مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقديةشذور

الآراء العقدية المالكية من كتاب: الذخيرة للقرافي

 

(كِتَابُ الْجَامِعِ):
هَذَا الْكِتَابُ يَخْتَصُّ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ لَا يُوجَدُ فِي تَصَانِيفِ غَيْرِهِ مِنَ الْمَذَاهِبِ وَهُوَ مِنْ مَحَاسِنِ التَّصْنِيفِ لِأَنَّهُ تَقَعُ فِيهِ مَسَائِلُ لَا يُنَاسِبُ وَضْعُهَا فِي رُبْعٍ مِنْ أَرْبَاعِ الْفِقْهِ أَعْنِي الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَالْأَقْضِيَةَ وَالْجِنَايَاتِ. فَجَمَعَهَا الْمَالِكِيَّةُ فِي أَوَاخِرِ تَصَانِيفِهَا وَسَمَّوْهَا بِالْجَامِعِ أَيْ جَامِعِ الْأَشْتَاتِ مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا تُنَاسِبُ غَيْرَهُ مِنَ الْكُتُبِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَجْنَاسٍ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَقِيدَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَقْوَالِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ وَهُوَ الْأَفْعَالُ وَالتُّرُوكُ بِجَمِيعِ الْجَوَارِحِ.
(الْجِنْسُ الْأَوَّلُ الْعَقِيدَةُ)
قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَغَيْرُهُ: مَذْهَبُ مَالِكٍ وُجُوبُ النَّظَرِ وَامْتِنَاعُ التَّقْلِيدِ فِي أُصُولِ الدِّيَانَاتِ. قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ لَمْ يَرَ بِالتَّقْلِيدِ إِلَّا أَهْلُ الظَّاهِرِ، فَيَتَعَيَّنُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ عِنْدَ أَوَّلِ بُلُوغِهِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ لِجَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ مِنَ الْمُمْكِنَاتِ خَالِقًا وَمُدَبِّرًا هُوَ وَاجِبُ الْوُجُودِ أَزَلِيٌّ أَبَدِيٌّ حَيٌّ بِحَيَاةٍ قَادِرٌ بِقُدْرَةٍ مُرِيدٌ بِإِرَادَةٍ عَالِمٌ بِعِلْمٍ سَمِيعٌ بِسَمْعٍ بَصِيرٌ بِبَصَرٍ مُتَكَلِّمٌ بِكَلَامٍ.
 وَأَنَّ صِفَاتِهِ تَعَالَى وَاجِبَةُ الْوُجُودِ أَزَلِيَّةٌ أَبَدِيَّةٌ عَامَّةُ التَّعَلُّقِ. فَيَتَعَلَّقُ عِلْمُهُ بِجَمِيعِ الْجُزْئِيَّاتِ وَالْكُلِّيَّاتِ وَالْوَاجِبَاتِ وَالْمُمْكِنَاتِ. وَإِرَادَتُهُ تَعَالَى مُتَعَلِّقَةٌ بِجَمِيعِ الْمُمْكِنَاتِ. وَعِلْمُهُ مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ. وَبَصَرُهُ مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ الموجودات. وَسَمْعُهُ سُبْحَانَهُ مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ الْأَصْوَاتِ. وَالْكَلَامِ النَّفْسَانِيِّ حَيْثُ كَانَ مِنْ خَلْقِهِ وَالْقَائِمُ بِذَاتِهِ. وَأَنَّ قُدْرَتَهُ تَعَالَى عَامَّةُ التَّعَلُّقِ بِجَمِيعِ الْمُمْكِنَاتِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْعَالَمِ مِنَ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِمْ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير}. لَهُ أَن يفعل الْأَصْلَح لِعِبَادِهِ، وَله أَن لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يسْأَلُون}. وَأَنَّهُ وَاحِدٌ فِي ذَاتِهِ لَا نَظِيرَ لَهُ وَلَا شريك وَلَا يسْتَحق الْعبادة غَيْرُهُ سُبْحَانَهُ.
 وَأَنَّ جَمِيعَ رُسُلِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِم صَادِقُونَ فِيمَا جاءوا بِهِ، وَأَن مُحَمَّدا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ جَمِيعَ مَا جَاءَ بِهِ حَقٌّ وَمَا أَخْبَرَ بِهِ صِدْقٌ؛ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَحْوَالِهِ، وَالْقِيَامَةِ وَأَهْوَالِهَا، مِنَ الصِّرَاطِ وَالْمِيزَانِ. 
وَجَمِيعُ الْمُغَيَّبَاتِ عِبَادٌ؛ كَالْمَلَائِكَةِ وَالْجَانِّ وَغَيْرِهِمْ. 
وَأَدِلَّةُ جَمِيعِ هَذِهِ الْعَقَائِدِ مَبْسُوطَةٌ فِي عِلْمِ أُصُولِ الدِّينِ، وَكَذَلِكَ تَفْصِيلُ هَذِهِ الْحَقَائِقِ وَتَفَارِيعِهَا.
وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ مَخْلُوقَتَانِ.
وَأَنَّهُ لَا يُخَلَّدُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ فِي النَّارِ بِكَبِيرَةٍ.
وَأَنَّ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ.
وَأَنَّ الْإِيمَانَ اعْتِقَادٌ بِالْقَلْبِ ونطق بِاللِّسَانِ وَعمل بالجوراح.
 وَأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى قَائِمٌ بِذَاتِهِ مَحْفُوظٌ فِي الصُّدُورِ وَمَقْرُوءٌ بِالْأَلْسِنَةِ مَكْتُوبٌ فِي الْمَصَاحِفِ.
 وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيُكَلِّمُهُمْ.
 وَفِي الْجَوَاهِرِ:  أَمَّا الْقِيَامُ بِدَفْعِ شُبَهِ الْمُبْطِلِينَ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُ إِلَّا مَنْ طَالَعَ عُلُومَ الشَّرِيعَةِ وَحَفِظَ الْكَثِيرَ مِنْهَا وَفَهِمَ مَقَاصِدَهَا وأحكامها، وَأخذ ذَلِك عَن أئمة فاوضهم فِيهَا وراجعهم فِي ألفاظها وأغراضها وَبَلَغَ دَرَجَةَ الْإِمَامَةِ فِي هَذَا الْعِلْمِ بِصُحْبَةِ الأئمة الَّذِينَ أَرْشَدُوهُ لِلصَّوَابِ وَحَذَّرُوهُ مِنَ الْخَطَأِ وَالضَّلَالِ، حَتَّى ثَبَتَ الْحَقُّ فِي نَفْسِهِ ثُبُوتًا، فَيَكُونُ الْقِيَامُ بِدَفْعِ الشُّبُهَاتِ حِينَئِذٍ فَرْضَ كِفَايَةٍ عَلَيْهِ وَعَلَى أَمْثَالِهِ.
وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَلَا يَجُوزُ لَهُمُ التَّعَرُّضُ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا ضَعُفَ عَنْ رَدِّ تِلْكَ الشُّبْهَة فَيتَعَلَّق بِنَفسِهِ مِنْهَا ما لَا يَقْدِرُ عَلَى إِزَالَتِهِ، فَيَكُونُ قَدْ تَسَبَّبَ إِلَى هَلَاكِهِ، نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْعِصْمَةَ.
وَكَذَلِكَ الْقِيَامُ بِالْفَتْوَى فَرْضُ كِفَايَةٍ أَيْضًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ قَبْلَ الطَّهَارَةِ مَا هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ وَمَا هُوَ فَرْضُ عَيْنٍ، وَأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِبَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ بَلْ هُوَ علمك بِحَالَتِكَ الَّتِي أَنْتَ فِيهَا، فَيُطَالَعُ مِنْ هُنَاكَ.
وَفِي التَّلْقِينِ: يَجِبُ النَّظَرُ وَالِاعْتِبَارُ الْمُؤَدِّيَيْنِ لِلْعِلْمِ بِمَا افْتُرِضَ عَلَيْكَ أَوْ نُدِبْتَ إِلَيْهِ، وَطَلَبُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَفِي تَعَلُّمِهِ فَضِيلَة عَظِيمَة. وَلَا يجوز لمن فيه فَضْلُ النَّظَرِ وَالِاجْتِهَادِ وَقُوَّةُ الِاسْتِدْلَالِ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ، وَفَرْضٌ عَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ لِنَفْسِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فاعتبروا يَا أولي الْأَبْصَار}، وَمَنْ لَا فَضْلَ فِيهِ لِذَلِكَ فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ تَقْلِيدِ مَنْ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنه أفقه وَأعلم وأدين وَأَوْرَع وقته، وَيَلْزَمُهُ الْأَخْذُ بِمَا يُفْتِيهِ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
(فَرْعٌ): قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَأَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ خَيْرَ الْقُرُونِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، كَمَا أَخْبَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَأَنَّ أَفْضَلَهُمْ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، ثُمَّ عَلِيٌّ. وَقِيلَ ثُمَّ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ، وَلَا يَفْضُلُ بَيْنَهُمَا. وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ الْقَوْلَانِ.
 وَأَنَّ الْمُهَاجِرِينَ أَفْضَلُ عَصْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَام، وَأَن أفضلهم الْعشْرَة، وَأفضل الْعشْرَة الأئمة الْأَرْبَعَةُ، ثُمَّ أَهْلُ بَدْرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ. وَالْمُهَاجِرُونَ على قدر الْهِجْرَة والسبق، وأَن مَنْ رَآهُ سَاعَةً أَوْ مَرَّةً أَفْضَلُ مِنْ أفضل  التَّابِعين.
 تنبيه: لَيْسَ هَذِهِ التَّفْضِيلَاتُ مِمَّا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْمُكَلَّفِ اكْتِسَابَهُ أَوِ اعْتِقَادَهُ، بَلْ لَوْ غَفَلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُطْلَقًا لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي الدِّينِ، نَعَمْ مَتَى خَطَرَتْ بِالْبَالِ أَوْ تَحَدَّثَ فِيهَا بِاللِّسَانِ وَجَبَ الْإِنْصَافُ وَتَوْفِيَةُ كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ.
وَيَجِبُ الْكَفُّ عَنْ ذِكْرِهِمْ إِلَّا بِخَيْرٍ.  وَأَنَّ الْإِمَامَةَ خَاصَّةٌ فِي قُرَيْشٍ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ،  وَأَنَّ نَصْبَ الْإِمَامِ لِلْأُمَّةِ وَاجِبٌ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَأَنَّهُ مَوْكُولٌ إِلَى أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ دُونَ النَّصِّ، وَأَنَّهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ.
 وَيجب طَاعَة الأئمة وَإِجْلَالُهُمْ، وَكَذَلِكَ نُوَّابُهُمْ، فَإِنْ عَصَوْا بِظُلْمٍ أَوْ تَعْطِيلِ حَدٍّ وَجَبَ الْوَعْظُ، وَحَرُمَتْ طَاعَتُهُ فِي الْمعْصِيَة وإعانته عَلَيْهَا لقَوْله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ)،  وَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ عَلَى مَنْ وَلِيَ وَإِنْ جَارَ. وَيُغْزَى مَعَهُ الْعَدُوُّ، وَيُحَجُّ الْبَيْتُ، وَتُدْفَعُ لَهُ الزَّكَوَاتُ إِذَا طَلَبَهَا، وَتُصَلَّى خَلْفَهُ الْجُمُعَةُ وَالْعِيدَانِ. قَالَ مَالِكٌ: لَا يُصَلَّى خَلْفَ الْمُبْتَدِعِ مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يَخَافَهُ فَيُصَلِّي، وَاخْتُلِفَ فِي الْإِعَادَةِ.
 قَاعِدَة: ضَبْطُ الْمَصَالِحِ الْعَامَّة وَاجِبٌ، وَلَا تَنْضَبِطُ إِلَّا بعظمة الأئمة فِي نَفْسِ الرَّعِيَّةِ، وَمَتَى اخْتَلَفت عَلَيْهِمْ أَوْ أُهِينُوا تَعَذَّرَتِ الْمَصْلَحَةُ، وَلِذَلِكَ قُلْنَا: لَا يَتَقَدَّمُ فِي إِمَامَةِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَلَا غَيْرِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ مُخِلٌّ بِأُبَّهَتِهِمْ.
(فَرْعٌ): قَالَ وَمَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ: لَا يُعْذَرُ مَنْ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ لِبِدْعَةٍ، لِأَنَّ الْخَوَارِجَ اجْتَهَدُوا فِي التَّأْوِيلِ فَلَمْ يُعْذَرُوا، وَسَمَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ – مَارِقِينَ مِنَ الدِّينِ، وَجَعَلَ الْمُجْتَهِدَ فِي الْأَحْكَامِ مَأْجُورًا وَإِنْ أَخْطَأَ.
(فَرْعٌ): قَالَ: أَنْكَرَ مَالِكٌ رِوَايَةَ أَحَادِيثِ أَهْلِ الْبِدَعِ مِنَ التَّجْسِيمِ وَغَيْرِهِ، وَلَمْ يُنْكِرْ حَدِيثَ الضَّحِكِ وَلَا حَدِيثَ التَّنْزِيلِ، وَأَنْكَرَ حَدِيثَ أَنَّ الْعَرْشَ اهْتَزَّ لِمَوْتِ سَعْدٍ.
 تَنْبِيهٌ: الْأَصْحَابُ مُتَّفِقُونَ عَلَى إِنْكَارِ الْبِدَعِ؛ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرُهُ. وَلَا يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّهَا خَمْسَةُ أَقْسَامٍ:
– وَاجِبَةٌ كَتَدْوِينِ الْقُرْآنِ وَالشَّرَائِعِ إِنْ خِيفَ عَلَيْهَا الضَّيَاعُ، فَإِنَّ التَّبْلِيغَ لِمَنْ بَعْدَنَا مِنَ الْقُرُونِ وَاجِبٌ إِجْمَاعًا.
– وَمُحَرَّمَةٌ، كَالْمُكُوسِ الْحَادِثَةِ وَغَيْرِهَا.
– وَمَنْدُوبَةٌ، كَصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ وَإِقَامَة صور الأئمة وَالْقُضَاةِ بِالْمَلَابِسِ وَغَيْرِهَا مِنَ الزَّخَارِفِ وَالسِّيَاسَاتِ، وَرُبَّمَا وَجَبَتْ.
– وَمَكْرُوهَةٌ، كَتَخْصِيصِ الْأَيَّامِ الْفَاضِلَةِ وَغَيْرِهَا بِنَوْعٍ مِنَ الْعِبَادَةِ.
– وَمُبَاحَةٌ، كَاتِّخَاذِ الْمَنَاخِلِ، فَفِي الْأَثَرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: (أَوَّلُ شَيْءٍ أَحْدَثَهُ النَّاسُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ – المناخل). لَكن إِصْلَاحَ الْأَغْذِيَةِ الْمُبَاحَةِ مُبَاحٌ.
فَالْبِدْعَةُ إِذَا عَرَضَتْ تُعْرَضُ عَلَى قَوَاعِدِ الشَّرْعِ وَأَدِلَّتِهِ، فَإِنِ اقْتَضَتْهَا قَاعِدَةُ تَحْرِيمٍ حُرِّمَتْ، أَوْ إِيجَابٍ وَجَبَتْ، أَوْ إِبَاحَةٍ أُبِيحَتْ. وَإِنْ نُظِرَ إِلَيْهَا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ بِالنَّظَرِ إِلَى كَوْنِهَا بِدْعَةً مَعَ قَطْعِ النّظر عَمَّا يتقاضاها كُرِهَتْ. فَهَذَا تَفْصِيلُ أَحْوَالِ الْبِدَعِ، فَيُتَمَسَّكُ بِالسُّنَنِ مَا أَمْكَنَ. وَلِبَعْضِ السَّلَفِ الصَّالِحِ يُسَمَّى أَبَا الْعَبَّاسِ الْإِبْيَانِيَّ الْأَنْدَلُسِيَّ: (ثَلَاثٌ لَوْ كُتِبْنَ فِي ظُفُرٍ لَوَسِعَهُنَّ، وَفِيهِنَّ خَيْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ: اتَّبِعْ لَا تَبْتَدِعْ، اتَّضِعْ لَا تَرْتَفِعْ، مِنْ وَرَعٍ لَا تَتَّسِعْ… 
(فَرْعٌ): قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ يَجِبُ أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَسْمَعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَلَامَهُ الْقَائِمَ بِذَاتِهِ لَا كَلَامًا قَامَ بِغَيْرِهِ. وَتَقْرِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَدِلَّتُهَا ذَكَرْتُهُ مَبْسُوطًا سَهْلًا فِي كِتَابِ الإنقاد فِي الِاعْتِقَادِ.
(مَسْأَلَةٌ): قَالَ: يَجِبُ أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ يَدَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَبْسُوطَتَانِ، وَأَنَّ يَدَهُ غَيْرُ نِعْمَتِهِ. 
قُلْتُ: فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَذَاهِبُ لِأَهْلِ الْحَقِّ مَعَ جَمِيعِ النُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي الْجَوَارِحِ كَالْوَجْهِ وَالْجَنْبِ والقدم. قيل: يُتَوَقَّف على تَأْوِيلِهَا وَيُعْتَقَدُ أَنَّ ظَاهِرَهَا غَيْرُ مُرَادٍ، وَيُحْكى أَنَّهُ مَذْهَبُ السَّلَفِ، فَإِنَّهُ تهجم عَلَى جِهَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالظَّنِّ وَالتَّخْمِينِ.
وَقِيلَ يَجِبُ تَأْوِيلُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَفَلا يتدبرون الْقُرْآن} وَقَالَ: {ليدبروا آيَاته}، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى النَّظَرِ وَالِاعْتِبَارِ. وَتَدَبُّرُ الْكَلَامِ هُوَ رَدُّهُ إِلَى دُبُرِهِ، وَهُوَ الْمَعْنَى الْخَفِيُّ بِدَلِيلٍ مُرْشِدٍ لَهُ. وَالْقَوْلَانِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ.
وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّأْوِيلِ فَيُحْمَلُ مَذْهَبُ السَّلَفِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- عَلَى مَوَاطِنِ اسْتِوَاءِ الْأَدِلَّةِ وَعَدَمِ التَّرْجِيحِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ لِلْأَشْعَرِيَّةِ. 
وَعَلَى أَيِّ شَيْءٍ تَأَوَّلَ؟ 
فَقِيلَ: عَلَى صِفَاتٍ مَجْهُولَةٍ غَيْرِ الصِّفَاتِ السَّبْعَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِهَا. 
وَقِيلَ بَلِ الصِّفَاتِ السَّبْعَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُنَاسِبُ كُلَّ آيَةٍ، فَالْيَدُ لِلْقُدْرَةِ، وَالْعَيْنُ لِلْعِلْمِ، وَالْقَدَمُ وَنَحْوُهُ لِلْقُدْرَةِ، وَالْوَجْهُ لِلذَّاتِ، وَالْجَنْبُ لِلطَّاعَةِ، لِأَنَّ هَذِهِ الْمَحَامِلَ الْمُنَاسِبَةَ مِنَ الْمَجَازَاتِ لِهَذِهِ الْحَقَائِقِ. وَمَتَى تَعَذَّرَ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ تَعَيَّنَ صَرْفُهُ لِأَقْرَبِ الْمَجَازَاتِ إِلَيْهِ لُغَةً.
 فَائِدَةٌ: وَرَدَتِ النُّصُوصُ بِإِفْرَادِ الْيَدِ وتثنيتها وَجَمعهَا: {يَد الله فَوق أَيْديهم}، {لما خلقت بيَدي}، {أولم يروا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فهم لَهَا مالكون}، مَعَ أَنَّ الْمُتَجَوَّزَ إِلَيْهِ وَاحِدٌ فِي نَفْسِهِ وَهُوَ الْقُدْرَةُ. وَسَبَبُهُ أَنَّ الْقُدْرَةَ لَهَا مُتَعَلِّقٌ، فَإِنْ عُبِّرَ عَنِ الْقُدْرَةِ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهَا أُفْرِدَتْ، أَوْ بِاعْتِبَارِ مُتَعَلِّقَاتِهَا جُمِعَتْ، أَوْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ مُتَعَلِّقَاتِهَا قِسْمَانِ ثُنِّيَتْ. وَاخْتُلِفَ فِي تَقْدِيرِ التَّثْنِيَةِ فَقيل: الْجَوَاهِر والأعراض إِذا لَمْ تُوجِدِ الْقُدْرَةُ غَيْرَهُمَا، أَوْ أَمْرُ الدُّنْيَا وَأَمْرُ الْآخِرَةِ، أَوِ الْخُيُورُ وَالشُّرُورُ.
ثم انتقل المصنف إلى ذكر ما يتعلق بالاعتقاد فيما يخص رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحواله… ثم أتبع ذلك بذكر باقي الأقسام المتعلقة بالأقوال ما بين المأمور به والمنهي عنه، ثم تطرق لقول القائل أنا مؤمن إن شاء الله والقول في الاستواء بما هو مشهور في مذهب مالك من قوله: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والسؤال عنه بدعة، والإيمان به واجب.. ثم ذكر القسم الثالث وهو جنس الأفعال؛ وهي أفعال القلوب، ثم الطعام والشراب واللباس ودخول الحمام والرؤيا والسفر والفطرة وأنواع اللعب ونحوه والتصوير وأحكامه وما يتعلق بالدواب وأحكامها إلى غير ذلك من المباحث وفروعها..
الذخيرة لشهاب الدين القرافي (ت. 684هـ)- (تحقيق: محمد حجي- دار الغرب الإسلامي- الطبعة الأولى/1994 – ج:13/ص: 231 وما بعدها-)

(كِتَابُ الْجَامِعِ):

هَذَا الْكِتَابُ يَخْتَصُّ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ لَا يُوجَدُ فِي تَصَانِيفِ غَيْرِهِ مِنَ الْمَذَاهِبِ وَهُوَ مِنْ مَحَاسِنِ التَّصْنِيفِ لِأَنَّهُ تَقَعُ فِيهِ مَسَائِلُ لَا يُنَاسِبُ وَضْعُهَا فِي رُبْعٍ مِنْ أَرْبَاعِ الْفِقْهِ أَعْنِي الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَالْأَقْضِيَةَ وَالْجِنَايَاتِ. فَجَمَعَهَا الْمَالِكِيَّةُ فِي أَوَاخِرِ تَصَانِيفِهَا وَسَمَّوْهَا بِالْجَامِعِ أَيْ جَامِعِ الْأَشْتَاتِ مِنَ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا تُنَاسِبُ غَيْرَهُ مِنَ الْكُتُبِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَجْنَاسٍ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَقِيدَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَقْوَالِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ وَهُوَ الْأَفْعَالُ وَالتُّرُوكُ بِجَمِيعِ الْجَوَارِحِ.

(الْجِنْسُ الْأَوَّلُ الْعَقِيدَةُ)

قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَغَيْرُهُ: مَذْهَبُ مَالِكٍ وُجُوبُ النَّظَرِ وَامْتِنَاعُ التَّقْلِيدِ فِي أُصُولِ الدِّيَانَاتِ. قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ لَمْ يَرَ بِالتَّقْلِيدِ إِلَّا أَهْلُ الظَّاهِرِ، فَيَتَعَيَّنُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ عِنْدَ أَوَّلِ بُلُوغِهِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ لِجَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ مِنَ الْمُمْكِنَاتِ خَالِقًا وَمُدَبِّرًا هُوَ وَاجِبُ الْوُجُودِ أَزَلِيٌّ أَبَدِيٌّ حَيٌّ بِحَيَاةٍ قَادِرٌ بِقُدْرَةٍ مُرِيدٌ بِإِرَادَةٍ عَالِمٌ بِعِلْمٍ سَمِيعٌ بِسَمْعٍ بَصِيرٌ بِبَصَرٍ مُتَكَلِّمٌ بِكَلَامٍ.

 وَأَنَّ صِفَاتِهِ تَعَالَى وَاجِبَةُ الْوُجُودِ أَزَلِيَّةٌ أَبَدِيَّةٌ عَامَّةُ التَّعَلُّقِ. فَيَتَعَلَّقُ عِلْمُهُ بِجَمِيعِ الْجُزْئِيَّاتِ وَالْكُلِّيَّاتِ وَالْوَاجِبَاتِ وَالْمُمْكِنَاتِ. وَإِرَادَتُهُ تَعَالَى مُتَعَلِّقَةٌ بِجَمِيعِ الْمُمْكِنَاتِ. وَعِلْمُهُ مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ. وَبَصَرُهُ مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ الموجودات. وَسَمْعُهُ سُبْحَانَهُ مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ الْأَصْوَاتِ. وَالْكَلَامِ النَّفْسَانِيِّ حَيْثُ كَانَ مِنْ خَلْقِهِ وَالْقَائِمُ بِذَاتِهِ. وَأَنَّ قُدْرَتَهُ تَعَالَى عَامَّةُ التَّعَلُّقِ بِجَمِيعِ الْمُمْكِنَاتِ الْمَوْجُودَةِ فِي الْعَالَمِ مِنَ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِمْ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير}. لَهُ أَن يفعل الْأَصْلَح لِعِبَادِهِ، وَله أَن لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يسْأَلُون}. وَأَنَّهُ وَاحِدٌ فِي ذَاتِهِ لَا نَظِيرَ لَهُ وَلَا شريك وَلَا يسْتَحق الْعبادة غَيْرُهُ سُبْحَانَهُ.

 وَأَنَّ جَمِيعَ رُسُلِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِم صَادِقُونَ فِيمَا جاءوا بِهِ، وَأَن مُحَمَّدا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ جَمِيعَ مَا جَاءَ بِهِ حَقٌّ وَمَا أَخْبَرَ بِهِ صِدْقٌ؛ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَحْوَالِهِ، وَالْقِيَامَةِ وَأَهْوَالِهَا، مِنَ الصِّرَاطِ وَالْمِيزَانِ. 

وَجَمِيعُ الْمُغَيَّبَاتِ عِبَادٌ؛ كَالْمَلَائِكَةِ وَالْجَانِّ وَغَيْرِهِمْ. 

وَأَدِلَّةُ جَمِيعِ هَذِهِ الْعَقَائِدِ مَبْسُوطَةٌ فِي عِلْمِ أُصُولِ الدِّينِ، وَكَذَلِكَ تَفْصِيلُ هَذِهِ الْحَقَائِقِ وَتَفَارِيعِهَا.

وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ مَخْلُوقَتَانِ.

وَأَنَّهُ لَا يُخَلَّدُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ فِي النَّارِ بِكَبِيرَةٍ.

وَأَنَّ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ.

وَأَنَّ الْإِيمَانَ اعْتِقَادٌ بِالْقَلْبِ ونطق بِاللِّسَانِ وَعمل بالجوراح.

 وَأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى قَائِمٌ بِذَاتِهِ مَحْفُوظٌ فِي الصُّدُورِ وَمَقْرُوءٌ بِالْأَلْسِنَةِ مَكْتُوبٌ فِي الْمَصَاحِفِ.

 وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيُكَلِّمُهُمْ.

 وَفِي الْجَوَاهِرِ:  أَمَّا الْقِيَامُ بِدَفْعِ شُبَهِ الْمُبْطِلِينَ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُ إِلَّا مَنْ طَالَعَ عُلُومَ الشَّرِيعَةِ وَحَفِظَ الْكَثِيرَ مِنْهَا وَفَهِمَ مَقَاصِدَهَا وأحكامها، وَأخذ ذَلِك عَن أئمة فاوضهم فِيهَا وراجعهم فِي ألفاظها وأغراضها وَبَلَغَ دَرَجَةَ الْإِمَامَةِ فِي هَذَا الْعِلْمِ بِصُحْبَةِ الأئمة الَّذِينَ أَرْشَدُوهُ لِلصَّوَابِ وَحَذَّرُوهُ مِنَ الْخَطَأِ وَالضَّلَالِ، حَتَّى ثَبَتَ الْحَقُّ فِي نَفْسِهِ ثُبُوتًا، فَيَكُونُ الْقِيَامُ بِدَفْعِ الشُّبُهَاتِ حِينَئِذٍ فَرْضَ كِفَايَةٍ عَلَيْهِ وَعَلَى أَمْثَالِهِ.

وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَلَا يَجُوزُ لَهُمُ التَّعَرُّضُ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا ضَعُفَ عَنْ رَدِّ تِلْكَ الشُّبْهَة فَيتَعَلَّق بِنَفسِهِ مِنْهَا ما لَا يَقْدِرُ عَلَى إِزَالَتِهِ، فَيَكُونُ قَدْ تَسَبَّبَ إِلَى هَلَاكِهِ، نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْعِصْمَةَ.

وَكَذَلِكَ الْقِيَامُ بِالْفَتْوَى فَرْضُ كِفَايَةٍ أَيْضًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ قَبْلَ الطَّهَارَةِ مَا هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ وَمَا هُوَ فَرْضُ عَيْنٍ، وَأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِبَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْفِقْهِ بَلْ هُوَ علمك بِحَالَتِكَ الَّتِي أَنْتَ فِيهَا، فَيُطَالَعُ مِنْ هُنَاكَ.

وَفِي التَّلْقِينِ: يَجِبُ النَّظَرُ وَالِاعْتِبَارُ الْمُؤَدِّيَيْنِ لِلْعِلْمِ بِمَا افْتُرِضَ عَلَيْكَ أَوْ نُدِبْتَ إِلَيْهِ، وَطَلَبُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَفِي تَعَلُّمِهِ فَضِيلَة عَظِيمَة. وَلَا يجوز لمن فيه فَضْلُ النَّظَرِ وَالِاجْتِهَادِ وَقُوَّةُ الِاسْتِدْلَالِ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ، وَفَرْضٌ عَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ لِنَفْسِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فاعتبروا يَا أولي الْأَبْصَار}، وَمَنْ لَا فَضْلَ فِيهِ لِذَلِكَ فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ تَقْلِيدِ مَنْ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنه أفقه وَأعلم وأدين وَأَوْرَع وقته، وَيَلْزَمُهُ الْأَخْذُ بِمَا يُفْتِيهِ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.

(فَرْعٌ): قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَأَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ خَيْرَ الْقُرُونِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، كَمَا أَخْبَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَأَنَّ أَفْضَلَهُمْ أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، ثُمَّ عَلِيٌّ. وَقِيلَ ثُمَّ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ، وَلَا يَفْضُلُ بَيْنَهُمَا. وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ الْقَوْلَانِ.

 وَأَنَّ الْمُهَاجِرِينَ أَفْضَلُ عَصْرِهِ عَلَيْهِ السَّلَام، وَأَن أفضلهم الْعشْرَة، وَأفضل الْعشْرَة الأئمة الْأَرْبَعَةُ، ثُمَّ أَهْلُ بَدْرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ. وَالْمُهَاجِرُونَ على قدر الْهِجْرَة والسبق، وأَن مَنْ رَآهُ سَاعَةً أَوْ مَرَّةً أَفْضَلُ مِنْ أفضل  التَّابِعين.

 تنبيه: لَيْسَ هَذِهِ التَّفْضِيلَاتُ مِمَّا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْمُكَلَّفِ اكْتِسَابَهُ أَوِ اعْتِقَادَهُ، بَلْ لَوْ غَفَلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُطْلَقًا لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي الدِّينِ، نَعَمْ مَتَى خَطَرَتْ بِالْبَالِ أَوْ تَحَدَّثَ فِيهَا بِاللِّسَانِ وَجَبَ الْإِنْصَافُ وَتَوْفِيَةُ كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ.

وَيَجِبُ الْكَفُّ عَنْ ذِكْرِهِمْ إِلَّا بِخَيْرٍ.  وَأَنَّ الْإِمَامَةَ خَاصَّةٌ فِي قُرَيْشٍ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ،  وَأَنَّ نَصْبَ الْإِمَامِ لِلْأُمَّةِ وَاجِبٌ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَأَنَّهُ مَوْكُولٌ إِلَى أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ دُونَ النَّصِّ، وَأَنَّهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ.

 وَيجب طَاعَة الأئمة وَإِجْلَالُهُمْ، وَكَذَلِكَ نُوَّابُهُمْ، فَإِنْ عَصَوْا بِظُلْمٍ أَوْ تَعْطِيلِ حَدٍّ وَجَبَ الْوَعْظُ، وَحَرُمَتْ طَاعَتُهُ فِي الْمعْصِيَة وإعانته عَلَيْهَا لقَوْله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ)،  وَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ عَلَى مَنْ وَلِيَ وَإِنْ جَارَ. وَيُغْزَى مَعَهُ الْعَدُوُّ، وَيُحَجُّ الْبَيْتُ، وَتُدْفَعُ لَهُ الزَّكَوَاتُ إِذَا طَلَبَهَا، وَتُصَلَّى خَلْفَهُ الْجُمُعَةُ وَالْعِيدَانِ. قَالَ مَالِكٌ: لَا يُصَلَّى خَلْفَ الْمُبْتَدِعِ مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يَخَافَهُ فَيُصَلِّي، وَاخْتُلِفَ فِي الْإِعَادَةِ.

 قَاعِدَة: ضَبْطُ الْمَصَالِحِ الْعَامَّة وَاجِبٌ، وَلَا تَنْضَبِطُ إِلَّا بعظمة الأئمة فِي نَفْسِ الرَّعِيَّةِ، وَمَتَى اخْتَلَفت عَلَيْهِمْ أَوْ أُهِينُوا تَعَذَّرَتِ الْمَصْلَحَةُ، وَلِذَلِكَ قُلْنَا: لَا يَتَقَدَّمُ فِي إِمَامَةِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَلَا غَيْرِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ مُخِلٌّ بِأُبَّهَتِهِمْ.

(فَرْعٌ): قَالَ وَمَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ: لَا يُعْذَرُ مَنْ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ لِبِدْعَةٍ، لِأَنَّ الْخَوَارِجَ اجْتَهَدُوا فِي التَّأْوِيلِ فَلَمْ يُعْذَرُوا، وَسَمَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ – مَارِقِينَ مِنَ الدِّينِ، وَجَعَلَ الْمُجْتَهِدَ فِي الْأَحْكَامِ مَأْجُورًا وَإِنْ أَخْطَأَ.

(فَرْعٌ): قَالَ: أَنْكَرَ مَالِكٌ رِوَايَةَ أَحَادِيثِ أَهْلِ الْبِدَعِ مِنَ التَّجْسِيمِ وَغَيْرِهِ، وَلَمْ يُنْكِرْ حَدِيثَ الضَّحِكِ وَلَا حَدِيثَ التَّنْزِيلِ، وَأَنْكَرَ حَدِيثَ أَنَّ الْعَرْشَ اهْتَزَّ لِمَوْتِ سَعْدٍ.

 تَنْبِيهٌ: الْأَصْحَابُ مُتَّفِقُونَ عَلَى إِنْكَارِ الْبِدَعِ؛ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرُهُ. وَلَا يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّهَا خَمْسَةُ أَقْسَامٍ:

– وَاجِبَةٌ كَتَدْوِينِ الْقُرْآنِ وَالشَّرَائِعِ إِنْ خِيفَ عَلَيْهَا الضَّيَاعُ، فَإِنَّ التَّبْلِيغَ لِمَنْ بَعْدَنَا مِنَ الْقُرُونِ وَاجِبٌ إِجْمَاعًا.

– وَمُحَرَّمَةٌ، كَالْمُكُوسِ الْحَادِثَةِ وَغَيْرِهَا.

– وَمَنْدُوبَةٌ، كَصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ وَإِقَامَة صور الأئمة وَالْقُضَاةِ بِالْمَلَابِسِ وَغَيْرِهَا مِنَ الزَّخَارِفِ وَالسِّيَاسَاتِ، وَرُبَّمَا وَجَبَتْ.

– وَمَكْرُوهَةٌ، كَتَخْصِيصِ الْأَيَّامِ الْفَاضِلَةِ وَغَيْرِهَا بِنَوْعٍ مِنَ الْعِبَادَةِ.

– وَمُبَاحَةٌ، كَاتِّخَاذِ الْمَنَاخِلِ، فَفِي الْأَثَرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: (أَوَّلُ شَيْءٍ أَحْدَثَهُ النَّاسُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ – المناخل). لَكن إِصْلَاحَ الْأَغْذِيَةِ الْمُبَاحَةِ مُبَاحٌ.

فَالْبِدْعَةُ إِذَا عَرَضَتْ تُعْرَضُ عَلَى قَوَاعِدِ الشَّرْعِ وَأَدِلَّتِهِ، فَإِنِ اقْتَضَتْهَا قَاعِدَةُ تَحْرِيمٍ حُرِّمَتْ، أَوْ إِيجَابٍ وَجَبَتْ، أَوْ إِبَاحَةٍ أُبِيحَتْ. وَإِنْ نُظِرَ إِلَيْهَا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ بِالنَّظَرِ إِلَى كَوْنِهَا بِدْعَةً مَعَ قَطْعِ النّظر عَمَّا يتقاضاها كُرِهَتْ. فَهَذَا تَفْصِيلُ أَحْوَالِ الْبِدَعِ، فَيُتَمَسَّكُ بِالسُّنَنِ مَا أَمْكَنَ. وَلِبَعْضِ السَّلَفِ الصَّالِحِ يُسَمَّى أَبَا الْعَبَّاسِ الْإِبْيَانِيَّ الْأَنْدَلُسِيَّ: (ثَلَاثٌ لَوْ كُتِبْنَ فِي ظُفُرٍ لَوَسِعَهُنَّ، وَفِيهِنَّ خَيْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ: اتَّبِعْ لَا تَبْتَدِعْ، اتَّضِعْ لَا تَرْتَفِعْ، مِنْ وَرَعٍ لَا تَتَّسِعْ… 

(فَرْعٌ): قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ يَجِبُ أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَسْمَعَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ كَلَامَهُ الْقَائِمَ بِذَاتِهِ لَا كَلَامًا قَامَ بِغَيْرِهِ. وَتَقْرِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَدِلَّتُهَا ذَكَرْتُهُ مَبْسُوطًا سَهْلًا فِي كِتَابِ الإنقاد فِي الِاعْتِقَادِ.

(مَسْأَلَةٌ): قَالَ: يَجِبُ أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ يَدَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَبْسُوطَتَانِ، وَأَنَّ يَدَهُ غَيْرُ نِعْمَتِهِ. 

قُلْتُ: فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَذَاهِبُ لِأَهْلِ الْحَقِّ مَعَ جَمِيعِ النُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي الْجَوَارِحِ كَالْوَجْهِ وَالْجَنْبِ والقدم. قيل: يُتَوَقَّف على تَأْوِيلِهَا وَيُعْتَقَدُ أَنَّ ظَاهِرَهَا غَيْرُ مُرَادٍ، وَيُحْكى أَنَّهُ مَذْهَبُ السَّلَفِ، فَإِنَّهُ تهجم عَلَى جِهَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالظَّنِّ وَالتَّخْمِينِ.

وَقِيلَ يَجِبُ تَأْوِيلُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَفَلا يتدبرون الْقُرْآن} وَقَالَ: {ليدبروا آيَاته}، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى النَّظَرِ وَالِاعْتِبَارِ. وَتَدَبُّرُ الْكَلَامِ هُوَ رَدُّهُ إِلَى دُبُرِهِ، وَهُوَ الْمَعْنَى الْخَفِيُّ بِدَلِيلٍ مُرْشِدٍ لَهُ. وَالْقَوْلَانِ لِلشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ.

وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّأْوِيلِ فَيُحْمَلُ مَذْهَبُ السَّلَفِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ- عَلَى مَوَاطِنِ اسْتِوَاءِ الْأَدِلَّةِ وَعَدَمِ التَّرْجِيحِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ لِلْأَشْعَرِيَّةِ. 

وَعَلَى أَيِّ شَيْءٍ تَأَوَّلَ؟ 

فَقِيلَ: عَلَى صِفَاتٍ مَجْهُولَةٍ غَيْرِ الصِّفَاتِ السَّبْعَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِهَا. 

وَقِيلَ بَلِ الصِّفَاتِ السَّبْعَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يُنَاسِبُ كُلَّ آيَةٍ، فَالْيَدُ لِلْقُدْرَةِ، وَالْعَيْنُ لِلْعِلْمِ، وَالْقَدَمُ وَنَحْوُهُ لِلْقُدْرَةِ، وَالْوَجْهُ لِلذَّاتِ، وَالْجَنْبُ لِلطَّاعَةِ، لِأَنَّ هَذِهِ الْمَحَامِلَ الْمُنَاسِبَةَ مِنَ الْمَجَازَاتِ لِهَذِهِ الْحَقَائِقِ. وَمَتَى تَعَذَّرَ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ تَعَيَّنَ صَرْفُهُ لِأَقْرَبِ الْمَجَازَاتِ إِلَيْهِ لُغَةً.

 فَائِدَةٌ: وَرَدَتِ النُّصُوصُ بِإِفْرَادِ الْيَدِ وتثنيتها وَجَمعهَا: {يَد الله فَوق أَيْديهم}، {لما خلقت بيَدي}، {أولم يروا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فهم لَهَا مالكون}، مَعَ أَنَّ الْمُتَجَوَّزَ إِلَيْهِ وَاحِدٌ فِي نَفْسِهِ وَهُوَ الْقُدْرَةُ. وَسَبَبُهُ أَنَّ الْقُدْرَةَ لَهَا مُتَعَلِّقٌ، فَإِنْ عُبِّرَ عَنِ الْقُدْرَةِ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهَا أُفْرِدَتْ، أَوْ بِاعْتِبَارِ مُتَعَلِّقَاتِهَا جُمِعَتْ، أَوْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ مُتَعَلِّقَاتِهَا قِسْمَانِ ثُنِّيَتْ. وَاخْتُلِفَ فِي تَقْدِيرِ التَّثْنِيَةِ فَقيل: الْجَوَاهِر والأعراض إِذا لَمْ تُوجِدِ الْقُدْرَةُ غَيْرَهُمَا، أَوْ أَمْرُ الدُّنْيَا وَأَمْرُ الْآخِرَةِ، أَوِ الْخُيُورُ وَالشُّرُورُ.

ثم انتقل المصنف إلى ذكر ما يتعلق بالاعتقاد فيما يخص رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحواله… ثم أتبع ذلك بذكر باقي الأقسام المتعلقة بالأقوال ما بين المأمور به والمنهي عنه، ثم تطرق لقول القائل أنا مؤمن إن شاء الله والقول في الاستواء بما هو مشهور في مذهب مالك من قوله: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والسؤال عنه بدعة، والإيمان به واجب.. ثم ذكر القسم الثالث وهو جنس الأفعال؛ وهي أفعال القلوب، ثم الطعام والشراب واللباس ودخول الحمام والرؤيا والسفر والفطرة وأنواع اللعب ونحوه والتصوير وأحكامه وما يتعلق بالدواب وأحكامها إلى غير ذلك من المباحث وفروعها..

 

الذخيرة لشهاب الدين القرافي (ت. 684هـ)- (تحقيق: محمد حجي- دار الغرب الإسلامي- الطبعة الأولى/1994 – ج:13/ص: 231 وما بعدها-)

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق