مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات عامة

الإرشاد إلى تقريب الاعتقاد

إعداد:

الدكتور عبد الله معصر، رئيس مركز دراس بن إسماعيل

الدكتور مولاي إدريس غازي، باحث بمركز دراس بن إسماعيل. 

 

ثم فصل الناظم بعض خصال الإيمان الداخلة تحت قوله في تفسيره فيما علم بالضرورة مجيء المصطفى صلى الله عليه وسلم به من عند الله تعالى، فقال: (جزم ) أي اعتقاد جازم (بالإله)، أي مما يجب له تعالى وما يستحيل وما يجوز، وتقدم تفصيل ذلك، (و) جزم (بالكتب) السماوية، أي بأنها من عند الله أنزلها على بعض رسله بألفاظ على لسان الملك، أو رقوم  دالة على الألفاظ  في الألواح، وإن كان ما تضمنته حق وصدق، وقال غير واحد وهي مائة وأربعة كتب، أنزل منها خمسون على شيت، وثلاثون على إدريس، وعشرة على آدم، وعشرة على إبراهيم، والتوراة، والإنجيل، والزبور، والفرقان، وهذه الأربعة هي التي عينت أسماؤها في القرآن. (والرسل) أي الجزم بأن الله أرسلهم إلي الخلق مبشرين ومنذرين، و بأنهم يجب في حقهم ويستحيل ويجوز ما سبق من الصفات.

تنبيهات: الأول، اختلف الرواة في عد الأنبياء والرسل، فروى أحمد عن أبي أمامة مرفوعا: (الأنبياء مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جما غفيرا)[1]، ولابن حبان وغيره عن أبي ذر: (قلت يا رسول الله كم الأنبياء، قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، قلت: كم الرسل منهم، قال ثلاثمائة وثلاثة عشر جم غفير، ثم قال: يا أبا ذر أربعة سريانيون  آدم وشيت ونوح وخنوخ وهو إدريس، وهو أول من خط بقلم، وأربعة من العرب هود وصالح وشعيب ونبيك، وأول نبي من بني إسرائيل موسى، وآخرهم عيسى، وأول النبيين آدم، وآخرهم نبيك)[2].وفي شرح النسفية لسعد الدين روى أنهم مائتا ألف وأربعة وعشرون ألفا، قال ابن أبي شريف: لم أقف على رواية التثنية كما ذكر، ولأبي يعلى بسند ضعيف عن أنس مرفوعا: (بعث الله ثمانية آلاف نبي، أربعة آلاف إلى بني إسرائيل، وأربعة آلاف إلى سائر الناس)، قال النسفي: والأولى أن لا يقتصر على عدد في التسمية، فقد قال تعالى: (منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك)[3]، ولا يؤمن في ذلك العدد إدخال من ليس منهم أو إخراج من هو منهم.

الثاني: قال التتائي: أولوا العزم منهم على ما لصاحب الكشاف تسعة: نوح لصبره على أذى قومه، وإبراهيم لصبره على النار وذبح ولده، وإسحاق على الذبح، ويعقوب لفقد ولده وذهاب بصره، ويوسف على الجب والسجن، وأيوب على الضر، وموسى قال له قومه إنا لمدركون، قال كلا إن معي ربي سيهدين، وداوود لبكائه على خطيئته أربعين عاما، وعيسى لم يضع لبنة على لبنة، وقال: هي معبرة، اعبروها ولا تعمروها. واقتصر ابن عطية من هؤلاء على أربعة: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى، وزاد خامسا وهو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم،  فتلخص من كلامهما عشرة نظمهم التتائي في قوله:

محمد إبراهيم موسى كلــيمــه          ونوح وعيسى هم أولوا العزم فاعـــرف

وداوود وأيوب ويعقوب يوسف        وإسحاق ذو صبر على الذبـح فــاكـتف

والعزم الصبر، وما ذكره من أن الذبيح إسحاق أحد قولين، والآخر أنه إسماعيل، وكل من القولين رجحه طائفة، انظر الزرقاني على المواهب.

الثالث: قال الأقفهسي: (الوحي إلى جميعهم كان مناما إلا أولي العزم الخمسة، فإنه أوحي إليهم يقظة ونوما).

 

شرح العالم العلامة البحر الفهامة شيخ الشيوخ سيدي محمد الطيب بن عبد المجيد المدعو ابن كيران المولود سنة 1172هـ المتوفى بمدينة فاس 17 محرم سنة 1227 على توحيد العالم الماهر سيدي عبد الواحد بن عاشر قدس الله سرهما آمين، ص: 125- 126.

(طبع على نفقة الحاج عبد الهادي بن المكي التازي التاجر بالفحامين)

مطبعة التوفيق الأدبية

 


[1]  أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره، رقم: 962.

[2]  أخرجه ابن حبان في صحيحه، كتاب:  البر والإحسان، باب: ذكر الاستحباب للمرء أن يكون له من كل خير حظ رجاء التخلص في العقبى بشيء منها. رقم: 361.

[3]  سورة غافر، الآية: 78.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق