مركز علم وعمران للدراسات والأبحاث وإحياء التراث الصحراويمعالم

الآثار المنجمية وتقنياتها بتامدولت

الدكتور مصطفى مختار

باحث بمركز علم وعمران

امتلك مجال تامدولت ثروة معدنية مختلفة[1]. مثل ما امتلك سكانه تقنيات متعددة للحفر والاستغلال[2]، بحسب الآثار المنجمية المتبقية بمحيط المدينة[3]. حيث سنتحدث عن هذه الآثار والتقنيات المنجمية في المواد الآتية:

 استغلال الانكسارات الصخرية:

استغل أهل مجال تامدولت انكسارات صخرية، بجبل كَليز ومنطقة بواودادن القريبين من المدينة، لاستغلال العروق المعدنية البارزة إلى السطح. وامتد هذا الاستغلال جنوبا إلى حدود موضع تالعدّانت (العدّانة الصغرى)[4].

  توظيف الملاحظة الدقيقة:

حافظ المنجميون، بمنطقة أكَدْيِ وتزونين، على كثير من التقنيات التقليدية المتوارثة. حيث استثمروا بعد المشيرات الدالة (لون الصخر وشكله مثلا) لمعرفة موقع المنجم المحتمل قبل بداية عملية الحفر[5].

  حفر الآبار المنجمية:

يقوم المنجميون التقليديون، في منطقة تامدولت، بحفر الموقع المستهدف عموديا على شكل بئر أو سانية، فتحته مستطيلة ومتقنة البناء. ويتوقفون عند عمق 25 م بسبب ضعف وسائلهم التقليدية[6].

 استعمال تقنية تسخين الصخور وتبريدها:

لمواجهة صلابة الصخور يقوم منجميو منطقة تامدولت، خلال الأشهر الباردة، بإيقاد النار في المنجم عند الغروب ليجدوا في الصباح الصخور قد انكسرت أو تشققت. وأما في الأشهر الأخرى، فيقومون بتسخين الصخور الصلبة بنار الحطب مدة طويلة لتتمدد، ثم يصبون عليها الماء البارد، فتتشقق ليصبح عملهم سهلا إثر ذلك[7]، بحسب ما تمت معاينته من آثار النار والرماد في المناجم القديمة[8].

  رفع المعدن إلى السطح:

يقوم عامل أمين باستعمال الحبال وقفف سعف النخيل لسحب المعدن المستخرج إلى السطح. ويكون مكلفا بمراقبته، حريصا على حسن التدبير والصيانة[9].

  نقل المعدن إلى المدينة:

كان أهل تامدولت ينقلون المعدن المستخرج إلى مدينتهم، بحسب ما عثر عليه، عبر الدواب، باكتراء الحمير من المداشر وأداء أجرة الحمّارين[10].

  تصنيف المعدن:

يقوم أهل المدشر بعزل الرصاص الفضي (الكحل)، باستعمال مطارق حجمها مختلف (عملية تنجّارت)، من أجل تصنيف أنواع المعدن المستخرج، إلى نوع جيد هو الكحل الصافي (تعطارت) موجه إلى العطارين، ونوع متوسط (تشتوكت) موجه إلى مصانع البنادق بمنطقة شتوكة، ونوع عاد (تفخّارت) موجه إلى الفخارين[11].

وبذلك، أسهم كثير من العمليات المنجمية في تشكيل معرفة تقنية دالة على تاريخ منجمي قديم بمنطقة تامدولت. غير أنها تظل معرفة تقليدية لم يتم فيها مثلا استغلال مادة البارود التي استعملها سيدي يعزى ويهدى، بحسب بعضهم[12].

الإحالات:

[1] انظر: كتاب البلدان، أحمد اليعقوبي، ملحق بـ: كتاب الأعلاق النفيسة، أحمد بن رسته، ليدن، مطبعة بريل، 1892 م، بيروت، دار صادر، د. ت، ص359؛ والمسالك والممالك، مج.2، عبد الله البكري، تحقيق وفهرسة: جمال طعمة، بيروت، دار الكتب العلمية، 2003 م، ص350؛ ومادة تامدلت، في: كتاب الروض المعطار، محمد الحميري، تحقيق: إحسان عباس، بيروت، دار القلم، 1975 م، ص128؛ وخلال جزولة، ج3، محمد المختار السوسي، تطوان، د. ت، ص86- 87. وراجع: نظرة عامة حول استغلال مناجم جبل العدانة مناجم تامدولت، عبد الله أولباز، في: واحات باني العمق التاريخي، الرباط، مطبعة المعارف الجديدة، 1999 م، ص137، وص138- 139؛ ومادة تامدولت، في: معلمة المغرب، ج7، مطابع سلا، 1995 م، ص2173، وص2174،  وص2175، وص2176.

[2] انظر: خلال جزولة، ج3، ص86. وراجع: ونظرة عامة حول استغلال مناجم جبل العدانة، ص137، وص138، وص139، وص140، وص143- 146، وص148؛ ومادة تامدولت، في: معلمة المغرب، ج7، ص2174، وص2175، وص2176.

[3] راجع: نظرة عامة حول استغلال مناجم جبل العدانة، ص139، وص149، التعليق رقم 15، وص150، التعليق رقم 27؛ ومادة تامدولت، في: معلمة المغرب، ج7، ص2175، وص2176.

[4] راجع: نظرة عامة حول استغلال مناجم جبل العدانة، ص140، وص144.

[5] نفسه، ص143، وص143- 144، وص146، وص148.

[6] نفسه، ص144؛ ومادة تامدولت، من الناحية المعدنية، ص2176.

[7] راجع: نظرة عامة حول استغلال مناجم جبل العدانة، ص144، وص150، التعليق رقم 28.

[8] نفسه، ص150، التعليق رقم 27.

[9] نفسه، ص145، وص150، التعليق رقم 31.

[10] نفسه، ص145؛ ومادة تامدولت، من الناحية المعدنية، ص2176.

[11] راجع: نظرة عامة حول استغلال مناجم جبل العدانة، ص145- 146، وص150، التعليق رقم 32، والتعليق رقم 33، والتعليق رقم 34.

[12] انظر: خلال جزولة، ج2، ص33؛ والمعسول، ج10، محمد المختار السوسي، المحمدية، مطبعة فضالة، 1960 م، ص174؛ ورجالات العلم العربي في سوس، المؤلف نفسه، هيأه للطبع ونشره: رضى الله عبد الوافي المختار السوسي، طنجة، مؤسسة التغليف والطباعة والنشر والتوزيع للشمال، 1989 م، ص12. واستأنس بـ: قبس من عطاء المخطوط المغربي، مج.3- 4، محمد المنوني، دار الغرب الإسلامي- بيروت، دار صادر، 1999 م، ص1161، وص1162، وص1166- 1171.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق