإذا كانت المصلحة هي المحافظة على مقصود الشارع، فكل ما عارض مقاصد الشارع لا يعتبر مصلحة بالمنظور الشرعي؛ لأمرين:

الأوّل: أنها عادت على أصلها بالإبطال فبطلت بذلك.

الثاني: أنّ كل ما يفوّت واحدا من الضروريات الخمس فهو مفسدة، ودفعها هي المصلحة.

ففي مجال حفظ الدين، يجب أن يكون الاستنباط من أجل المحافظة على أصول العقائد وفروعها، وعلى أصول العبادات وفروعها، وما يؤدي إلى تحقيقها، وذلك بالإيمان بالله وبسائر أركان الإيمان، وعدم الإشراك به في شيء مما هو من خصائصه تعالى، وأداء العبادات على الوجه المطلوب وعدم التهاون بها.

وفي مجال حفظ النفس يجب أن يكون الاستنباط من أجل المحافظة عليها بالطرق المباحة، كالترغيب في أكل الطيبات من الرزق، والابتعاد عن المحرمات، وعدم الاعتداء عليها بالضرب والتعذيب والقتل.

وفي مجال حفظ العقل يجب أن يكون الاستنباط من أجل المحافظة عليه بتزويده بالعلم النافع والحث على ذلك، وبيان الطرق الموصلة إليه، والتحذير من المخدرات والمسكرات وأضرارها على العقل البشري، والحث على التفكر والتدبّر في الكون وفي الحياة.

وفي مجال حفظ النسل يجب أن يكون الاستنباط من أجل المحافظة عليه، بالزواج الشرعي، وعدم ارتكاب الفاحشة، والعناية بالأطفال عناية جسمية وروحية، وإبطال القول بتحديد النسل.

وفي مجال حفظ المال يجب أن يكون الاستنباط من أجل المحافظة عليه بكسبه واستثماره بالطرق المشروعة، واستهلاكه في الوجوه الشرعية، والعدل في توزيعه، وعدم الاعتداء على أموال الناس بالغش، والغصب، والسرقة..إلخ.

الضابط الرابع: أن لا يكون بالهوى أو لتحقيق غرض شخصي

لما كان الاستنباط هو أشرف درجات العلم، وجب ألا يكون تحت سلطان الهوى، والترف الفكري، أو تحت ضغوط الحكام، أو أهواء العوام، وإنما يكون الاستنباط من أجل الأخذ بأيدي الحكام إلى ما فيه صلاح العباد والبلاد، ومن أجل انتشال العوام من براثن الجهل والفقر والحاجة، فإن حاد الاستنباط عن هذه الجادة، وكان من أجل تحقيق أغراض شخصية، وإرضاء فئة معيّنة، فهو استنباط باطل بالمنظور الشرعي؛ لأنه استنباط من أجل الفساد لا من أجل الصلاح، بل هو تكذيب على الله ورسوله. وقد قال تعالى: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون، متاع قليل ولهم عذاب أليم) (النحل: 116–117) وقال عليه الصلاة والسلام: “من كذب علي متعمدا فليتبوّأ مقعده من النار” .

الضابط الخامس: أن تكون العلة المستنبطة مؤثرة، أي: يدور الحكم معها وجودا وعدما، وأن تشهد الأصول للحكم المستنبط. هذا إذا كان الاستنباط من قبيل القياس والاستدلال

إن العلة عند الأصوليين إما أن تكون منقولة، أو مستنبطة، واستنباط العلة يكون إما بالمناسبة، أو بالسبر والتقسيم، أو بالدوران.

فالمناسبة في اللغة هي الملائمة، وهي المصلحة عند الأصوليين، قال الشوكاني: (ويعبر عنها بالإخالة وبالمصلحة وبالاستدلال وبرعاية المقاصد، ويسمى استخراجها تخريج المناط، وهي عمدة كتاب القياس ومحل غموضه ووضوحه) . وقيل: هي الوصف الظاهر المنضبط المشتمل على الحكمة المناسبة لشرع الحكم .

ومن أمثلتها: ترتب تحريم الخمر على الإسكار، للعلاقة والملائمة بين الحكم الذي هو التحريم، والوصف الذي هو الإسكار، والمناسبة هنا هي مصلحة حفظ العقل.

ومنها: ترتب الجلد على الزنا، فعين الزنا مؤثّر ومعتبر في عين الجلد.

وأما السبر والتقسيم، فالمراد بهما في اللغة: الاختبار والحصر.

وفي الاصطلاح: هو حصر الأوصاف غير المنصوص عليها الموجودة في الأصل، واختيار ما يصلح منها للعلية، وإلغاء ما لا يصلح للعلية .

ومن أمثلته: حصر أوصاف الشعير في كونه: مقتاة، مدخرا، مطعوما، مكيلا، وموزونا. ثم اختيار واحد أو أكثر من هذه الأوصاف للعلية، وإلغاء الأوصاف الباقية.

وأما الدوران، فهو ترتب الحكم على الوصف وجودا وعدما ، وبمعنى آخر: وهو أن يوجد الحكم عند وجود الوصف، وينعدم عند عدمه، فيعلم أن ذلك الوصف هو علة ذلك الحكم. ويسمى بالدوران الوجودي والعدمي، وبالطرد والعكس، ومعنى الطرد: الملازمة في الثبوت، ومعنى العكس: الملازمة في الانتفاء.

ومن أمثلته: أن عصير العنب قبل أن يدخله الإسكار ليس بحرام بالإجماع، فإذا دخله الإسكار صار حراما بالإجماع، فإذا ذهب عنه الإسكار ذهب عنه التحريم أيضا، فلما دار التحريم مع الإسكار وجودا وعدما، علمنا أن الإسكار هو علة التحريم.

هذا فيما يتعلق بكون العلة مؤثرة، وأما شهادة الأصل للحكم المستنبط، فمن أمثلتها: الرد على الحنفي في القول بإبطال الوضوء بالقهقهة داخل الصلاة، بأن الأصول تشهد بأن ما لا يبطل الوضوء خارج الصلاة لا يبطله داخل الصلاة كالكلام، وأن ما يبطل الوضوء داخل الصلاة يجب أن يبطله خارج الصلاة، كالبول والريح، وقد أجمعنا على أنّ القهقهة لا تبطل الوضوء خارج الصلاة، فيبطل كونها تبطل الطهارة داخل الصلاة. وفي هذا يقول الشيرازي: (فصل وأما شهادة الأصول فيختص بقياس الدلالة، وهو أن يدل على صحة العلة شهادة الأصول، وذلك أن يقول في القهقهة أن ما لا ينقض الطهر خارج الصلاة لم ينقضه داخل الصلاة كالكلام، فيدل عليها بأن الأصول تشهد بالتسوية بين داخل الصلاة وخارجها، ألا ترى أن ما ينقض الوضوء داخل الصلاة ينقضه خارجها كالأحداث كلها وما لا ينقضه خارج الصلاة لا ينقضه داخلها، فيجب أن تكون القهقهة مثلها) .

ومن أمثلتها أيضا: (أن يقول الشافعي في القيء إنه لا يبطل الوضوء لأن ما لا ينقض قليله الوضوء لم ينقض كثيره الوضوء كالدمع والعرق، فيقال له: ما الدليل على صحة هذه العلة؟ فيقول: شهادة الأصول، وذلك أن الأصول متفقة على التسوية بين القليل والكثير فيما ينقض وفيما لا ينقض، ألا ترى أن البول والغائط والنوم لما نقض استوى قليله وكثيره، وما لا ينقض كالدمع والعرق والكلام يستوي فيه القليل والكثير، فدل على ما قلناه).

خاتمة

لقد تتبعنا في هذا البحث المتواضع مفهوم الاستنباط، وشروطه، وضوابطه، فتوصلنا إلى النتائج الآتية:

ـ إن الاستنباط هو: استخراج المعاني والأحكام والحكم الخفية من النصوص بدقّة النظر وقوّة العقل.

ـ إن الاستنباط أعلى درجات العلم، ولذا لا بدّ إن توفّرت فيه الشروط الآتية جميعا أو أغلبها، وهي:
1. الإيمان بالله تعالى.
2. التكليف.
3. الملكة الفطرية والمكتسبة للحفظ والفهم.
4. العلم من اللغة العربية ما يحسن به الفهم.
5. العلم بأصول الفقه.
6. العلم بالفقه ومذاهب العلماء في الأحكام الشرعية.
7. العلم بأصول التفسير.
8. حفظ جميع آيات الأحكام.
9. العلم بأصول الحديث.
10. حفظ أغلب أحاديث الأحكام.
11. العلم بمواقع الإجماع.
12. العلم بالنظائر وطرق الإلحاق.
13. العلم بالاصطلاحات والحدود عند أهل كل فنّ مما يحتاج إليه في الاستنباط.
14. العلم بمقاصد الشريعة من حيث الجملة والتفصيل.
15. العلم بالقواعد الشرعية الكلية.

كما توصلنا من خلال هذا البحث إلى مجموعة من الضوابط التي بها ينضبط الاستنباط، وهي:

ـ ألا يؤدي إلى إبطال نص قطعية الدلالة أو إلغائه.

ـ مراعاة الأولويات.

ـ عدم مخالفته لمقصد من مقاصد الشريعة.

ـ أن لا يكون بالهوى أو لتحقيق غرض شخصي.

ـ أن تكون العلة المستنبطة مؤثرة، أي: يدور الحكم معها وجودا وعدما، وأن تشهد الأصول للحكم المستنبط. هذا إذا كان الاستنباط من قبيل القياس والاستدلال.

وبالجملة فقد بين البحث خطورة الاستنباط وأهميته، وجدوى الاعتناء به، وأنه من الواجبات الدينية التي لا يجوز التهاون في شأنه؛ لأن ذلك يؤدي إلى الكذب على الله تعالى وعلى رسوله، والكذب على الله ورسوله عمدا من أكبر الكبائر.

الهوامش
—————————–

1. انظر: الجرجاني، العريفات، ص: 38، تحقيق إبراهيم الأبياري، دار الكتاب العربي-بيروت، الطبعة الثانية، سنة 1413هـ/1992م.
2. انظر: ابن منظور، لسان العرب 7/410-411.
3. لم أقف عليه بهذا اللفظ، وله شاهد عند الطبراني في الأوسط 3/377، من حديث صفوان بن عسال، قل: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: “من غدا من بيته يطلب علما فرشت له الملائكة أجنحتها رضى بما يصنع”.
4. انظر: الجرجاني، التعريفات، ص: 38.
5. انظر: السمعاني، قواطع الأدلة في الأصول 2/92، تحقيق محمد حسن إسماعيل الشافعي، دار الكتب العلمية-بيروت، ط أولى، سنة 1997م.
6. حاشية العدوي 1/153-154، تحقيق يوسف الشيخ محمد البقاعي، دار الفكر-بيروت، ط (بدون)، سنة 1412هـ.
7. انظر: الجويني، البرهان في أصول الفقه 1/366، تحقيق عبد العظيم محمد الديب، دار الوفاء، مصر، ط الرابعة، سنة 1418هـ، والشوكاني، محمد علي، إرشاد الفحول، تحقيق محمد سعيد البدري، ص: 342، دار الفكر-بيروت، ط أولى، سنة 1412هـ/1992م.
8. انظر: آل تيمية، المسودّة في أصول الفقه، ص: 401، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، دار المدني-القاهرة، ط، وسنة (بدون).
9. انظر: الشوكاني، محمد بن علي، إرشاد الفحول، ص: 342، تحقيق محمد سعيد البدري.
10. انظر: السيوطي، تفسير الاجتهاد، ص: 51، تحقيق فؤاد عبد المنعم أحمد، دار الدعوة-الإسكندرية، ط أولى سنة 1403.
11. انظر: أبو المظفر السمعاني، قواطع الأدلة في الأصول، ص: 32.
12. انظر: الشيرازي، أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي، اللمع في أصول الفقه، ص: 111-112، دار الكتب العلمية-بيروت، ط أولى، سنة 1405هـ/1985م.
13. انظر: الشيرازي، المعونة في الجدل، ص: 99، تحقيق د. علي عبد العزيز العميريني، جمعية إحياء التراث الإسلامي-الكويت، ط أولى سنة 1407هـ.
14. انظر: أصول السرخسي، أبي بكر محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي 2/94، تحقيق أبو الوفاء الأفغاني، دار المعرفة-بيروت، ط (بدون)، سنة 1372هـ، وأبو إسحاق الشاطبي، الموافقات 3/369، تحقيق عبد الله دراز، دار المعرفة-بيروت، ط، وسنة (بدون).
15. النووي، شرح صحيحي مسلم11/57، دار إحياء التراث العربي-بيروت، ط الثانية، سنة 1312هـ.
16. انظر: ابن حجر، فتح الباري 13/300 ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، ومحب الدين الخطيب، دار المعرفة-بيروت، ط (بدون)، سنة 1379.
17. انظر: المصدر السابق، 13/331.
18. انظر: الجصاص، أبو بكر أحمد بن علي الرازي الجصاص، أحكام القرآن،3/183، تحقيق محمد الصادق قحماوي، دار إحياء التراث العربي-بيروت، ط (بدون)، سنة 1405.
19. انظر: القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرج، الجامع لأحكام القرآن 15/162-163، تحقيق أحمد عبد العليم البردوني، دار الشعب-القاهرة، ط الثانية، سنة 1372هـ.
20. انظر: ابن بدران، المدخل، عبد القادر بن بدران الدمشقي، ص: 372-373 ، تحقيق د. عبد الله بن عبد المحسن التركي، مؤسسة الرسالة-بيروت، ط الثانية، سنة 1401هـ.
21. انظر، المرجع السابق.
22. أبو المظفر السمعاني، قواطع الأدلة، 2/303-306.
23. انظر: ابن بدران، المدخل، ص: 372 – 373.
24. أبو المظفر السمعاني، قواطع الأدلة 2/303-306.
25. انظر: السبكي، علي بن عبد الكافي، الإبهاج 1/8-9، تحقيق جماعة من العلماء، دار الكتب العلمية-بيروت، ط أولى سنة 1404هـ.
26. انظر: المرجع السابق.
27. انظر: ابن قدامة، المغني 10/94، دار الفكر-بيروت، ط أولى، سنة 1405هـ.
28. انظر: أبو المظفر السمعاني، قواطع الأدلة في الأصول، ص: 32.
29. انظر: المرجع السابق 2/303-306.
30. انظر: محمد سعيد رمضان البوطي، ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية، ص: 120.
31. انظر: محمد سعيد رمضان البوطي، ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية، ص: 121.
32. صحيح البخاري 3/1094، كتاب الجهاد والسير، باب الجهاد بإذن الوالدين، وصحيح مسلم 4/1975، كتاب البر والصلة والآداب، باب بر الوالدين وأنهما أحق به.
33. انظر: القرضاوي، السياسة الشرعية في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها، ص: 291-192، مؤسسة الرسالة-بيروت، ط أولى، سنة 1421هـ/2000.
34. صحيح البخاري، 5/2384، كتاب الرقاق، باب التواضع.
35. ابن القيم، أعلام الموقعين 1/31، دار الكتب العلمية-بيروت، ط (بدون)، سنة 1417هـ/ 1996م.
36. الغزالي، المستصفى 2/481-482، تحقيق حمزة زهير حافظ.
37. صحيح البخاري 1/52، كتاب العلم، باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم، صحيح مسلم 1/10، باب تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، من حديث أبي هريرة وغيره، في أماكن متفرقة.
38. انظر: الشوكاني، محمد بن علي، إرشاد الفحول، ص: 365، تحقيق محمد سعيد البدري.
39. انظر: المرجع السابق، ص: 353، تحقيق محمد سعيد البدري.
40. انظر: الشيرازي، اللمع في أصول الفقه، ص: 111-112، والمعونة في الجدل له، ص: 99، تحقيق د. علي عبد العزيز العميريني.
41. انظر: المرجعين السابقين.
42. انظر: الشيرازي، اللمع في أصول الفقه، ص: 111- 112.
43.انظر: الشيرازي، المعونة في الجدل، ص: 99، تحقيق د. علي عبد العزيز العميريني، جمعية إحياء التراث الإسلامي-الكويت، ط أولى سنة 1407هـ.

1.   انظر: الجرجاني، العريفات، ص: 38، تحقيق إبراهيم الأبياري، دار الكتاب العربي-بيروت، الطبعة الثانية، سنة 1413هـ/1992م.

2.   انظر: ابن منظور، لسان العرب 7/410-411.

3.  لم أقف عليه بهذا اللفظ، وله شاهد عند الطبراني في الأوسط 3/377، من حديث صفوان بن عسال، قل: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: “من غدا من بيته يطلب علما فرشت له الملائكة أجنحتها رضى بما يصنع”.

4.   انظر: الجرجاني، التعريفات، ص: 38.

5.   انظر: السمعاني، قواطع الأدلة في الأصول 2/92، تحقيق محمد حسن إسماعيل الشافعي، دار الكتب العلمية-بيروت، ط أولى، سنة 1997م.

6.   حاشية العدوي 1/153-154، تحقيق يوسف الشيخ محمد البقاعي، دار الفكر-بيروت، ط (بدون)، سنة 1412هـ.

7.  انظر: الجويني، البرهان في أصول الفقه 1/366، تحقيق عبد العظيم محمد الديب، دار الوفاء، مصر، ط الرابعة، سنة 1418هـ، والشوكاني، محمد علي، إرشاد الفحول، تحقيق محمد سعيد البدري، ص: 342، دار الفكر-بيروت، ط أولى، سنة 1412هـ/1992م.

8.   انظر: آل تيمية، المسودّة في أصول الفقه، ص: 401، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، دار المدني-القاهرة، ط، وسنة (بدون).

9.   انظر: الشوكاني، محمد بن علي، إرشاد الفحول، ص: 342، تحقيق محمد سعيد البدري.

10.    انظر: السيوطي، تفسير الاجتهاد، ص: 51، تحقيق فؤاد عبد المنعم أحمد، دار الدعوة-الإسكندرية، ط أولى سنة 1403.

11.    انظر: أبو المظفر السمعاني، قواطع الأدلة في الأصول، ص: 32.

12.  انظر: الشيرازي، أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي، اللمع في أصول الفقه، ص: 111-112، دار الكتب العلمية-بيروت، ط أولى، سنة 1405هـ/1985م.

13.  انظر: الشيرازي، المعونة في الجدل، ص: 99، تحقيق د. علي عبد العزيز العميريني، جمعية إحياء التراث الإسلامي-الكويت، ط أولى سنة 1407هـ.

14.  انظر: أصول السرخسي، أبي بكر محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي 2/94، تحقيق أبو الوفاء الأفغاني، دار المعرفة-بيروت، ط (بدون)، سنة 1372هـ، وأبو إسحاق الشاطبي، الموافقات 3/369، تحقيق عبد الله دراز، دار المعرفة-بيروت، ط، وسنة (بدون).

15.    النووي، شرح صحيحي مسلم11/57، دار إحياء التراث العربي-بيروت، ط الثانية، سنة 1312هـ.

16.    انظر: ابن حجر، فتح الباري 13/300 ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، ومحب الدين الخطيب، دار المعرفة-بيروت، ط (بدون)، سنة 1379.

17.    انظر: المصدر السابق، 13/331.

18.  انظر: الجصاص، أبو بكر أحمد بن علي الرازي الجصاص، أحكام القرآن،3/183، تحقيق محمد الصادق قحماوي، دار إحياء التراث العربي-بيروت، ط (بدون)، سنة 1405.

19.  انظر: القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرج، الجامع لأحكام القرآن 15/162-163، تحقيق أحمد عبد العليم البردوني، دار الشعب-القاهرة، ط الثانية، سنة 1372هـ.

20.  انظر: ابن بدران، المدخل، عبد القادر بن بدران الدمشقي، ص: 372-373 ، تحقيق د. عبد الله بن عبد المحسن التركي، مؤسسة الرسالة-بيروت، ط الثانية، سنة 1401هـ.

21.    انظر، المرجع السابق.

22.    أبو المظفر السمعاني، قواطع الأدلة، 2/303-306.

23.    انظر: ابن بدران، المدخل، ص: 372 – 373.

24.    أبو المظفر السمعاني، قواطع الأدلة 2/303-306.

25.    انظر: السبكي، علي بن عبد الكافي، الإبهاج 1/8-9، تحقيق جماعة من العلماء، دار الكتب العلمية-بيروت، ط أولى سنة 1404هـ.

26.    انظر: المرجع السابق.

27.    انظر: ابن قدامة، المغني 10/94، دار الفكر-بيروت، ط أولى، سنة 1405هـ.

28.    انظر: أبو المظفر السمعاني، قواطع الأدلة في الأصول، ص: 32.

29.    انظر: المرجع السابق 2/303-306.

30.    انظر: محمد سعيد رمضان البوطي، ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية، ص: 120.

31.    انظر: محمد سعيد رمضان البوطي، ضوابط المصلحة في الشريعة الإسلامية، ص: 121.

32.  صحيح البخاري 3/1094، كتاب الجهاد والسير، باب الجهاد بإذن الوالدين، وصحيح مسلم 4/1975، كتاب البر والصلة والآداب، باب بر الوالدين وأنهما أحق به.

33.  انظر: القرضاوي، السياسة الشرعية في ضوء نصوص الشريعة ومقاصدها، ص: 291-192، مؤسسة الرسالة-بيروت، ط أولى، سنة 1421هـ/2000.

34.    صحيح البخاري، 5/2384، كتاب الرقاق، باب التواضع.

35.    ابن القيم، أعلام الموقعين 1/31، دار الكتب العلمية-بيروت، ط (بدون)، سنة 1417هـ/ 1996م.

36.    الغزالي، المستصفى 2/481-482، تحقيق حمزة زهير حافظ.

37.  صحيح البخاري 1/52، كتاب العلم، باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم، صحيح مسلم 1/10، باب تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، من حديث أبي هريرة وغيره، في أماكن متفرقة.

38.    انظر: الشوكاني، محمد بن علي، إرشاد الفحول، ص: 365، تحقيق محمد سعيد البدري.

39.    انظر: المرجع السابق، ص: 353، تحقيق محمد سعيد البدري.

40.    انظر: الشيرازي، اللمع في أصول الفقه، ص: 111-112، والمعونة في الجدل له، ص: 99، تحقيق د. علي عبد العزيز العميريني.

41.    انظر: المرجعين السابقين.

42.    انظر: الشيرازي، اللمع في أصول الفقه، ص: 111- 112.

43.  انظر: الشيرازي، المعونة في الجدل، ص: 99، تحقيق د. علي عبد العزيز العميريني، جمعية إحياء التراث الإسلامي-الكويت، ط أولى سنة 1407هـ.

د. محمد حمد كنان ميغا

الاستنباط من النص شروطه وضوابطه

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق