الرابطة المحمدية للعلماء

الأسرة البشرية.. وتحدي التنوع الثقافي!

الأميرة
للا مريم تدعو إلى مواجهة مخاطر التنميط الفكري

أكدت
صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم، سفيرة النوايا الحسنة لمنظمة الأمم المتحدة
للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو)، أمس الثلاثاء بباريس، أن المغرب “بحكم
تاريخه وجغرافيته وتنوعه الثقافي والروحي لينخرط تلقائيا في تلكم الدينامية
القائمة على مبدأ تحالف الحضارات، متطلعا في تطوره إلى اتساع آفاق التنوع والنقاش
والديمقراطية”.

 
وأشارت
صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم في كلمة أمام سفيرات وسفراء النوايا الحسنة بمنظمة اليونيسكو،
المجتمعين بمقر المنظمة للتباحث حول مسألة التنوع الثقافي، إلى أن المغرب
“بحكم انتمائه الإفريقي وغنى هويته المتعددة التي نهلت لقرون عدة من روافد
الحضارات العربية الإسلامية والأمازيغية واليهودية”، “ظل على الدوام
منفتحا على العالم متجاوبا مع البعد الكوني للحضارة الإنسانية”.
 
وقالت
صاحبة السمو الملكي “إن التقرير العالمي لليونيسكو، الذي يتناول موضوع التنوع
الثقافي، الذي نلتئم بشأنه اليوم، ليشكل محطة بارزة في تاريخ المنظمة”، مسجلة

أن “القارئ المتصفح له (التقرير) يخرج باستنتاج وجيه، مفاده أن التصدي لمظاهر
العنف في زمننا المعاصر يقتضي الأخذ بزمام الأمر من جديد، واستعادة التحكم في كل
مجال من مجالات التنوع الثقافي”، ومن جهة أخرى، فإنه يستشف من الأرقام
الواردة في التقرير أن ما يتردد الحديث عنه باستمرار في رحاب هذه المؤسسة الموقرة
بشأن مخاطر التنميط “إنما هي حقيقة ثابتة وليست مجرد وساوس أو خرافات من نسج
الخيال”.
 
وأشارت
سموها إلى أن منظمة اليونيسكو “رغم توفرها على اتفاقية أصبحت تكتسي أهمية
تاريخية في حقل التنوع الثقافي”، فإنها مع ذلك “ظلت شديدة الاحتراس
واليقظة إيمانا منها ومنا جميعا بأننا بصدد معركة مازلنا نخوض غمارها ولم يحسم في
أمرها بعد”.
 
وأضافت
صاحبة السمو الملكي أن “كل المعطيات الواردة في هذا التقرير تفيد أن قيام
علاقات رصينة مبنية على الثقة المتبادلة مع الآخر لن يتأتى إلا إذا ما استحضرت
المجموعة الدولية حتمية الرجوع إلى مبدإ المساواة الحقة والشاملة في الكرامة
والحقوق بين ثقافتنا ومعتقداتنا الروحية وخصوصياتنا بمختلف أشكالها
وتجلياتها”.
 
وأكدت
سموها أن “اليونيسكو باعتبارها فضاء متميزا لتلاقي وتمازج ما هو كوني بما هو
خصوصي، لهي محقة في أن تجعل من هذا التحدي المتمثل في الإقرار بخصوصيات الآخر وبكل
ما يفرضه ذلك من مقتضيات، أولى أولوياتها بالنسبة للأشهر والأعوام القادمة”.
 
وعبرت
صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم عن ارتياحها لكون “إنشاء منظمة اليونسكو
منذ ستين سنة خلت، إنما جرى بدافع الرغبة في إعادة بناء صرح الوحدة بين مكونات
العالم الذي نعيش فيه. وهو ما يجعل منظمتنا تقف اليوم منتصبة في الطليعة لرفع التحدي
المتمثل في الحفاظ على ما يزخر به عالمنا من مظاهر التنوع”.
 
وقالت صاحبة السمو
الملكي “إننا بحكم انتمائنا للمناطق التي نقطنها، ربما أكثر استشعارا من
غيرنا بالمخاطر التي نجمت ولازالت تنجم عن التوظيف المغرض
لمعتقداتنا الدينية، وكذا عن تسخير تلكم النظريات الدخيلة علينا، المرتكزة على وهم
صدام الحضارات المزعوم”.
 
وتابعت
سموها “لقد جانب البعض الصواب بجعل هذه الفرضية المبدأ والمنتهى في كل ما
يرتبط بالمآسي السياسية الحقيقية التي نواجهها، علما أن الجميع أصبح يقر بأن الحل
لا يمكن أن يكون إلا سياسيا”، مضيفة “وهنا بيت القصيد ومربط الفرس، فما
ذلكم المنطق القائم على التبصر والواقعية إلا تجسيد لحقيقة تنوع هوياتنا ومشروعية
تضامننا المتجذرة في أعماق ضميرنا ووجداننا”.
 
وأوضحت
سمو الأميرة أنه “عندما نتناول الحديث في المناطق التي ننتمي إليها بشأن مخاطر التنميط الفكري التي تحدق
بمجتمعنا، فإننا نلمح في حقيقة الأمر إلى وجود رهان حقيقي ملموس يواجه مجتمعاتنا من جراء هذه المخاطر”، مضيفة سموها “أننا
على غرار باقي مكونات المجموعة الدولية، نعيش في عالم تشكل فيه دولة واحدة مصدرا
وحيدا وأوحد لما يفوق 80 في المائة من الصور المتداولة داخل السوق العالمية، في
الوقت الذي تعد فيه اللغة الإنجليزية لغة التأليف بالنسبة لتسعة من أصل عشرة كتاب
تترجم ملفاتهم في مختلف أرجاء المعمورة”.

ولاحظت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم أن هذه
الأرقام تؤكد “ضيق المسلك، إن تبقى هناك مسلك، الذي يمكن لثقافاتنا أن تنتهجه
لتأمين بقائها والتعبير عن نفسها، جنبا إلى جنب مع باقي الثقافات الأخرى”.

وخلصت سموها إلى القول “إن هذه التأملات والخواطر التي تقاسمتها معكم لهي
نابعة من صميم تاريخي وذاكرتي ومعيشي كمغربية”. (و م ع بتصرف يسير).

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق