مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثشذور

الأديب الشاعر ابن خبازة الخطابي

الشاعر ابن خبازة الخطابي: ت637هـ
بقلم: ذ. محمد الفاسي
إن هذا العصر الموحدي الثالث الذي نبدأ دراسته اليوم يمتد من سنة ثلاثين وستمائة، وهي السنة التي توفي فيها الخليفة المأمون، وخلفه ابنه عبد الواحد الرشيد إلى سنة سبع وستين وستمائة، وهي السنة التي توفي فيها آخر الخلفاء الموحدين، أبو دبوس .
وإذا كان التاريخ السياسي لهذه المدة عبارة عن تنازع السيادة بين أفراد من بني عبد المومن، وقيام دول جديدة على أنقاض الخلافة الموحدية العظيمة المتسعة؛ فإنه من الناحية الأدبية لا يختلف عن العصر الذي قبله، وذلك لأن أثر ضعف الدولة لا يظهر إلا بعد مضي جيل أو أكثر، وربما لا يظهر مطلقا إن سقطت الدولة الضعيفة بسرعة وخلفتها دولة جديدة مثلما وقع في آخر الدولة الموحدية، وقيام الدولة المرينية كما سنراه.
وعلى هذا فليست لهذا العصر الأدبي مميزات خاصة بل هو كسابقه في كل شيء وكل رجاله نشأوا في العصر الذي قبله، وما قسَّمنا البحث في التاريخ الأدبي أيام الموحدين إلى ثلاثة عصور إلا لسهولة العرض.
وقد كان لكل من العصرين السابقين شاعر عظيم ابن حبوس والجراوي، وشاعر هذا العصر الثالث هو ابن خبازة الخطابي.
اسم هذا الشاعر ميمون بن علي بن عبد الخالق الخطابي، وبنو خطاب في قبائل كثيرة من برابرة المغرب، والذين ينتسب إليهم شاعرنا من صنهاجة الريف، ولا تزال هذه الفرقة الريفية موجودة إلى اليوم، وهي قبيلة مجيدة تقدم فيها العلماء والقواد الكبار، وكانت عائلته تقيم بفاس، وبها ولد في النصف الثاني من القرن السادس. ويلقب بابن خبازة نسبة إلى خاله كما قال صاحب الجذوة[ص309]، ويفهم منه أيضا أن خاله كان شاعرا كذلك، فلذا شبه به وأعطي لقبه.
وقد ذكر صاحب مفاخر البربر[65-66] من جملة مشاهير البرابرة شخصا قال عنه: ومنهم الشيخ الصالح الصوفي المفتي المحدث أبو عمر ابن ميمون بن خطاب، رأيت بخطه جوابا لمن سأله عن اسمه ونسبه؟ فقال: أنا ميمون بن علي بن عبد الخالق الخطابي.
والصفات التي ذكرها له هنا صاحب مفاخر البربر لا تنطبق تماما على شاعرنا، خصوصا وأنه لم يصفه بالشاعر، كما أن ابن القاضي في جذوة الاقتباس وابن عبد الملك في الذيل والتكملة لم يذكرا عنه أنه كان محدثا مفتيا ولم يزيدا على أنه كان شاعرا، فلا شك أن هذا ولده وهو أبو عمر ابن ميمون نفسه كما قال في النقل الذي أورده عنه، فالغالب أنه سقطت منه التسمية بعد قوله، أنا ولم يبق إلا اسم أبيه ميمون الذي نحن بصدده.
ولا نعلم أسماء الأشياخ الذين درس عليهم ابن خبازة، والغالب أنه درس ببلاده واشتغل بعلوم اللغة والأدب حتى برع فيها، ثم تعاطى قرض الشعر فأجاده كما يظهر مما بقي لنا من شعره، وكما يقوله من ترجم له كابن عبد الملك المراكشي في الذيل والتكملة على الموصول والصلة، وكابن القاضي في جذوة الاقتباس فيمن حل من الأعلام مدينة فاس.
قال الأول في أحد أجزاء كتابه الجليل الذي أفلت من الضياع، ومنه نسخة مصورة بالخزانة العامة:(وقطع مددا من عمره في الارتسام بامتداح ملوك عصره، فكان يأتي من ذلك بما لم يسمع من ذكره، ولا يطمع في لحاقه سرعة ارتجال وحسن افتتان وبراعة إنشاء).
وقال الثاني:(كان سريع البديهة ناظما ناثرا مع الإجادة والتفنن في أساليب الكلام معرفة وإتقانا في هزله وجده على اختلاف اللغات. الجذوة[ص209].
وقد أثبت له كل واحد منهما ما يشهد له بذلك، فمنه قصيدة طويلة في مدح أبي العلاء ابن المنصور وتهنئته بالولاية على إشبيلية بعد قرطبة، ذكرها له ابن عبد الملك ومطلعها:
يا سعد حمص لقد نالت بك الا ملا       كأنك الشمس قد حلت بها الحملا
وذكر له ابن القاضي قصيدة طويلة أيضا في مدح خير البرية عليه الصلاة والسلام تحتوي على تسعة وأربعين ومائة بيت ومطلعها:
حقيق علينا أن نجيب المعاليا            لنفني في مدح الحبيب المعانيا
ومنها في ولادته عليه الصلاة والسلام:
وكم شاهدت من آية أمه بـــــــــــه
يصير به جيد الديانة حاليـــــــــا
رأت في معاليه مرائي جمــــــــــة
مصدقة الآثار منه المرائيـــــــــا
وقيل لها بشراك فزت بخير مــــن
يرى فوق أكناف البسيطة ماشيـا
وحفت به الأملاك في حين وضعه
بليلة أفضال تزين اللياليـــــــــــا
وبشر رضوان الجنان بخلقــــــــه
ففتح جنات النعيم الثمانيــــــــــــا
ونادى منادي العز طوفوا بأحمــد
جهات الدنا طرا وعموا النواحيـا
بدا واضعا كفيه بالأرض رافعـــا
بعينيه نحو الأفق بالطرف ساميا
ومنها في ذكر معجزة النبي العربي العظمي وهي القرآن:
وآياته جلت عن العد كثرة
فما تبلغ الأقوال منها تناهيا
وأعظمها الوحي الذي خصه به
فبلغ عنه آمرا فيه ناهيــــــــــــا
تحدى به أهل البيان بأسرهــــم
فكلهم ألفاه بالعجز وانيـــــــــــا
وجاء به رحبا صريحا يزيـــده
مرور الليالي جدة وتعاليــــــــا
تضمن أحكام الوجود بأسرهــا
وعم القضايا مثبتا فيه نافيــــــا
وأخبر عما كان أو هو كـــأس
يرى ماضيا أو ما يرى بعد آتيا
             ه أيضا عدة أبيات من قصيدة أخرى طويلة أيضا قالها في رثاء أبي محمد عبد الله بن أبي بكر محمد عبد الملك بن الحافظ أبي بكر ابن الجد الفهري الإمام المشهور جد آل الفاسي الفهريين، وهذه المرثية تدل على براعته وشاعريته وتفكيره العميق، إذ لم يجعلها مجرد تفجع ووصف الفقيد بالأوصاف المستحيلة، وإشراك الكون والطبيعة جمعاء في الحزن على المرثي على عادة الشعراء، بل مزج كل ذلك بإلقاء نظر على الموت الذي يشغل أفكار كل الشعراء الكبار والفلاسفة فقال:
وإنما الموت حكم ليس يدخله
نسخ لخلق وعدل دون تجوير
يقضي على الأسد في الآجام حاكمه
وفي الكناس على البيض اليعافير
وتمتص الشهب في شم الجبال كما
في الوكر يغنام أفراخ العصافير
أعظم بآياته من آية عظمت
فليس تدرك في حال بتفسير
   وأورد له أيضا في آخر ترجمته أبياتا من قصيدة قال عنها أيضا وهي طويلة ومنها:
هب النسيم ضحى ففاح المندل
وتأرجت منه الصبا والشمال
أترى عليلا فاستحث إلى الصبا
صبا بأنفاس الصبا يتعلل
يهوى الغدير وساكنيه ومن له
لو كان يدنو منه ذاك المنزل
وفي هذه الأمثلة كفاية لإظهار مقدرته الشعرية، وقد كان متصلا بالخلفاء الموحدين، وكان يمدحهم كما قدمنا عن ابن عبد الملك، وذكر ابن القاضي أنه ولي حسبة الطعام بمراكش يعني أنه كان مكلفا بشؤون التموين في ذاك العصر وهذه
الخطة لم تعرف على ما يظهر إلا في أيام الموحدين مما يدل على اتساع العمران في وقتهم والاضطرار إلى تنظيم شؤون المعاش حتى جعلوا له محتسبا خاصا أما قبلهم وبعدهم فالحسبة كانت عامة.
ولم يبق لنا آثار ابن خبازة إلا ما ورد في الذيل والتكملة وفي الجذوة، ولا شك أن شعره جمع في ديوان خاص؛ لأنه كان طويل النفس، وقد رأينا أن كل القصائد التي ذكرت له طويلة، أو قيل عنها أنها طويلة، وربما عثر عليه يوما ما في إحدى خزانات المغرب التي لا تزال مجهولة ولم تفهرس كتبها.
وإذا كنا لا نعرف تاريخ ولادته، فإن تاريخ وفاته معروف بعد ذكر ابن عبد الملك أنه توجّه صحبة الخليفة الموحدي الرشيد إلى سلا، فأدركته منيته بها صدر سنة سبع وثلاثين وستمائة.
وقال ابن القاضي في الجذوة (توفي برباط الفتح من سلا )، وهو مخالف لما ذكر ابن عبد الملك، إلا أني رأيت الشيخ العباس بن ابراهيم مؤرخ مراكش يذكر في أحد أجزاء تاريخه التي لم تطبع بعد قوله : (وقبره خارج سلا قبلي قبر الشيخ
ابراهيم أبي حاجة)، مما يدل على أن قول ابن عبد الملك هو الصحيح، وأن قبره معروف إلى وقتنا، فإن كان كذلك يتعين على أدباء سلا أن يعتنوا بالبحث عن هذا الحدث وبتجديده وإحياء ذكراه وما ذلك على عزمهم بعزيز.
عن رسالة المغرب في العلم في الأدب والاجتماع؛
العدد الرابع، السنة السادسة  محرم 1367 / دجنبر 1947
إعداد: ذة.نادية الصغير.

الأديب الشاعر ابن خبازة الخطابي: ت637هـ

بقلم: ذ. محمد الفاسي

إن هذا العصر الموحدي الثالث الذي نبدأ دراسته اليوم يمتد من سنة ثلاثين وستمائة، وهي السنة التي توفي فيها الخليفة المأمون، وخلفه ابنه عبد الواحد الرشيد إلى سنة سبع وستين وستمائة، وهي السنة التي توفي فيها آخر الخلفاء الموحدين، أبو دبوس .
وإذا كان التاريخ السياسي لهذه المدة عبارة عن تنازع السيادة بين أفراد من بني عبد المومن، وقيام دول جديدة على أنقاض الخلافة الموحدية العظيمة المتسعة؛ فإنه من الناحية الأدبية لا يختلف عن العصر الذي قبله، وذلك لأن أثر ضعف الدولة لا يظهر إلا بعد مضي جيل أو أكثر، وربما لا يظهر مطلقا إن سقطت الدولة الضعيفة بسرعة وخلفتها دولة جديدة مثلما وقع في آخر الدولة الموحدية، وقيام الدولة المرينية كما سنراه.
وعلى هذا فليست لهذا العصر الأدبي مميزات خاصة بل هو كسابقه في كل شيء وكل رجاله نشأوا في العصر الذي قبله، وما قسَّمنا البحث في التاريخ الأدبي أيام الموحدين إلى ثلاثة عصور إلا لسهولة العرض.
وقد كان لكل من العصرين السابقين شاعر عظيم ابن حبوس والجراوي، وشاعر هذا العصر الثالث هو ابن خبازة الخطابي.
اسم هذا الشاعر ميمون بن علي بن عبد الخالق الخطابي، وبنو خطاب في قبائل كثيرة من برابرة المغرب، والذين ينتسب إليهم شاعرنا من صنهاجة الريف، ولا تزال هذه الفرقة الريفية موجودة إلى اليوم، وهي قبيلة مجيدة تقدم فيها العلماء والقواد الكبار، وكانت عائلته تقيم بفاس، وبها ولد في النصف الثاني من القرن السادس. ويلقب بابن خبازة نسبة إلى خاله كما قال صاحب الجذوة[ص309]، ويفهم منه أيضا أن خاله كان شاعرا كذلك، فلذا شبه به وأعطي لقبه.
وقد ذكر صاحب مفاخر البربر[65-66] من جملة مشاهير البرابرة شخصا قال عنه: ومنهم الشيخ الصالح الصوفي المفتي المحدث أبو عمر ابن ميمون بن خطاب، رأيت بخطه جوابا لمن سأله عن اسمه ونسبه؟ فقال: أنا ميمون بن علي بن عبد الخالق الخطابي.
والصفات التي ذكرها له هنا صاحب مفاخر البربر لا تنطبق تماما على شاعرنا، خصوصا وأنه لم يصفه بالشاعر، كما أن ابن القاضي في جذوة الاقتباس وابن عبد الملك في الذيل والتكملة لم يذكرا عنه أنه كان محدثا مفتيا ولم يزيدا على أنه كان شاعرا، فلا شك أن هذا ولده وهو أبو عمر ابن ميمون نفسه كما قال في النقل الذي أورده عنه، فالغالب أنه سقطت منه التسمية بعد قوله، أنا ولم يبق إلا اسم أبيه ميمون الذي نحن بصدده.
ولا نعلم أسماء الأشياخ الذين درس عليهم ابن خبازة، والغالب أنه درس ببلاده واشتغل بعلوم اللغة والأدب حتى برع فيها، ثم تعاطى قرض الشعر فأجاده كما يظهر مما بقي لنا من شعره، وكما يقوله من ترجم له كابن عبد الملك المراكشي في الذيل والتكملة على الموصول والصلة، وكابن القاضي في جذوة الاقتباس فيمن حل من الأعلام مدينة فاس.
قال الأول في أحد أجزاء كتابه الجليل الذي أفلت من الضياع، ومنه نسخة مصورة بالخزانة العامة:(وقطع مددا من عمره في الارتسام بامتداح ملوك عصره، فكان يأتي من ذلك بما لم يسمع من ذكره، ولا يطمع في لحاقه سرعة ارتجال وحسن افتتان وبراعة إنشاء).
وقال الثاني:(كان سريع البديهة ناظما ناثرا مع الإجادة والتفنن في أساليب الكلام معرفة وإتقانا في هزله وجده على اختلاف اللغات. الجذوة[ص209].
وقد أثبت له كل واحد منهما ما يشهد له بذلك، فمنه قصيدة طويلة في مدح أبي العلاء ابن المنصور وتهنئته بالولاية على إشبيلية بعد قرطبة، ذكرها له ابن عبد الملك ومطلعها:
يا سعد حمص لقد نالت بك الا ملا       كأنك الشمس قد حلت بها الحملا
وذكر له ابن القاضي قصيدة طويلة أيضا في مدح خير البرية عليه الصلاة والسلام تحتوي على تسعة وأربعين ومائة بيت ومطلعها:
حقيق علينا أن نجيب المعاليا            لنفني في مدح الحبيب المعانيا
ومنها في ولادته عليه الصلاة والسلام:

وكم شاهدت من آية أمه به  يصير به جيد الديانة حاليا

رأت في معاليه مرائي جمة مصدقة الآثار منه المرائيا

وقيل لها بشراك فزت بخير من يرى فوق أكناف البسيطة ماشيا

وحفت به الأملاك في حين وضعه بليلة أفضال تزين اللياليا

وبشر رضوان الجنان بخلقه ففتح جنات النعيم الثمانيا

ونادى منادي العز طوفوا بأحمــد جهات الدنا طرا وعموا النواحيـا

بدا واضعا كفيه بالأرض رافعا    بعينيه نحو الأفق بالطرف ساميا
ومنها في ذكر معجزة النبي العربي العظمي وهي القرآن:
وآياته جلت عن العد كثرة فما تبلغ الأقوال منها تناهيا

وأعظمها الوحي الذي خصه به فبلغ عنه آمرا فيه ناهيا

تحدى به أهل البيان بأسرهم فكلهم ألفاه بالعجز وانيا

وجاء به رحبا صريحا يزيده مرور الليالي جدة وتعاليا

تضمن أحكام الوجود بأسرها وعم القضايا مثبتا فيه نافيا

وأخبر عما كان أو هو كأس يرى ماضيا أو ما يرى بعد آتيا
وأورد له أيضا عدة أبيات من قصيدة أخرى طويلة أيضا قالها في رثاء أبي محمد عبد الله بن أبي بكر محمد عبد الملك بن الحافظ أبي بكر ابن الجد الفهري الإمام المشهور جد آل الفاسي الفهريين، وهذه المرثية تدل على براعته وشاعريته وتفكيره العميق، إذ لم يجعلها مجرد تفجع ووصف الفقيد بالأوصاف المستحيلة، وإشراك الكون والطبيعة جمعاء في الحزن على المرثي على عادة الشعراء، بل مزج كل ذلك بإلقاء نظر على الموت الذي يشغل أفكار كل الشعراء الكبار والفلاسفة فقال:
وإنما الموت حكم ليس يدخله نسخ لخلق وعدل دون تجويريقضي على الأسد في الآجام حاكمه وفي الكناس على البيض اليعافيروتمتص الشهب في شم الجبال كما في الوكر يغنام أفراخ العصافيرأعظم بآياته من آية عظمت فليس تدرك في حال بتفسير
وأورد له أيضا في آخر ترجمته أبياتا من قصيدة قال عنها أيضا وهي طويلة ومنها:هب النسيم ضحى ففاح المندل وتأرجت منه الصبا والشمالأترى عليلا فاستحث إلى الصبا صبا بأنفاس الصبا يتعلليهوى الغدير وساكنيه ومن له لو كان يدنو منه ذاك المنزل
وفي هذه الأمثلة كفاية لإظهار مقدرته الشعرية، وقد كان متصلا بالخلفاء الموحدين، وكان يمدحهم كما قدمنا عن ابن عبد الملك، وذكر ابن القاضي أنه ولي حسبة الطعام بمراكش يعني أنه كان مكلفا بشؤون التموين في ذاك العصر وهذه الخطة لم تعرف على ما يظهر إلا في أيام الموحدين مما يدل على اتساع العمران في وقتهم والاضطرار إلى تنظيم شؤون المعاش حتى جعلوا له محتسبا خاصا أما قبلهم وبعدهم فالحسبة كانت عامة.
ولم يبق لنا آثار ابن خبازة إلا ما ورد في الذيل والتكملة وفي الجذوة، ولا شك أن شعره جمع في ديوان خاص؛ لأنه كان طويل النفس، وقد رأينا أن كل القصائد التي ذكرت له طويلة، أو قيل عنها أنها طويلة، وربما عثر عليه يوما ما في إحدى خزانات المغرب التي لا تزال مجهولة ولم تفهرس كتبها.
وإذا كنا لا نعرف تاريخ ولادته، فإن تاريخ وفاته معروف بعد ذكر ابن عبد الملك أنه توجّه صحبة الخليفة الموحدي الرشيد إلى سلا، فأدركته منيته بها صدر سنة سبع وثلاثين وستمائة.
وقال ابن القاضي في الجذوة (توفي برباط الفتح من سلا )، وهو مخالف لما ذكر ابن عبد الملك، إلا أني رأيت الشيخ العباس بن ابراهيم مؤرخ مراكش يذكر في أحد أجزاء تاريخه التي لم تطبع بعد قوله : (وقبره خارج سلا قبلي قبر الشيخ ابراهيم أبي حاجة)، مما يدل على أن قول ابن عبد الملك هو الصحيح، وأن قبره معروف إلى وقتنا، فإن كان كذلك يتعين على أدباء سلا أن يعتنوا بالبحث عن هذا الحدث وبتجديده وإحياء ذكراه وما ذلك على عزمهم بعزيز.

عن رسالة المغرب في العلم في الأدب والاجتماع؛العدد الرابع، السنة السادسة  محرم 1367 / دجنبر 1947م

انتقاء: ذة.نادية الصغير.

Science

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق