مركز الدراسات والبحوث في الفقه المالكيغير مصنف

الأجوبة الفقهية لعيسى بن عبد الرحمن السكتاني(ت1062ﻫ)

  انبرى في المذهب المالكي مجموعة من علماء النوازل بالغرب الإسلامي، كانوا ولا زالوا عمدة للقضاة، وعليهم المعول في الإفتاء، خلفوا تراثا زاخرا في هذا المجال، ولعل من أبرزهم مفتي مراكش وقاضيها، أبا مهدي عيسى بن عبد الرحمن السكتاني (ت1062ﻫ)، صاحب كتاب “النوازل”، أو “الأجوبة الفقهية”، وكتابه هذا عبارة عن أجوبة فقهية، أجاب بها عن أسئلة وجهت إليه في مواطن مختلفة، كما يضم أجوبة على أسئلة وجهت إليه من بعض علماء عصره، وقد جمعها تلميذه أحمد بن الحسن السوسي الروداني.

   و”الأجوبة الفقهية” لأبي مهدي السكتاني كتاب مبوب على أبواب الفقه، يذكر السؤال أولا، ثم يردفه بالجواب، وتتميز هذه الأجوبة بالاختصار غالبا، بحيث لا يدخل في التفاصيل وإيراد الأقوال إلا نادرا، وهي طريقة قريبة من أسلوب أبي الحسن الصغير الزرويلي (ت719ﻫ) في نوازله.

   جاء في مقدمة هذه الأجوبة على لسان جامعها: «أما بعد: فهذه جملة من أجوبة شيخنا الإمام ضوء العلوم وكوكب الأفهام، إنسان عين المغرب، قاضي القضاة، ومفتي الإسلام، أبي مهدي سيدي عيسى بن عبد الرحمن الرجراجي أصلا، برد الله ضريحه وأسكنه من الجنان فسيحه قيدتها من خط يده المباركة بعد استشارتي له ـ رضي الله تعالى عنه ـ في قيد حياته على جمعها، فأذن لي في ذلك وأقر لي به، فلم أزل أطلبها بأيدي الناس بالانتساخ والتقييد، واستنفدت جهدي في طلبها والبحث عنها غاية الاستطاعة، فلما رأى مني ـ رضي الله عنه ـ الجد في الطلب والاهتمام بشأنه، ـ رضي الله عنه ـ صار يحضرني لما يرد عليه من الفتاوى، ويملي عليَّ الجواب فأكتبه بيدي، ويطبع هو عليه، وأخذ من ذلك تحت يده نسخا، ولم يزل يرشدني إلى فوائد ونكت زوائد، من توجيه الأقوال ومبناها، حرصا منه ـ رضي الله عنه ـ على انتشار العلم والانتفاع به حتى حصل بيده من تقييد ذلك جملة وافرة».

   ويندرج كتاب “الأجوبة الفقهية” لأبي مهدي السكتناني ضمن لائحة كتب النوازل المعتمدة في المذهب المالكي، رغم ما احتوى عليه من الفتاوى المجملة المحتاجة إلى التفصيل، قال أبو العباس الهلالي: “ومن كتب النوازل المعتمدة… نوازل المحقق سيدي عيسى السجستاني، لكن فيه فتاوى مجملة تحتاج إلى تفصيل” [نور البصر (ص: 133)]، وقال السملالي: «وما زال العمل على وفق اختياره في معضلات النوازل» [الإعلام للمراكشي (9/414)].

  ومما يبرز مكانة هذه الأجوبة أن معاصره أحمد بابا التنبكتي تابع بعضها وقرضها، قال عقب أجوبة للسكتاني: «ما أجاب به السيد العالم سيدي عيسى صحيح لا غبار عليه، وبه أقول» [الأجوبة الفقهية (ص: 134)] وقوله أيضا: «جواب الفقيه سيدي عيسى صحيح، وبه أقول»، ولأبي القاسم بن أبي نعيم الفاسي تقريض لبعض أجوبته أيضا، قال عقبه جوابه: «جواب الفقيه القاضي سيدي المسطر أولا أعلاه عقب السؤال محقق الأصول، محرر الفصول، ولم يترك لقائل ما يقول، فلا يعدل عنه ولا يطلب سواه» [الأجوبة الفقهية (ص: 136)]، وهذه التقاريض مدرجة ضمن الكتاب في النسخة المطبوعة.

  وقد صدر الكتاب عن دار ابن حزم، بعنوان «الأجوبة الفقهية» باعتناء أحمد بن علي الدمياطي، ط 1، سنة 1432ﻫ ـ 2011م، في مجلد يحتوي على  436 صفحة.

  وقد جاء الكتاب بالإضافة إلى المقدمة في ثلاثة أقسام، وتحت كل قسم مسائل ترجم بها عما فيه، وهذه الأقسام هي كما يلي:

القسم الأول: في العبادات وما شاكلها.

القسم الثاني: في الأنكحة والطلاق وما ماثلها.

القسم الثالث: في البيوع وسائر المعاوضات، وما ضارعها من الأقضية والشهادات، والتبرعات وما يتعلق بذلك.

                        بقلم الباحث: عبد القادر الزكاري

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق