الرابطة المحمدية للعلماء

الأزمة المالية المعاصرة، رؤية اقتصادية نقدية

د. وليد الشاويس: العالم يتهدده انهيار اقتصادي مخيف إذا لم يوقف توليد “نقود الظل” و”المضاربات المفتعلة”

قال الدكتور وليد الشاويس، خريج كلية الشريعة بالأردن ومختص في الاقتصاد الإسلامي، في محاضرة ألقاها مساء الأربعاء الماضي 14 يناير 2009 بمؤسسة دار الحديث الحسنية بالرباط، إن السبب الرئيس للأزمة المالية التي عرفها العالم سنة 2008 هو سياسة توليد “نقود الظل” التي يتبعها النظام الاقتصادي الرأسمالي.

واعتبر “الشاويش” أن الأزمة المالية الحالية انطلقت من الولايات المتحدة الأمريكية، حيث بدأت تروج هناك نقود مصرفية “رمزية” ناتجة عن عقود القروض، والبيع مؤجل التسليم في الصفقات التجارية على اختلاف أنواعها، وهي صفقات وصفها المحاضر بأنها تتم دون تسلم أو تسليم للسلع و الأموال، وتتم أحيانا بواسطة شيكات تمثل نقودا غير حقيقية.

وأكد وليد الشاويش، أستاذ بإحدى الجامعات بالإمارات العربية المتحدة، أن هذه العمليات المالية “المفتعلة” شكلت “ورما نقديا” خطيرا أدى إلى التضخم المالي وارتفاع أسعار العقارات وبيع المصارف للديون بضمان العقار، مما أدى في نهاية المطاف إلى انهيار شركات التأمين والشركات الصناعية وكساد أسواق الأسهم والسلع.

وعدد المحاضر أسبابا أخرى للأزمة المالية المعاصرة من قبيل إفراط أمريكا في الإصدار النقدي دون قيود، حيث احتاجت إلى ضخ 700 مليار دولار في شرايينها المالية لتفادي انهيار اقتصادي عالمي كان وشيك الحصول سنة 2008، بالإضافة إلى تزايد نفقات حربها على أفغانستان والعراق، وانعدام الشفافية والإفصاح المالي الدقيق لدى مؤسساتها المالية.

وذكر “الشاويش” أن من نتائج الأزمة الاقتصادية التي عرفها العالم أخيرا ارتفاع البطالة والعزوف عن شراء المساكن وتأثر الدول العربية بذلك نتيجة انخفاض أسعار النفط، لكن هذه الأزمة لم تمس بشكل كبير المصارف الإسلامية في العالم الإسلامي، والسبب في ذلك ـ يضيف المحاضر ـ هو أن هذه المصارف تتفادى المضاربات المفتعلة وتتجنب توليد “أموال الظل” في معاملاتها المالية.

وأشار الأستاذ الشاويش إلى أن العالم يتهدده انهيار اقتصادي مخيف إذا لم تسارع الدول المعنية إلى وقف المضاربات المفتعلة وتقديم أحد البدلين في العقد لضمان جدية الصفقة كما هو معمول به في المعاملات التجارية المعروفة في الفقه الإسلامي، واعتماد المعاملات الربحية عوض تلك المبنية على الفائدة، ومراعاة الضوابط الشرعية في الإصدار النقدي.

ووجه المحاضر انتقادات كثيرة إلى المصارف الإسلامية وارتكازها في عملها، هي أيضا، على بعض المعاملات الشبيهة بتلك المستعملة في الأبناك التقليدية؛ مثل عقود المرابحة وغيرها من العقود التي تحتاج إلى اجتهاد مستمر من أجل الارتقاء بها إلى المقاصد الحقيقة للدين الإسلامي في حماية الضعفاء، وتحقيق توازن مالي لصالح الجميع.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق