الرابطة المحمدية للعلماء

الأنترنت وإعادة موقعة الكتاب في المجتمعات الغربية

تجربة فريدة لمقاهي في موسكو تقدم لزبنائها كتبا الكترونية مع فنجان القهوة أو الشاي

عرفت العاصمة الروسية موسكو في الآونة الأخيرة تجربة فريدة لمقاهي تقدم لزبنائها كتبا الكترونية مصحوبة بطلبيات الزبناء المتمثلة في فنجان قهوة أو الشاي أو مشروبات ساخنة أخرى .

ورغم أن هذه التجربة مازالت في أطوارها الأولى إلا أنها أثارت اهتمام المثقفين ورجال الأعمال على حد سواء باعتبارها خدمة يمكن وضعها في خانة اجتهاد أصحاب المقاهي لجلب الزبناء وتقديم خدمات جديدة، وهي تحمل في ذات الوقت شيئا من الثقافة والرغبة في توسيع مجال القراءة وإعادة موقع الكتاب وسط المجتمع الروسي، الذي لا يعرف معنى الأمية منذ زمن بعيد .

ويفسر أصحاب المقاهي اعتمادهم على الكتب الالكترونية عوض الورقية إلى أسباب عديدة منها ما هو مادي ومنها ما ثقافي وفكري ومحاولة مجاراة التحولات في مجال الإعلاميات، مبرزين أن الاعتماد على الكتاب الالكتروني لا يكلف الشيء الكثير إذ يمكن استعماله لمرات غير محدودة دون أن يتعرض للتلف عكس ما يحصل للكتاب الورقي الذي يتأثر عند الاستعمال المكثف .

ويعود السبب الآخر لاستعمال الكتاب الالكتروني إلى كون هذا الأخير يتيح فرصة تسجيل كتب تستجيب لكل أذواق الزبناء ومتابعة مستجدات سوق الكتاب دون الحاجة إلى أموال كثيرة لفعل ذلك، إذ يمنح الانترنيت الفرصة مجانا لشحن الكتب بصور مقبولة خاصة ما يتعلق بحجم الحروف الذي يعد عاملا أساسيا لجلب الزبناء من المسننين وضعاف البصر .

ويؤكد كسطانطين ماكاروف مسير مقهى بشارع “أربات”وسط موسكو ،التي كانت من ضمن المقاهي الأوليات اللواتي اعتمدن التجربة ،أن المقهى تقدم خدمة جديدة لزبنائها ولا تخسر عمليا أي فلس إلا أنها ربحت شيئا معنويا هاما يتمثل في مساهمتها في تعزيز ثقافة القراءة في أوساط الشباب وغير الشباب وكسبت احترام أشخاص عديدين أصبحوا يرتادون المقهى للمساهمة بدورهم في إعادة المكانة التي يجب أن يحتلها الكتاب في الأوساط الاجتماعية الروسية بعد أن فقد الكتاب شيئا من بريقه وترك مكانه للألعاب الالكترونية والهواتف النقالة التي أصبحت الأكثر استعمالا من طرف الأشخاص، سواء الذين يستقلون وسائل النقل العمومي أو الذين يرتادون المقاهي .

ورغم أن التجربة لازالت لحد الآن محصورة في مقاهي معدودة إلا أن الحديث عنها والاهتمام بمنتوجها الجديد أصبح حديث الشارع الموسكوفي، الذي يرى في هذه التجربة دفعا جديدا لإعادة إحياء عادة الروس في القراءة ، التي تميزوا بها في عهود سابقة عن غيرهم من الشعوب لما كان الكتاب في الثقافة الشعبية الروسية ليس لتأثيث الرفوف بل وجبة فكرية ضرورية للتثقيف.

(عبد العزيز حيون عن و.م.ع ـ بتصرف)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق