الرابطة المحمدية للعلماء

الاحتفاء في لندن بالجيل الأول للنساء المغربيات المهاجرات ببريطانيا

كان رواد متحف “ليتون هاوس” بلندن، يوم الخميس الماضي، على موعد مع لقاء ثقافي، شكل مناسبة لتسليط الضوء على تجربة الجيل الأول من النساء المغربيات المهاجرات إلى بريطانيا.

 وشكلت الأمسية الفنية، التي نظمت في إطار فعاليات مهرجان نور 2013 للثقافة العربية، فرصة للجمهور الذين غصت بهم جنبات المتحف، الذي يعد تحفة معمارية حقيقية، للاحتفاء بالرعيل الأول من المهاجرات المغربيات اللواتي قدمن إلى المملكة المتحدة منذ بداية الستينات من القرن الماضي، ونسجن قصصا وحكايات شجية حول معاني الصبر والشجاعة والكفاح ونكران الذات.

وتضمنت فقرات اللقاء عرض شريط وثائقي بعنوان “دردشة” يوثق لتجربة أربع نساء مغربيات مقيمات ببريطانيا، حيث تحدثن بكل عفوية وفخر عن مسارهن مع الهجرة ورحلة الكفاح والصمود من أجل إثبات الذات وضمان مستقبل واعد للأسرة، بالرغم من إكراهات البدايات الصعبة، ونار الحنين إلى الوطن الأم.

وبغض النظر عن ارتباط مجيئهن لبريطانيا بالحظ أو نتيجة اختيار مسبق، فقد اختارت أغلب النساء المغربية الاستقرار بحي بورتوبيلو (وسط لندن) والذي يعد موطن الأقليات والجاليات القادمة من مختلف البلدان والثقافات.

وأجمعت المغربيات المشاركات في هذا الشريط الذي يسعى إلى توثيق الذاكرة الجماعية للجيل الأول من المهاجرات المغربيات ببريطانيا، على التأكيد أنه لم يخطر ببالهن على الإطلاق الإقامة بالمملكة المتحدة لمدة طويلة.

وقد واجه الرعيل الأول من المهاجرات المغربيات، الظروف الصعبة للإقامة والاستقرار في بريطانيا، بشجاعة نادرة، حيث تغلبن على كل صعوبات الاندماج واللغة ونقص التكوين، وكتبن قصصا رائعا بحمولات انسانية وعاطفية كبيرة حول الصمود والمثابرة من أجل ضمان مستقبل أفضل لأسرهن وأبنائهن. لقد اقتحمن بكل شموخ وإباء عالم الشغل، ورغم أن بداية أغلبهن كان في إطار أعمال بسيطة كالتنظيف وخدمة الغرف والطبخ، إلا ان قيمتها كانت كبيرة وعظيمة لأنها كانت ممزوجة بكثير من التعب والجهد والكرامة والشرف ونكران الذات.

وحملت الشهادات التي تضمنها الشريط ، توثيقا دقيقا لجانب من تفاصيل الحياة اليومية للجيل الأول من المهاجرات المغربيات إلى بريطانيا، ولاسيما فيما يتعلق بتشبتهن في البداية في البقاء في منازلهن والانغلاق على ذواتهن، بسبب تأثيرات الغربة واللغة، قبل أن ينفتحن سنوات بعد ذلك على العالم ويقتحمن سوق الشغل ويساهمن بنشاط في الحياة الجمعوية المحلية، إلى جانب تعلم الكتابة والقراءة، مما مكن أغلبهن من الاندماج بشكل أسهل في المجتمع البريطاني.

وعبر الرعيل الأول من المهاجرات المغربيات، عن فخره وسعادته بقدرته على التعايش مع محيطه وتشبته بجذوره الثقافية مما أثار اعجاب واحترام البريطانيين من جميع التيارات والمشارب. كما أكدن ثقتهن في مستقبل أفضل وأحسن بالنسبة للجيل الثاني من المهاجرات ببريطانيا باعتبارها “بلد الفرص”.

وثمن المشاركون في النقاش، الذي تلا عرض الشريط الوثائقي ، أهمية هذا المشروع السوسيو ثقافي الذي حرص على تناول مختلف الجوانب المرتبطة بخصوصيات الهجرة المغربية ببريطانيا.

وأكدت سعاد طلسي، المسؤولة عن المشروع والرئيسة المؤسسة لمركز “الحسنية” للنساء المغربيات ، الذي يوجد مقره بالعاصمة البريطانية، أن الشريط الوثائقي توخى تكريم الجيل الأول من المهاجرات المغربيات اللواتي كانت لهن بصمة واضحة في صفوف الجالية المغربية في بريطانيا واستطاعوا تجاوز جميع الصعاب والعقبات والنجاح في مسارهن العائلي والمهني.

وأشارت إلى أن حضور النساء كان قويا وكبيرا في صفوف الجيل الأول من المهاجرين المغاربة الذين وصلوا إلى بريطانيا ابتداء من سنوات الستينات، موضحة ان الشريط الوثائقي يمنح لأول مرة الفرصة للمغربيات المقيمات بالمملكة المتحدة لتقاسم تجربتهن مع جمهور واسع وعريض.

وأكدت مؤسسة مركز “الحسنية” بلندن، أن “هؤلاء النسوة، اللواتي تشبعوا بقيمة التسامح التي يتقاسمها المغرب وبريطانيا، قدمن مساهمة دالة وقيمة للمجتمع والاقتصاد البريطانيين”.

وتميزت هذه الأمسية الثقافية، التي استمتع المشاركون فيها بتقاسيم شجية على العود من إبداع الفنان المغربي سفيان السايحي، بحضور القنصل العام للمملكة بلندن رشيد أكاسيم، وسفير المملكة المتحدة السابق بالرباط تيم موريسون، وديبلوماسيين ومثقفين، إلى جانب تواجد مكثف للجالية المغربية المقيمة ببريطانيا، وممثلي الجاليات العربية، وعدد من الطلبة والباحثين البريطانيين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق