مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات عامة

الإرشاد إلى تقريب الاعتقاد

إعداد:

الدكتور عبد الله معصر، رئيس مركز دراس بن إسماعيل

الدكتور مولاي إدريس غازي، باحث بمركز دراس بن إسماعيل.

 (وهي أفضل وجوه ) أي أنواع (الذكر )، ولو لم يرد في فضلها إلا أنها عَلَم على الإيمان تعصم الدماء والأموال إلا بحقها كان كافيا للعاقل، كيف وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة كحديث الترمذي والنسائي وابن ماجة وابن حبان والحاكم عن جابر مرفوعا: (أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الحمد لله). وحديث النسائي مرفوعا، قال موسى عليه السلام: (يا رب علمني ما أذكرك به و أدعوك، فقال: يا موسى قل لا إله إلا الله، قال موسى عليه السلام: يارب كل عبادك يقول هذا، قال: قل لا إله إلا الله، قال: لا إله إلا أنت، إنما أريد شيئا تخصني به، قال: يا موسى لو أن السموات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة لمالت بهن لا إله إلا الله).

 وهذان الحديثان يدلان على أن الهيللة أفضل من الحمدلة، ووجه دلالة الأول أنه جعل الهيللة أفضل جنس الذكر، والحمدلة أفضل جنس الدعاء، ومعلوم أن جنس الذكر أفضل من جنس الدعاء، لأنه قد صح: (من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين)، وأما حديث: (أفضل ما قلته أنا و النبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له) رواه في الموطأ، ففيه اختصار بدليل زيادة الترمذي: (له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)،  وحينئذ  فالمحكوم عليه بالأفضل المجموع المشتمل على الهيللة والتحميد، فلا يدل على أفضلية أحدهما في نفسه على الآخر، وقد ورد ما يدل على أفضلية الحمدلة وهو ما رواه أحمد والحاكم والضياء عن أبي سعيد وأبي هريرة معا رفعاه: (إن الله اصطفى من الكلام أربعا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فمن قال سبحان الله كتب له عشرون حسنة وحطت عنه عشرون سيئة، ومن قال الله أكبر فمثل ذلك، ومن قال لا إله إلا الله فمثل ذلك، و من قال الحمد لله رب العالمين من قبل نفسه كتبت له ثلاثون حسنة) هــ.

 وأحسن ما يجمع به كما سبق التنبيه عليه أن تفضيل الهيللة إنما هو بالنسبة لما لم يتضمن معناها من الكلام، أما ما تضمنه فلا، والحمدلة تضمنت معنى الهيللة وزيادة، فتكون أفضل، و يساويها في أصل المعنى السبحلة والتكبير، فمن ثم سوى بينهما في الحديث المتقدم، ويؤيد ما ذكرناه من تفضيل الحمدلة والهيللة  ما في نوادر الأصول عن وكيع: (الحمد لله شكر لا إله إلا الله). قال الترمذي الحكيم: (فيالها من كلمة لوكيع لا إله إلا الله أعظم النعم، فإذا حمد الله عليها كان في كلمة الحمد قول لا إله إلا الله مضمنة مشتملة عليها الحمدلة)، ثم لا ينافي تفضيل الحمدلة وكونها أكثر ثوابا أن للهيللة مزية في مواضع لا يقام غيرها فيها مقامها كالأذان والإقامة والدخول في الإسلام وغير ذلك، وفي الحديث: (لتدخلن الجنة كلكم إلا من أبى وشرد عن الله شرود البعير عن أهله، فقيل: يا رسول الله من الذي يأبى؟ قال: من لم يقل لا إله إلا الله، فأكثروا من قول لا إله إلا الله قبل أن يحال بينكم وبينها؛ فإنها كلمة التوحيد، وهي كلمة الإخلاص، وهي كلمة التقوى، وهي الكلمة الطيبة، وهي دعوة الحق وهي العروة الوثقى وهي ثمرة الجنة).

شرح العالم العلامة البحر الفهامة شيخ الشيوخ سيدي محمد الطيب بن عبد المجيد المدعو ابن كيران المولود سنة 1172هـ المتوفى بمدينة فاس 17 محرم سنة 1227 على توحيد العالم الماهر سيدي عبد الواحد بن عاشر قدس الله سرهما آمين، ص 114 – 115.

(طبع على نفقة الحاج عبد الهادي بن المكي التازي التاجر بالفحامين)

مطبعة التوفيق الأدبية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق